Africa Defense Forum
Africa Defense Forum

التأقلم من أجل النصر

الكاميرون‭ ‬تتطور‭ ‬لإحباط‭ ‬التكتيكات‭ ‬المتغيرة‭ ‬لبوكو‭ ‬حرام‭. ‬

أسرة‭ ‬أيه‭ ‬دي‭ ‬إف

الصور‭ ‬من‭ ‬القوات‭ ‬المسلحة‭ ‬الكاميرونية

بعد ظهر‭ ‬يوم‭ ‬15‭ ‬تشرين‭ ‬الأول‭/ ‬أكتوبر‭ ‬2014،‭ ‬شنت‭ ‬بوكو‭ ‬حرام‭ ‬هجوماً‭ ‬جريئاً‭ ‬حيث‭. ‬عبر‭ ‬نحو‭ ‬1000‭ ‬مقاتل‭ ‬الحدود‭ ‬القاحلة‭ ‬التي‭ ‬تفصل‭ ‬بين‭ ‬الكاميرون‭ ‬ونيجيريا‭ ‬وحاصروا‭ ‬بلدة‭  ‬أمشيدي‭. ‬انطلقت‭ ‬الموجة‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬جنود‭ ‬مشاة‭ ‬من‭ ‬الشباب‭ ‬المعروفين‭ ‬بالمنادين‭ ‬وهم‭ ‬يحملون‭ ‬بنادق‭ ‬رشاشة‭ ‬أيه‭ ‬كيه‭-‬‭ ‬47‭ ‬ويطلقون‭ ‬صرخاتهم‭ ‬المتعصبة‭. ‬أتبعهم‭ ‬المقاتلون‭ ‬الأكبر‭ ‬سناً‭ ‬في‭ ‬شاحنات‭ ‬صغيرة‭ ‬مزودة‭ ‬بمدافع‭ ‬رشاشة‭. ‬أخيراً‭ ‬جاءت‭ ‬ثلاث‭ ‬دبابات‭ ‬تسحق‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬في‭ ‬طريقها‭. ‬اقتحم‭ ‬المسلحون‭ ‬مركزاً‭ ‬للشرطة‭ ‬ومخفراً‭ ‬للدرك‭ ‬وسيطروا‭ ‬على‭ ‬المدينة،‭ ‬وأخذوا‭ ‬ينفذون‭ ‬الإعدام‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬لم‭ ‬يثبت‭ ‬أنه‭ ‬مسلم‭.‬

واصل‭ ‬قطاع‭ ‬الطرق‭ ‬مسيرتهم‭ ‬إلى‭ ‬معسكر‭ ‬كتيبة‭ ‬التدخل‭ ‬السريع‭ ‬الكاميرونية‭  ‬التي‭ ‬تبعد‭ ‬1‭,‬5‭ ‬كيلومتر،‭ ‬حيث‭ ‬فجّروا‭ ‬سيارة‭ ‬مفخخة‭.‬

إدراكاً‭ ‬منها‭ ‬أن‭ ‬المهاجمين‭ ‬يفوقونها‭ ‬عدداً،‭ ‬دافعت‭ ‬الكتيبة‭ ‬عن‭ ‬المعسكر‭ ‬وطلبت‭ ‬تعزيزات‭. ‬وفي‭ ‬غضون‭ ‬ثلاث‭ ‬ساعات،‭ ‬استجاب‭ ‬نحو‭ ‬1000‭ ‬جندي‭ ‬من‭ ‬معسكرات‭ ‬أخرى‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬وشنوا‭ ‬هجوماً‭ ‬مضاداً‭ ‬استغرق‭ ‬قرابة‭ ‬يومين‭. ‬وبنهاية‭ ‬الحصار،‭ ‬كان‭ ‬الجيش‭ ‬الكاميروني‭ ‬قد‭ ‬استعاد‭ ‬مدينتين‭ ‬محتلتين‭ ‬وقتل‭ ‬107‭ ‬من‭ ‬مقاتلي‭ ‬بوكو‭ ‬حرام‭ ‬بينما‭ ‬فقد‭ ‬ثمانية‭ ‬جنود‭.‬

قال‭ ‬الرائد‭ ‬ليوبولد‭ ‬نلاتي‭ ‬إيبالي،‭ ‬رئيس‭ ‬العمليات‭ ‬العسكرية‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬إنه‭ ‬كان‭ ‬هجوماً‭ ‬على‭ “‬نطاق‭ ‬غير‭ ‬مسبوق‭” ‬على‭ ‬الأراضي‭ ‬الكاميرونية‭.‬

أزعج‭ ‬الهجوم‭ ‬المراقبين‭ ‬ليس‭ ‬بسبب‭ ‬جرأته‭ ‬وحسب،‭ ‬وإنما‭ ‬أيضاً‭ ‬لتطوره‭. ‬ففي‭ ‬وقت‭ ‬سابق‭ ‬من‭ ‬النهار‭ ‬أرسلت‭ ‬بوكو‭ ‬حرام‭ ‬مبعوثاً‭ ‬إلى‭ ‬المعسكر‭ ‬يحمل‭ ‬معلومات‭ ‬كاذبة،‭ ‬على‭ ‬أمل‭ ‬تشتيت‭ ‬بعض‭ ‬القوى‭ ‬العاملة‭ ‬العسكرية‭. ‬كما‭ ‬شنت‭ ‬الجماعة‭ ‬الإرهابية‭ ‬هجوماً‭ ‬ثانياً‭ ‬متزامنا‭ ‬في‭ ‬بلدة‭ ‬ليماني‭ ‬القريبة‭ ‬وحاولت‭ ‬تدمير‭ ‬جسر‭ ‬لعزل‭ ‬المنطقة‭.‬

قال‭ ‬العقيد‭ ‬ديدييه‭ ‬بادجيك،‭ ‬رئيس‭ ‬قسم‭ ‬الاتصالات‭ ‬في‭ ‬الجيش‭ ‬الكاميروني‭ ‬لمجلة‭ ‬أيه‭ ‬دي‭ ‬إف،‭ “‬لقد‭ ‬أصبحوا‭ ‬قوة‭ ‬مخيفة‭ ‬للغاية‭. ‬الهجمات‭ ‬الأولى‭ ‬التي‭ ‬واجهناها‭ ‬فيما‭ ‬بين‭ ‬شهر‭ ‬أيار‭/ ‬مايو‭ ‬وشهر‭ ‬تشرين‭ ‬الأول‭/ ‬أكتوبر‭ [‬2014‭] ‬كانت‭ ‬هجمات‭ ‬أمامية،‭ ‬جيدة‭ ‬التنظيم،‭ ‬قامت‭ ‬بها‭ ‬قوة‭ ‬إرهابية‭ ‬مدججة‭ ‬بالدبابات‭. ‬فهمنا‭ ‬أننا‭ ‬نواجه‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مجرد‭ ‬إرهابيين؛‭ ‬فقد‭ ‬كانوا‭ ‬يملكون‭ ‬أساليب‭ ‬عمليات‭ ‬جيش‭”.‬

