فيسبوك تويتر لينكدإن بينتيريست البريد الإلكتروني النساء يضفن قيمة إلى بعثات حفظ السلام، لكن العوائق أمام مشاركتهن فيها ما تزال موجودة أسرة إيه دي إف قادت العريفة، ليكر دوريس باتريشيا، من قوات الدفاع الشعبية الأوغندية، شاحنة إمداد كبيرة كل يوم. وحملتها بكل شيء، بدءاً من الرصاص وحتى القنابل. وإذا لم تكن تحرك عجلة القيادة الضخمة للشاحنة، فإنها تكون على أهبة الاستعداد وجاهزة لتشغيلها وقيادتها. وهي تفعل كل ذلك في وسط الصومال الذي هو أحد أخطر الأماكن على وجه الأرض. تولت اللواء، كريستين لوند، من النرويج، قيادة قوة الأمم المتحدة لحفظ السلام في قبرص لمدة عامين. وكانت أول امرأة تتولى قيادة بعثة لحفظ السلام تابعة للأمم المتحدة. وفي أبريل 2018، تولت منصب رئيس البعثة ورئيسة هيئة أركان هيئة الأمم المتحدة لمراقبة الهدنة في الشرق الأوسط. بريسيلا ماكوتوز، من زيمبابوي، هي مفوضة شرطة في بعثة الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي في دارفور، وهي تتمتع بخبرة 30 عامًا، بما في ذلك توليها لمناصب قيادية في الشرطة. وكانت نائبة مدير الإدارة في إدارة التحقيقات الجنائية بشرطة جمهورية زيمبابوي، كما عملت في بعثة الأمم المتحدة في ليبيريا في عام 2005. كانت المقدمة هوي برات، من القوات المسلحة لجمهورية سيراليون، الضابطة المسؤولة عن خلية تتبع الخسائر المدنية والتحليل والاستجابة لبعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال (AMISOM) في عام 2016. وهي أول امرأة من سيراليون تخدم في بعثة لإحلال السلام. وبصفتها الضابطة المسؤولة عن الخلية، أشرفت على رصد الإصابات المدنية المرتبطة بالبعثة، وعملت على حماية الصوماليين من خلال اتخاذ التدابير الوقائية. نجحت النساء، في جميع أنحاء أفريقيا وخارجها، في أداء واجباتهن في بعثات حفظ السلام متعددة الجنسيات. فضمن بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال، تقوم النساء بقيادة الشاحنات، والعناية بالجرحى، والقيام بالدوريات باستخدام الزوارق الحربية، وقيادة الكتائب القتالية، وغير ذلك الكثير. الدليل واضح. يمكن للنساء أداء مجموعة كاملة من الواجبات المرتبطة بحفظ السلام. ومع ذلك، فإن الأرقام مخيبة للآمال. ففي بعثة الاتحاد الأفريقي في عام 2016، كان عدد النساء 586 امرأة فقط -أقل من 3 في المائة -من أكثر من 20 ألف جندي أفريقي تم نشرهم ضمن إطار هذه البعثات. والأرقام ليست أفضل بكثير في بعثات الأمم المتحدة. فاستناداً إلى إحصائيات مارس 2018، كانت نسبة النساء 3.7 في المائة فقط من إجمالي أفراد قوات حفظ السلام العسكرية التي تعمل في سبع بعثات في إفريقيا. وعلى الصعيد العالمي، تمثل النساء حوالي 4 في المائة من قوات حفظ السلام، بما فيهم من الخبراء العسكريين وضباط الأركان. وضع النساء أفضل قليلاً ضمن قوات الشرطة. ففي البعثات الأفريقية، تمثل النساء ما نسبته 10.9 في المائة من كافة أفراد الشرطة. وعلى الصعيد العالمي، تمثل النساء ما نسبته 10.7 في المائة. ورغم أنهن لا يتقلدن رتباً عالية في هذه البعثات، إلا أن أهميتهن بالنسبة لها أمر لا خلاف عليه. قيمة النساء