Africa Defense Forum
Africa Defense Forum

الرأس الساحلي المنسي

الجغرافية والتاريخ والسياسة والأخطاء: لكل منها دور في ظهور التطرف العنيف في محافظة كابو ديلجادو بموزمبيق.

أسرة‭ ‬منبر‭ ‬الدفاع‭ ‬الإفريقي

الصور‭ ‬بعدسة‭: ‬وكالة‭ ‬الأنباء‭ ‬الفرنسية‭/‬صور‭ ‬غيتي

فيما‭ ‬كان‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الشباب‭ ‬يجوبون‭ ‬شوارع‭ ‬بلدة‭ ‬موسيمبوا‭ ‬دا‭ ‬برايا‭ ‬بالسواطير‭ ‬وبنادق‭ ‬الكلاشنكوف‭ ‬يوم‭ ‬5‭ ‬تشرين‭ ‬الأول‭/‬أكتوبر‭ ‬2017،‭ ‬أخذ‭ ‬بعض‭ ‬أهالي‭ ‬البلدة‭ ‬يختلسون‭ ‬النظر‭ ‬عبر‭ ‬النوافذ‭ ‬خوفاً،‭ ‬مسجلين‭ ‬تلك‭ ‬المسيرة‭ ‬الوقحة‭ ‬على‭ ‬هواتفهم‭ ‬المحمولة‭.‬

وأثناء‭ ‬مرور‭ ‬متشدد‭ ‬مدجج‭ ‬بالسلاح،‭ ‬فإذا‭ ‬بأحد‭ ‬الأهالي‭ ‬يهمس‭ ‬باسم‭ ‬من‭ ‬الأسماء‭ ‬النكراء‭ ‬والمخيفة‭: ‬“الشباب‭.‬”

يرد‭ ‬هذا‭ ‬المشهد‭ ‬في‭ ‬فيلم‭ ‬وثائقي‭ ‬لبرنامج‭ ‬‮«‬بي‭ ‬بي‭ ‬سي‭ ‬أفريكا‭ ‬آي‮»‬‭ ‬بعنوان‭ ‬‮«‬أبناء‭ ‬موسيمبوا‭: ‬أزمة‭ ‬الإرهاب‭ ‬في‭ ‬موزمبيق»؛‭ ‬ويصف‭ ‬هذا‭ ‬الفيلم‭ ‬التحديات‭ ‬التي‭ ‬تشكلها‭ ‬تلك‭ ‬الجماعة‭ ‬الإرهابية‭ ‬التي‭ ‬اجتاحت‭ ‬محافظة‭ ‬كابو‭ ‬ديلجادو‭ ‬منذ‭ ‬ذاك‭ ‬الهجوم‭ ‬الأول‭ ‬الذي‭ ‬وقع‭ ‬في‭ ‬تشرين‭ ‬الأول‭/‬أكتوبر‭ ‬2017‭. ‬فقد‭ ‬شهد‭ ‬ذاك‭ ‬الهجوم‭ ‬قيام‭ ‬نحو‭ ‬30‭ ‬متمرداً‭ ‬بمحاصرة‭ ‬مراكز‭ ‬الشرطة‭ ‬الثلاثة‭ ‬بالبلدة،‭ ‬مما‭ ‬أسفر‭ ‬عن‭ ‬مقتل‭ ‬17‭ ‬شخصاً،‭ ‬بينهم‭ ‬شرطيان،‭ ‬وأغاروا‭ ‬على‭ ‬مستودعات‭ ‬الأسلحة‭. ‬وتشتهر‭ ‬محافظة‭ ‬كابو‭ ‬ديلجادو‭ ‬باسم‭ ‬‮«‬الرأس‭ ‬البحري‭ ‬المنسي‮»‬‭.‬

يستخدم‭ ‬المواطنون‭ ‬اسم‭ ‬‮«‬الشباب‮»‬‭ ‬استخداماً‭ ‬غير‭ ‬رسمي‭ ‬للإشارة‭ ‬إلى‭ ‬هذه‭ ‬الجماعة،‭ ‬لكنها‭ ‬لا‭ ‬تنتمي‭ ‬إلى‭ ‬تلك‭ ‬الجماعة‭ ‬الإرهابية‭ ‬المتمركزة‭ ‬في‭ ‬الصومال‭ ‬والموالية‭ ‬للقاعدة‭ ‬التي‭ ‬تحمل‭ ‬الاسم‭ ‬نفسه‭. ‬كما‭ ‬تُسمى‭ ‬جماعة‭ ‬أنصار‭ ‬السنة‭. ‬

كان‭ ‬الهجوم‭ ‬الذي‭ ‬وقع‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2017‭ ‬أول‭ ‬هجوم‭ ‬في‭ ‬سلسلة‭ ‬من‭ ‬الهجمات‭ ‬التي‭ ‬استهدفت‭ ‬المنطقة‭ ‬وأسفرت‭ ‬عن‭ ‬مقتل‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬3‭,‬700‭ ‬إنسان‭ ‬ونزوح‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬850‭,‬000‭ ‬آخرين‭ ‬حتى‭ ‬شباط‭/‬فبراير‭ ‬2022‭. ‬دخلت‭ ‬القوات‭ ‬المسلحة‭ ‬والشرطة‭ ‬الرواندية‭ ‬الدولة‭ ‬في‭ ‬تموز‭/‬يوليو‭ ‬2021‭ ‬وسرعان‭ ‬ما‭ ‬استعادت‭ ‬بلدة‭ ‬موسيمبوا‭ ‬دا‭ ‬برايا‭ ‬بقوة‭ ‬قوامها‭ ‬1‭,‬000‭ ‬جندي‭. ‬

أفراد من الشرطة الرواندية، يسار الصورة، وأفراد من الجيش الموزمبيقي يقفون خلال إحدى الفعاليات يوم 24 أيلول/سبتمبر 2021 في بيمبا بكابو ديلجادو.

