Africa Defense Forum
Africa Defense Forum

بوكو حرام تلد كياناً قاتل

فرع داعش يغدو التهديد الأخطر في حوض بحيرة تشاد

أسرة‭ ‬منبر‭ ‬الدفاع‭ ‬الإفريق

نجا أبو‭ ‬بكر‭ ‬شيكاو‭ ‬من‭ ‬الموت‭ ‬من‭ ‬قبل،‭ ‬وظهرت‭ ‬أخبار‭ ‬كثيرة‭ ‬تعلن‭ ‬عن‭ ‬وفاة‭ ‬أمير‭ ‬بوكو‭ ‬حرام‭ ‬السفاح‭ ‬هذا‭ ‬منذ‭ ‬سيطرته‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الجماعة‭ ‬المتطرفة‭ ‬العنيفة‭ ‬المتمركزة‭ ‬في‭ ‬نيجيريا‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2009،‭ ‬لكنها‭ ‬كانت‭ ‬سابقة‭ ‬لأوانها‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مرة‭ ‬–‭ ‬حتى‭ ‬أيَّار‭/‬مايو‭ ‬2021‭.‬

فقد‭ ‬زعم‭ ‬خبر‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬أنَّ‭ ‬شيكاو‭ ‬لقي‭ ‬مصرعه،‭ ‬وحدث‭ ‬ذلك‭ ‬هذه‭ ‬المرة‭ ‬خلال‭ ‬معركة‭ ‬مع‭ ‬فصيل‭ ‬منافس‭ ‬من‭ ‬فصائل‭ ‬بوكو‭ ‬حرام‭ ‬يُعرف‭ ‬بولاية‭ ‬تنظيم‭ ‬الدولة‭ ‬الإسلامية‭ ‬في‭ ‬غرب‭ ‬إفريقيا‭. ‬وجاء‭ ‬الخبر‭ ‬الذي‭ ‬ثبتت‭ ‬صحته‭ ‬في‭ ‬تسجيل‭ ‬صوتي‭ ‬للفصيل‭ ‬المنافس،‭ ‬إذ‭ ‬قال‭ ‬صوت‭ ‬يُعتقد‭ ‬أنه‭ ‬صوت‭ ‬أبو‭ ‬مصعب‭ ‬البرناوي،‭ ‬أمير‭ ‬ولاية‭ ‬غرب‭ ‬إفريقيا،‭ ‬إنَّ‭ ‬شيكاو‭ ‬“قتل‭ ‬نفسه‭ ‬على‭ ‬الفور‭ ‬بتفجير‭ ‬عبوَّة‭ ‬ناسفة‭.‬”

وقال،‭ ‬نقلاً‭ ‬عن‭ ‬هيئة‭ ‬الإذاعة‭ ‬البريطانية‭: ‬“آثر‭ ‬شيكاو‭ ‬عذاب‭ ‬الآخرة‭ ‬على‭ ‬عذاب‭ ‬الدنيا‭.‬”

لمقتل‭ ‬شيكاو‭ ‬تداعيات‭ ‬كبيرة‭ ‬على‭ ‬الباقين‭ ‬في‭ ‬فصيله‭ ‬من‭ ‬بوكو‭ ‬حرام،‭ ‬وعلى‭ ‬ولاية‭ ‬غرب‭ ‬إفريقيا،‭ ‬وعلى‭ ‬قوات‭ ‬الأمن‭ ‬النيجيرية‭ ‬والإقليمية‭ ‬التي‭ ‬تقاتل‭ ‬المتطرفين‭ ‬كافة؛‭ ‬فمن‭ ‬المحتمل‭ ‬أن‭ ‬تواصل‭ ‬النسخة‭ ‬الأصلية‭ ‬لبوكو‭ ‬حرام‭ ‬انهيارها،‭ ‬ولعلَّ‭ ‬ولاية‭ ‬غرب‭ ‬إفريقيا‭ ‬ستزيد‭ ‬قوة‭ ‬على‭ ‬قوتها،‭ ‬وسيتعين‭ ‬على‭ ‬قوات‭ ‬الأمن‭ ‬تغيير‭ ‬نهجها‭ ‬لمواجهة‭ ‬التهديدات‭ ‬الجديدة‭ ‬المتنامية‭.‬

شاحنة تابعة لولاية تنظيم الدولة الإسلامية في غرب إفريقيا ترفع علم التنظيم الإرهابي في باجا بنيجيريا.

من‭ ‬المحتمل‭ ‬أن‭ ‬تصبح‭ ‬ولاية‭ ‬غرب‭ ‬إفريقيا،‭ ‬التي‭ ‬تتمتع‭ ‬بعلاقات‭ ‬قوية‭ ‬مع‭ ‬الجماعة‭ ‬الأساسية‭ ‬لتنظيم‭ ‬الدولة‭ ‬الإسلامية‭ [‬داعش‭]‬،‭ ‬محوراً‭ ‬لمشروع‭ ‬نمو‭ ‬جديدة‭ ‬في‭ ‬إفريقيا‭ ‬بعدما‭ ‬نجحت‭ ‬التدخلات‭ ‬العسكرية‭ ‬الدولية‭ ‬في‭ ‬إفساد‭ ‬وتدمير‭ ‬المكاسب‭ ‬التي‭ ‬حققها‭ ‬داعش‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭. ‬ويتوقع‭ ‬أحد‭ ‬الخبراء‭ ‬تكثيف‭ ‬جهود‭ ‬مكافحة‭ ‬الإرهابيين‭ ‬المتشددين‭ ‬في‭ ‬شمال‭ ‬نيجيريا‭ ‬وحوض‭ ‬بحيرة‭ ‬تشاد‭ ‬واستمرارها‭ ‬لفترة‭ ‬طويلة‭.‬

