Africa Defense Forum
Africa Defense Forum

عشر سنوات من الأمن البحري

مدونة ياوندي لقواعد السلوك أحرزت بعض النجاحات.. وأمامها فرصة للنمو

نقيب‭ ‬طاهر‭ ‬نغادا،‭ ‬البحرية‭ ‬النيجيرية

لا نبالغ‭ ‬بالحديث‭ ‬عن‭ ‬أهمية‭ ‬خليج‭ ‬غينيا‭ ‬لإفريقيا‭ ‬والعالم‭ ‬أجمع‭. ‬يتمتع‭ ‬الخليج‭ ‬بشريط‭ ‬ساحلي‭ ‬بطول‭ ‬6‭,‬000‭ ‬كيلومتر‭ ‬يلامس‭ ‬19‭ ‬دولة‭ ‬ساحلية‭ ‬من‭ ‬السنغال‭ ‬شمالاً‭ ‬إلى‭ ‬أنغولا‭ ‬جنوباً،‭ ‬ويتميَّز‭ ‬بغناه‭ ‬بالموارد‭ ‬الطبيعية‭ ‬وأهميته‭ ‬الاستراتيجية‭.‬

وهو‭ ‬ممر‭ ‬حيوي‭ ‬للتجارة‭ ‬إذ‭ ‬كشفت‭ ‬إحصائيات‭ ‬مؤتمر‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬للتجارة‭ ‬والتنمية‭ ‬أن‭ ‬حجم‭ ‬الشحن‭ ‬التجاري‭ ‬زاد‭ ‬بنسبة‭ ‬59‭%‬‭ ‬بين‭ ‬عامي‭ ‬2006‭ ‬و2020‭. ‬كما‭ ‬يتمتع‭ ‬بموارد‭ ‬الطاقة‭ ‬بإنتاج‭ ‬3‭.‬1‭ ‬مليون‭ ‬برميل‭ ‬من‭ ‬النفط‭ ‬الخام‭ ‬يومياً،‭ ‬أي‭ ‬ما‭ ‬يعادل‭ ‬نحو‭ ‬3‭.‬8‭%‬‭ ‬من‭ ‬الإجمالي‭ ‬العالمي‭. ‬والخليج‭ ‬غني‭ ‬بالحياة‭ ‬المائية،‭ ‬إذ‭ ‬أنتجت‭ ‬مصايده‭ ‬نحو‭ ‬3‭.‬4‭ ‬مليون‭ ‬طن‭ ‬من‭ ‬البحريات‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2020،‭ ‬بزيادة‭ ‬تقارب‭ ‬10‭%‬‭ ‬عن‭ ‬عام‭ ‬2013‭.‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬المنطقة‭ ‬لا‭ ‬تسلم‭ ‬من‭ ‬التهديدات‭ ‬التي‭ ‬يمكنها‭ ‬حرمانها‭ ‬من‭ ‬خيراتها،‭ ‬فقد‭ ‬ابتُليت‭ ‬مناطق‭ ‬معينة‭ ‬بالاتجار‭ ‬غير‭ ‬المشروع‭ ‬والصيد‭ ‬غير‭ ‬القانوني‭ ‬والقرصنة‭. ‬وعانت‭ ‬دول‭ ‬المنطقة‭ ‬عبر‭ ‬العصور‭ ‬لتبادل‭ ‬المعلومات‭ ‬ونشر‭ ‬المعرفة‭ ‬والتعاون‭ ‬في‭ ‬المجال‭ ‬البحري‭ ‬بسهولة‭ ‬ويسر،‭ ‬وبحثت‭ ‬العناصر‭ ‬الهدامة‭ ‬عن‭ ‬نقاط‭ ‬الضعف‭ ‬واستغلتها‭.‬

