Africa Defense Forum
Africa Defense Forum

لماذا تعود الانقلابات العسكرية لإفريقيا؟

الانقلابات تكثر بعد سنوات من الهدوء النسبي

أسرة‭ ‬منبر‭ ‬الدفاع‭ ‬الإفريقي

كثرت

محاولات‭ ‬الانقلاب‭ ‬في‭ ‬إفريقيا‭ ‬خلال‭ ‬فترة‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬الاستقلال‭ ‬وفترة‭ ‬الحرب‭ ‬الباردة‭. ‬

ولكن‭ ‬شهدت‭ ‬السنوات‭ ‬الـ‭ ‬20‭ ‬الماضية‭ ‬أو‭ ‬نحوها‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬الهدوء‭ ‬مقارنة‭ ‬بتلك‭ ‬الفترتين،‭ ‬وكان‭ ‬متوسط‭ ‬معدل‭ ‬الانقلابات‭ ‬في‭ ‬القارة‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬انقلاب‭ ‬واحد‭ ‬مكتمل‭ ‬سنوياً‭ ‬بين‭ ‬عامي‭ ‬2011‭ ‬و2020،‭ ‬ولكن‭ ‬ولت‭ ‬حالة‭ ‬الاستقرار‭ ‬النسبي‭ ‬منذ‭ ‬ذلك‭ ‬الحين‭ ‬وحل‭ ‬محلها‭ ‬ما‭ ‬يبدو‭ ‬أنها‭ ‬عودة‭ ‬قوية‭ ‬لمحاولات‭ ‬الانقلاب‭.‬

فقد‭ ‬شهدت‭ ‬القارة‭ ‬نحو‭ ‬12‭ ‬محاولة‭ ‬انقلاب‭ ‬خلال‭ ‬الفترة‭ ‬الممتدة‭ ‬من‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬كانون‭ ‬الثاني‭/‬يناير‭ ‬2020‭ ‬وحتى‭ ‬كانون‭ ‬الأول‭/‬ديسمبر‭ ‬2022،‭ ‬أسفرت‭ ‬ستة‭ ‬منها‭ ‬عن‭ ‬تغيير‭ ‬الحكومة‭ ‬بطريق‭ ‬غير‭ ‬دستوري‭ ‬على‭ ‬أيدي‭ ‬ضباط‭ ‬الجيش‭.‬

وقد‭ ‬أثارت‭ ‬هذه‭ ‬النزعة‭ ‬بواعث‭ ‬القلق‭ ‬لدى‭ ‬المنظمات‭ ‬القارية‭ ‬والإقليمية،‭ ‬إذ‭ ‬دفعت‭ ‬المجموعة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬لدول‭ ‬غرب‭ ‬إفريقيا‭ (‬الإيكواس‭) ‬إلى‭ ‬عقد‭ ‬مؤتمر‭ ‬قمة‭ ‬طارئة‭ ‬بالعاصمة‭ ‬الغانية‭ ‬أكرا‭ ‬في‭ ‬شباط‭/‬فبراير‭ ‬2022‭ ‬لمناقشة‭ ‬هذه‭ ‬القضية‭.‬

وأفادت‭ ‬الجزيرة‭ ‬أنَّ‭ ‬الرئيس‭ ‬الغاني‭ ‬نانا‭ ‬أكوفو‭ ‬أدو،‭ ‬رئيس‭ ‬الإيكواس،‭ ‬قال‭ ‬للحاضرين‭ ‬بمؤتمر‭ ‬القمة‭ ‬إنَّ‭ ‬الانقلابات‭ ‬أمست‭ ‬ظاهرة‭ ‬“معدية”‭  ‬وناداهم‭ ‬“بضرورة‭ ‬احتواء”‭ ‬هذا‭ ‬الاتجاه‭ ‬“قبل‭ ‬أن‭ ‬يدمر‭ ‬منطقتنا‭ ‬بأسرها‭.‬”