قال‭ ‬الباحث‭ ‬النيجيري،‭ ‬فولهانمي‭ ‬آينا،‭ ‬طالب‭ ‬الدكتوراه‭ ‬بكلية‭ ‬‮«‬كينجز‭ ‬كوليدج‭ ‬لندن‮»‬،‭ ‬لمنبر‭ ‬الدفاع‭ ‬الإفريقي‭: ‬“كما‭ ‬يدل‭ ‬ذلك‭ ‬على‭ ‬ضرورة‭ ‬تضافر‭ ‬الجهود‭ ‬الآن‭ ‬لمواجهة‭ ‬عمليات‭ ‬التأثير‭ ‬التي‭ ‬تجريها‭ ‬ولاية‭ ‬غرب‭ ‬إفريقيا،‭ ‬بهدف‭ ‬تحسين‭ ‬الحكم‭ ‬المدني‭ ‬وتوفير‭ ‬الخدمات‭ ‬العامة‭ ‬فيما‭ ‬أخذت‭ ‬ولاية‭ ‬غرب‭ ‬إفريقيا‭ ‬تلقى‭ ‬إقبالاً‭ ‬عليها‭.‬”

ما‭ ‬عادت‭ ‬بوكو‭ ‬حرام‭ ‬تشكل‭ ‬التهديد‭ ‬المتجانس‭ ‬الذي‭ ‬ظهر‭ ‬في‭ ‬ولاية‭ ‬بورنو‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2002‭ ‬وأخذ‭ ‬ينمو‭ ‬حتى‭ ‬غدا‭ ‬حركة‭ ‬متمردة‭ ‬متكاملة‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2009‭. ‬وما‭ ‬تزال‭ ‬توجد‭ ‬بضعة‭ ‬فصائل‭ ‬الآن،‭ ‬وباتت‭ ‬ولاية‭ ‬غرب‭ ‬إفريقيا‭ ‬تتصدر‭ ‬المشهد‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬التنظيم‭ ‬والقدرة‭ ‬التكتيكية‭ ‬والقدرة‭ ‬على‭ ‬التهديد‭. ‬

الوجوه‭ ‬المتعددة‭ ‬لبوكو‭ ‬حرام‭ ‬

إنَّ‭ ‬‮«‬ولاية‭ ‬تنظيم‭ ‬الدولة‭ ‬الإسلامية‭ ‬في‭ ‬غرب‭ ‬إفريقيا‮»‬‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬الاسم‭ ‬الذي‭ ‬سُميت‭ ‬به‭ ‬بوكو‭ ‬حرام‭ ‬في‭ ‬آذار‭/‬مارس‭ ‬2015‭ ‬عندما‭ ‬بايع‭ ‬شيكاو‭ ‬تنظيم‭ ‬داعش‭ ‬وأميره‭ ‬أبو‭ ‬بكر‭ ‬البغدادي‭ ‬آنذاك‭. ‬وكانت‭ ‬بوكو‭ ‬حرام‭ ‬قد‭ ‬تعرَّضت‭ ‬خلال‭ ‬الأشهر‭ ‬السابقة‭ ‬لانتكاسات‭ ‬على‭ ‬أيدي‭ ‬القوات‭ ‬النيجيرية‭ ‬والإقليمية،‭ ‬ممَّا‭ ‬أضعفها‭ ‬وأجج‭ ‬فتنة‭ ‬داخلية‭ ‬متزايدة،‭ ‬كما‭ ‬ورد‭ ‬في‭ ‬تقرير‭ ‬‮«‬مواجهة‭ ‬تحدي‭ ‬ولاية‭ ‬تنظيم‭ ‬الدولة‭ ‬الإسلامية‭ ‬في‭ ‬غرب‭ ‬إفريقيا‮»‬‭ ‬الصادر‭ ‬عن‭ ‬مجموعة‭ ‬الأزمات‭ ‬الدولية‭ ‬في‭ ‬أيَّار‭/‬مايو‭ ‬2019‭. ‬

ثمَّ‭ ‬انقسمت‭ ‬بوكو‭ ‬حرام‭ ‬بعد‭ ‬مرور‭ ‬عام،‭ ‬إذ‭ ‬ترك‭ ‬البرناوي‭ ‬–‭ ‬نجل‭ ‬القيادي‭ ‬محمد‭ ‬يوسف‭ ‬مؤسس‭ ‬بوكو‭ ‬حرام‭ ‬–‭ ‬وآخرون‭ ‬شيكاو،‭ ‬وأبقوا‭ ‬على‭ ‬اسم‭ ‬ولاية‭ ‬تنظيم‭ ‬الدولة‭ ‬الإسلامية‭ ‬في‭ ‬غرب‭ ‬إفريقيا‭ ‬وقبلوا‭ ‬اعتراف‭ ‬داعش‭ ‬بهم‭ ‬رسمياً‭.‬

ظلَّ‭ ‬شيكاو‭ ‬مسيطراً‭ ‬على‭ ‬فلول‭ ‬بوكو‭ ‬حرام‭ ‬وسمَّاها‭ ‬بالاسم‭ ‬الأصلي‭ ‬للجماعة‭: ‬جماعة‭ ‬أهل‭ ‬السنة‭ ‬للدعوة‭ ‬والجهاد‭.‬

