Africa Defense Forum
Africa Defense Forum

تهديدات غير متماثلة استجابات في البحر

دراسة‭ ‬حالات‭ ‬من إيران،‭ ‬وسريلانكا‭ ‬والصومال

بقلم‭ ‬فرانسوا‭ ‬فريأستاذ‭ ‬مشارك،‭ ‬دكتور،‭ ‬كلية‭ ‬العلوم‭ ‬العسكرية،‭ ‬جامعة‭ ‬ستيلينبوش،‭ ‬جنوب‭ ‬أفريقيا

هذه‭ ‬المقالة‭ ‬مختصرة‭ ‬من‭ ‬ورقة‭ ‬بحثية‭ ‬كتبها‭ ‬المؤلف‭ ‬عندما‭ ‬كان‭ ‬منتدباً‭ ‬في‭ ‬كلية‭ ‬الدفاع‭ ‬الدنماركية‭ ‬الملكية‭ ‬في‭ ‬كوبنهاغن‭.‬

يمكن‭ ‬استخدام‭ ‬عدم‭ ‬التماثل‭ ‬في‭ ‬وصف‭ ‬عدة‭ ‬أنواع‭ ‬من‭ ‬الصراعات،‭ ‬ولكن‭ ‬من‭ ‬الخطأ‭ ‬ربط‭ ‬عدم‭ ‬التماثل‭ ‬حصرياً‭ ‬بالخصوم‭ ‬غير‭ ‬النظاميين‭ ‬الذين‭ ‬يقاتلون‭ ‬قوات‭ ‬عسكرية‭ ‬مشكلة‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬تقليدي‭. ‬خطأ‭ ‬آخر‭ ‬هو‭ ‬التركيز‭ ‬فقط‭ ‬على‭ ‬عدم‭ ‬التماثل‭ ‬البري‭.‬

ويُفهم‭ ‬عدم‭ ‬التماثل‭ ‬بصورة‭ ‬عامة‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬نتيجة‭ ‬عملية‭ ‬يبحث‭ ‬فيها‭ ‬الطرف‭ ‬الأضعف‭ ‬عن‭ ‬سبل‭ ‬لمنع‭ ‬أو‭ ‬التقليل‭ ‬إلى‭ ‬أدنى‭ ‬حد‭ ‬من‭ ‬أثر‭ ‬القوة‭ ‬المتفوقة‭ ‬التي‭ ‬يستخدمها‭ ‬خصم‭ ‬أقوى‭. ‬فالقدرات‭ ‬التكنولوجية‭ ‬المتفوقة،‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬يمكن‭ ‬التصدي‭ ‬لها‭ ‬بتكنولوجيات‭ ‬أقل‭ ‬تُستخدم‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬خلاق‭. ‬ويشمل‭ ‬عدم‭ ‬التماثل‭ ‬بين‭ ‬الاطراف‭ ‬الفاعلة‭ ‬خصم‭ ‬أضعف‭ ‬يستخدم‭ ‬أسلوباً‭ ‬مختلفاً‭ ‬أو‭ ‬غير‭ ‬متوقع‭. ‬وهذا‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬الرأي‭ ‬القائل‭ ‬بأن‭ ‬عدم‭ ‬التماثل‭ ‬إما‭ ‬هو‭ ‬ظرف‭ ‬ما‭ ‬أو‭ ‬خيار‭ ‬يمارسه‭ ‬طرف‭ ‬آخر‭ ‬عليه‭ ‬أن‭ ‬يقرر‭ ‬كيف‭ ‬يرد‭ ‬أو‭ ‬لا‭ ‬يرد‭. ‬ويمكن‭ ‬للأطراف‭ ‬الفاعلة‭ ‬أن‭ ‬تقرر‭ ‬الاستعداد‭ ‬لعدم‭ ‬التماثل‭ ‬وتوظيفه‭ ‬أو‭ ‬مجرد‭ ‬تسخيره‭ ‬للبقاء‭ ‬على‭ ‬قيد‭ ‬الحياة‭ ‬ضمن‭ ‬سيناريو‭ ‬معين‭. ‬وفي‭ ‬بعض‭ ‬الحالات‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬عدم‭ ‬التماثل‭ ‬جانباً‭ ‬ثقافياً‭ ‬منبثقاً‭ ‬عن‭ ‬أساليب‭ ‬تاريخية‭ ‬للعمل‭ ‬عند‭ ‬مواجهة‭ ‬معتدين،‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬الحال‭ ‬في‭ ‬المواجهة‭ ‬بين‭ ‬القوات‭ ‬الروسية‭ ‬والمتمردين‭ ‬الشيشان‭.‬

وتحوّل‭ ‬المناقشة‭ ‬التالية‭ ‬الانتباه‭ ‬إلى‭ ‬ثلاثة‭ ‬تهديدات‭ ‬غير‭ ‬متماثلة‭ ‬تعقّد‭ ‬وتضيف‭ ‬إلى‭ ‬جدول‭ ‬المهام‭ ‬الحافل‭ ‬الذي‭ ‬تواجهه‭ ‬البحريات‭ ‬الحديثة‭ ‬لإرساء‭ ‬النظام‭ ‬في‭ ‬البحر‭. ‬ومما‭ ‬يهم‭ ‬أفريقيا‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬خاص‭ ‬أن‭ ‬الاستراتيجيات‭ ‬غير‭ ‬المتماثلة‭ ‬تشكل‭ ‬خلفية‭ ‬عامة‭ ‬للتهديدات‭ ‬المسلحة‭ ‬الأفريقية،‭ ‬ومن‭ ‬الممكن‭ ‬أن‭ ‬تتمكن‭ ‬القوى‭ ‬غير‭ ‬النظامية‭ ‬من‭ ‬توسيع‭ ‬قدراتها‭ ‬غير‭ ‬المتماثلة‭ ‬بصور‭ ‬خلاقة‭ ‬كاستراتيجية‭ ‬لإلحاق‭ ‬الضرر‭ ‬بالبحريات‭ ‬الأفريقية‭ ‬الحالية‭ ‬والمقبلة،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬الأفريقية‭ ‬البحرية‭ ‬الناشئة‭ ‬في‭ ‬البحر‭.‬

