Africa Defense Forum
Africa Defense Forum

تقاسم العبء

الدول تدرس سبل تلبية احتياجات القارة من النقل الجوي

أسرة‭ ‬منبر‭ ‬الدفاع‭ ‬الإفريقي

لمَّا نزل‭ ‬جنود‭ ‬حفظ‭ ‬السلام‭ ‬من‭ ‬أبناء‭ ‬جنوب‭ ‬السودان‭ ‬من‭ ‬على‭ ‬متن‭ ‬طائرة‭ ‬نقل‭ ‬عسكرية‭ ‬تابعة‭ ‬للقوات‭ ‬الجوية‭ ‬الكينية‭ ‬من‭ ‬طراز‭ ‬‮«‬سي‭-‬‭ ‬27‭ ‬جيه‭ ‬سبارتان‮»‬‭ ‬على‭ ‬أراضي‭ ‬جمهورية‭ ‬الكونغو‭ ‬الديمقراطية،‭ ‬كانوا‭ ‬يوفون‭ ‬بوعد‭ ‬قطعته‭ ‬بلادهم‭ ‬على‭ ‬نفسها‭. ‬

فقد‭ ‬كان‭ ‬رئيس‭ ‬جنوب‭ ‬السودان‭ ‬قد‭ ‬وعد‭ ‬بإرسال‭ ‬750‭ ‬جندياً‭ ‬للمشاركة‭ ‬في‭ ‬القوة‭ ‬الإقليمية‭ ‬لمجموعة‭ ‬شرق‭ ‬إفريقيا‭. ‬وترتب‭ ‬على‭ ‬وصولهم‭ ‬إلى‭ ‬غوما‭ ‬يومي‭ ‬2‭ ‬و3‭ ‬نيسان‭/‬أبريل‭ ‬2023‭ ‬أن‭ ‬بلغت‭ ‬تلك‭ ‬البعثة‭ ‬المصممة‭ ‬لإحلال‭ ‬السلام‭ ‬شرقي‭ ‬الكونغو‭ ‬الديمقراطية‭ ‬المضطرب‭ ‬مرحلة‭ ‬نشرها‭ ‬الكامل‭. ‬

وبالنسبة‭ ‬لجنوب‭ ‬السودان،‭ ‬تلك‭ ‬الدولة‭ ‬التي‭ ‬استضافت‭ ‬قوات‭ ‬حفظ‭ ‬سلام‭ ‬أجنبية‭ ‬منذ‭ ‬استقلالها،‭ ‬كانت‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬إرسال‭ ‬قوات‭ ‬إلى‭ ‬الخارج‭ ‬لحظة‭ ‬تاريخية‭. ‬

قالت‭ ‬السيدة‭ ‬أنجلينا‭ ‬تيني،‭ ‬وزيرة‭ ‬الدفاع‭ ‬وشؤون‭ ‬المحاربين‭ ‬القدامى‭ ‬آنذاك،‭ ‬قبل‭ ‬إرسال‭ ‬الجنود‭: ‬“كلنا‭ ‬فخر‭ ‬اليوم‭ ‬لأن‭ ‬علم‭ ‬جمهورية‭ ‬جنوب‭ ‬السودان‭ ‬سيُرفرف‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬سعي‭ ‬المنطقة‭ ‬إلى‭ ‬نشر‭ ‬الاستقرار‭ ‬والسلام؛‭ ‬وهذه‭ ‬فرصة‭ ‬عظيمة‭ ‬لنا‭ ‬لتغيير‭ ‬صورة‭ ‬هذه‭ ‬الدولة‭.‬”

