فيسبوك تويتر لينكدإن بينتيريست البريد الإلكتروني اكتشاف البترول يجلب معه الحاجة لضمان الأمن البحري فيما تقلصت أعمال القرصنة في القرن الإفريقي انتقل التركيز على خليج غينيا حيث يمتد الشريط الساحلي للخليج مسافة 2500 كيلومتراً من كيب لوبيز في جمهورية الغابون شمالاً إلى كيب ثري بوينتس في غربي غانا. وكانت غانا قد اكتشفت في عام 2007 وجود احتياطي من البترول في أراضيها يصل لحوالي 5 مليارات برميل، وحمل ذلك الاكتشاف معه مخاطر أمنية تتعلق بالقرصنة، والإرهاب، والتهريب بالإضافة إلى منازعات حدودية مع الدول المجاورة. غير أن أكبر تلك الأخطار بروزاً كان القرصنة البحرية. فطبقاً لإحصاءات مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة فاق عدد حوادث القرصنة البحرية في خليج غينيا عدد الحوادث المماثلة في القرن الإفريقي خلال عامي 2012 و2013. ويؤدي ازدهار السوق السوداء للوقود في غرب إفريقيا إلى أن تصبح هذه المياه جذابة للقراصنة. فالبترول هو أهم سلعة يتم تداولها في التجارة الاقتصادية ويتم نقلها بصفة رئيسية عن طريق البحر في منطقة غرب أفريقيا. وتتم أكثر من 90 بالمائة من عمليات النقل التجاري عن طريق البحر حيث يجري تنظيم التجارة بشكل يترك مجالاً أمام ازدهار السوق السوداء. وإمكانية تعرض غانا للقرصنة ليست محل شك. فكما يقول ديفيد أسانتى– آبيتو المسؤول عن الشرطة الملاحية في غانا “إن غانا بأكملها معرضة للقرصنة. وزاد اقتراب ذلك من الحقيقة في أعقاب اكتشاف البترول في البلاد”. وطبقاً لنائب وزير الداخلية في غانا جيمس أغالغا فإن القرصنة البحرية أصبحت خطراً أكثر إلحاحاً، ولكن غانا ليست فريدة في التعرض لذلك الخطر. وفي واقع الأمر تعرضت غانا لحادثي قرصنة بحرية خلال عام 2014. وتعد نيجيريا المصدر الرئيسي للقرصنة تليها أعداد صغيرة من بنين ثم توغو. ووفقاً لبيانات مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، أكد ضحايا حوادث القرصنة قبالة سواحل بنين أن القراصنة يتحدثون اللغة الإنجليزية واللغة الفرنسية يعملون معاً، مما يشير إلى وجود شبكة إجرامية تعبر الحدود. وطبقاً لبيانات مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، تم تسجيل 57 حادث قرصنة في نيجيريا من بين 73 حادث شهدها عام 2013. ومن السهل افتراض أن الهدف التالي للقرصنة البحرية ربما يكون غانا. والسيد أغالغا على يقين من ذلك، غير أنه يؤكد أن مياه غانا أصبحت تشكل خطورة بالغة بالنسبة للقراصنة بسبب استعدادات غانا لمواجهتهم. ويقول أغالغا “متى تم إعادة تجهيز البحرية والجيش، تصبح الأداة الهامة التالية منح الأولوية للتعاون بين الوكالات والتركيز على تبادل المعلومات”. والشيء المهم في الوقت الحاضر هو ضمان زيادة القدرة على مراقبة المياه الإقليمية والمياه الدولية بدوريات مشتركة من الدول المجاورة متى وأينما كان ذلك ممكناً”. السفينة جي إن إس بليكا في المقدمة تشارك في تدريبات اعتلاء السفن خلال عملية أوبانغيم إكسبريس. القوارب الصغيرة في بحرية غانا لا يمكنها القيام بأعمال الدورية في المناطق البعيدة عن السواحل. السفارة الأمريكية في غانا وهناك ضغط متأصل في غانا لكي تعمل على تجنب الظروف التي مرت بها الدول الأخرى في غرب إفريقيا. ولكن