فيلق‭ ‬بحرية‭ ‬الحرس‭ ‬الثوري‭ ‬الإيراني

Visit, board, search and seizure (VBSS) team members from the guided-missile cruiser USS Vella Gulf (CG 72) close in on rigid-hulled inflatable boats to apprehend suspected pirates in Gulf of Aden in the Arabian Sea, February 12, 2009. A multinational naval force  seized nine suspected pirates in the Gulf of Aden on Thursday after receiving a distress call from an Indian merchant vessel, the U.S. Navy said.    REUTERS/Jason R. Zalasky/U.S. Navy photo/Handout   (GULF OF ADEN).  FOR EDITORIAL USE ONLY. NOT FOR SALE FOR MARKETING OR ADVERTISING CAMPAIGNS. - RTXBJZA
أفراد طاقم الطراد يو إس إس فيلا المجهز بصواريخ موجهة يستخدمون زوارق هوائية جامدة البدن في الاقتراب من قراصنة مشبوهين في خليج عدن. رويترز

وفيما‭ ‬يمكن‭ ‬للمرء‭ ‬أن‭ ‬يستخرج‭ ‬من‭ ‬تقرير‭ ‬مكتب‭ ‬الاستخبارات‭ ‬البحرية‭ ‬التابع‭ ‬للبحرية‭ ‬الأمريكية،‭ “‬القوات‭ ‬البحرية‭ ‬الإيرانية،‭ ‬من‭ ‬حرب‭ ‬العصابات‭ ‬إلى‭ ‬استراتيجية‭ ‬بحرية‭ ‬حديثة‭”‬،‭ ‬فإن‭ ‬فيلق‭ ‬بحرية‭ ‬الحرس‭ ‬الثوري‭ ‬الإيراني‭ ‬يشكل‭ ‬خطراً‭ ‬على‭ ‬بحرية‭ ‬متفوقة‭ ‬بجمعه‭ ‬بين‭ ‬عدم‭ ‬التماثل‭ ‬والحماسة‭ ‬الثورية‭. ‬وتشكل‭ ‬السمة‭ ‬الأخيرة‭ ‬حافزاً‭ ‬مهماً‭ ‬للقيام‭ ‬بمهام‭ ‬انتحارية‭ ‬وحاشدة‭ ‬ضد‭ ‬القوى‭ ‬الأكثر‭ ‬تفوقاً‭. ‬ويظهر‭ ‬هذا‭ ‬التهديد‭ ‬جلياً‭ ‬في‭ ‬الخليج‭ ‬‭ ‬الفارسي‭ ‬وممر‭ ‬هرمز،‭ ‬الذي‭ ‬يمر‭ ‬به‭ ‬ما‭ ‬يقدر‭ ‬بـ‭ ‬17‭ ‬مليون‭ ‬برميل‭ ‬من‭ ‬النفط‭ ‬كل‭ ‬يوم‭. ‬وقد‭ ‬شهدت‭ ‬الحرب‭ ‬الإيرانية‭ ‬العراقية‭ (‬1980-1988‭) ‬وحرب‭ ‬الناقلات‭ ‬التي‭ ‬ظهرت‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬الوقت‭ ‬في‭ ‬الخليج‭ ‬الفارسي،‭ ‬بالوضع‭ ‬المتدني‭ ‬آنذاك‭ ‬للقوات‭ ‬البحرية‭ ‬الإيرانية،‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬عليها‭ ‬أن‭ ‬تتحمل‭ ‬الوجود‭ ‬المهيمن‭ ‬لبحريات‭ ‬كبرى‭ (‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬وبريطانيا،‭ ‬وفرنسا‭ ‬وروسيا‭). ‬فقد‭  ‬كانت‭ ‬هذه‭ ‬البحريات‭ ‬تجوب‭ ‬الخليج‭ ‬الفارسي‭ ‬لحماية‭ ‬مصالحها،‭ ‬وحدّت‭ ‬بالتالي‭ ‬من‭ ‬الفرص‭ ‬الإيرانية‭ ‬لفرض‭ ‬ضغط‭ ‬على‭ ‬العراق‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التحكم‭ ‬في‭ ‬الملاحة‭ ‬بالخليج‭. ‬ونتيجة‭ ‬لذلك‭ ‬أعاد‭ ‬الإيرانيون‭ ‬تشكيل‭ ‬قوة‭ ‬بحرية‭ ‬ثانية‭ ‬موازية‭ ‬أقل‭ ‬حجماً‭ ‬جنباً‭ ‬إلى‭ ‬جنب‭ ‬البحرية‭ ‬الإيرانية‭ ‬التقليدية‭. ‬وتم‭ ‬تزويد‭ ‬البحرية‭ ‬الأصغر‭ ‬بالقوات،‭ ‬والتدريب‭ ‬والمعدات‭ ‬لإعدادها‭ ‬حصرياً‭ ‬للحرب‭ ‬غير‭ ‬المتماثلة‭.‬

ويبدو‭ ‬أن‭ ‬الجمع‭ ‬بين‭ ‬الحماسة‭ ‬الثورية،‭ ‬والسرعة‭ ‬والقوة‭ ‬النيرانية‭ ‬في‭ ‬مسرح‭ ‬عمليات‭ ‬بحرية‭ ‬يناسب‭ ‬السفن‭ ‬الأصغر‭ ‬جيداً،‭ ‬مزيج‭ ‬عملي‭ ‬ضد‭ ‬خصوم‭ ‬عليهم‭ ‬أن‭ ‬يردوا‭ ‬في‭ ‬حدود‭ ‬العقيدة‭ ‬التقليدية‭ ‬باستخدام‭ ‬سفن‭ ‬بحرية‭ ‬قياسية‭. ‬وفي‭ ‬عام‭ ‬2014،‭ ‬ظل‭ ‬التهديد‭ ‬الإيراني‭ ‬في‭ ‬الخليج‭ ‬الفارسي‭ ‬بحرية‭ ‬ثورية‭ ‬موازية‭ ‬أعدت‭ ‬نفسها‭ ‬لأكثر‭ ‬من‭ ‬25‭ ‬عاماً‭ ‬من‭ ‬المواجهة‭ ‬غير‭ ‬المتماثلة‭. ‬وأقرت‭ ‬القوى‭ ‬الغربية‭ ‬بالمخاطر‭ ‬المادية‭ ‬والعاطفية‭ ‬التي‭ ‬تشكلها‭ ‬الألغام‭ ‬البحرية،‭ ‬والغواصات‭ ‬الصغيرة،‭ ‬وبطاريات‭ ‬المدافع‭ ‬الساحلية‭ ‬والزوارق‭ ‬الصغيرة‭ ‬العديدة‭ ‬المدججة‭ ‬بالسلاح‭.‬

