Africa Defense Forum
Africa Defense Forum

فرق حارسات الغابات تحطم الصور النمطية

المرأة أثبتت لمجتمعها أنها على قدر المساواة مع الرجل

أسرة‭ ‬منبر‭ ‬الدفاع‭ ‬الإفريقي

جرى العرف‭ ‬على‭ ‬أنَّ‭ ‬الاشتغال‭ ‬في‭ ‬حراسة‭ ‬الحياة‭ ‬البرية‭ ‬من‭ ‬الأعمال‭ ‬المقتصرة‭ ‬على‭ ‬الرجال‭ ‬دون‭ ‬غيرهم‭ ‬في‭ ‬البلدان‭ ‬الواقعة‭ ‬جنوبي‭ ‬القارة‭ ‬السمراء؛‭ ‬ولذا‭ ‬عندما‭ ‬شكَّلت‭ ‬المؤسسة‭ ‬الدولية‭ ‬لمكافحة‭ ‬الصيد‭ ‬الجائر‭ ‬غير‭ ‬الربحية‭ ‬فريق‭ ‬حارسات‭ ‬‮«‬الأكاشينجا‮»‬‭ ‬في‭ ‬زيمبابوي‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2017،‭ ‬قوبل‭ ‬هذا‭ ‬الفريق‭ ‬بعين‭ ‬الشك‭ ‬والريبة‭. ‬

تدير‭ ‬المؤسسة‭ ‬منطقة‭ ‬فوندوندو‭ ‬للحياة‭ ‬البرية‭ ‬في‭ ‬زيمبابوي،‭ ‬وهي‭ ‬منطقة‭ ‬تبلغ‭ ‬مساحتها‭ ‬30‭,‬000‭ ‬هكتار‭ [‬نحو‭ ‬70‭,‬000‭ ‬كيلومتر‭] ‬كانت‭ ‬تستخدم‭ ‬في‭ ‬السابق‭ ‬للصيد‭ ‬الترفيهي،‭ ‬وهي‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬النظام‭ ‬البيئي‭ ‬لوادي‭ ‬زامبيزي‭ ‬الذي‭ ‬فقد‭ ‬آلاف‭ ‬الأفيال‭ ‬على‭ ‬أيدي‭ ‬الصيَّادين‭ ‬الجائرين‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬الـ‭ ‬20‭ ‬عاماً‭ ‬الماضية،‭ ‬ويعيش‭ ‬في‭ ‬زيمبابوي‭ ‬نحو‭ ‬85‭,‬000‭ ‬فيل‭.‬

وذكرت‭ ‬مجلة‭ ‬‮«‬ناشيونال‭ ‬جيوغرافيك‮»‬‭ ‬أنَّ‭ ‬فريق‭ ‬‮«‬الأكاشينجا‮»‬،‭ ‬وتعني‭ ‬هذه‭ ‬الكلمة‭ ‬“الباسلات”‭ ‬بلغة‭ ‬الشونا،‭ ‬يعمل‭ ‬على‭ ‬تأمين‭ ‬منطقة‭ ‬فوندوندو‭ ‬التي‭ ‬تحد‭ ‬29‭ ‬مجتمعاً‭ ‬محلياً‭. ‬

وقد‭ ‬كان‭ ‬تعيين‭ ‬حارسات‭ ‬فكرة‭ ‬الأسترالي‭ ‬داميان‭ ‬ماندر‭ ‬الذي‭ ‬عكف‭ ‬على‭ ‬تدريب‭ ‬حراس‭ ‬الغابات‭ ‬في‭ ‬زيمبابوي‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬سنوات،‭ ‬إذ‭ ‬خلص‭ ‬إلى‭ ‬أنَّ‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬الحيوانات‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يتحقق‭ ‬دون‭ ‬دعم‭ ‬المجتمعات‭ ‬المحلية،‭ ‬وذكر‭ ‬أنَّ‭ ‬الحرَّاس‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يكونوا‭ ‬من‭ ‬السكان‭ ‬المحليين‭.‬

