Africa Defense Forum
Africa Defense Forum

خبراء الأمن السيبراني يحاولون اللحاق بالركب في ظل الإقبال على الإنترنت

أسرة منبر الدفاع الإفريقي

في أواخِر تشرين الأول/أكتوبر، نجحت مجموعة من المخترقين في اختراق أنظمة شركة «إيرتل موبايل كوميرس أوغندا المحدودة»، وهي عبارة عن نظام شهير للتحويلات المالية الهاتفية، ونهبوا مبالغ تزيد على مليوني دولار أمريكي.

اخترق المخترقون أنظمة «إيرتل موبايل» من خلال أحد عملائها، وقاموا من هناك بسحب مبالغ من البنوك وشركات التمويل متناهي الصغر في أرجاء البلاد. ويحقق في هذه القضية مكتب التدابير الإلكترونية ومكافحة الجرائم السيبرانية التابع لمديرية التحقيقات الجنائية بأوغندا.

يعد الهجوم الذي استهدف «إيرتل موبايل»، شأن آلاف الهجمات الأخرى في جنبات القارة يومياً، تذكِرة بأنَّ إقبال إفريقيا على الإنترنت إنما عرَّض ملايين المستخدمين لعمليات الاحتيال الإلكتروني.

قال خبير الأمن السيبراني النيجيري عبد الحكيم عجيجولا لمنبر الدفاع الإفريقي في رسالة عبر البريد الإلكتروني:”يمكننا القول إنَّ إفريقيا باتت ضحية من ضحايا نجاحها في توسيع البنية التحتية والخدمات الرقمية كالخدمات المصرفية الهاتفية التي تعد من أبرز الأهداف المعرَّضة للجرائم المالية، في حين أنها لم تحسن تثقيف أو إعداد قاعدة المستخدمين.“ يترأس عجيجولا لجنة خطة عمل خارطة الطريق الاستراتيجية لمكتب حماية البيانات النيجيري.

كشف الباحثون أنَّ عمليات السرقة الإلكترونية تكلف الأفارقة ما يُقدَّر بنحو 4 مليارات دولار سنوياً.

فقد أجبرت جائحة فيروس كورونا (كوفيد-19) الناس على الاعتماد على الأدوات الإلكترونية أكثر من ذي قبل، إذ كشفت مؤسسة «غالوب» البحثية أنَّ أكثر من 13 مليون نيجيري تمكنوا من استخدام الإنترنت بين عامي 2019 و2021. وأصبح ثلثا سكان جنوب إفريقيا متصلين بالإنترنت الآن، بعدما كانوا أكثر من النصف بقليل قبل تفشي الجائحة.

ووصلت المحافظ الهاتفية المسجلة في إفريقيا إلى 621 مليون محفظة في عام 2021؛ أي أكثر من عام 2020 بنسبة 17٪. وارتفعت قيمة المعاملات المالية الهاتفية في القارة بنسبة 39٪ حتى وصلت إلى 701.4 مليار دولار في عام 2021، نقلاً عن الجمعية الدولية لشبكات الهاتف المحمول.

وفي ظل التركيز على توفير خدمات الإنترنت، وأغلبها من خلال الأجهزة المحمولة، يرى عجيجولا أنَّ صناع القرار الاستراتيجي لم يهتموا بالأمن السيبراني. وتوصل تحقيق أجراه الإنتربول في عام 2021 حول الأمن السيبراني في إفريقيا إلى أنَّ ضعف الشبكات والأمن جعل القارة شديدة العُرضة للخطر.

قالت خبيرة الأمن السيبراني فولاكي أولاغونجو خلال حوار إذاعي أجراه معها مجموعة الاتحاد الإفريقي والاتحاد الأوروبي الرقمية من أجل التنمية: ”لا بدَّ من زيادة الإرادة والالتزام السياسيَين لوضع الأمن السيبراني على رأس الأجندات الوطنية.“ تشغل أولاغونجو منصب مسؤول برنامج الإنترنت والأمن السيبراني والتطبيقات الإلكترونية في المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (الإيكواس).

وحتى مع قيام الحكومات ومقدمي خدمات الإنترنت بتحصين أنظمتهم، فإنهم يواجهون تحدياً آخر يتمثل في تعرُّض المستخدمين للخداع حتى يفتحوا أبواباً للعدو.

والتصيد الاحتيالي عبارة عن طريقة يستخدمها المخترقون للوصول إلى أنظمة الكمبيوتر عن طريق إرسال رسائل عبر البريد الإلكتروني تبدو وكأنها من مصادر شرعية، لكنها تحتوي على برامج مصممة لاختراق شبكة الكمبيوتر الخاصة بهم أو سرقة بياناتهم الشخصية. توصل تحقيق حول الوضع في جنوب إفريقيا إلى أنَّ أكثر من 100,000 هجوم تصيد خلال شهرين كان في صورة رسائل البريد الإلكتروني الواردة من مصلحة بريد جنوب إفريقيا.

وتعرَّض 10.7 مليون إفريقي لهجمات التصيد الاحتيالي في الربع الثاني من عام 2022، استهدف نصفها تقريباً الكينيين، واستهدفت 4.6 مليون هجمة أخرى مواطني جنوب إفريقيا.

كتب السيد موس غوندوي، مدير القطاع العام بشركة «مايم كاست» للأمن السيبراني، في صحيفة «ميل آند جارديان» الجنوب إفريقية مؤخراً يقول: ”إن لم تُتخذ التدابير الأمنية المناسبة، فلسوف يكون المواطنون تحت رحمة مجرمين لا يرحمون ولا يألون جهداً لهدم الثقة التي بُنيت بشق الأنفس بينهم وبين الدولة.“

ونادى الخبراء بتثقيف مستخدمي الإنترنت حول كيفية اكتشاف عمليات الاحتيال المحتملة لتجنب تعريض أنفسهم وأصحاب العمل والبنوك وكل من له علاقة بهم للخطر من خلالهم.

يقول خبير الأمن الإلكتروني دينيس سينغيندو مؤخراً في مقاله على موقع «مونيتور» الإخباري الأوغندي: ”يجدر بالأفراد والحكومات والمؤسسات الخاصة أن يتدربوا من حين لآخر في مجال الأمن السيبراني على المستوى الشخصي وإجراء اختبارات اختراق على شبكات الكمبيوتر الخاصة بهم.“

ويقترح خبراء أمنيون آخرون إطلاق حملات توعية عامة لتحذير مستخدمي الإنترنت من التهديدات التي تنتظرهم في ظلمات العالم الرقمي.

لا يزال الأمن السيبراني من المحاور الناشئة في بيئة الإنترنت في إفريقيا، لكن الطلب آخذ في الازدياد. وتعد مؤسسة «سايبروبز» بساحل العاج واحدة من عدة مؤسسات إفريقية معنية بالأمن السيبراني تستضيف مؤتمرات ولقاءات في عام 2023 لمواجهة تحديات الإنترنت في إفريقيا.

وقالت المتخصصة الرقمية إديث برو بلو، مستشارة «سايبر روبز»، لوكالة الأنباء الإفريقية: ”من الأهمية بمكان دولنا تعزيز وزيادة الاستثمار في هذا القطاع لأقصى درجة.“

التعليقات مغلقة.