Africa Defense Forum
Africa Defense Forum

التطرف يفسد الحياة في شمال موزمبيق

الغموض‭ ‬يحيط‭ ‬بقيادة‭ ‬وأيديولوجية‭ ‬المتمردين‭ ‬مع‭ ‬استمرار‭ ‬وتيرة‭ ‬العنف

أسرة‭ ‬إيه‭ ‬دي‭ ‬إف

تُعرف‭ ‬الجماعة‭ ‬بأسماء‭ ‬عديدة،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الأسماء‭ ‬التي‭ ‬تثير‭ ‬الرعب‭ ‬وتعيد‭ ‬إلى‭ ‬الأذهان‭ ‬الخطر‭ ‬الذي‭ ‬تمثله‭ ‬جماعة‭ ‬المتمردين‭ ‬الصومالية‭ ‬المحلية‭. ‬أما‭ ‬أعدادها‭ ‬فهي‭ ‬غير‭ ‬واضحة‭. ‬ولا‭ ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬قيادتها‭ ‬مرتبطة‭ ‬بأي‭ ‬شخص‭ ‬واحد‭. ‬وحتى‭ ‬أيديولوجيتها‭ ‬المركزية‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬التعرف‭ ‬عليها‭ ‬بسهولة‭.‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬تفتك‭ ‬الجماعة‭ ‬بأهداف‭ ‬مدنية‭ ‬وحكومية‭ ‬بشراسة،‭ ‬فتنصب‭ ‬كمينًا‭ ‬لقوات‭ ‬الأمن‭ ‬وتقتل‭ ‬الرجال‭ ‬والنساء‭ ‬والأطفال‭ ‬حتى‭ ‬الموت‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تحرق‭ ‬منازلهم‭ ‬على‭ ‬الأرض‭.‬

وعلى‭ ‬حسب‭ ‬رواية‭ ‬شخص‭ ‬محلي‭ ‬لوكالة‭ ‬الأنباء‭ ‬الفرنسية،‭ ‬قام‭ ‬هؤلاء‭ ‬المتطرفون‭ ‬في‭ ‬سبتمبر‭ ‬2018‭ ‬بقتل‭ ‬12‭ ‬قرويًا‭ ‬وإصابة‭ ‬14‭ ‬آخرين‭ ‬بجروح‭ ‬في‭ ‬قرية‭ ‬باكوي‭ ‬شمال‭ ‬موزمبيق‭. ‬وقال‭ ‬المصدر‭: “‬قُتل‭ ‬عشرة‭ ‬أشخاص‭ ‬بأسلحة‭ ‬نارية‭ ‬وأُحرق‭ ‬اثنان‭ (‬حتى‭ ‬الموت‭) ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تفحم‭ ‬55‭ ‬منزلاً‭”. “‬قُطع‭ ‬رأس‭ ‬شخص‭ ‬بعد‭ ‬قتله‭ ‬بالرصاص‭”.‬

القرويون يصفون هجمة مسلحة في شيتولو، موزمبيق، في يوليو 2018. وكالة أنباء رويترز

وقد‭ ‬صرح‭ ‬جيمس‭ ‬هولي‭ ‬من‭ ‬مركز‭ ‬أفريقيا‭ ‬التابع‭ ‬للمجلس‭ ‬الأطلسي‭ ‬قائلاً‭ ‬إن‭ ‬بعض‭ ‬التقارير‭ ‬تشير‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الجماعة‭ ‬بدأت‭ ‬في‭ ‬التسلح‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬2015‭ ‬في‭ ‬محافظة‭ ‬كابو‭ ‬ديلغادو‭ ‬في‭ ‬موزمبيق‭. ‬وطوال‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت،‭ ‬كان‭ ‬الشباب‭ ‬الموزمبيقي‭ ‬يُرسل‭ ‬إلى‭ ‬بلدان‭ ‬أخرى‭ ‬لدراسة‭ ‬الإسلام،‭ ‬حيث‭ ‬كانوا‭ ‬يحضرون‭ ‬معسكرات‭ ‬تدريب‭ ‬مسلح‭ ‬قبل‭ ‬عودتهم‭. ‬وربما‭ ‬يكون‭ ‬بعض‭ ‬التنزانيين‭ ‬قد‭ ‬شاركوا‭ ‬أيضًا‭ ‬في‭ ‬ذلك‭. ‬بدأت‭ ‬الجماعة‭ ‬في‭ ‬تقوية‭ ‬قاعدتها‭ ‬ومقاومة‭ ‬هيكل‭ ‬السلطة‭ ‬الإقليمي‭.‬