كما‭ ‬يعتقد‭ ‬ماندر‭ ‬أنَّ‭ ‬النساء‭ ‬يتمتعن‭ ‬بمهارات‭ ‬فريدة‭ ‬من‭ ‬شأنها‭ ‬جعلهن‭ ‬يتفوقن‭ ‬في‭ ‬حراسة‭ ‬الغابات،‭ ‬منها‭ ‬إحلال‭ ‬السلام،‭ ‬وهي‭ ‬مهارة‭ ‬لا‭ ‬مندوحة‭ ‬عنها‭ ‬للحيلولة‭ ‬دون‭ ‬تصاعد‭ ‬المواقف‭ ‬التي‭ ‬يسودها‭ ‬العنف‭. ‬وقال‭ ‬ماندر‭ ‬لمجلة‭ ‬‮«‬ناشيونال‭ ‬جيوغرافيك‮»‬‭ ‬أنه‭ ‬بحث‭ ‬عن‭ ‬النساء‭ ‬اللائي‭ ‬عانين‭ ‬من‭ ‬الصدمات‭ ‬النفسية،‭ ‬على‭ ‬اعتبار‭ ‬أنَّ‭ ‬هؤلاء‭ ‬النساء‭ ‬سيكونن‭ ‬أكثر‭ ‬رفقاً‭ ‬بالحيوانات‭ ‬التي‭ ‬يجري‭ ‬استغلالها‭ ‬وأكثر‭ ‬حرصاً‭ ‬على‭ ‬حمايتها،‭ ‬ومن‭ ‬النساء‭ ‬اللائي‭ ‬جندهن‭ ‬ضحايا‭ ‬العنف‭ ‬الأسرى‭ ‬والاعتداء‭ ‬الجنسي‭ ‬ويتيمات‭ ‬الإيدز‭ ‬والنساء‭ ‬اللائي‭ ‬تخلَّى‭ ‬عنهن‭ ‬أزواجهن‭.‬

عضوات «فريق إناث الأسود» يتابعن أعمال المراقبة خلال استراحتهن في محمية أولجولولوي. رويترز

وتوافر‭ ‬على‭ ‬اختيار‭ ‬فريقه‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬إخضاع‭ ‬النساء‭ ‬لتمارين‭ ‬رياضية‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬ثلاثة‭ ‬أيام‭ ‬مع‭ ‬تحملهن‭ ‬لظروف‭ ‬بدنية‭ ‬قاسية،‭ ‬وتدربن‭ ‬خلال‭ ‬الأوقات‭ ‬التي‭ ‬كنَّ‭ ‬يشعرن‭ ‬فيها‭ ‬بالجوع‭ ‬والإرهاق،‭ ‬وبدأ‭ ‬بعدد‭ ‬37‭ ‬مجندة،‭ ‬اختار‭ ‬منهن‭ ‬16‭ ‬لتدريبهن‭ ‬على‭ ‬حراسة‭ ‬الغابات؛‭ ‬ثمَّ‭ ‬انسحبت‭ ‬ثلاثة‭ ‬منهن‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬المطاف،‭ ‬وتدربت‭ ‬النساء‭ ‬على‭ ‬فنون‭ ‬القتال‭ ‬بالأيدي‭ ‬وتعلمن‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬بالبنادق‭.‬

وعندما‭ ‬كان‭ ‬يعمل‭ ‬على‭ ‬تدريب‭ ‬الرجال‭ ‬في‭ ‬ظروف‭ ‬مماثلة،‭ ‬كان‭ ‬جميعهم‭ ‬تقريباً‭ ‬ينسحبون‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬اليوم‭ ‬الأول،‭ ‬وتبيَّن‭ ‬له‭ ‬أنَّ‭ ‬النساء‭ ‬يفقن‭ ‬الرجال‭ ‬صلابةً‭ ‬وعزماً‭.‬

