Africa Defense Forum
Africa Defense Forum

إعادة إدماج المتطرفين السابقين

أوغندا تقدم دروساً في إعادة تأهيل المقاتلين السابقين بجيش الرب للمقاومة، ومنهم المقاتلون الذين اختطفهم جيش الرب في طفولتهم

أسرة‭ ‬إيه‭ ‬دي‭ ‬اف‭ | ‬الصور‭ ‬نقلاً‭ ‬عن‭ ‬رويترز

لا‭ ‬توجد‭ ‬دولة‭ ‬بالعالم‭ ‬عليها‭ ‬أن‭ ‬تعرف‭ ‬مفاهيم‭ ‬نزع‭ ‬السلاح‭ ‬من‭ ‬المقاتلين‭ ‬السابقين‭ ‬وتسريحهم‭ ‬وإعادة‭ ‬إدماجهم‭ ‬بالمجتمع،‭ ‬كدولة‭ ‬أوغندا‭ ‬لما‭ ‬لها‭ ‬من‭ ‬تجربة‭ ‬مريرة‭ ‬مع‭ ‬جيش‭ ‬الرب‭ ‬للمقاومة‭.‬

لم‭ ‬يعد‭ ‬جيش‭ ‬الرب‭ ‬للمقاومة‭ ‬بقيادة‭ ‬جوزيف‭ ‬كوني‭ ‬يقوم‭ ‬بعمليات‭ ‬إرهابية‭ ‬اليوم‭ ‬كسابق‭ ‬عهده،‭ ‬ولكنه‭ ‬جلب‭ ‬على‭ ‬أوغندا‭ ‬الخراب‭ ‬والدمار‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬التي‭ ‬اشتدت‭ ‬فيها‭ ‬عملياته‭ ‬المسلحة‭ ‬بداية‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬1987؛‭ ‬إذ‭ ‬قتلت‭ ‬تلك‭ ‬الجماعة‭ ‬المسلحة‭ ‬100‭,‬000‭ ‬شخص‭ ‬وتسببت‭ ‬في‭ ‬نزوح‭ ‬1‭.‬7‭ ‬مليون‭ ‬آخرين،‭ ‬واختطف‭ ‬كوني‭ ‬ومقاتلوه‭ ‬عشرات‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬الأطفال،‭ ‬فحولوا‭ ‬الذكور‭ ‬منهم‭ ‬إلى‭ ‬مقاتلين‭ ‬أشدّاء،‭ ‬واتخذوا‭ ‬من‭ ‬الإناث‭ ‬“زوجات”‭ ‬لهم،‭ ‬وتمرّس‭ ‬هؤلاء‭ ‬المقاتلون‭ ‬الأطفال‭ ‬على‭ ‬الاغتصاب،‭ ‬والتعذيب،‭ ‬والقتل،‭ ‬وسفك‭ ‬الدماء‭.‬

أمّا‭ ‬المقاتلون‭ ‬الذين‭ ‬فروا‭ ‬من‭ ‬جيش‭ ‬الرب‭ ‬للمقاومة‭ ‬وعادوا‭ ‬إلى‭ ‬قراهم،‭ ‬فتختلف‭ ‬طرق‭ ‬استقبالهم؛‭ ‬فيجد‭ ‬الكثير‭ ‬منهم‭ ‬مَن‭ ‬يقابلهم‭ ‬بصدر‭ ‬رحب،‭ ‬ويرحب‭ ‬بهم،‭ ‬ويحسن‭ ‬إليهم،‭ ‬ويُقابَل‭ ‬بعضهم‭ ‬باستقبال‭ ‬فاتر‭ ‬وحالة‭ ‬من‭ ‬اللامبالاة؛‭ ‬لأن‭ ‬جيش‭ ‬الرب‭ ‬اختطفهم‭ ‬منذ‭ ‬سنوات‭ ‬طويلة‭ ‬بحيث‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬أحد‭ ‬يتذكرهم،‭ ‬ووجد‭ ‬البعض‭ ‬الآخر‭ ‬مَن‭ ‬عاملهم‭ ‬باعتبارهم‭ ‬مجرمين‭ ‬وألقاهم‭ ‬في‭ ‬السجن‭.‬