كما‭ ‬أظهر‭ ‬وصول‭ ‬هؤلاء‭ ‬الجنود‭ ‬أهمية‭ ‬شراكات‭ ‬الجسر‭ ‬الجوي،‭ ‬فربما‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬نشرهم‭ ‬ممكناً‭ ‬لولا‭ ‬دعم‭ ‬القوات‭ ‬الجوية‭ ‬الكينية‭. ‬كما‭ ‬نقلت‭ ‬القوات‭ ‬الجوية‭ ‬الكينية‭ ‬100‭ ‬جندي‭ ‬بوروندي‭ ‬إلى‭ ‬الكونغو‭ ‬الديمقراطية‭ ‬في‭ ‬آذار‭/‬مارس‭ ‬2023‭.‬

لطالما‭ ‬تعرقلت‭ ‬بعثات‭ ‬حفظ‭ ‬السلام‭ ‬بسبب‭ ‬نقص‭ ‬إمكانيات‭ ‬النقل‭ ‬الجوي،‭ ‬فلم‭ ‬يكن‭ ‬بوسع‭ ‬البلدان‭ ‬نقل‭ ‬القوات‭ ‬والعتاد‭ ‬إلى‭ ‬الأماكن‭ ‬التي‭ ‬احتاجت‭ ‬إليهم‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬المناسب‭. ‬

قال‭ ‬اللواء‭ ‬جون‭ ‬موغرَفاي‭ ‬أومندا،‭ ‬قائد‭ ‬القوات‭ ‬الجوية‭ ‬الكينية،‭ ‬لمنبر‭ ‬الدفاع‭ ‬الإفريقي‭: ‬“يعتبر‭ ‬الجسر‭ ‬الجوي‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬من‭ ‬الأصول‭ ‬التي‭ ‬تحلم‭ ‬بها‭ ‬كل‭ ‬دولة،‭ ‬ولكن‭ ‬حيازة‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬المعدات‭ ‬مكلفاً‭ ‬للغاية؛‭ ‬وبالنظر‭ ‬إلى‭ [‬ناتجنا‭ ‬المحلي‭ ‬الإجمالي‭]‬،‭ ‬في‭ ‬إفريقيا‭ ‬بشكل‭ ‬عام،‭ ‬فإن‭ ‬تشغيل‭ ‬الجسر‭ ‬الجوي‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬لا‭ ‬يخلو‭ ‬من‭ ‬التحديات‭.‬”

ولحل‭ ‬هذا‭ ‬النقص،‭ ‬تبحث‭ ‬دول‭ ‬القارة‭ ‬عن‭ ‬طرق‭ ‬مبتكرة‭ ‬لشراء‭ ‬الطائرات‭ ‬وصيانتها‭ ‬وتجميع‭ ‬الموارد‭. ‬وبالنسبة‭ ‬للقارة،‭ ‬قد‭ ‬يشكل‭ ‬ذلك‭ ‬الفرق‭ ‬بين‭ ‬التدخل‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬المناسب‭ ‬لتدارك‭ ‬الأزمة‭ ‬والوصول‭ ‬بعد‭ ‬فوات‭ ‬الأوان‭. ‬

أفراد من القوة الإقليمية لمجموعة شرق إفريقيا يرحبون بأفراد من قوات الدفاع الشعبي لجنوب السودان في غوما.
القوة الإقليمية لمجموعة شرق إفريقي

التحديات

الكثير‭ ‬من‭ ‬حكومات‭ ‬إفريقيا‭ ‬التي‭ ‬تبلغ‭ ‬مساحتها‭ ‬30‭ ‬مليون‭ ‬كيلومتر‭ ‬مربع‭ ‬مسؤولة‭ ‬عن‭ ‬مساحات‭ ‬شاسعة‭ ‬من‭ ‬الأراضي‭ ‬التي‭ ‬تتصف‭ ‬ببنية‭ ‬تحتية‭ ‬محدودة‭ ‬للطرق‭ ‬أو‭ ‬السكك‭ ‬الحديد‭ ‬أو‭ ‬الموانئ‭. ‬ويثير‭ ‬ذلك‭ ‬مشكلة‭ ‬تُعرف‭ ‬أحياناً‭ ‬بمصطلح‭ ‬‮«‬استبداد‭ ‬المسافة‮»‬‭.‬

