Africa Defense Forum
Africa Defense Forum

القوات البحرية في خليج غينيا تلجأ للمسيَّرات للقيام بمهام المراقبة

تهديدات كثيرة وموارد قليلة.. دول المنطقة ترى المسيَّرات أداةً لرفع كفاءتها

الرائد‭ ‬بحري‭ ‬جايبلوند‭ ‬دومينيك‭ ‬يوهان‭ ‬كواكو،‭ ‬البحرية‭ ‬الوطنية‭ ‬لساحل‭ ‬العاج

وغادر الرائد بحري جايبلوند دومينيك يوهان كواكو، البحرية الوطنية لساحل العاج

لاتَسلم‭ ‬الدول‭ ‬الساحلية‭ ‬في‭ ‬إفريقيا‭ ‬من‭ ‬تهديدات‭ ‬بحرية‭ ‬شتى،‭ ‬كالاتجار،‭ ‬والصيد‭ ‬غير‭ ‬القانوني‭ ‬دون‭ ‬إبلاغ‭ ‬ودون‭ ‬تنظيم،‭ ‬والهجرة‭ ‬غير‭ ‬الشرعية،‭ ‬والقرصنة‭. ‬لكنها‭ ‬كثيراً‭ ‬ما‭ ‬تفتقر‭ ‬إلى‭ ‬الموارد‭ ‬اللازمة‭ ‬لمراقبة‭ ‬مجالاتها‭ ‬البحرية‭ ‬وحمايتها‭.‬

ويقع‭ ‬على‭ ‬عاتق‭ ‬هذه‭ ‬البلدان‭ ‬مهمة‭ ‬جسيمة،‭ ‬فلو‭ ‬جمعنا‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬الساحلية‭ ‬الإفريقية،‭ ‬فإنها‭ ‬مسؤولة‭ ‬عن‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬13‭ ‬مليون‭ ‬كيلومتر‭ ‬مربع‭ ‬من‭ ‬البحار‭ ‬والمحيطات،‭ ‬وهذه‭ ‬المساحة‭ ‬تفوق‭ ‬قدرتها‭ ‬على‭ ‬تسيير‭ ‬دوريات‭ ‬بالسفن‭ ‬والطائرات‭ ‬المعتادة،‭ ‬إذ‭ ‬تمتلك‭ ‬دول‭ ‬إفريقيا‭ ‬جنوب‭ ‬الصحراء‭ ‬الكبرى‭ ‬420‭ ‬سفينة‭ ‬مصنفة‭ ‬على‭ ‬أنها‭ ‬‮«‬مقاتلات‭ ‬سطحية»؛‭ ‬أي‭ ‬سفن‭ ‬مصممة‭ ‬للحرب‭ ‬في‭ ‬المياه‭ ‬المفتوحة‭. ‬

وتدل‭ ‬قاعدة‭ ‬البيانات‭ ‬التي‭ ‬أعدتها‭ ‬مجلة‭ ‬‮«‬ميليتري‭ ‬بالانس‮»‬‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬عدد‭ ‬هذه‭ ‬السفن‭ ‬زاد‭ ‬كثيراً‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬2008،‭ ‬إذ‭ ‬بلغ‭ ‬عددها‭ ‬الإجمالي‭ ‬آنذاك‭ ‬158‭ ‬سفينة‭. ‬ولكن‭ ‬يقول‭ ‬الخبراء‭ ‬إن‭ ‬تزايد‭ ‬عدد‭ ‬السفن‭ ‬حدث‭ ‬بفضل‭ ‬قلة‭ ‬قليلة‭ ‬من‭ ‬الدول،‭ ‬ولا‭ ‬يزال‭ ‬معظمها‭ ‬يعاني‭ ‬لتأمين‭ ‬مياهها‭. ‬

