Africa Defense Forum
Africa Defense Forum

مشاة البحرية متأهبة لترقى إلى مستوى الحدث

مشاة البحرية تتكيف مع التهديدات الناشئة من خلال التدريب والشراكات

أسرة‭ ‬منبر‭ ‬الدفاع‭ ‬الإفريقي

تضاعفت‭ ‬التهديدات‭ ‬في‭ ‬الممرات‭ ‬المائية‭ ‬الساحلية‭ ‬لإفريقيا‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة،‭ ‬إذ‭ ‬تحدث‭ ‬عمليات‭ ‬التهريب‭ ‬والقرصنة‭ ‬وتزويد‭ ‬السفن‭ ‬بالوقود‭ ‬في‭ ‬المياه‭ ‬الضحلة‭ ‬الممتدة‭ ‬من‭ ‬المحيط‭ ‬إلى‭ ‬داخل‭ ‬القارة،‭ ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬للسفن‭ ‬الكبيرة‭ ‬التابعة‭ ‬للقوات‭ ‬البحرية‭ ‬التي‭ ‬تبحر‭ ‬في‭ ‬أعالي‭ ‬البحار‭ ‬أن‭ ‬تتصدى‭ ‬لهذه‭ ‬التهديدات‭.‬

فما‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬القوات‭ ‬البحرية‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬تسلك‭ ‬سبيل‭ ‬التطور،‭ ‬فصارت‭ ‬تستثمر‭ ‬أوقاتها‭ ‬وأموالها‭ ‬في‭ ‬وحدات‭ ‬مشاة‭ ‬خفيفة‭ ‬الحركة‭ ‬وقادرة‭ ‬على‭ ‬التكيف‭. ‬وتتعدد‭ ‬أسماء‭ ‬هذه‭ ‬الوحدات‭ ‬عالية‭ ‬التدريب‭: ‬فهي‭ ‬مغاوير‭ ‬البحرية‭ ‬في‭ ‬السنغال،‭ ‬وهي‭ ‬خدمة‭ ‬الزوارق‭ ‬الخاصة‭ ‬في‭ ‬نيجيريا،‭ ‬وهي‭ ‬مشاة‭ ‬البحرية‭ ‬في‭ ‬أنغولا‭. ‬ويكمن‭ ‬الغرض‭ ‬من‭ ‬إنشائها‭ ‬في‭ ‬تشكيل‭ ‬قوة‭ ‬سريعة‭ ‬الحركة،‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬حماية‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬لمشاريع‭ ‬الطاقة‭ ‬البحرية‭ ‬أو‭ ‬مطاردة‭ ‬عصابات‭ ‬الاتجار‭ ‬في‭ ‬مستنقعات‭ ‬المنغروف‭.‬

ويقولون‭ ‬إنَّ‭ ‬السرعة‭ ‬شعارهم؛‭ ‬ذلك‭ ‬لأنَّ‭ ‬عنصر‭ ‬المفاجأة‭ ‬والتدريب‭ ‬الصارم‭ ‬والشعور‭ ‬بالغاية‭ ‬يساعدهم‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬النتائج‭ ‬المرجوة‭. ‬

يقول‭ ‬الرائد‭ ‬بحري‭ ‬سيث‭ ‬دزكباسو،‭ ‬آمر‭ ‬سرب‭ ‬الزوارق‭ ‬الخاص‭ ‬بالبحرية‭ ‬الغانية‭: ‬“هذه‭ ‬هي‭ ‬المبادئ‭ ‬التي‭ ‬تعين‭ ‬كياناً‭ ‬صغيراً‭ ‬على‭ ‬تنفيذ‭ ‬هجمات‭ ‬جرى‭ ‬العرف‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يتولاها‭ ‬كيان‭ ‬أكبر‭ ‬–‭ ‬ثلاثة‭ ‬أضعاف‭ ‬حجم‭ ‬الكيان‭ ‬الصغير‭ ‬أحياناً‭ ‬–‭ ‬وتحقيق‭ ‬النتائج‭.‬”‭ ‬