استمرت‭ ‬تغيرات‭ ‬القيادة‭ ‬والخلافات‭ ‬في‭ ‬ولاية‭ ‬غرب‭ ‬إفريقيا‭ ‬منذ‭ ‬الانقسام،‭ ‬ووردت‭ ‬أنباء‭ ‬تفيد‭ ‬بالإطاحة‭ ‬بالبرناوي‭ ‬نفسه‭ ‬من‭ ‬إمارتها،‭ ‬ثمَّ‭ ‬قُتل‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬آب‭/‬أغسطس‭ ‬2021،‭ ‬مع‭ ‬ندرة‭ ‬التفاصيل‭ ‬المتوفرة‭ ‬حول‭ ‬مقتله‭. ‬إلَّا‭ ‬أنَّ‭ ‬الجماعة‭ ‬نجحت‭ ‬في‭ ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬علاقاتها‭ ‬بداعش‭ ‬لمواصلة‭ ‬النمو‭ ‬والتأثير‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭. ‬ترى‭ ‬مجموعة‭ ‬الأزمات‭ ‬الدولية‭ ‬أنَّ‭ ‬عدد‭ ‬قوات‭ ‬ولاية‭ ‬غرب‭ ‬إفريقيا‭ ‬يتراوح‭ ‬من‭ ‬3‭,‬500‭ ‬إلى‭ ‬5‭,‬000‭ ‬مقاتل‭ ‬خلال‭ ‬عام‭ ‬2019،‭ ‬ويتراوح‭ ‬عدد‭ ‬قوات‭ ‬جماعة‭ ‬أهل‭ ‬السنة‭ ‬للدعوة‭ ‬والجهاد‭ ‬من‭ ‬1‭,‬500‭ ‬إلى‭ ‬2‭,‬000‭ ‬مقاتل‭ ‬فحسب،‭ ‬كما‭ ‬شهدت‭ ‬الجماعة‭ ‬الأصغر‭ ‬انشقاقات‭ ‬مستمرة‭ ‬منذ‭ ‬ذلك‭ ‬الحين‭.‬

يوجد‭ ‬فصيل‭ ‬آخر‭ ‬يعمل‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬بحيرة‭ ‬تشاد؛‭ ‬وهو‭ ‬فصيل‭ ‬باكورا،‭ ‬نسبة‭ ‬إلى‭ ‬القيادي‭ ‬إبراهيم‭ ‬باكورا،‭ ‬الشهير‭ ‬أيضاً‭ ‬بباكورا‭ ‬دورون‭. ‬كان‭ ‬فصيل‭ ‬شيكاو‭ ‬متجذراً‭ ‬في‭ ‬غابة‭ ‬سامبيسا‭ ‬بولاية‭ ‬بورنو‭ ‬النيجيرية‭. ‬وكشف‭ ‬تقرير‭ ‬لمؤسسة‭ ‬جيمستاون‭ ‬في‭ ‬آذار‭/‬مارس‭ ‬2020‭ ‬أنَّ‭ ‬فصيل‭ ‬باكورا،‭ ‬وهو‭ ‬فصيل‭ ‬تابع‭ ‬لفصيل‭ ‬شيكاو‭ ‬وموالي‭ ‬له،‭ ‬مسؤول‭ ‬عن‭ ‬الهجمات‭ ‬التي‭ ‬وقعت‭ ‬في‭ ‬الكاميرون‭ ‬وتشاد‭ ‬والنيجر‭ ‬ونيجيريا‭.‬

وأخيراً،‭ ‬فإنَّ‭ ‬أول‭ ‬فصيل‭ ‬منشق‭ ‬عن‭ ‬بوكو‭ ‬حرام‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬2012،‭ ‬الشهير‭ ‬بجماعة‭ ‬أنصار‭ ‬المسلمين‭ ‬في‭ ‬بلاد‭ ‬السودان،‭ ‬موالي‭ ‬لتنظيم‭ ‬القاعدة‭ ‬الإرهابي‭ ‬الدولي‭. ‬وظلَّ‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬سبات‭ ‬لبعض‭ ‬الوقت‭ ‬ولكن‭ ‬قيل‭ ‬إنه‭ ‬عاود‭ ‬الظهور‭ ‬مؤخراً‭ ‬في‭ ‬شمال‭ ‬غربي‭ ‬نيجيريا،‭ ‬نقلاً‭ ‬عن‭ ‬مركز‭ ‬صوفان‭.‬

تهديد‭ ‬المتطرفين‭ ‬الحاليين

يتراجع‭ ‬فصيل‭ ‬جماعة‭ ‬أهل‭ ‬السنة‭ ‬للدعوة‭ ‬والجهاد‭ ‬منذ‭ ‬مقتل‭ ‬شيكاو‭ ‬في‭ ‬أيَّار‭/‬مايو‭ ‬2021،‭ ‬وحتى‭ ‬حين‭ ‬كان‭ ‬على‭ ‬قيد‭ ‬الحياة،‭ ‬عارضت‭ ‬ولاية‭ ‬غرب‭ ‬إفريقيا‭ ‬دعم‭ ‬شيكاو‭ ‬لأعمال‭ ‬العنف‭ ‬العشوائي‭ ‬بحق‭ ‬المدنيين،‭ ‬ولا‭ ‬سيما‭ ‬إخوانهم‭ ‬المسلمين‭ ‬الذين‭ ‬يعيشون‭ ‬خارج‭ ‬أراضي‭ ‬جماعته،‭ ‬وفقاً‭ ‬لتقرير‭ ‬مجموعة‭ ‬الأزمات‭ ‬الدولية‭. ‬“أوضحت‭ ‬ولاية‭ ‬غرب‭ ‬إفريقيا‭ ‬أنها‭ ‬اتخذت،‭ ‬على‭ ‬النقيض،‭ ‬موقفاً‭ ‬أقل‭ ‬عدوانية‭ ‬تجاه‭ ‬المدنيين‭ ‬المسلمين‭.‬”

وذكر‭ ‬آينا‭ ‬أنَّ‭ ‬هذا‭ ‬الموقف،‭ ‬مع‭ ‬أنه‭ ‬ما‭ ‬يزال‭ ‬لم‭ ‬يخلُ‭ ‬من‭ ‬العنف‭ ‬والوحشية،‭ ‬فقد‭ ‬سمح‭ ‬لولاية‭ ‬غرب‭ ‬إفريقيا‭ ‬بتثبيت‭ ‬نفسها‭ ‬بفعالية‭ ‬وسط‭ ‬المدنيين‭ ‬في‭ ‬حوض‭ ‬بحيرة‭ ‬تشاد،‭ ‬والحصول‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الأحيان‭ ‬على‭ ‬قدر‭ ‬من‭ ‬الدعم‭ ‬منهم‭.‬