وبالمثل،‭ ‬أعرب‭ ‬السيد‭ ‬موسى‭ ‬فقي‭ ‬محمد،‭ ‬رئيس‭ ‬مفوضية‭ ‬الاتحاد‭ ‬الإفريقي،‭ ‬عن‭ ‬قلقه‭ ‬من‭ ‬“عودة‭ ‬التغييرات‭ ‬غير‭ ‬الدستورية‭ ‬للحكومات‭.‬”‭ ‬

الانقلابات‭ ‬وبال‭ ‬ولا‭ ‬تخلو‭ ‬من‭ ‬التعقيد،‭ ‬ويمكن‭ ‬أن‭ ‬تتنوع‭ ‬أسبابها،‭ ‬ويمكن‭ ‬أن‭ ‬يتعذر‭ ‬منعها،‭ ‬إلا‭ ‬أنَّ‭ ‬فهم‭ ‬أسبابها‭ ‬يعد‭ ‬الخطوة‭ ‬الأولى‭ ‬نحو‭ ‬بناء‭ ‬جيوش‭ ‬تتحلى‭ ‬بالمهنية‭ ‬والاحترافية‭ ‬ومسلحة‭ ‬بسلاح‭ ‬العلم‭ ‬والتدريب‭ ‬والرغبة‭ ‬في‭ ‬تفاديها‭.‬

أعلام دول المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا ترفرف في لومي بتوغو. يمكن أن تؤدي الانقلابات إلى تعليق عضوية الدول في المنظمات الإقليمية وستعاني من العزلة الدبلوماسية. وكالة الأنباء الفرنسية/صور غيتي

متى‭ ‬تكتمل‭ ‬أركان‭ ‬الانقلاب؟

يحدث‭ ‬الانقلاب‭ ‬حين‭ ‬تتحرك‭ ‬قوات‭ ‬منظمة،‭ ‬سواء‭ ‬أكانت‭ ‬عسكرية‭ ‬أم‭ ‬سياسية،‭ ‬للإطاحة‭ ‬بحكومة‭ ‬وطنية‭ ‬تتولى‭ ‬مقاليد‭ ‬الحكم‭. ‬وكثيراً‭ ‬ما‭ ‬تنطوي‭ ‬الانقلابات‭ ‬في‭ ‬إفريقيا‭ ‬على‭ ‬تحرك‭ ‬فصيل‭ ‬داخل‭ ‬جيش‭ ‬الدولة‭. ‬ويتصف‭ ‬بعضها‭ ‬بالعنف،‭ ‬ويشارك‭ ‬في‭ ‬بعضها‭ ‬ضباط‭ ‬أمن‭ ‬يستغلون‭ ‬قنوات‭ ‬الاتصال‭ ‬الوطنية‭ ‬واعتقال‭ ‬قيادات‭ ‬الدولة‭ ‬وكبار‭ ‬المسؤولين‭ ‬الحكوميين‭.‬

ومن‭ ‬المعهود‭ ‬أنَّ‭ ‬أركان‭ ‬الانقلاب‭ ‬تكتمل‭ ‬حين‭ ‬تستمر‭ ‬حالة‭ ‬الاضطراب‭ ‬تلك‭ ‬سبعة‭ ‬أيام‭ ‬أو‭ ‬أكثر‭. ‬ويقول‭ ‬خبراء‭ ‬آخرون‭ ‬إنَّ‭ ‬مدبري‭ ‬الانقلاب‭ ‬لا‭ ‬بدَّ‭ ‬أن‭ ‬يبقوا‭ ‬في‭ ‬السلطة‭ ‬لمدة‭ ‬شهر‭ ‬على‭ ‬الأقل‭. ‬وبغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬ذلك،‭ ‬فقد‭ ‬كشفت‭ ‬الدراسات‭ ‬أن‭ ‬نحو‭ ‬نصف‭ ‬جميع‭ ‬الانقلابات‭ ‬التي‭ ‬شهدتها‭ ‬إفريقيا‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬العقود‭ ‬الكثيرة‭ ‬الماضية‭ ‬كانت‭ ‬انقلابات‭ ‬مكتملة‭ ‬الأركان‭. ‬كما‭ ‬صمد‭ ‬ذلك‭ ‬الاتجاه‭ ‬مع‭ ‬موجة‭ ‬الانقلابات‭ ‬الأخيرة‭ ‬في‭ ‬القارة‭.‬