وتتسم‭ ‬حارسات‭ ‬‮«‬الأكاشينجا‮»‬‭ ‬خلال‭ ‬العمل‭ ‬بأنهن‭ ‬نباتيات‭ ‬من‭ ‬الدرجة‭ ‬الأولى،‭ ‬احتراماً‭ ‬منهن‭ ‬للحيوانات‭ ‬التي‭ ‬يعملن‭ ‬على‭ ‬حمايتها‭.‬

وينمن‭ ‬في‭ ‬خيام‭ ‬في‭ ‬الغابات،‭ ‬ويعكفن‭ ‬على‭ ‬التدرب‭ ‬والممارسة‭ ‬عندما‭ ‬لا‭ ‬يكونن‭ ‬في‭ ‬دوريات‭ ‬ومداهمات‭. ‬وتتمثل‭ ‬مهمتهن‭ ‬خلال‭ ‬الدوريات‭ ‬في‭ ‬حماية‭ ‬الفيلة‭ ‬ووحيد‭ ‬القرن‭ ‬والأسود‭ ‬من‭ ‬البنادق‭ ‬والفخاخ‭ ‬وسموم‭ ‬الحيوانات‭.‬

وقد‭ ‬انضمت‭ ‬إحدى‭ ‬هؤلاء‭ ‬النساء،‭ ‬وهي‭ ‬السيدة‭ ‬بترونيلا‭ ‬تشيجومبورا،‭ ‬إلى‭ ‬فريق‭ ‬‮«‬الأكاشينجا‮»‬‭ ‬بعد‭ ‬طلاقها‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2016،‭ ‬وتكافح‭ ‬منذ‭ ‬ذلك‭ ‬الحين‭ ‬لكي‭ ‬تعول‭ ‬طفليها،‭ ‬وأمست‭ ‬الآن‭ ‬مساعد‭ ‬رقيب‭ ‬معلم‭.‬

وقالت‭ ‬لموقع‭ ‬‮«‬أل‭.‬كوم‮»‬‭: ‬“بما‭ ‬أنني‭ ‬امرأة،‭ ‬فقد‭ ‬كنت‭ ‬أركز‭ ‬على‭ ‬استخدام‭ ‬فريق‭ ‬‮«‬الأكاشينجا‮»‬‭ ‬كأداة‭ ‬لخوض‭ ‬معركتي‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تحسين‭ ‬مستوى‭ ‬حياتي،‭ ‬وصار‭ ‬بإمكاني‭ ‬الآن‭ ‬إطعام‭ ‬طفليْ‭ ‬ودفع‭ ‬رسومهما‭ ‬المدرسية،‭ ‬واستخرجت‭ ‬رخصة‭ ‬قيادة،‭ ‬وهذا‭ ‬إنجاز‭ ‬كبير‭ ‬للمرأة‭ ‬في‭ ‬إفريقيا،‭ ‬كما‭ ‬أبني‭ ‬منزلاً‭ ‬كبيراً‭ ‬لطفليْ،‭ ‬وأشعر‭ ‬الآن‭ ‬بالفخر‭ ‬بامتلاك‭ ‬مستقبلي‭.‬”

يعتبر‭ ‬هذا‭ ‬التصرف‭ ‬الذي‭ ‬يضع‭ ‬الأسرة‭ ‬في‭ ‬المقام‭ ‬الأول‭ ‬سبباً‭ ‬آخر‭ ‬من‭ ‬الأسباب‭ ‬التي‭ ‬ساعدت‭ ‬النساء‭ ‬على‭ ‬النجاح‭ ‬في‭ ‬حراسة‭ ‬الغابات،‭ ‬إذ‭ ‬أظهرت‭ ‬الدراسات‭ ‬أنَّ‭ ‬المرأة‭ ‬العاملة‭ ‬في‭ ‬البلدان‭ ‬النامية‭ ‬تستثمر‭ ‬نسبة‭ ‬90٪‭ ‬من‭ ‬دخلها‭ ‬في‭ ‬أسرتها،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أنَّ‭ ‬الرجل‭ ‬لا‭ ‬يترك‭ ‬لأسرته‭ ‬إلَّا‭ ‬نسبة‭ ‬35٪‭ ‬من‭ ‬دخله‭.‬