في‭ ‬حزيران‭/‬يونيو‭ ‬2013،‭ ‬حاولت‭ ‬دول‭ ‬المنطقة‭ ‬تدارك‭ ‬الأوضاع‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬‮«‬مدونة‭ ‬ياوندي‭ ‬لقواعد‭ ‬السلوك‮»‬،‭ ‬وهي‭ ‬استجابة‭ ‬شاملة‭ ‬لضرورة‭ ‬توفير‭ ‬مناهج‭ ‬موحدة‭ ‬لمكافحة‭ ‬تحديات‭ ‬الأمن‭ ‬البحري‭ ‬والجريمة‭ ‬المنظمة‭ ‬عبر‭ ‬الوطنية‭ ‬في‭ ‬الخليج‭. ‬تتكون‭ ‬المدونة‭ ‬من‭ ‬21‭ ‬مادة،‭ ‬ووقعت‭ ‬عليها‭ ‬25‭ ‬دولة،‭ ‬ووضعت‭ ‬منظومة‭ ‬للتعاون‭ ‬متعدد‭ ‬الجنسيات‭ ‬والتعاون‭ ‬بين‭ ‬دول‭ ‬المنطقة‭ ‬وخارجها‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الإدارة‭ ‬البحرية‭. ‬ومع‭ ‬احتفال‭ ‬مدونة‭ ‬ياوندي‭ ‬بالذكرى‭ ‬الـ‭ ‬10‭ ‬لصياغتها،‭ ‬فهذا‭ ‬هو‭ ‬الوقت‭ ‬الأمثل‭ ‬لتسليط‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬بعض‭ ‬الإنجازات‭ ‬البارزة‭ ‬ومجالات‭ ‬العمل‭ ‬المحتملة‭ ‬التي‭ ‬يمكنها‭ ‬الارتقاء‭ ‬بمستوى‭ ‬التعاون‭ ‬ومساعدة‭ ‬المدونة‭ ‬على‭ ‬الوفاء‭ ‬بوعدها‭ ‬الكبير‭.‬

أحد أفراد القوات البحرية وأحد عناصر الوحدة الخاصة للشرطة البحرية والنهرية من بنين يتدربان على إنفاذ القانون البحري. رقيب بحري الدرجة الثالثة ميكيلا ماغي/خفر السواحل الأمريكي

الإصلاح‭ ‬القانوني

أقر‭ ‬الموقعون‭ ‬على‭ ‬مدونة‭ ‬ياوندي‭ ‬بأن‭ ‬القوانين‭ ‬البحرية‭ ‬تتسم‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الأحيان‭ ‬بأنها‭ ‬قد‭ ‬عفا‭ ‬عليها‭ ‬الزمن‭ ‬ولا‭ ‬تصلح‭ ‬لمواجهة‭ ‬التهديدات‭ ‬المتطورة‭. ‬فكان‭ ‬الهدف‭ ‬من‭ ‬منظومة‭ ‬ياوندي‭ ‬يتمثل‭ ‬في‭ ‬مساندة‭ ‬الدول‭ ‬خلال‭ ‬إجراء‭ ‬الإصلاحات‭ ‬القانونية‭. ‬ومثال‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬البرنامج‭ ‬العالمي‭ ‬لمكافحة‭ ‬الجريمة‭ ‬البحرية‭ ‬التابع‭ ‬لمكتب‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬لمكافحة‭ ‬المخدرات‭ ‬والجريمة‭ ‬تعاون‭ ‬مع‭ ‬الدول‭ ‬على‭ ‬دراسة‭ ‬القوانين‭ ‬وتحديد‭ ‬التعديلات‭ ‬المطلوبة‭ ‬ودعم‭ ‬التغييرات‭ ‬التي‭ ‬تسمح‭ ‬بـ‭ ‬‮«‬الإنهاء‭ ‬القانوني‮»‬،‭ ‬وهو‭ ‬مصطلح‭ ‬يشير‭ ‬إلى‭ ‬عملية‭ ‬الانتقال‭ ‬بالقضايا‭ ‬من‭ ‬مرحلة‭ ‬الضبط،‭ ‬مروراً‭ ‬بنظام‭ ‬المحاكم،‭ ‬ووصولاً‭ ‬إلى‭ ‬المحاكمة‭ ‬الناجحة‭.‬