ما‭ ‬وتيرة‭ ‬حدوث‭ ‬الانقلابات؟

ليست‭ ‬الانقلابات‭ ‬حكراً‭ ‬على‭ ‬البلدان‭ ‬الإفريقية،‭ ‬فلم‭ ‬تسلم‭ ‬منها‭ ‬آسيا‭ ‬وأوروبا‭ ‬وأمريكا‭ ‬الجنوبية‭ ‬عبر‭ ‬السنين‭. ‬وعند‭ ‬النظر‭ ‬إلى‭ ‬محاولات‭ ‬الانقلاب‭ ‬في‭ ‬إفريقيا‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬1950،‭ ‬نلاحظ‭ ‬فترة‭ ‬من‭ ‬الهدوء‭ ‬النسبي‭ ‬سادت‭ ‬القارة‭ ‬حتى‭ ‬عام‭ ‬1963‭ ‬تقريباً،‭ ‬ويمكن‭ ‬وصف‭ ‬تلك‭ ‬الحقبة‭ ‬بأنها‭ ‬فترة‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬الاستقلال‭ ‬في‭ ‬القارة‭. ‬ثمَّ‭ ‬زاد‭ ‬متوسط‭ ‬محاولات‭ ‬الانقلاب‭ ‬قليلاً‭ ‬عن‭ ‬40‭ ‬محاولة‭ ‬لكل‭ ‬10‭ ‬سنوات‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬1960‭ ‬وحتى‭ ‬عام‭ ‬1999‭. ‬

“فخ‭ ‬الانقلابات”

يخبرنا‭ ‬التاريخ‭ ‬أنَّ‭ ‬تكرر‭ ‬الانقلابات‭ ‬يكون‭ ‬أسهل‭ ‬حين‭ ‬تشيع‭ ‬في‭ ‬دولة‭ ‬من‭ ‬الدول،‭ ‬ودرس‭ ‬الباحثون‭ ‬هذه‭ ‬الظاهرة‭ ‬ووضعوا‭ ‬لها‭ ‬مصطلح‭ ‬‮«‬فخ‭ ‬الانقلابات‮»‬‭. ‬ولنا‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬السودان‭ ‬عبرة‭.‬

فقد‭ ‬شهد‭ ‬السودان‭ ‬11‭ ‬محاولة‭ ‬انقلاب‭ ‬بين‭ ‬عامي‭ ‬1958‭ ‬و1971،‭ ‬منها‭ ‬ما‭ ‬فشل‭ ‬ومنها‭ ‬ما‭ ‬أُحبط‭ ‬ومنها‭ ‬ما‭ ‬نجح‭. ‬ووقعت‭ ‬أربع‭ ‬مؤامرات‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1969‭ ‬وحده،‭ ‬فنجحت‭ ‬واحدة‭ ‬وأُحبطت‭ ‬ثلاث‭. ‬كما‭ ‬كثرت‭ ‬مؤامرات‭ ‬الانقلاب‭ ‬في‭ ‬عامي‭ ‬1984–1985‭ ‬وفي‭ ‬عام‭ ‬1991‭. ‬وعادت‭ ‬حالة‭ ‬عدم‭ ‬الاستقرار‭ ‬المتواصلة‭ ‬إلى‭ ‬السودان‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2019‭ ‬في‭ ‬أعقاب‭ ‬الإطاحة‭ ‬بالديكتاتور‭ ‬عمر‭ ‬البشير‭ ‬الذي‭ ‬لبث‭ ‬في‭ ‬حكم‭ ‬البلاد‭ ‬طويلاً،‭ ‬ولا‭ ‬تزال‭ ‬مستمرة‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬بينما‭ ‬تحاول‭ ‬القيادات‭ ‬العسكرية‭ ‬والمدنية‭ ‬وضع‭ ‬خارطة‭ ‬طريق‭ ‬للعودة‭ ‬إلى‭ ‬رحاب‭ ‬الحكم‭ ‬المدني‭. ‬