كان‭ ‬هناك‭ ‬سبب‭ ‬وجيه‭ ‬لذلك‭. ‬فلمدة‭ ‬عام،‭ ‬نهبت‭ ‬بوكو‭ ‬حرام‭ ‬مخازن‭ ‬أسلحة‭ ‬ووحّدت‭ ‬قوتها‭ ‬في‭ ‬شمال‭ ‬شرقي‭ ‬نيجيريا‭. ‬وفي‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬عبرت‭ ‬فيه‭ ‬إلى‭ ‬داخل‭ ‬الكاميرون،‭ ‬كانت‭ ‬قد‭ ‬جمّعت‭ ‬إمبراطورية‭ ‬مصغرة‭ ‬من‭ ‬بينها‭ ‬14‭ ‬منطقة‭ ‬حكومة‭ ‬محلية‭ ‬و30000‭ ‬كيلومتر‭ ‬مربع،‭ ‬ومنطقة‭ ‬تعادل‭ ‬مساحة‭ ‬بلجيكا‭ ‬تقريباً‭. ‬وأوضحت‭ ‬الهجمات‭ ‬أن‭ ‬أعضاء‭ ‬بوكو‭ ‬حرام‭ ‬لم‭ ‬يكتفوا‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬حوزتهم‭ ‬من‭ ‬أراضى‭. ‬وأرادوا‭ ‬التوسع‭. ‬

وكان‭ ‬شمالي‭ ‬الكاميرون‭ ‬الخطوة‭ ‬الطبيعية‭ ‬التالية‭. ‬فالمنطقة‭ ‬معزولة‭ ‬جغرافياً،‭ ‬واقتصادياً‭ ‬وثقافياً‭ ‬عن‭ ‬بقية‭ ‬البلاد‭. ‬وهي‭ ‬منطقة‭ ‬متخلفة‭ ‬يبلغ‭ ‬معدل‭ ‬الفقر‭ ‬فيها‭ ‬70‭ ‬بالمائة،‭ ‬ويحتاج‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬شبابها‭ ‬لفرص‭ ‬عمل‭. ‬قال‭ ‬غيباي‭ ‬غاتابا،‭ ‬ناشر‭ ‬صحيفة‭ ‬لو‭ ‬أويل‭ ‬دو‭ ‬ساحل‭ ‬ومن‭ ‬مواطني‭ ‬شمال‭ ‬الكاميرون،‭ “‬بغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬المؤشر‭- ‬فإن‭ ‬توفر‭ ‬الرعاية‭ ‬الصحية،‭ ‬وتوفر‭ ‬التعليم،‭ ‬وتوفر‭ ‬المياه‭ ‬النظيفة‭- ‬يأتي‭ ‬في‭ ‬المرتبة‭ ‬الأخيرة‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬المناطق‭. ‬فعدد‭ ‬السكان‭ ‬ضخم،‭ ‬ولا‭ ‬توجد‭ ‬ببساطة‭ ‬أي‭ ‬فرص‭ ‬عمل‭”.‬

يشاطر‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الناس‭ ‬في‭ ‬الشمال‭ ‬الروابط‭ ‬العرقية‭ ‬واللغوية‭ ‬مع‭ ‬سكان‭ ‬شمال‭ ‬نيجيريا‭. ‬كانت‭ ‬المنطقة‭ ‬منذ‭ ‬فترة‭ ‬طويلة‭ ‬ملتقى‭ ‬طرق،‭ ‬أو‭ ‬ملتقى‭ ‬ثقافات،‭ ‬مع‭ ‬تنقل‭ ‬الناس‭ ‬بسهولة‭ ‬ذهاباً‭ ‬وإياباً‭ ‬بين‭ ‬الكاميرون،‭ ‬وتشاد‭ ‬ونيجيريا‭ ‬لبيع‭ ‬البضائع‭ ‬المشروعة‭ ‬وغير‭ ‬المشروعة‭.‬

أضاف‭ ‬بادجيك،‭ “‬أن‭ ‬الحدود،‭ ‬في‭ ‬الواقع،‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬موجودة‭ ‬فعلياً‭. ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬صحراء،‭ ‬أو‭ ‬مستنقعاً‭ ‬عندما‭ ‬تهطل‭ ‬الأمطار،‭ ‬ولكنك‭ ‬تتنقل‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬إلى‭ ‬آخر‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تلحظ‭ ‬ذلك‭”.‬

في‭ ‬عام‭ ‬2014،‭  ‬بث‭ ‬زعيم‭ ‬بوكو‭ ‬حرام‭ ‬أبو‭ ‬بكر‭ ‬شيكاو‭ ‬رسالة‭ ‬فيديو‭ ‬أعلن‭ ‬فيها‭ ‬أنه‭ ‬أقام‭ ‬خلافة،‭ ‬وأن‭ ‬عاصمتها‭ ‬هي‭ ‬بلدة‭ ‬غوزا،‭ ‬التي‭ ‬تبعد‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬10‭ ‬كيلومترات‭ ‬عن‭ ‬الحدود‭ ‬الكاميرونية‭. ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت‭ ‬فاقت‭ ‬قواته‭ ‬عدد‭ ‬القوات‭ ‬الكاميرونية‭ ‬في‭ ‬الشمال‭ ‬بثلاث‭ ‬مرات‭.‬

تحول‭ ‬استراتيجي

وبحلول‭ ‬منتصف‭ ‬2014،‭  ‬بدأت‭ ‬الاستجابة‭ ‬للتهديد‭ ‬تتبلور‭. ‬ففي‭ ‬شهر‭ ‬أيار‭/ ‬مايو،‭ ‬أعلن‭ ‬رئيس‭ ‬الكاميرون‭ ‬بول‭ ‬بيا‭ ‬الحرب‭ ‬على‭ ‬بوكو‭ ‬حرام‭ ‬أثناء‭ ‬اجتماع‭ ‬مع‭ ‬رؤساء‭ ‬منطقة‭ ‬حوض‭ ‬بحيرة‭ ‬تشاد‭ ‬في‭ ‬قمة‭ ‬عُقدت‭ ‬في‭ ‬قصر‭ ‬الإليزيه‭ ‬بباريس‭.‬

بعد‭ ‬هذا‭ ‬الإعلان،‭ ‬قام‭ ‬الجيش‭ ‬الكاميروني‭ ‬بإعادة‭ ‬هيكلة‭ ‬قواته‭ ‬وتقسيم‭ ‬المنطقة‭ ‬العسكرية‭ ‬الثالثة‭ ‬السابقة‭ ‬للجيش‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تضم‭ ‬جزءاً‭ ‬كبيراً‭ ‬من‭ ‬الشمال،‭ ‬إلى‭ ‬منطقتين‭ ‬جديدتين‭ ‬لها‭ ‬قواعد‭ ‬على‭ ‬خطوط‭ ‬القتال‭ ‬الأمامية‭. ‬وأصبح‭ ‬مقر‭ ‬قيادة‭ ‬المنطقة‭ ‬العسكرية‭ ‬الرابعة‭ ‬المستحدثة‭ ‬للجيش‭ ‬في‭ ‬ماروا،‭ ‬عصب‭ ‬هذا‭ ‬الجهد‭. ‬قال‭ ‬بادجيك،‭ ‬إن‭ “‬هذا‭ ‬قلل‭ ‬مدة‭ ‬الاستجابة‭ ‬وسمح‭ ‬لنا‭ ‬بوجود‭ ‬مقر‭ ‬قيادة‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬منطقة‭ ‬العمليات‭ ‬مباشرة‭. ‬وكان‭ ‬هذا‭ ‬قراراً‭ ‬في‭ ‬غاية‭ ‬الأهمية‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬السياسي‭ ‬الاستراتيجي‭”.‬

جنود من كتيبة التدخل السريع يشاركون في العملية ألفا لتحديد مواقع قوات بوكو حرام والقضاء عليها في شمالي الكاميرون.