تمتلك‭ ‬الآن‭ ‬كلٌ‭ ‬من‭ ‬الرأس‭ ‬الأخضر‭ ‬وليبيريا‭ ‬ونيجيريا‭ ‬والسنغال‭ ‬وتوغو‭ ‬قوانين‭ ‬بحرية‭ ‬لمحاكمة‭ ‬جريمة‭ ‬القرصنة‭ ‬التي‭ ‬كثيراً‭ ‬ما‭ ‬تفلت‭ ‬من‭ ‬العقاب‭ ‬بسبب‭ ‬غياب‭ ‬القوانين‭. ‬وتُستخدم‭ ‬قوانين‭ ‬جديدة‭ ‬لمحاكمة‭ ‬القراصنة‭ ‬في‭ ‬نيجيريا‭ ‬وتوغو‭. ‬وتعمل‭ ‬بلدان‭ ‬أخرى‭ ‬مثل‭ ‬بنين‭ ‬وساحل‭ ‬العاج‭ ‬وغانا‭ ‬على‭ ‬إجراء‭ ‬إصلاحات‭. ‬ووقعت‭ ‬الكاميرون‭ ‬قانون‭ ‬الأمن‭ ‬البحري‭ ‬الذي‭ ‬يستهدف‭ ‬القرصنة‭ ‬والإرهاب‭ ‬البحري‭ ‬في‭ ‬كانون‭ ‬الأول‭/‬ديسمبر‭ ‬2022‭. ‬وتحاول‭ ‬بلدان‭ ‬أخرى‭ ‬مثل‭ ‬أنغولا‭ ‬وجمهورية‭ ‬الكونغو‭ ‬وجمهورية‭ ‬الكونغو‭ ‬الديمقراطية‭ ‬والغابون‭ ‬النهوض‭ ‬بالإصلاحات‭ ‬القانونية‭ ‬البحرية‭. ‬وثمة‭ ‬إصلاح‭ ‬بارز‭ ‬آخر‭ ‬يتمثل‭ ‬في‭ ‬القانون‭ ‬التكميلي‭ ‬للمجموعة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬لدول‭ ‬غرب‭ ‬إفريقيا‭ ‬لنقل‭ ‬المشتبه‭ ‬في‭ ‬ارتكابهم‭ ‬أعمال‭ ‬قرصنة،‭ ‬إذ‭ ‬من‭ ‬شأن‭ ‬هذا‭ ‬القانون‭ ‬تيسير‭ ‬عمليات‭ ‬الأمن‭ ‬البحري‭ ‬متعددة‭ ‬الجنسيات‭.‬

تبادل‭ ‬المعلومات

شكلت‭ ‬ثغرات‭ ‬تبادل‭ ‬المعلومات‭ ‬بين‭ ‬عناصر‭ ‬إنفاذ‭ ‬القانون‭ ‬البحري‭ ‬مشكلة‭ ‬جوهرية‭ ‬قبل‭ ‬عام‭ ‬2013،‭ ‬إذ‭ ‬كان‭ ‬لدى‭ ‬الدول‭ ‬صورة‭ ‬محدودة‭ ‬عن‭ ‬المجال‭ ‬البحري،‭ ‬وكثيراً‭ ‬ما‭ ‬كانت‭ ‬لا‭ ‬تدرك‭ ‬النشاط‭ ‬الذي‭ ‬يحدث‭ ‬خارج‭ ‬مناطقها‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الخالصة‭. ‬وقد‭ ‬شهدت‭ ‬الأوضاع‭ ‬تحسناً‭ ‬كبيراً‭ ‬سمح‭ ‬للدول‭ ‬الأعضاء‭ ‬بتبادل‭ ‬المعلومات‭. ‬وتساند‭ ‬منظومة‭ ‬ياوندي‭ ‬كل‭ ‬ذلك،‭ ‬إذ‭ ‬تسمح‭ ‬بتدفق‭ ‬المعلومات‭ ‬من‭ ‬مراكز‭ ‬التنسيق‭ ‬المناطقية‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬منطقة‭ ‬من‭ ‬مناطق‭ ‬التعاون‭ ‬الخمسة‭ ‬وصولاً‭ ‬إلى‭ ‬المراكز‭ ‬الإقليمية‭ (‬مركز‭ ‬الأمن‭ ‬البحري‭ ‬الإقليمي‭ ‬لوسط‭ ‬إفريقيا‭ ‬في‭ ‬بوانت‭ ‬نوار‭ ‬بجمهورية‭ ‬الكونغو،‭ ‬ومركز‭ ‬الأمن‭ ‬البحري‭ ‬الإقليمي‭ ‬لغرب‭ ‬إفريقيا‭ ‬في‭ ‬أبيدجان‭ ‬بساحل‭ ‬العاج‭) ‬ثم‭ ‬إلى‭ ‬مركز‭ ‬التنسيق‭ ‬الأقاليمي‭ ‬في‭ ‬ياوندي‭. ‬كما‭ ‬ترتبط‭ ‬مراكز‭ ‬العمليات‭ ‬البحرية‭ ‬الوطنية‭ ‬الفردية‭ ‬بالنظام‭.‬