والحق‭ ‬أنَّ‭ ‬المعلومات‭ ‬التي‭ ‬جمعتها‭ ‬بوابة‭ ‬‮«‬ستاتيستا‮»‬‭ ‬البحثية‭ ‬كشفت‭ ‬أنَّ‭ ‬السودان‭ ‬يتصدر‭ ‬العالم‭ ‬في‭ ‬محاولات‭ ‬الانقلاب‭ ‬بين‭ ‬عامي‭ ‬1945‭ ‬و2021‭. ‬

شرطة مكافحة الشغب في مالي تبعد المتظاهرين عن موكب للسيارات بعد انقلاب وقع في عام 2021. وكالة الأنباء الفرنسية/صور غيتي

موروثات‭ ‬الانقلابات

ما‭ ‬أكثر‭ ‬ما‭ ‬يتسبب‭ ‬الانقلاب‭ ‬فور‭ ‬وقوعه‭ ‬في‭ ‬خلق‭ ‬المشكلات‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬حلها،‭ ‬فإذا‭ ‬أطاح‭ ‬ضباط‭ ‬الجيش‭ ‬بحكومة‭ ‬مدنية‭ ‬–‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬الحكومة‭ ‬المنتخبة‭ ‬في‭ ‬انتخابات‭ ‬ديمقراطية‭ ‬–‭ ‬فمن‭ ‬المحتمل‭ ‬أن‭ ‬يُنظر‭ ‬إلى‭ ‬قادة‭ ‬الجيش‭ ‬على‭ ‬أنهم‭ ‬غير‭ ‬شرعيين،‭ ‬وقد‭ ‬يؤدي‭ ‬عجزهم‭ ‬عن‭ ‬تبرير‭ ‬أفعالهم‭ ‬إلى‭ ‬تعريض‭ ‬الدولة‭ ‬لخطر‭ ‬انقلابات‭ ‬أخرى،‭ ‬حسبما‭ ‬ورد‭ ‬في‭ ‬تقرير‭ ‬منشور‭ ‬على‭ ‬مدونة‭ ‬راند‭ ‬في‭ ‬كانون‭ ‬الأول‭/‬ديسمبر‭ ‬2021‭ ‬بقلم‭ ‬الدكتور‭ ‬شون‭ ‬زيغلر‭.‬

ويقول‭ ‬زيغلر‭: ‬“في‭ ‬أغلب‭ ‬الأحيان،‭ ‬يقدم‭ ‬الجنود‭ ‬أنفسهم‭ ‬على‭ ‬أنهم‭ ‬منقذون‭ ‬لبلادهم،‭ ‬ويتهمون‭ ‬الأنظمة‭ ‬المخلوعة‭ ‬بالفساد‭ ‬والخيانة‭ ‬وسوء‭ ‬التصرف‭.‬”‭ ‬

كما‭ ‬ورد‭ ‬في‭ ‬منشور‭ ‬المدونة‭ ‬أنَّ‭ ‬الانقلابات‭ ‬العسكرية‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭ ‬تتضمن‭ ‬عبارات‭ ‬مفادها‭ ‬أنَّ‭ ‬حكم‭ ‬الطغمة‭ ‬العسكرية‭ ‬سيكون‭ ‬مؤقتاً،‭ ‬وستصف‭ ‬الجيوش‭ ‬أنظمتها‭ ‬الجديدة‭ ‬على‭ ‬أنها‭ ‬حماة‭ ‬الوطن،‭ ‬لا‭ ‬غاية‭ ‬لهم‭ ‬سوى‭ ‬الإشراف‭ ‬والحفاظ‭ ‬على‭ ‬النظام‭ ‬بينما‭ ‬تستعيد‭ ‬الدولة‭ ‬الحكم‭ ‬المدني‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬عبر‭ ‬إجراء‭ ‬انتخابات‭ ‬جديدة‭. ‬