في‭ ‬تظل‭ ‬تطلع‭ ‬عدة‭ ‬بلدان‭ ‬إلى‭ ‬تنمية‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الأزرق‭ ‬–‭ ‬ويُراد‭ ‬به‭ ‬التجارة‭ ‬المرتبطة‭ ‬بالبحار‭ ‬والمحيطات‭ ‬والممرات‭ ‬النهرية‭ ‬–‭ ‬يعتقد‭ ‬المؤيدون‭ ‬لهذا‭ ‬الفكر‭ ‬أنَّ‭ ‬مشاة‭ ‬البحرية‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬لهم‭ ‬دور‭ ‬في‭ ‬حمايته؛‭ ‬ويمكنهم‭ ‬القيام‭ ‬بذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تبني‭ ‬نماذج‭ ‬تدريب‭ ‬جديدة‭ ‬وتكنولوجيا‭ ‬جديدة‭ ‬وشراكات‭ ‬جديدة‭. ‬

قال‭ ‬اللواء‭ ‬متقاعد‭ ‬بالبحرية‭ ‬السنغالية‭ ‬سامبا‭ ‬فال،‭ ‬وقد‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬الرعيل‭ ‬الأول‭ ‬لعناصر‭ ‬وحدة‭ ‬مغاوير‭ ‬البحرية‭ ‬في‭ ‬بلاده‭ ‬ويعود‭ ‬تاريخها‭ ‬إلى‭ ‬عام‭ ‬1980‭: ‬“حان‭ ‬الوقت‭ ‬للاستثمار‭ ‬في‭ ‬مشاة‭ ‬البحرية،‭ ‬فمساحة‭ ‬المسطحات‭ ‬النهرية‭ ‬والبحرية‭ ‬في‭ ‬عدة‭ ‬بلدان‭ ‬إفريقية‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬مساحة‭ ‬يابستها،‭ ‬والتهديدات‭ ‬الجديدة‭ ‬تستغل‭ ‬هذه‭ ‬المساحة‭ ‬البحرية‭ ‬والنهرية،‭ ‬فعلينا‭ ‬التوسع‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬الأعداد‭ ‬وتوظيف‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬الجديدة‭.‬”

أفراد من سرية مغاوير مشاة البحرية السنغالية يستعرضون مهارات اعتلاء السفن خلال فعاليات «ندوة قادة مشاة البحرية الإفريقية» في العاصمة السنغالية داكـار. رقيب ويليام تشوكي/مشاة البحرية الأمريكية

تشكلت‭ ‬لسد‭ ‬ثغرة

كانت‭ ‬دلتا‭ ‬النيجر‭ ‬تعاني‭ ‬من‭ ‬غياب‭ ‬القانون‭ ‬في‭ ‬مطلع‭ ‬العقد‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬الحادي‭ ‬والعشرين؛‭ ‬فتضم‭ ‬الدلتا‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬3‭,‬000‭ ‬جدول‭ ‬ومئات‭ ‬من‭ ‬الجزر‭ ‬الصغيرة،‭ ‬فكان‭ ‬أمام‭ ‬الميليشيات‭ ‬المسلحة‭ ‬أماكن‭ ‬كثيرة‭ ‬للاختباء‭ ‬فيها‭. ‬وخطفت‭ ‬العناصر‭ ‬المتشددة‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬150‭ ‬شخصاً‭ ‬وشنت‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الهجمات‭ ‬على‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬لقطاع‭ ‬النَّفط‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2007‭. ‬وتبيَّن‭ ‬أنَّ‭ ‬السفن‭ ‬والتدريبات‭ ‬التقليدية‭ ‬للقوات‭ ‬البحرية‭ ‬تعجز‭ ‬عن‭ ‬احتواء‭ ‬ذاك‭ ‬التهديد‭. ‬

أنشأت‭ ‬نيجيريا‭ ‬خدمة‭ ‬الزوارق‭ ‬الخاصة‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2006،‭ ‬وهي‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬وحدة‭ ‬من‭ ‬قوات‭ ‬النخبة‭ ‬تشكلت‭ ‬لخوض‭ ‬الحرب‭ ‬غير‭ ‬المتكافئة‭ ‬في‭ ‬البيئات‭ ‬النهرية‭. ‬