كان‭ ‬الهجوم‭ ‬الرئيسي‭ ‬الأول‭ ‬في‭ ‬5‭ ‬أكتوبر‭ ‬2017،‭ ‬عندما‭ ‬هاجم‭ ‬عدد‭ ‬تراوح‭ ‬من‭ ‬30‭ ‬إلى‭ ‬40‭ ‬عضوًا‭ ‬من‭ ‬الجماعة‭ ‬الإسلامية‭ ‬المتشددة‭ ‬مراكز‭ ‬الشرطة‭ ‬والسكان‭ ‬والمسؤولين‭ ‬الحكوميين‭ ‬في‭ ‬موكيمبا‭ ‬دا‭ ‬برايا،‭ ‬وهي‭ ‬مدينة‭ ‬في‭ ‬محافظة‭ ‬كابو‭ ‬دلغادو‭.‬

وقال‭ ‬هولاي‭ ‬لصندوق‭ ‬التنمية‭ ‬الأسيوي‭: “‬من‭ ‬الواضح‭ ‬أنها‭ ‬كانت‭ ‬لحظة‭ ‬أو‭ ‬نقطة‭ ‬انتقالية‭ ‬أعلن‭ ‬فيها‭ ‬التمرد‭ ‬عن‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬التحول‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬وصفه‭ ‬بالتمرد‭ ‬وليس‭ ‬مجرد‭ ‬حركة‭”. ‬

وتشير‭ ‬الأبحاث‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬شمال‭ ‬موزمبيق‭ ‬يضم‭ ‬عوامل‭ ‬كثيرة‭ ‬تؤجج‭ ‬الاضطراب‭ ‬والعنف‭. ‬فقد‭ ‬صنفت‭ ‬مؤسسة‭ ‬Focus Economics‭ ‬البلد‭ ‬بأنه‭ ‬ثاني‭ ‬أفقر‭ ‬بلدان‭ ‬العالم‭. ‬ويتألف‭ ‬سكان‭ ‬مواني‭ ‬في‭ ‬موزمبيق،‭ ‬الذين‭ ‬يتركزون‭ ‬على‭ ‬طول‭ ‬الساحل‭ ‬الشمالي،‭ ‬من‭ ‬مسلمين‭ ‬يشعرون‭ ‬بالتهميش‭ ‬من‭ ‬الحكومة‭. ‬كما‭ ‬المنطقة‭ ‬معروفة‭ ‬بمشاريع‭ ‬الاتجار‭ ‬الإجرامي‭ ‬في‭ ‬الأحجار‭ ‬الكريمة‭ ‬والأخشاب‭ ‬والمخدرات‭ ‬والعاج‭ ‬والبشر‭. ‬وقد‭ ‬جلبت‭ ‬الصناعات‭ ‬الاستخراجية‭ ‬الجديدة‭ ‬المزدهرة‭ ‬شركات‭ ‬كبيرة‭ ‬إلى‭ ‬المنطقة،‭ ‬وأثارت‭ ‬التوترات‭ ‬بين‭ ‬السكان‭ ‬المحليين‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬التعرف‭ ‬على‭ ‬سبب‭ ‬محدد‭ ‬وواضح‭ ‬للعنف‭ ‬أمر‭ ‬بعيد‭ ‬المنال‭.‬

أحرق المتطرفون الأكواخ في شيتولو في محافظة كابو دلغادو في موزمبيق في يوليو 2018. وكالة أنباء رويترز

في‭ ‬الحقيقة،‭ ‬تتميز‭ ‬الحركة‭ ‬والأشخاص‭ ‬الذين‭ ‬يقفون‭ ‬خلفها‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المرحلة‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬كبير‭ ‬بالغموض‭ ‬المحيط‭ ‬بهم‭. ‬فهم‭ ‬لم‭ ‬يسعوا‭ ‬إلى‭ ‬إعلان‭ ‬مسؤوليتهم‭ ‬عن‭ ‬الهجمات‭ ‬أو‭ ‬يعلنوا‭ ‬علنًا‭ ‬عن‭ ‬أيديولوجية‭ ‬متماسكة‭. ‬وبهذه‭ ‬الطريقة،‭ ‬فإن‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬مقارنتها‭ ‬بحركات‭ ‬تمردية‭ ‬مثل‭ ‬بوكو‭ ‬حرام‭ ‬في‭ ‬نيجيريا‭ ‬وحركة‭ ‬الشباب‭ ‬في‭ ‬الصومال‭.‬