‭ ‬وقالت‭ ‬الحارسة‭ ‬نيارادزو‭ ‬أوكسيليا‭ ‬هوتو‭ ‬لموقع‭ ‬‮«‬أل‭.‬كوم‮»‬‭: ‬“كان‭ ‬العرف‭ ‬السائد‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬أنَّ‭ ‬يشتغل‭ ‬الرجال‭ ‬دائماً‭ ‬في‭ ‬حراسة‭ ‬الغابات،‭ ‬ولكن‭ ‬بعد‭ ‬ظهور‭ ‬برنامج‭ ‬‮«‬الأكاشينجا‮»‬،‭ ‬أردت‭ ‬أن‭ ‬أثبت‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬عملاً‭ ‬مخصصاً‭ ‬للرجال‭ ‬دون‭ ‬سواهم،‭ ‬ولم‭ ‬يصدق‭ ‬مجتمعي‭ ‬في‭ ‬البداية‭ ‬أنه‭ ‬بوسع‭ ‬المرأة‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬حارسة،‭ ‬إلَّا‭ ‬أنَّ‭ ‬المرأة‭ ‬لا‭ ‬تعرف‭ ‬المستحيل‭ ‬ويمكنها‭ ‬كذلك‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬حارسة‭ ‬للغابات‭.‬”

وهكذا‭ ‬نجحت‭ ‬النساء‭ ‬في‭ ‬القيام‭ ‬بأكثر‭ ‬من‭ ‬200‭ ‬عملية‭ ‬اعتقال‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬الثلاث‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬العمل،‭ ‬ممَّا‭ ‬ساهم‭ ‬في‭ ‬تقليل‭ ‬الصيد‭ ‬الجائر‭ ‬للأفيال‭ ‬بنسبة‭ ‬80٪‭ ‬في‭ ‬وادي‭ ‬زامبيزي‭ ‬السفلى‭ ‬والأوسط‭ ‬في‭ ‬زيمبابوي‭. ‬ويأمل‭ ‬ماندر‭ ‬في‭ ‬تنفيذ‭ ‬برنامج‭ ‬أكبر‭ ‬للنساء‭ ‬إذا‭ ‬لم‭ ‬تحل‭ ‬جائحة‭ ‬فيروس‭ ‬كورونا‭ ‬‭(‬كوفيد19‭-) ‬دون‭ ‬ذلك‭. ‬إذ‭ ‬قال‭ ‬لموقع‭ ‬‮«‬ماي‭ ‬مودرن‭ ‬ميت‮»‬‭: ‬“انطلق‭ ‬المفهوم‭ ‬الآن،‭ ‬ونحن‭ ‬في‭ ‬طور‭ ‬تدريب‭ ‬240‭ ‬سيدة‭ ‬أخرى‭ ‬على‭ ‬وظائف‭ ‬بدوام‭ ‬كامل‭ ‬فيما‭ ‬نطمح‭ ‬إلى‭ ‬تعيين‭ ‬1‭,‬000‭ ‬حارسة‭ ‬لتأمين‭ ‬20‭ ‬متنزهاً‭ ‬بحلول‭ ‬عام‭ ‬2025‭.‬”