وقد‭ ‬ألجأت‭ ‬الضرورة‭ ‬أوغندا‭ ‬منذ‭ ‬سنوات‭ ‬إلى‭ ‬الشروع‭ ‬في‭ ‬إعداد‭ ‬برامج‭ ‬لنزع‭ ‬السلاح‭ ‬والتسريح‭ ‬وإعادة‭ ‬الإدماج،‭ ‬ولا‭ ‬يوجد‭ ‬برنامج‭ ‬منها‭ ‬في‭ ‬حالات‭ ‬كثيرة‭ ‬للمقاتلين‭ ‬الفارين‭ ‬من‭ ‬جيش‭ ‬الرب‭ ‬للمقاومة؛‭ ‬لأنه‭ ‬لا‭ ‬يبلغ‭ ‬قطُّ‭ ‬عن‭ ‬أي‭ ‬انشقاقات‭ ‬في‭ ‬صفوفه‭.‬

أطفال كونغوليون استُخدموا في الصراعات المسلحة يتلقون دعماً نفسياً في مركز العلاج بجمهورية الكونغو الديموقراطية.

وقد‭ ‬أعدت‭ ‬الصحفية‭ ‬آنا‭ ‬بورزيلّو‭ ‬تقريراً‭ ‬بعنوان‭ ‬“التحديات‭ ‬التي‭ ‬تواجه‭ ‬برامج‭ ‬نزع‭ ‬السلاح‭ ‬والتسريح‭ ‬وإعادة‭ ‬الإدماج‭ ‬شمالي‭ ‬أوغندا‭: ‬جيش‭ ‬الرب‭ ‬للمقاومة”،‭ ‬جاء‭ ‬فيه‭ ‬أن‭ ‬المراكز‭ ‬التي‭ ‬أُنشئت‭ ‬لاستقبال‭ ‬المقاتلين‭ ‬المنشقين‭ ‬نحو‭ ‬عام‭ ‬2007‭ ‬تعاني‭ ‬من‭ ‬أوجه‭ ‬قصور‭ ‬خطيرة،‭ ‬ومنها‭ ‬الإخفاق‭ ‬في‭ ‬توحيد‭ ‬أساليب‭ ‬الإرشاد‭ ‬والتأهيل،‭ ‬وحُزم‭ ‬الإعانات،‭ ‬ومدة‭ ‬الإقامة،‭ ‬والنهج‭ ‬المتبع‭ ‬إجمالاً،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬المقاتلين‭ ‬السابقين‭ ‬كثيراً‭ ‬ما‭ ‬كانوا‭ ‬يقيمون‭ ‬في‭ ‬مخيمات‭ ‬اللاجئين‭ ‬“التي‭ ‬يغيب‭ ‬عنها‭ ‬الأمن‭ ‬والنظافة‭.‬”

وكتبت‭ ‬بورزيلّو‭ ‬تقول‭: ‬“ما‭ ‬تزال‭ ‬وصمة‭ ‬العار‭ ‬تلاحق‭ ‬العائدين،‭ ‬ولئن‭ ‬كان‭ ‬المجتمع‭ ‬بصفة‭ ‬عامة‭ ‬يرحب‭ ‬بهم؛‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬صرف‭ ‬حُزم‭ ‬الإعانات‭ ‬لهم‭ ‬أو‭ ‬تدريبهم‭ ‬على‭ ‬تعلم‭ ‬مهارات‭ ‬جديدة‭ ‬قد‭ ‬يتسبب‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬الاستياء‭ ‬وسط‭ ‬المدنيين‭.‬”

كانت‭ ‬وما‭ ‬تزال‭ ‬أعمار‭ ‬هؤلاء‭ ‬المقاتلين‭ ‬العائدين‭ ‬تسبب‭ ‬مشكلة،‭ ‬فقد‭ ‬كان‭ ‬معظمهم‭ ‬أطفالاً‭ ‬عند‭ ‬اختطافهم،‭ ‬وشبّ‭ ‬الكثير‭ ‬منهم‭ ‬على‭ ‬القتل‭ ‬وسفك‭ ‬الدماء؛‭ ‬ويبقى‭ ‬السؤال‭: ‬هل‭ ‬يعتبرهم‭ ‬المجتمع‭ ‬ضحايا‭ ‬الاختطاف‭ ‬أم‭ ‬يعتبرهم‭ ‬مقاتلين‭ ‬سابقين؟

