Africa Defense Forum
Africa Defense Forum

السماح للديمقراطية بالازدهار

الجيوش تستطيع حماية التحولات الديمقراطية الهشَّة في أوقات الاضطرابات

أسرة‭ ‬ايه‭ ‬دي‭ ‬اف

اجتاحت احتجاجات‭ ‬الربيع‭ ‬العربي‭ ‬شمال‭ ‬إفريقيا‭ ‬والشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬في‭ ‬مطلع‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2010‭ ‬بوقوف‭ ‬المواطنين‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬الحكم‭ ‬الاستبدادي‭ ‬الذي‭ ‬دام‭ ‬لسنوات‭ ‬طوال؛‭ ‬وأسفرت‭ ‬الاحتجاجات‭ ‬عن‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬النتائج،‭ ‬بداية‭ ‬من‭ ‬الفوضى‭ ‬المستمرة‭ ‬في‭ ‬ليبيا‭ ‬إلى‭ ‬مغازلة‭ ‬الحكم‭ ‬الديمقراطي‭ ‬في‭ ‬مصر‭ ‬المجاورة‭ ‬لها‭.‬

وصلت‭ ‬أيدي‭ ‬الربيع‭ ‬العربي‭ ‬إلى‭ ‬البحرين‭ ‬والإمارات‭ ‬واليمن،‭ ‬وأشعلت‭ ‬فتيل‭ ‬الحرب‭ ‬الأهلية‭ ‬السورية‭ ‬الدموية‭ ‬التي‭ ‬ما‭ ‬تزال‭ ‬نيرانها‭ ‬مستعرة‭ ‬حتى‭ ‬يومنا‭ ‬هذا‭.‬

إلَّا‭ ‬أنَّ‭ ‬الأوضاع‭ ‬كانت‭ ‬مختلفة‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬التي‭ ‬يبلغ‭ ‬تعدادها‭ ‬12‭ ‬مليون‭ ‬نسمة‭ ‬وتقع‭ ‬بين‭ ‬الجزائر‭ ‬وليبيا،‭ ‬ويمكن‭ ‬أن‭ ‬ترجع‭ ‬هذه‭ ‬الاختلافات‭ ‬في‭ ‬جزء‭ ‬كبير‭ ‬منها‭ ‬إلى‭ ‬سمات‭ ‬الجيش‭ ‬التونسي‭ ‬وكيفية‭ ‬تعامله‭ ‬مع‭ ‬الاحتجاجات،‭ ‬فقد‭ ‬ساهمت‭ ‬القرارات‭ ‬التي‭ ‬اتخذها‭ ‬قادة‭ ‬الجيش‭ ‬في‭ ‬لحظة‭ ‬فارقة‭ ‬في‭ ‬تجنيب‭ ‬الدولة‭ ‬شر‭ ‬الحكم‭ ‬الاستبدادي‭ ‬وتوجيهها‭ ‬نحو‭ ‬حكم‭ ‬ديمقراطي‭ ‬ينعم‭ ‬بقدر‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬الاستقرار‭ ‬–‭ ‬وإن‭ ‬لم‭ ‬يبلغ‭ ‬مراتب‭ ‬المثالية‭ ‬–‭ ‬منذ‭ ‬ذلك‭ ‬الحين‭.‬

محتجون تونسيون يحملون مشاعل في تونس العاصمة لإحياء الذكرى السابعة للانتفاضة التي أطاحت بالرئيس زين العابدين بن علي وأطلقت شرارة الربيع العربي. وكالة الأنباء الفرنسية/صور غيتي

يمكن‭ ‬أن‭ ‬يقدم‭ ‬النموذج‭ ‬التونسي‭ ‬خارطة‭ ‬طريق‭ ‬قيِّمة‭ ‬للجيوش‭ ‬الأخرى؛‭ ‬فحين‭ ‬تقف‭ ‬دولة‭ ‬على‭ ‬شفا‭ ‬الديمقراطية،‭ ‬فإنَّ‭ ‬الطريقة‭ ‬التي‭ ‬ينتهجها‭ ‬جيشها‭ ‬للتحرك‭ ‬–‭ ‬أو‭ ‬الامتناع‭ ‬عن‭ ‬التحرك‭ ‬–‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تحدث‭ ‬فارقاً‭ ‬حاسماً‭.‬