ويقول‭ ‬زيغلر‭: ‬“تشهد‭ ‬حالات‭ ‬كثيرة‭ ‬تشكيل‭ ‬مجالس‭ ‬عسكرية‭ ‬انتقالية‭ ‬للإشراف‭ ‬على‭ ‬عمليات‭ ‬الانتقال‭ ‬إلى‭ ‬الديمقراطية،‭ ‬وبعضها‭ ‬لا‭ ‬يتحقق‭.‬”‭ ‬

عواقب‭ ‬الانقلابات

يمكن‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬عواقب‭ ‬الانقلابات‭ ‬وخيمة‭ ‬على‭ ‬الدولة؛‭ ‬إذ‭ ‬يمكنها‭ ‬التأثير‭ ‬على‭ ‬الاقتصاد‭ ‬والعلاقات‭ ‬الدبلوماسية،‭ ‬وتؤدي‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الحالات‭ ‬إلى‭ ‬حلقة‭ ‬من‭ ‬عدم‭ ‬الاستقرار‭. ‬فيما‭ ‬يلي‭ ‬بعض‭ ‬العواقب‭ ‬التي‭ ‬تذوقها‭ ‬الدول‭ ‬على‭ ‬إثر‭ ‬الانقلابات‭.‬

تعليق‭ ‬المساعدات‭: ‬يُحظر‭ ‬على‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬والمنظمات‭ ‬غير‭ ‬الحكومية‭ ‬تقديم‭ ‬مساعدات‭ ‬للحكومة‭ ‬التي‭ ‬تمسك‭ ‬بمقاليد‭ ‬الحكم‭ ‬على‭ ‬إثر‭ ‬انقلاب‭. ‬ويترتب‭ ‬على‭ ‬تعليق‭ ‬المساعدات‭ ‬التوقف‭ ‬عن‭ ‬تمويل‭ ‬المشاريع‭ ‬المتعلقة‭ ‬بالأمن‭ ‬القومي‭ ‬والصحة‭ ‬العامة‭ ‬والزراعة‭ ‬وقطاع‭ ‬الطاقة‭. ‬ومثال‭ ‬ذلك‭ ‬أنَّ‭ ‬السودان‭ ‬حُرم‭ ‬مما‭ ‬يقرب‭ ‬من‭ ‬4‭.‬4‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬أمريكي‭ ‬في‭ ‬شكل‭ ‬مساعدات‭ ‬تعهد‭ ‬بها‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬خلال‭ ‬الثمانية‭ ‬أشهر‭ ‬التي‭ ‬أعقبت‭ ‬انقلاب‭ ‬عام‭ ‬2021‭.‬

الإضرار‭ ‬بالاقتصاد‭:‬‭ ‬يُظهر‭ ‬التاريخ‭ ‬أنَّ‭ ‬الشركات‭ ‬لا‭ ‬يُحتمل‭ ‬أن‭ ‬تستثمر‭ ‬أو‭ ‬توسع‭ ‬نشاطها‭ ‬في‭ ‬الدولة‭ ‬التي‭ ‬يسودها‭ ‬مناخ‭ ‬من‭ ‬غياب‭ ‬الأمن،‭ ‬ويشكل‭ ‬غياب‭ ‬الأمن‭ ‬والخوف‭ ‬وحالة‭ ‬الضبابية‭ ‬خلطة‭ ‬سامة‭ ‬يمكنها‭ ‬أن‭ ‬تهدم‭ ‬النشاط‭ ‬الاقتصادي‭ ‬وتسوق‭ ‬الدولة‭ ‬إلى‭ ‬كساد‭ ‬اقتصادي‭. ‬فقد‭ ‬توصلت‭ ‬دراسة‭ ‬أجراها‭ ‬معهد‭ ‬ستوكهولم‭ ‬للاقتصاد‭ ‬الانتقالي‭ ‬على‭ ‬94‭ ‬دولة‭ ‬إلى‭ ‬أنَّ‭ ‬نمو‭ ‬الدخل‭ ‬الفردي‭ ‬قلَّ‭ ‬في‭ ‬العقد‭ ‬الذي‭ ‬تلا‭ ‬الانقلابات‭ ‬التي‭ ‬وقعت‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬الديمقراطية‭ ‬عما‭ ‬كان‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬سلمت‭ ‬من‭ ‬الانقلاب‭.‬