بدأت‭ ‬الكاميرون‭ ‬كذلك‭ ‬في‭ ‬ترقية‭ ‬الضباط‭ ‬الأصغر‭ ‬سناً‭ ‬الذين‭ ‬يتمتعون‭ ‬بخبرة‭ ‬في‭ ‬الشمال‭ ‬ولديهم‭ ‬معرفة‭ ‬بتكتيكات‭ ‬بوكو‭ ‬حرام‭ ‬لقيادة‭ ‬وحدات‭ ‬على‭ ‬الخطوط‭ ‬الأمامية‭. ‬وأعادت‭ ‬تمركز‭ ‬لواء‭ ‬المشاة‭ ‬الميكانيكية‭ ‬في‭ ‬كوسيري‭ ‬بالشمال،‭ ‬عبر‭ ‬النهر‭ ‬من‭ ‬نجامينا،‭ ‬بتشاد،‭ ‬وعززت‭ ‬وجود‭ ‬قوات‭ ‬الدرك،‭ ‬وأنشأت‭ ‬مخافر‭ ‬جديدة‭ ‬لتضييق‭ ‬الخناق‭ ‬على‭ ‬المهربين‭ ‬والأنشطة‭ ‬عبر‭ ‬الحدود‭.‬

قال‭ ‬بادجيك،‭ “‬لقد‭ ‬تحولنا‭ ‬من‭ ‬مرحلة‭ ‬احتواء‭ ‬التهديد‭ ‬إلى‭ ‬مرحلة‭ ‬اتخاذ‭ ‬زمام‭ ‬المبادرة‭”.‬

أطلق‭ ‬الجيش‭ ‬بعثتين‭. ‬إحداهما،‭ ‬العملية‭ ‬ألفا‭ ‬التي‭ ‬ضمت‭ ‬نخبة‭ ‬من‭ ‬لواء‭ ‬التدخل‭ ‬السريع،‭ ‬مما‭ ‬ضاعف‭ ‬من‭ ‬عدد‭ ‬القوات‭ ‬المتمركزة‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬من‭ ‬تموز‭/ ‬يوليو‭ ‬2014‭ ‬إلى‭ ‬2000‭.  ‬والثانية،‭ ‬العملية‭ ‬ظهور،‭ ‬التي‭ ‬قادها‭ ‬الجيش‭.  ‬وبالتدريج،‭ ‬ارتفع‭ ‬الوجود‭ ‬العسكري‭ ‬الإجمالي‭ ‬في‭ ‬الشمال‭ ‬إلى‭ ‬قرابة‭ ‬10000‭ ‬جندي‭.‬

شيء‭ ‬مهم‭ ‬آخر‭ ‬حدث‭. ‬بدأت‭ ‬أفرع‭ ‬القوات‭ ‬المسلحة،‭ ‬التي‭ ‬انتقدت‭ ‬أحياناً‭ ‬بأنها‭ ‬لا‭ ‬تثق‭ ‬ببعضها‭ ‬البعض‭ ‬ومنعزلة‭ ‬عن‭ ‬بعضها‭ ‬البعض،‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬معاً‭. ‬حدثت‭ ‬هذه‭ ‬الظاهرة،‭ ‬التي‭ ‬يُطلق‭ ‬عليها‭ “‬التسلح‭ ‬المشترك‭”‬،‭ ‬بناء‭ ‬على‭ ‬طلب‭ ‬من‭ ‬رئيس‭ ‬الجمهورية‭ ‬ووزير‭ ‬الدفاع،‭ ‬ولكنها‭ ‬كانت‭ ‬أيضاً‭ ‬نتيجة‭ ‬المتطلبات‭ ‬الفريدة‭ ‬للقتال‭. ‬تطلبت‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المهام‭ ‬سرعة‭ ‬لواء‭ ‬التدخل‭ ‬السريع‭ ‬وقوة‭ ‬النيران‭ ‬الثقيلة‭ ‬لكتيبة‭ ‬الاستطلاع‭ ‬المدرعة‭ ‬وفوج‭ ‬المدفعية‭ ‬أرض‭-‬أرض‭. ‬كما‭ ‬احتاجت‭ ‬مهام‭ ‬أخرى‭ ‬إلى‭ ‬الدعم‭ ‬الجوي‭ ‬القريب‭ ‬للمروحيات‭ ‬الهجومية‭ ‬إم‭ ‬آي‭-‬‭ ‬17‭ ‬أو‭ ‬زد‭-‬‭ ‬9‭ ‬التابعة‭ ‬للقوات‭ ‬الجوية‭. ‬كما‭ ‬تطلبت‭ ‬بعض‭ ‬مهام‭ ‬تطهير‭ ‬جزر‭ ‬بحيرة‭ ‬تشاد‭ ‬خبرة‭ ‬مشاة‭ ‬البحرية‭.‬

قال‭ ‬هانز‭ ‬دى‭ ‬ماري‭ ‬هوينغوب،‭ ‬وهو‭ ‬خبير‭ ‬أمن‭ ‬كاميروني‭ ‬ومحلل‭ ‬لدى‭ ‬المجموعة‭ ‬الدولية‭ ‬لمعالجة‭ ‬الأزمات،‭ “‬لقد‭ ‬بدأت‭ ‬أرى‭ ‬تغيراً‭ ‬في‭ ‬الطريقة‭ ‬التي‭ ‬تتفاعل‭ ‬بها‭ ‬مختلف‭ ‬الوحدات‭. ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬تعاون‭ ‬بين‭ ‬قوات‭ ‬الدرك،‭ ‬وجنود‭ ‬من‭ ‬العملية‭ ‬ظهور‭ ‬4،‭ ‬ولواء‭ ‬التدخل‭ ‬السريع‭ ‬من‭ ‬العملية‭ ‬ألفا‭”.‬

جنى‭ ‬هذا‭ ‬التمركز‭ ‬الجديد‭ ‬ثماره‭. ‬ففي‭ ‬كانون‭ ‬الأول‭/ ‬ديسمبر‭ ‬2014،‭ ‬غزا‭ ‬مقاتلو‭ ‬بوكو‭ ‬حرام‭ ‬واحتلوا‭ ‬بلدة‭ ‬أنشيغاتشيا‭ ‬الصغيرة‭ ‬على‭ ‬الجانب‭ ‬الكاميروني‭ ‬من‭ ‬الحدود‭. ‬قامت‭ ‬القوات‭ ‬البرية‭ ‬بانسحاب‭ ‬تكتيكي‭ ‬من‭ ‬المنطقة‭ ‬واستدعت‭ ‬الدعم‭ ‬الجوي‭. ‬وبتفويض‭ ‬مباشر‭ ‬من‭ ‬رئيس‭ ‬الجمهورية،‭ ‬قام‭ ‬طيارو‭ ‬ألفا‭ ‬بشن‭ ‬غارات‭ ‬جوية‭ ‬أدت‭ ‬إلى‭ ‬تحييد‭ ‬تهديد‭ ‬بوكو‭ ‬حرام‭.  ‬قضت‭ ‬هذه‭ ‬الاستجابة‭ ‬الكاسحة‭ ‬على‭ ‬محاولات‭ ‬بوكو‭ ‬حرام‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬أراض‭ ‬داخل‭ ‬الكاميرون‭.‬

