Africa Defense Forum
Africa Defense Forum

الأموال الطائرة: ثروات منهوبة

نظام «الفيتشين» الصيني القديم كثيراً ما يرتبط بالاتِّجار غير المشروع

أسرة‭ ‬ايه‭ ‬دي‭ ‬اف

توصلت‭ ‬سلطات‭ ‬الضرائب‭ ‬الناميبية‭ ‬إلى‭ ‬اكتشاف‭ ‬صادم‭ ‬خلال‭ ‬عام‭ ‬2017،‭ ‬إذ‭ ‬كانت‭ ‬ملايين‭ ‬الدولارات‭ ‬تغادر‭ ‬البلاد‭ ‬في‭ ‬طريقها‭ ‬إلى‭ ‬الصين،‭ ‬مع‭ ‬تحصيل‭ ‬ضرائب‭ ‬على‭ ‬نزر‭ ‬يسير‭ ‬منها‭. ‬

وقد‭ ‬أماطت‭ ‬اللثام‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬المخطط‭ ‬عندما‭ ‬ألقت‭ ‬القبض‭ ‬على‭ ‬رجل‭ ‬الأعمال‭ ‬الصيني‭ ‬جاك‭ ‬هوانج‭ ‬بتهمة‭ ‬الاحتيال‭ ‬الضريبي،‭ ‬واكتشف‭ ‬المسؤولون‭ ‬أنه‭ ‬كان‭ ‬جزءاً‭ ‬من‭ ‬شيء‭ ‬أكبر‭ ‬بكثير‭. ‬يدير‭ ‬هوانج‭ ‬شركة‭ ‬تخليص‭ ‬جمركي،‭ ‬وقد‭ ‬استورد‭ ‬بين‭ ‬عامي‭ ‬2013‭ ‬و2016‭ ‬بضائعاً‭ ‬بقيمة‭ ‬معلنة‭ ‬تبلغ‭ ‬14‭.‬3‭ ‬مليون‭ ‬دولار‭ ‬أمريكي،‭ ‬إلَّا‭ ‬أنَّ‭ ‬القيمة‭ ‬الحقيقية‭ ‬للبضائع‭ ‬كانت‭ ‬تفوق‭ ‬ذلك‭ ‬بنحو‭ ‬10‭ ‬أضعاف،‭ ‬إذ‭ ‬أرسل‭ ‬إلى‭ ‬الصين‭ ‬خلال‭ ‬الفترة‭ ‬ذاتها‭ ‬209‭ ‬ملايين‭ ‬دولار‭ ‬لسداد‭ ‬ثمن‭ ‬البضائع‭.‬

وقد‭ ‬تسبب‭ ‬هذا‭ ‬الاحتيال‭ ‬في‭ ‬حرمان‭ ‬خزائن‭ ‬حكومة‭ ‬ناميبيا‭ ‬من‭ ‬ضرائب‭ ‬بالملايين‭. ‬

ومع‭ ‬تعمق‭ ‬المسؤولين‭ ‬في‭ ‬البحث‭ ‬والاستقصاء،‭ ‬تبيَّن‭ ‬لهم‭ ‬أنَّ‭ ‬هذا‭ ‬النظام‭ ‬ينطوي‭ ‬على‭ ‬عدم‭ ‬تحري‭ ‬الدقة‭ ‬في‭ ‬الإبلاغ‭ ‬عن‭ ‬قيمة‭ ‬حاويات‭ ‬الشحن‭ ‬ونقل‭ ‬السلع‭ ‬والبضائع‭ ‬حول‭ ‬العالم‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬لها‭ ‬أي‭ ‬أثر‭ ‬من‭ ‬الوثائق‭ ‬والمستندات‭. ‬ويأتي‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬نظام‭ ‬عالمي‭ ‬يُعرف‭ ‬باسم‭ ‬‮«‬الفيتشين‮»‬،‭ ‬أو‭ ‬‮«‬الأموال‭ ‬الطائرة‮»‬،‭ ‬ساهم‭ ‬لعدة‭ ‬قرون‭ ‬في‭ ‬إخفاء‭ ‬حركة‭ ‬أشياء‭ ‬كالمعادن‭ ‬وأعضاء‭ ‬الحياة‭ ‬البرية‭ ‬والأخشاب‭.‬