وساهم‭ ‬‮«‬نظام‭ ‬المعلومات‭ ‬الإقليمي‭ ‬لمنظومة‭ ‬ياوندي‮»‬‭ (‬ياريس‭) ‬في‭ ‬رفع‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬تبادل‭ ‬المعلومات‭ ‬بكل‭ ‬سلالة؛‭ ‬وهذ‭ ‬النظام‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬أداة‭ ‬مراقبة‭ ‬رقمية‭ ‬آمنة‭ ‬ابتُكرت‭ ‬عبر‭ ‬شراكات‭ ‬مع‭ ‬شبكة‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬الأقاليمية‭ ‬لخليج‭ ‬غينيا،‭ ‬وبدأ‭ ‬العمل‭ ‬به‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2020،‭ ‬ويتيح‭ ‬للأعضاء‭ ‬تبادل‭ ‬الوثائق‭ ‬والسجلات‭ ‬والصور‭ ‬والتسجيلات‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬المعلومات‭ ‬بأمان،‭ ‬كما‭ ‬يتيح‭ ‬للمستخدمين‭ ‬تجميع‭ ‬البيانات‭ ‬من‭ ‬أنظمة‭ ‬المراقبة‭ ‬مثل‭ ‬الرادار‭ ‬والأقمار‭ ‬الصناعية‭ ‬لاكتشاف‭ ‬السفن‭ ‬المشبوهة‭. ‬كما‭ ‬يوفر‭ ‬اتصالاً‭ ‬آمناً‭ ‬عبر‭ ‬الدردشة‭ ‬والبريد‭ ‬الإلكتروني‭ ‬ومؤتمرات‭ ‬الفيديو‭ ‬حتى‭ ‬يتمكن‭ ‬المستخدمون‭ ‬من‭ ‬تبادل‭ ‬المعلومات‭ ‬وتنسيق‭ ‬الإجراءات‭.‬