قال‭ ‬بادجيك،‭ “‬كانت‭ ‬هذه‭ ‬المرحلة‭ ‬الثانية‭ ‬من‭ ‬الصراع‭. ‬وقد‭ ‬صاحبها‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الصدمات،‭ ‬والكثير‭ ‬من‭ ‬الاحتكاكات،‭ ‬ولم‭ ‬يعد‭ ‬إرهابيو‭ ‬بوكو‭ ‬حرام‭ ‬قادرين‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬أبداً‭ ‬على‭ ‬احتلال‭ ‬أراض‭ ‬كاميرونية‭ ‬بنجاح‭”.‬

المرحلة‭ ‬غير‭ ‬المتماثلة

وفيما‭ ‬وجدت‭ ‬بوكو‭ ‬حرام‭ ‬نفسها‭ ‬عاجزة‭ ‬عن‭ ‬الاحتفاظ‭ ‬بأراض،‭ ‬لجأت‭ ‬إلى‭ ‬تكتيكات‭ ‬غير‭ ‬متماثلة‭. ‬قال‭ ‬بادجيك‭ ‬إن‭ ‬الجماعة‭ ‬المتطرفة‭ ‬دأبت‭ ‬على‭ ‬زرع‭ ‬ألغام‭ ‬وعبوات‭ ‬ناسفة‭ ‬مرتجلة‭ ‬على‭ ‬طول‭ ‬الطرق‭.‬

أصبحت‭ ‬بوكو‭ ‬حرام‭ ‬أكثر‭ ‬ميلاً‭ ‬ثلاث‭ ‬مرات‭ ‬لاستخدام‭ ‬القنابل‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2014‭ ‬عما‭ ‬كانت‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2013،‭ ‬وفقاً‭ ‬لبحث‭ ‬نُشر‭ ‬في‭ ‬مجلة‭ ‬النشرة‭ ‬العلمية‭. ‬وفي‭ ‬هذه‭ ‬المرة‭ ‬زاد‭ ‬مرتين‭ ‬احتمال‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬الضحايا‭ ‬من‭ ‬المدنيين،‭ ‬وزاد‭ ‬استخدام‭ ‬الأطفال‭ ‬والنساء‭ ‬في‭ ‬الهجمات‭.‬

قال‭ ‬بادجيك‭ ‬إن‭ ‬هذا‭ ‬كان‭ ‬دليلاً‭ ‬على‭ ‬تطور‭ ‬العدو‭ ‬وانحطاطه‭. ‬وأضاف،‭ “‬عليك‭ ‬أن‭ ‬تفهم‭ ‬أن‭ ‬بوكو‭ ‬حرام‭ ‬ليست‭ ‬غبية‭. ‬فقد‭ ‬تدبروا‭ ‬الأمر‭ ‬وأدركوا‭ ‬أن‭ ‬نقطة‭ ‬قوة‭ ‬الجيش‭ ‬الكاميروني‭ ‬تكمن‭ ‬في‭ ‬مرونته‭ ‬وسرعة‭ ‬حركته،‭ ‬لذلك‭ ‬لكي‭ ‬تضرب‭ ‬مركز‭ ‬ثقل‭ ‬الجيش،‭ ‬كان‭ ‬عليهم‭ ‬أن‭ ‬يخلقوا‭ ‬مشكلة‭ ‬أمام‭ ‬قدرته‭ ‬على‭ ‬الحركة‭”.‬

ورداً‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬كما‭ ‬قال‭ ‬بادجيك،‭ ‬اعتمدت‭ ‬الوحدات‭ ‬الكاميرونية‭ ‬بشدة‭ ‬على‭ ‬التدريب‭ ‬الذي‭ ‬تلقته‭ ‬من‭ ‬فرنسا‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬على‭ ‬إزالة‭ ‬الألغام‭. ‬وبدأت‭ ‬القيام‭ ‬بعمليات‭ ‬مراقبة‭ ‬مكثفة‭ ‬للطرق‭ ‬بمساعدة‭ ‬طائرات‭ ‬بدون‭ ‬طيار‭ ‬تحت‭ ‬قيادة‭ ‬وحدة‭ ‬درك‭ ‬تم‭ ‬إنشاؤها‭ ‬حديثاً‭ ‬وكُلّفت‭ ‬بالتمركز‭ ‬في‭ ‬الشمال‭. ‬زادت‭ ‬قوات‭ ‬الدرك‭ ‬من‭ ‬السرب‭ ‬المعروف‭ ‬بإريغن4‭ ‬عدد‭ ‬نقاط‭ ‬التفتيش‭ ‬على‭ ‬الطرق،‭ ‬واستخدمت‭ ‬المرايا،‭ ‬وأجهزة‭ ‬الكشف‭ ‬عن‭ ‬المعادن‭ ‬والماسحات‭ ‬الضوئية‭ ‬المحمولة‭ ‬باليد‭ ‬في‭ ‬التنقيب‭ ‬عن‭ ‬القنابل‭.‬

قال‭ ‬هوينغوب،‭ “‬استغرق‭ ‬الجيش‭ ‬ثلاثة‭ ‬إلى‭ ‬أربعة‭ ‬أشهر‭ ‬في‭ ‬التأقلم‭ [‬على‭ ‬النزاع‭ ‬غير‭ ‬المتماثل‭]. ‬وتطلب‭ ‬الأمر‭ ‬كذلك‭ ‬نوعاً‭ ‬من‭ ‬التحول‭ ‬بالنسبة‭ ‬لهم‭ ‬لتعديل‭ ‬خططهم‭. ‬يقولون‭ ‬الآن‭ ‬بالنسبة‭ ‬لتهديد‭ ‬العبوات‭ ‬الناسفة‭ ‬المرتجلة،‭ ‬’ربما‭ ‬ينبغي‭ ‬لنا‭ ‬ألا‭ ‬نذهب‭ ‬إلى‭ ‬كل‭ ‬مكان‭ ‬على‭ ‬الطرق‭ ‬كما‭ ‬اعتدنا‘‭. ‬عليه‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬أكثر‭ ‬حرصاً‭”.‬

في‭ ‬شباط‭/ ‬فبراير‭ ‬2015،‭ ‬ردت‭ ‬بوكو‭ ‬حرام‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تغيير‭ ‬أهدافها‭ ‬من‭ ‬الطرق‭ ‬إلى‭ ‬مواقع‭ ‬مدنية‭ ‬مثل‭ ‬الأسواق‭ ‬وزيادة‭ ‬استخدام‭ ‬الانتحاريين‭. ‬خلال‭ ‬ثلاثة‭ ‬أشهر‭ ‬في‭ ‬صيف‭ ‬عام‭ ‬2015،‭ ‬قتل‭ ‬الانتحاريون‭ ‬100‭ ‬شخص‭ ‬وجرحوا‭ ‬250‭ ‬في‭ ‬شمالي‭ ‬الكاميرون‭.  ‬ومن‭ ‬بين‭ ‬34‭ ‬تفجير‭ ‬انتحاري‭ ‬سُجّل‭ ‬في‭ ‬الكاميرون‭ ‬حتى‭ ‬آذار‭/ ‬مارس‭  ‬2016،‭ ‬كان‭ ‬80‭ ‬بالمائة‭ ‬من‭ ‬مرتكبيها‭ ‬من‭ ‬النساء‭ ‬أو‭ ‬الفتيات‭.‬