كما‭ ‬وصلت‭ ‬‮«‬بعثة‭ ‬مجموعة‭ ‬تنمية‭ ‬الجنوب‭ ‬الإفريقي‭ ‬في‭ ‬موزمبيق‮»‬‭ ‬بعد‭ ‬وصول‭ ‬القوات‭ ‬الرواندية‭ ‬بأيام،‭ ‬فأضافت‭ ‬عدة‭ ‬مئات‭ ‬من‭ ‬عناصر‭ ‬القوات‭ ‬المسلحة‭ ‬إلى‭ ‬الجيش‭ ‬الموزمبيقي،‭ ‬وهذه‭ ‬العناصر‭ ‬قادمة‭ ‬من‭ ‬ثمانية‭ ‬بلدان‭ ‬مساهمة‭ ‬بقواتها‭: ‬أنغولا‭ ‬وبوتسوانا‭ ‬وجمهورية‭ ‬الكونغو‭ ‬الديمقراطية‭ ‬وليسوتو‭ ‬وملاوي‭ ‬وجنوب‭ ‬إفريقيا‭ ‬وتنزانيا‭ ‬وزامبيا‭. ‬وجاءت‭ ‬القوات‭ ‬البرية‭ ‬في‭ ‬الغالب‭ ‬من‭ ‬بوتسوانا‭ ‬وليسوتو‭ ‬وجنوب‭ ‬إفريقيا‭ ‬وتنزانيا،‭ ‬وساهمت‭ ‬بلدان‭ ‬أخرى‭ ‬بسبل‭ ‬الإمداد‭ ‬والتموين،‭ ‬نقلاً‭ ‬عن‭ ‬تقرير‭ ‬لصحيفة‭ ‬‮«‬ديلي‭ ‬مافريك‮»‬‭ ‬الجنوب‭ ‬إفريقية‭ ‬في‭ ‬كانون‭ ‬الثاني‭/‬يناير‭ ‬2022‭.‬

ومع‭ ‬أنَّ‭ ‬القوات‭ ‬الموزمبيقية‭ ‬والرواندية‭ ‬وبعثة‭ ‬المجموعة‭ ‬أحرزت‭ ‬نجاحات‭ ‬ملحوظة‭ ‬خلال‭ ‬النصف‭ ‬الثاني‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬2021‭ ‬ومطلع‭ ‬عام‭ ‬2022،‭ ‬فقد‭ ‬استمرت‭ ‬أعمال‭ ‬العنف‭ ‬الوحشية،‭ ‬ومعها‭ ‬تساؤلات‭ ‬حول‭ ‬ما‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬التمرد‭ ‬قبل‭ ‬ذلك‭ ‬بسنوات‭. ‬

تاريخ‭ ‬حافل‭ ‬بالعزلة

تبعد‭ ‬بلدة‭ ‬موسيمبوا‭ ‬دا‭ ‬برايا‭ ‬الساحلية‭ ‬عن‭ ‬العاصمة‭ ‬الموزمبيقية‭ ‬مابوتو‭ ‬مسيرة‭ ‬تتجاوز‭ ‬2‭,‬600‭ ‬كيلومتر‭ ‬براً‭. ‬ويعد‭ ‬البعد‭ ‬عن‭ ‬المراكز‭ ‬الحكومية‭ ‬سمة‭ ‬مشتركة‭ ‬بين‭ ‬المناطق‭ ‬المبتلاة‭ ‬بالتشدد‭ ‬في‭ ‬البلدان‭ ‬الإفريقية،‭ ‬فمن‭ ‬الشائع‭ ‬أنَّ‭ ‬البعد‭ ‬يتسبب‭ ‬في‭ ‬تقليل‭ ‬الوجود‭ ‬الحكومي‭ ‬والخدمات‭ ‬في‭ ‬المناطق‭ ‬النائية،‭ ‬مما‭ ‬يخلق‭ ‬تصوراً‭ ‬بالتهميش‭ ‬وسط‭ ‬المواطنين؛‭ ‬ومن‭ ‬أمثلة‭ ‬ذلك‭ ‬شمال‭ ‬مالي،‭ ‬مهد‭ ‬تطرف‭ ‬الإسلاميين‭ ‬المتشددين‭ ‬المنتشرين‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الدولة،‭ ‬وشمال‭ ‬نيجيريا،‭ ‬موطن‭ ‬تمرد‭ ‬بوكو‭ ‬حرام‭. ‬