وفي‭ ‬ضوء‭ ‬ذلك،‭ ‬تبحث‭ ‬الدول‭ ‬عن‭ ‬بدائل‭ ‬مجدية‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬التكلفة‭ ‬لتوسيع‭ ‬نطاق‭ ‬انتشارها‭. ‬فلجأت‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬خليج‭ ‬غينيا،‭ ‬مثل‭ ‬نيجيريا‭ ‬وساحل‭ ‬العاج،‭ ‬إلى‭ ‬الطائرات‭ ‬المسيَّرة‭ ‬لرفع‭ ‬مستوى‭ ‬الأمن‭ ‬البحري،‭ ‬وهو‭ ‬خيار‭ ‬يعينها‭ ‬على‭ ‬سد‭ ‬فجوة‭ ‬القدرات‭.‬

‭ ‬تتميز‭ ‬المسيَّرات‭ ‬التكتيكية‭ ‬بأن‭ ‬أسعارها‭ ‬ميسورة‭ ‬نسبياً،‭ ‬فتوفر‭ ‬المال،‭ ‬مقارنة‭ ‬بالتكلفة‭ ‬العالية‭ ‬للمهام‭ ‬البحرية‭ ‬الممتدة‭ ‬التي‭ ‬تتطلب‭ ‬سفناً‭ ‬وجموعاً‭ ‬من‭ ‬رجال‭ ‬البحرية‭. ‬وتمتاز‭ ‬المسيَّرات‭ ‬المجهزة‭ ‬بإلكترونيات‭ ‬الطيران‭ ‬المتقدمة‭ ‬بالمرونة‭ ‬في‭ ‬إجراء‭ ‬العمليات‭ ‬بفضل‭ ‬حمولاتها،‭ ‬إذ‭ ‬يمكنها‭ ‬حمل‭ ‬أجهزة‭ ‬استشعار‭ ‬مختلفة‭ ‬مثل‭ ‬كاميرات‭ ‬الأشعة‭ ‬تحت‭ ‬الحمراء‭ ‬النهارية‭ ‬والليلية‭ ‬والرادارات‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬خفة‭ ‬وزنها‭ ‬يجعلها‭ ‬سهلة‭ ‬النقل‭ ‬ويمكن‭ ‬تعديلها‭ ‬بما‭ ‬يتناسب‭ ‬مع‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬ظروف‭ ‬المهام‭. ‬لكنها‭ ‬ليست‭ ‬حلاً‭ ‬لكل‭ ‬شيء،‭ ‬ففيها‭ ‬مواطن‭ ‬ضعف؛‭ ‬فمداها‭ ‬محدود،‭ ‬وبطيئة‭ ‬نسبياً،‭ ‬وتحلق‭ ‬على‭ ‬ارتفاعات‭ ‬منخفضة،‭ ‬فيزيد‭ ‬تعرضها‭ ‬للأسلحة‭ ‬المضادة‭ ‬للطائرات‭. ‬لكنها‭ ‬ما‭ ‬لبثت‭ ‬رغم‭ ‬هذه‭ ‬المثالب‭ ‬أن‭ ‬أمست‭ ‬أدوات‭ ‬لا‭ ‬غنى‭ ‬عنها‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬جمع‭ ‬المعلومات‭ ‬الاستخبارية‭ ‬والمراقبة‭.‬