جهد‭ ‬إقليمي

على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬الكاميرون‭ ‬حققت‭ ‬تقدماً‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬الهجمات‭ ‬غير‭ ‬المتماثلة،‭ ‬أدرك‭ ‬القادة‭ ‬أن‭ ‬عملياتهم‭ ‬كانت‭ ‬مجرد‭ ‬رد‭ ‬فعل‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬المشكلة‭ ‬ولم‭ ‬يتصدوا‭ ‬لجذورها‭. ‬إنهم‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬تفكيك‭ ‬معسكرات‭ ‬التدريب‭ ‬والملاذات‭ ‬الآمنة‭ ‬داخل‭ ‬نيجيريا‭. ‬واعتباراً‭ ‬من‭ ‬حزيران‭/ ‬يونيو‭ ‬2015،‭ ‬سُمح‭ ‬للكاميرون‭ ‬بممارسة‭ ‬غير‭ ‬مكتوبة‭ ‬لـ‭ “‬حق‭ ‬المطاردة‭” ‬عبر‭ ‬الحدود‭ ‬ومهاجمة‭ ‬أهداف‭ ‬بوكو‭ ‬حرام‭ ‬على‭ ‬الأراضي‭ ‬النيجيرية‭. ‬وفي‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه،‭ ‬قامت‭ ‬المنطقة‭ ‬بتفعيل‭ ‬قوة‭ ‬المهام‭ ‬المشتركة‭ ‬المتعددة‭ ‬الجنسيات‭ ‬تحت‭ ‬مظلة‭ ‬لجنة‭ ‬حوض‭ ‬بحيرة‭ ‬تشاد‭ ‬والاتحاد‭ ‬الأفريقي‭.  ‬وتضم‭ ‬هذه‭  ‬القوة،‭ ‬التي‭ ‬تتخذ‭ ‬من‭ ‬نجامينا‭ ‬مقراً‭ ‬لها،‭ ‬8700‭ ‬جندياً‭ ‬وتشمل‭ ‬أربعة‭ ‬مناطق‭ ‬عمليات‭ ‬في‭ ‬الكاميرون،‭ ‬وتشاد،‭ ‬والنيجر‭ ‬ونيجيريا‭.‬

تحسن‭ ‬التعاون‭ ‬وتبادل‭ ‬الاستخبارات‭ ‬منذ‭ ‬هذه‭ ‬التطورات‭. ‬قال‭ ‬هوينغوب،‭     “‬إنه‭ ‬يتم‭ ‬جمع‭ ‬المزيد‭ ‬والمزيد‭ ‬من‭ ‬المعلومات‭ ‬الاستخباراتية‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬قوة‭ ‬المهام‭ ‬المشتركة‭ ‬المتعددة‭ ‬الجنسيات،‭ ‬بل‭ ‬وعلى‭ ‬المستوى‭ ‬الثنائي‭. ‬وكثيراً‭ ‬ما‭ ‬يتصل‭ ‬الجيش‭ ‬النيجيري‭ ‬بالجيش‭ ‬الكاميروني‭ ‬لتنبيهه‭ ‬عن‭ ‬الموقف،‭ ‬والعكس‭ ‬بالعكس‭. ‬حدث‭ ‬قدر‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬التقدم‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬تبادل‭ ‬المعلومات‭ ‬بل‭ ‬وتبادل‭ ‬الخطط‭ ‬العملياتية،‭ ‬وهو‭ ‬شيء‭ ‬لا‭ ‬نراه‭ ‬دائماً‭ ‬في‭ ‬الائتلاف‭”.‬

تجلت‭ ‬الأدلة‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الشراكة‭ ‬خلال‭ ‬بعثتين‭ ‬في‭ ‬شباط‭/ ‬فبراير‭ ‬2016‭ ‬في‭ ‬كومشى،‭ ‬بنيجيريا،‭ ‬ونغوشى،‭ ‬بنيجيريا‭. ‬وهنا،‭ ‬عملت‭ ‬القوات‭ ‬الكاميرونية‭ ‬والنيجيرية‭ ‬يدا‭ ‬بيد‭ ‬لمهاجمة‭ ‬وتفكيك‭ ‬مصانع‭ ‬حرفية‭ ‬للأسلحة‭ ‬حيث‭ ‬كان‭ ‬يتم‭ ‬إنتاج‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬العبوات‭ ‬الناسفة‭ ‬المرتجلة،‭ ‬وتلقين‭ ‬الشباب‭ ‬وتدريبهم‭ ‬ليصبحوا‭ ‬مفجرين‭ ‬انتحاريين‭. ‬وفي‭ ‬كومشى،‭ ‬تلقت‭ ‬القوات‭ ‬الكاميرونية‭ ‬الدعم‭ ‬من‭ ‬نظيرتها‭ ‬النيجيرية‭ ‬التي‭ ‬سدت‭ ‬الطرق‭ ‬ومنعت‭ ‬بوكو‭ ‬حرام‭ ‬من‭ ‬القيام‭ ‬بانسحاب‭ ‬تكتيكي‭. ‬وفي‭ ‬نغوشى،‭ ‬اكتشفت‭ ‬القوات‭ ‬أربعة‭ ‬مصانع‭ ‬حرفية‭ ‬للقنابل‭ ‬تحتوي‭ ‬على‭ ‬مخزون‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬البطاريات،‭ ‬والقدّاحات‭ ‬والأحزمة‭ ‬الناسفة‭ ‬الجاهزة‭ ‬للاستعمال‭.‬

مروحية إم آي- 17 تابعة للقوات الجوية الكاميرونية تهبط في شمالي الكاميرون.

قال‭ ‬بادجيك،‭ “‬أدركنا‭ ‬أن‭ ‬الحاجة‭ ‬ماسة‭ ‬لتعاون‭ ‬أكبر‭ ‬مع‭ ‬نيجيريا،‭ ‬وقبلت‭ ‬نيجيريا‭ ‬ذلك‭ ‬تحت‭ ‬راية‭ ‬قوة‭ ‬المهام‭ ‬المشتركة‭ ‬المتعددة‭ ‬الجنسيات‭. ‬وأثمر‭ ‬ذلك‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬النتائج،‭ ‬ولاحظنا‭ ‬أنه‭ ‬منذ‭ ‬بدأنا‭ ‬ضرب‭ ‬هذه‭ ‬القواعد،‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬تقع‭ ‬أي‭ ‬هجمات‭ ‬انتحارية‭. ‬وذلك‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬عملياتنا‭ ‬التي‭ ‬خططنا‭ ‬لها‭ ‬كانت‭ ‬قوية‭”.‬

ورغم‭ ‬التقدم،‭ ‬فإن‭ ‬المعركة‭ ‬لم‭ ‬تنته‭ ‬بعد‭. ‬فخلال‭ ‬الـ‭ ‬12‭ ‬شهراً‭ ‬التي‭ ‬انتهت‭ ‬في‭ ‬آب‭/ ‬أغسطس‭ ‬2016،‭ ‬شنت‭ ‬بوكو‭ ‬حرام‭ ‬200‭ ‬هجوم‭ ‬في‭ ‬أقصى‭ ‬شمال‭ ‬الكاميرون،‭ ‬حسب‭ ‬ما‭ ‬أفادت‭ ‬مجلة‭  ‬جون‭ ‬أفريك‭. ‬وكان‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الهجمات‭ ‬غارات‭ ‬منخفضة‭ ‬المستوى‭ ‬قام‭ ‬خلالها‭ ‬أعضاء‭ ‬بوكو‭ ‬حرام‭ ‬بسرقة‭ ‬الماشية‭ ‬أو‭ ‬التنقيب‭ ‬عن‭ ‬مؤن‭ ‬أثناء‭ ‬الليل‭. ‬استهدفت‭ ‬هجمات‭ ‬أخرى‭ ‬لجان‭ ‬الحراسة‭ ‬المدنية‭- ‬وهي‭ ‬مجموعات‭ ‬أمن‭ ‬أهلية‭ ‬توفر‭ ‬الأمن‭ ‬للقرى‭. ‬لقد‭ ‬نزح‭ ‬نحو‭ ‬190000‭ ‬من‭ ‬المدنيين‭ ‬الكاميرونيين‭ ‬داخلياً‭ ‬جرّاء‭ ‬أعمال‭ ‬العنف‭ ‬ويخشون‭ ‬العودة‭ ‬إلى‭ ‬ديارهم‭.‬