فريق‭ ‬إناث‭ ‬الأسود

يعمل‭ ‬فريق‭ ‬مماثل‭ ‬على‭ ‬تأمين‭ ‬حديقة‭ ‬أمبوسيلي‭ ‬الوطنية‭ ‬في‭ ‬كينيا‭ ‬التي‭ ‬تبلغ‭ ‬مساحتها‭ ‬147‭,‬000‭ ‬هكتار‭ [‬نحو‭ ‬350‭,‬000‭ ‬كيلومتر‭]. ‬ويتألف‭ ‬‮«‬فريق‭ ‬إناث‭ ‬الأسود‮»‬‭ ‬من‭ ‬ثماني‭ ‬حارسات‭ ‬برعاية‭ ‬الصندوق‭ ‬الدولي‭ ‬للرفق‭ ‬بالحيوان،‭ ‬وتعد‭ ‬وحدة‭ ‬الدورية‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬مجموعة‭ ‬أكبر‭ ‬تتألف‭ ‬من‭ ‬76‭ ‬حارسة،‭ ‬جميعهن‭ ‬من‭ ‬مجتمع‭ ‬الماساي‭ ‬المحلي‭. ‬وتتمثل‭ ‬مهمتهن‭ ‬في‭ ‬التصدِّي‭ ‬للصيد‭ ‬الجائر‭ ‬والاتِّجار‭ ‬بلحوم‭ ‬الطرائد‭ ‬والحيلولة‭ ‬دون‭ ‬الصراع‭ ‬بين‭ ‬الإنسان‭ ‬والحياة‭ ‬البرية‭.‬

عضوات «فريق إناث الأسود» يقمن بدورية أمنية في شاحنتهن الصغيرة في محمية أولجولولوي في أمبوسيلي بكينيا. رويترز

وقد‭ ‬تسببت‭ ‬جائحة‭ ‬كورونا‭ ‬في‭ ‬شل‭ ‬حركة‭ ‬السياحة‭ ‬في‭ ‬أرجاء‭ ‬إفريقيا‭ ‬ومعاناة‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬برامج‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬الحياة‭ ‬البرية‭ ‬التي‭ ‬تمولها‭ ‬جهات‭ ‬مانحة‭ ‬للحفاظ‭ ‬على‭ ‬استمراريها‭. ‬وعلى‭ ‬إثر‭ ‬ذلك‭ ‬فقد‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الحراس‭ ‬وظائفهم،‭ ‬ممَّا‭ ‬تسبب‭ ‬في‭ ‬الضغط‭ ‬على‭ ‬‮«‬فريق‭ ‬إناث‭ ‬الأسود‮»‬‭ ‬والحرَّاس‭ ‬الآخرين‭ ‬من‭ ‬أبناء‭ ‬المجتمع؛‭ ‬إذ‭ ‬بات‭ ‬عليهم‭ ‬جميعاً‭ ‬تأمين‭ ‬مناطق‭ ‬أكبر‭. ‬وترتب‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬ارتفاع‭ ‬مستويات‭ ‬الصيد‭ ‬الجائر،‭ ‬سواء‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬جني‭ ‬الربح‭ ‬أو‭ ‬كوسيلة‭ ‬لتوفير‭ ‬الطعام‭.‬

وقد‭ ‬أفادت‭ ‬شبكة‭ ‬‮«‬سي‭ ‬إن‭ ‬إن‮»‬‭ ‬الإخبارية‭ ‬أنَّ‭ ‬‮«‬فريق‭ ‬إناث‭ ‬الأسود‮»‬‭ ‬تشكَّل‭ ‬في‭ ‬مطلع‭ ‬عام‭ ‬2019‭ ‬بعدما‭ ‬تحدت‭ ‬السيدة‭ ‬كيرويان‭ ‬كاتامبوي،‭ ‬الشهيرة‭ ‬باسم‭ ‬‮«‬ماما‭ ‬إستر‮»‬،‭ ‬زعيمة‭ ‬مجتمع‭ ‬الماساي‭ ‬المحلي،‭ ‬الصندوق‭ ‬الدولي‭ ‬للرفق‭ ‬بالحيوان‭ ‬بتعيين‭ ‬سيدات‭ ‬من‭ ‬المجتمع‭ ‬للاشتغال‭ ‬في‭ ‬حراسة‭ ‬الغابات‭. ‬وقد‭ ‬جرى‭ ‬العرف‭ ‬على‭ ‬استبعاد‭ ‬المرأة‭ ‬من‭ ‬الأدوار‭ ‬القيادية‭ ‬وصنع‭ ‬القرار؛‭ ‬لأنَّ‭ ‬مجتمعات‭ ‬الماساي‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬مجتمعات‭ ‬ذكورية‭.‬