أداة‭ ‬تثبت‭ ‬جدواها

تستخدم‭ ‬الجيوش‭ ‬الطائرات‭ ‬المسيَّرة‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬1937،‭ ‬وذلك‭ ‬حين‭ ‬ابتكرت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬أول‭ ‬مسيَّرة‭ ‬تحلق‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬التحكم‭ ‬فيها‭ ‬بأجهزة‭ ‬اللاسلكي،‭ ‬وكان‭ ‬اسمها‭ ‬‮«‬كيرتيس‭ ‬إن‭ ‬2‭ ‬سي‭-‬2‭ ‬فليدجلينغ‮»‬،‭ ‬واستخدمتها‭ ‬لأغراض‭ ‬التدريب‭ ‬على‭ ‬الأهداف‭. ‬وابتكر‭ ‬مجلس‭ ‬الأبحاث‭ ‬العلمية‭ ‬والصناعية‭ ‬بجنوب‭ ‬إفريقيا‭ ‬أول‭ ‬طائرات‭ ‬استطلاع‭ ‬مسيَّرة‭ ‬تُستخدم‭ ‬في‭ ‬إفريقيا،‭ ‬وحلقت‭ ‬فوق‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬يُعرف‭ ‬آنذاك‭ ‬بدولة‭ ‬روديسيا‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1978‭. ‬

وتمثل‭ ‬الطائرات‭ ‬المسيَّرة‭ ‬أصولاً‭ ‬عملياتية‭ ‬مهمة‭ ‬ومتعددة‭ ‬الاستخدامات‭ ‬لجمع‭ ‬المعلومات‭ ‬الاستخبارية‭. ‬وكشفت‭ ‬دراسة‭ ‬نشرتها‭ ‬مؤسسة‭ ‬الأبحاث‭ ‬المعاصرة‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2010‭ ‬بعنوان‭ ‬‮«‬المروحيات‭ ‬المسيَّرة‭ ‬التكتيكية‭ ‬في‭ ‬العمليات‭ ‬المعاصرة‮»‬‭ ‬أن‭ ‬المسيَّرات‭ ‬التكتيكية‭ ‬تسد‭ ‬فجوات‭ ‬القدرات‭ ‬مثل‭ ‬المثابرة‭ ‬والاستقلالية‭ ‬والتوافق‭ ‬مع‭ ‬نظام‭ ‬الأسلحة‭ ‬الموجود‭ ‬على‭ ‬متنها‭. ‬ويمكن‭ ‬مراقبة‭ ‬حركة‭ ‬السفن‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬قياسي‭ ‬بفضل‭ ‬ما‭ ‬تتميز‭ ‬به‭ ‬الطائرات‭ ‬المسيَّرة‭ ‬من‭ ‬قدرة‭ ‬كبيرة‭ ‬على‭ ‬التحمل،‭ ‬ويمكنها‭ ‬حمل‭ ‬أنظمة‭ ‬التعريف‭ ‬الآلي‭ ‬التي‭ ‬أمست‭ ‬من‭ ‬أبرز‭ ‬أدوات‭ ‬الوعي‭ ‬بالمجال‭ ‬البحري‭.‬

فتسمح‭ ‬هذه‭ ‬الأدوات‭ ‬بتحديد‭ ‬وتصنيف‭ ‬أصداء‭ ‬الرادار‭ ‬غير‭ ‬المعروفة،‭ ‬وتقدم‭ ‬صورة‭ ‬مكتملة‭ ‬لحظة‭ ‬بلحظة‭ ‬للكوادر‭ ‬العاملة‭ ‬في‭ ‬مراكز‭ ‬العمليات‭ ‬البحرية‭. ‬

ومن‭ ‬دأب‭ ‬القراصنة‭ ‬أنهم‭ ‬ينشطون‭ ‬بعيداً‭ ‬عن‭ ‬الشاطئ،‭ ‬فلا‭ ‬تستطيع‭ ‬القوات‭ ‬البحرية‭ ‬وحدها‭ ‬تغطية‭ ‬هذه‭ ‬المناطق،‭ ‬ولكن‭ ‬سيتسع‭ ‬نطاق‭ ‬المناطق‭ ‬المراقبة‭ ‬عند‭ ‬استخدام‭ ‬مسيَّرات‭ ‬تكتيكية‭ ‬تستطيع‭ ‬التحمل‭ ‬عدة‭ ‬ساعات،‭ ‬ومثال‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬الفرقاطة‭ ‬‮«‬بريميير‭ ‬ميتر‭ ‬لير‮»‬‭ ‬التابعة‭ ‬للبحرية‭ ‬الفرنسية‭ ‬استفادت‭ ‬من‭ ‬الطائرات‭ ‬المسيَّرة‭ ‬في‭ ‬تحديد‭ ‬موقع‭ ‬الناقلة‭ ‬‮«‬مونجاسا‭ ‬ريفورمر‮»‬‭ ‬بعد‭ ‬تعرضها‭ ‬لهجوم‭ ‬يوم‭ ‬25‭ ‬آذار‭/‬مارس‭ ‬2023‭. ‬وبالمثل،‭ ‬تُستخدم‭ ‬الطائرات‭ ‬المسيَّرة‭ ‬في‭ ‬منظومة‭ ‬الدول‭ ‬لمراقبة‭ ‬الحدود‭ ‬البحرية‭ ‬والبرية‭.‬

