Africa Defense Forum
Africa Defense Forum

إصلاح الحدود

الخبراء يبحثون عن حلول فيما يستغل المتطرفون والمهربون المناطق الحدودية التي تعاني من الإهمال

أسرة‭ ‬منبر‭ ‬الدفاع‭ ‬الإفريقي

كثيراً ما‭ ‬تكون‭ ‬المناطق‭ ‬الحدودية‭ ‬أرض‭ ‬الفرص‭ ‬والمخاطر،‭ ‬حيث‭ ‬تلتقي‭ ‬الثقافات،‭ ‬وحيث‭ ‬تزدهر‭ ‬التجارة‭ ‬القانونية‭ ‬وغير‭ ‬القانونية،‭ ‬وحيث‭ ‬تبدأ‭ ‬الرحلات‭ ‬أو‭ ‬تنتهي‭.‬

وبما‭ ‬أن‭ ‬المجتمعات‭ ‬الحدودية‭ ‬كثيراً‭ ‬ما‭ ‬تكون‭ ‬بعيدة‭ ‬عن‭ ‬العواصم‭ ‬الوطنية،‭ ‬فمن‭ ‬المعهود‭ ‬أنها‭ ‬تُحرم‭ ‬من‭ ‬الاستثمار،‭ ‬وتُكرِه‭ ‬التشكيلات‭ ‬العصابية‭ ‬أو‭ ‬الجماعات‭ ‬المتطرفة‭ ‬أهلها‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يفعلوا‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬يُحبون‭.‬

كتب‭ ‬المركز‭ ‬الإفريقي‭ ‬للتسوية‭ ‬البنَّاءة‭ ‬للنزاعات‭ (‬أكورد‭) ‬في‭ ‬دراسة‭ ‬حول‭ ‬إدارة‭ ‬الصراعات‭ ‬في‭ ‬المناطق‭ ‬الحدودية‭ ‬يقول‭: ‬”تتميز‭ ‬المناطق‭ ‬الحدودية‭ ‬في‭ ‬إفريقيا‭ ‬بغياب‭ ‬الدولة،‭ ‬وانعدام‭ ‬الثقة‭ ‬بين‭ ‬الأهالي‭ ‬والدولة،‭ ‬وارتفاع‭ ‬مستويات‭ ‬الجريمة‭ ‬وغياب‭ ‬الأمن‭ ‬والفقر‭.‬“

وتدل‭ ‬الأرقام‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬الحدود‭ ‬تشكل‭ ‬ثغرة‭ ‬أمنية‭. ‬إذ‭ ‬تحدث‭ ‬نسبة‭ ‬23‭ ‬‭% ‬من‭ ‬كافة‭ ‬حوادث‭ ‬العنف‭ ‬على‭ ‬مسافة‭ ‬20‭ ‬كيلومتراً‭ ‬من‭ ‬الحدود‭ ‬في‭ ‬شمال‭ ‬وغرب‭ ‬إفريقيا،‭ ‬وتزايدت‭ ‬أعمال‭ ‬العنف‭ ‬على‭ ‬الحدود‭ ‬في‭ ‬العقد‭ ‬الماضي،‭ ‬فتجاوزت‭ ‬الضعف‭ ‬بين‭ ‬عامي‭ ‬2011‭ ‬و2021،‭ ‬وفقاً‭ ‬لتقرير‭ ‬صادر‭ ‬عن‭ ‬منظمة‭ ‬التعاون‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والتنمية‭ ‬عن‭ ‬أعمال‭ ‬العنف‭ ‬على‭ ‬الحدود‭ ‬في‭ ‬شمال‭ ‬وغرب‭ ‬إفريقيا‭. ‬

وسقط‭ ‬60‭ ‬‭% ‬من‭ ‬قتلى‭ ‬العنف‭ ‬على‭ ‬مسافة‭ ‬100‭ ‬كيلومتر‭ ‬من‭ ‬الحدود‭ ‬خلال‭ ‬الستة‭ ‬أشهر‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬2021‭.‬

والواقع‭ ‬أن‭ ‬منظمة‭ ‬التعاون‭ ‬الاقتصادي‭ ‬توصلت‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬حوادث‭ ‬العنف‭ ‬تقل‭ ‬عموماً‭ ‬كلما‭ ‬ابتعدنا‭ ‬عن‭ ‬الحدود‭.‬