كتب‭ ‬الدكتور‭ ‬بنيامين‭ ‬ب‭. ‬نيكلز‭ ‬وبولو‭ ‬أراوجو‭ ‬من‭ ‬مركز‭ ‬إفريقيا‭ ‬للدراسات‭ ‬الاستراتيجية‭ (‬Acss‭) ‬لمركز‭ ‬ويلسون‭ ‬في‭ ‬أكتوبر‭ ‬2018‭: “‬مع‭ ‬استمرار‭ ‬انتشار‭ ‬النضال‭ ‬الإسلامي‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬إفريقيا،‭ ‬فإنه‭ ‬يتجاوز‭ ‬البلدان‭ ‬ذات‭ ‬البؤر‭ ‬الساخنة‭”. “‬إن‭ ‬التطرف‭ ‬العنيف‭ ‬يصل‭ ‬الآن‭ ‬إلى‭ ‬المجتمعات‭ ‬الإسلامية‭ ‬المحلية‭ ‬الهامشية‭ ‬التي‭ ‬تشكل‭ ‬جزءًا‭ ‬صغيرًا‭ ‬من‭ ‬مجموع‭ ‬السكان‭ ‬الوطنيين،‭ ‬والتي‭ ‬تعد‭ ‬عناصر‭ ‬سياسية‭ ‬فاعلة‭ ‬وأمرًا‭ ‬ثانويًا‭ ‬لا‭ ‬يشغل‭ ‬تفكير‭ ‬الحكومة‭ ‬المركزية‭”.‬

تهديد‭ ‬بدون‭ ‬اسم

جمع‭ “‬وولي‭” ‬تقريرًا‭ ‬شاملاً‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2018‭ ‬عن‭ ‬التهديد‭ ‬الناشئ‭ ‬في‭ ‬موزمبيق‭. ‬ويصف‭ “‬وولي‭” ‬في‭ ‬التقرير‭ ‬المعلومات‭ ‬المعروف‭ ‬عن‭ ‬الجماعة،‭ ‬والأسماء‭ ‬التي‭ ‬تستخدمها،‭ ‬وقيادتها،‭ ‬وقائمة‭ ‬بالهجمات‭ ‬وعمليات‭ ‬العنف‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تعزى‭ ‬إليها‭.‬

وقد‭ ‬عُرفت‭ ‬الجماعة‭ ‬بعدة‭ ‬أسماء‭:‬

‭”‬أهل‭ ‬السنة‭ ‬والجماعة‭”‬‭ ‬الترجمة‭ ‬الأقرب‭ ‬لها‭ ‬هي‭ “‬التقليديون‭” ‬أو‭ “‬الملتزمون‭ ‬بالسنة‭ ‬والجماعة‭”. ‬كما‭ ‬استخدمت‭ ‬جماعة‭ ‬إرهابية‭ ‬عراقية‭ ‬سابقة‭ ‬وميليشيات‭ ‬صومالية‭ ‬معتدلة‭ ‬هذا‭ ‬الاسم‭. ‬

السنة‭ ‬السواحيلية،‭ ‬يمكن‭ ‬ترجمتها‭ ‬إلى‭ “‬االملتزمين‭ ‬السواحليين‭ ‬يالسنة‭” ‬أو‭ “‬العرف‭ ‬أو‭ ‬المسار‭ ‬السواحيلي‭”‬،‭ ‬وتنطبق‭ ‬على‭ ‬مواني‭ ‬الساحلية‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬المدن‭ ‬المتحدثة‭ ‬باللغة‭ ‬السواحلية‭ ‬وتميز‭ ‬هويتها‭ ‬عن‭ ‬الفئات‭ ‬الأخرى‭ ‬التي‭ ‬تعيش‭ ‬في‭ ‬داخل‭ ‬موزمبيق‭ ‬والحكومة‭ ‬إلى‭ ‬الجنوب‭.‬

حركة‭ ‬الشباب،‭ ‬وهو‭ ‬اسم‭ ‬مطابق‭ ‬لجماعة‭ ‬المتمردين‭ ‬الصوماليين،‭ ‬وتظهر‭ ‬في‭ ‬وسائط‭ ‬الإعلام‭ ‬وتقارير‭ ‬الحكومة،‭ ‬ولكن‭ ‬ليس‭ ‬هناك‭ ‬ما‭ ‬يشير‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬أعضاء‭ ‬الجماعة‭ ‬يشيرون‭ ‬إلى‭ ‬أنفسهم‭ ‬بهذا‭ ‬الاسم‭. ‬كما‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬انتماء‭ ‬معروف‭ ‬للجماعة‭ ‬الصومالية‭.‬