يعيش‭ ‬في‭ ‬ناميبيا‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬7‭,‬000‭ ‬رجل‭ ‬وسيدة‭ ‬أعمال‭ ‬صينيين‭ ‬يعملون‭ ‬لحسابهم‭ ‬الخاص‭ ‬وعدد‭ ‬من‭ ‬التجار‭ ‬الأجانب‭ ‬الآخرين،‭ ‬وقد‭ ‬بذلت‭ ‬قصارى‭ ‬جهدها‭ ‬في‭ ‬مراقبة‭ ‬الأنشطة‭ ‬التجارية‭ ‬وفرض‭ ‬قوانينها‭ ‬المالية،‭ ‬وتفاقم‭ ‬الاحتيال‭ ‬حتى‭ ‬ثارت‭ ‬ثائرة‭ ‬المفتش‭ ‬العام‭ ‬الناميبي‭ ‬سيباستيان‭ ‬نديتونجا‭ ‬فقال‭: ‬“لن‭ ‬نرحم‭ ‬أحداً”‭ ‬و‭ ‬“لن‭ ‬نألو‭ ‬جهداً‭.‬”‭ ‬

ولكن‭ ‬يصعب‭ ‬مراقبة‭ ‬نظام‭ ‬‮«‬الفيتشين‮»‬،‭ ‬وقد‭ ‬ظلَّ‭ ‬الصحفي‭ ‬الناميبي‭ ‬جون‭ ‬جروبلر‭ ‬يحقق‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬القضية‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬عام‭ ‬كامل،‭ ‬وخلص‭ ‬إلى‭ ‬أنَّ‭ ‬تعقب‭ ‬تلك‭ ‬الأموال‭ ‬أشبه‭ ‬بمطاردة‭ ‬الأشباح،‭ ‬وتكمن‭ ‬الحيلة‭ ‬في‭ ‬أنَّ‭ ‬معظم‭ ‬الأموال‭ ‬لا‭ ‬تغادر‭ ‬الصين‭ ‬مطلقاً‭ ‬–‭ ‬وإنما‭ ‬يقتصر‭ ‬الأمر‭ ‬على‭ ‬تبادل‭ ‬السلع‭ ‬والبضائع‭. ‬

وكتب‭ ‬جروبلر‭ ‬لمنظمة‭ ‬‮«‬أوكسبيكرز‮»‬‭ ‬للصحافة‭ ‬البيئية‭ ‬يقول‭: ‬“إنَّ‭ ‬هذا‭ ‬النظام‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬نظام‭ ‬للتجارة‭ ‬غير‭ ‬المرئية‭ ‬وغير‭ ‬الخاضعة‭ ‬للضريبة‭ ‬أعطى‭ ‬الشركات‭ ‬الصينية‭ ‬ميزة‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬الإنشاء‭ ‬والتعمير‭ ‬في‭ ‬إفريقيا،‭ ‬إذ‭ ‬يجري‭ ‬استخدام‭ ‬الدخل‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬تعقبه‭ ‬في‭ ‬تقديم‭ ‬عروض‭ ‬أسعار‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬المنافسين‭ ‬المحليين‭ ‬ورشوة‭ ‬المسؤولين‭ ‬المحليين‭ ‬لترسية‭ ‬العقود‭ ‬عليها‭.‬”

طبيعة‭ ‬‮«‬الفيتشين‮»‬

بدأ‭ ‬نظام‭ ‬‮«‬الفيتشين‮»‬‭ ‬منذ‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬1‭,‬200‭ ‬عام‭ ‬في‭ ‬عهد‭ ‬أسرة‭ ‬تانغ‭ ‬الصينية،‭ ‬وهو‭ ‬في‭ ‬جوهره‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬نظام‭ ‬دفع‭ ‬يقوم‭ ‬على‭ ‬الثقة‭ ‬والعلاقات‭. ‬