وجاء‭ ‬في‭ ‬تقريرها‭: ‬”تذكرنا‭ ‬كثرة‭ ‬أعمال‭ ‬العنف‭ ‬بالقرب‭ ‬من‭ ‬الحدود‭ ‬بأن‭ ‬تهريب‭ ‬الأموال‭ ‬والبشر‭ ‬والأسلحة‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬يعيننا‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬نفهم‭ ‬ارتفاع‭ ‬أعمال‭ ‬العنف‭ ‬وتراجعها‭ ‬من‭ ‬دولة‭ ‬لأخرى‭ ‬مع‭ ‬مرور‭ ‬الوقت‭.‬“

ويبقى‭ ‬السؤال‭: ‬ما‭ ‬الحل؟‭ ‬يدرس‭ ‬رجال‭ ‬الأمن‭ ‬عدة‭ ‬استراتيجيات‭ ‬لإصلاح‭ ‬الحدود‭.‬

نساء يعبرن قاع نهر فولتا الأبيض الجاف إلى مزارعهن في بوركينا فاسو من إيسكاتينغ باوسي، في باوكو، بشمال غانا. وكالة الأنباء الفرنسية/صور غيتي

الترسيم

كثيراً‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬تتفق‭ ‬الدول‭ ‬على‭ ‬مواقع‭ ‬حدودها،‭ ‬فقد‭ ‬توصلت‭ ‬دراسة‭ ‬استقصائية‭ ‬أجراها‭ ‬الاتحاد‭ ‬الإفريقي‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2015‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬دول‭ ‬القارة‭ ‬لم‭ ‬ترسم‭ ‬إلا‭ ‬29‭,‬000‭ ‬كيلومتر‭ ‬من‭ ‬حدودها‭ ‬الوطنية،‭ ‬أي‭ ‬ما‭ ‬يمثل‭ ‬35‭ ‬‭% ‬من‭ ‬إجمالي‭ ‬طول‭ ‬الحدود‭.‬

ولهذا‭ ‬الغموض‭ ‬تداعيات‭ ‬أمنية،‭ ‬إذ‭ ‬يوجد‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬100‭ ‬نزاع‭ ‬حدودي‭ ‬لم‭ ‬يُحل‭ ‬في‭ ‬أفريقيا،‭ ‬ويمكن‭ ‬أن‭ ‬تسفر‭ ‬هذه‭ ‬النزاعات‭ ‬عن‭ ‬مناوشات‭ ‬بسيطة‭ ‬بين‭ ‬الأهالي‭ ‬أو‭ ‬حرب‭ ‬شاملة‭ ‬بين‭ ‬الدول‭.‬

وغانا‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬تعمل‭ ‬على‭ ‬حل‭ ‬هذه‭ ‬المشكلة،‭ ‬إذ‭ ‬تجري‭ ‬لجنة‭ ‬الحدود‭ ‬الغانية‭ ‬عملية‭ ‬شاقة‭ ‬تتمثل‭ ‬في‭ ‬”إعادة‭ ‬تأكيد“‭ ‬حدودها‭ ‬التي‭ ‬يتجاوز‭ ‬طولها‭ ‬1‭,‬000‭ ‬كيلومتر‭ ‬مع‭ ‬توغو؛‭ ‬تتضمن‭ ‬دراسة‭ ‬الوثائق‭ ‬التاريخية‭ ‬في‭ ‬كلا‭ ‬البلدين،‭ ‬ويعود‭ ‬تاريخ‭ ‬هذه‭ ‬الوثائق‭ ‬إلى‭ ‬عشرينيات‭ ‬القرن‭ ‬العشرين،‭ ‬وكانت‭ ‬مكتوبة‭ ‬بالإنجليزية‭ ‬في‭ ‬غانا،‭ ‬وبالفرنسية‭ ‬في‭ ‬توغو‭. ‬ويعمل‭ ‬المسَّاحون‭ ‬من‭ ‬كلا‭ ‬البلدين‭ ‬على‭ ‬استبدال‭ ‬أعمدة‭ ‬ترسيم‭ ‬الحدود‭ ‬التي‭ ‬تضررت‭ ‬بسبب‭ ‬التآكل‭ ‬أو‭ ‬نُقلت‭ ‬من‭ ‬مكانها‭ ‬بسبب‭ ‬عدم‭ ‬تعميقها‭ ‬في‭ ‬الأرض‭. ‬ويزيد‭ ‬البلدان‭ ‬من‭ ‬وتيرة‭ ‬وضع‭ ‬الأعمدة‭ ‬على‭ ‬طول‭ ‬الحدود‭ ‬لتجنب‭ ‬اللبس‭ ‬والغموض‭.‬