وقد‭ ‬تفاقمت‭ ‬مشكلة‭ ‬البعد‭ ‬لأنَّ‭ ‬موزمبيق‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬تتعافى‭ ‬من‭ ‬حرب‭ ‬أهلية‭ ‬طاحنة‭ ‬استعرت‭ ‬نارها‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬1977‭ ‬إلى‭ ‬عام‭ ‬1992؛‭ ‬إذ‭ ‬تشير‭ ‬التقديرات‭ ‬إلى‭ ‬أنَّ‭ ‬الحرب‭ ‬تسببت‭ ‬في‭ ‬مقتل‭ ‬مليون‭ ‬مواطن‭ ‬ونزوح‭ ‬ملايين‭ ‬آخرين‭. ‬كما‭ ‬أنَّ‭ ‬ساحل‭ ‬كابو‭ ‬ديلجادو‭ ‬يرتبط‭ ‬عموماً‭ ‬بحركة‭ ‬‮«‬المقاومة‭ ‬الوطنية‭ ‬الموزمبيقية‮»‬‭ ‬المتمردة،‭ ‬الشهيرة‭ ‬بحركة‭ ‬‮«‬الرينامو‮»‬،‭ ‬إذ‭ ‬قاتلت‭ ‬قواتها‭ ‬خلال‭ ‬الحرب‭ ‬‮«‬جبهة‭ ‬تحرير‭ ‬موزمبيق‮»‬،‭ ‬الشهيرة‭ ‬بجبهة‭ ‬‮«‬الفريليمو‮»‬،‭ ‬التي‭ ‬يترأسها‭ ‬الرئيس‭ ‬الموزمبيقي‭ ‬فيليب‭ ‬نيوسي‭ ‬الآن‭.‬

يقول‭ ‬البعض‭ ‬إنَّ‭ ‬هذا‭ ‬الانقسام‭ ‬السياسي‭ ‬يتسبب‭ ‬في‭ ‬فصل‭ ‬كابو‭ ‬ديلجادو‭ ‬وأهلها‭ ‬عن‭ ‬اهتمام‭ ‬الحكومة‭ ‬وحرصها‭. ‬ومن‭ ‬القضايا‭ ‬الإقليمية‭ ‬الرئيسية‭ ‬الأخرى‭ ‬اكتشاف‭ ‬موارد‭ ‬الغاز‭ ‬الطبيعي‭ ‬الهائلة‭ ‬ومناجم‭ ‬الياقوت‭ ‬الأصغر‭ ‬والاستفادة‭ ‬منها‭. ‬فيشير‭ ‬الخبراء‭ ‬إلى‭ ‬استبعاد‭ ‬الأهالي‭ ‬–‭ ‬وطردهم‭ ‬أحياناً‭ ‬–‭ ‬من‭ ‬مواقع‭ ‬التنقيب‭ ‬عن‭ ‬الياقوت‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬بعد‭ ‬الاستفادة‭ ‬منها‭ ‬في‭ ‬التجارة‭ ‬الحرفية‭ ‬طيلة‭ ‬سنوات،‭ ‬وبالتالي‭ ‬حرمانهم‭ ‬من‭ ‬الفرص‭ ‬الاقتصادية،‭ ‬ومنها‭ ‬الفرص‭ ‬غير‭ ‬المشروعة‭. ‬

الجغرافيا‭ ‬والتاريخ‭ ‬والسياسة‭: ‬تتفاوت‭ ‬مسؤوليتها‭ ‬جميعاً‭ ‬عن‭ ‬الأوضاع‭ ‬الراهنة‭ ‬في‭ ‬كابو‭ ‬ديلجادو‭. ‬بيد‭ ‬أنَّ‭ ‬الخبراء‭ ‬يقولون‭ ‬إنَّ‭ ‬حكومة‭ ‬موزمبيق‭ ‬أخطأت‭ ‬هي‭ ‬الأخرى،‭ ‬إذ‭ ‬لم‭ ‬تبالِ‭ ‬بتحذيرات‭ ‬الأهالي‭ ‬ومخاوفهم،‭ ‬فلو‭ ‬كانت‭ ‬قوات‭ ‬الأمن‭ ‬قد‭ ‬أولتهم‭ ‬اهتمامها‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬2015،‭ ‬فلربما‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬وأد‭ ‬هذا‭ ‬التمرد‭ ‬في‭ ‬مهده‭.‬

أحد عناصر الجيش الرواندي يتولى مهام الحراسة بالقرب من شاحنة محترقة في بالما بكابو ديلجادو في أيلول/سبتمبر 2021.

استجابة‭ ‬موزمبيق

قال‭ ‬الدكتور‭ ‬سلفادور‭ ‬فوركيلها،‭ ‬الباحث‭ ‬الأول‭ ‬بمعهد‭ ‬الدراسات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬في‭ ‬موزمبيق،‭ ‬لمنبر‭ ‬الدفاع‭ ‬الإفريقي‭ ‬إنَّ‭ ‬الشرطة‭ ‬الموزمبيقية‭ ‬وصلت‭ ‬فور‭ ‬انتهاء‭ ‬هجوم‭ ‬تشرين‭ ‬الأول‭/‬أكتوبر‭ ‬2017،‭ ‬ووجهت‭ ‬مسؤولية‭ ‬ارتكاب‭ ‬أعمال‭ ‬العنف‭ ‬إلى‭ ‬قطَّاع‭ ‬الطرق،‭ ‬وأعلنت‭ ‬أنها‭ ‬ستنهي‭ ‬هذه‭ ‬القضية‭ ‬في‭ ‬غضون‭ ‬أسبوع‭.‬

وذكر‭ ‬فوركيلها‭ ‬أنَّ‭ ‬الحكومة‭ ‬ارتكبت‭ ‬عدة‭ ‬أخطاء‭ ‬فادحة‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2017،‭ ‬إذ‭ ‬اتسمت‭ ‬ردة‭ ‬فعل‭ ‬المسؤولين‭ ‬الأمنيين‭ ‬أولاً‭ ‬بالعنف‭ ‬وأغلقوا‭ ‬المساجد‭ ‬وقاموا‭ ‬ببعض‭ ‬الاعتقالات‭ ‬السريعة،‭ ‬وتفيد‭ ‬الأنباء‭ ‬أنَّ‭ ‬هذه‭ ‬التصرفات‭ ‬زرعت‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬الارتباك‭ ‬وأثارت‭ ‬حفيظة‭ ‬بعض‭ ‬مسلمي‭ ‬موزمبيق‭.‬