فالمسيَّرات‭ ‬من‭ ‬الأدوات‭ ‬التي‭ ‬يُرجى‭ ‬نفعها‭ ‬لمساندة‭ ‬أجهزة‭ ‬إنفاذ‭ ‬القانون‭ ‬بحراً‭ ‬وردع‭ ‬الجريمة‭. ‬وتُعد‭ ‬عمليات‭ ‬حق‭ ‬الزيارة‭ ‬والصعود‭ ‬والتفتيش‭ ‬والمصادرة‭ ‬من‭ ‬أبرز‭ ‬المهام‭ ‬التي‭ ‬تقوم‭ ‬بها‭ ‬السفن‭ ‬الحربية‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬مكافحة‭ ‬الجريمة‭ ‬البحرية‭. ‬وجاء‭ ‬في‭ ‬بحث‭ ‬نشره‭ ‬اللواء‭ ‬بالبحرية‭ ‬الفرنسية‭ ‬بينوا‭ ‬دي‭ ‬غيبرت‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2019‭ ‬أن‭ ‬الطائرات‭ ‬المسيَّرة‭ ‬يمكنها‭ ‬النهوض‭ ‬بقدرات‭ ‬كل‭ ‬قطعة‭ ‬بحرية‭ ‬أثناء‭ ‬عمليات‭ ‬حق‭ ‬الزيارة‭ ‬والصعود‭ ‬والتفتيش‭ ‬والمصادرة‭ ‬عند‭ ‬استخدامها‭ ‬مع‭ ‬سائر‭ ‬الأصول‭ ‬البحرية،‭ ‬إذ‭ ‬تعطي‭ ‬رؤية‭ ‬واضحة‭ ‬وفورية‭ ‬لعملية‭ ‬الصعود‭ ‬على‭ ‬متن‭ ‬الطائرة،‭ ‬ومتابعة‭ ‬التقدم‭ ‬المحرز‭ ‬فيها،‭ ‬وتقييم‭ ‬المخاطر‭ ‬أثناء‭ ‬هذه‭ ‬العمليات‭.‬