ويقول‭ ‬جروبلر‭ ‬إنه‭ ‬يشبه‭ ‬نظام‭ ‬‮«‬الحوالة‮»‬‭ ‬المستخدم‭ ‬في‭ ‬أنحاء‭ ‬كثيرة‭ ‬من‭ ‬العالم‭ ‬الإسلامي،‭ ‬إذ‭ ‬يرسل‭ ‬المغتربون‭ ‬في‭ ‬نظام‭ ‬‮«‬الحوالة‮»‬‭ ‬أمولاً‭ ‬لأوطانهم‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬وكيل‭ ‬موثوق‭ ‬يسلمها‭ ‬مقابل‭ ‬رسوم‭. ‬

ويستخدم‭ ‬نظام‭ ‬‮«‬الفيتشين‮»‬‭ ‬نفس‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬المدفوعات‭ ‬القائمة‭ ‬على‭ ‬الثقة‭ ‬وليس‭ ‬لها‭ ‬سجلات‭ ‬ولكن‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬أكثر‭ ‬تعقيداً،‭ ‬إذ‭ ‬تُستورد‭ ‬السلع‭ ‬والبضائع‭ ‬في‭ ‬نظام‭ ‬‮«‬الفيتشين‮»‬‭ ‬بمساعدة‭ ‬سمسار‭ ‬صيني،‭ ‬ولا‭ ‬يُعلَن‭ ‬إلَّا‭ ‬عن‭ ‬نزر‭ ‬يسير‭ ‬من‭ ‬قيمتها‭ ‬الحقيقية،‭ ‬ثمَّ‭ ‬تُباع‭ ‬هذه‭ ‬البضائع،‭ ‬وكثيراً‭ ‬ما‭ ‬تكون‭ ‬لوازم‭ ‬بناء،‭ ‬لكسب‭ ‬المال،‭ ‬ويُستخدم‭ ‬هذا‭ ‬المال‭ ‬لشراء‭ ‬سلع‭ ‬غير‭ ‬شرعية‭ ‬كأعضاء‭ ‬الحياة‭ ‬البرية‭ ‬أو‭ ‬الأخشاب‭ ‬غير‭ ‬القانونية‭. ‬ثمَّ‭ ‬تُشحن‭ ‬هذه‭ ‬البضائع‭ ‬إلى‭ ‬الصين‭ ‬خفية،‭ ‬ويحصل‭ ‬السمسار‭ ‬على‭ ‬أجره‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تسلم‭ ‬هذه‭ ‬السلعة‭ ‬غير‭ ‬الشرعية‭ ‬النفيسة‭.‬

‭ ‬فهو‭ ‬طريق‭ ‬تجاري‭ ‬دائري‭ ‬لا‭ ‬يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬البنوك‭ ‬أو‭ ‬المؤسسات‭ ‬التقليدية‭. ‬

وقال‭ ‬جروبلر‭ ‬لمنبر‭ ‬الدفاع‭ ‬الإفريقي‭: ‬“هذا‭ ‬أشبه‭ ‬بعملية‭ ‬خداع‭ ‬منهجية‭ ‬للسلطات‭ ‬على‭ ‬كلا‭ ‬الجانبين؛‭ ‬فهو‭ ‬شيء‭ ‬قائم‭ ‬على‭ ‬التجارة،‭ ‬ويمكنهم‭ ‬التلاعب‭ ‬بالأرقام،‭ ‬ولا‭ ‬يمر‭ ‬شيء‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬عبر‭ ‬القنوات‭ ‬التقليدية،‭ ‬بل‭ ‬يقتصر‭ ‬على‭ ‬تاجر‭ ‬محلي‭ ‬ومورِّده‭ ‬في‭ ‬الصين،‭ ‬ولا‭ ‬يمكنك‭ ‬رؤيته،‭ ‬فهو‭ ‬لا‭ ‬يُرى‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬مكان‭.‬”

يعتبر العاج والممنوعات الأخرى من السلع التي تُصدر بشكل غير قانوني في نظام يُعرف باسم «الفيتشين»، يتهرب من الضرائب ويخفي شحنات الممنوعات. رويترز