فيقول‭: ‬“تركز‭ ‬ولاية‭ ‬غرب‭ ‬إفريقيا‭ ‬الآن‭ ‬في‭ ‬الغالب‭ ‬على‭ ‬استهداف‭ ‬التشكيلات‭ ‬العسكرية‭ ‬والحصول‭ ‬على‭ ‬الأسلحة‭ ‬كما‭ ‬تبيَّن‭ ‬خلال‭ ‬هجومها‭ ‬الأول‭ ‬الذي‭ ‬وقع‭ ‬في‭ ‬الثالث‭ ‬من‭ ‬حزيران‭/‬يونيو‭ ‬2016‭.‬”‭ ‬

وضربت‭ ‬عناصر‭ ‬ولاية‭ ‬غرب‭ ‬إفريقيا‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الهجوم‭ ‬قاعدة‭ ‬نيجرية‭ ‬في‭ ‬قرية‭ ‬بوسو‭ ‬الريفية‭ ‬ببحيرة‭ ‬تشاد‭ ‬بالقرب‭ ‬من‭ ‬الحدود‭ ‬النيجرية،‭ ‬وقالت‭ ‬مجموعة‭ ‬الأزمات‭ ‬الدولية‭: ‬“أوضح‭ [‬أي‭ ‬الهجوم‭] ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يغدو‭ ‬منهج‭ ‬ولاية‭ ‬غرب‭ ‬إفريقيا‭: ‬غارات‭ ‬تستهدف‭ ‬الجيش،‭ ‬والاستيلاء‭ ‬على‭ ‬الأسلحة‭ ‬والمؤن،‭ ‬دون‭ ‬وقوع‭ ‬قتلى‭ ‬أو‭ ‬جرحى‭ ‬في‭ ‬صفوف‭ ‬المدنيين‭.‬”

ويقول‭ ‬آينا‭: ‬“تدير‭ ‬ولاية‭ ‬غرب‭ ‬إفريقيا‭ ‬كذلك‭ ‬الحكم‭ ‬المدني‭ ‬وتوفر‭ ‬الخدمات‭ ‬العامة‭ ‬في‭ ‬المناطق‭ ‬التي‭ ‬تعمل‭ ‬فيها،‭ ‬مثل‭ ‬حفر‭ ‬الآبار،‭ ‬وصرف‭ ‬أجور‭ ‬للمجندين،‭ ‬وحتى‭ ‬جمع‭ ‬الضرائب؛‭ ‬وتركز‭ ‬بوكو‭ ‬حرام،‭ ‬على‭ ‬الجانب‭ ‬الآخر،‭ ‬في‭ ‬الغالب‭ ‬على‭ ‬استهداف‭ ‬كلٍ‭ ‬من‭ ‬الجيش‭ ‬والمدنيين،‭ ‬ومن‭ ‬المعروف‭ ‬أنها‭ ‬ضالعة‭ ‬في‭ ‬الغالب‭ ‬في‭ ‬اختطاف‭ ‬المدنيين؛‭ ‬وفتيات‭ ‬تشيبوك‭ ‬خير‭ ‬مثال‭ ‬على‭ ‬ذلك‭.‬”‭ ‬فقد‭ ‬اختطفت‭ ‬بوكو‭ ‬حرام‭ ‬276‭ ‬فتاة‭ ‬من‭ ‬مدرستهن‭ ‬في‭ ‬تشيبوك‭ ‬بولاية‭ ‬بورنو‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2014،‭ ‬وأثارت‭ ‬بذلك‭ ‬موجة‭ ‬من‭ ‬الإدانات‭ ‬الدولية‭.‬

عناصر من الجيش النيجيري تقوم بدورية أمنية في تشرين الأول/أكتوبر 2019 بعدما داهم مسلحو ولاية غرب إفريقيا قرية تونغوشي، وقتلوا جندياً وثلاثة من الأهالي.

كما‭ ‬قررت‭ ‬ولاية‭ ‬غرب‭ ‬إفريقيا‭ ‬الامتناع‭ ‬عن‭ ‬استخدام‭ ‬النساء‭ ‬والأطفال‭ ‬كانتحاريين،‭ ‬وقال‭ ‬آينا‭ ‬لمنبر‭ ‬الدفاع‭ ‬الإفريقي‭: ‬“يعتبر‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬الأساس‭ ‬شكلاً‭ ‬من‭ ‬أشكال‭ ‬الحيل‭ ‬التي‭ ‬تبنتها‭ ‬ولاية‭ ‬غرب‭ ‬إفريقيا‭ ‬بهدف‭ ‬كسب‭ ‬قلوب‭ ‬المواطنين‭ ‬وعقولهم‭.‬”‭ ‬وقد‭ ‬سمح‭ ‬هذا‭ ‬الموقف‭ ‬للجماعة‭ ‬بالاعتماد‭ ‬على‭ ‬بعض‭ ‬المواطنين‭ ‬لجمع‭ ‬المعلومات‭ ‬الاستخبارية،‭ ‬ممَّا‭ ‬يزيد‭ ‬من‭ ‬عمق‭ ‬التحدي‭ ‬الذي‭ ‬تواجهه‭ ‬قوات‭ ‬الأمن‭.‬