‭ ‬أنصار‭ ‬السنة‭ ‬هي‭ ‬إشارة‭ ‬أولية‭ ‬إلى‭ ‬الجماعة‭ ‬ويمكن‭ ‬أن‭ ‬تشير‭ ‬إلى‭ ‬روابط‭ ‬بجماعة‭ ‬تنزانية‭ ‬تحمل‭ ‬هذا‭ ‬الاسم،‭ ‬أو‭ ‬ارتباط‭ ‬خاطئ‭ ‬بتلك‭ ‬الجماعة،‭ ‬أو‭ ‬خطأ‭.‬

وكتب‭ “‬هوللي‭” ‬أن‭ ‬الفريق‭ ‬يعمل‭ ‬بهيكل‭ ‬قيادي‭ ‬لامركزي‭ ‬و‭”‬لا‭ ‬توجد‭ ‬قيادة‭ ‬متماسكة‭ ‬واضحة‭”. ‬وتفتقر‭ ‬أيديولوجية‭ ‬الجماعة‭ ‬أيضًا‭ ‬إلى‭ ‬التماسك‭ ‬فيما‭ ‬يتجاوز‭ ‬التطرف‭ ‬العنيف،‭ ‬والجريمة،‭ ‬والرسائل‭ ‬المناهضة‭ ‬للصوفية‭ ‬والمناهضة‭ ‬للحكومة‭. ‬فالمجندون‭ ‬شباب‭ ‬ويفتقرون‭ ‬إلى‭ ‬العلم‭ ‬بالقرآن،‭ ‬ويتراوح‭ ‬عدد‭ ‬أعضاء‭ ‬الجماعة‭ ‬من‭ ‬200‭ ‬فرد‭ ‬إلى‭ ‬1500‭ ‬فرد‭.‬

الجيولوجيون بفرزون الأحجار للحصول على الياقوت في مونتيبوز، موزمبيق. يعد استخراج الياقوت واحدًا من بين عدة صناعات استخراجية إقليمية. وكالة فرانس برس/جيتي إيميجز

وكتب‭ ‬هوللي‭: “‬يُزعم‭ ‬أن‭ ‬الهجمات‭ ‬تستهدف‭ ‬تعزيز‭ ‬انعدام‭ ‬الأمن‭ ‬بهدف‭ ‬تمكين‭ ‬الأعمال‭ ‬الإجرامية‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭”. ‬“وتدّعي‭ ‬المصادر‭ ‬أن‭ ‬الاشتباكات‭ ‬مصممة‭ ‬أيضًا‭ ‬لتشجيع‭ ‬القيام‭ ‬باستجابة‭ ‬أمنية‭ ‬مشددة،‭ ‬والتي‭ ‬ستزيد‭ ‬بدورها‭ ‬من‭ ‬دعم‭ ‬الجماعة‭”.‬

تصاعد‭ ‬الهجمات

على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬الأسماء‭ ‬المختلفة‭ ‬والأيديولوجية‭ ‬الضعيفة،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬شيئًا‭ ‬واحدًا‭ ‬ثابتًا‭: ‬العنف‭ ‬الوحشي‭ ‬الذي‭ ‬يرتكبه‭ ‬المتشددون‭ ‬والذي‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬سقوط‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬القتلى‭ ‬وتدمير‭ ‬الممتلكات‭ ‬بالجملة،‭ ‬ولا‭ ‬سيما‭ ‬المنازل‭ ‬التي‭ ‬كثيرا‭ ‬ما‭ ‬تحرق‭ ‬تمامًا‭.‬