وذكر‭ ‬جروبلر‭ ‬أنَّ‭ ‬أصحاب‭ ‬المتاجر‭ ‬ورجال‭ ‬وسيدات‭ ‬الأعمال‭ ‬الصينيين‭ ‬في‭ ‬ناميبيا‭ ‬يكادون‭ ‬يعملون‭ ‬جميعاً‭ ‬بنظام‭ ‬“النقد‭ ‬فقط‭.‬”‭ ‬إذ‭ ‬لا‭ ‬يحررون‭ ‬فواتيراً‭ ‬أو‭ ‬يعطون‭ ‬إيصالات‭ ‬للزبائن‭ ‬والعملاء،‭ ‬وهكذا‭ ‬تجد‭ ‬السلطات‭ ‬المحلية‭ ‬صعوبة‭ ‬بالغة‭ ‬في‭ ‬فرض‭ ‬السياسات‭ ‬الضريبية‭. ‬

وعلى‭ ‬إثر‭ ‬اعتقال‭ ‬هوانج،‭ ‬تعهَّد‭ ‬السيد‭ ‬كالي‭ ‬شليتفاين،‭ ‬وزير‭ ‬مالية‭ ‬ناميبيا،‭ ‬بالتحرك‭ ‬للقضاء‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الممارسات،‭ ‬وأصرَّ‭ ‬على‭ ‬أنَّ‭ ‬الأجانب‭ ‬يجب‭ ‬ألا‭ ‬يكونوا‭ ‬قادرين‭ ‬على‭ ‬التحايل‭ ‬على‭ ‬القوانين‭ ‬الوطنية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الألاعيب‭ ‬المالية،‭ ‬قائلاً‭: ‬“لا‭ ‬يقوم‭ ‬نظامنا‭ ‬الضريبي‭ ‬على‭ ‬الجنسية‭ ‬بل‭ ‬على‭ ‬مصدر‭ ‬الدخل،‭ ‬وهكذا‭ ‬فكل‭ ‬دخل‭ ‬مستلم‭ ‬أو‭ ‬يعتبر‭ ‬من‭ ‬مصدر‭ ‬ناميبي‭ ‬يخضع‭ ‬للضريبة‭ ‬في‭ ‬ناميبيا‭.‬”‭ ‬

نموذج‭ ‬مثالي‭ ‬للسلع‭ ‬غير‭ ‬المشروعة

يقتضي‭ ‬نظام‭ ‬‮«‬الفيتشين‮»‬‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬السلع‭ ‬المرسلة‭ ‬إلى‭ ‬الصين‭ ‬نفيسة‭ ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬تعقبها‭ ‬ويمكن‭ ‬تجزئتها‭ ‬إلى‭ ‬وحدات‭ ‬صغيرة،‭ ‬ومن‭ ‬الأشياء‭ ‬المفضلة‭ ‬العاج‭ ‬وقرون‭ ‬وحيد‭ ‬القرن‭ ‬وخشب‭ ‬الورد‭ ‬والأحجار‭ ‬الكريمة‭ ‬والنباتات‭ ‬العصارية‭.‬

وتكمن‭ ‬كلمة‭ ‬السر‭ ‬في‭ ‬إمكانية‭ ‬توزيع‭ ‬هذه‭ ‬السلع‭ ‬في‭ ‬السوق‭ ‬السوداء‭ ‬لتسديد‭ ‬أجور‭ ‬عدة‭ ‬أشخاص‭. ‬

وكتب‭ ‬جروبلر‭ ‬يقول‭: ‬“إنَّ‭ ‬ما‭ ‬يجعل‭ ‬هذا‭ ‬الشكل‭ ‬من‭ ‬أشكال‭ ‬‮«‬الفيتشين‮»‬‭ ‬مناسباً‭ ‬بشدة‭ ‬للتهريب‭ ‬هو‭ ‬أنَّ‭ ‬المنتج‭ ‬–‭ ‬الممنوعات‭ ‬–‭ ‬قابل‭ ‬للاستبدال،‭ ‬ويمكن‭ ‬تقسيم‭ ‬كل‭ ‬كيلوجرام‭ ‬من‭ ‬قرون‭ ‬وحيد‭ ‬القرن‭ ‬أو‭ ‬عاج‭ ‬الفيلة‭ ‬أو‭ ‬محار‭ ‬الصفيلح‭ [‬أذن‭ ‬البحر‭] ‬أو‭ ‬زعانف‭ ‬القرش‭ ‬أو‭ ‬جذوع‭ ‬الخشب‭ ‬الصلب‭ ‬إلى‭ ‬أجزاء‭ ‬أصغر‭ ‬يمكن‭ ‬المتاجرة‭ ‬بها‭ ‬بسهولة‭ ‬ويسر‭.‬”