‭ ‬إلَّا‭ ‬أنَّ‭ ‬ولاية‭ ‬غرب‭ ‬إفريقيا‭ ‬ما‭ ‬تزال‭ ‬جماعة‭ ‬إرهابية‭ ‬وحشية‭ ‬لا‭ ‬يؤنبها‭ ‬ضميرها‭ ‬على‭ ‬الإساءة‭ ‬للمدنيين‭ ‬الأبرياء‭ ‬وإراقة‭ ‬دمائهم‭ ‬لخدمة‭ ‬أغراضها؛‭ ‬ومثال‭ ‬ذلك‭ ‬أنَّ‭ ‬هذه‭ ‬الجماعة‭ ‬يُعتقد‭ ‬أنها‭ ‬اختطفت‭ ‬خمسة‭ ‬رجال‭ ‬نيجيريين،‭ ‬من‭ ‬بينهم‭ ‬ثلاثة‭ ‬موظفي‭ ‬الإغاثة،‭ ‬وأعدمتهم‭ ‬في‭ ‬ولاية‭ ‬بورنو‭ ‬في‭ ‬تموز‭/‬يوليو‭ ‬2020‭.‬

وذكر‭ ‬منشور‭ ‬في‭ ‬مدونة‭ ‬لمجلس‭ ‬العلاقات‭ ‬الخارجية‭ ‬أنَّ‭ ‬ولاية‭ ‬غرب‭ ‬إفريقيا‭ ‬قتلت‭ ‬قبل‭ ‬ذلك‭ ‬بشهر‭ ‬81‭ ‬مدنياً‭ ‬في‭ ‬قرية‭ ‬جوبيو‭ ‬بولاية‭ ‬بورنو‭ ‬وقتلت‭ ‬20‭ ‬من‭ ‬عناصر‭ ‬الجيش‭ ‬في‭ ‬مونجونو‭ ‬كانوا‭ ‬يعملون‭ ‬على‭ ‬حماية‭ ‬المنظمات‭ ‬غير‭ ‬الحكومية‭ ‬الدولية؛‭ ‬وكان‭ ‬معظم‭ ‬قتلى‭ ‬جوبيو‭ ‬مسلمين‭.‬

وجاء‭ ‬في‭ ‬المنشور‭: ‬“في‭ ‬حين‭ ‬وصفت‭ [‬أي‭ ‬ولاية‭ ‬غرب‭ ‬إفريقيا‭] ‬ضحاياها‭ ‬بأنهم‭ ‬من‭ ‬عناصر‭ ‬جماعات‭ ‬الأمن‭ ‬الأهلية‭ ‬الذين‭ ‬يعملون‭ ‬مع‭ ‬القوات‭ ‬الحكومية،‭ ‬فقد‭ ‬كانوا‭ ‬في‭ ‬الغالب‭ ‬من‭ ‬رعاة‭ ‬الماشية‭ ‬والأهالي‭ ‬غير‭ ‬المسلحين،‭ ‬وبعضهم‭ ‬يحمل‭ ‬أسلحة‭ ‬خفيفة‭ ‬للدفاع‭ ‬عن‭ ‬النفس‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬شديدة‭ ‬الاضطراب‭.‬”

وفي‭ ‬غضون‭ ‬ذلك‭ ‬يعاني‭ ‬فصيل‭ ‬جماعة‭ ‬أهل‭ ‬السنة‭ ‬للدعوة‭ ‬والجهاد‭ ‬التابع‭ ‬لشيكاو‭ ‬من‭ ‬الانكماش،‭ ‬فقد‭ ‬كشف‭ ‬تقرير‭ ‬صادر‭ ‬عن‭ ‬معهد‭ ‬الدراسات‭ ‬الأمنية‭ ‬يوم‭ ‬18‭ ‬آب‭/‬أغسطس‭ ‬2021‭ ‬أنَّ‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬2‭,‬100‭ ‬شخص‭ ‬منتسبين‭ ‬لـجماعة‭ ‬أهل‭ ‬السنة‭ ‬غادروها‭ ‬منذ‭ ‬وفاة‭ ‬شيكاو‭ ‬في‭ ‬أيَّار‭/‬مايو‭ ‬2021‭. ‬وكانوا‭ ‬إمَّا‭ ‬مدنيين‭ ‬لم‭ ‬يتمكنوا‭ ‬من‭ ‬مغادرتها‭ ‬في‭ ‬السابق‭ ‬خشية‭ ‬القصاص‭ ‬منهم،‭ ‬أو‭ ‬مقاتلين،‭ ‬ومنهم‭ ‬قياديون‭ ‬وذويهم‭. ‬ووقعت‭ ‬معظم‭ ‬هذه‭ ‬الانشقاقات‭ ‬في‭ ‬ولاية‭ ‬بورنو‭ ‬النيجيرية‭.‬

وذكر‭ ‬المعهد‭ ‬أنَّ‭ ‬هذه‭ ‬الانشقاقات‭ ‬ترجع‭ ‬إلى‭ ‬أمرين؛‭ ‬أولهما‭ ‬أنَّ‭ ‬ولاية‭ ‬غرب‭ ‬إفريقيا‭ ‬تسمح‭ ‬للناس‭ ‬بالمغادرة،‭ ‬وخاصة‭ ‬الذين‭ ‬احتجزتهم‭ ‬جماعة‭ ‬أهل‭ ‬السنة‭ ‬بالقوة‭ ‬ليكونوا‭ ‬عمالاً‭ ‬أو‭ ‬دروعاً‭ ‬بشرية؛‭ ‬وثانيهما‭ ‬أنَّ‭ ‬مقاتلي‭ ‬جماعة‭ ‬أهل‭ ‬السنة‭ ‬الذين‭ ‬لا‭ ‬يريدون‭ ‬الانضمام‭ ‬إلى‭ ‬ولاية‭ ‬غرب‭ ‬إفريقيا‭ ‬يفرون‭ ‬لإنقاذ‭ ‬حياتهم‭. ‬ويقول‭ ‬المعهد‭: ‬“فيما‭ ‬تشدد‭ ‬ولاية‭ ‬غرب‭ ‬إفريقيا‭ ‬احتكارها‭ ‬لعمليات‭ ‬التطرف‭ ‬العنيف‭ ‬في‭ ‬حوض‭ ‬بحيرة‭ ‬تشاد،‭ ‬فقد‭ ‬قللت‭ ‬من‭ ‬مناصب‭ ‬نفر‭ ‬من‭ ‬القياديين‭ ‬بجماعة‭ ‬أهل‭ ‬السنة،‭ ‬واستبدلتم‭ ‬بقياديين‭ ‬دونهم‭ ‬سناً‭ ‬من‭ ‬جزر‭ ‬بحيرة‭ ‬تشاد‭.‬”‭ ‬