إن‭ ‬القادة‭ ‬العسكريين‭ ‬في‭ ‬الكاميرون‭ ‬على‭ ‬ثقة‭ ‬من‭ ‬أنهم‭ ‬سوف‭ ‬يقضون‭ ‬على‭ ‬التهديد،‭ ‬ولكنهم‭ ‬يحذرون‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬سوف‭ ‬يتطلب‭ ‬الصبر‭ ‬واليقظة‭ ‬لما‭ ‬قد‭ ‬تجلبه‭ ‬المرحلة‭ ‬التالية‭.‬

قال‭ ‬الفريق‭ ‬رينيه‭ ‬كلود‭ ‬ميكا،‭ ‬رئيس‭ ‬هيئة‭ ‬أركان‭ ‬الجيش‭ ‬الكاميروني،‭ “‬إن‭ ‬العدو‭ ‬يتأقلم‭ ‬بشكل‭ ‬منتظم‭.  ‬ومن‭ ‬وجهة‭ ‬نظرنا،‭ ‬فنحن‭ ‬نعتقد‭ ‬أننا‭ ‬نخوض‭ ‬معركة‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تمتد‭ ‬على‭ ‬فترة‭ ‬طويلة‭ ‬من‭ ‬الزمن‭. ‬لأنه‭ ‬حتى‭ ‬وإن‭ ‬بدت‭ ‬القدرات‭ ‬العسكرية‭ ‬للعدو‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬ضعف،‭ ‬فإن‭ ‬قدرته‭ ‬على‭ ‬إلحاق‭ ‬الضرر‭ ‬سوف‭ ‬تستمر‭ ‬لفترة‭ ‬طويلة‭”.  ‬


لمحة‭ ‬عن قوة‭ ‬المهام‭ ‬المشتركة المتعددة‭ ‬الجنسيات

تأسست قوة‭ ‬المهام‭ ‬المشتركة‭ ‬المتعددة‭ ‬الجنسيات‭ ‬عام‭ ‬1998‭ ‬للتعامل‭ ‬مع‭ ‬قطاع‭ ‬الطرق‭ ‬والجريمة‭ ‬العابرة‭ ‬للحدود‭ ‬الوطنية‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬المطلة‭ ‬على‭ ‬بحيرة‭ ‬تشاد‭. ‬وكانت‭ ‬الفكرة‭ ‬من‭ ‬ورائها‭ ‬هو‭ ‬تضافر‭ ‬القوات‭ ‬ومنع‭ ‬المجرمين‭ ‬من‭ ‬العثور‭ ‬على‭ ‬ملاذات‭ ‬آمنة‭ ‬أو‭ ‬عبور‭ ‬الحدود‭ ‬للتهرب‭ ‬من‭ ‬العدالة‭.‬

لم‭ ‬تُستخدم‭ ‬هذه‭ ‬القوة‭ ‬التي‭ ‬شكلتها‭ ‬دول‭ ‬لجنة‭ ‬حوض‭ ‬بحيرة‭ ‬تشاد‭ ‬إلا‭ ‬نادراً‭ ‬حتى‭ ‬عام‭ ‬2012‭ ‬عندما‭ ‬أعادت‭ ‬تلك‭ ‬الدول‭ ‬إطلاقها‭ ‬للتعامل‭ ‬مع‭ ‬بوكو‭ ‬حرام‭. ‬ثبتت‭ ‬صعوبة‭ ‬التمويل‭ ‬والاتفاق‭ ‬على‭ ‬خطة‭ ‬عملياتية‭ ‬وهيكل‭ ‬للقوات‭ ‬مما‭ ‬تسبب‭ ‬في‭ ‬تأخير‭ ‬إطلاقها‭. ‬وفي‭ ‬تشرين‭ ‬الأول‭/ ‬أكتوبر‭ ‬2014،‭ ‬تعهدت‭ ‬الدول‭ ‬الأعضاء‭ ‬الكاميرون،‭ ‬وتشاد،‭ ‬والنيجر‭ ‬ونيجيريا‭ ‬بتوفير‭ ‬قوات‭ ‬لقوة‭ ‬المهام‭ ‬المشتركة‭ ‬المتعددة‭ ‬الجنسيات‭ ‬المخولة‭ ‬بضم‭ ‬8700‭ ‬جندي‭. ‬كما‭ ‬تعهدت‭ ‬بنين،‭ ‬وهي‭ ‬ليست‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬دول‭ ‬لجنة‭ ‬حوض‭ ‬بحيرة‭ ‬تشاد،‭ ‬بالإسهام‭ ‬بقوات‭. ‬يقع‭ ‬مقر‭ ‬قيادة‭ ‬القوة‭ ‬في‭ ‬نجامينا،‭ ‬بتشاد،‭ ‬ويقودها‭ ‬جنرال‭ ‬نيجيري،‭ ‬ونائب‭ ‬كاميروني‭ ‬ورئيس‭ ‬هيئة‭ ‬أركان‭ ‬تشادي‭.‬

أصبحت‭ ‬القوة‭ ‬جاهزة‭ ‬للعمل‭ ‬بصورة‭ ‬جزئية‭ ‬في‭ ‬تشرين‭ ‬الثاني‭/ ‬نوفمبر‭ ‬2015‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬جميع‭ ‬الدول‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت‭ ‬لم‭ ‬تف‭ ‬بتعهداتها‭ ‬بالإسهام‭ ‬بقوات‭. ‬‭ ‬قال‭ ‬هانز‭ ‬دى‭ ‬ماري‭ ‬هوينغوب،‭ ‬وهو‭ ‬خبير‭ ‬أمن‭ ‬كاميروني‭ ‬ومحلل‭ ‬مع‭ ‬المجموعة‭ ‬الدولية‭ ‬لمعالجة‭ ‬الأزمات،‭ ‬إن‭ ‬قوة‭ ‬المهام‭ ‬المشتركة‭ ‬المتعددة‭ ‬الجنسيات‭ ‬تخطو‭ ‬خطوات‭ ‬ولكنها‭ ‬تعمل‭ ‬في‭ ‬معظم‭ ‬الأحيان‭ ‬كآلية‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬كونها‭ ‬قوة‭ ‬حقيقية‭ ‬متكاملة‭. ‬وعند‭ ‬التخطيط‭ ‬لمهمة‭ ‬ما،‭ ‬تدلي‭ ‬جميع‭ ‬الدول‭ ‬الأعضاء‭ ‬بآرائها‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬هذه‭ ‬الآلية‭ ‬ويمكن‭ ‬أن‭ ‬توفر‭ ‬قوات‭ ‬عند‭ ‬الحاجة‭ ‬وتمنح‭ ‬ترخيصا‭ ‬للعمل‭ ‬على‭ ‬أراضيها‭ ‬السيادية‭ ‬إذا‭ ‬طُلب‭ ‬منها‭ ‬ذلك‭.‬