وتسمح‭ ‬الطائرة‭ ‬المسيَّرة‭ ‬بإجراء‭ ‬المراقبة‭ ‬المستمرة‭ ‬عند‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬القراصنة‭ ‬أو‭ ‬تعقب‭ ‬سفينة‭ ‬خطفها‭ ‬قراصنة،‭ ‬وتشتد‭ ‬أهمية‭ ‬مراقبة‭ ‬السفينة‭ ‬المحتجزة‭ ‬عن‭ ‬بُعد‭ ‬في‭ ‬عمليات‭ ‬احتجاز‭ ‬الرهائن،‭ ‬إذ‭ ‬يصبح‭ ‬من‭ ‬الضروري‭ ‬عدم‭ ‬استفزاز‭ ‬القراصنة‭ ‬لإيذاء‭ ‬المختطفين‭. ‬وعلاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬تصبح‭ ‬المعلومات‭ ‬المجمَّعة‭ ‬أثناء‭ ‬هذه‭ ‬العمليات‭ ‬مفيدة‭ ‬للتقييم‭ ‬الذاتي‭ ‬والتقييمات‭ ‬التي‭ ‬تُجرى‭ ‬بعد‭ ‬العمليات،‭ ‬ولأن‭ ‬عمليات‭ ‬حق‭ ‬الزيارة‭ ‬والصعود‭ ‬والتفتيش‭ ‬والمصادرة‭ ‬تنطوي‭ ‬على‭ ‬مخاطر،‭ ‬فإن‭ ‬إبداء‭ ‬الرأي‭ ‬والملاحظات‭ ‬لا‭ ‬غنى‭ ‬عنه‭ ‬لرفع‭ ‬كفاءة‭ ‬الفريق،‭ ‬ولا‭ ‬غنى‭ ‬للفريق‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬الكفاءة،‭ ‬ولا‭ ‬سيما‭ ‬عندما‭ ‬تكون‭ ‬حياة‭ ‬الإنسان‭ ‬في‭ ‬خطر‭ ‬وتقتضي‭ ‬الضرورة‭ ‬التعجيل‭ ‬بالتحرك‭.‬

يكثر‭ ‬عدد‭ ‬القوات‭ ‬البحرية‭ ‬الإفريقية‭ ‬التي‭ ‬تستثمر‭ ‬في‭ ‬تكنولوجيا‭ ‬المسيَّرات؛‭ ‬فقد‭ ‬حصلت‭ ‬ساحل‭ ‬العاج‭ ‬مؤخراً‭ ‬على‭ ‬زورقَي‭ ‬دوريات‭ ‬سيقترنان‭ ‬بمسيَّرات‭ ‬لاستخدامهما‭ ‬في‭ ‬البحر،‭ ‬وتعتمد‭ ‬نيجيريا‭ ‬على‭ ‬الطائرات‭ ‬المسيَّرة‭ ‬في‭ ‬مشروعها‭ ‬لمكافحة‭ ‬القرصنة‭ ‬والأمن‭ ‬البحري‭ ‬المعروف‭ ‬بمشروع‭ ‬‮«‬ديب‭ ‬بلو‮»‬،‭ ‬وتستخدم‭ ‬سيشيل‭ ‬مسيَّرتَي‭ ‬مراقبة‭ ‬بعيدتَي‭ ‬المدى‭ ‬مع‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬لحماية‭ ‬مصايدها،‭ ‬وتستخدم‭ ‬البحرية‭ ‬الغانية‭ ‬ولجنة‭ ‬الحدود‭ ‬الغانية‭ ‬طائرات‭ ‬مسيَّرة‭ ‬لتعقب‭ ‬السفن‭ ‬المشبوهة‭ ‬ومراقبة‭ ‬الحدود‭ ‬البحرية‭ ‬للبلاد‭. ‬

تُستخدم‭ ‬الطائرات‭ ‬المسيَّرة‭ ‬في‭ ‬مهام‭ ‬بحرية‭ ‬شتى‭ ‬مثل‭ ‬دوريات‭ ‬الحدود‭ ‬وأمن‭ ‬الموانئ‭ ‬والبحث‭ ‬والإنقاذ‭ ‬وتفتيش‭ ‬السفن‭ ‬والبضائع‭. ‬

لفيف من كبار الشخصيات، من بينهم الرئيس السابق محمد بخاري، الثاني من اليسار، يتفقدون مسيَّرة ستُستخدم في إطار مشروع «ديب بلو» النيجيري للأمن البحري. الوكالة النيجيرية للإدارة والسلامة البحرية