متطرفو ولاية غرب إفريقيا أحرقوا هذه الشاحنة خلال هجوم شنوه في ولاية بورنو النيجيرية في شباط/فبراير 2020.

التهديدات‭ ‬تتفاقم

يقول‭ ‬آينا‭ ‬إنَّ‭ ‬الأمر‭ ‬الأكثر‭ ‬إثارة‭ ‬للقلق‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬بروز‭ ‬ولاية‭ ‬غرب‭ ‬إفريقيا‭ ‬باعتبارها‭ ‬فصيل‭ ‬بوكو‭ ‬حرام‭ ‬المهيمن‭ ‬ربما‭ ‬يكمن‭ ‬في‭ ‬أنها‭ ‬تبدو‭ ‬مهيأة‭ ‬لتشكيل‭ ‬حجر‭ ‬الأساس‭ ‬لعودة‭ ‬داعش‭ ‬في‭ ‬إفريقيا‭ ‬بعد‭ ‬انتكاسته‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭.‬

فمن‭ ‬خلال‭ ‬علاقاتها‭ ‬بقيادة‭ ‬الجماعة‭ ‬الأساسية‭ ‬لداعش،‭ ‬يخشى‭ ‬آينا‭ ‬أن‭ ‬تتمكن‭ ‬ولاية‭ ‬غرب‭ ‬إفريقيا‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬من‭ ‬الاستحواذ‭ ‬على‭ ‬فصيل‭ ‬جماعة‭ ‬أهل‭ ‬السنة‭ ‬الذي‭ ‬يعاني‭ ‬من‭ ‬غياب‭ ‬القيادة‭ ‬وانعدام‭ ‬التوجيه‭ ‬منذ‭ ‬مقتل‭ ‬شيكاو‭. ‬بل‭ ‬يوجد‭ ‬احتمال‭ ‬آخر‭ ‬أكثر‭ ‬إثارة‭ ‬للقلق‭: ‬ماذا‭ ‬لو‭ ‬وجدت‭ ‬ولاية‭ ‬غرب‭ ‬إفريقيا‭ ‬غاية‭ ‬مشتركة‭ ‬مع‭ ‬العصابات‭ ‬الإجرامية‭ ‬المسلحة‭ ‬في‭ ‬نيجيريا؟

كتب‭ ‬الباحث‭ ‬المشارك‭ ‬الدكتور‭ ‬مارك‭ ‬دويركسن‭ ‬في‭ ‬تقرير‭ ‬نشره‭ ‬مركز‭ ‬إفريقيا‭ ‬للدراسات‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬في‭ ‬آذار‭/‬مارس‭ ‬2021‭ ‬أنَّ‭ ‬العصابات‭ ‬الإجرامية‭ ‬المنظمة‭ ‬تعيث‭ ‬فساداً‭ ‬في‭ ‬شمال‭ ‬غربي‭ ‬نيجيريا‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬السنوات‭ ‬الخمس‭ ‬الماضية‭ ‬تقريباً‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬عمليات‭ ‬الاختطاف‭ ‬للمطالبة‭ ‬بفدية،‭ ‬باستهداف‭ ‬المدارس‭ ‬الداخلية‭ ‬بالدرجة‭ ‬الأولى‭.‬

وقد‭ ‬نشأت‭ ‬العصابات‭ ‬الإجرامية،‭ ‬التي‭ ‬يصفها‭ ‬النيجيريون‭ ‬بأنها‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬قطَّاع‭ ‬طرق،‭ ‬في‭ ‬ولاية‭ ‬زمفرة‭ ‬حيث‭ ‬تكثر‭ ‬مناجم‭ ‬الذهب‭ ‬الحرفية،‭ ‬وذكر‭ ‬دويركسن‭ ‬أنَّ‭ ‬مسؤولي‭ ‬الدولة‭ ‬قدَّروا‭ ‬وجود‭ ‬10‭,‬000‭ ‬قاطع‭ ‬طريق‭ ‬مسلح‭ ‬منتشرين‭ ‬في‭ ‬40‭ ‬معسكراً‭ ‬في‭ ‬زمفرة‭ ‬وحدها‭.‬

وقال‭ ‬السيد‭ ‬بيلو‭ ‬ماتوالي،‭ ‬السكرتير‭ ‬الإعلامي‭ ‬لحاكم‭ ‬زمفرة،‭ ‬لموقع‭ ‬‮«‬الكابل‮»‬‭ ‬الإخباري‭ ‬النيجيري‭ ‬في‭ ‬نيسان‭/‬أبريل‭ ‬2021،‭ ‬إنَّ‭ ‬30‭,‬000‭ ‬قاطع‭ ‬طريق‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬يعملون‭ ‬في‭ ‬ولايات‭ ‬كادونا‭ ‬وكاتسينا‭ ‬وكيبي‭ ‬والنيجر‭ ‬وصكتو‭ ‬وزمفرة‭.  ‬قُتل‭ ‬نحو‭ ‬3‭,‬000‭ ‬شخص‭ ‬خلال‭ ‬هجمات‭ ‬شنَّها‭ ‬قطَّاع‭ ‬الطرق‭ ‬بين‭ ‬عامي‭ ‬2011‭ ‬و2019،‭ ‬واختطفوا‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬1‭,‬000‭ ‬آخرين‭ ‬خلال‭ ‬تلك‭ ‬الفترة‭.‬