تجيب‭ ‬بورزيلّو‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬التقرير‭ ‬بقولها‭: ‬“قد‭ ‬يتسبب‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬العائدين‭ ‬باعتبارهم‭ ‬ضحايا‭ ‬في‭ ‬تشويه‭ ‬فعالية‭ ‬برنامج‭ ‬إعادة‭ ‬الإدماج؛‭ ‬لأن‭ ‬الكثير‭ ‬منهم‭ ‬قد‭ ‬تأذوا‭ ‬نفسياً‭ ‬بشدة‭ ‬من‭ ‬تجربتهم،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬ألِف‭ ‬البعض‭ ‬حياة‭ ‬الأدغال،‭ ‬بل‭ ‬أضحوا‭ ‬يستمتعون‭ ‬بها‭.‬”

وقد‭ ‬أجرى‭ ‬مركز‭ ‬ستيمسون،‭ ‬وهو‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬مجموعة‭ ‬بحثية‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬السياسة،‭ ‬دراسة‭ ‬ركزت‭ ‬على‭ ‬التحديات‭ ‬النوعية‭ ‬التي‭ ‬تواجه‭ ‬برامج‭ ‬نزع‭ ‬السلاح‭ ‬والتسريح‭ ‬وإعادة‭ ‬الإدماج‭ ‬بأوغندا،‭ ‬ونوّهت‭ ‬الدراسة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬تلك‭ ‬المبادرات‭ ‬“ينقصها‭ ‬وجود‭ ‬استراتيجية‭ ‬متسقة‭.‬”‭ ‬وألقت‭ ‬الدراسة‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬ثلاث‭ ‬مشكلات‭ ‬محددة‭:‬

استاءت‭ ‬المجتمعات‭ ‬المحلية‭ ‬من‭ ‬حُزم‭ ‬الإعانات‭ ‬لإعادة‭ ‬التوطين‭ ‬التي‭ ‬تصرفها‭ ‬الحكومة‭ ‬للمقاتلين‭ ‬المنشقين‭ ‬عن‭ ‬جيش‭ ‬الرب‭ ‬للمقاومة‭ ‬لأنهم‭ ‬يرونها‭ ‬مكافأة‭ ‬على‭ ‬أعمال‭ ‬العنف‭ ‬التي‭ ‬قاموا‭ ‬بها؛‭ ‬كما‭ ‬تعبر‭ ‬هذه‭ ‬الحُزم،‭ ‬التي‭ ‬تُصرف‭ ‬بموجب‭ ‬قانون‭ ‬العفو‭ ‬الذي‭ ‬أصدرته‭ ‬أوغندا‭ ‬عام‭ ‬2000،‭ ‬عن‭ ‬“توفر‭ ‬الموارد‭ ‬عياناً”‭ ‬لمنشقي‭ ‬جيش‭ ‬الرب‭ ‬للمقاومة،‭ ‬مع‭ ‬حرمان‭ ‬المدنيين‭ ‬والفقراء‭ ‬منها‭.‬

الجنود الأطفال السابقون يقدمون استعراضاً عسكرياً في احتفالية أقيمت لإطلاق سراحهم بجنوب السودان.

رأى‭ ‬المواطنون‭ ‬المحليون‭ ‬أيضاً‭ ‬الجهود‭ ‬التي‭ ‬قامت‭ ‬بها‭ ‬المنظمات‭ ‬الدولية‭ ‬لدعم‭ ‬البرامج‭ ‬المقدمة‭ ‬للمقاتلين‭ ‬السابقين؛‭ ‬إذ‭ ‬لا‭ ‬يحصل‭ ‬أفراد‭ ‬المجتمع‭ ‬مع‭ ‬تعدد‭ ‬أفراده‭ ‬على‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬البرامج‭ ‬“على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬احتمالية‭ ‬احتياج‭ ‬شباب‭ ‬المجتمع‭ ‬إجمالاً‭ ‬لمثل‭ ‬هذه‭ ‬البرامج‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬غيرهم‭.‬”