تحتوي‭ ‬القارة‭ ‬على‭ ‬204‭ ‬كيلومتر‭ ‬من‭ ‬الطرق‭ ‬لكل‭ ‬1‭,‬000‭ ‬كيلومتر‭ ‬مربع،‭ ‬أي‭ ‬نحو‭ ‬22٪‭ ‬من‭ ‬المتوسط‭ ‬العالمي‭. ‬وما‭ ‬يقرب‭ ‬من‭ ‬ربع‭ ‬طرقها‭ ‬فقط‭ ‬ممهد‭. ‬والبنية‭ ‬التحتية‭ ‬ليست‭ ‬موزعة‭ ‬بالتساوي؛‭ ‬أي‭ ‬إن‭ ‬المراكز‭ ‬السكانية‭ ‬المتقدمة‭ ‬كثيراً‭ ‬ما‭ ‬تكون‭ ‬بعيدة‭ ‬عن‭ ‬مناطق‭ ‬الصراع‭ ‬في‭ ‬المناطق‭ ‬النائية‭. ‬

وقال‭ ‬الفريق‭ ‬أول‭ ‬جان‭ ‬جاك‭ ‬موبينزي،‭ ‬أحد‭ ‬رجال‭ ‬القوات‭ ‬الجوية‭ ‬الرواندية،‭ ‬لمجلة‭ ‬‮«‬القوات‭ ‬الجوية‭ ‬والفضائية‮»‬‭: ‬“منطقتنا‭ ‬شاسعة‭ ‬وتتصف‭ ‬بأن‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬لقطاع‭ ‬النقل‭ ‬محدودة،‭ ‬ولذلك‭ ‬تتطلب‭ ‬آليات‭ ‬نقل‭ ‬جوي‭ ‬فعالة‭ ‬لتقريب‭ ‬المسافات‭ ‬وإعادة‭ ‬إمداد‭ ‬القوات‭ ‬في‭ ‬مسرح‭ ‬العمليات‭… ‬وتوصيل‭ ‬المساعدات‭ ‬الإنسانية‭.‬”

يمكن‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬العواقب‭ ‬وخيمة‭ ‬حين‭ ‬لا‭ ‬يتوفر‭ ‬هذا‭ ‬النقل‭ ‬الجوي‭.‬

ففي‭ ‬عام‭ ‬2012،‭ ‬حين‭ ‬تقدم‭ ‬المتمردون‭ ‬للسيطرة‭ ‬على‭ ‬مالي،‭ ‬تأخر‭ ‬تدخل‭ ‬المجموعة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬لدول‭ ‬غرب‭ ‬إفريقيا‭ ‬لعدة‭ ‬أشهر‭ ‬بسبب‭ ‬غياب‭ ‬الجسر‭ ‬الجوي‭. ‬وحدثت‭ ‬تأخيرات‭ ‬مماثلة‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬دارفور‭ ‬بالسودان‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2010،‭ ‬وذلك‭ ‬حين‭ ‬ظلت‭ ‬قوات‭ ‬الاتحاد‭ ‬الإفريقي‭ ‬واقفة‭ ‬عن‭ ‬الأرض‭ ‬والصراع‭ ‬يتفاقم‭. ‬وفي‭ ‬النهاية،‭ ‬تدخلت‭ ‬هولندا‭ ‬لفتح‭ ‬الجسر‭ ‬الجوي‭ ‬اللازم‭.‬