كتب‭ “‬هوللي‭” ‬أنه‭ ‬بعد‭ ‬يومين‭ ‬من‭ ‬هجوم‭ ‬5‭ ‬أكتوبر‭ ‬2017،‭ ‬ردت‭ ‬قوات‭ ‬الأمن‭ ‬بقتل‭ ‬14‭ ‬مقاتلاً‭ ‬واعتقال‭ ‬52‭ ‬آخرين‭. ‬كما‭ ‬قُتل‭ ‬اثنان‭ ‬من‭ ‬ضباط‭ ‬الشرطة‭.‬‭ ‬ويعد‭ ‬هذا‭ ‬الحادث‭ ‬العنيف‭ ‬واحدًا‭ ‬من‭ ‬14‭ ‬حادثًا‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬في‭ ‬شمال‭ ‬موزمبيق‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬من‭ ‬أكتوبر‭ ‬2017‭ ‬وحتى‭ ‬يونيو‭ ‬2018‭. ‬فخلال‭ ‬تلك‭ ‬الفترة،‭ ‬قتل‭ ‬المتشددون‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬يقل‭ ‬عن‭ ‬55‭ ‬مدنيًا‭ ‬وسبعة‭ ‬ضباط‭ ‬شرطة‭. ‬كما‭ ‬أصيب‭ ‬خمسة‭ ‬من‭ ‬ضباط‭ ‬الشرطة‭ ‬واثنان‭ ‬من‭ ‬المدنيين،‭ ‬وفُقد‭ ‬أربعة‭ ‬ضباط‭ ‬بينما‭ ‬اُختطف‭ ‬ثلاثة‭ ‬مدنيين‭ ‬على‭ ‬الأقل‭. ‬

في‭ ‬27‭ ‬مايو‭ ‬2018،‭ ‬قطع‭ ‬المتطرفون‭ ‬رؤوس‭ ‬10‭ ‬أشخاص‭ ‬من‭ ‬بينهم‭ ‬بعض‭ ‬الأطفال‭ ‬بعد‭ ‬اختطافهم‭ ‬من‭ ‬قرى‭ ‬مونجان‭ ‬وأولومبي،‭ ‬بالقرب‭ ‬من‭ ‬مدينة‭ ‬بالما‭ ‬الساحلية‭ ‬في‭ ‬محافظة‭ ‬كابو‭ ‬دلغادو،‭ ‬وذلك‭ ‬وفقًا‭ ‬لتقرير‭ “‬صوت‭ ‬أمريكا‭” ‬الصادر‭ ‬في‭ ‬11‭ ‬يونيو‭ ‬2018‭.‬

كما‭ ‬ألحق‭ ‬المتشددون‭ ‬الدمار‭ ‬بالممتلكات‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭. “‬هوللي‭” ‬يسجل‭ ‬حرق‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬450‭ ‬منزلاً‭ ‬وذبح‭ ‬الماشية‭.‬

موزمبيق‭ ‬تستجيب
وفقًا‭ ‬لورقة‭ ‬بحثية‭ ‬أعدها‭ “‬جريجوري‭ ‬بيريو‭” ‬و‭”‬روبرت‭ ‬بيتيلي‭” ‬و‭”‬يوسف‭ ‬آدم‭”‬،‭ ‬أغارت‭ ‬القوات‭ ‬الحكومية‭ ‬الموزمبيقية‭ ‬في‭ ‬ديسمبر‭ ‬2017‭ ‬على‭ ‬ميتومبات‭ ‬وقصفتها،‭ ‬وهي‭ ‬قرية‭ ‬في‭ ‬موكيمبا‭ ‬دا‭ ‬برايا‭ ‬كان‭ ‬يُعتقد‭ ‬أنها‭ ‬معقل‭ ‬المتطرفين‭. ‬ويقال‭ ‬إن‭ ‬الهجوم،‭ ‬الذي‭ ‬استخدم‭ ‬طائرات‭ ‬هليكوبتر‭ ‬وسفينة‭ ‬تابعة‭ ‬للبحرية،‭ ‬قد‭ ‬أدى‭ ‬لقتل‭ ‬50‭ ‬شخصًا‭ ‬واحتجاز‭ ‬نحو‭ ‬200‭ ‬آخرين‭. ‬وقد‭ ‬صرحت‭ ‬الشرطة‭ ‬الوطنية‭ ‬بأنهم‭ ‬أعادوا‭ ‬السلام‭ ‬للمنطقة‭.‬

وفقًا‭ ‬لما‭ ‬ورد‭ ‬بالورقة‭ ‬البحثية‭ ‬الصادرة‭ ‬عن‭ ‬مركز‭ ‬أفريقيا‭ ‬للدراسات‭ ‬الإستراتيجية‭ (‬ACSS‭)‬،‭ ‬ألقت‭ ‬الشرطة‭ ‬بحلول‭ ‬مارس‭ ‬2018‭ ‬القبض‭ ‬على‭ ‬470‭ ‬شخصًا‭ ‬وحاكمت‭ ‬370‭ ‬شخصًا،‭ ‬منهم‭ ‬314‭ ‬موزمبيقيًا،‭ ‬و52‭ ‬تنـزانيًا،‭ ‬وشخصًا‭ ‬صوماليًا‭ ‬واحدًا،‭ ‬وثلاثة‭ ‬أوغنديين‭.‬