استاء‭ ‬المقاتلون‭ ‬السابقون‭ ‬من‭ ‬تفاوت‭ ‬مستويات‭ ‬المعونات‭ ‬المقدمة‭ ‬لهم؛‭ ‬فقد‭ ‬يحصل‭ ‬المقاتل‭ ‬المُختطف‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬يلبث‭ ‬في‭ ‬جيش‭ ‬الرب‭ ‬للمقاومة‭ ‬سوى‭ ‬بضعة‭ ‬أسابيع‭ ‬قبل‭ ‬تمكنه‭ ‬من‭ ‬الهرب‭ ‬منه‭ ‬على‭ ‬معونات‭ ‬تفوق‭ ‬المقاتل‭ ‬الذي‭ ‬اختُطف‭ ‬وقاتل‭ ‬مدة‭ ‬تتجاوز‭ ‬10‭ ‬سنوات‭.‬

دراسة‭ ‬أوغندا

تقوم‭ ‬المؤسسات‭ ‬الحكومية،‭ ‬ومنظمة‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬والمنظمات‭ ‬غير‭ ‬الحكومية‭ ‬بدراسة‭ ‬برامج‭ ‬نزع‭ ‬السلاح‭ ‬والتسريح‭ ‬وإعادة‭ ‬الإدماج‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬أوغندا‭ ‬والصومال‭ ‬ومناطق‭ ‬أخرى‭ ‬بشرق‭ ‬إفريقيا،‭ ‬بهدف‭ ‬التعرف‭ ‬على‭ ‬أساليب‭ ‬تحسين‭ ‬هذه‭ ‬البرامج‭ ‬في‭ ‬شتى‭ ‬بقاع‭ ‬العالم‭.‬

وقد‭ ‬درست‭ ‬جامعة‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬أسباب‭ ‬النجاح‭ ‬والفشل‭ ‬في‭ ‬برنامج‭ ‬نزع‭ ‬السلاح‭ ‬والتسريح‭ ‬وإعادة‭ ‬الإدماج‭ ‬بأوغندا،‭ ‬وخرجت‭ ‬عام‭ ‬2015‭ ‬بتقرير‭ ‬يسرد‭ ‬المشكلات‭ ‬التي‭ ‬تواجه‭ ‬أي‭ ‬خُطة‭ ‬لإعداد‭ ‬هذه‭ ‬البرامج،‭ ‬وتشمل‭:‬

قد‭ ‬تغيب‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬وجود‭ ‬صراع‭ ‬قائم‭ ‬الإرادة‭ ‬السياسية‭ ‬اللازمة‭ ‬لبرامج‭ ‬نزع‭ ‬السلاح‭ ‬والتسريح‭ ‬وإعادة‭ ‬الإدماج،‭ ‬مما‭ ‬يثير‭ ‬تساؤلات‭ ‬حول‭ ‬مدى‭ ‬فعالية‭ ‬هذه‭ ‬الجهود‭ ‬في‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬المُناخ‭.‬

يؤدي‭ ‬استمرار‭ ‬الصراع‭ ‬إلى‭ ‬إعاقة‭ ‬الانتعاش‭ ‬الاقتصادي‭ ‬اللازم‭ ‬لاستيعاب‭ ‬المقاتلين‭ ‬السابقين‭ ‬الذين‭ ‬يدخلون‭ ‬سوق‭ ‬العمل،‭ ‬مما‭ ‬يثير‭ ‬تساؤلات‭ ‬حول‭ ‬كيفية‭ ‬تصميم‭ ‬برامج‭ ‬تحول‭ ‬دون‭ ‬انتكاس‭ ‬المقاتلين‭ ‬السابقين‭ ‬أو‭ ‬لجوئهم‭ ‬إلى‭ ‬الإجرام‭ ‬بعد‭ ‬إنهاء‭ ‬الصراع‭.‬

لا‭ ‬نكاد‭ ‬نعرف‭ ‬شيئاً‭ ‬عن‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬برامج‭ ‬نزع‭ ‬السلاح‭ ‬والتسريح‭ ‬وإعادة‭ ‬الإدماج‭ ‬وبين‭ ‬استمرار‭ ‬العمليات‭ ‬العسكرية‭ ‬العدائية؛‭ ‬فهل‭ ‬يتسبب‭ ‬وجود‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬العمليات‭ ‬العدائية‭ ‬في‭ ‬تقويض‭ ‬هذه‭ ‬البرامج‭ ‬أم‭ ‬يحفزها؟‭ ‬

