ودَّعت زيمبابوي واحداً من أكثر طياريها خبرة، وهو ريتسوانيتسي فويو نكوبي، بعد أن تحطمت طائرته المقاتلة أثناء ما وصفته القوات الجوية بأنه ”طلعة روتينية“ بالقرب من مدينة غويرو يوم 30 أيَّار/مايو.
وقال مصدر في القوات الجوية الزيمبابوية لموقع «زيم لايف» الإخباري إن نكوبي كان يصرخ في آخر اتصال له مع مركز المراقبة الأرضية ويقول: ”حريق“ و”الطائرة خارج السيطرة.“
وقد كان من قدامى المحاربين في حرب الكونغو الثانية، وكان قائد سرب متقاعد، وعاد إلى القوات الجوية مدرباً، وإن دلَّت وفاته على شيء، فإنما تدل على معاناة القوات الجوية مع أسطولها المتقادم ونقص التمويل والتدريب والصيانة.
وقال العقيد ألفيوس ماكوتوري، المتحدث باسم القوات الجوية: ”خيمت سحابة سوداء على أسرة قوات الدفاع الزيمبابوية.“
يُعتقد أن طائرة نكوبي، وهي من طراز «تشنغدو إف-7»، واحدة من 12 طائرة سلمتها الصين إلى زيمبابوي في عام 1986، وقد صُممت على غرار طائرة «ميغ 21» السوفيتية، وقد مُنح ترخيصها للصين لأول مرة في عام 1962 وتوقف إنتاجها في عام 2013.
تهتدي القوات الجوية بهذا الشعار: ”أجنحتنا حصن الوطن.“ ولكن ظهرت في هذا الحصن تصدعات تهدد بتآكل ثقة الوطن فيه بعد سلسلة من حوادث التحطم والوفيات في السنوات الأخيرة.
ويقول موقع «بولاوايو 24» المستقل في مقال نشره في الثاني من حزيران/يونيو: ”إن العدد المتنامي من الحوادث وتراجع الجاهزية العملياتية يشكلان مخاوف أمنية وطنية خطيرة، فضعف القوات الجوية يحد من قدرة زيمبابوي على حُسن الاستجابة لحالات الطوارئ، والدفاع عن حدودها، أو المشاركة الكاملة في جهود حفظ السلام الإقليمية. والطيران بطبيعته ينطوي على مخاطر، غير أن المعدات التي عفا عليها الزمن ونقص الصيانة صارا وبالاً ينذر بوقوع حوادث مميتة.“
تعود معاناة القوات الجوية إلى الخسائر التي تكبدتها أثناء حرب الكونغو الثانية من عام 1998 إلى عام 2003، إذ استنزفت موارد أسطولها المهمة، ولا تزال الضائقة المالية التي تعاني منها البلاد تحول دون تحديث المعدات.
طلبت زيمبابوي في عام 2023 مساعدة فنية من القوات الجوية النيجيرية لتطوير قدراتها الجوية، واستبدال المعدات القديمة، وإصلاح أوجه القصور الفنية في طائرة «تشنغدو إف-7» ومروحية «مي-35» روسية الصنع.
بل إن السيد إمرسون منانغاغوا، رئيس زيمبابوي، شعر بالويلات المترتبة على معاناة القوات الجوية في السنوات الأخيرة، فقد تحطمت مروحيته في أيلول/سبتمبر 2024 بعد لحظات من إقلاعها في مطار ماسفينغو في جنوب شرقي زيمبابوي، لكنه لم يكن على متنها، ونفت الحكومة ما تردد عن مقتل الطيارَين في الحادث، لكنه كان على متنها في آب/أغسطس 2021 حينما تسبب عطل فني في هبوطها اضطرارياً في مزرعة في ساندرينغام، الواقعة جنوب غربي العاصمة هراري على بُعد 64 كيلومتراً تقريباً منها.
واتهم منتقدون زيمبابويون الحكومة بإخفاء المعلومات وإسكات صحفي زيمبابوي واحد على الأقل تحدث عن حادث تحطم طائرة عسكرية. ولا يعتبرون القوات الجوية مصدر فخر واعتزاز لبلادهم، بل ينتقدون ما أصابها من تراخٍ في الانضباط والتدريب والصيانة يودي بحياة الناس ويهدم ثقة المواطنين في الجيش.
ويقول موقع «بولاوايو 24»: ”وفي ظل استمرار هذه الحوادث، يتزايد الضغط على الحكومة للتعجيل بالاستثمار في القوات الجوية وإصلاحها؛ ولا يقتصر الهدف من ذلك على حماية أفراد الجيش والمدنيين، بل وقيادات الدولة، الذين تعرَّضت حياتهم للخطر بالفعل بسبب تواتر هذه الأزمات. فللصراعات الماضية، والضائقات المالية المستمرة، ونقص المعدات، تداعيات خطيرة على مستقبل الطيران العسكري في زيمبابوي.“