كتب‭ ‬الدكتور‭ ‬ناثانيل‭ ‬ألين،‭ ‬الأستاذ‭ ‬بمركز‭ ‬إفريقيا‭ ‬للدراسات‭ ‬الاستراتيجية،‭ ‬وعالم‭ ‬السياسة‭ ‬الدكتور‭ ‬ألكسندر‭ ‬نويز،‭ ‬الباحث‭ ‬بمؤسسة‭ ‬‮«‬راند‮»‬،‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2019‭ ‬يقولان‭: ‬“يكمن‭ ‬الفارق‭ ‬بين‭ ‬التسليم‭ ‬الديمقراطي‭ ‬للسلطة‭ ‬والانتقال‭ ‬الفوضوي‭ ‬حيثما‭ ‬يكمن‭ ‬ولاء‭ ‬الجيش؛‭ ‬حين‭ ‬ناصرت‭ ‬قوات‭ ‬الأمن‭ ‬حزباً‭ ‬سياسياً‭ ‬لديكتاتور‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬المعارضة،‭ ‬كما‭ ‬في‭ ‬توجو‭ ‬وزيمبابوي،‭ ‬ظل‭ ‬النظام‭ ‬القديم‭ ‬في‭ ‬السلطة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الانقلابات‭ ‬أو‭ ‬تزوير‭ ‬الانتخابات‭. ‬ولكن‭ ‬حين‭ ‬أطاحت‭ ‬قوات‭ ‬الأمن‭ ‬بالرؤساء،‭ ‬كما‭ ‬في‭ ‬السودان‭ ‬والجزائر،‭ ‬أو‭ ‬وقفت‭ ‬على‭ ‬الحياد،‭ ‬كما‭ ‬في‭ ‬إثيوبيا‭ ‬وأنجولا،‭ ‬تبلورت‭ ‬فرص‭ ‬لتحويل‭ ‬النظام‭ ‬السياسي‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬انتخابات‭ ‬حرة‭ ‬وسلمية‭ ‬ونزيهة‭ ‬بمعنى‭ ‬الكلمة‭.‬”

تجربة‭ ‬تونس

اتخذ‭ ‬الجيش‭ ‬التونسي‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬المطاف‭ ‬الخيارات‭ ‬الأمثل‭ ‬للمواطنين‭ ‬ولآفاق‭ ‬الديمقراطية‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2011،‭ ‬ولكن‭ ‬ربما‭ ‬تكمن‭ ‬النقاط‭ ‬الأكثر‭ ‬إثارة‭ ‬في‭ ‬الدوافع‭ ‬وراء‭ ‬هذه‭ ‬الخيارات‭. ‬

يقدم‭ ‬حجم‭ ‬الجيش‭ ‬وهيكله‭ ‬وعلاقته‭ ‬بنظام‭ ‬الرئيس‭ ‬زين‭ ‬العابدين‭ ‬بن‭ ‬علي‭ ‬آنذاك‭ ‬وجهة‭ ‬نظر‭ ‬تستحق‭ ‬الدراسة‭. ‬حين‭ ‬بدأت‭ ‬الاحتجاجات‭ ‬في‭ ‬كانون‭ ‬الأول‭/‬ديسمبر‭ ‬2010،‭ ‬كانت‭ ‬القوات‭ ‬المسلَّحة‭ ‬التونسية‭ ‬الصغيرة‭ ‬–‭ ‬قوات‭ ‬نظامية‭ ‬قوامها‭ ‬نحو‭ ‬40‭,‬000‭ ‬فرد‭ ‬–‭ ‬منفصلة‭ ‬بالأساس‭ ‬عن‭ ‬نظام‭ ‬بن‭ ‬علي؛‭ ‬لأنَّ‭ ‬هذا‭ ‬المستبد‭ ‬كان‭ ‬قد‭ ‬شكَّل‭ ‬منظومة‭ ‬تبسط‭ ‬فيها‭ ‬قوات‭ ‬الشرطة‭ ‬الوطنية‭ ‬والحرس‭ ‬الرئاسي‭ ‬والوطني‭ ‬سيطرتها‭ ‬على‭ ‬معظم‭ ‬السلطة‭.‬