وقال‭ ‬اللواء‭ ‬إيمانويل‭ ‬كوتيا،‭ ‬المنسق‭ ‬الوطني‭ ‬للجنة‭ ‬الحدود‭ ‬الغانية،‭ ‬لمنبر‭ ‬الدفاع‭ ‬الإفريقي‭: ‬”لا‭ ‬تستطيع‭ ‬المجتمعات‭ ‬التي‭ ‬تعيش‭ ‬على‭ ‬طول‭ ‬الحدود‭ ‬تحديد‭ ‬مكان‭ ‬الحدود‭ ‬بسبب‭ ‬المسافات‭ ‬بين‭ ‬الأعمدة؛‭ ‬فيشردون‭ ‬ويزرعون‭ ‬في‭ ‬أراضٍ‭ ‬في‭ ‬دولة‭ ‬أخرى‭ ‬أو‭ ‬يبنون‭ ‬بيوتاً‭ ‬في‭ ‬دولة‭ ‬أخرى،‭ ‬ولا‭ ‬لوم‭ ‬عليهم،‭ ‬لأنهم‭ ‬لا‭ ‬يعرفون‭.‬“

نظمت‭ ‬لجنة‭ ‬الحدود‭ ‬فعاليات‭ ‬توعية،‭ ‬ودعت‭ ‬مجموعات‭ ‬من‭ ‬الأهالي‭ ‬على‭ ‬جانبي‭ ‬الحدود‭ ‬للحوار،‭ ‬بهدف‭ ‬تثقيفهم‭ ‬بشأن‭ ‬عملية‭ ‬الحدود،‭ ‬وقال‭ ‬كوتيا‭: ‬”دعونا‭ ‬شيوخ‭ ‬القرى‭ ‬والقبائل‭ ‬في‭ ‬غانا‭ ‬وتوغو،‭ ‬داخل‭ ‬مناطق‭ ‬التجمع‭ ‬لتوعية‭ ‬الأهالي،‭ ‬لتثقيفهم؛‭ ‬ونستخدم‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام،‭ ‬والمجموعات‭ ‬الشبابية،‭ ‬والمجموعات‭ ‬النسائية،‭ ‬والحكام‭ ‬التقليديين،‭ ‬وقادة‭ ‬الرأي،‭ ‬والأجهزة‭ ‬الأمنية؛‭ ‬كل‭ ‬مَن‭ ‬يمكنهم‭ ‬مد‭ ‬يد‭ ‬العون‭ ‬لنا‭ ‬أو‭ ‬مساعدتنا‭ ‬في‭ ‬جهود‭ ‬التثقيف‭.‬“

وستقوم‭ ‬غانا‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬بإجراء‭ ‬عملية‭ ‬إعادة‭ ‬تأكيد‭ ‬الحدود‭ ‬ذاتها‭ ‬مع‭ ‬ساحل‭ ‬العاج‭ ‬وبوركينا‭ ‬فاسو‭. ‬ويعتقد‭ ‬كوتيا‭ ‬أن‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬إفريقيا‭ ‬عليها‭ ‬إنشاء‭ ‬لجان‭ ‬للحدود‭ ‬وسن‭ ‬قوانين‭ ‬لترسيمها‭.‬

فيقول‭: ‬”وغايتنا‭ ‬التصدي‭ ‬لغياب‭ ‬الأمن،‭ ‬لأنها‭ ‬من‭ ‬أسباب‭ ‬غياب‭ ‬الأمن‭.‬“