قال‭ ‬العقيد‭ ‬بحري‭ ‬أولاينكا‭ ‬أليو،‭ ‬آمر‭ ‬خدمة‭ ‬الزوارق‭ ‬الخاصة‭ ‬النيجيرية‭: ‬“لم‭ ‬تسلم‭ ‬القوات‭ ‬البحرية‭ ‬من‭ ‬التحديات؛‭ ‬وذلك‭ ‬أنك‭ ‬إذا‭ ‬كنت‭ ‬ترجو‭ ‬من‭ ‬قوات‭ ‬العمليات‭ ‬الخاصة‭ ‬أن‭ ‬تنفذ‭ ‬مهامها‭ ‬بكفاءة‭ ‬وفعالية،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬تفرد‭ ‬البيئة‭ ‬البحرية‭ ‬النيجيرية،‭ ‬فعليها‭ ‬مواصلة‭ ‬العمليات‭ ‬العسكرية‭ ‬خارج‭ ‬البيئة‭ ‬البحرية‭ ‬التقليدية‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬نهرية‭. ‬وتتصف‭ ‬العمليات‭ ‬النهرية‭ ‬في‭ ‬الغالب‭ ‬بأنها‭ ‬عمليات‭ ‬مشتركة،‭ ‬وتحتاج‭ ‬إلى‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬قدرات‭ ‬المشاة‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬تمتلكها‭ ‬القوات‭ ‬البحرية‭ ‬التقليدية‭.‬”

شكلت‭ ‬نيجيريا‭ ‬خدمة‭ ‬الزوارق‭ ‬الخاصة‭ ‬لقواتها‭ ‬البحرية‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬فرق‭ ‬البحرية‭ ‬الأمريكية‭ ‬للعمليات‭ ‬الخاصة‭ (‬نيفي‭ ‬سيلز‭) ‬وتلقت‭ ‬مساعدتها‭ ‬لإعداد‭ ‬وحدات‭ ‬التدريب‭. ‬

تشتهر‭ ‬دورة‭ ‬‮«‬قدرات‭ ‬التشغيل‭ ‬الأساسية‮»‬‭ ‬لخدمة‭ ‬الزوارق‭ ‬الخاصة‭ ‬التي‭ ‬تستمر‭ ‬لمدة‭ ‬24‭ ‬أسبوعاً‭ ‬بحزمها‭ ‬وصرامتها،‭ ‬إذ‭ ‬يُجبر‭ ‬المرشحون‭ ‬على‭ ‬تحمل‭ ‬الحرمان‭ ‬من‭ ‬النوم‭ ‬وإظهار‭ ‬قدرات‭ ‬جبارة‭ ‬في‭ ‬السباحة‭ ‬والقدرة‭ ‬على‭ ‬التحمل‭. ‬وتوسعت‭ ‬مهام‭ ‬الخدمة‭ ‬وصارت‭ ‬تتضمن‭ ‬دورات‭ ‬حول‭ ‬حرب‭ ‬الأدغال‭ ‬وحرب‭ ‬الصحراء‭ ‬والعمليات‭ ‬البرمائية‭ ‬والعمليات‭ ‬النهرية‭. ‬يمر‭ ‬سرب‭ ‬تدريبي‭ ‬باستمرار‭ ‬لإجراء‭ ‬دورات‭ ‬لفترة‭ ‬تتراوح‭ ‬من‭ ‬أربعة‭ ‬إلى‭ ‬ستة‭ ‬أسابيع‭ ‬غايتها‭ ‬صقل‭ ‬المهارات‭. ‬

تكمن‭ ‬الغاية‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬كله‭ ‬في‭ ‬استباق‭ ‬الجريمة‭ ‬البحرية‭. ‬

فيقول‭ ‬أليو‭: ‬“الدنيا‭ ‬تتغير،‭ ‬والجريمة‭ ‬البحرية‭ ‬تتطور‭ ‬باستمرار‭. ‬وما‭ ‬أن‭ ‬تضع‭ ‬استراتيجية‭ ‬حتى‭ ‬يظهر‭ ‬شيء‭ ‬آخر؛‭ ‬وستواصل‭ ‬الجريمة‭ ‬تطورها،‭ ‬وما‭ ‬عليك‭ ‬سوى‭ ‬الاستعداد‭ ‬كقوة‭ ‬مشاة‭ ‬بحرية؛‭ ‬فهذا‭ ‬هو‭ ‬السبيل‭ ‬لاستباق‭ ‬المجرم‭ ‬بـ‭ ‬10‭ ‬خطوات‭.‬”‭ ‬