وأضاف‭ ‬هوينغوب،‭ “‬لا‭ ‬يسعك‭ ‬أن‭ ‬تقول‭ ‬الآن‭ ‬إن‭ ‬القوة‭ ‬متكاملة‭ ‬كقوة‭ ‬حلف‭ ‬شمال‭ ‬الأطلسي‭. ‬إنها‭ ‬للتنسيق‭ ‬فقط‭ ‬الآن؛‭ ‬وليست‭ ‬قوة‭ ‬موحدة‭ ‬بعد‭. ‬وكل‭ ‬من‭ ‬القوات‭ ‬المشاركة‭ ‬فيها‭ ‬تتمركز‭ ‬فوق‭ ‬أراضيها‭ ‬الخاصة‭”.‬


على‭ ‬طريق المراقبة

توفر‭ ‬مجموعات‭ ‬الحراسة‭ ‬الأهلية‭ ‬الأمن‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬القصير،‭ ‬ولكن‭ ‬شمال‭ ‬الكاميرون‭ ‬في‭ ‬حاجة‭ ‬إلى‭ ‬تنمية‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬الطويل‭.‬

أسرة‭ ‬أيه‭ ‬دي‭ ‬إف

عندما جاءت‭ ‬انتحارية‭ ‬إلى‭ ‬مورا،‭ ‬بالكاميرون،‭ ‬ورفضت‭ ‬التوقف‭ ‬عند‭ ‬نقطة‭ ‬تفتيش،‭ ‬بدا‭ ‬وكأن‭ ‬هجوماً‭ ‬شنيعاً‭ ‬آخر‭ ‬على‭ ‬وشك‭ ‬أن‭ ‬يحدث‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬اعتادت‭ ‬على‭ ‬المذابح‭.‬

ثم‭ ‬حدث‭ ‬شيء‭ ‬غير‭ ‬عادي‭. ‬أطلق‭ ‬مدني‭ ‬هو‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬مجموعة‭ ‬الدفاع‭ ‬الذاتي‭ ‬في‭ ‬البلدة،‭ ‬سهماً‭ ‬بطرف‭ ‬مسموم‭ ‬على‭ ‬المهاجمة‭. ‬قتل‭ ‬السهم‭ ‬المرأة‭ ‬بينما‭ ‬فجرت‭ ‬انتحارية‭ ‬أخرى‭ ‬سترتها‭ ‬الناسفة،‭ ‬ولكن‭ ‬الانفجار‭ ‬لم‭ ‬يقتل‭ ‬سوى‭ ‬الإرهابية‭. ‬وهذا‭ ‬التصرف‭ ‬السريع‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬المدني‭ ‬المسلح‭ ‬ربما‭ ‬أنقذ‭ ‬عشرات‭ ‬الأرواح‭.‬

تنتشر‭ ‬المجموعات‭ ‬الأهلية‭ ‬للدفاع‭ ‬الذاتي‭ ‬في‭ ‬شمالي‭ ‬الكاميرون‭ ‬وشمالي‭ ‬نيجيريا‭ ‬فيما‭ ‬يبحث‭ ‬المدنيون‭ ‬عن‭ ‬وسائل‭ ‬للدفاع‭ ‬عن‭ ‬مجتمعاتهم‭ ‬ضد‭ ‬متمردي‭ ‬بوكو‭ ‬حرام‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬التهديدات‭. ‬يحصل‭ ‬بعضهم‭ ‬على‭ ‬أجر،‭ ‬ولكن‭ ‬معظمهم‭ ‬متطوعون‭. ‬ويحصل‭ ‬بعضهم‭ ‬على‭ ‬تدريب‭ ‬عسكري‭ ‬أساسي،‭ ‬وتتراوح‭ ‬معداتهم‭ ‬من‭ ‬الأسلحة‭ ‬النصف‭ ‬آلية‭ ‬إلى‭ ‬الأقواس‭ ‬والسهام‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬الأدوات‭ ‬الزراعية‭. ‬توزع‭ ‬الحكومة‭ ‬الكاميرونية‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬المجموعات‭ ‬معدات‭ ‬من‭ ‬بينها‭ ‬بنادق،‭ ‬وكشافات‭ ‬ضوئية‭ ‬ونظارات‭ ‬رؤية‭ ‬ليلية‭. ‬كما‭ ‬تعمل‭ ‬مع‭ ‬شيوخ‭ ‬القرى‭ ‬لضمان‭ ‬اختيار‭ ‬أفضل‭ ‬المرشحين‭ ‬للانضمام‭ ‬إلى‭ ‬هذه‭ ‬المجموعات‭.‬

أيّد‭ ‬الرئيس‭ ‬الكاميروني‭ ‬بول‭ ‬بيا‭ ‬هذه‭ ‬الممارسة،‭ ‬ووصف‭ ‬المواطنين‭ ‬المسلحين‭ ‬بأنهم‭ “‬نماذج‭ ‬تُحتذى‭ ‬بالنسبة‭ ‬للأمة‭”.‬

قال‭ ‬الفريق‭ ‬رينيه‭ ‬كلود‭ ‬ميكا،‭ ‬رئيس‭ ‬هيئة‭ ‬أركان‭ ‬الجيش‭ ‬الكاميروني،‭ ‬إنهم‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬تقليد‭ ‬كاميروني‭ ‬طويل‭ “‬للدفاع‭ ‬الشعبي‭”. ‬وأضاف،‭ “‬أن‭ ‬الشعب‭ ‬الكاميروني‭ ‬نهض‭ ‬في‭ ‬الواقع‭ ‬كرجل‭ ‬واحد‭ ‬ضد‭ ‬الوحشية‭. ‬وهذا‭ ‬أتاح‭ ‬لنا‭ ‬النتائج‭ ‬الإيجابية‭ ‬التي‭ ‬لدينا‭ ‬اليوم‭”.‬

عضو في مجموعة الحراسة الأهلية، يصافح عضواً في الكتيبة الكاميرونية للتدخل السريع في بلدة كولوفاتا بشمالي الكاميرون.

ويُعد‭ ‬حراس‭ ‬الأمن‭ ‬الأهليون‭ ‬مصدراً‭ ‬قيماً‭ ‬للقوات‭ ‬الأمنية‭ ‬التي‭ ‬تعتمد‭ ‬عليهم‭ ‬في‭ ‬تمرير‭ ‬المعلومات‭ ‬الاستخباراتية،‭ ‬بل‭ ‬إنهم،‭ ‬في‭ ‬الواقع،‭ ‬بمثابة‭ ‬عيون‭ ‬وآذان‭ ‬في‭ ‬الأجزاء‭ ‬النائية‭ ‬من‭ ‬البلاد‭. ‬قال‭ ‬العقيد‭ ‬ديدييه‭ ‬بادجيك،‭ ‬رئيس‭ ‬قسم‭ ‬الاتصالات‭ ‬بالجيش‭ ‬الكاميروني،‭ “‬إنهم‭ ‬يعملون‭ ‬مع‭ ‬الجيش‭ ‬ويزودونه‭ ‬بالمعلومات‭. ‬سيقولون‭ ‬’انتبهوا،‭ ‬هناك‭ ‬أجنبي‭ ‬لا‭ ‬نعرفه‘،‭ ‬وهذا‭ ‬يسمح‭ ‬لنا‭ ‬بأن‭ ‬نقلل‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬عواقب‭ ‬هذه‭ ‬الهجمات‭ ‬الانتحارية‭”. ‬كما‭ ‬عرّضهم‭ ‬هذا‭ ‬العمل‭ ‬للخطر‭ ‬فيما‭ ‬بدأت‭ ‬بوكو‭ ‬حرام‭ ‬الانتقام‭ ‬منهم‭. ‬ففي‭ ‬تموز‭/ ‬يوليو‭ ‬2016،‭ ‬تسلل‭ ‬أعضاء‭ ‬من‭ ‬بوكو‭ ‬حرام‭ ‬داخل‭ ‬قرية‭ ‬شريف‭ ‬موساري‭ ‬بالليل‭ ‬وذبحوا‭ ‬رئيس‭ ‬مجموعة‭ ‬الدفاع‭ ‬الذاتي‭ ‬بالقرية‭ ‬بعد‭ ‬ساعات‭ ‬فقط‭ ‬من‭ ‬تعيينه‭. ‬