وأبلغ‭ “‬مارتن‭ ‬إيوي‭”‬،‭ ‬من‭ ‬برنامج‭ “‬EnACT‭” ‬التابع‭ ‬لمعهد‭ ‬الدراسات‭ ‬الأمنية‭ ‬في‭ ‬بريتوريا‭ ‬بجنوب‭ ‬أفريقيا،‭ ‬منتدى‭ ‬الدفاع‭ ‬الأفريقي‭ (‬ADF‭) ‬بأن‭ ‬المحاكمات‭ ‬الجنائية‭ ‬المتصلة‭ ‬بالعنف‭ ‬المتطرف‭ ‬سلطت‭ ‬بعض‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬الطابع‭ ‬الغامض‭ ‬للجماعة‭. ‬وأكدت‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬ما‭ ‬ادعاءات‭ ‬الحكومة‭ ‬بأن‭ ‬الأجانب‭ ‬مسؤولون‭ ‬عن‭ ‬أعمال‭ ‬العنف،‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬بعض‭ ‬الموزمبيقيين‭ ‬يشتركون‭ ‬أيضًا‭ ‬في‭ ‬المسؤولية‭ ‬عنها‭. ‬وقال‭ ‬إن‭ ‬تنزانيا‭ ‬أوقفت‭ ‬في‭ ‬منتصف‭ ‬نوفمبر‭ ‬2018‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬100‭ ‬شخص‭ ‬يشتبه‭ ‬في‭ ‬ضلوعهم‭ ‬بالتطرف‭ ‬العنيف‭ ‬عند‭ ‬العبور‭ ‬إلى‭ ‬موزمبيق‭.‬

وشملت‭ ‬ردود‭ ‬قوات‭ ‬الأمن‭ ‬مزيجًا‭ ‬من‭ ‬القوة‭ ‬العسكرية‭ ‬الحركية،‭ ‬مثل‭ ‬قصف‭ ‬ديسمبر‭ ‬2017‭ ‬والإجراءات‭ ‬السياسية‭ ‬والقانونية‭. ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬في‭ ‬يناير‭ ‬2018،‭ ‬وقَّعت‭ ‬موزمبيق‭ ‬وتنزانيا‭ ‬مذكرة‭ ‬تفاهم‭ ‬بشأن‭ ‬الأمن‭ ‬المتبادل‭ ‬على‭ ‬طول‭ ‬الحدود‭ ‬المشتركة‭ ‬بين‭ ‬البلدين‭.‬

وبموجب‭ ‬هذا‭ ‬الاتفاق،‭ ‬ستتبادل‭ ‬قوات‭ ‬الشرطة‭ ‬والدفاع‭ ‬الموزمبيقية‭ ‬المعلومات‭ ‬وتجريان‭ ‬عمليات‭ ‬مشتركة‭ ‬وتتبادلان‭ ‬المساعدة‭ ‬التقنية،‭ ‬وذلك‭ ‬وفقًا‭ ‬لتقرير‭ ‬صادر‭ ‬عن‭ ‬جريدة‭ ‬Noticias‭. ‬وسيشمل‭ ‬التعاون‭ ‬مكافحة‭ ‬الفساد‭ ‬والجرائم‭ ‬المالية‭ ‬والمخدرات‭ ‬والجرائم‭ ‬المتصلة‭ ‬بالموارد‭ ‬الطبيعية‭.‬