ويشكل‭ ‬نقص‭ ‬الطرق‭ ‬تحدياً‭ ‬لإمداد‭ ‬القوات‭ ‬بما‭ ‬يلزمها‭ ‬فور‭ ‬وصولها‭ ‬إلى‭ ‬دولة‭ ‬من‭ ‬الدول‭. ‬خلال‭ ‬بعثة‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬مالي،‭ ‬أمضت‭ ‬قوات‭ ‬حفظ‭ ‬السلام‭ ‬أسابيع‭ ‬في‭ ‬نقل‭ ‬الإمدادات‭ ‬عبر‭ ‬قوافل‭ ‬من‭ ‬الشاحنات‭ ‬من‭ ‬العاصمة‭ ‬باماكو‭ ‬إلى‭ ‬النقاط‭ ‬النائية‭ ‬في‭ ‬أماكن‭ ‬مثل‭ ‬تمبكتو‭. ‬وتذكر‭ ‬قائد‭ ‬قطاع‭ ‬سابق‭ ‬بالبعثة‭ ‬‮«‬كابوس‭ ‬الإمداد‭ ‬والتموين‮»‬‭ ‬المتمثل‭ ‬في‭ ‬مكافحة‭ ‬العواصف‭ ‬الترابية‭ ‬والفيضانات‭ ‬والصخور‭ ‬التي‭ ‬تثقب‭ ‬الإطارات‭ ‬لنقل‭ ‬الإمدادات‭ ‬في‭ ‬ربوع‭ ‬البلاد‭.‬

فقال‭ ‬العميد‭ ‬متقاعد‭ ‬ديفيد‭ ‬بابورام،‭ ‬رئيس‭ ‬إدارة‭ ‬دعم‭ ‬البعثات‭ ‬بالاتحاد‭ ‬الإفريقي‭ ‬سابقاً‭: ‬“عادةً‭ ‬ما‭ ‬يقولون‭ ‬إن‭ ‬العمليات‭ ‬تحرك‭ ‬الإمداد‭ ‬والتموين،‭ ‬لكنني‭ ‬أعتقد‭ ‬أن‭ ‬سبل‭ ‬الإمداد‭ ‬والتموين‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬تحرك‭ ‬العمليات‭ ‬في‭ ‬إفريقيا؛‭ ‬لأن‭ ‬العمليات‭ ‬تتوقف‭ ‬على‭ ‬سبل‭ ‬الإمداد‭ ‬والتموين‭ ‬المتاحة؛‭ ‬فلا‭ ‬يمكنك‭ ‬نقل‭ ‬القوات‭ ‬إلى‭ ‬الموقع‭ ‬‮«‬أ‮»‬‭ ‬أو‭ ‬‮«‬ب‮»‬‭ ‬إذا‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬لديك‭ ‬وسائل‭ ‬النقل‭ ‬الجوي‭ ‬لنقلهم‭ ‬إلى‭ ‬هناك،‭ ‬ولا‭ ‬يمكنك‭ ‬الاحتفاظ‭ ‬بالقوات‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬العمليات‭ ‬لمدة‭ ‬ثلاثة‭ ‬أشهر‭ ‬إذا‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬قادراً‭ ‬على‭ ‬إطعامهم‭.‬”

اللواء جون موغرَفاي أومندا، قائد القوات الجوية الكينية
أسرة منبر الدفاع الإفريقي

البحث‭ ‬عن‭ ‬الطائرة‭ ‬المناسبة

الجسر‭ ‬الجوي‭ ‬نوعان‭: ‬استراتيجي‭ ‬وتكتيكي‭. ‬فأما‭ ‬الجسر‭ ‬الجوي‭ ‬الاستراتيجي،‭ ‬فيتوفر‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الطائرات‭ ‬الكبيرة‭ ‬المصممة‭ ‬لنقل‭ ‬القوات‭ ‬والعتاد‭ ‬الثقيل‭ ‬إلى‭ ‬المواقع‭. ‬وأما‭ ‬الجسر‭ ‬الجوي‭ ‬التكتيكي،‭ ‬فيتوفر‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الطائرات‭ ‬الصغيرة‭ ‬أو‭ ‬المروحيات‭ ‬التي‭ ‬تزود‭ ‬القوات‭ ‬بالإمدادات‭ ‬طوال‭ ‬فترة‭ ‬نشرها‭. ‬