ويوجه‭ ‬فيلق‭ ‬بحرية‭ ‬الحرس‭ ‬الثوري‭ ‬الإيراني‭ ‬في‭ ‬المقام‭ ‬الأول‭ ‬للتصدي‭ ‬للقوات‭ ‬البحرية‭ ‬في‭ ‬الخليج‭ ‬الفارسي،‭ ‬وبهذه‭ ‬الطريقة،‭ ‬يجلب‭ ‬عدم‭ ‬تماثل‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬مواجهة‭ ‬بين‭ ‬بحريتين،‭ ‬وقد‭ ‬يُستخدم‭ ‬أيضاً‭ ‬ضد‭ ‬الملاحة‭ ‬التجارية‭. ‬وهنا‭ ‬يستعرض‭ ‬فيلق‭ ‬بحرية‭ ‬الحرس‭ ‬الثوري‭ ‬الإيراني‭ ‬قدراته‭ ‬غير‭ ‬المتماثلة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تكتيكات‭ ‬ومعدات‭ ‬بحرية‭ ‬يعززها‭ ‬وازع‭ ‬ديني‭ ‬وأيديولوجي‭ ‬يكون‭ ‬فيه‭ ‬الخليج‭ ‬الفارسي‭ ‬هو‭ ‬منطقة‭ ‬العمليات‭ ‬الرئيسية‭.‬

ورغم‭ ‬أن‭ ‬الحالة‭ ‬الإيرانية‭ ‬تعكس‭ ‬صورة‭ ‬نظامية‭ ‬وغير‭ ‬نظامية‭ ‬تحركها‭ ‬الدولة،‭ ‬فإن‭ ‬الدرس‭ ‬بالنسبة‭ ‬لصناع‭ ‬القرار‭ ‬الأفارقة‭ ‬والمسؤولين‭ ‬البحريين‭ ‬ذو‭ ‬شقين‭. ‬الأول‭ ‬درس‭ ‬عام‭ ‬حول‭ ‬استخدام‭ ‬قدرة‭ ‬بحرية‭ ‬غير‭ ‬نظامية‭ ‬لموازنة‭ ‬خصم‭ ‬نظامي،‭ ‬ولكنه‭ ‬درس‭ ‬أيضاً‭ ‬حول‭ ‬تعامل‭ ‬البحرية‭ ‬غير‭ ‬المتماثلة‭ ‬مع‭ ‬خصم‭ ‬غير‭ ‬نظامي‭ ‬في‭ ‬البحر‭. ‬والثاني،‭ ‬بل‭ ‬والأهم،‭ ‬فإن‭ ‬عدم‭ ‬التماثل‭ ‬في‭ ‬البحر‭ ‬الذي‭ ‬يصممه‭ ‬الخصوم‭ ‬خطير‭ ‬بشكل‭ ‬خاص‭ ‬بالنسبة‭ ‬للبحريات‭ ‬الأفريقية‭ ‬المعرضة‭ ‬للدخول‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬مع‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬القوة‭ ‬غير‭ ‬المتماثلة‭ ‬أولاً،‭ ‬وليس‭ ‬مع‭ ‬قتال‭ ‬بحري‭ ‬من‭ ‬النوع‭ ‬التقليدي‭.‬

نمور‭ ‬البحر‭ ‬لجبهة‭ ‬نمور‭ ‬تحرير‭ ‬تاميل‭ ‬إيلام‭ ‬في‭ ‬سريلانكا

قاتلت‭ ‬جبهة‭ ‬نمور‭ ‬تحرير‭ ‬تاميل‭ ‬إيلام،‭ ‬وهي‭ ‬حركة‭ ‬انفصالية،‭ ‬حكومة‭ ‬سريلانكا‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬1983‭ ‬إلى‭ ‬عام‭ ‬2009‭ ‬في‭ ‬البر‭ ‬والبحر‭. ‬ووفقاً‭ ‬لتقرير‭ “‬حرب‭ ‬عصابات‭ ‬في‭ ‬البحر‭: ‬الحرب‭ ‬الأهلية‭ ‬السريلانكية‭” ‬في‭ ‬مجلة‭ ‬الحروب‭ ‬الصغيرة،‭ ‬فإن‭ ‬إنشاء‭ ‬الذراع‭ ‬البحرية‭ ‬للجماعة‭ ‬المعروفة‭ ‬باسم‭ ‬نمور‭ ‬البحر‭ ‬كان‭ ‬مسألة‭ ‬هامة‭ ‬بالنسبة‭ ‬لصناع‭ ‬القرارات‭ ‬السياسية‭ ‬والعسكرية‭. ‬فقد‭ ‬حققت‭ ‬قوة‭ ‬المتمردين‭ ‬نجاحات‭ ‬ضد‭ ‬البحرية‭ ‬السريلانكية‭ ‬التقليدية،‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬جاهزة‭ ‬للتحول‭ ‬البحري‭ ‬في‭ ‬عمليات‭ ‬مكافحة‭ ‬المتمردين‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬استطاعت‭ ‬البحرية‭ ‬السريلانكية‭ ‬بمرور‭ ‬الوقت‭ ‬التأقلم‭ ‬لتنجح‭ ‬في‭ ‬التصدي‭ ‬للتهديد‭ ‬غير‭ ‬المتماثل‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬خصم‭ ‬متمرد‭.‬