العزلة‭ ‬الدبلوماسية‭:‬‭ ‬تسارع‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المنظمات‭ ‬الإقليمية‭ ‬والقارية‭ ‬والدولية‭ ‬إلى‭ ‬تعليق‭ ‬عضوية‭ ‬الدول‭ ‬الأعضاء‭ ‬بها‭ ‬بعد‭ ‬تداول‭ ‬السلطة‭ ‬عبر‭ ‬قنوات‭ ‬غير‭ ‬ديمقراطية‭. ‬ومثال‭ ‬ذلك‭ ‬أنَّ‭ ‬الاتحاد‭ ‬الإفريقي‭ ‬والمجموعة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬لدول‭ ‬غرب‭ ‬إفريقيا‭ ‬والمنظمة‭ ‬الدولية‭ ‬للناطقين‭ ‬بالفرنسية‭ ‬وعدد‭ ‬من‭ ‬المنظمات‭ ‬الأخرى‭ ‬علقت‭ ‬عضوية‭ ‬بوركينا‭ ‬فاسو‭ ‬عقب‭ ‬الانقلاب‭ ‬الذي‭ ‬وقع‭ ‬بها‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2021‭. ‬وترتب‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬حرمانها‭ ‬من‭ ‬حقها‭ ‬في‭ ‬التصويت‭ ‬أو‭ ‬التأثير‭ ‬على‭ ‬القضايا‭ ‬الاقتصادية‭ ‬التي‭ ‬ربما‭ ‬تؤثر‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬فيه‭ ‬الخير‭ ‬لشعبها‭ ‬في‭ ‬المستقبل‭. ‬وربما‭ ‬تُحرم‭ ‬البلدان‭ ‬أيضاً‭ ‬من‭ ‬حقها‭ ‬في‭ ‬استضافة‭ ‬الفعاليات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والدبلوماسية‭ ‬والرياضية‭ ‬المرموقة‭ ‬التي‭ ‬تجلب‭ ‬عائدات‭ ‬السياحة،‭ ‬كما‭ ‬حدث‭ ‬مع‭ ‬نقل‭ ‬مكان‭ ‬استضافة‭ ‬بطولة‭ ‬كأس‭ ‬الأمم‭ ‬الإفريقية‭ ‬لكرة‭ ‬القدم،‭ ‬وهي‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬أبرز‭ ‬الأحداث‭ ‬الرياضية‭ ‬في‭ ‬القارة،‭ ‬في‭ ‬أعقاب‭ ‬انقلاب‭. ‬ويمكن‭ ‬أن‭ ‬يتسبب‭ ‬نقل‭ ‬الفعاليات‭ ‬الكبرى‭ ‬بسبب‭ ‬غياب‭ ‬الأمن‭ ‬في‭ ‬تهديد‭ ‬النسيج‭ ‬الاجتماعي‭ ‬للمجتمع‭ ‬ويضر‭ ‬أيضاً‭ ‬بالشركات‭ ‬والمشاريع‭ ‬التجارية‭ ‬التي‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬العائدات‭ ‬المرتبطة‭ ‬بها،‭ ‬وبالتالي‭ ‬الإضرار‭ ‬بالاقتصاد‭ ‬الوطني‭.‬