شاركت‭ ‬خدمة‭ ‬الزوارق‭ ‬الخاصة‭ ‬حتى‭ ‬عام‭ ‬2022‭ ‬في‭ ‬ست‭ ‬عمليات،‭ ‬تتراوح‭ ‬من‭ ‬‮«‬عملية‭ ‬هادن‭ ‬كاي‮»‬‭ ‬في‭ ‬الشمال‭ ‬الشرقي‭ ‬لدحر‭ ‬بوكو‭ ‬حرام‭ ‬والجماعات‭ ‬الموالية‭ ‬لها،‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬عملية‭ ‬هدارين‭ ‬داجي‮»‬‭ ‬ضد‭ ‬قطَّاع‭ ‬الطرق‭ ‬في‭ ‬الشمال‭ ‬الغربي‭. ‬كما‭ ‬أرسلت‭ ‬مدربين‭ ‬إلى‭ ‬تشاد‭ ‬والنيجر‭ ‬للمساعدة‭ ‬على‭ ‬تشكيل‭ ‬وحدات‭ ‬زوارق‭ ‬لمحاربة‭ ‬عناصر‭ ‬التطرف‭ ‬والاتجار‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬بحيرة‭ ‬تشاد‭. ‬

وذكر‭ ‬أليو‭ ‬أنَّ‭ ‬مهام‭ ‬الخدمة‭ ‬تتوسع،‭ ‬فصار‭ ‬معظم‭ ‬عملها‭ ‬الآن‭ ‬على‭ ‬الأرض،‭ ‬وتعتزم‭ ‬تغيير‭ ‬اسمها‭ ‬وتصبح‭ ‬قيادة‭ ‬عمليات‭ ‬خاصة‭ ‬متكاملة‭. ‬ويعتقد‭ ‬أنَّ‭ ‬مشاة‭ ‬البحرية‭ ‬في‭ ‬نيجيريا‭ ‬يسدون‭ ‬ثغرة‭ ‬أمنية‭ ‬مهمة‭. ‬

فيقول‭: ‬“لِما‭ ‬يحدث‭ ‬براً‭ ‬دور‭ ‬في‭ ‬تشكيل‭ ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬بحراً؛‭ ‬فأنت‭ ‬ترى‭ ‬أنَّ‭ ‬القراصنة‭ ‬لا‭ ‬يعيشون‭ ‬في‭ ‬البحر،‭ ‬بل‭ ‬يأتون‭ ‬من‭ ‬مجتمع‭ ‬ساحلي،‭ ‬وتقتضي‭ ‬الضرورة‭ ‬سد‭ ‬هذه‭ ‬الثغرة‭ ‬بين‭ ‬البيئة‭ ‬البحرية‭ ‬والبيئة‭ ‬النهرية،‭ ‬وهنا‭ ‬يأتي‭ ‬دور‭ ‬مشاة‭ ‬البحرية‭.‬”‭ ‬

طلاب عسكريون يشاركون في تدريب نهري باستخدام القطع البحرية الصغيرة في «نهر بيرل» في ولاية ميسيسيبي بالولايات المتحدة. مايكل ويليامز

التوسع‭ ‬في‭ ‬التعليم

يشعر‭ ‬مشاة‭ ‬البحرية‭ ‬بحاجتهم‭ ‬إلى‭ ‬مواصلة‭ ‬التدريب‭ ‬والتعليم‭ ‬فيما‭ ‬تطالبهم‭ ‬بلادهم‭ ‬بالقيام‭ ‬بمهام‭ ‬جديدة،‭ ‬بيد‭ ‬أنَّ‭ ‬عملية‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬المهارات‭ ‬لا‭ ‬تخلو‭ ‬من‭ ‬التحديات‭.‬