وفقًا‭ ‬لتقرير‭ ‬وكالة‭ ‬الأنباء‭ ‬البرتغالية‭ “‬لوسا‭”‬،‭ ‬أقر‭ ‬برلمان‭ ‬موزمبيق‭ ‬في‭ ‬مايو‭ ‬2018‭ ‬قانون‭ ‬مكافحة‭ ‬الإرهاب‭ ‬الذي‭ ‬ينص‭ ‬على‭ ‬عقوبات‭ ‬بالسجن‭ ‬تتراوح‭ ‬بين‭ ‬20‭ ‬و24‭ ‬عاماً‭ ‬وتجميد‭ ‬الأصول‭ ‬المستخدمة‭ ‬في‭ ‬الجرائم‭. ‬ويسمح‭ ‬القانون‭ ‬أيضًا‭ ‬بفرض‭ ‬عقوبات‭ ‬تتراوح‭ ‬بين‭ ‬12‭ ‬و16‭ ‬عامًا‭ ‬على‭ ‬من‭ ‬ينضمون‭ ‬إلى‭ ‬الجماعات‭ ‬الإرهابية،‭ ‬وعلى‭ ‬السجن‭ ‬لمدد‭ ‬تراوح‭ ‬من‭ ‬8‭ ‬إلى‭ ‬12‭ ‬عامًا‭ ‬عند‭ ‬ارتكاب‭ ‬أعمال‭ “‬التحضير‭ ‬لتشكيل‭ ‬جماعة‭ ‬إرهابية‭”.‬

وقد‭ ‬وافقت‭ ‬موزمبيق‭ ‬وأوغندا‭ ‬في‭ ‬مايو‭ ‬2018‭ ‬على‭ ‬التعاون‭ ‬في‭ ‬مكافحة‭ ‬الجماعات‭ ‬المتطرفة‭. ‬وأبلغ‭ ‬وزير‭ ‬الشؤون‭ ‬الخارجية‭ ‬والتعاون‭ ‬في‭ ‬موزمبيق‭ “‬خوسيه‭ ‬باتشيكو‭” ‬دائرة‭ ‬الأنباء‭ ‬APA‭ ‬أن‭ ‬أوغندا‭ ‬وافقت‭ ‬على‭ ‬تدريب‭ ‬ضباط‭ ‬الشرطة‭ ‬الموزمبيقيين‭ ‬على‭ ‬مكافحة‭ ‬الإرهاب‭. ‬

وقال‭ ‬الجميع‭ ‬إن‭ ‬التعاون‭ ‬الإقليمي‭ ‬مفيد،‭ ‬ولكن‭ ‬من‭ ‬الصعب‭ ‬الحكم‭ ‬على‭ ‬فعالية‭ ‬رد‭ ‬موزمبيق‭ ‬على‭ ‬العنف‭. ‬وقال‭ “‬إن‭ ‬استمرار‭ ‬وجود‭ ‬الجماعة‭ ‬يتحدث‭ ‬عن‭ ‬نفسه‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬ما‭”. “‬نحن‭ ‬لا‭ ‬نعرف‭ ‬ما‭ ‬يجري‭ ‬مع‭ ‬مخابراتهم؛‭ ‬نحن‭ ‬لا‭ ‬نعرف‭ ‬ما‭ ‬تحاول‭ [‬موزمبيق‭] ‬القيام‭ ‬به‭ ‬مع‭ ‬المجتمع‭ ‬المحلي؛‭ ‬نحن‭ ‬لا‭ ‬نعرف‭ ‬مع‭ ‬من‭ ‬يتحدثون‭ ‬في‭ ‬الخفاء‭”.‬

صياد ينظف قاربه في (مابوتو، موزمبيق). تعاني البلاد من زيادة مربكة في التطرف العنيف. وكالة أنباء رويترز

إن‭ ‬المكافحة‭ ‬ليست‭ ‬بالضرورة‭ ‬جزءًا‭ ‬من‭ ‬التدريب‭ ‬العسكري‭ ‬المنتظم‭ ‬في‭ ‬البلاد،‭ ‬ولم‭ ‬تتعامل‭ ‬مع‭ ‬تمرد‭ ‬إسلامي‭ ‬من‭ ‬قبل‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬القوات‭ ‬ربما‭ ‬لا‭ ‬تتقن‭ ‬اللغات‭ ‬المحلية‭ ‬السائدة‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭. ‬وقد‭ ‬نشأت‭ ‬مشاكل‭ ‬مماثلة‭ ‬عندما‭ ‬واجهت‭ ‬قوات‭ ‬من‭ ‬جنوب‭ ‬نيجيريا‭ ‬تمرد‭ ‬بوكو‭ ‬حرام‭ ‬في‭ ‬شمال‭ ‬البلاد‭. ‬وقد‭ ‬صرح‭ “‬هوللي‭” ‬لمنتدى‭ ‬الدفاع‭ ‬الأفريقي‭ ‬قائلاً‭: “‬إذاً‭ ‬فإن‭ ‬لديكم‭ ‬جميع‭ ‬ظروف‭ ‬العمل‭ ‬الصعبة‭ ‬التي‭ ‬ترونها‭ ‬متكررة‭ ‬في‭ ‬الأماكن‭ ‬الأخرى‭”.‬