ومن‭ ‬أبرز‭ ‬أمثلة‭ ‬‮«‬الفيتشين‮»‬‭ ‬تجارة‭ ‬محار‭ ‬الصفيلح‭ ‬غير‭ ‬المشروعة‭ ‬بجنوب‭ ‬إفريقيا‭ ‬التي‭ ‬تقدر‭ ‬بملايين‭ ‬الدولارات،‭ ‬إذ‭ ‬يعتبر‭ ‬هذا‭ ‬الحلزون‭ ‬البحري‭ ‬من‭ ‬المأكولات‭ ‬الشهية‭ ‬عند‭ ‬الصينيين‭ ‬بسبب‭ ‬عشقهم‭ ‬لمذاقه‭ ‬الطيب‭ ‬الشبيه‭ ‬بالزبد،‭ ‬وأسفر‭ ‬هذا‭ ‬الطلب‭ ‬عن‭ ‬ظهور‭ ‬سلسلة‭ ‬إمداد‭ ‬غير‭ ‬مشروعة‭ ‬لتوفير‭ ‬الصفيلح‭ ‬تتضمن‭ ‬إرسال‭ ‬هذا‭ ‬المحار‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬شركات‭ ‬واجهة‭ ‬بجنوب‭ ‬إفريقيا‭ ‬وتحويله‭ ‬إلى‭ ‬أموال‭ ‬تُستخدم‭ ‬لدفع‭ ‬أجور‭ ‬الغواصين‭ ‬لجمع‭ ‬الصفيلح‭ ‬والمهربين‭ ‬لنقله،‭ ‬ويحصل‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬هؤلاء‭ ‬العاملين‭ ‬المحليين‭ ‬على‭ ‬أجورهم‭ ‬بالمخدرات‭ ‬أو‭ ‬بالمواد‭ ‬الكيميائية‭ ‬اللازمة‭ ‬لصنع‭ ‬المخدرات‭. ‬

تُبحر باخرة حاويات في ميناء خليج والفيز بدولة ناميبيا. تحاول الدولة وقف الاتجار والتهرب الضريبي من قبل التجار الأجانب.

وتحدثت‭ ‬منظمة‭ ‬‮«‬ترافيك‮»‬‭ ‬غير‭ ‬الحكومية‭ ‬عن‭ ‬جمع‭ ‬96‭ ‬مليون‭ ‬محارة‭ ‬من‭ ‬الصفيلح‭ ‬بشكل‭ ‬غير‭ ‬قانوني‭ ‬من‭ ‬مياه‭ ‬جنوب‭ ‬إفريقيا‭ ‬خلال‭ ‬الـ‭ ‬10‭ ‬سنوات‭ ‬المنتهية‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2016،‭ ‬وتساهم‭ ‬هذه‭ ‬التجارة‭ ‬في‭ ‬تأجيج‭ ‬العنف‭ ‬وشيوع‭ ‬الإدمان‭ ‬في‭ ‬مدن‭ ‬جنوب‭ ‬إفريقيا،‭ ‬وكثيراً‭ ‬ما‭ ‬تديرها‭ ‬عصابات‭ ‬الجريمة‭ ‬المنظمة‭ ‬الصينية‭. ‬

وذكر‭ ‬السيد‭ ‬كيمون‭ ‬دي‭ ‬جريف،‭ ‬وهو‭ ‬صحفي‭ ‬استقصائي‭ ‬بجنوب‭ ‬إفريقيا،‭ ‬أنَّ‭ ‬تجارة‭ ‬الصفيلح‭ ‬استفحلت‭ ‬حتى‭ ‬أصبحت‭ ‬“اقتصاداً‭ ‬ضخماً‭ ‬وموازياً‭ ‬وسرياً‭ ‬ومجرَّماً‭ ‬بملايين‭ ‬الراندات”‭ ‬وعلى‭ ‬الفقراء‭ ‬في‭ ‬قرى‭ ‬الصيد‭ ‬العمل‭ ‬فيها‭ ‬مكرهين‭. ‬