يتزايد‭ ‬دور‭ ‬الحكومات‭ ‬الدولية‭ ‬والإقليمية‭ ‬والمحلية،‭ ‬بجانب‭ ‬المنظمات‭ ‬غير‭ ‬الحكومية‭ ‬والمتعهدين،‭ ‬في‭ ‬برامج‭ ‬نزع‭ ‬السلاح‭ ‬والتسريح‭ ‬وإعادة‭ ‬الإدماج،‭ ‬ويثير‭ ‬هذا‭ ‬الدور‭ ‬عدداً‭ ‬من‭ ‬التحديات‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬والعملية‭ ‬والقانونية؛‭ ‬فكيف‭ ‬يكون‭ ‬الوضع‭ ‬إذا‭ ‬لم‭ ‬تتوافق‭ ‬المبادئ‭ ‬ومعايير‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬التي‭ ‬تتبناها‭ ‬هذه‭ ‬الجهات‭ ‬المختلفة؟

وما‭ ‬هي‭ ‬التحديات‭ ‬العملية‭ ‬والقانونية‭ ‬التي‭ ‬تواجه‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬المقاتلين‭ ‬المنشقين‭ ‬الذين‭ ‬كانوا‭ ‬أعضاءً‭ ‬بجماعات‭ ‬إرهابية‭ ‬عنيفة؟‭ ‬

وقد‭ ‬أثار‭ ‬البحث‭ ‬الذي‭ ‬أجرته‭ ‬الصحفية‭ ‬آنا‭ ‬بورزيلّو‭ ‬تساؤلات‭ ‬أخرى‭ ‬لا‭ ‬تختلف‭ ‬عن‭ ‬التي‭ ‬تقدمت،‭ ‬فقد‭ ‬لاحظت‭ ‬أهمية‭ ‬توفير‭ ‬الدعم‭ ‬المالي‭ ‬بعد‭ ‬إنهاء‭ ‬الصراع‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تفكيك‭ ‬مخيمات‭ ‬اللاجئين‭ ‬الداخليين،‭ ‬وإعادة‭ ‬توطين‭ ‬السكان،‭ ‬وإعادة‭ ‬إعمار‭ ‬المنطقة؛‭ ‬وذكرت‭ ‬أن‭ ‬“هذه‭ ‬العملية‭ ‬ستحتاج‭ ‬إلى‭ ‬تكاليف‭ ‬كثيرة،‭ ‬وستطلب‭ ‬التزام‭ ‬الحكومة‭ ‬الأوغندية‭ ‬والجهات‭ ‬الدولية‭ ‬المانحة‭.‬”‭ ‬ونوّهت‭ ‬بورزيلّو‭ ‬إلى‭ ‬أهمية‭ ‬تدعيم‭ ‬جهازي‭ ‬الشرطة‭ ‬والقضاء‭ ‬عندئذ‭ ‬لإرساء‭ ‬العدل‭ ‬وطي‭ ‬صفحة‭ ‬الماضي،‭ ‬وشددت‭ ‬على‭ ‬أهمية‭ ‬إيجاد‭ ‬حل‭ ‬لمشكلة‭ ‬جرائم‭ ‬الحرب

ثلاثة‭ ‬أنواع‭ ‬من‭ ‬المقاتلين‭:‬

ذكر‭ ‬الباحث‭ ‬بروسبر‭ ‬نزيكاني‭ ‬زينا،‭ ‬في‭ ‬بحثه‭ ‬المنشور‭ ‬بالمركز‭ ‬الإفريقي‭ ‬للدراسات‭ ‬الاستراتيجية،‭ ‬أنه‭ ‬يمكن‭ ‬تقسيم‭ ‬المرشحين‭ ‬لبرامج‭ ‬نزع‭ ‬السلاح‭ ‬والتسريح‭ ‬وإعادة‭ ‬الإدماج‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬الصراع‭ ‬إلى‭ ‬مجموعات‭ ‬ثلاث‭: ‬المسلحين‭ ‬الذين‭ ‬سيسرّحون‭ ‬أنفسهم‭ ‬بأنفسهم‭ ‬بمجرد‭ ‬أن‭ ‬يلوح‭ ‬لهم‭ ‬إطار‭ ‬عملي‭ ‬للسلام‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬الواقع؛‭ ‬والمقاتلين‭ ‬الذين‭ ‬ستبقى‭ ‬لهم‭ ‬مصالح‭ ‬في‭ ‬استمرار‭ ‬القتال؛‭ ‬والمقاتلين‭ ‬المترددين‭ ‬في‭ ‬نزع‭ ‬السلاح‭ ‬خشية‭ ‬العواقب‭. ‬ويقول‭ ‬زينا‭ ‬إن‭ ‬المجموعة‭ ‬الثالثة‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬تمثل‭ ‬النموذج‭ ‬الأمثل‭ ‬لنجاح‭ ‬برامج‭ ‬نزع‭ ‬السلاح‭ ‬والتسريح‭ ‬وإعادة‭ ‬الإدماج‭.‬