والخيارات‭ ‬محدودة‭ ‬بالنسبة‭ ‬لأثقل‭ ‬متطلبات‭ ‬النقل‭ ‬الاستراتيجي،‭ ‬وهي‭ ‬طائرات‭ ‬ذكر‭ ‬مركز‭ ‬إفريقيا‭ ‬للدراسات‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬أنها‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬نقل‭ ‬العتاد‭ ‬للواء‭ ‬واحد،‭ ‬وتتراوح‭ ‬حمولتها‭ ‬القصوى‭ ‬من‭ ‬45‭,‬000‭ ‬إلى‭ ‬136‭,‬000‭ ‬كيلوجرام،‭ ‬وتتصف‭ ‬بأنها‭ ‬مكلفة‭ ‬في‭ ‬شرائها‭ ‬وصيانتها،‭ ‬إذ‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يتجاوز‭ ‬سعر‭ ‬طائرة‭ ‬من‭ ‬طراز‭ ‬‮«‬سي‭-‬‭ ‬17‭ ‬غلوب‭ ‬ماستر‮»‬‭ ‬300‭ ‬مليون‭ ‬دولار‭ ‬أمريكي،‭ ‬وتكاد‭ ‬تحتاج‭ ‬نفس‭ ‬المبلغ‭ ‬لإجراء‭ ‬أعمال‭ ‬الإصلاح‭ ‬والصيانة‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬دورة‭ ‬حياتها‭.‬

‭ ‬وبالنسبة‭ ‬لمعظم‭ ‬عمليات‭ ‬حفظ‭ ‬السلام‭ ‬والاستجابة‭ ‬للطوارئ‭ ‬في‭ ‬القارة،‭ ‬تتصف‭ ‬قدرات‭ ‬الجسر‭ ‬الجوي‭ ‬المتوسط‭ ‬بأنها‭ ‬الأكثر‭ ‬عملية‭. ‬ويعرِّفها‭ ‬المركز‭ ‬بأنها‭ ‬طائرات‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬نقل‭ ‬كتيبة‭ ‬أو‭ ‬كتيبتين‭ ‬بالعتاد‭ ‬إلى‭ ‬الموقع‭ ‬خلال‭ ‬عدة‭ ‬رحلات‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬14‭ ‬يوماً‭. ‬وتتراوح‭ ‬حمولتها‭ ‬من‭ ‬9‭,‬000‭ ‬إلى‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬36‭,‬000‭ ‬كيلوجرام‭ ‬وبأسعار‭ ‬ميسورة‭ ‬عن‭ ‬الطائرات‭ ‬الأخرى‭. ‬

ولتلبية‭ ‬هذه‭ ‬الحاجة،‭ ‬لجأت‭ ‬بعض‭ ‬الدول‭ ‬إلى‭ ‬الطائرة‭ ‬‮«‬سي‭-‬‭ ‬130‮»‬،‭ ‬التي‭ ‬صُنعت‭ ‬لأول‭ ‬مرة‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1957،‭ ‬إذ‭ ‬أثبتت‭ ‬جدارتها‭ ‬وجدواها‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬التكلفة،‭ ‬وتعد‭ ‬اليوم‭ ‬أشهر‭ ‬طائرات‭ ‬النقل‭ ‬التي‭ ‬تستخدمها‭ ‬القوات‭ ‬الجوية‭ ‬في‭ ‬شتى‭ ‬بقاع‭ ‬العالم،‭ ‬إذ‭ ‬تُستخدم‭ ‬858‭ ‬طائرة‭ ‬‮«‬سي‭-‬‭ ‬130‮»‬‭ ‬أو‭ ‬الإصدار‭ ‬‮«‬إل‭-‬‭ ‬100‮»‬‭ ‬منها،‭ ‬لتشكل‭ ‬بذلك‭ ‬نسبة‭ ‬20٪‭ ‬من‭ ‬أسطول‭ ‬النقل‭ ‬العسكري‭ ‬العالمي‭. ‬