أنشأت‭ ‬غانا‭ ‬سرب‭ ‬الزوارق‭ ‬الخاص‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2016،‭ ‬وهو‭ ‬متخصص‭ ‬في‭ ‬مواقف‭ ‬اعتراض‭ ‬السفن‭ ‬واعتلائها‭ ‬والسيناريوهات‭ ‬المعادية‭ ‬الأخرى‭ ‬مثل‭ ‬إنقاذ‭ ‬الرهائن‭. ‬ومن‭ ‬يمكنهم‭ ‬الانضمام‭ ‬إلى‭ ‬السرب‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬متطوعين‭ ‬من‭ ‬داخل‭ ‬البحرية‭ ‬الغانية‭ ‬يخضعون‭ ‬لعملية‭ ‬فرز‭ ‬وترشيح‭ ‬لمحاولة‭ ‬التدريب‭ ‬لمدة‭ ‬ستة‭ ‬أشهر‭.‬

ويقول‭ ‬الرائد‭ ‬دزكباسو،‭ ‬آمر‭ ‬سرب‭ ‬الزوارق‭ ‬الخاص‭ ‬التابع‭ ‬للبحرية‭ ‬الغانية،‭ ‬إنَّ‭ ‬الدورة‭ ‬التدريبية‭ ‬‮«‬مضنية‮»‬‭ ‬و«شاقة‭ ‬دراسياً‮»‬‭. ‬وأضاف‭ ‬قائلاً‭:‬‭ ‬“تُقام‭ ‬دورة‭ ‬سرب‭ ‬القوارب‭ ‬الخاص‭ ‬على‭ ‬مراحل؛‭ ‬فهي‭ ‬مصممة‭ ‬لتهيئتك‭ ‬أولاً‭ ‬للعمل‭ ‬في‭ ‬مجموعات‭ ‬صغيرة‭ ‬والتحرك‭ ‬بسرعة،‭ ‬ثم‭ ‬تنمي‭ ‬المراحل‭ ‬الأخرى‭ ‬عقليتك،‭ ‬العقلية‭ ‬اللازمة‭ ‬لتجاوز‭ ‬الظروف‭ ‬التي‭ ‬ربما‭ ‬تظن‭ ‬الوحدة‭ ‬العسكرية‭ ‬العادية‭ ‬أنها‭ ‬مستحيلة‭.‬”‭ ‬

يحضر‭ ‬عناصر‭ ‬السرب‭ ‬دورات‭ ‬مستمرة‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬مسيرتهم‭ ‬المهنية‭ ‬لصقل‭ ‬مهاراتهم،‭ ‬ومن‭ ‬المتوقع‭ ‬أن‭ ‬يكتسبوا‭ ‬جميعاً‭ ‬المهارات‭ ‬اللازمة‭ ‬ليصبحوا‭ ‬مدربين‭ ‬حتى‭ ‬يتمكنوا‭ ‬من‭ ‬تدريب‭ ‬غيرهم‭. ‬

ويقول‭ ‬دزكباسو‭ ‬إنَّ‭ ‬هذا‭ ‬التدريب‭ ‬المستمر‭ ‬يحدث‭ ‬فارقاً‭: ‬“لا‭ ‬يتعلق‭ ‬الأمر‭ ‬بالحصول‭ ‬على‭ ‬معدات‭ ‬أكثر‭ ‬تطوراً،‭ ‬بل‭ ‬بالاستفادة‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬شيء‭ ‬يتوفر‭ ‬لك‭ ‬بأفضل‭ ‬ما‭ ‬أوتيت‭ ‬من‭ ‬قدرات‭ ‬لتحقيق‭ ‬أهدافك؛‭ ‬كما‭ ‬يجعلك‭ ‬تكتسب‭ ‬الثوابت‭ ‬اللازمة‭ ‬التخطيط‭ ‬لمهام‭ ‬محددة،‭ ‬بحيث‭ ‬لا‭ ‬تشرع‭ ‬في‭ ‬تنفيذ‭ ‬مهمة‭ ‬تفوق‭ ‬قدراتك‭ ‬بكثير‭.‬”

يجري‭ ‬تحديث‭ ‬التدريب‭ ‬في‭ ‬شتى‭ ‬بقاع‭ ‬العالم،‭ ‬وبات‭ ‬التدريب‭ ‬البحري‭ ‬أكثر‭ ‬تفاعلية،‭ ‬ومناسباً‭ ‬لاحتياجات‭ ‬الفرد‭ ‬المقاتل،‭ ‬ومصمماً‭ ‬لضمان‭ ‬احتفاظ‭ ‬المتدرب‭ ‬بالمعارف‭ ‬التي‭ ‬اكتسبها‭ ‬طوال‭ ‬مسيرته‭. ‬