ويرى‭ “‬إيوي‭” ‬أوجه‭ ‬شبه‭ ‬بين‭ ‬شمال‭ ‬نيجيريا‭ ‬وشمال‭ ‬موزمبيق‭. ‬وفي‭ ‬أوائل‭ ‬العقد‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬الحادي‭ ‬والعشرين،‭ ‬ظهرت‭ ‬في‭ ‬شمال‭ ‬نيجيريا‭ ‬مجموعة‭ ‬تطلق‭ ‬على‭ ‬نفسها‭ ‬اسم‭ “‬طالبان‭”. ‬وقال‭ “‬إيوي‭” ‬إن‭ ‬الجماعة‭ ‬لم‭ ‬تؤخذ‭ ‬على‭ ‬محمل‭ ‬الجد‭ ‬وتحولت‭ ‬بمرور‭ ‬الوقت‭ ‬إلى‭ ‬جماعة‭ ‬بوكو‭ ‬حرام،‭ ‬وهي‭ ‬طائفة‭ ‬إسلامية‭ ‬متشددة‭ ‬مسؤولة‭ ‬عن‭ ‬قتل‭ ‬عشرات‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬الأشخاص‭ ‬في‭ ‬حوض‭ ‬بحيرة‭ ‬تشاد‭. ‬وما‭ ‬تزال‭ ‬هذه‭ ‬الجماعة‭ ‬تشكل‭ ‬تهديدًا‭ ‬كبيرًا‭ ‬للمنطقة‭.‬

يقول‭ “‬إيوي‭”: “‬أرى‭ ‬أن‭ ‬ذلك‭ ‬يحدث‭ ‬أيضًا‭ ‬في‭ ‬شمال‭ ‬موزمبيق‭”. ‬وأضاف‭: “‬وحتى‭ ‬النقاش‭ ‬الدائر‭ ‬حول‭ ‬من‭ ‬يقوم‭ ‬بهذه‭ ‬الأنشطة‭ ‬—‭ ‬سواء‭ ‬كان‭ ‬أجنبيًا‭ ‬أو‭ ‬محليًا‭ ‬—‭ ‬غير‭ ‬مهم‭ ‬بالنسبة‭ ‬لي‭. ‬إن‭ ‬علينا‭ ‬أن‭ ‬ننظر‭ ‬أبعد‭ ‬من‭ ‬ذلك‭. ‬علينا‭ ‬أن‭ ‬ننظر‭ ‬إلى‭ ‬إمكانات‭ ‬هذه‭ ‬الجماعة‭”.‬

وقال‭ “‬إيوي‭” ‬إن‭ ‬مفتاح‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬التمرد‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬ينمو‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬تشكل‭ ‬موزمبيق‭ ‬فرقة‭ ‬عمل‭ ‬للاضطلاع‭ ‬بحملة‭ ‬قوية‭ ‬لجمع‭ ‬المعلومات‭ ‬الاستخبارية‭ ‬والتحقيق‭ ‬بدءًا‭ ‬من‭ ‬الشمال‭. ‬وبعد‭ ‬ذلك،‭ ‬يجب‭ ‬متابعة‭ ‬أي‭ ‬اتصالات‭ ‬يتم‭ ‬اكتشافها‭ ‬مع‭ ‬دول‭ ‬أخرى،‭ ‬مثل‭ ‬الصومال‭ ‬أو‭ ‬كينيا،‭ ‬بالتعاون‭ ‬مع‭ ‬تلك‭ ‬الدول‭ “‬حتى‭ ‬النهاية‭”.‬

‭”‬أخشى‭ ‬أنه‭ ‬إذا‭ ‬استمرت‭ ‬الأمور‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬هي‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬موزمبيق،‭ ‬فإن‭ ‬هذه‭ ‬الجماعة‭ ‬ستستعيد‭ ‬نفسها‭ ‬بالكامل،‭ ‬وستصبح‭ ‬قوة‭ ‬يُحسب‭ ‬لها‭ ‬حساب‭ ‬في‭ ‬موزمبيق‭ ‬وقد‭ ‬تستمر‭ ‬مع‭ ‬الشعب‭ ‬لفترة‭ ‬قادمة‭ ‬طويلة‭ ‬للغاية‭”.‬‭ 

التعليقات مغلقة.