وقال‭ ‬لمنبر‭ ‬الدفاع‭ ‬الإفريقي‭: ‬“أعتقد‭ ‬أنَّ‭ ‬الحكومة‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬مستعدة‭ ‬للتعامل‭ ‬مع‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الظاهرة،‭ ‬ولا‭ ‬تنسوا‭ ‬أننا‭ ‬خضنا‭ ‬غمار‭ ‬الحرب‭ ‬الأهلية‭ ‬طيلة‭ ‬16‭ ‬سنة،‭ ‬وما‭ ‬زلنا‭ ‬في‭ ‬طور‭ ‬إنهاء‭ ‬عملية‭ ‬الحرب‭ ‬الأهلية‭ ‬بإعادة‭ ‬إدماج‭ ‬المتمردين‭ ‬السابقين‭ ‬من‭ ‬جماعة‭ ‬‮«‬الرينامو‮»‬‭ ‬المتمردة‭.. ‬فقد‭ ‬حدثت‭ ‬على‭ ‬حين‭ ‬غرة‭.‬”

كما‭ ‬تحدث‭ ‬عن‭ ‬وجود‭ ‬مشكلات‭ ‬أخرى‭ ‬في‭ ‬التنظيم‭ ‬والتنسيق‭ ‬بين‭ ‬الشرطة‭ ‬والجيش،‭ ‬وتسبب‭ ‬غياب‭ ‬التنسيق‭ ‬هذا‭ ‬أحياناً‭ ‬في‭ ‬حدوث‭ ‬صراع‭ ‬بينهما،‭ ‬وواصل‭ ‬المتمردون‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬هذه‭ ‬المشكلة‭ ‬انتشارهم‭ ‬في‭ ‬المزيد‭ ‬والمزيد‭ ‬من‭ ‬المناطق‭ ‬حتى‭ ‬وصلت‭ ‬القوات‭ ‬الرواندية‭ ‬وبعثة‭ ‬مجموعة‭ ‬تنمية‭ ‬الجنوب‭ ‬الإفريقي‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2021‭.‬

وقال‭ ‬فوركيلها‭ ‬لمنبر‭ ‬الدفاع‭ ‬الإفريقي‭: ‬“أعتقد‭ ‬أنَّ‭ ‬المنهجية‭ ‬التي‭ ‬اتبعها‭ ‬الجانب‭ ‬الحكومي‭ ‬للتعامل‭ ‬مع‭ ‬هذه‭ ‬الظاهرة‭ ‬كانت‭ ‬خاطئة‭ ‬منذ‭ ‬البداية،‭ ‬وكان‭ ‬الأوان‭ ‬قد‭ ‬فات‭ ‬بالفعل‭ ‬حين‭ ‬أدركت‭ ‬الحكومة‭ ‬أنَّ‭ ‬الدولة‭ ‬تواجه‭ ‬مشكلة‭ ‬خطيرة‭ ‬مرتبطة‭ ‬بالتشدد‭ ‬الإسلامي‭ ‬والإرهاب‭.‬”

بذور‭ ‬التطرف

يرى‭ ‬كثيرون‭ ‬أنَّ‭ ‬هجوم‭ ‬تشرين‭ ‬الأول‭/‬أكتوبر‭ ‬2017‭ ‬يعتبر‭ ‬أول‭ ‬هجوم‭ ‬منظم‭ ‬ومنسق‭ ‬لجماعة‭ ‬أنصار‭ ‬السنة،‭ ‬لكنه‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬أول‭ ‬حالة‭ ‬عنف‭ ‬في‭ ‬كابو‭ ‬ديلجادو‭ ‬أو‭ ‬أول‭ ‬بادرة‭ ‬على‭ ‬انتشار‭ ‬التعاليم‭ ‬الإسلامية‭ ‬المتطرفة‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭.‬

فقد‭ ‬ظهرت‭ ‬جماعة‭ ‬أنصار‭ ‬السنة‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2015‭ ‬بالاعتداء‭ ‬على‭ ‬المسلمين‭ ‬المحليين،‭ ‬ويشير‭ ‬الفيلم‭ ‬الوثائقي‭ ‬لبرنامج‭ ‬‮«‬بي‭ ‬بي‭ ‬سي‭ ‬آي‮»‬‭ ‬إلى‭ ‬أنَّ‭ ‬القيادات‭ ‬المحلية‭ ‬كانت‭ ‬تدق‭ ‬ناقوس‭ ‬الخطر‭ ‬إزاء‭ ‬زحف‭ ‬شكل‭ ‬جديد‭ ‬من‭ ‬التعاليم‭ ‬الإسلامية‭ ‬إلى‭ ‬المنطقة‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2015‭.‬

هذا المخيم المخصص للنازحين في مركز ميتوج بكابو ديلجادو يأوي نحو 30,000 نازح في أيَّار/مايو 2021، وهو عدد ضئيل من النازحين بسبب المتمردين.