نجحت‭ ‬هذه‭ ‬القطيعة‭ ‬ضد‭ ‬النظام‭ ‬حين‭ ‬رفضت‭ ‬القوات‭ ‬المسلَّحة‭ ‬الوقوف‭ ‬بين‭ ‬المتظاهرين‭ ‬وبن‭ ‬علي،‭ ‬فتخلَّى‭ ‬عن‭ ‬السلطة‭ ‬ولاذ‭ ‬بالفرار‭ ‬إلى‭ ‬الخارج‭ ‬في‭ ‬كانون‭ ‬الثاني‭/‬يناير‭ ‬2011‭. ‬وبعد‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬10‭ ‬سنوات،‭ ‬وصف‭ ‬الدكتور‭ ‬شاران‭ ‬جريوال‭ ‬تونس‭ ‬بأنها‭ ‬“قصة‭ ‬النجاح‭ ‬الوحيدة”‭ ‬للربيع‭ ‬العربي،‭ ‬بفضل‭ ‬تمكنها‭ ‬من‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬ديمقراطيتها،‭ ‬مهما‭ ‬بدت‭ ‬واهنة‭.‬

وذكر‭ ‬جريوال،‭ ‬الأستاذ‭ ‬في‭ ‬كلية‭ ‬ويليام‭ ‬وماري‭ ‬بالولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬في‭ ‬مقال‭ ‬كتبه‭ ‬لمعهد‭ ‬بروكنجز‭ ‬في‭ ‬كانون‭ ‬الثاني‭/‬يناير‭ ‬2021‭ ‬أنَّ‭ ‬بن‭ ‬علي‭ ‬وسلفه،‭ ‬الحبيب‭ ‬بورقيبة،‭ ‬عوَّلا‭ ‬على‭ ‬منظومة‭ ‬أمنية‭ ‬مفتتة‭ ‬أقصت‭ ‬الجيش‭ ‬عن‭ ‬النظام‭ ‬الحاكم‭ ‬لصالح‭ ‬قوات‭ ‬الأمن‭ ‬الأخرى‭. ‬

وكتب‭ ‬جريوال‭ ‬يقول‭: ‬“كان‭ ‬هذا‭ ‬التوازن‭ ‬ميزة‭ ‬كبيرة‭ ‬خلال‭ ‬الثورة‭ ‬والعملية‭ ‬الانتقالية،‭ ‬حيث‭ ‬خذل‭ ‬الجيش‭ ‬المهمَّش‭ ‬بن‭ ‬علي‭ ‬وسمح‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬للعملية‭ ‬الانتقالية‭ ‬بالمضي‭ ‬قدماً‭ ‬دون‭ ‬أي‭ ‬مصالح‭ ‬خاصة‭. ‬وعلاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬فإنَّ‭ ‬هذا‭ ‬التوازن‭ ‬جعل‭ ‬قوى‭ ‬الأمن‭ ‬الداخلي‭ ‬لا‭ ‬تستطيع‭ ‬بمفردها،‭ ‬بدون‭ ‬الجيش،‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬بن‭ ‬علي‭ ‬أو‭ ‬القيام‭ ‬بانقلاب‭ ‬وإحباط‭ ‬العملية‭ ‬الانتقالية‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2013‭.‬”