وكتب‭ ‬دويركسن‭ ‬يقول‭: ‬“تجذب‭ ‬أنشطة‭ ‬هذه‭ ‬العصابات‭ ‬المنظمة‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬الشمالية‭ ‬الغربية‭ ‬انتباه‭ ‬الجماعات‭ ‬الإسلامية‭ ‬المسلحة؛‭ ‬إذ‭ ‬نشرت‭ ‬جماعة‭ ‬أنصار‭ ‬المسلمين‭ ‬عدداً‭ ‬من‭ ‬رجال‭ ‬الدين‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬للتنديد‭ ‬بالديمقراطية‭ ‬وجهود‭ ‬السلام‭ ‬الحكومية،‭ ‬كما‭ ‬توجد‭ ‬بعض‭ ‬الأدلة‭ ‬على‭ ‬أنَّ‭ [‬ولاية‭ ‬غرب‭ ‬إفريقيا‭] ‬تقيم‭ ‬علاقات‭ ‬مع‭ ‬الجماعات‭ ‬الإجرامية‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬الشمالية‭ ‬الغربية‭ ‬في‭ ‬محاولة‭ ‬لجعلها‭ ‬تسلك‭ ‬سبيل‭ ‬التطرف‭.‬”

مشيعون يحضرون جنازة 43 عامل زراعي في زبرماري الواقعة على بعد نحو 20 كيلومتراً من مايدوجوري بنيجيريا يوم 29 تشرين الثاني/نوفمبر 2020؛ وقد قتلتهم بوكو حرام في حقول الأرز بالقرب من قرية كوشوبي في اليوم السابق، وكانوا قد قطعوا مسيرة 1,000 كيلومتر من ولاية صكتو بحثاً عن عمل.

وإمكانية‭ ‬هذا‭ ‬التطور‭ ‬أخشى‭ ‬ما‭ ‬يخشاه‭ ‬آينا،‭ ‬إذ‭ ‬يقول‭ ‬إنَّ‭ ‬الجماعة‭ ‬الأساسية‭ ‬لداعش‭ ‬ربما‭ ‬تسعى‭ ‬للتوسط‭ ‬لتوحيد‭ ‬ولاية‭ ‬غرب‭ ‬إفريقيا‭ ‬وفصيل‭ ‬أنصار‭ ‬المسلمين‭ ‬الآن‭ ‬بعد‭ ‬خروج‭ ‬شيكاو‭ ‬من‭ ‬المشهد،‭ ‬وقد‭ ‬يكون‭ ‬قطَّاع‭ ‬الطرق،‭ ‬الذين‭ ‬يعملون‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬كبير‭ ‬بدون‭ ‬أيديولوجية‭ ‬سياسية،‭ ‬أهلاً‭ ‬لاستقطابهم‭.‬

فقطَّاع‭ ‬الطرق‭ ‬سيمنحون‭ ‬ولاية‭ ‬غرب‭ ‬إفريقيا‭ ‬العدد‭ ‬والسلاح،‭ ‬وسيحصلون‭ ‬منها‭ ‬على‭ ‬النظام‭ ‬والمهمة‭. ‬شنَّت‭ ‬قوات‭ ‬الأمن‭ ‬النيجيرية‭ ‬حملات‭ ‬للحد‭ ‬من‭ ‬تهديدات‭ ‬العصابات‭ ‬الإجرامية‭ ‬شمال‭ ‬غربي‭ ‬البلاد،‭ ‬وأفادت‭ ‬وكالة‭ ‬أنباء‭ ‬‮«‬رويترز‮»‬‭ ‬أنَّ‭ ‬السلطات‭ ‬قطعت‭ ‬خدمات‭ ‬الهواتف‭ ‬المحمولة‭ ‬في‭ ‬ولاية‭ ‬زمفرة‭ ‬في‭ ‬مطلع‭ ‬أيلول‭/‬سبتمبر‭ ‬2021‭ ‬خلال‭ ‬سعيها‭ ‬للسيطرة‭ ‬على‭ ‬قطَّاع‭ ‬الطرق‭ ‬المسلحين،‭ ‬واتخذت‭ ‬إجراءات‭ ‬مماثلة‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬بأيام‭ ‬في‭ ‬أجزاء‭ ‬من‭ ‬ولاية‭ ‬كاتسينا‭.‬

وذكر‭ ‬آينا‭ ‬أنَّ‭ ‬فصيل‭ ‬أنصار‭ ‬المسلمين‭ ‬وولاية‭ ‬غرب‭ ‬إفريقيا‭ ‬قد‭ ‬يقدما‭ ‬حلاً‭ ‬مفيداً‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬تهافت‭ ‬قطَّاع‭ ‬الطرق‭ ‬وبحثهم‭ ‬عن‭ ‬سبل‭ ‬لمقاومة‭ ‬قوات‭ ‬الأمن‭ ‬الحكومية‭.‬

وقال‭ ‬لمنبر‭ ‬الدفاع‭ ‬الإفريقي‭: ‬“ربما‭ ‬يكونون‭ ‬مجرد‭ ‬نوعية‭ ‬الجماعات‭ ‬التي‭ ‬ربما‭ ‬تتطلع‭ ‬إليها‭ ‬ولاية‭ ‬غرب‭ ‬إفريقيا،‭ ‬وربما‭ ‬ستحتاج‭ ‬إلى‭ ‬فصيل‭ ‬أنصار‭ ‬المسلمين‭ ‬للمساعدة‭ ‬على‭ ‬تجنيد‭ ‬قطَّاع‭ ‬الطرق‭ ‬المحليين‭ ‬هؤلاء،‭ ‬لأنه‭ ‬يعرف‭ ‬معالم‭ ‬المنطقة‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬ولاية‭ ‬غرب‭ ‬إفريقيا‭.‬”