أثبتت المرأة أنها تستطيع أن تشغل نفس أدوار الرجل في البيئات العسكرية. كما أثبتت أنه يمكنها أيضا أن تضيف بعداً هاماً لعمليات حفظ السلام. ووفقاً لمقال نُشر في عام 2017 عن المرصد العالمي التابع لمؤسسة السلام العالمي، “لنبدأ حديثنا بأن قوات حفظ السلام من النساء تساعد البعثات على بناء علاقات أقوى مع المجتمعات والوصول إلى معلومات أكثر من الوحدات المكونة من الذكور”. ويضيف المقال، “إنهن يمثلن نماذج يحتذى بها تُلهم النساء في البلدان المضيفة للانضمام بأنفسهن إلى القوى الأمنية. كما أن زيادة أعداد النساء المشاركات في بعثات الأمم المتحدة هي أمر ضروري للقضاء على آفة الاستغلال والانتهاك الجنسي من جانب قوات حفظ السلام التي تسبب معاناة هائلة لضحاياها وتقلل من مصداقية عمليات الأمم المتحدة للسلام على الصعيد العالمي”. عندما يدخل أفراد البعثة إلى بلد ما، فإنهم مكلفون بحماية جميع الأشخاص، بغض النظر عن أجناسهم. وفي بعض البلدان، تمنع الأعراف الثقافية والتقليدية التفاعل البنّاء بين حفظة السلام من الذكور والمدنيات من الإناث. ولما كانت البعثات عرضة لاتهامات بسوء السلوك الجنسي من جانب حفظة السلام أو المقاتلين المسلحين، فإن القدرة على التعامل بشكل فعال مع النساء والأطفال هي أمر حيوي. غالباً ما تمثلت الصراعات السابقة في شن أحد الدول الحرب على دولة أخرى، وإن كان هذا الأمر أقل احتمالاً اليوم. فمعظم الصراعات الآن تتمثل في حركات التمرد والجهات الفاعلة غير الحكومية التي تقاتل قوات الدولة. وهذا من شانه أن يعقد ردود الأفعال، ويوسع نطاق وخصائص عمليات السلام، بحسب ما كتبته نانسي عنان وسروية ألوتي-بابوي في فصل بعنوان “الاستعراض السنوي لعمليات دعم السلام في أفريقيا: 2016” في كتابهما الذي يحمل اسم “النساء وعمليات دعم السلام في أفريقيا”. وبحسب ما كتبتا، “فعند ظهور صراعات جديدة، يتصاعد العنف ضد المدنيين، خاصة النساء والفتيات، حيث يتم استخدام الاغتصاب والعنف الجنسي بشكل متزايد كسلاح حرب”. وبسبب هذه الظروف، وغيرها، تعد مشاركة المرأة في عمليات حفظ السلام أمراً حيوياً. وتقول ديان كورنر، النائبة السابقة للممثل الخاص لبعثة الأمم المتحدة في جمهورية أفريقيا الوسطى، في فيديو للأمم المتحدة صدر عام 2015، “غالباً ما تكون قوات حفظ السلام النسائية قادرة على إقامة العلاقات مع النساء المحليات والأطفال، وربما الآخرين، لطمأنه المجتمعات المحلية بشأن ما نقوم به”. وتضيف، “أعتقد أنه ثَبُت مراراً وتكراراً فيما يتعلق بالتعامل مع القضايا الخاصة المرتبطة بالعنف الجنسي على وجه التحديد، بل وربما في القضايا الأخرى المتعلقة بحقوق الإنسان، أنه من الأفضل الاستعانة بالنساء في البعثات”. قدرات النساء وقيمتهن معروفة. فلماذا لا يعملن بشكل أكبر في بعثات حفظ السلام في أفريقيا؟ أين ذهبت النساء؟ لابد أن يبدأ أي تفسير لعدم وجود عدد أكبر من النساء في بعثات حفظ السلام بتقصي البلدان المساهمة بقوات. وينبغي أن يتضمن عددًا من القضايا، تتراوح من التحيزات السياسية والاجتماعية وصولاً إلى ممارسات التوظيف والدور المُتوقع من المرأة في بعض المجتمعات. جنود حفظ السلام الجنوب أفريقيون يقومون بدوريات في جمهورية الكونغو الديمقراطية كجزء من بعثة منظمة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في جمهورية الكونغو الديمقراطية.