بناء‭ ‬القدرات‭ ‬

تدعو‭ ‬منظومة‭ ‬ياوندي‭ ‬إلى‭ ‬تطوير‭ ‬مهارات‭ ‬ومعارف‭ ‬وقدرات‭ ‬عناصر‭ ‬إنفاذ‭ ‬القانون‭ ‬البحري‭ ‬وتحسينها‭. ‬فقامت‭ ‬مراكز‭ ‬التميز‭ ‬بتسريع‭ ‬التدريب‭ ‬والتعليم‭ ‬ودعم‭ ‬التمارين‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تقديم‭ ‬دورات‭ ‬مصممة‭ ‬لتلبية‭ ‬احتياجات‭ ‬بعينها‭. ‬ومثال‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬مؤسسة‭ ‬منظومة‭ ‬ياوندي‭ ‬للتدريب‭ ‬نجحت‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2022‭ ‬في‭ ‬تقديم‭ ‬حزم‭ ‬لبناء‭ ‬القدرات‭ ‬تجاوزت‭ ‬ساعاتها‭ ‬520‭ ‬يوماً‭ ‬تراكمياً‭ ‬في‭ ‬ربوع‭ ‬الخليج،‭ ‬وتناولت‭ ‬موضوعات‭ ‬مثل‭ ‬الوعي‭ ‬بالمجال‭ ‬البحري‭ (‬25‭%‬‭ ‬من‭ ‬أيام‭ ‬التدريب‭)‬،‭ ‬والإدارة‭ ‬البحرية‭ (‬12‭%‬‭)‬،‭ ‬وإنفاذ‭ ‬القانون‭ ‬البحري‭ (‬35‭%‬‭) ‬وعمليات‭ ‬الاعتراض‭ ‬البحري‭ (‬28‭%‬‭). ‬ويؤدي‭ ‬تزايد‭ ‬الالتزام‭ ‬بمبادرات‭ ‬بناء‭ ‬القدرات‭ ‬إلى‭ ‬تغيير‭ ‬اتجاهات‭ ‬المستفيدين‭ ‬وأدائهم‭ ‬الوظيفي‭. ‬وفي‭ ‬محاولة‭ ‬للارتقاء‭ ‬بتنسيق‭ ‬بناء‭ ‬القدرات،‭ ‬يحرص‭ ‬مكتب‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬لمكافحة‭ ‬المخدرات‭ ‬والجريمة‭ ‬على‭ ‬دعم‭ ‬مركز‭ ‬التنسيق‭ ‬الأقاليمي‭ ‬بنظام‭ ‬متكامل‭ ‬لإدارة‭ ‬قواعد‭ ‬البيانات،‭ ‬وذلك‭ ‬بهدف‭ ‬ضمان‭ ‬توفير‭ ‬البيانات‭ ‬وإمكانية‭ ‬الاطلاع‭ ‬عليها‭ ‬ودقتها‭ ‬واتساقها‭ ‬ووضوحها‭.‬

العمليات‭ ‬المشتركة

كانت‭ ‬العمليات‭ ‬البحرية‭ ‬المشتركة‭ ‬بحراً‭ ‬نادرة‭ ‬في‭ ‬السابق،‭ ‬لكنها‭ ‬أخذت‭ ‬تتزايد‭ ‬بفضل‭ ‬دعم‭ ‬مراكز‭ ‬منظومة‭ ‬ياوندي‭ ‬لها‭. ‬ومن‭ ‬أمثلها‭ ‬تسيير‭ ‬دوريات‭ ‬مشتركة‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬‮«‬هـ‮»‬‭ ‬باستخدام‭ ‬أدوات‭ ‬المنظومة‭ ‬في‭ ‬أواخر‭ ‬عام‭ ‬2021،‭ ‬وأجرت‭ ‬الكاميرون‭ ‬وساو‭ ‬تومي‭ ‬وبرينسيبي‭ ‬وغينيا‭ ‬الاستوائية‭ ‬والغابون‭ ‬دوريات‭ ‬مراقبة‭ ‬أخرى‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬‮«‬د‮»‬‭. ‬ويتمثل‭ ‬نموذج‭ ‬آخر‭ ‬للعمليات‭ ‬المشتركة‭ ‬في‭ ‬دوريات‭ ‬المصايد‭ ‬مع‭ ‬لجنة‭ ‬المصايد‭ ‬دون‭ ‬الإقليمية‭ ‬لدول‭ ‬الرأس‭ ‬الأخضر‭ ‬وغامبيا‭ ‬وغينيا‭ ‬والسنغال‭ ‬التي‭ ‬تجرى‭ ‬مرتين‭ ‬في‭ ‬السنة‭. ‬ويتحسن‭ ‬مستوى‭ ‬التوافق‭ ‬العملياتي‭ ‬بمساعدة‭ ‬التمارين‭ ‬متعددة‭ ‬الجنسيات‭ ‬مثل‭ ‬تمرين‭ ‬‮«‬أوبنغامي‭ ‬إكسبريس‮»‬‭ ‬والتمرين‭ ‬الإفريقي‭ ‬الموسَّع‭ ‬‮«‬نيمو‮»‬‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬الفعاليات‭ ‬الإقليمية‭ ‬كالمؤتمر‭ ‬البحري‭ ‬الدولي‭ ‬والتمرين‭ ‬البحري‭ ‬الإقليمي،‭ ‬الذي‭ ‬نظمته‭ ‬نيجيريا‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2022‭. ‬