وخلاصة‭ ‬القول‭ ‬أنَّ‭ ‬الجيش‭ ‬ساعد‭ ‬على‭ ‬تمكين‭ ‬الثورة‭ ‬ومسيرة‭ ‬الدولة‭ ‬نحو‭ ‬الديمقراطية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬نبذه‭ ‬لمرحلة‭ ‬التهميش‭ ‬التي‭ ‬عاشها‭ ‬طويلاً‭. ‬كما‭ ‬ذكر‭ ‬جريوال‭ ‬في‭ ‬مقال‭ ‬لمؤسسة‭ ‬كارنيغي‭ ‬في‭ ‬شباط‭/‬فبراير‭ ‬2016‭ ‬أنَّ‭ ‬بن‭ ‬علي‭ ‬وسلفه‭ ‬أبقيا‭ ‬على‭ ‬القوات‭ ‬المسلَّحة‭ ‬داخل‭ ‬الثكنات،‭ ‬مع‭ ‬معاناتها‭ ‬من‭ ‬نقص‭ ‬التمويل‭ ‬والمعدَّات،‭ ‬وفي‭ ‬منأىً‭ ‬عن‭ ‬مقاليد‭ ‬السلطة‭ ‬السياسية‭ ‬والاقتصادية‭. ‬

كتب‭ ‬جريوال‭ ‬لكارنيغي‭ ‬قائلاً‭: ‬“سمح‭ ‬لها‭ ‬هذا‭ ‬الوضع‭ ‬المتمثل‭ ‬في‭ ‬غياب‭ ‬المصالح‭ ‬الخاصة‭ ‬بسرعة‭ ‬الابتعاد‭ ‬عن‭ ‬بن‭ ‬علي‭ ‬بعد‭ ‬الإطاحة‭ ‬به‭ ‬في‭ ‬كانون‭ ‬الثاني‭/‬يناير‭ ‬2011،‭ ‬ثمَّ‭ ‬الابتعاد‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬عن‭ ‬التطورات‭ ‬السياسية‭ ‬الداخلية‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬جيوش‭ ‬أخرى‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭.‬”

راح‭ ‬بورقيبة‭ ‬حين‭ ‬كان‭ ‬في‭ ‬السلطة‭ ‬يعتمد‭ ‬أكثر‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬المطاف‭ ‬على‭ ‬عناصر‭ ‬من‭ ‬الجيش‭ ‬لتوفير‭ ‬الأمن،‭ ‬وتولَّى‭ ‬بعضهم‭ ‬أدواراً‭ ‬أقرب‭ ‬إلى‭ ‬السياسة‭. ‬إلَّا‭ ‬أنَّ‭ ‬بن‭ ‬علي،‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬على‭ ‬رتبة‭ ‬عميد،‭ ‬أخذ‭ ‬يرتقي‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬المناصب‭ ‬السياسية‭ ‬المدنية‭ ‬وأطاح‭ ‬ببورقيبة‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬في‭ ‬انقلاب‭ ‬ناعم‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1987‭.‬

قال‭ ‬الفريق‭ ‬أول‭ ‬متقاعد‭ ‬محمد‭ ‬سعيد‭ ‬الكاتب،‭ ‬رئيس‭ ‬أركان‭ ‬القوات‭ ‬المسلَّحة‭ ‬السابق،‭ ‬لجريوال‭: ‬“لم‭ ‬يكن‭ ‬بورقيبة‭ ‬يحب‭ ‬الجيش،‭ ‬لكنه‭ ‬كان‭ ‬يحترمه،‭ ‬وعومل‭ ‬في‭ ‬عهده‭ ‬معاملة‭ ‬أفضل‭ ‬من‭ ‬الشرطة،‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬الميزانية‭ ‬والمعدَّات‭ ‬والتدريب‭. ‬ولكن‭ ‬كانت‭ ‬الميزانية‭ ‬المخصصة‭ ‬للشرطة‭ ‬في‭ ‬عهد‭ ‬بن‭ ‬علي‭ ‬أعلى‭ ‬من‭ ‬ميزانية‭ ‬الجيش،‭ ‬وكثرت‭ ‬أعداد‭ ‬أفراد‭ ‬الشرطة،‭ ‬وكنا‭ ‬نشعر‭ ‬بتهميشنا‭.‬”