بعثة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في الكونغو الديمقراطية وعلى الرغم من هذه التحديات، فإن الأمر متروك للدول المساهمة بقوات عسكرية وبأفراد شرطة لضمان وجود توازن مناسب بين عدد الأفراد الذكور والإناث الذين تتكون منهم البعثات، وذلك بما يتماشى مع متطلبات الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي، وذلك بحسب عنان وآلوتى-بابوي. وعندما يحدث هذا، ستظهر النتائج واضحة في البعثات نفسها. عملت الدكتورة سابرينا كريم، وهي أستاذة مساعدة في الإدارة الحكومية بجامعة كورنيل، لعدة سنوات بشكل ميداني في بعثة الأمم المتحدة التي أنهت عملها مؤخراً في ليبيريا. ولاحظت أن لدى غانا، التي شاركت في البعثة، نسبة عالية من النساء في جيشها، وأن هذا يرجع ذلك جزئياً إلى نظام التوظيف الصديق للمرأة والذي يمنحها فرصاً لتولي المناصب القيادية. وبحسب ما قالته لمنتدى الدفاع الإفريقي، “لذا فوجهة النظر تفيد بأن الحصول على مزيد من الجنود من هذه النوعيات من البلدان المساهمة التي تقوم بعمل ما على وجه صحيح، من شأنه أن يجعل الأداء العام للبعثة أفضل”. فمن بين بعثات حفظ سلام السبعة العاملة التابعة للأمم المتحدة في القارة، هناك اثنتان فقط تمثل فيها النساء اللواتي يضطلعن بأدوار عسكرية أكثر من 4 في المائة. وتضم بعثة الصحراء الغربية 9.7 في المائة من النساء من بين 226 فرداً عسكرياً يخدمون فيها. ويوجد في البعثة العاملة في أبيي على الحدود السودانية ما نسبته 8.5 في المائة من النساء اللواتي يضطلعن بأدوار عسكرية من أصل 4,485 امرأة من إثيوبيا على وجه الحصر تقريباً. أما البعثات العاملة في جمهورية الكونغو الديمقراطية وجمهورية أفريقيا الوسطى، المعروفة بحوادث العنف الجنسي والجنساني، فبلغت نسبة النساء 3.7 في المائة و3.2 في المائة على التوالي. ومن الملحوظ أن أعداد أفراد الشرطة من النساء أفضل بشكل كبير، إذ يتراوح بين 7.2 في المائة في مالي إلى 32.4 في المائة في أبيي. لذا فإن أخذ التوظيف بعين الاعتبار هو خطوة أولى سليمة. لكن الأمر لا يمكن أن يكون مسألة أعداد فقط. فإضافة المزيد من النساء إلى عملية حفظ السلام لن يضمن أن يكون وجودهن مفيد للبعثة. تقول كريم إن بحثها يظهر أنه لا يتم في أغلب الأحيان إرسال النساء إلى المهمات الأكثر خطورة أو إلى البعثات التي يمثل العنف الجنسي فيها مشكلة. أولاً، التحليل الجنساني بحسب ساهانا دارمابوري، مديرة برنامج “مستقبلنا الآمن: النساء يحققن النتائج”، وهو برنامج تابع لمنظمة “مستقبل الأرض الواحدة”، فإن وجود عدداً أكبر من النساء قد لا يعني الكثير، إذا لم يتم نشرهن في إطار منظور جنساني شامل. وينبغي على كافة البعثات إجراء تحليل جنساني لمعرفة أفضل السبل لاستخدام الرجال والنساء لتحقيق أهداف البعثة. يمكن لمثل هذا التحليل أن يأخذ بالاعتبار نطاق أوسع لأهداف المهمة، مثل تكوين السكان المدنيين، أو مخاوف أكثر تفصيلاً، مثل من الذي يستخدم طريقًا معينًا في أوقات معينة. فعلى سبيل المثال، عند التخطيط لمسارات الدورية في منطقة ما، قد يأخذ التحليل الجنساني بعين الاعتبار الطريق الذي يجب السير فيه، ثم النظر إلى أسئلة مثل: ما هي القرى التي يمر بها هذا الطريق؟ من الذي يستخدم الطريق، ومتى يستخدمه؟ هل يمر هذا الطريق بسوق؟ إذا كان الأمر كذلك، فمتى يفتح السوق؟ هل هو سوق للنساء؟ وبمجرد أن يكون لدى مخططي البعثة إجابات على هذه الأسئلة، فإنه يمكنهم أن يحددوا تكوين القوات التي ستشارك في دورياتهم. وعلى الرغم من أنه قد يبدو أنه من المستحسن أن تقوم دورية نسائية بزيارة إلى سوق النساء، تقول دارمابوري إن الدوريات المختلطة أكثر فعالية. فعلى سبيل المثال، قد تسمح ست دوريات مختلطة بالوصول إلى المزيد من الأماكن والأشخاص أكثر مما يمكن لدورية واحدة مكونة من ست نساء أن تقوم به. تقوم الجيوش بتحليلات متشابهة طوال الوقت: أين يجب أن يتم نشر القوات المدرعة؟ أين توجد حاجة لقوات المشاة أو المدفعية؟ إن إضافة المنظور الجنساني إلى التحليل الشامل يساعد على نجاح المهمة. وبحسب ما قالته دارمابوري لمنتدى الدفاع الأفريقي، “يجب دمج التحليل الجنساني في تصورك الأمني الشامل”. وسيتطلب تحقيق التوازن الصحيح الخاص بعمل المرأة في هذه البعثات التغلب على بعض المفاهيم الخاطئة. ففي مقال صدر عام 2014 عن التحالف من أجل بناء السلام، تتناول دارمابوري ما تسميه “الأساطير الثلاثة حول النساء في بعثات حفظ السلام”: ”الأمر كله لصالح النساء”: في الواقع، الأمر ليس كذلك. إنه يتعلق بتوفير الأمن لجميع الناس -الرجال والنساء والفتيان والفتيات. إن تضمين المزيد من النساء في قوة حفظ السلام وإجراء تحليل جنساني شامل بشكل مسبق يساعد على جعل ذلك ممكناً. وتشدد دارمابوري على أنه يمكن للرجال والنساء تبني منظور جنساني عندما يعملون في إحدى البعثات. ”تساوي أعداد الجنود من الرجال والنساء في عمليات السلام يعني أننا حققنا المساواة بين الجنسين”: ليس الأمر كذلك. الهدف ليس بالضرورة وجود عدد متساوٍ من الرجال والنساء، بل هو جعل النساء يشاركن بشكل كامل في جميع مستويات البعثة، وجعل الرجال يشاركون بشكل فعال في تعزيز المساواة بين الجنسين. وهذا مطلوب بشكل خاص لأن الرجال يضطلعون بالعديد من الأدوار القيادية العسكرية والسياسية. ”كل شيء يتعلق بالجنس”: بسبب وجود حالات موثقة من العنف الجنسي والاعتداء في البعثات، يفترض البعض خطأ أن السبب الرئيسي لإشراك المرأة هو ردع هذا العنف. ومع ذلك، يمكن للمرأة أن تفعل أكثر من ذلك بكثير. فعندما يندلع الصراع، يقاتل الرجال عادة وتُترك النساء لرعاية الآخرين. لذا يمكن لفرق الجنود المختلطة أن تقوم بتدريب النساء المدنيات على الأمور الأمنية الأخرى، مثل عمليات الإجلاء أثناء الكارثة أو النزاع. تقول دهارمابوري إنه ينبغي النظر إلى النساء كعناصر يمكنها أن تحقق التغيير والاستقرار، وليس كضحايا فقط. وتضيف، “إذا كان لديك تكافؤ، فلن يؤدي ذلك وحده إلى تغيير التحيز الجنساني والسلوك الاجتماعي للنظام”، مشيرة إلى أن “النظام هو كل واحد منا. وأعتقد أن هذا هو الشيء الأساسي الذي ينساه الناس”.