فهو‭ ‬يرى‭ ‬“أنهم‭ ‬مترددون‭ ‬في‭ ‬نزع‭ ‬السلاح،‭ ‬خوفاً‭ ‬من‭ ‬أنهم‭ ‬سيكونون‭ ‬عرضة‭ ‬للخطر‭ ‬وسط‭ ‬بيئة‭ ‬يغيب‭ ‬عنها‭ ‬الأمن‭ ‬والاستقرار‭ ‬واليقين،‭ ‬وليس‭ ‬لديهم‭ ‬بدائل‭ ‬مناسبة‭ ‬للدخل؛‭ ‬ولذلك‭ ‬قد‭ ‬يخشون‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬نزع‭ ‬السلاح‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬أن‭ ‬يتسبب‭ ‬في‭ ‬إفقارهم‭ ‬وشقائهم‭. ‬إلّا‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يكاد‭ ‬يوجد‭ ‬لديهم‭ ‬دافع‭ ‬أو‭ ‬مصلحة‭ ‬في‭ ‬مواصلة‭ ‬القتال،‭ ‬فهم‭ ‬على‭ ‬الحياد،‭ ‬ويحتاجون‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬يحفزهم‭ ‬ويشجعهم،‭ ‬وإلى‭ ‬وجود‭ ‬مسارات‭ ‬تدريجية‭ ‬وعملية‭ ‬لوقف‭ ‬القتال‭.‬”

وقد‭ ‬توصل‭ ‬زينا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬العنصر‭ ‬المهم‭ ‬لإنجاح‭ ‬هذه‭ ‬المساعي‭ ‬يتلخص‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬نثبت‭ ‬لهؤلاء‭ ‬المقاتلين‭ ‬أنه‭ ‬يوجد‭ ‬لديهم‭ ‬مسار‭ ‬لنزع‭ ‬السلاح‭ ‬والعودة‭ ‬إلى‭ ‬الحياة‭ ‬المدنية‭ ‬كسائر‭ ‬الناس‭.‬

وكتب‭ ‬يقول‭: ‬“يمكن‭ ‬لبرامج‭ ‬نزع‭ ‬السلاح‭ ‬والتسريح‭ ‬وإعادة‭ ‬الإدماج‭ ‬استقطاب‭ ‬أمثال‭ ‬هؤلاء‭ ‬المقاتلين‭ ‬المذبذبين‭ ‬وتخليهم‭ ‬عن‭ ‬القتال،‭ ‬ولا‭ ‬يكون‭ ‬ذلك‭ ‬إلا‭ ‬بتوفير‭ ‬الفرص‭ ‬المناسبة‭ ‬لنزع‭ ‬السلاح‭ ‬بأمان،‭ ‬وتقديم‭ ‬الدعم‭ ‬النفسي‭ ‬والمالي‭ ‬لهم‭ ‬لتأمين‭ ‬عودتهم‭ ‬إلى‭ ‬الحياة‭ ‬المدنية،‭ ‬وتوفير‭ ‬برامج‭ ‬التدريب‭ ‬وفرص‭ ‬العمل‭ ‬التي‭ ‬تمكنهم‭ ‬من‭ ‬الإنفاق‭ ‬على‭ ‬أنفسهم؛‭ ‬ويؤدي‭ ‬هذا‭ ‬كله‭ ‬بطريقة‭ ‬غير‭ ‬مباشرة‭ ‬إلى‭ ‬إضعاف‭ ‬المقاتلين‭ ‬المتشددين‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬استنفاذهم‭ ‬من‭ ‬أنصارهم‭.‬”