مجالات‭ ‬العمل‭ ‬المحتملة

لم‭ ‬تكتفِ‭ ‬منظومة‭ ‬ياوندي‭ ‬بتحفيز‭ ‬النقاشات‭ ‬المهمة‭ ‬حول‭ ‬النهوض‭ ‬بمستوى‭ ‬الأمن‭ ‬البحري،‭ ‬بل‭ ‬وفرت‭ ‬أيضاً‭ ‬منصات‭ ‬للعمل‭. ‬ولكن‭ ‬تحتاج‭ ‬بعض‭ ‬المجالات‭ ‬إلى‭ ‬الاهتمام‭ ‬بتعزيز‭ ‬أواصر‭ ‬التعاون‭ ‬مع‭ ‬دخول‭ ‬المدونة‭ ‬عِقدها‭ ‬التالي‭.‬

توطين‭ ‬مدونة‭ ‬ياوندي‭ ‬لقواعد‭ ‬السلوك‭:‬‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تتبنى‭ ‬الدول‭ ‬الأعضاء‭ ‬منظومة‭ ‬ياوندي‭ ‬بحيث‭ ‬تندرج‭ ‬متطلباتها‭ ‬في‭ ‬الأطر‭ ‬الوطنية‭ ‬لإنفاذ‭ ‬القانون‭ ‬البحري،‭ ‬فهذه‭ ‬الخطوة‭ ‬سوف‭ ‬تنهض‭ ‬بمستوى‭ ‬تنسيق‭ ‬الاستراتيجيات‭ ‬البحرية‭ ‬والتوافق‭ ‬العملياتي‭ ‬الإقليمي‭ ‬والاستجابات‭.‬

تعزيز‭ ‬القدرة‭ ‬المؤسسية‭:‬‭ ‬بُذلت‭ ‬جهود‭ ‬كثيرة‭ ‬لتعزيز‭ ‬القدرة‭ ‬المؤسسية‭ ‬لإنفاذ‭ ‬القانون‭ ‬البحري،‭ ‬ولكن‭ ‬يجب‭ ‬تحسين‭ ‬المنهجيات‭ ‬والأدوات‭ ‬لمساعدة‭ ‬الدول‭ ‬الأعضاء‭ ‬خلال‭ ‬سعيها‭ ‬لفرض‭ ‬الأمن‭ ‬البحري‭.‬

تجريم‭ ‬كافة‭ ‬الجرائم‭ ‬البحرية‭: ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬التقدم‭ ‬المحرز‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬تجريم‭ ‬بعض‭ ‬الجرائم‭ ‬البحرية‭ ‬مثل‭ ‬القرصنة،‭ ‬فلا‭ ‬يزال‭ ‬علينا‭ ‬مواصلة‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬توحيد‭ ‬التشريعات‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تقنين‭ ‬قوانين‭ ‬القرصنة‭ ‬محلياً‭ ‬لمحاكمة‭ ‬الجريمة‭ ‬ومعاقبتها‭ ‬في‭ ‬ربوع‭ ‬الخليج‭. ‬وبالمثل،‭ ‬لا‭ ‬بدَّ‭ ‬من‭ ‬تجريم‭ ‬أعمال‭ ‬مثل‭ ‬السطو‭ ‬المسلح‭ ‬بحراً‭ ‬بموجب‭ ‬التشريعات‭ ‬الجنائية‭ ‬الوطنية‭ ‬بما‭ ‬يتماشى‭ ‬مع‭ ‬الإطار‭ ‬القانوني‭ ‬لاتفاقية‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬لقانون‭ ‬البحار‭ ‬والقوانين‭ ‬الدولية‭ ‬الأخرى‭ ‬ذات‭ ‬الصلة‭. ‬ولا‭ ‬بدَّ‭ ‬من‭ ‬تعريف‭ ‬الجرائم‭ ‬المنظمة‭ ‬البحرية‭ ‬وعبر‭ ‬الوطنية‭ ‬الأخرى‭ ‬في‭ ‬القوانين‭ ‬ذات‭ ‬الصلة‭ ‬ووضع‭ ‬العقوبات‭ ‬المناسبة‭ ‬لها‭. ‬ويكمن‭ ‬الهدف‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬ضمان‭ ‬وجود‭ ‬الربط‭ ‬‮«‬المباشر‮»‬‭ ‬بين‭ ‬عمليات‭ ‬الاعتراض‭ ‬البحري‭ ‬والمحاكمة‭.‬