هل‭ ‬يمكن‭ ‬التصدِّي‭ ‬للفيتشين؟‭ ‬

يشكل‭ ‬تعقب‭ ‬الجرائم‭ ‬المالية‭ ‬والتصدِّي‭ ‬لها‭ ‬تحدياً‭ ‬للبلدان‭ ‬محدودة‭ ‬الموارد،‭ ‬وذكر‭ ‬مكتب‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬لمكافحة‭ ‬المخدرات‭ ‬والجريمة‭ ‬أنَّ‭ ‬البلدان‭ ‬الإفريقية‭ ‬تخسر‭ ‬ما‭ ‬يقدر‭ ‬بنحو‭ ‬88‭.‬6‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬سنوياً‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬هروب‭ ‬رأس‭ ‬المال‭ ‬غير‭ ‬المشروع،‭ ‬ويكاد‭ ‬يساوي‭ ‬هذا‭ ‬المبلغ‭ ‬كافة‭ ‬أموال‭ ‬المساعدات‭ ‬والاستثمار‭ ‬الأجنبي‭ ‬المباشر‭ ‬الذي‭ ‬يُنفق‭ ‬في‭ ‬أرجاء‭ ‬القارة‭ ‬بأسرها،‭ ‬وسيكون‭ ‬إيقاف‭ ‬هذه‭ ‬التدفقات‭ ‬غير‭ ‬الشرعية‭ ‬بمثابة‭ ‬دفعة‭ ‬مالية‭ ‬هائلة‭ ‬للبلدان‭ ‬ومساعدتها‭ ‬على‭ ‬حماية‭ ‬مواردها‭ ‬الطبيعية‭ ‬الحيوية‭. ‬

وقالت‭ ‬الدكتورة‭ ‬غادة‭ ‬فتحي‭ ‬والي‭ ‬المدير‭ ‬التنفيذي‭ ‬لمكتب‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬لمكافحة‭ ‬المخدرات‭ ‬والجريمة‭: ‬“نريد‭ ‬من‭ ‬جميع‭ ‬البلدان‭ ‬وشركائنا‭ ‬في‭ ‬إفريقيا‭ ‬وبلدان‭ ‬العبور‭ ‬والمقصد‭ ‬المشاركة‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المعركة‭.‬”‭ ‬

يتعاون‭ ‬مكتب‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬مع‭ ‬17‭ ‬دولة‭ ‬إفريقية‭ ‬لإنشاء‭ ‬شبكة‭ ‬لاسترداد‭ ‬الأصول‭ ‬من‭ ‬شأنها‭ ‬مساعدتها‭ ‬على‭ ‬ضبط‭ ‬الأموال‭ ‬المهربة‭ ‬ومكافحة‭ ‬الجريمة‭ ‬المنظمة‭ ‬والتصدِّي‭ ‬لغسل‭ ‬الأموال‭ ‬المستخدمة‭ ‬في‭ ‬تمويل‭ ‬الجريمة‭ ‬والإرهاب،‭ ‬وتتيح‭ ‬الشبكة‭ ‬للأعضاء‭ ‬تبادل‭ ‬المعلومات‭ ‬والتعرف‭ ‬على‭ ‬التشريعات‭ ‬المؤثرة‭ ‬لمكافحة‭ ‬هذه‭ ‬الجرائم‭. ‬

وتقول‭ ‬والي‭: ‬“تستنزف‭ ‬التدفقات‭ ‬المالية‭ ‬غير‭ ‬المشروعة‭ ‬العائدات‭ ‬الحيوية‭ ‬من‭ ‬إفريقيا‭ ‬وتقوِّض‭ ‬الاستقرار‭ ‬وتعرقل‭ ‬التقدم‭ ‬نحو‭ ‬أهداف‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة‭.‬”‭ ‬