إن‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني‭ ‬والأمن‭ ‬أعمق‭ ‬من‭ ‬مجرد‭ ‬قلة‭ ‬تتطوع‭ ‬للحراسة‭. ‬يقول‭ ‬المراقبون‭ ‬إن‭ ‬الأمن‭ ‬الحقيقي‭ ‬سيتطلب‭ ‬تنمية‭ ‬إضافية‭ ‬في‭ ‬شمال‭ ‬الكاميرون‭ ‬وفرص‭ ‬عمل‭ ‬جديدة‭ ‬للشباب‭ ‬الذين‭ ‬يمثلون‭ ‬أهداف‭ ‬التجنيد‭ ‬الرئيسية‭ ‬لبوكو‭ ‬حرام‭.‬

قال‭ ‬هانز‭ ‬دى‭ ‬مارى‭ ‬هويغوب،‭ ‬خبير‭ ‬ومحلل‭ ‬أمني‭ ‬كاميروني‭ ‬للمجموعة‭ ‬الدولية‭ ‬لحل‭ ‬الأزمات،‭ “‬إن‭ ‬غالبية‭ ‬من‭ ‬تجندهم‭ ‬بوكو‭ ‬حرام،‭ ‬يتم‭ ‬تجنيدهم‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬حوافز‭ ‬اجتماعية‭- ‬اقتصادية‭. ‬يعرضون‭ ‬عليهم‭ ‬دراجات‭ ‬نارية‭ ‬أو‭ ‬قروضاً‭ ‬أو‭ ‬راتباً‭ ‬لمدة‭ ‬ثلاثة‭ ‬أو‭ ‬ستة‭ ‬أشهر‭”.‬

وقال‭ ‬غوباي‭ ‬غاتابا،‭ ‬مؤسس‭ ‬صحيفة‭  ‬لو‭ ‬أويل‭ ‬دو‭ ‬ساحل‭ ‬التي‭ ‬تغطي‭ ‬القضايا‭ ‬الأمنية‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬إن‭ ‬الشمال،‭ ‬المنطقة‭ ‬الأكثر‭ ‬كثافة‭ ‬بالسكان‭ ‬في‭ ‬الكاميرون،‭ ‬قد‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬مشروع‭ ‬مارشال‭ ‬خاص‭ ‬بها‭ ‬بعد‭ ‬سنوات‭ ‬من‭ ‬الاضطراب‭ ‬نتيجة‭ ‬تهديد‭ ‬بوكو‭ ‬حرام‭ ‬وضغوط‭ ‬أخرى‭. ‬ويبلغ‭ ‬متوسط‭ ‬عمر‭ ‬أتباع‭ ‬بوكو‭ ‬حرام‭ ‬23‭ ‬سنة،‭ ‬مع‭ ‬انضمام‭ ‬الكثيرين‭ ‬منهم‭ ‬خلال‭ ‬مرحلة‭ ‬الطفولة‭ ‬حيث‭ ‬شبّوا‭ ‬داخل‭ ‬الجماعة‭. ‬وأضاف،‭ “‬لديك‭ ‬منطقة‭ ‬يسودها‭ ‬اليأس،‭ ‬منطقة‭ ‬مكتظة‭ ‬بالسكان‭ ‬المحرومين‭ ‬من‭ ‬التعليم،‭ ‬أو‭ ‬الأمل‭ ‬أو‭ ‬العمل‭. ‬وهي‭ ‬فريسة‭ ‬سهلة‭ ‬لبوكو‭ ‬حرام‭”.‬

لا‭ ‬يوجد‭ ‬حل‭ ‬بسيط‭ ‬لهذه‭ ‬المشكلة‭. ‬اعتمدت‭ ‬الحكومة‭ ‬الكاميرونية‭ ‬10‭ ‬ملايين‭ ‬دولار‭ ‬لتمويل‭ ‬عمليات‭ ‬تنمية‭ ‬طارئة‭ ‬وخطة‭ ‬إنعاش‭ ‬للشمال‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬التكلفة‭ ‬التقديرية‭ ‬لتلبية‭ ‬الاحتياجات‭ ‬الإقليمية،‭ ‬تقترب‭ ‬من‭ ‬مليار‭ ‬دولار،‭ ‬حسب‭ ‬قول‭ ‬هوينغوب‭. ‬يقدم‭ ‬المهندسون‭ ‬العسكريون‭ ‬يد‭ ‬المساعدة‭ ‬في‭ ‬مشاريع‭ ‬شق‭ ‬الطرق‭ ‬المدنية‭ ‬وإنشاء‭ ‬الجسور،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬مشروع‭ ‬طريق‭ ‬متوقع‭ ‬في‭ ‬ماروا‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬أن‭ ‬يساعد‭ ‬في‭ ‬النشاط‭ ‬التجاري‭.‬

ويتفق‭ ‬الجميع‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬الاحتياجات‭ ‬ماسة‭ ‬بالنسبة‭ ‬لـ4‭ ‬ملايين‭ ‬نسمة‭ ‬يعيشون‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬70‭ ‬بالمائة‭ ‬منهم‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬فقر‭. ‬في‭ ‬مقال‭ ‬نشرته‭ ‬المجلة‭ ‬العسكرية‭ ‬الكاميرونية‭ ‬أونير‭ ‬أى‭ ‬فيديليتى،‭ ‬يجادل‭ ‬فنسنت‭ ‬نتودا‭ ‬إيبودي‭ ‬من‭ ‬جامعة‭ ‬ياوندي‭ ‬2‭ – ‬ساو‭ ‬بأنه‭ ‬يتعين‭ ‬على‭ ‬الجهات‭ ‬الفاعلة‭ ‬في‭ ‬قوات‭ ‬الدفاع‭ ‬والمجتمع‭ ‬المدني‭ ‬أن‭ ‬تعمل‭ ‬سوياً‭ ‬لمحاربة‭ ‬نفوذ‭ ‬بوكو‭ ‬حرام‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬الطويل‭. ‬كتب‭ ‬إيبودي‭ ‬يقول،‭ “‬إن‭ ‬الأمر‭ ‬لا‭ ‬يتعلق‭ ‬فقط‭ ‬بوضع‭ ‬نهاية‭ ‬للنزاع‭. ‬وإنما‭ ‬يتعلق‭ ‬أكثر‭ ‬بإرساء‭ ‬سلام‭  ‬دائم‭. ‬لهذا‭ ‬السبب‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬هناك‭ ‬مبادرات‭ ‬مدنية‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬المبادرات‭ ‬العسكرية‭. ‬وعلاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬المدنيين‭ ‬يقدمون‭ ‬الدعم‭ ‬الرئيسي‭ ‬والمتعدد‭ ‬الأشكال‭ ‬اللازم‭ ‬لتحقيق‭ ‬النصر‭ ‬النهائي‭”.‬

التعليقات مغلقة.