وفي‭ ‬تحليل‭ ‬لمختلف‭ ‬أنواع‭ ‬الطائرات،‭ ‬أوضح‭ ‬الرائد‭ ‬بالقوات‭ ‬الجوية‭ ‬الأمريكية‭ ‬ريان‭ ‬مكون‭ ‬أن‭ ‬الطائرة‭ ‬‮«‬سي‭-‬‭ ‬130‮»‬‭ ‬هي‭ ‬الأنسب‭ ‬للمهام‭ ‬الإقليمية‭ ‬نظراً‭ ‬لقدرتها‭ ‬على‭ ‬التحليق‭ ‬لمسافة‭ ‬تتجاوز‭ ‬2‭,‬700‭ ‬كيلومتر،‭ ‬وحمل‭ ‬19‭,‬000‭ ‬كيلوجرام،‭ ‬والهبوط‭ ‬في‭ ‬بيئات‭ ‬وعرة‭. ‬

وكتب‭ ‬في‭ ‬تحليل‭ ‬منشور‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2019‭ ‬يقول‭: ‬“الطائرة‭ ‬‮«‬سي‭-‬‭ ‬130‮»‬‭ ‬هي‭ ‬الخيار‭ ‬المناسب‭ ‬لإفريقيا؛‭ ‬فمن‭ ‬حيث‭ ‬الحمولة،‭ ‬وزمن‭ ‬الطيران،‭ ‬والقدرة‭ ‬على‭ ‬الهبوط‭ ‬على‭ ‬الأسطح‭ ‬غير‭ ‬الممهدة،‭ ‬فهذه‭ ‬الطائرة‭  ‬فهذه‭ ‬الطائرة‭ ‬ضالة‭ ‬المنطقة‭.‬”‭ ‬تستخدم‭ ‬10‭ ‬دول‭ ‬إفريقية‭ ‬هذه‭ ‬الطائرة‭.‬

وصول أفراد من قوات الدفاع الشعبي لجنوب السودان تمهيداً لنشرهم إلى مطار غوما الدولي بجمهورية الكونغو الديمقراطية.
وكالة الأنباء الفرنسية/صور غيتي

جهد‭ ‬مشترك

تدرس‭ ‬دول‭ ‬القارة‭ ‬سبل‭ ‬العمل‭ ‬بروح‭ ‬الفريق‭ ‬الواحد‭ ‬لتعظيم‭ ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬مواردها‭. ‬ومن‭ ‬مشاريع‭ ‬الاتحاد‭ ‬الإفريقي‭ ‬إنشاء‭ ‬‮«‬المركز‭ ‬الإفريقي‭ ‬لقيادة‭ ‬النقل‭ ‬الجوي،‮»‬‭ ‬والذي‭ ‬سيشمل‭ ‬آلية‭ ‬لتبادل‭ ‬قدرات‭ ‬النقل‭ ‬الجوي‭. ‬ومن‭ ‬شأن‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬يوفر‭ ‬طريقة‭ ‬لاستخدام‭ ‬موارد‭ ‬الجسر‭ ‬الجوي‭ ‬للقارة‭ ‬لدعم‭ ‬متطلبات‭ ‬السلم‭ ‬والأمن‭. ‬

وتقتضي‭ ‬هذه‭ ‬الخطة‭ ‬موافقة‭ ‬الدول‭ ‬ذات‭ ‬القدرات‭ ‬الجوية‭ ‬على‭ ‬تقديم‭ ‬الدعم‭ ‬عند‭ ‬استدعائها‭ ‬لذلك،‭ ‬بحيث‭ ‬يمكن‭ ‬استخدام‭ ‬طائراتها‭ ‬لنقل‭ ‬القوات‭ ‬أو‭ ‬العتاد‭ ‬لتنفيذ‭ ‬العمليات‭ ‬الأمنية،‭ ‬أو‭ ‬لإجلاء‭ ‬المواطنين‭ ‬خلال‭ ‬الأزمات‭ ‬الإنسانية،‭ ‬أو‭ ‬لنقل‭ ‬المساعدات‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬الكوارث‭ ‬الطبيعية‭.‬