قوة‭ ‬الجيوش

كان‭ ‬بإمكان‭ ‬قادة‭ ‬الجيش‭ ‬التونسي‭ ‬أن‭ ‬يصدروا‭ ‬أوامرهم‭ ‬لعناصر‭ ‬القوات‭ ‬المسلَّحة‭ ‬بالنزول‭ ‬إلى‭ ‬الشوارع‭ ‬لسحق‭ ‬التمرد‭ ‬المدني‭ ‬بعنف‭ ‬من‭ ‬البداية؛‭ ‬وإنما‭ ‬انحاز‭ ‬الجيش‭ ‬إلى‭ ‬الشعب،‭ ‬ثمَّ‭ ‬انحاز‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬إلى‭ ‬الديمقراطية‭. ‬وبات‭ ‬لدى‭ ‬تونس‭ ‬الآن‭ ‬ما‭ ‬يسميه‭ ‬جريوال‭ ‬“واحد‭ ‬من‭ ‬أكثر‭ ‬الدساتير‭ ‬تقدمية‭ ‬في‭ ‬العالم”‭ ‬وتواصل‭ ‬رحلتها‭ ‬الطويلة‭ ‬والمعقدة‭ ‬نحو‭ ‬حكم‭ ‬ديمقراطي‭ ‬راسخ‭ ‬الأركان‭.‬

لم‭ ‬تحسب‭ ‬كافة‭ ‬الجيوش‭ ‬الإفريقية‭ ‬للأسف‭ ‬نفس‭ ‬الحسبة‭ ‬التي‭ ‬حسبتها‭ ‬تونس،‭ ‬والتاريخ‭ ‬الحديث‭ ‬حافل‭ ‬بالأمثلة‭ ‬على‭ ‬قيام‭ ‬الجيوش‭ ‬باتخاذ‭ ‬قرارات‭ ‬خاطئة‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬التدخل‭ ‬في‭ ‬الشؤون‭ ‬السياسية،‭ ‬وسجل‭ ‬الانقلابات‭ ‬في‭ ‬القارة‭ ‬خير‭ ‬دليل‭ ‬على‭ ‬ذلك‭.‬

زهور متظاهر تونسي موضوعة في فوهة بندقية أحد رجال القوات المسلَّحة خلال احتجاجات كانون الثاني/يناير 2011. صور غيتي

يتحدث‭ ‬البنك‭ ‬الإفريقي‭ ‬للتنمية‭ ‬عن‭ ‬حدوث‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬200‭ ‬انقلاب‭ ‬عسكري‭ ‬خلال‭ ‬الفترة‭ ‬من‭ ‬بداية‭ ‬حركة‭ ‬استقلال‭ ‬إفريقيا‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1960‭ ‬وحتى‭ ‬عام‭ ‬2012؛‭ ‬نجح‭ ‬منها‭ ‬نسبة‭ ‬45٪،‭ ‬فأسفرت‭ ‬عن‭ ‬تغيير‭ ‬رأس‭ ‬السلطة‭. ‬ونظرت‭ ‬الدراسة‭ ‬في‭ ‬51‭ ‬دولة‭ ‬إفريقية،‭ ‬وتوصَّلت‭ ‬إلى‭ ‬وجود‭ ‬10‭ ‬بلدان‭ ‬فحسب‭ ‬لم‭ ‬تشهد‭ ‬خلال‭ ‬هذه‭ ‬الفترة‭ ‬الزمنية‭ ‬أي‭ ‬انقلابات‭ ‬عسكرية‭ ‬سواء‭ ‬ناجحة‭ ‬أو‭ ‬محاولة‭ ‬القيام‭ ‬بها‭ ‬أو‭ ‬التخطيط‭ ‬لها،‭ ‬وهي‭: ‬بوتسوانا‭ ‬والرأس‭ ‬الأخضر‭ ‬ومصر‭ ‬وإريتريا‭ ‬وملاوي‭ ‬وموريشيوس‭ ‬والمغرب‭ ‬وناميبيا‭ ‬وجنوب‭ ‬إفريقيا‭ ‬وتونس‭. ‬ولكن‭ ‬شهدت‭ ‬مصر‭ ‬انقلاباً‭ ‬عسكرياً‭ ‬منذ‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت‭.‬