وعلى‭ ‬النقيض‭ ‬من‭ ‬إدارة‭ ‬الحياة‭ ‬البرية‭ ‬في‭ ‬كينيا،‭ ‬التي‭ ‬تعمل‭ ‬أيضاً‭ ‬على‭ ‬تأمين‭ ‬الحديقة،‭ ‬فإنَّ‭ ‬‮«‬فريق‭ ‬إناث‭ ‬الأسود‮»‬‭ ‬غير‭ ‬مسلح،‭ ‬إذ‭ ‬يتعيَّن‭ ‬على‭ ‬عضوات‭ ‬الفريق‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬تدريبهن‭ ‬عند‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬الحيوانات‭ ‬الخطرة‭ ‬ومهاراتهن‭ ‬على‭ ‬التفاوض‭ ‬عند‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬العناصر‭ ‬العنيفة،‭ ‬ويمكنهن‭ ‬استدعاء‭ ‬الدعم‭ ‬من‭ ‬إدارة‭ ‬الحياة‭ ‬البرية‭ ‬إذا‭ ‬خرجت‭ ‬الأمور‭ ‬عن‭ ‬سيطرتهن‭.‬

وفي‭ ‬أثناء‭ ‬قيامهن‭ ‬بالدورية‭ ‬الأمنية،‭ ‬يلاحظن‭ ‬مواقع‭ ‬وأنشطة‭ ‬الحياة‭ ‬البرية‭ ‬ويتحدثن‭ ‬مع‭ ‬أفراد‭ ‬المجتمع‭ ‬المحلي‭ ‬للتعرف‭ ‬على‭ ‬أي‭ ‬نشاط‭ ‬غير‭ ‬طبيعي،‭ ‬ويبحثن‭ ‬عن‭ ‬الفخاخ‭ ‬والمصائد‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬علامات‭ ‬الصيد‭ ‬الجائر‭ ‬ويأخذن‭ ‬إحداثيات‭ ‬المكان،‭ ‬ويهرعن‭ ‬لمساعدة‭ ‬الحيوانات‭ ‬التي‭ ‬تقع‭ ‬في‭ ‬محنة‭ ‬عندما‭ ‬تقتضي‭ ‬الضرورة‭ ‬ذلك‭. ‬

ويقتضي‭ ‬نموذج‭ ‬الدورية‭ ‬الأمنية‭ ‬أن‭ ‬يقطع‭ ‬الفريق‭ ‬20‭ ‬كيلومتراً‭ ‬لزيارة‭ ‬مجتمع‭ ‬محلي،‭ ‬وليس‭ ‬من‭ ‬الغريب‭ ‬أن‭ ‬تتسلق‭ ‬عضوات‭ ‬الفريق‭ ‬الأشجار‭ ‬فراراً‭ ‬من‭ ‬الحيوانات‭ ‬العدوانية‭.‬

المجندات الجدد يخضعن لعملية الاختيار للانضمام لبرنامج «حارسات الأكاشينجا» التدريبي في فوندوندو بزمبابوي. وكالة الأنباء الفرنسية / صور غيتي