في‭ ‬البداية‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬البحرية‭ ‬السريلانكية‭ ‬مجهزة‭ ‬للتعامل‭ ‬حتى‭ ‬مع‭ ‬أساسيات‭ ‬التهديد‭ ‬غير‭ ‬النظامي‭ ‬في‭ ‬البحر‭ ‬الذي‭ ‬شكله‭ ‬نمور‭ ‬البحر‭. ‬فقد‭ ‬تمكن‭ ‬نمور‭ ‬البحر‭ ‬من‭ ‬إلحاق‭ ‬أضرار‭ ‬جسيمة‭ ‬بالبحرية‭ ‬السريلانكية‭ –  ‬لاسيما‭ ‬بالزورق‭ ‬الهجومي‭ ‬السريع‭ ‬دفورا‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬الصنع؛‭ ‬تمكنوا‭ ‬من‭ ‬إغراق‭ ‬نحو‭ ‬ثماني‭ ‬سفن‭ ‬خلال‭ ‬مناوشات‭ ‬في‭ ‬البحر‭. ‬وجعل‭ ‬أثر‭ ‬التكتيكات‭ ‬غير‭ ‬المتماثلة‭ ‬لنمور‭ ‬البحر‭ ‬المياه‭ ‬حول‭ ‬سرى‭ ‬لانكا‭ ‬محفوفة‭ ‬بالمخاطر‭. ‬والواقع‭ ‬أن‭ ‬متمردي‭ ‬جبهة‭ ‬نمور‭ ‬تحرير‭ ‬تاميل‭ ‬إيلام‭ ‬نجحوا‭ ‬في‭ ‬تحدي‭ ‬الولاية‭ ‬البحرية‭ ‬للسلطات‭ ‬السريلانكية‭ ‬الرسمية‭ ‬لبعض‭ ‬الوقت‭ ‬وهددوا‭ ‬النظام‭ ‬في‭ ‬البحر‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬خطير‭.‬

اعتمد‭ ‬التحول‭ ‬البحري‭ ‬لحركة‭ ‬جبهة‭ ‬نمور‭ ‬تحرير‭ ‬تاميل‭ ‬إيلام‭ ‬على‭ ‬عناصر‭ ‬رئيسية‭. ‬كان‭ ‬الأول‭ ‬بناء‭ ‬زوارق‭ ‬سريعة‭ ‬صغيرة‭ ‬ذات‭ ‬مدى‭ ‬كاف‭ ‬وبأعداد‭ ‬كبيرة‭ ‬لشن‭ ‬هجمات‭ ‬انتحارية‭ ‬باستخدام‭ ‬تكتيكات‭ ‬الحشد‭. ‬وكان‭ ‬العنصر‭ ‬الثاني‭ ‬اقتناء‭ ‬سفن‭ ‬أم‭ (‬سفن‭ ‬شحن‭ ‬مدنية‭) ‬ظلت‭ ‬في‭ ‬المحيط‭ ‬المفتوح،‭ ‬وقامت،‭ ‬عند‭ ‬الاقتضاء،‭ ‬بنقل‭ ‬إمدادات‭ ‬حيوية‭ ‬ترافقها‭ ‬حراسة‭ ‬مسلحة‭ ‬من‭ ‬نمور‭ ‬البحر‭ ‬إلى‭ ‬جبهة‭ ‬نمور‭ ‬تحرير‭ ‬تاميل‭ ‬إيلام‭ ‬عبر‭ ‬المياه‭ ‬الإقليمية‭ ‬لسريلانكا‭. ‬وقد‭ ‬أتاح‭ ‬تدريبهم‭ ‬وتلقينهم‭ ‬شن‭ ‬هجمات‭ ‬انتحارية‭ ‬في‭ ‬البحر‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬نمور‭ ‬البحر‭ ‬السود‭ (‬وهي‭ ‬وحدة‭ ‬خاصة‭ ‬من‭ ‬نمور‭ ‬البحر‭)‬،‭ ‬تمكنت‭ ‬حتى‭ ‬من‭ ‬إغراق‭ ‬سفينة‭ ‬دورية‭ ‬تابعة‭ ‬للبحرية‭ ‬السريلانكية‭. ‬وبهذه‭ ‬الطريقة،‭ ‬أحكمت‭ ‬جبهة‭ ‬نمور‭ ‬تحرير‭ ‬تاميل‭ ‬إيلام‭ ‬السيطرة‭ ‬البحرية‭ ‬للمتمردين‭ ‬على‭ ‬قطاع‭ ‬من‭ ‬المياه‭ ‬الإقليمية‭ ‬الشمالية‭ ‬لسريلانكا‭. ‬وكان‭ ‬معظم‭ ‬النجاح‭ ‬الذي‭ ‬حققه‭ ‬نمور‭ ‬البحر‭ ‬نتيجة‭ ‬لعدم‭ ‬استعداد‭ ‬البحرية‭ ‬السريلانكية‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬المعدات،‭ ‬والتدريب‭ ‬والعقيدة،‭ ‬والعجز‭ ‬العام‭ ‬للبحرية‭ ‬التقليدية‭ ‬عن‭ ‬محاربة‭ ‬تهديد‭ ‬عسكري‭ ‬غير‭ ‬متماثل‭ ‬بحكم‭ ‬الواقع‭ ‬في‭ ‬مياهها‭ ‬الإقليمية‭.‬

DJIBOUTI - JUNE 23:  A German soldier participating in the international ATALANTA anti-pirate campaign shows his identifying arm badge on board the German naval frigate "Schleswig-Holstein" shortly before the arrival of German Defense Minister Karl-Theodor zu Guttenberg on June 23, 2010 in Djibouti port, Djibouti. The "Schleswig-Holstein" is among international naval vessels that patrol and escort ships through the Gulf of Aden and off the coast of Somalia. Zu Guttenberg will also visit German troops based in Cyprus for the UNIFIL peace-keeping mission.  (Photo by Sean Gallup/Getty Images)
عملية أطلانطا التابعة للقوة البحرية الأوروبية هي واحدة من ثلاث عمليات بحرية رئيسية متعددة الجنسيات تشكلت للحد من القرصنة الصومالية. صور غيتي