الحدود‭ ‬والقيود‭ ‬المفروضة‭ ‬على‭ ‬استخدام‭ ‬المسيَّرات

تنص‭ ‬اتفاقية‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬لقانون‭ ‬البحار‭ ‬على‭ ‬حقوق‭ ‬الدول‭ ‬والتزاماتها‭ ‬في‭ ‬المجالات‭ ‬البحرية‭. ‬وفي‭ ‬المادة‭ ‬19‭ ‬منها،‭ ‬لا‭ ‬تكفل‭ ‬الاتفاقية‭ ‬حق‭ ‬‮«‬المرور‭ ‬البريء‮»‬‭ ‬للسفن‭ ‬التي‭ ‬”تطلق‭ ‬أو‭ ‬تنزل‭ ‬أو‭ ‬تحمل‭ ‬على‭ ‬متنها“‭ ‬معدة‭ ‬عسكرية‭ ‬في‭ ‬المياه‭ ‬الإقليمية‭ ‬لدولة‭ ‬ما‭. ‬ومن‭ ‬الناحية‭ ‬القانونية،‭ ‬يصعب‭ ‬تصنيف‭ ‬الطائرات‭ ‬المسيَّرة‭ ‬في‭ ‬الفئة‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تستفيد‭ ‬من‭ ‬حق‭ ‬المرور‭ ‬البريء،‭ ‬مع‭ ‬أن‭ ‬بنود‭ ‬الاتفاقية‭ ‬غير‭ ‬صريحة‭ ‬حيال‭ ‬ذلك‭. ‬ولذلك‭ ‬يقتصر‭ ‬استخدام‭ ‬المسيرات‭ ‬في‭ ‬المراقبة‭ ‬البحرية‭ ‬على‭ ‬مناطق‭ ‬السيادة‭ ‬والمناطق‭ ‬التي‭ ‬يسري‭ ‬عليها‭ ‬قانون‭ ‬أعالي‭ ‬البحار؛‭ ‬أي‭ ‬في‭ ‬المياه‭ ‬الإقليمية‭ ‬والمناطق‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الخالصة‭ ‬وأعالي‭ ‬البحار‭. ‬فلا‭ ‬بدَّ‭ ‬من‭ ‬التحلي‭ ‬باليقظة‭ ‬في‭ ‬العمليات‭ ‬التي‭ ‬تطارد‭ ‬مجرمين‭ ‬عابرين‭ ‬للحدود‭ ‬الوطنية‭ ‬تجنباً‭ ‬لانتهاك‭ ‬المجال‭ ‬الجوي‭ ‬لدول‭ ‬أخرى،‭ ‬خاصة‭ ‬أثناء‭ ‬العمليات‭ ‬القريبة‭ ‬من‭ ‬الحدود‭ ‬أو‭ ‬حدود‭ ‬المناطق‭. ‬