وتحمل‭ ‬عضوات‭ ‬‮«‬فريق‭ ‬إناث‭ ‬الأسود‮»‬‭ ‬الثماني‭ ‬ما‭ ‬يعادل‭ ‬شهادة‭ ‬الثانوية‭ ‬العامة،‭ ‬ويُطلق‭ ‬على‭ ‬النهج‭ ‬الذي‭ ‬يتبناه‭ ‬الصندوق‭ ‬الدولي‭ ‬للرفق‭ ‬بالحيوان‭ ‬لتأمين‭ ‬الحياة‭ ‬البرية‭ ‬اسم‭ ‬‮«‬تن‭ ‬بوما‮»‬‭ ‬تيمناً‭ ‬بمثل‭ ‬شائع‭ ‬في‭ ‬شرق‭ ‬إفريقيا‭ ‬يقول‭ ‬إنَّ‭ ‬المجتمع‭ ‬ينعم‭ ‬بقدر‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬الأمان‭ ‬حين‭ ‬تسهر‭ ‬10‭ ‬منازل‭ ‬على‭ ‬حماية‭ ‬بعضها‭ ‬البعض‭. ‬ويتعاون‭ ‬الصندوق‭ ‬مع‭ ‬فرق‭ ‬حراسة‭ ‬الغابات‭ ‬وأفراد‭ ‬المجتمع‭ ‬والإنتربول‭ ‬والمنظمات‭ ‬غير‭ ‬الحكومية‭ ‬الأخرى‭ ‬لجمع‭ ‬البيانات‭ ‬والمعلومات‭ ‬المحلية‭ ‬وتحليلها،‭ ‬وتتصف‭ ‬عضوات‭ ‬‮«‬فريق‭ ‬إناث‭ ‬الأسود‮»‬‭ ‬بمهارتهن‭ ‬الفائقة‭ ‬في‭ ‬كتابة‭ ‬التقارير‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬غنىً‭ ‬عنها‭ ‬لنهج‭ ‬‮«‬تن‭ ‬بوما‮»‬‭.‬

وقد‭ ‬اُختيرت‭ ‬امرأة‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬عشيرة‭ ‬من‭ ‬الثماني‭ ‬عشائر‭ ‬التي‭ ‬يتشكل‭ ‬منها‭ ‬المجتمع‭ ‬عند‭ ‬تشكيل‭ ‬الفريق‭. ‬وقد‭ ‬كانت‭ ‬تساورهن‭ ‬بعض‭ ‬الشكوك‭.‬

إذ‭ ‬قالت‭ ‬الحارسة‭ ‬شارون‭ ‬نانكيني‭ ‬لشبكة‭ ‬‮«‬سي‭ ‬إن‭ ‬إن‮»‬‭: ‬“كنت‭ ‬أظن‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬أنني‭ ‬لن‭ ‬أفلح‭ ‬في‭ ‬ذلك،‭ ‬لكننا‭ ‬أصبحنا‭ ‬سيدات‭ ‬قويات‭ ‬للغاية‭ ‬بعد‭ ‬التدريب،‭ ‬وأثبتنا‭ ‬للمجتمع‭ ‬أنه‭ ‬بوسع‭ ‬المرأة‭ ‬التفوق‭ ‬على‭ ‬الرجل‭ ‬فيما‭ ‬يمكنه‭ ‬القيام‭ ‬به‭.‬”