المسؤولين في غانا يرون أن غانا بعيدة تماماً عن التعرض لنفس المشاكل التي واجهتها نيجيريا. والحجة الشائعة هو أن هناك فروقاً جوهرية تميز بين الحالتين، فبينما تمكن لصوص البترول من جني حوالي 1 مليار دولار سنوياً من عمليات نهب البترول من مستودعات على أراضي نيجيريا، تتقلص فرص النهب من أنابيب البترول في غانا لأن معظم موارد غانا البترولية في المياه المحاذية لشواطئها. وتشرح السيدة جوانا أما أوسي- توتو من مركز كوفي عنان الدولي للتدريب على حفظ السلام في غانا الفروق الأساسية فتقول: “غانا لها شريط ساحلي أكثر انبساطاً يخلو من الخلجان الصغيرة، وهو بذلك واضح المعالم ومأمون”، وذلك إشارة إلى حقيقة أن الشريط الساحلي في نيجيريا متقطع بسبب وجود نقاط عديدة تشكل مداخل لممرات مائية يمكن للقراصنة والمهربين استخدامها. الجاهزية والقدرة يقول أغالغا إن غانا لا تعتمد فقط على النوايا الخيرة لشراكة دول الجوار، وإنما بادرت سلطة الملاحة البحرية في غانا بإطلاق نظام حديث لإدارة معلومات حركة مرور السفن. والهدف من ذلك النظام المتكامل توفير رصد واستطلاع الكتروني متواصل للمجال البحري لغانا مزود بأدوات استشعار عن بعد لها القدرة على رصد السفن والقوارب في أعالي البحار والتعرف عليها. كما أن النظام له أبراج اتصال مزودة برادار بحري، وأنظمة تحديد الهوية أوتوماتيكياً، ودوائر تليفزيونية مغلقة لمراقبة السفن وما يجري على متنها عن بعد. ويتألف المشروع من ثمانية مواقع للاستشعار عن بعد في تيما، ووينيبيا، وكيتا، وأكسيم، وبيغ أدا، وهاف آسيني، وتاكورادي وكيب كوست بالإضافة إلى ثلاث قواعد لمحطات بعيدة في كيتاكراتشي، وييجي وأنوم. ويقع المركز القومي للمراقبة في المقر الرئيسي لسلطة الملاحة البحرية في أكرا. ويجري تشغيل نظام اوتوماتيكي لتحديد هوية السفن والقوارب في بحيرة فولتا بينما تم تزويد سفن بالقدرة على تحديد هوية السفن على المدى البعيد ومتابعة حركتها وكذلك تم تزويدها بأجهزة استشعار لحالة الطقس. وتولت شركة إلتل نتوركس الفنلندية إطلاق نظام إدارة معلومات حركة السفن. وبإمكان هذا النظام رصد السفن وهي على بعد 1000 ميل بحري. غير أن هناك العديد من التحديات لا زالت قائمة. حيث أن نظام إدارة معلومات حركة السفن ليس كافياً بمفرده لإزالة خطر القرصنة البحرية. فالقدرة على إحباط الهجمات وإجهاضها لا يقل أهمية عن رصد وقوعها إن لم يكن أهم. فمع العلم بأن مستودعات تخزين البترول العائمة وناقلات التحميل تبعد حوالي 200 ميل بحري من سواحل غانا فإن قوارب الحراسة الصغيرة في غانا، لا تستطيع الوصول إلى مسافة تزيد عن 100 ميل بحري من الساحل. وهكذا فإن الحاجة تقتضي وجود قوارب أكبر لتوفير التغطية المناسبة لكي يمكن تحقيق النجاح في التغلب على القراصنة أو القتال ضدهم. ويقول السيد أسانتى – أبيتو “نحتاج إلى إمداد لوجيستي لنتمكن من تغطية مياهنا الإقليمية؛ فنحن بحاجة إلى سفن دورية قبالة سواحلنا لنتمكن من القيام بأعمال الدورية في مياهنا”. إلى اليسار: أفراد فريق من بحرية غانا يشاركون في تدريب اعتلاء السفن كجانب من تدريبات أوبانغيم اكسبريس في آذار/ مارس 2015. إخصائي راؤل باتشيكو/ الجيش الأمريكي وهناك شك في إمكانية حدوث احتكاك فيما بين الوكالات