تحويل الحدود إلى جسور

ثمة‭ ‬شكوى‭ ‬مزمنة‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬الحدود‭ ‬الإفريقية‭ ‬وُضعت‭ ‬كيف‭ ‬ما‭ ‬اتفق،‭ ‬إذ‭ ‬رسمتها‭ ‬القوى‭ ‬الاستعمارية‭ ‬منذ‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬100‭ ‬عام‭ ‬دون‭ ‬إلمام‭ ‬بالثقافات‭ ‬المحلية،‭ ‬فتقسم‭ ‬الناس‭ ‬أو‭ ‬تجمعهم‭ ‬معاً‭ ‬دون‭ ‬سبب‭ ‬وجيه،‭ ‬ويجد‭ ‬الرعاة‭ ‬أنفسهم‭ ‬غير‭ ‬قادرين‭ ‬على‭ ‬السير‭ ‬بقطعانهم‭ ‬كما‭ ‬يشاؤون،‭ ‬وتُفصل‭ ‬المشاريع‭ ‬التجارية‭ ‬عن‭ ‬عملائها،‭ ‬وتنفصل‭ ‬القبائل‭ ‬والعائلات‭.‬

يعمل‭ ‬الدكتور‭ ‬وافولا‭ ‬أوكومو،‭ ‬المدير‭ ‬التنفيذي‭ ‬لمعهد‭ ‬الحدود‭ ‬بنيروبي،‭ ‬منذ‭ ‬عشرات‭ ‬السنين‭ ‬على‭ ‬صياغة‭ ‬سياسات‭ ‬مجدية‭ ‬تتعلق‭ ‬بالحدود‭. ‬وأوضح‭ ‬أن‭ ‬رجال‭ ‬الأمن‭ ‬لا‭ ‬بدَّ‭ ‬أن‭ ‬ينظروا‭ ‬إلى‭ ‬أهالي‭ ‬المجتمعات‭ ‬الحدودية‭ ‬على‭ ‬أنهم‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬الحل‭ ‬لمشكلة‭ ‬غياب‭ ‬الأمن،‭ ‬لا‭ ‬على‭ ‬أنهم‭ ‬مشكلة‭. ‬وشدد‭ ‬على‭ ‬ضرورة‭ ‬تثقيف‭ ‬مسؤولي‭ ‬الحدود‭ ‬حول‭ ‬الثقافات‭ ‬الفريدة‭ ‬لأهالي‭ ‬المناطق‭ ‬الحدودية‭.‬

وقال‭ ‬في‭ ‬ندوة‭ ‬إلكترونية‭ ‬استضافها‭ ‬مركز‭ ‬إفريقيا‭ ‬للدراسات‭ ‬الاستراتيجية‭: ‬”لا‭ ‬بدَّ‭ ‬أن‭ ‬يغير‭ ‬موظفو‭ ‬الحدود‭ ‬الأفارقة‭ ‬عقليتهم،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬تجريم‭ ‬المناطق‭ ‬الحدودية‭ ‬وتأمينها،‭ ‬ولا‭ ‬بدَّ‭ ‬أن‭ ‬ينظروا‭ ‬إلى‭ ‬أهالي‭ ‬الحدود‭ ‬على‭ ‬أنهم‭ ‬أصحاب‭ ‬مصلحة‭ ‬وشركاء‭ ‬في‭ ‬إدارتها‭.‬“

وشدد‭ ‬على‭ ‬ضرورة‭ ‬”الإدارة‭ ‬المتكاملة‭ ‬للحدود‭.‬“‭ ‬وتتضمن‭ ‬هذه‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬إنشاء‭ ‬”مراكز‭ ‬حدودية‭ ‬شاملة“‭ ‬تعمل‭ ‬فيها‭ ‬مصلحتا‭ ‬الجمارك‭ ‬والحدود‭ ‬في‭ ‬كلا‭ ‬البلدين‭ ‬معاً،‭ ‬والهدف‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬هو‭ ‬تبسيط‭ ‬وتيسير‭ ‬انتقال‭ ‬كل‭ ‬الأطراف‭ ‬المعنية‭.‬

وتكمن‭ ‬أهمية‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬43‭ ‬‭% ‬من‭ ‬سكان‭ ‬إفريقيا‭ ‬يعتمدون‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يُسمى‭ ‬‮«‬التجارة‭ ‬غير‭ ‬الرسمية‭ ‬عبر‭ ‬الحدود‮»‬‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬الدخل‭ ‬أو‭ ‬السلع‭. ‬ومن‭ ‬المعهود‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬التجارة‭ ‬تنطوي‭ ‬على‭ ‬قيام‭ ‬البائعين‭ ‬بنقل‭ ‬بضائعهم‭ ‬إلى‭ ‬أسواق‭ ‬لا‭ ‬تخضع‭ ‬لمصالح‭ ‬الجمارك‭ ‬الرسمية‭.‬

