هل يمكن أن تنتقل المعركة التالية حول فيروس كورونا إلى ساحات القضاء؟ الكوفيد - 19 بواسطة ADF في يونيو 22, 2020 شارك تأخر فيروس كورونا (كوفيد-19) في التفشي في إفريقيا، ولكنه يجتاح القارة السمراء الآن، ويتسبب في خسائر اقتصادية فادحة، ويودي بحياة الآلاف، ويثير هذا المرض سؤالاً غاية الأهمية: هل يمكن للبلدان المتضررة أن تحمّل الصين المسؤولية القانونية جرّاء ما حدث؟ فيقول أنصار هذا الرأي إن الصين أخفقت في غلق الأسواق الرطبة التي كانت قد تسببت بالفعل في جائحة سابقة، ونفت وجود الفيروس، وكمّمت أفواه من حاولوا تحذير السلطات؛ فأخلّت بذلك بواجباتها بموجب اللوائح الصحية العالمية. وقد وُضعت تلك اللوائح على إثر فيروس السارس الذي تفشى عام 2005، وقد ظهر هو الآخر في أحد الأسواق الرطبة بالصين. وكتب السيد آبهيشيك كومار، الطالب بجامعة الدكتور رام مانوهار لوهيا الوطنية للحقوق بمدينة لكناو بالهند، على موقع «جوريست» القانوني يقول: ”تسببت أسواق المواد الغذائية التي تنقصها الرقابة الصحية في الصين في أزمة صحية تلو الأخرى، وساعدت عدم كفاءة القادة السياسيين في الصين على تفشي جائحة فيروس كورونا، وأصبح الاقتصاد العالمي على شفير الانهيار، وتمتلئ المستشفيات بالحالات المصابة، وتكتظ المقابر بجثث الموتى في شتى بقاع العالم.“ وتعطي انتهاكات الصين للقانون الدولي واللوائح الصحية الحق لبلدان العالم للمطالبة بتعويضات عن الخسائر الاقتصادية التي تسببت فيها، ويمكن لمحكمة العدل الدولية أو أي محكمة دولية أخرى النظر في هذه الاتهامات. وقد أصبح الوضع في غاية الخطورة؛ إذ تدين البلدان الإفريقية للبنوك الصينية بمليارات الدولات بسبب قروض البنية التحتية التي تلقّتها من الصين لتمويل مشروع الحزام والطريق، وقد تضررت الأنظمة الاقتصادية بهذه البلدان من إجراءات التباعد الاجتماعي وغيرها من تدابير الاستجابة لفيروس كورونا، مما يجبر الحكومات الإفريقية على الاختيار بين رعاية شعوبها وبين تسديد ديونها للصين. وكتبت السيدة أوبي إزيكويسيلي، أحد نواب رئيس البنك الدولي للشؤون الإفريقية سابقاً ووزيرة التربية والتعليم بالحكومة النيجيرية سابقاً، مقالاً في صحيفة واشنطن بوست تقول فيه: ”يجب أن تحصل القارة على تعويضات من الصين، وهي الدولة الغنية والقوية التي أخفقت في التحلّي بالشفافية والكفاءة في إدارة هذه الكارثة العالمية.“ وبالرغم من أن مجموعة العشرين والبنك الدولي وبنك النقد الدولي قد وافقوا على تأجيل سداد الديون على مستوى القارة، فقد رفضت الصين هذا العفو الشامل، إذ طالبت بإعادة التفاوض مع البلدان الإفريقية على الشروط الخاصة بقروض القطاعين العام والخاص التي تتجاوز 140 مليار دولار على أساس دراسة كل حالة على حدة. والسؤال: هل يمكن أن ترفض هذه البلدان سداد ديونها في إطار مطالبتها بتعويضات من الصين؟ لا تستبعد ذلك السيدة مما أمارا إكروشي، الباحثة المشاركة بمركز دراسات الاقتصاد الإفريقي. فتقول إكروشي إنه مع عدم وجود قانون دولي يقنن التعامل الصحيح مع موقف كتفشي فيروس كورونا، فقد صدرت قرارات في الماضي تعترف بالمسؤولية الدولية عن الأضرار التي نتجت عن انتشار مخاطر من دولة لأخرى، ومن أمثلتها نزاع دولي وقع بسبب تلوث الهواء في ثلاثينيات القرن العشرين بين الولايات المتحدة وكندا والمعروف بالتحكيم في قضية مصهر تريل؛ إذ اضطرت كندا في ذلك الوقت إلى دفع تعويضات للولايات المتحدة بسبب الأضرار البيئية التي تسببت فيها المصاهر الكندية. وبالرغم من احتمالية وجود سابقة قانونية للتحرك ضد الصين، فإن المتابعين للموقف يستبعدون نجاح مثل هذا التحرك؛ فترى إكروشي، الباحثة المشاركة بمركز دراسات الاقتصاد الإفريقي، أن هذه الاستراتيجية من شأنها، في حالات كثيرة، تهديد المقدرات الوطنية الرئيسية، إذ يمكن للبنوك الصينية في إطار تمويلها لمشروعات البنية التحتية بمبادرة الحزام والطريق أن تصادر الموانئ، وشبكات السكك الحديد، وغيرها من الصناعات الوطنية إذا تخلّفت البلدان عن سداد ديونها. وتقول إكروشي: ”لا أعتقد أن البلدان الإفريقية تتبنى ذلك الموقف في هذه المرحلة؛ لأن الصين تدير مشروعات البنية التحتية التي موّلتها بقروضها، وضمنت الحكومات الإفريقية بعض القروض بأصول سيادية، مما يعني أن التخلّف عن سداد القروض قد يؤدي إلى تخلي الحكومات عن أصولها.“ بل ليس على القادة الأفارقة أن يعتبروا بمثال أبعد من سريلانكا؛ إذ سيطرت الصين على ميناء هامبانتوتا وآلاف الأفدنة من الأراضي المحيطة به مقابل التنازل عن ديونها. ومن جانبه، كتب السيد جوا شاوتشون، سفير الصين لدى زيمبابوي، عموداً في صحيفة ديلي نيوز بزيمبابوي ينفي فيه أي زعم بأن الصين أخفقت في التصرف بمسؤولية فيما يتعلق بالتحقيق في الفيروس والتصدي له. هذا، ويذكر السيد روبرت ويليامز، المدير التنفيذي لمركز بول تساي للدراسات الصينية بكلية ييل للحقوق، أنه يصعب الحصول على أي تعويضات من الصين بسبب مبدأ الحصانة السيادية؛ إذ لا يمكن مقاضاة الصين على أي جرائم في محاكم بلدان أخرى لأنها دولة ذات سيادة. ولا تكاد توجد سابقة على إجبار البلدان على دفع تعويضات بسبب أي جائحة عالمية، وذلك حسبما كتبه الدكتور سريرام تشاوليا، الأستاذ بكلية جيندال للشؤون الدولية بالهند، في صحيفة نيكي إيجيان ريفيو. وذكرت إكروشي أن البلدان الإفريقية يمكنها السعي لتخفيف ديونها أمام محكمة العدل الدولية. وأضافت تقول: ”إلّا أن سجل الصين حافل بعدم امتثالها للمعايير الدولية.“
التعليقات مغلقة.