فقد‭ ‬جاء‭ ‬في‭ ‬الفيلم‭ ‬أنَّ‭ ‬عمدة‭ ‬موسيمبوا‭ ‬دا‭ ‬برايا‭ ‬أعلن‭ ‬أنَّ‭ ‬جماعة‭ ‬تدعى‭ ‬‮«‬الشباب‮»‬‭ ‬كانت‭ ‬تعمل‭ ‬على‭ ‬تجنيد‭ ‬شباب‭ ‬المنطقة،‭ ‬وكان‭ ‬هذا‭ ‬يهدد‭ ‬حالة‭ ‬السلام‭ ‬التي‭ ‬تنعم‭ ‬بها‭. ‬وبعد‭ ‬ذلك‭ ‬بعام،‭ ‬أي‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2016،‭ ‬قال‭ ‬مدير‭ ‬مدرسة‭ ‬لإذاعة‭ ‬‮«‬راديو‭ ‬ناسيدجي‮»‬‭ ‬إنَّ‭ ‬الحضور‭ ‬في‭ ‬مدرسته‭ ‬تضاءل،‭ ‬وألقى‭ ‬باللوم‭ ‬على‭ ‬فرقة‭ ‬إسلامية‭ ‬تقول‭ ‬إنه‭ ‬لا‭ ‬طائل‭ ‬من‭ ‬الذهاب‭ ‬إلى‭ ‬المدرسة‭.‬

وأرسل‭ ‬أحد‭ ‬شيوخ‭ ‬القبائل‭ ‬المحليين‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2016‭ ‬قائمة‭ ‬مخاوف‭ ‬للمجلس‭ ‬الإسلامي‭ ‬المحلي‭ ‬تتضمن‭ ‬أشياءً‭ ‬غريبة‭ ‬يعظ‭ ‬بها‭ ‬المتمردون؛‭ ‬إذ‭ ‬أمروا‭ ‬المصلين‭ ‬بالصلاة‭ ‬بأحذيتهم،‭ ‬وعدم‭ ‬حمل‭ ‬بطاقات‭ ‬الهوية،‭ ‬وتجنب‭ ‬المدارس‭ ‬التي‭ ‬ترعاها‭ ‬الدولة،‭ ‬ونبذ‭ ‬العلم‭ ‬الوطني‭ ‬والمناسبات‭ ‬الوطنية‭. ‬وقال‭ ‬في‭ ‬تقرير‭ ‬هيئة‭ ‬الإذاعة‭ ‬البريطانية‭: ‬“جندوا‭ ‬المسلمين‭ ‬غير‭ ‬الواعين‭ ‬والأميين‭ ‬والفقراء‭.‬”

وقال‭ ‬فوركيلها‭ ‬لهيئة‭ ‬الإذاعة‭ ‬البريطانية‭: ‬“‭ ‬كانت‭ ‬القيادات‭ ‬الإسلامية‭ ‬تحذر‭ ‬في‭ ‬الواقع،‭ ‬وذهب‭ ‬بعضهم‭ ‬لمقابلة‭ ‬المسؤولين‭ ‬المحليين‭ ‬ليقولوا‭ ‬لهم‭: ‬اعلموا‭ ‬أننا‭ ‬نواجه‭ ‬عدة‭ ‬تحديات‭ ‬في‭ ‬مساجدنا‭ ‬المحلية؛‭ ‬فلدينا‭ ‬أناس‭ ‬يأتون‭ ‬من‭ ‬الخارج،‭ ‬وبالأخص‭ ‬شباب،‭ ‬يحاولون‭ ‬نشر‭ ‬شكل‭ ‬شديد‭ ‬التطرف‭ ‬من‭ ‬الإسلام‭. ‬ولم‭ ‬تتخذ‭ ‬الحكومة‭ ‬إجراءات‭ ‬واضحة‭ ‬بجلاء‭.. ‬من‭ ‬أجل‭ ‬مكافحة‭ ‬تلك‭ ‬الجماعة‭ ‬في‭ ‬البداية‭.‬”

التأثيرات‭ ‬الخارجية

لطالما‭ ‬عانت‭ ‬محافظة‭ ‬كابو‭ ‬ديلجادو‭ ‬والمناطق‭ ‬المحيطة‭ ‬بها‭ ‬من‭ ‬المشكلات‭ ‬الناجمة‭ ‬عن‭ ‬تقاعس‭ ‬الحكومة،‭ ‬بيد‭ ‬أنَّ‭ ‬نفراً‭ ‬من‭ ‬الخبراء‭ ‬يرون‭ ‬أنَّ‭ ‬جذور‭ ‬الإسلام‭ ‬المتشدد‭ ‬قد‭ ‬تمتد‭ ‬خارج‭ ‬المنطقة‭ ‬وعبر‭ ‬الحدود‭ ‬إلى‭ ‬تنزانيا‭ ‬وأماكن‭ ‬أخرى‭. ‬أجرى‭ ‬مركز‭ ‬إفريقيا‭ ‬للدراسات‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬ندوة‭ ‬إلكترونية‭ ‬في‭ ‬تشرين‭ ‬الأول‭/‬أكتوبر‭ ‬2021‭ ‬لمناقشة‭ ‬جذور‭ ‬العنف‭ ‬في‭ ‬كابو‭ ‬ديلجادو‭. ‬

أشار‭ ‬خلالها‭ ‬السيد‭ ‬دينو‭ ‬مهتاني،‭ ‬نائب‭ ‬مدير‭ ‬برنامج‭ ‬إفريقيا‭ ‬بمجموعة‭ ‬الأزمات‭ ‬الدولية‭ ‬آنذاك،‭ ‬إلى‭ ‬الحملات‭ ‬القمعية‭ ‬على‭ ‬المتشددين‭ ‬الإسلاميين‭ ‬في‭ ‬تنزانيا‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2017،‭ ‬وربما‭ ‬دفعت‭ ‬هذه‭ ‬الحملات‭ ‬هؤلاء‭ ‬المتشددين‭ ‬إلى‭ ‬موزمبيق،‭ ‬حيث‭ ‬اندمجوا‭ ‬مع‭ ‬المتطرفين‭ ‬بها‭.‬