وقد‭ ‬ذكر‭ ‬زينا‭ ‬وغيره‭ ‬من‭ ‬الباحثين‭ ‬أن‭ ‬العنصرين‭ ‬الأولين‭ ‬من‭ ‬برامج‭ ‬نزع‭ ‬السلاح‭ ‬والتسريح‭ ‬وإعادة‭ ‬الإدماج‭ ‬–‭ ‬أي‭ ‬نزع‭ ‬السلاح‭ ‬والتسريح‭ ‬–‭ ‬لا‭ ‬يعوقان‭ ‬عادة‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬المقاتلين‭ ‬“المحايدين”‭: ‬فأمّا‭ ‬التسريح‭ ‬فيمكن‭ ‬أن‭ ‬يشكل‭ ‬حساسية‭ ‬سياسية،‭ ‬ولكن‭ ‬هذه‭ ‬المشكلات‭ ‬سرعان‭ ‬ما‭ ‬تتلاشى؛‭ ‬وأمّا‭ ‬نزع‭ ‬السلاح‭ ‬فيقتضي‭ ‬غالباً‭ ‬توفير‭ ‬مواقع‭ ‬آمنة‭ ‬لجمع‭ ‬السلاح،‭ ‬لا‭ ‬يشعر‭ ‬فيها‭ ‬المقاتلون‭ ‬العائدون‭ ‬بالخوف‭ ‬على‭ ‬أنفسهم؛‭ ‬وأَمّا‭ ‬إعادة‭ ‬إدماج‭ ‬المقاتلين‭ ‬السابقين‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬المدنية‭ ‬فهو‭ ‬العنصر‭ ‬الأصعب‭.‬

ينطوي‭ ‬إعادة‭ ‬الإدماج‭ ‬على‭ ‬مهام‭ ‬كثيرة‭ ‬كتوفير‭ ‬التدريب‭ ‬على‭ ‬الأعمال،‭ ‬والقروض،‭ ‬والوظائف،‭ ‬ومساعدة‭ ‬أعداء‭ ‬الأمس‭ ‬على‭ ‬الاندماج‭ ‬في‭ ‬مظاهر‭ ‬الحياة‭ ‬السلمية،‭ ‬ومساعدتهم‭ ‬على‭ ‬إيجاد‭ ‬مساكن‭ ‬دائمة‭. ‬ويمثل‭ ‬إعادة‭ ‬الإدماج‭ ‬المرحلة‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تقع‭ ‬فيها‭ ‬أخطاء‭ ‬كثيرة؛‭ ‬فقد‭ ‬ييأس‭ ‬المقاتلون‭ ‬السابقون‭ ‬الذين‭ ‬نزعوا‭ ‬سلاحهم‭ ‬ويشعرون‭ ‬بالمرارة‭ ‬من‭ ‬عملية‭ ‬نزع‭ ‬السلاح‭ ‬والتسريح‭ ‬وإعادة‭ ‬الإدماج‭ ‬إن‭ ‬استغرق‭ ‬إعادة‭ ‬إدماجهم‭ ‬فترات‭ ‬طويلة،‭ ‬وعندئذ‭ ‬يشكل‭ ‬عدم‭ ‬اكتمال‭ ‬إعادة‭ ‬الإدماج‭ ‬وعدم‭ ‬فعاليته‭ ‬التهديد‭ ‬الأكبر‭ ‬لعودة‭ ‬هؤلاء‭ ‬المقاتلين‭ ‬إلى‭ ‬العنف‭ ‬المسلح‭.‬

واختتم‭ ‬زينا‭ ‬بحثه‭ ‬بقوله‭: ‬“يمثل‭ ‬إعادة‭ ‬الإدماج‭ ‬الوجه‭ ‬الأهم‭ ‬والأكثر‭ ‬تعقيداً‭ ‬لبرامج‭ ‬نزع‭ ‬السلاح‭ ‬والتسريح‭ ‬وإعادة‭ ‬الإدماج‭ ‬ولكنه‭ ‬يأتي‭ ‬في‭ ‬ذيل‭ ‬أولوياتها‭.‬”‭  ‬q

التعليقات مغلقة.