ويخضع‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬ضباط‭ ‬الصف‭ ‬لتدريبات‭ ‬استراتيجية‭ ‬وقيادية‭ ‬حتى‭ ‬يكونوا‭ ‬على‭ ‬أهبة‭ ‬الاستعداد‭ ‬لاتخاذ‭ ‬القرار‭ ‬عند‭ ‬قيادة‭ ‬الأسراب‭ ‬الصغيرة‭. ‬ويكتسب‭ ‬مفهوم‭ ‬تكوين‭ ‬‮«‬العريف‭ ‬الاستراتيجي‮»‬‭ ‬زخماً؛‭ ‬وهو‭ ‬ضابط‭ ‬الصف‭ ‬الذي‭ ‬يكتسب‭ ‬المهارات‭ ‬اللازمة‭ ‬للقيادة‭ ‬مثل‭ ‬الضابط‭. ‬

قال‭ ‬الرائد‭ ‬تريفور‭ ‬هول‭ ‬المتخصص‭ ‬في‭ ‬إعداد‭ ‬برامج‭ ‬تدريبية‭ ‬لمشاة‭ ‬البحرية‭ ‬الأمريكية‭: ‬“التهديدات‭ ‬دائمة‭ ‬التطور،‭ ‬ومن‭ ‬المرجح‭ ‬أن‭ ‬تقاتل‭ ‬في‭ ‬بيئة‭ ‬شديدة‭ ‬التنوع،‭ ‬وبما‭ ‬أنك‭ ‬تنتشر‭ ‬في‭ ‬أماكن‭ ‬كثيرة،‭ ‬فلن‭ ‬يوجد‭ ‬ضباط‭ ‬حولك‭ ‬لاتخاذ‭ ‬كل‭ ‬قرار،‭ ‬بل‭ ‬تُتخذ‭ ‬تلك‭ ‬القرارات‭ ‬على‭ ‬مستويات‭ ‬السرب‭ ‬أو‭ ‬دونها‭.‬”

تأتي‭ ‬السنغال‭ ‬ضمن‭ ‬البلدان‭ ‬الحريصة‭ ‬على‭ ‬الاستثمار‭ ‬في‭ ‬التعليم،‭ ‬فقد‭ ‬افتتحت‭ ‬في‭ ‬كانون‭ ‬الثاني‭/‬يناير‭ ‬2022‭ ‬‮«‬المدرسة‭ ‬البحرية‭ ‬الوطنية‮»‬‭ ‬وهي‭ ‬كلية‭ ‬بحرية‭ ‬تركز‭ ‬على‭ ‬توفير‭ ‬دورات‭ ‬تدريبية‭ ‬متطورة‭ ‬لرجال‭ ‬البحرية‭.‬

‭ ‬قال‭ ‬اللواء‭ ‬بحري‭ ‬عمر‭ ‬ويد،‭ ‬رئيس‭ ‬أركان‭ ‬البحرية‭ ‬السنغالية،‭ ‬إنَّ‭ ‬“الموارد‭ ‬البشرية”‭ ‬تشكل‭ ‬“قلب‭ ‬البحرية‭.‬”‭ ‬وأضاف‭ ‬قائلاً‭: ‬“وبالنسبة‭ ‬لنا،‭ ‬فإنَّ‭ ‬الركيزة‭ ‬الأساسية‭ ‬للأمن‭ ‬هي‭ ‬التعليم‭ ‬والتدريب‭ ‬والحفاظ‭ ‬على‭ ‬المهارات‭ ‬المكتسبة‭ ‬في‭ ‬المدرسة‭.‬”

الحرص‭ ‬على‭ ‬الشراكات

تجلت‭ ‬الشراكات‭ ‬الناشئة‭ ‬خلال‭ ‬النسخة‭ ‬الأولى‭ ‬الحضورية‭ ‬من‭ ‬‮«‬ندوة‭ ‬قادة‭ ‬مشاة‭ ‬البحرية‭ ‬الإفريقية‮»‬‭ ‬التي‭ ‬استضافتها‭ ‬داكار‭ ‬يومي‭ ‬7‭ ‬و8‭ ‬تموز‭/‬يوليو‭ ‬2022‭. ‬