العاملة في هذا القطاع. وتشير أوسي – توتو إلى حقيقة أن تشكيل قطاع الأمن يتميز بمشاركة متفرقة لوكالات عديدة مثل شرطة الملاحة البحرية، سلطة غانا للملاحة البحرية، قوات البحرية وسلطة الموانئ. ويخضع عمل كل من هذه الوكالات لإشراف وزارات ووكالات منفصلة مما يسفر عن ازدواج في الواجبات ومخاطر تعكير صفو النوايا الحسنة اللازمة لمكافحة القرصنة. ومع ذلك فللسيد أسانتي- أبيتو تقييم مختلف: “بإمكاننا القيام بدوريات مشتركة كافية لمساندة كل منا للآخر؛ فتتعاون شرطة الملاحة البحرية وقوات البحرية وسلطة الملاحة البحرية. وهناك علاقة ود على مستوى عال نسبياً بين الوكالات الأمنية”. التأثيرات على التجارة البحرية في غانا تؤدي عمليات القرصنة إلى تأثيرات اقتصادية جوهرية، حيث ترفع مستوى المخاطر مما يدفع شركات التأمين إلى زيادة رسوم التأمين. وهكذا فإن زيادة عمليات القرصنة البحرية قبالة سواحل غانا قد تسفر عن تأثيرات جوهرية على رسوم التأمين التي يدفعها المستوردون والمصدرون، وزيادة تكلفة القيام بالأعمال التجارية في موانئ غانا. وقد لاحظ مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة أن الزيادة في هجمات القراصنة في بنين في عام 2011 أسفرت عن تصنيف شركات التأمين العالمية للمياه الإقليمية لبنين بنفس درجة مخاطر نيجيريا. وقد أدى ذلك إلى زيادة نفقات الشحن إلى بنين. وأدت زيادة تكلفة المواد المستوردة إلى انخفاض الأرباح، وزيادة نفقة المعيشة، وكذلك أسفرت عن تقلص القدرة التنافسية للمواد المستوردة. الخلاصة بوسع غانا تجنب نفس المصير. حيث سيلزم لضمان أمن واستقرار مياهها التفكير بإمعان في هيكل أمني شامل يشمل القوات البحرية، وشرطة الملاحة البحرية، وسلطة الملاحة البحرية في غانا، والجيش ووزارة الداخلية والوكالات الأخرى العاملة معها. وسوف يوفر تعزيز وتقوية قدرات قوات الأمن لزيادة أعمال الدورية والاستطلاع رادعاً قوياً في مواجهة القرصنة البحرية. وسيتعين على الشركات التي تتولى تشغيل السفن التجارية إعداد خطة أمنية أساسية تتضمن توفير إجراءات دفاعية، وإلزامها بتوفير فرق أمن مسلحة على متن السفن، واستخدام تكنولوجيا الرصد الحديثة، ووسائل المراقبة مثل النظام الحديث لإدارة معلومات حركة السفن. وسيكون من الأهمية بمكان توفير الانضباط في صفوف قوات الأمن والتحلي بالعزم والتصميم على استئصال الفساد حتى يمكن توفير الأمان والنظام لذلك القطاع. وأخيراً، فهناك ارتباط بين المشاكل الاقتصادية والاجتماعية في الداخل من جهة وبين وقوع حوادث الجريمة قبالة الساحل. ولذلك تحتاج غانا إلى مواجهة المشاكل الاقتصادية والاجتماعية التي يمكن أن تسفر عن تهديدات أمنية. حيث يمكن لمجموعة من الصيادين الريفيين، والمزارعين والشباب على سواحل البلاد أن يتعرضوا لإغراءات من القراصنة الأجانب مدفوعين بفتنة المال المشاركة في التجارة غير المشروعة. ويمكن للقائمين على تجنيد هذه العناصر إشاعة أجواء من عدم الرضا بين المواطنين ضد السلطات من خلال إغواء الشباب للتورط في أعمال القرصنة، والسطو على التجارة البحرية أو كليهما. وتقتضي الرؤية البعيدة المدى أن تنشئ غانا هيئة لتنمية السواحل تكون مهمتها التأكد من أمن وتطوير الحياة على السواحل والموارد المتاحة لها.