وتعمل‭ ‬بعض‭ ‬الدول‭ ‬على‭ ‬تيسير‭ ‬الحركة‭ ‬عبر‭ ‬الحدود،‭ ‬فقد‭ ‬وقعت‭ ‬بوتسوانا‭ ‬وناميبيا‭ ‬اتفاقية‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2023‭ ‬للسماح‭ ‬للمواطنين‭ ‬بعبور‭ ‬حدود‭ ‬البلدين‭ ‬البالغ‭ ‬طولها‭ ‬1‭,‬500‭ ‬كيلومتر‭ ‬دون‭ ‬جواز‭ ‬سفر،‭ ‬وحث‭ ‬الاتحاد‭ ‬الإفريقي‭ ‬دول‭ ‬القارة‭ ‬على‭ ‬تفعيل‭ ‬منطقة‭ ‬التجارة‭ ‬الحرة‭ ‬القارية‭ ‬الإفريقية،‭ ‬لأنها‭ ‬ستسهل‭ ‬التجارة‭ ‬عبر‭ ‬الحدود،‭ ‬وبروتوكول‭ ‬حرية‭ ‬انتقال‭ ‬الأفراد،‭ ‬إذ‭ ‬سيقلل‭ ‬عراقيل‭ ‬عبور‭ ‬الحدود‭ ‬أمام‭ ‬الأفارقة‭.‬

ويأمل‭ ‬أوكومو‭ ‬أن‭ ‬تتغير‭ ‬النظرة‭ ‬إلى‭ ‬الحدود‭ ‬على‭ ‬أنها‭ ‬حواجز‭ ‬إلى‭ ‬النظر‭ ‬إليها‭ ‬على‭ ‬أنها‭ ‬جسور‭ ‬لتسهيل‭ ‬انتقال‭ ‬الأفراد‭ ‬والبضائع‭.‬

وقال‭: ‬”عادةً‭ ‬ما‭ ‬يكون‭ ‬الغرض‭ ‬من‭ ‬السيطرة‭ ‬التضييق‭ ‬على‭ ‬سهولة‭ ‬الحركة‭ ‬لا‭ ‬تيسيرها؛‭ ‬وليست‭ ‬الغاية‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬حرية‭ ‬الحركة،‭ ‬وإنما‭ ‬سهولة‭ ‬الحركة،‭ ‬وهذا‭ ‬شديد‭ ‬الأهمية‭.‬“

الاهتمام بالمجتمعات

كثيراً‭ ‬ما‭ ‬تعيش‭ ‬المناطق‭ ‬الحدودية‭ ‬في‭ ‬عزلة‭ ‬حقيقةً‭ ‬ومجازاً،‭ ‬فقد‭ ‬أعدت‭ ‬منظمة‭ ‬التعاون‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والتنمية‭ ‬دراسة‭ ‬بعنوان‭ ‬‮«‬كيف‭ ‬تشكل‭ ‬الحدود‭ ‬الصراع‭ ‬في‭ ‬شمال‭ ‬وغرب‭ ‬إفريقيا‮»‬،‭ ‬خلصت‭ ‬فيها‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬المراكز‭ ‬السكانية‭ ‬في‭ ‬المناطق‭ ‬الحدودية‭ ‬في‭ ‬تشاد‭ ‬ومالي‭ ‬والنيجر‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬بها‭ ‬طرق‭ ‬معبدة‭ ‬تربطها‭ ‬بالعاصمة‭ ‬الوطنية،‭ ‬كما‭ ‬توصلت‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬المناطق‭ ‬محرومة‭ ‬من‭ ‬الخدمات‭ ‬الطبية‭ ‬والتعليمية‭ ‬والاجتماعية‭.‬

وقالت‭: ‬”تخرج‭ ‬حركات‭ ‬التمرد‭ ‬عندما‭ ‬تشعر‭ ‬المجتمعات‭ ‬الحدودية‭ ‬بالتهميش‭ ‬وتكون‭ ‬الدولة‭ ‬عاجزة‭ ‬عن‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬التماسك‭ ‬الوطني‭.‬“