فقد‭ ‬تبادل‭ ‬قادة‭ ‬القوات‭ ‬البحرية‭ ‬من‭ ‬22‭ ‬دولة‭ ‬إفريقية‭ ‬وثماني‭ ‬دول‭ ‬أخرى‭ ‬أفضل‭ ‬الممارسات‭ ‬وناقشوا‭ ‬التحديات‭ ‬المشتركة،‭ ‬وانتهت‭ ‬بالتوقيع‭ ‬على‭ ‬ميثاق‭ ‬تعهدت‭ ‬فيه‭ ‬كافة‭ ‬البلدان‭ ‬المشاركة‭ ‬بمواصلة‭ ‬تبادل‭ ‬المعلومات‭ ‬والتعاون‭ ‬في‭ ‬القضايا‭ ‬ذات‭ ‬الاهتمام‭ ‬المشترك‭. ‬

قطعت‭ ‬منطقة‭ ‬غرب‭ ‬إفريقيا‭ ‬شوطاً‭ ‬طويلاً‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬التعاون‭ ‬الإقليمي،‭ ‬إذ‭ ‬ستحتفل‭ ‬‮«‬مدونة‭ ‬ياوندي‭ ‬لقواعد‭ ‬السلوك‮»‬‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2023‭ ‬بالذكرى‭ ‬الـ‭ ‬10‭ ‬لتأسيسها،‭ ‬ويسمح‭ ‬الهيكل‭ ‬الأمني‭ ‬المنبثق‭ ‬عنها‭ ‬الآن‭ ‬بتسيير‭ ‬دوريات‭ ‬منسقة‭ ‬وحرية‭ ‬تبادل‭ ‬المعلومات‭ ‬لتعقب‭ ‬السفن‭ ‬داخل‭ ‬خليج‭ ‬غينيا‭ ‬وخارجه‭ ‬واعتراضها‭. ‬

وأشار‭ ‬المشاركون‭ ‬في‭ ‬الندوة‭ ‬إلى‭ ‬أنَّ‭ ‬إمكانيات‭ ‬التوافق‭ ‬العملياتي‭ ‬بين‭ ‬القوات‭ ‬البحرية‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬تشكل‭ ‬تحدياً‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬حواجز‭ ‬اللغة‭ ‬والعقيدة‭ ‬العسكرية‭ ‬والقوانين‭ ‬والمعدات،‭ ‬فتعرقل‭ ‬الثمار‭ ‬المرجوة‭ ‬من‭ ‬الشراكات‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الأحيان‭. ‬

ولكن‭ ‬قال‭ ‬ويد‭ ‬إنَّ‭ ‬“الثقة‭ ‬هي‭ ‬كلمة‭ ‬السر”،‭ ‬مشيراً‭ ‬إلى‭ ‬نجاح‭ ‬المنطقة‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬تلك‭ ‬الثقة‭ ‬خلال‭ ‬التعاون‭ ‬والتمارين‭ ‬المشتركة‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬ما‭ ‬يزيد‭ ‬على‭ ‬عقد‭ ‬من‭ ‬الزمان‭. ‬

وقال‭: ‬“الرغبة‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬التوافق‭ ‬العملياتي‭ ‬موجودة،‭ ‬لكن‭ ‬ضباطنا‭ ‬الذين‭ ‬يلتقون‭ ‬باستمرار‭ ‬هم‭ ‬من‭ ‬سيجعل‭ ‬هذا‭ ‬المسار‭ ‬ممكناً‭.‬”