كان‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬الطرق‭ ‬التي‭ ‬طوعتها‭ ‬البحرية‭ ‬السريلانكية‭ ‬لمواجهة‭ ‬عدم‭ ‬التماثل،‭ ‬تطوير‭ ‬استخدامها‭ ‬الخاص‭ ‬للزوارق‭ ‬الصغيرة‭. ‬وبذلك‭ ‬استطاعت‭ ‬توسيع‭ ‬نطاق‭ ‬وجودها‭ ‬في‭ ‬المياه‭ ‬الساحلية‭ ‬الشمالية‭ ‬لسريلانكا‭ ‬لمواجهة‭ ‬الحرية‭ ‬النسبية‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬يتمتع‭ ‬بها‭ ‬نمور‭ ‬البحر‭. ‬واستطاعت‭ ‬البحرية‭ ‬السريلانكية‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬أن‭ ‬تستخدم‭ ‬تكتيك‭ ‬الحشد‭ ‬ضد‭ ‬نمور‭ ‬البحر‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬برنامجها‭ ‬لبناء‭ ‬زوارق‭ ‬صغيرة‭ ‬سريعة‭. ‬كما‭ ‬استخدمت‭ ‬سفناً‭ ‬بحرية‭ ‬أكبر‭ ‬لتؤكد‭ ‬قدراتها‭ ‬على‭ ‬الرد‭ ‬والوجود‭ ‬الدائم‭ ‬في‭ ‬البحر‭ ‬بمزيج‭ ‬أفضل‭ ‬من‭ ‬السفن‭ ‬والبحارة‭ ‬المدربين‭ ‬تدريباً‭ ‬خاصاً‭ ‬والأكثر‭ ‬تناغماً‭ ‬مع‭ ‬التهديدات‭ ‬غير‭ ‬المتماثلة‭ ‬التي‭ ‬يواجهونها‭. ‬وأدت‭ ‬تعبئة‭ ‬سفن‭ ‬البحرية‭ ‬السريلانكية‭ ‬والسفن‭ ‬التجارية‭ ‬التي‭ ‬تجوب‭ ‬البحار،‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬إلى‭ ‬تدمير‭ ‬السفن‭ ‬الأم‭ ‬لجبهة‭ ‬نمور‭ ‬تحرير‭ ‬تاميل‭ ‬إيلام‭.  ‬وتمكنت‭ ‬البحرية‭ ‬السريلانكية،‭ ‬معززة‭ ‬بالتصميم‭ ‬على‭ ‬حيازة‭ ‬معدات‭ ‬أفضل‭ ‬وبحارة‭ ‬مدربين‭ ‬تدريباً‭ ‬جيداً‭ ‬ووحدات‭ ‬للاستجابة،‭ ‬من‭ ‬إضعاف‭ ‬التهديد‭ ‬غير‭ ‬المتماثل‭ ‬وخنق‭ ‬الحرية‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬يتمتع‭ ‬بها‭ ‬نمور‭ ‬البحر‭. ‬وأسهم‭ ‬هذا‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬المطاف‭ ‬في‭ ‬إلحاق‭ ‬الهزيمة‭ ‬العسكرية‭ ‬لجبهة‭ ‬نمور‭ ‬تحرير‭ ‬تاميل‭ ‬إيلام‭ ‬على‭ ‬البر‭ ‬عام‭ ‬2009‭.‬

تبين‭ ‬حالة‭ ‬سريلانكا‭ ‬بالنسبة‭ ‬لصناع‭ ‬القرار‭ ‬البحري‭ ‬الأفارقة،‭ ‬موضوع‭ ‬التغير‭ ‬العسكري‭ ‬الذي‭ ‬تدور‭ ‬حوله‭ ‬نقاشات‭ ‬حامية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬إظهار‭ ‬كيف‭ ‬يمكن‭ ‬لبحرية‭ ‬نظامية‭ ‬أن‭ ‬تتكيف‭ ‬مع‭ ‬قتال‭ ‬قوة‭ ‬غير‭ ‬متماثلة‭ ‬ولكنها‭ ‬وجودية،‭ ‬في‭ ‬البحر‭. ‬ولهذا‭ ‬التكيف‭ ‬عواقب‭ ‬سلبية‭ ‬في‭ ‬أنه‭ ‬يتعين‭ ‬على‭ ‬البحرية‭ ‬فيما‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تعيد‭ ‬ضبط‭ ‬تدريباتها،‭ ‬ومعداتها‭ ‬وأهدافها‭ ‬لتعود‭ ‬كبحرية‭ ‬نظامية،‭ ‬ولكن‭ ‬ربما‭ ‬كان‭ ‬هذا‭ ‬تحدياً‭ ‬ثانوياً‭ ‬أسهل‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬بكثير‭.‬

قراصنة‭ ‬البحر‭ ‬قبالة‭ ‬القرن‭ ‬الأفريقي

يشكل‭ ‬فيلق‭ ‬بحرية‭ ‬الحرس‭ ‬الثوري‭ ‬الإيراني‭ ‬ونمور‭ ‬البحر‭ ‬تهديدات‭ ‬غير‭ ‬متماثلة‭ ‬في‭ ‬السعي‭ ‬لتحقق‭ ‬أجندة‭ ‬سياسية،‭ ‬ولكن‭ ‬القرصنة‭ ‬قبالة‭ ‬القرن‭ ‬الأفريقي‭ ‬تنعكس‭ ‬في‭ ‬توصيف‭ ‬شركة‭ ‬راند‭ ‬واستكشافها‭ ‬لآثار‭ ‬الحرب‭ ‬البحرية‭ ‬غير‭ ‬النظامية‭ ‬باعتبارها‭ ‬جريمة‭ ‬عابرة‭ ‬للحدود‭ ‬الوطنية‭ ‬ذات‭ ‬حوافز‭ ‬مالية‭. ‬إن‭ ‬القرصنة‭ ‬تضعف‭ ‬الدولة‭ ‬الصومالية‭ ‬ومرتبطة‭ ‬بجهات‭ ‬فاعلة‭ ‬بارزة‭ ‬في‭ ‬الصومال‭ ‬والدول‭ ‬المجاورة‭ ‬لها‭. ‬وتأتي‭ ‬أهمية‭ ‬تهديد‭ ‬القرصنة‭ ‬في‭ ‬المقام‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬تعطيلها‭ ‬للملاحة‭ ‬في‭ ‬الطريق‭ ‬البحري‭ ‬الدولي‭. ‬ورداً‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬تقوم‭ ‬الآن‭ ‬فرق‭ ‬العمل‭ ‬البحرية‭ ‬الدولية‭ ‬والوطنية‭ ‬بدوريات‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المنطقة‭ ‬الممتدة‭ ‬من‭ ‬المحيط‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬وجدت‭ ‬الوحدات‭ ‬البحرية‭ ‬أن‭ ‬اقتلاع‭ ‬خطر‭ ‬القرصنة‭ ‬معقد‭ ‬ويتطلب‭ ‬جهداً‭ ‬كبيراً‭ ‬في‭ ‬البحر‭ ‬والبر‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬أطراف‭ ‬متعددة‭ ‬لتحقيق‭ ‬الأمن‭ ‬للعبور‭ ‬الآمن‭ ‬لحركة‭ ‬الملاحة‭ ‬البحرية‭. ‬وقد‭ ‬جلبت‭ ‬ردود‭ ‬الفعل‭ ‬البرية‭ ‬والبحرية‭ ‬المتداخلة‭ ‬هذه‭ ‬لتهديد‭ ‬غير‭ ‬متماثل‭ ‬والمؤلفة‭ ‬من‭ ‬مصالح‭ ‬محلية‭ ‬وعابرة‭ ‬للحدود‭ ‬الوطنية،‭ ‬ردود‭ ‬فعل‭ ‬دولية‭ ‬مضادة‭ ‬لم‭ ‬يسبق‭ ‬لها‭ ‬مثيل‭.‬