‭ ‬وذكر‭ ‬مهتاني‭ ‬أنَّ‭ ‬حملات‭ ‬القمع‭ ‬استهدفت‭ ‬المنتسبين‭ ‬“لأفرع‭ ‬القاعدة‭ ‬على‭ ‬الساحل‭ ‬السواحلي”‭ ‬بداية‭ ‬من‭ ‬الصومال،‭ ‬ومروراً‭ ‬بكينيا‭ ‬وتنزانيا،‭ ‬ووصولاً‭ ‬إلى‭ ‬موزمبيق‭. ‬وأضاف‭ ‬أنَّ‭ ‬تنظيم‭ ‬داعش‭ ‬يحاول‭ ‬‮«‬اقتحام‮»‬‭ ‬الشبكة‭ ‬وإدخالها‭ ‬تحت‭ ‬لوائه‭ ‬الذي‭ ‬يضم‭ ‬بالفعل‭ ‬جماعة‭ ‬‮«‬تحالف‭ ‬القوى‭ ‬الديمقراطية‮»‬‭ ‬في‭ ‬جمهورية‭ ‬الكونغو‭ ‬الديمقراطية،‭ ‬وتكشف‭ ‬الأبحاث‭ ‬أنَّ‭ ‬التنزانيين‭ ‬المجندين‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬2017‭ ‬يظهرون‭ ‬في‭ ‬معسكرات‭ ‬في‭ ‬شرق‭ ‬الكونغو‭ ‬الديمقراطية‭ ‬ثمَّ‭ ‬في‭ ‬كابو‭ ‬ديلجادو‭: ‬“لذلك‭ ‬هناك‭ ‬ذهاب‭ ‬وإياب‭ ‬لشباب‭ ‬الساحل‭ ‬السواحلي‭ ‬المشاركين‭ ‬في‭ ‬الصراع‭ ‬العنيف‭ ‬في‭ ‬كابو‭ ‬ديلجادو‭ ‬وفي‭ ‬شرق‭ ‬الكونغو‭.‬”

يتفق‭ ‬الدكتور‭ ‬أدريانو‭ ‬ألفريدو‭ ‬نوفونجا،‭ ‬مدير‭ ‬مركز‭ ‬الديمقراطية‭ ‬والتنمية،‭ ‬وهو‭ ‬إحدى‭ ‬مؤسسات‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني‭ ‬غير‭ ‬الربحية‭ ‬في‭ ‬موزمبيق،‭ ‬على‭ ‬أنَّ‭ ‬التأثيرات‭ ‬الخارجية‭ ‬شكلت‭ ‬تمرد‭ ‬كابو‭ ‬ديلجادو‭.‬

مواطنة تحمل طفلاً وسط أطلال قرية أحرقها المتمردون خارج ماكوميا في محافظة كابو ديلجادو بموزمبيق.

وذكر‭ ‬خلال‭ ‬الندوة‭ ‬الإلكترونية‭ ‬أنَّ‭ ‬المنطقة‭ ‬لطالما‭ ‬تعرَّضت‭ ‬للتهميش‭ ‬والإهمال‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬الحكومة‭ ‬المركزية،‭ ‬وقال‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬مترجم‭ ‬شفهي‭: ‬“النسيج‭ ‬الاجتماعي‭ ‬بأكمله‭ ‬المتسبب‭ ‬في‭ ‬الصراع‭ ‬مرتبط‭ ‬بالمشكلات‭ ‬المحلية؛‭ ‬بيد‭ ‬أنَّ‭ ‬أعمال‭ ‬العنف‭ ‬الوحشية‭ ‬التي‭ ‬يرتكبها‭ ‬المتمردون،‭ ‬كقطع‭ ‬الرؤوس‭ ‬وبتر‭ ‬الأطراف،‭ ‬يشير‭ ‬إلى‭ ‬أساليب‭ ‬إرهابية‭ ‬مستوردة‭ ‬إلى‭ ‬كابو‭ ‬ديلجادو‭ ‬من‭ ‬الخارج‭.‬”

ما‭ ‬الإجراءات‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬اتخاذها؟

يتفق‭ ‬فوركيلها‭ ‬على‭ ‬أنَّ‭ ‬أعداداً‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬المتطرفين‭ ‬عبروا‭ ‬الحدود‭ ‬من‭ ‬تنزانيا،‭ ‬وقال‭ ‬لمنبر‭ ‬الدفاع‭ ‬الإفريقي‭: ‬“إنَّ‭ ‬مما‭ ‬يثير‭ ‬الدهشة‭ ‬أن‭ ‬نرى‭ ‬أنَّ‭ ‬الحكومة‭ ‬استغرقت‭ ‬وقتاً‭ ‬طويلاً‭ ‬للتعاون‭ ‬مع‭ ‬تنزانيا‭ ‬مثلاً‭.‬”‭ ‬فقد‭ ‬كان‭ ‬بإمكان‭ ‬موزمبيق‭ ‬أن‭ ‬تتعلم‭ ‬المزيد‭ ‬حول‭ ‬ما‭ ‬يمكنها‭ ‬توقعه‭ ‬وسبل‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬التمرد‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التعاون‭ ‬مع‭ ‬كينيا‭ ‬وتنزانيا‭ ‬وأوغندا،‭ ‬وكلها‭ ‬واجهت‭ ‬أعمال‭ ‬العنف‭ ‬على‭ ‬أيدي‭ ‬الجماعات‭ ‬المتطرفة‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬سنوات‭.‬

وينصح‭ ‬البلدان‭ ‬الإفريقية‭ ‬الأخرى‭ ‬التي‭ ‬تواجه‭ ‬تحديات‭ ‬مماثلة‭ ‬بأن‭ ‬تأخذ‭ ‬التهديدات‭ ‬المحتملة‭ ‬على‭ ‬محمل‭ ‬الجد‭ ‬منذ‭ ‬البداية،‭ ‬ويتضمن‭ ‬ذلك‭ ‬حسن‭ ‬استخدام‭ ‬أجهزة‭ ‬مخابرات‭ ‬الدولة‭ ‬والسعي‭ ‬للتأكد‭ ‬من‭ ‬تمتع‭ ‬المؤسسات‭ ‬الحكومية‭ ‬بالقوة‭ ‬الكافية‭ ‬لمساعدة‭ ‬المواطنين‭ ‬على‭ ‬الصمود‭ ‬وتوفير‭ ‬الفرص‭ ‬الاقتصادية‭ ‬لهم‭.‬

ويرى‭ ‬أنَّ‭ ‬الحكومة‭ ‬الموزمبيقية‭ ‬إذا‭ ‬اتخذت‭ ‬هذا‭ ‬النهج‭ ‬الحريص‭ ‬على‭ ‬التعاون‭ ‬منذ‭ ‬البداية،‭ ‬فلربما‭ ‬تمكنت‭ ‬من‭ ‬منع‭ ‬المتمردين‭ ‬من‭ ‬ترسيخ‭ ‬أقدامهم‭ ‬بهذه‭ ‬القوة‭ ‬في‭ ‬ربوع‭ ‬المنطقة‭ ‬وتسببهم‭ ‬في‭ ‬نزوح‭ ‬أعداد‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬المواطنين‭ ‬وجملة‭ ‬من‭ ‬المشكلات‭ ‬الأخرى‭.‬

أجرى‭ ‬فوركيلها‭ ‬استبيانات‭ ‬وأبحاثاً‭ ‬في‭ ‬المناطق‭ ‬المتضرِّرة‭ ‬من‭ ‬كابو‭ ‬ديلجادو،‭ ‬وكان‭ ‬يتواجد‭ ‬بها‭ ‬في‭ ‬كانون‭ ‬الثاني‭/‬يناير‭ ‬2022،‭ ‬وتحدث‭ ‬مع‭ ‬الأهالي‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬وميناء‭ ‬بيمبا‭ ‬عاصمة‭ ‬المحافظة‭. ‬وذكر‭ ‬أنَّ‭ ‬الأهالي‭ ‬أخبروه‭ ‬بأنهم‭ ‬“ما‭ ‬زالوا‭ ‬يتعرَّضون‭ ‬لهجمات‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬المواقع”،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬وجود‭ ‬قوات‭ ‬مسلحة‭ ‬متعددة‭ ‬الجنسيات؛‭ ‬إذ‭ ‬تعمل‭ ‬مجموعات‭ ‬صغيرة‭ ‬من‭ ‬المتمردين‭ ‬الآن‭ ‬على‭ ‬استهداف‭ ‬قرىً‭ ‬صغيرة‭ ‬للهجوم‭ ‬عليها،‭ ‬وستجد‭ ‬القوات‭ ‬المسلحة‭ ‬صعوبة‭ ‬بالغة‭ ‬وستستغرق‭ ‬وقتاً‭ ‬أطول‭ ‬لقتالهم،‭ ‬وقال‭ ‬إنَّ‭ ‬القوات‭ ‬المسلحة‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬تحسين‭ ‬الوضع‭ ‬الأمني‭ ‬“لكنها‭ ‬لن‭ ‬تقضي‭ ‬على‭ ‬التمرد‭ ‬نفسه‭.‬”

أحد عناصر الجيش الرواندي، جزء من 1,000 فرد من قوات الجيش والشرطة، يتولى مهام الحراسة بالقرب من بالما في كابو ديلجادو في أيلول/سبتمبر 2021.

لجأت‭ ‬موزمبيق‭ ‬قبل‭ ‬تدخل‭ ‬القوات‭ ‬الرواندية‭ ‬وقوات‭ ‬بعثة‭ ‬مجموعة‭ ‬تنمية‭ ‬الجنوب‭ ‬الإفريقي‭ ‬إلى‭ ‬الشركات‭ ‬العسكرية‭ ‬الخاصة‭: ‬مجموعة‭ ‬فاغنر‭ ‬الروسية‭ ‬الشهيرة‭ ‬بأفعالها‭ ‬النكراء‭ ‬أولاً،‭ ‬ثمَّ‭ ‬مجموعة‭ ‬دايك‭ ‬الاستشارية‭ ‬التي‭ ‬يوجد‭ ‬مقرها‭ ‬بجنوب‭ ‬إفريقيا‭. ‬ورحلت‭ ‬قوات‭ ‬فاغنر‭ ‬بعد‭ ‬تكبدها‭ ‬خسائر‭ ‬فادحة،‭ ‬ورحلت‭ ‬دايك‭ ‬بعد‭ ‬انتهاء‭ ‬عقدها‭ ‬في‭ ‬مطلع‭ ‬عام‭ ‬2021‭. ‬اتفق‭ ‬المشاركون‭ ‬في‭ ‬الندوة‭ ‬الإلكترونية‭ ‬على‭ ‬أنَّ‭ ‬التدخل‭ ‬العسكري‭ ‬وحده‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬المحتمل‭ ‬أن‭ ‬يقضي‭ ‬على‭ ‬تمرد‭ ‬موزمبيق‭.‬