‭ ‬وثمة‭ ‬بعض‭ ‬الشراكات‭ ‬الجديدة‭ ‬العابرة‭ ‬للمحيطات،‭ ‬إذ‭ ‬أنشأت‭ ‬مشاة‭ ‬البحرية‭ ‬البرازيلية‭ ‬مجموعة‭ ‬استشارية‭ ‬في‭ ‬ناميبيا‭ ‬وساو‭ ‬تومي‭ ‬وبرينسيبي‭ ‬وتجري‭ ‬دورات‭ ‬تدريبية‭ ‬في‭ ‬بلدان‭ ‬إفريقية‭ ‬أخرى‭. ‬وقد‭ ‬ألقى‭ ‬العقيد‭ ‬بحري‭ ‬بمشاة‭ ‬البحرية‭ ‬البرازيلية‭ ‬أندريه‭ ‬لويس‭ ‬غيمارايس‭ ‬كلمة‭ ‬خلال‭ ‬فعاليات‭ ‬الندوة،‭ ‬تحدث‭ ‬فيها‭ ‬عن‭ ‬أهمية‭ ‬التدريب‭ ‬في‭ ‬بيئات‭ ‬مختلفة‭ ‬لرفع‭ ‬كفاءة‭ ‬مشاة‭ ‬البحرية‭. ‬وشجع‭ ‬القادة‭ ‬الحاضرين‭ ‬على‭ ‬التعويل‭ ‬على‭ ‬التدريب،‭ ‬وذكر‭ ‬أنَّ‭ ‬دورة‭ ‬البرازيل‭ ‬النهرية‭ ‬الشاقة‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الأمازون‭ ‬ترحب‭ ‬بمشاة‭ ‬البحرية‭ ‬من‭ ‬شتى‭ ‬أقطار‭ ‬العالم‭. ‬

وقال‭: ‬“نصب‭ ‬تركيزنا‭ ‬في‭ ‬أحيان‭ ‬كثيرة‭ ‬على‭ ‬العتاد؛‭ ‬فكلنا‭ ‬نريد‭ ‬أفضل‭ ‬السفن‭. ‬لكننا‭ ‬لا‭ ‬نريد‭ ‬إلا‭ ‬العتاد‭ ‬المناسب‭ ‬مع‭ ‬عناصر‭ ‬تتمتع‭ ‬بالكفاءة‭ ‬ولا‭ ‬تنقطع‭ ‬عن‭ ‬التدريب‭. ‬فلا‭ ‬تجدي‭ ‬كل‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬نفعاً‭ ‬إذا‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬لديك‭ ‬في‭ ‬الوحدة‭ ‬مشاة‭ ‬بحرية‭ ‬على‭ ‬استعداد‭ ‬لتولي‭ ‬زمام‭ ‬القيادة‭.‬”‭ ‬

يرى‭ ‬فال‭ ‬صاحب‭ ‬الباع‭ ‬الطويل‭ ‬مجتمعاً‭ ‬عالمياً‭ ‬من‭ ‬قادة‭ ‬مشاة‭ ‬البحرية‭ ‬يتبلور‭ ‬في‭ ‬إفريقيا‭ ‬ويتمسك‭ ‬بهدف‭ ‬مشترك‭. ‬ويرجو‭ ‬أن‭ ‬يرى‭ ‬عملية‭ ‬تبادل‭ ‬المعرفة‭ ‬تستمر‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الاستراتيجي،‭ ‬وعلى‭ ‬المستوى‭ ‬التكتيكي‭ ‬كذلك‭. ‬

فيقول‭: ‬“لا‭ ‬غنىً‭ ‬لنا‭ ‬عنها،‭ ‬فعلينا‭ ‬تبادل‭ ‬المعرفة‭. ‬فلا‭ ‬ينبغي‭ ‬أن‭ ‬تتصرف‭ ‬كل‭ ‬دولة‭ ‬بمفردها‭ ‬في‭ ‬عصرنا؛‭ ‬وإنما‭ ‬عليها‭ ‬التعاون‭ ‬لمواجهة‭ ‬هذه‭ ‬التهديدات‭. ‬ونحتاج‭ ‬إلى‭ ‬تحالفات،‭ ‬فعلينا‭ ‬الوقوف‭ ‬في‭ ‬صف‭ ‬الباحثين‭ ‬عن‭ ‬الحق‭ ‬والأخلاق‭ ‬والديمقراطية،‭ ‬في‭ ‬سبيل‭ ‬مواجهة‭ ‬التهديدات‭ ‬التي‭ ‬تظهر‭ ‬على‭ ‬الدوام‭.‬”‭ 

التعليقات مغلقة.