جمعت‭ ‬جهود‭ ‬مكافحة‭ ‬القرصنة‭ ‬بين‭ ‬مجموعة‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬والمنظمات‭. ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬للتدخل‭ ‬البحري‭ ‬أن‭ ‬يقمع‭ ‬تهديد‭ ‬القرصنة‭ ‬بسرعة‭ ‬بسبب‭ ‬حقوق‭ ‬وقواعد‭ ‬الاشتباك‭ ‬المختلفة‭ ‬أو‭ ‬التي‭ ‬يساء‭ ‬فهمها‭ ‬وتحد‭ ‬من‭ ‬العمليات‭. ‬ولفترة‭ ‬من‭ ‬الوقت،‭ ‬استفادت‭ ‬القوى‭ ‬غير‭ ‬المتماثلة‭  ‬من‭  ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬الذي‭ ‬يقيّد‭ ‬طرفاً‭ ‬وثقافة‭ ‬عدم‭ ‬الاعتراف‭ ‬بأي‭ ‬قوانين‭ ‬التي‭ ‬يؤمن‭ ‬بها‭ ‬الطرف‭ ‬الآخر‭ (‬القراصنة‭).‬

لقد‭ ‬فعلت‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬بالشراكة‭ ‬مع‭ ‬منظمات‭ ‬غير‭ ‬حكومية‭ ‬والقطاع‭ ‬الصناعي،‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬حشد‭ ‬التعاون‭ ‬فيما‭ ‬بين‭ ‬الحكومات‭ ‬المرغوب‭ ‬في‭ ‬البحر‭. ‬وتُعد‭ ‬ذات‭ ‬أهمية‭ ‬خاصة‭ ‬قرارات‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬الدولي‭ ‬التي‭ ‬صدرت‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬2008‭ ‬وخفضت‭ ‬حاجز‭ ‬السيادة‭ ‬البحرية‭ ‬للصومال‭ ‬حتى‭ ‬تتيح‭ ‬للبحريات‭ ‬الأجنبية‭ ‬مجالاً‭ ‬أكبر‭ ‬للتصدي‭ ‬للقراصنة،‭ ‬ودعت‭ ‬إلى‭ ‬التعاون‭ ‬البحري‭ ‬لحماية‭ ‬تدفق‭ ‬المساعدات‭ ‬إلى‭ ‬الصومال،‭ ‬وإلى‭ ‬توفير‭ ‬مساعدات‭ ‬دولية‭ ‬في‭ ‬الإجراءات‭ ‬القضائية‭. ‬قامت‭ ‬دوريات‭ ‬مكافحة‭ ‬القرصنة‭ ‬بحماية‭ ‬الملاحة‭ ‬التجارية‭ ‬والقوافل‭ ‬التي‭ ‬تجلب‭ ‬المواد‭ ‬الغذائية‭ ‬إلى‭ ‬الصومال‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬القبض‭ ‬على‭ ‬القراصنة‭ ‬أو‭ ‬منعهم‭ ‬من‭ ‬مهاجمة‭ ‬السفن‭. ‬وانخفضت‭ ‬الحوادث‭ ‬تدريجياً‭ ‬بحلول‭ ‬عام‭ ‬2014،‭ ‬وكان‭ ‬سبب‭ ‬الانخفاض‭ ‬مزيجاً‭ ‬من‭ ‬الرغبة‭ ‬الدولية‭ ‬في‭ ‬الرد،‭ ‬والتدخلات‭ ‬البحرية‭ ‬الهامة،‭ ‬وتبني‭ ‬الملاحة‭ ‬التجارية‭ ‬أفضل‭ ‬الممارسات‭ ‬الأمنية‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬حمايتها‭ ‬الخاصة‭.‬

تعقّدت‭ ‬الاستجابة‭ ‬البحرية‭ ‬جراء‭ ‬تشريع‭ ‬محلي‭ ‬غير‭ ‬مناسب‭ ‬وخطر‭ ‬طلبات‭ ‬اللجوء‭ ‬إذا‭ ‬لم‭ ‬تنجح‭ ‬الملاحقة‭ ‬القضائية،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬الترتيبات‭ ‬الشاقة‭ ‬لنقل‭ ‬القراصنة‭ ‬إلى‭ ‬دول‭ ‬مضيفة‭ ‬وتقديمهم‭ ‬للمحاكمة‭. ‬وقد‭ ‬تعثرت‭ ‬النيات‭ ‬الحسنة‭ ‬مبدئياً‭ ‬بسبب‭ ‬سوء‭ ‬تحضير‭ ‬المؤسسات‭ ‬في‭ ‬شرق‭ ‬أفريقيا‭ ‬لتوفير‭ ‬إدارة‭ ‬شؤون‭ ‬الأمن‭ ‬البحري‭. ‬كذلك‭ ‬جعل‭ ‬التهديد‭ ‬غير‭ ‬المتماثل‭ ‬الذي‭ ‬شكلته‭ ‬تجمعات‭ ‬إجرامية‭ ‬مهام‭ ‬القوات‭ ‬البحرية‭ ‬صعبة‭. ‬فقد‭ ‬يمكن‭ ‬للقراصنة‭ ‬نقل‭ ‬نشاطاتهم‭ ‬إلى‭ ‬داخل‭ ‬المحيط‭ ‬الهندي‭ ‬وتحاشي‭ ‬التجمعات‭ ‬البحرية‭ ‬أو‭ ‬جعل‭ ‬عمليات‭ ‬نشر‭ ‬قوات‭ ‬إضافية‭ ‬باهظة‭ ‬التكاليف‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬الاستجابة‭ ‬العالمية‭ ‬لمكافحة‭ ‬القرصنة‭ ‬أظهرت‭ ‬مواطن‭ ‬القوة‭ ‬والقصور‭ ‬في‭ ‬التعاون‭ ‬الدولي‭. ‬فقد‭ ‬أدى‭ ‬التعاون‭ ‬بالاستجابة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الهيئات‭ ‬إلى‭ ‬تضييق‭ ‬الخناق‭ ‬ببطء‭ ‬على‭ ‬الحركة‭ ‬الحرة‭ ‬للقراصنة‭. ‬وعلى‭ ‬الجانب‭ ‬السلبي،‭ ‬سمح‭ ‬عدم‭ ‬تماثل‭ ‬تهديد‭ ‬القرصنة‭ ‬للكثيرين‭ ‬بتفادي‭ ‬الملاحقة‭ ‬القضائية‭ ‬ونقل‭ ‬عملياتهم‭ ‬إلى‭ ‬مياه‭ ‬فقدت‭ ‬فيها‭ ‬قرارات‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬تأثيرها‭. ‬وأدى‭ ‬هذا‭ ‬التحول‭ ‬إلى‭ ‬امتداد‭ ‬رقعة‭ ‬وجود‭ ‬القوات‭ ‬البحرية‭ ‬المتاحة‭ ‬إلى‭ ‬أقصى‭ ‬حد‭ ‬بزيادة‭ ‬تكاليفها‭.‬