وتوصَّلت‭ ‬وكالة‭ ‬التحقيقات‭ ‬البيئية‭ ‬في‭ ‬تقرير‭ ‬لها‭ ‬عام‭ ‬2020‭ ‬إلى‭ ‬أنَّ‭ ‬عدة‭ ‬بلدان‭ ‬لا‭ ‬تحقق‭ ‬في‭ ‬الاتِّجار‭ ‬بالحياة‭ ‬البرية‭ ‬أو‭ ‬تحاكم‭ ‬مرتكبيها‭ ‬باعتبارها‭ ‬جريمة‭ ‬مالية،‭ ‬إذ‭ ‬يُعاقب‭ ‬التجار‭ ‬بموجب‭ ‬قوانين‭ ‬حماية‭ ‬الحياة‭ ‬البرية‭ ‬مع‭ ‬أنَّ‭ ‬قوانين‭ ‬غسل‭ ‬الأموال‭ ‬تنص‭ ‬على‭ ‬عقوبات‭ ‬أغلظ‭ ‬منها‭.‬

وحين‭ ‬تعجز‭ ‬البلدان‭ ‬عن‭ ‬متابعة‭ ‬حركة‭ ‬الأموال،‭ ‬يفلت‭ ‬رؤساء‭ ‬العصابات‭ ‬من‭ ‬العقاب‭ ‬ويمكنهم‭ ‬مواصلة‭ ‬جرائمهم‭.‬

وقالت‭ ‬الوكالة‭: ‬“إذا‭ ‬قُبض‭ ‬على‭ ‬أي‭ ‬شخص‭ ‬فعادة‭ ‬ما‭ ‬يكون‭ ‬مجرد‭ ‬ناقل‭ ‬بسيط،‭ ‬وأصبح‭ ‬ضبط‭ ‬عدة‭ ‬أطنان،‭ ‬إذا‭ ‬فُتح‭ ‬باب‭ ‬التحقيق‭ ‬فيها‭ ‬من‭ ‬منظور‭ ‬مالي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تكشف‭ ‬عن‭ ‬أدلة‭ ‬وبراهين‭ ‬مهمة،‭ ‬مجرد‭ ‬نفقات‭ ‬تجارية‭ ‬للتجار‭ ‬المعنيين‭.‬”

ومن‭ ‬جهتها،‭ ‬تعتقد‭ ‬ناميبيا‭ ‬أنها‭ ‬قطعت‭ ‬شوطاً‭ ‬كبيراً‭ ‬في‭ ‬مكافحة‭ ‬الاتِّجار‭ ‬غير‭ ‬المشروع،‭ ‬إذ‭ ‬استأنفت‭ ‬تصدير‭ ‬خشب‭ ‬الورد‭ ‬والأخشاب‭ ‬الأخرى‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2020‭ ‬بموجب‭ ‬إرشادات‭ ‬صارمة‭ ‬بعد‭ ‬حظرها‭ ‬لتصدير‭ ‬الأخشاب،‭ ‬كما‭ ‬قامت‭ ‬بتحديث‭ ‬برنامجها‭ ‬الجمركي،‭ ‬بإضافة‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الماسحات‭ ‬الضوئية‭ ‬والتكنولوجيا‭ ‬لتعقب‭ ‬الحاويات‭ ‬القادمة‭ ‬إلى‭ ‬ميناء‭ ‬ولفس‭ ‬بي‭ ‬وتفتيشها،‭ ‬وتدرَّب‭ ‬مسؤولو‭ ‬الجمارك‭ ‬على‭ ‬اكتشاف‭ ‬أعضاء‭ ‬الحياة‭ ‬البرية‭ ‬المهرَّبة‭. ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬علينا‭ ‬أن‭ ‬ننتظر‭ ‬كيف‭ ‬سيتكيف‭ ‬التجَّار‭ ‬والمهربون‭ ‬في‭ ‬محاولتهم‭ ‬للتحايل‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬القيود‭. ‬

فيقول‭ ‬جروبلر‭: ‬“يصعب‭ ‬للغاية‭ ‬التحقيق‭ ‬في‭ ‬شيء‭ ‬يُفترض،‭ ‬ويراد‭ ‬له،‭ ‬أن‭ ‬يخفى‭ ‬عن‭ ‬الأنظار‭.‬”‭  ‬‬