قال‭ ‬العقيد‭ ‬بالقوات‭ ‬الجوية‭ ‬التونسية‭ ‬قيس‭ ‬الصغير‭ ‬خلال‭ ‬مؤتمر‭ ‬استضافته‭ ‬بوتسوانا‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2022‭ ‬ناقش‭ ‬خلاله‭ ‬فريق‭ ‬عمل‭ ‬فكرة‭ ‬مركز‭ ‬القيادة‭: ‬“أعتقد‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬إفريقي‭ ‬يحلم‭ ‬برؤية‭ ‬طائرة‭ ‬إفريقية‭ ‬تحمل‭ ‬جميع‭ ‬الأعلام‭ ‬الإفريقية‭ ‬على‭ ‬ذيلها،‭ ‬تطير‭ ‬في‭ ‬سماء‭ ‬القارة‭ ‬لإغاثة‭ ‬الأفارقة‭ ‬ومساندتهم‭.‬”

وقد‭ ‬نجحت‭ ‬هذه‭ ‬الاتفاقيات‭ ‬في‭ ‬بقاع‭ ‬أخرى‭ ‬من‭ ‬العالم‭. ‬ومثال‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬مركز‭ ‬تنسيق‭ ‬الحركة‭ ‬في‭ ‬أوروبا،‭ ‬ومقره‭ ‬هولندا،‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬شراكة‭ ‬بين‭ ‬28‭ ‬دولة‭ ‬توفر‭ ‬الجسر‭ ‬الجوي،‭ ‬والجسر‭ ‬البحري،‭ ‬والتزود‭ ‬بالوقود‭ ‬جواً،‭ ‬والنقل‭ ‬البري‭ ‬إلى‭ ‬الدول‭ ‬الأعضاء‭.‬

كما‭ ‬تدرس‭ ‬دول‭ ‬القارة‭ ‬ضرورة‭ ‬إنشاء‭ ‬آليات‭ ‬لتبادل‭ ‬قدرات‭ ‬الجسر‭ ‬الجوي‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الإقليمي،‭ ‬ولا‭ ‬سيما‭ ‬لدعم‭ ‬القوة‭ ‬الاحتياطية‭ ‬الإفريقية،‭ ‬وهذه‭ ‬القوة‭ ‬تتوافق‭ ‬مع‭ ‬المجموعات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الإقليمية،‭ ‬وهي‭ ‬مكلفة‭ ‬بالاستجابة‭ ‬للأزمات‭ ‬في‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬14‭ ‬يوماً،‭ ‬لكنها‭ ‬كثيراً‭ ‬ما‭ ‬عجزت‭ ‬عن‭ ‬الالتزام‭ ‬بهذا‭ ‬الموعد‭.‬

قال‭ ‬اللواء‭ ‬هندريك‭ ‬ثوثو‭ ‬راكغانتسوانا،‭ ‬قائد‭ ‬القوات‭ ‬الجوية‭ ‬البوتسوانية،‭ ‬لمجلة‭ ‬‮«‬القوات‭ ‬الجوية‭ ‬والفضائية‮»‬‭: ‬“في‭ ‬مجموعتنا‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الإقليمية،‭ ‬مجموعة‭ ‬تنمية‭ ‬الجنوب‭ ‬الإفريقي،‭ ‬نعاني‭ ‬من‭ ‬كوارث‭ ‬وأزمات‭ ‬شتى،‭ ‬وليس‭ ‬لدينا‭ ‬قدرات‭ ‬الجسر‭ ‬الجوي‭ ‬اللازمة‭.‬‭ ‬ولهذا‭ ‬يتوجب‭ ‬علينا‭ ‬الآن‭ ‬أن‭ ‬نتعاون‭ ‬ونجمع‭ ‬مواردنا‭.‬”