إضفاء‭ ‬الطابع‭ ‬الرسمي‭ ‬على‭ ‬اتفاقيات‭ ‬السماح‭ ‬لعناصر‭ ‬إنفاذ‭ ‬القانون‭ ‬بصعود‭ ‬السفن‭:‬‭ ‬تسمح‭ ‬المادة‭ ‬9‭ ‬من‭ ‬مدونة‭ ‬ياوندي‭ ‬لقواعد‭ ‬السلوك‭ ‬لعناصر‭ ‬إنفاذ‭ ‬القانون‭ ‬البحري‭ ‬من‭ ‬دولة‭ ‬ما‭ ‬بالصعود‭ ‬على‭ ‬متن‭ ‬سفينة‭ ‬تابعة‭ ‬لدولة‭ ‬أخرى‭. ‬وهذا‭ ‬المنهج‭ ‬المنسق‭ ‬يمكِّن‭ ‬الدول‭ ‬من‭ ‬التعاون‭ ‬على‭ ‬إنفاذ‭ ‬القانون‭ ‬البحري،‭ ‬وهو‭ ‬مفيد‭ ‬حين‭ ‬تتمتع‭ ‬بعض‭ ‬البلدان‭ ‬بقدرات‭ ‬محدودة‭. ‬ومن‭ ‬شأن‭ ‬إبرام‭ ‬هذه‭ ‬اتفاقيات‭ ‬بين‭ ‬الشركاء‭ ‬تعزيز‭ ‬علاقات‭ ‬العمل‭ ‬بين‭ ‬البلدان‭ ‬لتحسين‭ ‬مستوى‭ ‬التعاون‭ ‬متعدد‭ ‬الأطراف‭ ‬الذي‭ ‬يتمتع‭ ‬بقدر‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬الأهمية‭.‬

توفير‭ ‬الموارد‭ ‬اللازمة‭ ‬لمراكز‭ ‬مدونة‭ ‬ياوندي‭:‬‭ ‬لم‭ ‬تدخل‭ ‬مراكز‭ ‬منظومة‭ ‬ياوندي‭ ‬حيز‭ ‬التفعيل‭ ‬بالكامل،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬الموارد‭ ‬البشرية‭ ‬والمادية‭. ‬وحرصاً‭ ‬على‭ ‬الاستفادة‭ ‬القصوى‭ ‬من‭ ‬منظومة‭ ‬ياوندي،‭ ‬فلا‭ ‬بدَّ‭ ‬من‭ ‬تحديد‭ ‬الموارد‭ ‬جيداً‭ ‬لتعزيز‭ ‬القدرة‭ ‬التشغيلية‭ ‬للمراكز،‭ ‬مع‭ ‬تعزيز‭ ‬التعاون‭ ‬متعدد‭ ‬الأطراف‭ ‬لتحقيق‭ ‬الإدارة‭ ‬البحرية‭ ‬المستدامة‭ ‬في‭ ‬الخليج‭.‬

أحد رجال البحرية النيجيرية يقف على متن سفينة خلال فعاليات تمرين «أوبنغامي إكسبريس» البحري الذي شاركت فيه 33 دولة قبالة سواحل لاغوس بنيجيريا. وكالة الأنباء الفرنسية/صور غيتي