ومن‭ ‬المعتاد‭ ‬أنَّ‭ ‬تعمل‭ ‬حارسات‭ ‬‮«‬فريق‭ ‬إناث‭ ‬الأسود‮»‬‭ ‬لمدة‭ ‬ثلاثة‭ ‬أسابيع،‭ ‬يتناوبن‭ ‬خلالها‭ ‬على‭ ‬المعسكرات‭ ‬الستة‭ ‬بالحديقة‭ ‬والوحدة‭ ‬المتنقلة،‭ ‬ويأخذن‭ ‬إجازة‭ ‬لمدة‭ ‬أسبوع‭ ‬واحد‭. ‬ويبدأ‭ ‬يوم‭ ‬العمل‭ ‬الساعة‭ ‬5‭ ‬صباحاً‭ ‬بتلقين‭ ‬أمني‭ ‬ودورية‭ ‬صباحية،‭ ‬تستغرق‭ ‬حوالي‭ ‬أربع‭ ‬ساعات،‭ ‬في‭ ‬مجموعات‭ ‬مختلطة،‭ ‬ويقضين‭ ‬بقية‭ ‬اليوم‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭ ‬في‭ ‬قاعدة‭ ‬تأهباً‭ ‬لاستدعائهن‭ ‬في‭ ‬حالات‭ ‬الطوارئ‭. ‬وبخلاف‭ ‬وجود‭ ‬أماكن‭ ‬منفصلة‭ ‬لهن‭ ‬للنوم‭ ‬والاستحمام،‭ ‬فإنَّ‭ ‬عضوات‭ ‬‮«‬فريق‭ ‬إناث‭ ‬الأسود‮»‬‭ ‬يقمن‭ ‬بنفس‭ ‬الأعمال‭ ‬التي‭ ‬يقوم‭ ‬بها‭ ‬نظرائهن‭ ‬من‭ ‬الذكور‭ ‬البالغ‭ ‬عددهم‭ ‬68‭ ‬حارساً‭.‬

وفي‭ ‬ظل‭ ‬الحظر‭ ‬العام‭ ‬جرَّاء‭ ‬فيروس‭ ‬كورونا،‭ ‬قلت‭ ‬زيارتهن‭ ‬لأسرهن؛‭ ‬إذ‭ ‬ظللن‭ ‬يعملن‭ ‬أربعة‭ ‬أشهر‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬ما‭ ‬دون‭ ‬إجازة،‭ ‬وخلال‭ ‬أسبوع‭ ‬واحد‭ ‬عندما‭ ‬بدت‭ ‬أنشطة‭ ‬الصيد‭ ‬الجائر‭ ‬أشد‭ ‬خطراً،‭ ‬اضطر‭ ‬‮«‬فريق‭ ‬إناث‭ ‬الأسود‮»‬‭ ‬إلى‭ ‬زيادة‭ ‬الدوريات‭ ‬إلى‭ ‬ثلاث‭ ‬دوريات‭ ‬في‭ ‬اليوم،‭ ‬وغطت‭ ‬الحارسات‭ ‬معاً‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬56‭ ‬كيلومتراً‭ ‬سيراً‭ ‬على‭ ‬أقدامهن،‭ ‬وانقطع‭ ‬التواصل‭ ‬مع‭ ‬أهالي‭ ‬القرى‭ ‬لبعض‭ ‬الوقت‭.‬

كما‭ ‬تسبب‭ ‬الحظر‭ ‬العام‭ ‬في‭ ‬مشكلات‭ ‬أخرى،‭ ‬إذ‭ ‬قالت‭ ‬إحدى‭ ‬عضوات‭ ‬الفريق‭ ‬لصحيفة‭ ‬‮«‬الجارديان‮»‬‭: ‬“يجلس‭ ‬الناس‭ ‬بلا‭ ‬عمل‭ ‬في‭ ‬منازلهم؛‭ ‬لأنهم‭ ‬لا‭ ‬يجدون‭ ‬فرصة‭ ‬عمل‭ ‬لهم،‭ ‬وهكذا‭ ‬قد‭ ‬ينخرطون‭ ‬في‭ ‬الصيد‭ ‬الجائر‭ ‬ليجدوا‭ ‬ما‭ ‬يسدون‭ ‬به‭ ‬جوعهم،‭ ‬وربما‭ ‬يبيعون‭ ‬لحوم‭ ‬الطرائد‭ ‬حتى‭ ‬يتمكنوا‭ ‬من‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬المال‭ ‬لشراء‭ ‬الطعام‭ ‬أو‭ ‬الاحتياجات‭ ‬الأساسية‭ ‬الأخرى‭.‬”‭  

التعليقات مغلقة.