إن‭ ‬تطوير‭ ‬تقنيات‭ ‬الحوسبة‭ ‬والاتصالات‭ ‬يخدم‭ ‬تطوير‭ ‬المسيَّرات‭ ‬بشدة،‭ ‬وتتزايد‭ ‬المخاطر‭ ‬السيبرانية‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬لا‭ ‬تُراعي‭ ‬فيه‭ ‬هذه‭ ‬التقنيات‭ ‬حُرمة‭ ‬الحدود،‭ ‬وكثيراً‭ ‬ما‭ ‬يعتمد‭ ‬استخدام‭ ‬الطائرات‭ ‬المسيَّرة‭ ‬في‭ ‬البحر‭ ‬على‭ ‬بيانات‭ ‬الملاحة‭ ‬والأقمار‭ ‬الصناعية،‭ ‬ويمكن‭ ‬أن‭ ‬تؤدي‭ ‬الممارسات‭ ‬التخريبية‭ ‬إلى‭ ‬تعريض‭ ‬النظام‭ ‬الأساسي‭ ‬للخطر‭. ‬ومن‭ ‬أشهرها‭ ‬‮«‬انتحال‭ ‬نظام‭ ‬تحديد‭ ‬المواقع‭ ‬العالمي‮»‬،‭ ‬ويحدث‭ ‬عندما‭ ‬يُحوَّل‭ ‬أحد‭ ‬أجهزة‭ ‬نظام‭ ‬تحديد‭ ‬المواقع‭ ‬العالمي‭ ‬عن‭ ‬إحداثياته،‭ ‬كما‭ ‬ورد‭ ‬في‭ ‬تقرير‭ ‬نشره‭ ‬معهد‭ ‬الدراسات‭ ‬الأمنية‭ ‬بعنوان‭ ‬‮«‬هل‭ ‬يمكن‭ ‬لموجة‭ ‬جديدة‭ ‬من‭ ‬تكنولوجيا‭ ‬الطائرات‭ ‬المسيَّرة‭ ‬أن‭ ‬تنشر‭ ‬الأمن‭ ‬والأمان‭ ‬في‭ ‬بحار‭ ‬إفريقيا؟‮»‬‭ ‬ويمكن‭ ‬أن‭ ‬يتسبب‭ ‬هذا‭ ‬الانتحال‭ ‬في‭ ‬وقوع‭ ‬حوادث‭ ‬خطيرة‭ ‬مثل‭ ‬اصطدام‭ ‬السفن،‭ ‬ويمكن‭ ‬تفسير‭ ‬ذلك‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬عمل‭ ‬من‭ ‬أعمال‭ ‬الحرب‭. ‬كما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يستخدم‭ ‬الإرهابيون‭ ‬الهجمات‭ ‬السيبرانية‭ ‬للسيطرة‭ ‬على‭ ‬الأجهزة‭ ‬والمعدات‭ ‬بإلغاء‭ ‬برمجتها‭ ‬ثم‭ ‬إعادة‭ ‬برمجتها‭. ‬وأخيراً،‭ ‬تتسم‭ ‬البيانات‭ ‬التي‭ ‬تجمعها‭ ‬أجهزة‭ ‬الاستشعار‭ ‬بأنها‭ ‬حساسة‭ ‬ويجب‭ ‬حمايتها‭ ‬لتجنب‭ ‬الكشف‭ ‬عن‭ ‬معلومات‭ ‬سرية‭. ‬فلا‭ ‬بدَّ‭ ‬أن‭ ‬تسن‭ ‬القوات‭ ‬البحرية‭ ‬تدابير‭ ‬لتقييم‭ ‬المخاطر‭ ‬السيبرانية‭ ‬المتعلقة‭ ‬باستخدام‭ ‬الطائرات‭ ‬المسيَّرة‭ ‬في‭ ‬عملياتها‭ ‬وتقليلها‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬تعرِّض‭ ‬المهام‭ ‬وأمن‭ ‬الأجهزة‭ ‬والمعدات‭ ‬للخطر‭. ‬

طيار من القوات الجوية الأوغندية يستعد لإطلاق مسيَّرة من طراز «رافن». الجيش الأمريكي

بحرية‭ ‬المستقبل

إن‭ ‬استخدام‭ ‬الطائرات‭ ‬المسيَّرة‭ ‬في‭ ‬خليج‭ ‬غينيا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يرتقي‭ ‬بمستوى‭ ‬الموارد‭ ‬البحرية‭ ‬المعتادة‭ ‬ويساعد‭ ‬القوات‭ ‬البحرية‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬أسرع‭ ‬وأكثر‭ ‬مرونة‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬التهديدات‭. ‬وتتعلق‭ ‬المزايا‭ ‬المرتبطة‭ ‬باستخدامها‭ ‬بالأخص‭ ‬بعمليات‭ ‬الأمن‭ ‬البحري،‭ ‬مثل‭ ‬حق‭ ‬الزيارة‭ ‬والصعود‭ ‬والتفتيش‭ ‬والمصادرة‭ ‬وسائر‭ ‬المهام‭ ‬التي‭ ‬تتطلب‭ ‬من‭ ‬القوات‭ ‬البحرية‭ ‬أن‭ ‬تتمتع‭ ‬بقدرات‭ ‬جمع‭ ‬المعلومات‭ ‬الاستخبارية‭ ‬والمراقبة‭. ‬ولكن‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬استخدام‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬الجديدة‭ ‬وبالاً‭ ‬على‭ ‬القوات‭ ‬البحرية‭. ‬