تجلى‭ ‬هذا‭ ‬التعاون‭ ‬في‭ ‬عامي‭ ‬2022‭ ‬و2023‭ ‬حين‭ ‬فتحت‭ ‬زامبيا‭ ‬وأنغولا‭ ‬جسراً‭ ‬جوياً‭ ‬لنقل‭ ‬الأفراد‭ ‬والعتاد‭ ‬إلى‭ ‬بعثة‭ ‬مجموعة‭ ‬تنمية‭ ‬الجنوب‭ ‬الإفريقي‭ ‬في‭ ‬موزمبيق‭. ‬

وقال‭ ‬راكغانتسوانا‭: ‬“هذه‭ ‬الآلية‭ ‬ضالتنا؛‭ ‬وعلينا‭ ‬الآن‭ ‬أن‭ ‬نجعلها‭ ‬تتناسب‭ ‬مع‭ ‬الهياكل‭ ‬القائمة‭.‬”

كما‭ ‬تبحث‭ ‬دول‭ ‬القارة‭ ‬عن‭ ‬سبل‭ ‬لتجميع‭ ‬مواردها‭ ‬لتعزيز‭ ‬قوتها‭ ‬الشرائية،‭ ‬وتكمن‭ ‬إحدى‭ ‬الأفكار‭ ‬في‭ ‬توافق‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬على‭ ‬شراء‭ ‬أسطول‭ ‬صغير‭ ‬من‭ ‬طائرات‭ ‬النقل‭ ‬تكون‭ ‬ملكها‭ ‬جميعاً،‭ ‬وكلها‭ ‬تشارك‭ ‬في‭ ‬تشغيلها‭. ‬ويأتي‭ ‬ذلك‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬جناح‭ ‬النقل‭ ‬الجوي‭ ‬الثقيل‭ ‬التابع‭ ‬لوحدة‭ ‬قدرات‭ ‬الجسر‭ ‬الجوي‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬بالمجر،‭ ‬وهو‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬شراكة‭ ‬تضم‭ ‬12‭ ‬دولة‭ ‬تتبادل‭ ‬مواردها‭ ‬الجوية‭.‬

وخلال‭ ‬فعاليات‭ ‬‮«‬ندوة‭ ‬قادة‭ ‬القوات‭ ‬الجوية‭ ‬الإفريقية‮»‬‭ ‬لعام‭ ‬2023‭ ‬التي‭ ‬استضافتها‭ ‬العاصمة‭ ‬السنغالية‭ ‬داكار،‭ ‬أعرب‭ ‬قادة‭ ‬القوات‭ ‬الجوية‭ ‬عن‭ ‬تفاؤلهم‭ ‬بتطور‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الشراكات‭ ‬والجهود‭ ‬المشتركة‭.‬

فقال‭ ‬اللواء‭ ‬أومندا،‭ ‬قائد‭ ‬القوات‭ ‬الجوية‭ ‬الكينية‭: ‬“إذا‭ ‬تحسَّن‭ ‬كل‭ ‬شيء،‭ ‬فأعتقد‭ ‬أننا‭ ‬نستطيع‭ ‬التعاون‭ ‬مع‭ ‬دول‭ ‬أخرى،‭ ‬لأن‭ ‬هذه‭ ‬هي‭ ‬الغاية‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬المنتدى،‭ ‬أي‭ ‬محاولة‭ ‬تجميع‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬الأصول‭ ‬للاستخدام‭ ‬المشترك‭ ‬واستغلالها‭ ‬كلما‭ ‬دعت‭ ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬ذلك؛‭ ‬لذا،‭ ‬نعم‭ [‬الطائرات‭] ‬مكلفة،‭ ‬وقليلة،‭ ‬ولكن‭ ‬يمكننا‭ ‬توفيرها‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التعاون‭ ‬بين‭ ‬الدول‭.‬”‭  ‬‭ 

التعليقات مغلقة.