الرايات‭ ‬الحمراء

إنَّ‭ ‬رفع‭ ‬الوعي‭ ‬بالعلامات‭ ‬التحذيرية‭ ‬أو‭ ‬الرايات‭ ‬الحمراء‭ ‬المرتبطة‭ ‬بالاتِّجار‭ ‬الدولي‭ ‬بالحياة‭ ‬البرية‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يساعد‭ ‬البلدان‭ ‬على‭ ‬تطبيق‭ ‬قوانينها‭.‬

ومن‭ ‬هذه‭ ‬العلامات‭ ‬ما‭ ‬يلي‭:‬

شركات‭ ‬الواجهة‭:‬‭ ‬كثيراً‭ ‬ما‭ ‬تكون‭ ‬شركات‭ ‬تجارية‭ ‬عامة‭ ‬أسسها‭ ‬أجانب‭ ‬ومسجلة‭ ‬في‭ ‬عناوين‭ ‬سكنية‭. ‬

تصدير‭ ‬سلع‭ ‬منخفضة‭ ‬القيمة‭:‬‭ ‬ربما‭ ‬تستخدم‭ ‬الشركات‭ ‬المصدرة‭ ‬لسلع‭ ‬كالأصداف‭ ‬أو‭ ‬الكريات‭ ‬البلاستيكية‭ ‬أو‭ ‬الفاصوليا‭ ‬هذه‭ ‬الصادرات‭ ‬لإخفاء‭ ‬أعضاء‭ ‬الحياة‭ ‬البرية‭ ‬القيمة‭ ‬المحظورة‭ ‬كالعاج‭. ‬

طرق‭ ‬ملتوية‭:‬‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬الشحنات‭ ‬التي‭ ‬تسلك‭ ‬طرقاً‭ ‬غير‭ ‬مباشرة‭ ‬أو‭ ‬عديمة‭ ‬الجدوى،‭ ‬كالتوقف‭ ‬في‭ ‬عدة‭ ‬موانئ‭ ‬عبور،‭ ‬دليلا‭ ‬على‭ ‬أنَّ‭ ‬الشاحن‭ ‬يحاول‭ ‬تفادي‭ ‬التعقب‭. ‬

تغيير‭ ‬بوليصة‭ ‬الشحن‭:‬‭ ‬بوليصة‭ ‬الشحن‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬مستند‭ ‬يصاحب‭ ‬الشحنة‭ ‬ويجب‭ ‬أن‭ ‬يحمل‭ ‬توقيع‭ ‬ناقل‭ ‬البضائع‭ ‬وشاحنها‭ ‬ومستلمها‭. ‬وفي‭ ‬الاتِّجار‭ ‬غير‭ ‬المشروع،‭ ‬قد‭ ‬تتغير‭ ‬بوليصة‭ ‬الشحن‭ ‬عدة‭ ‬مرات‭ ‬خلال‭ ‬رحلة‭ ‬الحاوية،‭ ‬كتغيير‭ ‬الملكية‭ ‬عدة‭ ‬مرات‭ ‬قبل‭ ‬وصول‭ ‬الحاوية‭ ‬إلى‭ ‬وجهتها،‭ ‬ممَّا‭ ‬يجعل‭ ‬تعقبها‭ ‬أصعب‭. ‬

سحوبات‭ ‬كبيرة‭:‬‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬عمليات‭ ‬السحب‭ ‬المتكررة‭ ‬بالدولار‭ ‬الأمريكي‭ ‬من‭ ‬شركات‭ ‬الصرافة‭ ‬المملوكة‭ ‬للصين،‭ ‬ولا‭ ‬سيما‭ ‬العاملة‭ ‬منها‭ ‬في‭ ‬بؤر‭ ‬الاتِّجار‭ ‬بالحياة‭ ‬البرية،‭ ‬دليلاً‭ ‬على‭ ‬نشاط‭ ‬تجاري‭ ‬غير‭ ‬مشروع‭.‬

التعليقات مغلقة.