لاحظ‭ ‬كوتيا‭ ‬نفس‭ ‬العوامل‭ ‬خلال‭ ‬الثلاث‭ ‬سنوات‭ ‬التي‭ ‬قضاها‭ ‬في‭ ‬رئاسة‭ ‬لجنة‭ ‬الحدود‭ ‬الغانية‭.‬

فيقول‭: ‬”تقع‭ ‬معظم‭ ‬المجتمعات‭ ‬الحدودية‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ ‬نائية،‭ ‬نسيتها‭ ‬الدول،‭ ‬ومعظمها‭ ‬محروم‭. ‬فتنظر‭ ‬الجماعات‭ ‬المتطرفة‭ ‬العنيفة‭ ‬إلى‭ ‬تلك‭ ‬المناطق‭ ‬التي‭ ‬تضم‭ ‬مجتمعات‭ ‬محرومة‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬أهلها‭ ‬أهداف‭ ‬لتجنيدهم‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬بقعة‭ ‬من‭ ‬إفريقيا،‭ ‬فيصبحوا‭ ‬أهدافاً‭ ‬لها‭.‬“

وأشار‭ ‬إلى‭ ‬مشروعين‭ ‬يُجريان‭ ‬في‭ ‬غانا‭ ‬لحل‭ ‬هذه‭ ‬المشكلة؛‭ ‬أحدهما‭ ‬بناء‭ ‬مركز‭ ‬صحي‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬فولتا‭ ‬بتمويل‭ ‬من‭ ‬المجموعة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬لدول‭ ‬غرب‭ ‬إفريقيا‭ (‬الإيكواس‭). ‬أما‭ ‬الثاني،‭ ‬فهو‭ ‬محاولة‭ ‬لتوصيل‭ ‬طريق‭ ‬لمجتمع‭ ‬يشتغل‭ ‬في‭ ‬التعدين‭ ‬غير‭ ‬الرسمي‭ ‬في‭ ‬بلدة‭ ‬تُسمى‭ ‬دولار‭ ‬باور‭ ‬بالقرب‭ ‬من‭ ‬الحدود‭ ‬مع‭ ‬ساحل‭ ‬العاج،‭ ‬يعمل‭ ‬بها‭ ‬10‭,‬000‭ ‬شخص‭ ‬في‭ ‬مناجم‭ ‬حرفية‭ ‬غير‭ ‬منظمة‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬الوصول‭ ‬إليها‭ ‬إلا‭ ‬بالدراجة‭ ‬النارية‭.‬

فيعمل‭ ‬فوج‭ ‬الهندسة‭ ‬48‭ ‬التابع‭ ‬للقوات‭ ‬المسلحة‭ ‬الغانية‭ ‬على‭ ‬إنشاء‭ ‬طريق‭ ‬بطول‭ ‬24‭ ‬كيلومتراً،‭ ‬سيساعد‭ ‬السلطات‭ ‬على‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬تلك‭ ‬المنطقة‭ ‬المعزولة‭. ‬وتأمل‭ ‬السلطات‭ ‬الغانية‭ ‬أن‭ ‬تقضي‭ ‬على‭ ‬المهربين‭ ‬والمتطرفين‭ ‬بربط‭ ‬هذه‭ ‬المنطقة‭ ‬بالعالم‭ ‬الخارجي‭.‬

ويقول‭ ‬كوتيا‭: ‬”قضية‭ ‬المجتمعات‭ ‬الحدودية‭ ‬المحرومة‭ ‬من‭ ‬أبرز‭ ‬القضايا،‭ ‬ولا‭ ‬بدَّ‭ ‬أن‭ ‬تهتم‭ ‬الحكومات‭ ‬بالمجتمعات‭ ‬الحدودية‭ ‬المحرومة‭ ‬لأنها‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تغدو‭ ‬أهدافاً‭ ‬سهلة‭ ‬للتجنيد‭ ‬في‭ ‬صفوف‭ ‬الحركات‭ ‬المتطرفة‭ ‬العنيفة،‭ ‬كما‭ ‬يمكنها‭ ‬أن‭ ‬تتخذ‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الأماكن‭ ‬ملاذات‭ ‬آمنة‭ ‬لشن‭ ‬هجماتها‭.‬“‭  ‬ً

التعليقات مغلقة.