تحديات‭ ‬الحكم‭:‬‭ ‬حين‭ ‬يمسك‭ ‬ضباط‭ ‬الجيش‭ ‬بمقاليد‭ ‬الحكم،‭ ‬فإنهم‭ ‬لا‭ ‬يكتفون‭ ‬بالإطاحة‭ ‬بحاكم‭ ‬أو‭ ‬حكومة‭ ‬يرون‭ ‬أنها‭ ‬غير‭ ‬مقبولة،‭ ‬بل‭ ‬يبسطون‭ ‬سيطرتهم‭ ‬على‭ ‬بيروقراطية‭ ‬حكومية‭ ‬ضخمة‭ ‬تشمل‭ ‬إدارات‭ ‬ووزارات‭ ‬خارج‭ ‬نطاق‭ ‬العمليات‭ ‬العسكرية‭ ‬المألوفة‭. ‬كما‭ ‬تعتمد‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الحكومات‭ ‬على‭ ‬العلاقات‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬العابرة‭ ‬للحدود‭ ‬والمناطق‭. ‬ويمكن‭ ‬أن‭ ‬يتسبب‭ ‬الإضرار‭ ‬بهذه‭ ‬المؤسسات‭ ‬والعلاقات‭ ‬في‭ ‬الإضرار‭ ‬بالدولة‭ ‬وشعبها‭.‬

وعلاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬يقول‭ ‬الباحث‭ ‬جان‭ ‬لاشابيل‭ ‬في‭ ‬مقاله‭ ‬الصادر‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2020‭ ‬بعنوان‭ ‬‮«‬لا‭ ‬مخرج‭ ‬سهل‭: ‬تأثير‭ ‬الانقلابات‭ ‬العسكرية‭ ‬على‭ ‬قمع‭ ‬الدولة‮»‬‭ ‬لمجلة‭ ‬‮«‬جورنال‭ ‬أوف‭ ‬بوليتيكس‮»‬‭: ‬“تزيد‭ ‬الانقلابات‭ ‬من‭ ‬القمع‭ ‬الذي‭ ‬تمارسه‭ ‬الدولة،‭ ‬حتى‭ ‬حين‭ ‬تستهدف‭ ‬المستبدين‭ ‬القمعيين‭.‬”‭ ‬

وذلك‭ ‬لأنَّ‭ ‬الانقلابات‭ ‬يعقبها‭ ‬باستمرار‭ ‬إجراءات‭ ‬مثل‭ ‬سجن‭ ‬المعارضين،‭ ‬وقمع‭ ‬الاحتجاجات‭ ‬بعنف،‭ ‬وتقييد‭ ‬حقوق‭ ‬مثل‭ ‬حرية‭ ‬التعبير‭ ‬وحرية‭ ‬الصحافة‭. ‬وذكر‭ ‬لاشابيل‭ ‬أنَّ‭ ‬الأبحاث‭ ‬التاريخية‭ ‬كشفت‭ ‬أنَّ‭ ‬قادة‭ ‬الانقلابات‭ ‬العسكرية‭ ‬يميلون‭ ‬إلى‭ ‬استخدام‭ ‬القوة‭ ‬ضد‭ ‬شعبهم‭.‬

فيقول‭: ‬“كثيراً‭ ‬ما‭ ‬تكون‭ ‬الجيوش‭ ‬غير‭ ‬مؤهلة‭ ‬للسيطرة‭ ‬على‭ ‬الاضطراب‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬والحق‭ ‬أنَّ‭ ‬العلماء‭ ‬اكتشفوا‭ ‬أنَّ‭ ‬الأنظمة‭ ‬التي‭ ‬يحكمها‭ ‬الجيش‭ ‬تميل‭ ‬إلى‭ ‬الإجراءات‭ ‬القمعية‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬الأنواع‭ ‬الأخرى‭ ‬من‭ ‬الأنظمة‭. ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬أنَّ‭ ‬من‭ ‬دأب‭ ‬الانقلابات‭ ‬تخفيف‭ ‬القيود‭ ‬المفروضة‭ ‬على‭ ‬السلطة‭ ‬التنفيذية‭ ‬في‭ ‬الأشهر‭ ‬التي‭ ‬تلي‭ ‬حدوثها‭ ‬لأنَّ‭ ‬الجيش‭ ‬يحكم‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الأحيان‭ ‬بالأوامر‭ ‬العسكرية،‭ ‬وقد‭ ‬يؤدي‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬التخفيف‭ ‬من‭ ‬القيود‭ ‬التنفيذية‭ ‬إلى‭ ‬زيادة‭ ‬القمع‭.‬”‭  

التعليقات مغلقة.