كان‭ ‬للتقدم‭ ‬البطيء‭ ‬في‭ ‬التغلب‭ ‬على‭ ‬مزايا‭ ‬عدم‭ ‬التماثل‭ ‬الذي‭ ‬هو‭ ‬جزء‭ ‬لا‭ ‬يتجزأ‭ ‬من‭ ‬تهديد‭ ‬القرصنة‭ ‬عدة‭ ‬عواقب‭. ‬فقد‭ ‬عرّض‭ ‬للخطر‭ ‬الملاحة‭ ‬التجارية‭ ‬بسبب‭ ‬التأخير،‭ ‬والطرق‭ ‬الالتفافية‭ ‬والتكاليف‭. ‬وظلت‭ ‬الأغذية‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬شحنها‭ ‬إلى‭ ‬الشعب‭ ‬الصومالي‭ ‬مهددة،‭ ‬مما‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬تفاقم‭ ‬الأزمة‭ ‬على‭ ‬‭ ‬البر‭. ‬ومنع‭ ‬التهديد‭ ‬التوصل‭ ‬إلى‭ ‬حل‭ ‬سريع،‭ ‬مما‭ ‬كان‭ ‬له‭ ‬أيضاً‭ ‬تداعيات‭ ‬إقليمية‭ ‬على‭ ‬الدول‭ ‬المجاورة‭ ‬ودول‭ ‬مقامة‭ ‬على‭ ‬جزر‭ ‬مثل‭ ‬سيشل‭ ‬التي‭ ‬جُرّت‭ ‬إلى‭ ‬قضايا‭ ‬مكلفة،‭ ‬وتعرضت‭ ‬لهجمات‭ ‬واستجابات‭ ‬في‭ ‬مياهها‭ ‬الخاصة‭. ‬ومنذ‭ ‬أوائل‭ ‬عام‭ ‬2011‭ ‬بدأت‭ ‬المجموعة‭ ‬الإنمائية‭ ‬للجنوب‭ ‬الأفريقي‭ ‬في‭ ‬القيام‭ ‬بدوريات‭ ‬في‭ ‬مياهها‭ ‬الشرقية‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬قامت‭ ‬بترسيمه‭ ‬بصورة‭ ‬تقريبية‭ ‬موزمبيق،‭ ‬وتنزانيا‭ ‬ومدغشقر‭ ‬لمنع‭ ‬امتداد‭ ‬انعدام‭ ‬الأمن‭ ‬البحري‭ ‬إلى‭ ‬مسافة‭ ‬أبعد‭ ‬نحو‭ ‬الجنوب‭.‬

A Sri Lankan navy sailors arrive in  Kalpitiya , about 40 kilometers north of the capital Colombo, Sri Lanka on Sunday, July 2, 2006. Security has been tightened along the island's western coast amid recent increase of attacks by the sea tigers, the naval wing of the separatist Tamil tiger rebels. (AP Photo/Eranga Jayawardena)
البحرية السريلانكية اضطرت إلى استخدام زوارق صغيرة كوسيلة للتصدي لزوارق مماثلة تستخدمها الحركة الانفصالية، جبهة نمور تحرير تاميل إيلام. أسوشييتد برس

تمثل‭ ‬الأحداث‭ ‬قبالة‭ ‬القرن‭ ‬الأفريقي‭ ‬ثلاثة‭ ‬دروس‭ ‬هامة‭ ‬بالنسبة‭ ‬لصناع‭ ‬القرار‭ ‬الأفارقة‭. ‬أولاً،‭ ‬أصبحت‭ ‬القرصنة‭ ‬التهديد‭ ‬البحري‭ ‬الأفريقي‭ ‬الأكثر‭ ‬انتشاراً‭ ‬عندما‭ ‬تسمح‭ ‬الحكومات‭ ‬للخصوم‭ ‬غير‭ ‬النظاميين‭ ‬باستغلال‭ ‬المساحات‭ ‬غير‭ ‬المحكومة‭ ‬في‭ ‬البحر‭. ‬ثانياً،‭ ‬نظراً‭ ‬لاتجاه‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأفريقي‭ ‬نحو‭ ‬الاعتراف‭ ‬بأهمية‭ ‬المحيطات‭ ‬المحيطة‭ ‬بأفريقيا،‭ ‬فإنه‭ ‬لا‭ ‬غنى‭ ‬عن‭ ‬الاستجابات‭ ‬المتعمدة‭ ‬أو‭ ‬الملموسة‭ ‬في‭ ‬البحر‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬الوكالات‭ ‬البحرية‭. ‬ثالثاً،‭ ‬توفر‭ ‬مكافحة‭ ‬القرصنة‭ ‬قبالة‭ ‬القرن‭ ‬الأفريقي‭ ‬لقادة‭ ‬البحريات‭ ‬الأفريقية‭ ‬محوراً‭ ‬رئيسياً‭ ‬للمعرفة‭ ‬ينهلون‭ ‬منه‭ ‬في‭ ‬ردهم‭ ‬على‭ ‬تهديدات‭ ‬متطرفة‭ ‬مثل‭ ‬تنظيم‭ ‬داعش‭ ‬في‭ ‬ليبيا،‭ ‬الذي‭ ‬يتوسع‭ ‬بسرعة‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ ‬الحكم‭ ‬الضعيف‭ ‬في‭ ‬البر‭ ‬والبحر‭.‬