فقد‭ ‬عقد‭ ‬السيد‭ ‬إدريس‭ ‬لالالي،‭ ‬رئيس‭ ‬وحدة‭ ‬التنبيه‭ ‬والوقاية‭ ‬بالمركز‭ ‬الإفريقي‭ ‬للدراسات‭ ‬والبحوث‭ ‬حول‭ ‬الإرهاب،‭ ‬مقارنة‭ ‬بين‭ ‬موزمبيق‭ ‬وما‭ ‬يحدث‭ ‬في‭ ‬مالي‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬2012‭. ‬فيجب‭ ‬على‭ ‬موزمبيق‭ ‬“إعادة‭ ‬تأسيس‭ ‬وجود‭ ‬الدولة”‭ ‬وبناء‭ ‬جسور‭ ‬الثقة‭ ‬بين‭ ‬الدولة‭ ‬وقطاع‭ ‬الأمن‭ ‬والشعب‭ ‬اللذين‭ ‬يخدمانه‭.‬

وقال‭ ‬لالالي‭ ‬للمشاركين‭ ‬في‭ ‬الندوة‭: ‬“إذا‭ ‬تقاعستم‭ ‬عن‭ ‬تنمية‭ ‬أجزاء‭ ‬معينة‭ ‬من‭ ‬بلدكم،‭ ‬فستنهار‭ ‬وتطاردكم‭ ‬في‭ ‬مرحلة‭ ‬أو‭ ‬أخرى؛‭ ‬وأعتقد‭ ‬أنَّ‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬في‭ ‬مالي‭ ‬يحدث‭ ‬الآن‭ ‬في‭ ‬موزمبيق‭.‬”

وقال‭ ‬فوركيلها‭ ‬إنَّ‭ ‬موزمبيق‭ ‬سيتعين‭ ‬عليها‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المرحلة‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬التفاعلات‭ ‬الداخلية‭ ‬مع‭ ‬توجيه‭ ‬الجهود‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬التي‭ ‬تعالج‭ ‬الفقر‭ ‬ونقص‭ ‬فرص‭ ‬العمل،‭ ‬ومن‭ ‬شأن‭ ‬ذلك‭ ‬إحراز‭ ‬تقدم‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬توفير‭ ‬فرص‭ ‬للشباب‭ ‬فلا‭ ‬يتمكن‭ ‬المتطرفون‭ ‬من‭ ‬تجنيدهم،‭ ‬كما‭ ‬يجب‭ ‬إيصال‭ ‬هذه‭ ‬الجهود‭ ‬إلى‭ ‬المحافظات‭ ‬المجاورة‭ ‬مثل‭ ‬نامبولا‭ ‬ونياسا‭ ‬وزامبيزيا‭ ‬التي‭ ‬تعاني‭ ‬من‭ ‬ظروف‭ ‬مماثلة‭.‬

يؤكد‭ ‬البعد‭ ‬الخارجي‭ ‬لعلاقات‭ ‬أنصار‭ ‬السنة‭ ‬بالتنظيمات‭ ‬الإرهابية‭ ‬الدولية‭ ‬كداعش‭ ‬وشبكات‭ ‬شرق‭ ‬إفريقيا‭ ‬على‭ ‬ضرورة‭ ‬التعاون‭ ‬مع‭ ‬البلدان‭ ‬الأخرى‭. ‬وذكر‭ ‬فوركيلها‭ ‬أنَّ‭ ‬تنظيم‭ ‬داعش‭ ‬بدأ‭ ‬في‭ ‬إعلان‭ ‬مسؤوليته‭ ‬عن‭ ‬هجمات‭ ‬شنها‭ ‬المتمردون‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2019‭: ‬“فالعلاقة‭ ‬موجودة‭ ‬إذن،‭ ‬ولا‭ ‬يسعنا‭ ‬إنكارها‭.‬”

ويقول‭: ‬“لا‭ ‬أعتقد‭ ‬أنَّ‭ ‬دولة‭ ‬بمفردها‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬مكافحة‭ ‬الإرهاب‭ ‬والتشدد‭ ‬الإسلامي،‭ ‬أو‭ ‬أياً‭ ‬ما‭ ‬كان،‭ ‬دون‭ ‬تعاونها‭ ‬مع‭ ‬بلدان‭ ‬أخرى،‭ ‬مع‭ ‬دول‭ ‬أخرى،‭ ‬مع‭ ‬أمم‭ ‬أخرى؛‭ ‬لأنه‭ ‬بات‭ ‬ضرباً‭ ‬من‭ ‬الظواهر‭ ‬العالمية،‭ ‬والتهديدات‭ ‬العالمية،‭ ‬ولا‭ ‬بدَّ‭ ‬من‭ ‬التعامل‭ ‬معه‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬النحو‭. ‬ولذا‭ ‬ينبغي‭ ‬أخذ‭ ‬عنصر‭ ‬التعاون‭ ‬بعين‭ ‬الاعتبار‭ ‬لما‭ ‬له‭ ‬من‭ ‬أهمية‭ ‬بالغة‭.‬”‭  ‬q

التعليقات مغلقة.