الطريق‭ ‬إلى‭ ‬الأمام

يعد‭ ‬التعاون‭ ‬متعدد‭ ‬الأطراف‭ ‬من‭ ‬الأدوات‭ ‬الفعالة‭ ‬لتحقيق‭ ‬أهداف‭ ‬الإدارة‭ ‬البحرية‭ ‬في‭ ‬الخليج،‭ ‬ولدينا‭ ‬دليل‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬إذ‭ ‬تتراجع‭ ‬القرصنة‭ ‬في‭ ‬الخليج،‭ ‬بتسجيل‭ ‬34‭ ‬حادثة‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2021‭ ‬مقارنة‭ ‬بـ‭ ‬81‭ ‬حادثة‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2020،‭ ‬ولم‭ ‬تشهد‭ ‬التسعة‭ ‬أشهر‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬2022‭ ‬سوى‭ ‬13‭ ‬حادثة،‭ ‬نقلاً‭ ‬عن‭ ‬مشروع‭ ‬الإبلاغ‭ ‬عن‭ ‬الجريمة‭ ‬المنظمة‭ ‬والفساد‭. ‬ويجب‭ ‬أن‭ ‬يشهد‭ ‬العقد‭ ‬القادم‭ ‬لمدونة‭ ‬ياوندي‭ ‬لقواعد‭ ‬السلوك‭ ‬التوسع‭ ‬في‭ ‬الإنجازات‭ ‬التي‭ ‬تحققت،‭ ‬مع‭ ‬إيلاء‭ ‬اهتمام‭ ‬خاص‭ ‬للقضايا‭ ‬التنظيمية‭ ‬الأساسية‭ ‬التي‭ ‬تعيق‭ ‬مسيرة‭ ‬النجاح‭. ‬فالخليج‭ ‬مورد‭ ‬ثمين،‭ ‬وبوسع‭ ‬الشراكات‭ ‬واليقظة‭ ‬التي‭ ‬أتاحتها‭ ‬المدونة‭ ‬ومنظومة‭ ‬الأمن‭ ‬التي‭ ‬أرستها‭ ‬أن‭ ‬تضمن‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬المورد‭ ‬لخدمة‭ ‬الأجيال‭ ‬القادمة‭.  

نبذة‭ ‬عن‭ ‬المؤلف‭:‬‭ ‬العقيد‭ ‬طاهر‭ ‬نغادا‭ ‬هو‭ ‬ضابط‭ ‬بحري‭ ‬في‭ ‬الفرع‭ ‬التنفيذي‭ ‬للبحرية‭ ‬النيجيرية،‭ ‬يعمل‭ ‬مستشار‭ ‬تدريب‭ ‬في‭ ‬البرنامج‭ ‬العالمي‭ ‬لمكافحة‭ ‬الجريمة‭ ‬البحرية‭ ‬التابع‭ ‬لمكتب‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬لمكافحة‭ ‬المخدرات‭ ‬والجريمة‭ ‬داخل‭ ‬مركز‭ ‬التنسيق‭ ‬الأقاليمي‭ ‬في‭ ‬ياوندي‭. ‬وهو‭ ‬حاصل‭ ‬على‭ ‬درجة‭ ‬البكالوريوس‭ ‬في‭ ‬الكيمياء‭ ‬من‭ ‬أكاديمية‭ ‬الدفاع‭ ‬النيجيرية،‭ ‬ودبلوم‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬من‭ ‬الكلية‭ ‬الحربية‭ ‬البحرية‭ ‬الأمريكية،‭ ‬ودرجة‭ ‬الماجستير‭ ‬في‭ ‬العلاقات‭ ‬الدولية‭ ‬من‭ ‬جامعة‭ ‬سالفي‭ ‬ريجينا‭ ‬في‭ ‬نيوبورت‭ ‬بولاية‭ ‬برود‭ ‬آيلاند‭ ‬الأمريكية‭. ‬كما‭ ‬حصل‭ ‬على‭ ‬درجة‭ ‬الماجستير‭ ‬في‭ ‬مكافحة‭ ‬الجريمة‭ ‬المنظمة‭ ‬والإرهاب‭ ‬من‭ ‬كلية‭ ‬لندن‭ ‬الجامعية‭.‬

التعليقات مغلقة.