الخلاصة

تبين‭ ‬جميع‭ ‬هذه‭ ‬الحالات‭ ‬الثلاث‭ ‬كيف‭ ‬تجد‭ ‬التهديدات‭ ‬غير‭ ‬المتماثلة‭ ‬طريقها‭ ‬إلى‭ ‬مجال‭ ‬الأمن‭ ‬البحري‭ ‬على‭ ‬طول‭ ‬المسارات‭ ‬التقليدية،‭ ‬والتمردية،‭ ‬والجنائية‭. ‬وتوضح‭ ‬الحالة‭ ‬الإيرانية‭ ‬حقيقة‭ ‬وجود‭ ‬قوة‭ ‬غير‭ ‬متماثلة‭ ‬جنباً‭ ‬إلى‭ ‬جنب‭ ‬بحرية‭ ‬تقليدية‭ ‬لموازنة‭ ‬المزايا‭ ‬التي‭ ‬تتمتع‭ ‬بها‭ ‬بحريات‭ ‬الحكومات‭ ‬القوية‭ ‬في‭ ‬المياه‭ ‬الزرقاء‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬يتعين‭ ‬على‭ ‬إيران‭ ‬الآن‭ ‬أساساً‭ ‬أن‭ ‬تحتفظ‭ ‬ببحريتين‭ ‬وتستخدمهما،‭ ‬نظراً‭ ‬لأن‭ ‬كلاً‭ ‬منهما‭ ‬مبني‭ ‬على‭ ‬ثقافة‭ ‬وبرنامج‭ ‬وعقيدة‭ ‬مختلفة‭ ‬اختلافاً‭ ‬أساسياً‭. ‬وتبين‭ ‬حالة‭ ‬سريلانكا‭ ‬أن‭ ‬باستطاعة‭ ‬حركات‭ ‬التمرد‭ ‬أن‭ ‬تحاكي‭ ‬في‭ ‬عرض‭ ‬البحر‭ ‬القوة‭ ‬غير‭ ‬المتماثلة‭ ‬في‭ ‬البر‭ ‬التي‭ ‬لديها‭ ‬قوات‭ ‬نظامية‭ ‬كثيراً‭ ‬ما‭ ‬تفشل‭ ‬في‭ ‬إخضاعها‭. ‬وليست‭ ‬البحريات‭ ‬بمنأى‭ ‬عن‭ ‬التهديدات‭ ‬غير‭ ‬النظامية‭ ‬في‭ ‬البحر‭ ‬وتصبح،‭ ‬كما‭ ‬بينت‭ ‬حالة‭ ‬نمور‭ ‬البحر،‭ ‬أهدافاً‭ ‬رئيسية‭. ‬إن‭ ‬رمزية‭ ‬سفن‭ ‬بحرية‭ ‬حديثة‭ ‬تغرقها‭ ‬قوات‭ ‬متمردة‭ ‬تتسم‭ ‬بالمرونة،‭ ‬تمثل‭ ‬بدرجة‭ ‬خاصة‭ ‬صورة‭ ‬نجاح‭  ‬قوية‭ ‬تغري،‭ ‬من‭ ‬ثم،‭ ‬القوات‭ ‬المتمردة‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬البحرية‭ ‬السريلانكية‭ ‬تظهر‭ ‬أن‭ ‬باستطاعة‭ ‬بحرية‭ ‬ما‭ ‬أن‭ ‬تتأقلم‭ ‬عندما‭ ‬ينقل‭ ‬المتمردون‭ ‬عملياتهم‭ ‬قبالة‭ ‬الساحل،‭ ‬بأن‭ ‬تفضل‭ ‬مؤقتاً‭ ‬الأولوية‭ ‬للخطر‭ ‬غير‭ ‬النظامي‭ ‬على‭ ‬الخطر‭ ‬غير‭ ‬المتماثل‭ (‬بحرية‭- ‬مقابل‭- ‬بحرية‭) ‬التي‭ ‬تفضلها‭ ‬الثقافة‭ ‬البحرية‭ ‬التقليدية‭. ‬وأخيراً،‭ ‬فإن‭ ‬الحالة‭ ‬الصومالية‭ ‬تحطم‭ ‬نموذج‭ ‬القوات‭ ‬العسكرية‭- ‬مقابل‭ ‬القوات‭ ‬العسكرية‭ ‬لأنها‭ ‬تصور‭ ‬شبح‭ ‬التهديدات‭ ‬الإجرامية‭ ‬العابرة‭ ‬للحدود‭ ‬الوطنية‭ ‬من‭ ‬البحر‭ ‬التي‭ ‬تتطلب‭ ‬استجابات‭ ‬دولية‭ ‬غير‭ ‬متناسبة‭ ‬تقريباً‭. ‬وتظهر‭ ‬الحالة‭ ‬الصومالية،‭ ‬على‭ ‬الأرجح،‭ ‬منحنى‭ ‬تعليمياً‭ ‬لما‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يستعد‭ ‬له‭ ‬صناع‭ ‬القرار‭ ‬الأفارقة‭ ‬في‭ ‬مجالاتهم‭ ‬البحرية‭. ‬وتشكل‭ ‬أسباب‭ ‬القرصنة‭ ‬الصومالية،‭ ‬وما‭ ‬ينتج‭ ‬عنها‭ ‬وردود‭ ‬الأفعال‭ ‬مجموعات‭ ‬معقدة‭ ‬من‭ ‬المتغيرات‭. ‬وينبع‭ ‬واحد‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬الدروس‭ ‬من‭ ‬أثر‭ ‬التعاون‭ ‬المنسق‭ ‬بين‭ ‬الهيئات‭ ‬المتعددة‭ ‬والدول،‭ ‬بصفته‭ ‬أفضل‭ ‬ممارسة‭ ‬لاحتواء‭ ‬آثار‭ ‬الحكم‭ ‬البحري‭ ‬السيئ‭. ‬وفي‭ ‬النهاية،‭ ‬فإن‭ ‬المشكلة‭ ‬تتطلب‭ ‬قيادة‭ ‬ذكية‭ ‬–‭ ‬وهي‭ ‬ظاهرة‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬من‭ ‬الضروري‭ ‬أن‭ ‬تنضج‭ ‬على‭ ‬البر،‭ ‬ولكنها‭ ‬تبدي‭ ‬مزيداً‭ ‬من‭ ‬التقدم‭ ‬في‭ ‬عرض‭ ‬البحر‭. 

التعليقات مغلقة.