ومن‭ ‬هذه‭ ‬العواقب‭ ‬فقدان‭ ‬الاهتمام‭ ‬والاستثمار‭ ‬في‭ ‬مهام‭ ‬المراقبة‭ ‬التي‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬السفن،‭ ‬ولا‭ ‬سيما‭ ‬في‭ ‬خليج‭ ‬غينيا‭ ‬الذي‭ ‬يعاني‭ ‬من‭ ‬شح‭ ‬الموارد‭. ‬ولذلك‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نتذكر‭ ‬أنه‭ ‬ينبغي‭ ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬الأدوات‭ ‬الجديدة‭ ‬لجعل‭ ‬القوة‭ ‬القتالية‭ ‬الشاملة‭ ‬أشد‭ ‬قوةً‭ ‬وبأساً،‭ ‬وليس‭ ‬استبدالها‭ ‬أو‭ ‬التخلي‭ ‬عنها‭. ‬وكما‭ ‬قال‭ ‬دي‭ ‬غيبرت‭: ‬”لا‭ ‬ينبغي‭ ‬الخضوع‭ ‬للتقنيات‭ ‬الجديدة،‭ ‬بل‭ ‬الأولى‭ ‬إتقانها‭ ‬لبناء‭ ‬بحرية‭ ‬المستقبل‭.‬“‭ ‬

يمكن‭ ‬أن‭ ‬تغدو‭ ‬التقنيات‭ ‬الجديدة‭ ‬كالمسيَّرات‭ ‬مع‭ ‬التخطيط‭ ‬المحكم‭ ‬وحُسن‭ ‬الفهم‭ ‬أداة‭ ‬مهمة‭ ‬في‭ ‬مساعدة‭ ‬رجال‭ ‬البحرية‭ ‬على‭ ‬تنفيذ‭ ‬مهمتهم‭ ‬المتمثلة‭ ‬في‭ ‬تأمين‭ ‬البحار‭ ‬لكي‭ ‬تزدهر‭ ‬حركة‭ ‬التجارة‭ ‬والسفر‭ ‬والحفاظ‭ ‬على‭ ‬الطبيعة‭ ‬وسبل‭ ‬الترفيه‭. 

وغادر‭ ‬الرائد‭ ‬بحري‭ ‬كواكو‭ ‬ضابط‭ ‬في‭ ‬البحرية‭ ‬الوطنية‭ ‬لجمهورية‭ ‬ساحل‭ ‬العاج،‭ ‬يخدم‭ ‬في‭ ‬صفوف‭ ‬القوات‭ ‬البحرية‭ ‬منذ‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬15‭ ‬عاماً‭ ‬ويقود‭ ‬بارجة،‭ ‬وحصل‭ ‬على‭ ‬شهادة‭ ‬في‭ ‬الهندسة‭ ‬في‭ ‬العمليات‭ ‬البحرية‭ ‬من‭ ‬المدرسة‭ ‬البحرية‭ ‬الملكية‭ ‬المغربية،‭ ‬كما‭ ‬أنه‭ ‬حاصل‭ ‬على‭ ‬درجة‭ ‬الماجستير‭ ‬في‭ ‬الشؤون‭ ‬البحرية‭ ‬من‭ ‬الجامعة‭ ‬البحرية‭ ‬العالمية‭ ‬في‭ ‬مالمو‭ ‬بالسويد،‭ ‬ويهتم‭ ‬بتأمين‭ ‬البحار‭ ‬بالتركيز‭ ‬على‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬البحرية‭.‬

التعليقات مغلقة.