الطريق‭ ‬إلى‭ ‬الأمام

يوجد‭ ‬شيء‭ ‬لا‭ ‬خلاف‭ ‬عليه‭: ‬سيترتب‭ ‬على‭ ‬تزايد‭ ‬جرأة‭ ‬ولاية‭ ‬غرب‭ ‬إفريقيا‭ ‬وقوتها‭ ‬استمرار‭ ‬حالة‭ ‬عدم‭ ‬الاستقرار‭ ‬في‭ ‬حوض‭ ‬بحيرة‭ ‬تشاد‭ ‬ونيجيريا‭ ‬ودول‭ ‬الجوار،‭ ‬غير‭ ‬أنَّ‭ ‬إيجاد‭ ‬حل‭ ‬لهذه‭ ‬المشكلة‭ ‬المستعصية‭ ‬لن‭ ‬يكون‭ ‬بالعمل‭ ‬الهيِّن،‭ ‬فقد‭ ‬بذلت‭ ‬قوات‭ ‬الأمن‭ ‬الإقليمية،‭ ‬بداية‭ ‬من‭ ‬القوة‭ ‬المشتركة‭ ‬للمجموعة‭ ‬الخماسية‭ ‬لمنطقة‭ ‬الساحل‭ ‬إلى‭ ‬قوة‭ ‬العمل‭ ‬المشتركة‭ ‬متعددة‭ ‬الجنسيات‭ ‬وغيرهما،‭ ‬قصارى‭ ‬جهدها‭ ‬لمواكبة‭ ‬مختلف‭ ‬تهديدات‭ ‬الإسلاميين‭ ‬المتشددين،‭ ‬على‭ ‬تعددها‭ ‬وانتشارها‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الساحل‭ ‬الكبرى‭.‬

ولكن‭ ‬يبدو‭ ‬أنَّ‭ ‬هنالك‭ ‬نهجاً‭ ‬يشكل‭ ‬أساس‭ ‬الإجماع‭ ‬بين‭ ‬المتوافرين‭ ‬على‭ ‬دراسة‭ ‬تهديدات‭ ‬بوكو‭ ‬حرام‭ ‬ومراقبتها؛‭ ‬إذ‭ ‬سيتعيَّن‭ ‬على‭ ‬الحكومات‭ ‬النهوض‭ ‬بقدرتها‭ ‬على‭ ‬سد‭ ‬الثغرات‭ ‬الموجودة‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الخدمات‭ ‬والقيادة‭ ‬التي‭ ‬يستغلها‭ ‬المسلحون‭ ‬الآن،‭ ‬ولا‭ ‬سيما‭ ‬المنتسبين‭ ‬إلى‭ ‬ولاية‭ ‬غرب‭ ‬إفريقيا‭.‬

وذكر‭ ‬آينا‭ ‬أنَّ‭ ‬الحكومات‭ ‬الإقليمية‭ ‬سيتعيَّن‭ ‬عليها‭ ‬الحرص‭ ‬على‭ ‬“حكم‭ ‬يتمحور‭ ‬حول‭ ‬المواطن‭ ‬وبناء‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬الصمود”‭ ‬لمعالجة‭ ‬دوافع‭ ‬التطرف‭ ‬كالأمية‭ ‬والبطالة‭. ‬وبوسع‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬التحرك،‭ ‬تزامناً‭ ‬مع‭ ‬العمل‭ ‬العسكري‭ ‬المستمر،‭ ‬أن‭ ‬يظهر‭ ‬للمدنيين‭ ‬أنَّ‭ ‬مصالحهم‭ ‬واحتياجاتهم‭ ‬في‭ ‬صميم‭ ‬حكومة‭ ‬الدولة‭. ‬ويقدم‭ ‬تقرير‭ ‬مجموعة‭ ‬الأزمات‭ ‬الدولية‭ ‬توصيات‭ ‬مشابهة‭.‬

فيقول‭: ‬“يؤكد‭ ‬عمق‭ ‬جذور‭ ‬ولاية‭ ‬غرب‭ ‬إفريقيا‭ ‬وسط‭ ‬المدنيين‭ ‬أنَّ‭ ‬الحكومة‭ ‬النيجيرية‭ (‬وحكومات‭ ‬الكاميرون‭ ‬وتشاد‭ ‬والنيجر‭ ‬بدرجة‭ ‬أقل‭) ‬لا‭ ‬يمكنها‭ ‬التعويل‭ ‬على‭ ‬الوسائل‭ ‬العسكرية‭ ‬البحتة‭ ‬لإلحاق‭ ‬هزيمة‭ ‬دائمة‭ ‬بها؛‭ ‬وإنما‭ ‬يجدر‭ ‬بها‭ ‬الحرص‭ ‬على‭ ‬إضعاف‭ ‬الروابط‭ ‬التي‭ ‬أقامتها‭ ‬ولاية‭ ‬غرب‭ ‬إفريقيا‭ ‬مع‭ ‬المواطنين‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬إثبات‭ ‬قدرتها‭ ‬على‭ ‬سد‭ ‬الثغرات‭ ‬الموجودة‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الخدمات‭ ‬والحكم‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬في‭ ‬المناطق‭ ‬التي‭ ‬تسيطر‭ ‬عليها،‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬حرصها‭ ‬على‭ ‬عمليات‭ ‬مكافحة‭ ‬الحركات‭ ‬المتمردة‭ ‬بطريقة‭ ‬إنسانية‭ ‬قدر‭ ‬الإمكان‭ ‬وبطريقة‭ ‬تحمي‭ ‬المدنيين‭.‬”‭ 

التعليقات مغلقة.