كما‭ ‬توصَّلت‭ ‬الدراسة‭ ‬إلى‭ ‬أنَّ‭ ‬نسبة‭ ‬80٪‭ ‬من‭ ‬البلدان‭ ‬التي‭ ‬شملتها‭ ‬العينة‭ ‬شهدت‭ ‬انقلاباً‭ ‬واحداً‭ ‬أو‭ ‬محاولة‭ ‬انقلاب‭ ‬واحدة‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬خلال‭ ‬هذه‭ ‬الفترة‭ ‬الزمنية‭. ‬وشهد‭ ‬ما‭ ‬يقرب‭ ‬من‭ ‬الثلثين‭ ‬–‭ ‬أي‭ ‬نسبة‭ ‬61٪‭ ‬–‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬محاولتين‭ ‬إلى‭ ‬10‭ ‬محاولات‭ ‬انقلاب‭ ‬عسكري‭.‬

ذكر‭ ‬الدكتور‭ ‬كريج‭ ‬بيلي،‭ ‬المحاضر‭ ‬في‭ ‬العلوم‭ ‬السياسية‭ ‬في‭ ‬جامعة‭ ‬ستيلينبوش‭ ‬بجنوب‭ ‬إفريقيا،‭ ‬في‭ ‬مقال‭ ‬للمركز‭ ‬الإفريقي‭ ‬للتسوية‭ ‬البنَّاءة‭ ‬للنزاعات،‭ ‬أنَّ‭ ‬الجيوش‭ ‬حين‭ ‬تتدخل‭ ‬في‭ ‬سياسات‭ ‬دولة‭ ‬ديمقراطية،‭ ‬فإنها‭ ‬تدوس‭ ‬على‭ ‬سيادة‭ ‬الشعب‭.‬

ويقول‭ ‬بيلي‭ ‬إنَّ‭ ‬الجيوش‭ ‬الإفريقية‭ ‬“عليها‭ ‬أن‭ ‬تعرف‭ ‬وتفهم‭ ‬وتتقبل”‭ ‬مكانها‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالسياسة‭: ‬“وسيؤدي‭ ‬ذلك‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬يشير‭ ‬إليه‭ ‬علماء‭ ‬العلاقات‭ ‬المدنية‭ ‬العسكرية‭ ‬بمصطلح‭ ‬‘السيطرة‭ ‬الديمقراطية’‭ ‬على‭ ‬الجيش‭. ‬ولن‭ ‬تستطيع‭ ‬الديمقراطية‭ ‬الصمود‭ ‬بدون‭ ‬تقبل‭ ‬الجيش‭ ‬لمبادئ‭ ‬السيطرة‭ ‬الديمقراطية‭.‬”

لخص‭ ‬الدكتور‭ ‬نايسون‭ ‬نجوما،‭ ‬نائب‭ ‬رئيس‭ ‬جامعة‭ ‬كوبربيلت‭ ‬الزامبية،‭ ‬المبادئ‭ ‬والمسؤوليات‭ ‬الراسخة‭ ‬للجيوش‭ ‬التي‭ ‬تتميَّز‭ ‬بالمهنية؛‭ ‬وجاء‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬مقال‭ ‬بعنوان‭ ‬‮«‬العلاقات‭ ‬المدنية‭ ‬العسكرية‭ ‬في‭ ‬إفريقيا‭: ‬الإبحار‭ ‬في‭ ‬المياه‭ ‬المجهولة‮»‬‭ ‬لمجلة‭ ‬‮«‬مراجعة‭ ‬الأمن‭ ‬الإفريقي‮»‬‭ ‬التابعة‭ ‬لمعهد‭ ‬الدراسات‭ ‬الأمنية‭. ‬فواجب‭ ‬على‭ ‬الجيوش‭:‬

  • المسؤولية‭ ‬أمام‭ ‬السلطات‭ ‬المدنية‭ ‬والمجتمع‭ ‬والأجهزة‭ ‬الرقابية‭ ‬المختصة‭.‬
  • الالتزام‭ ‬بسيادة‭ ‬القانون‭ ‬محلياً‭ ‬ودولياً‭.‬
  • إجراء‭ ‬عمليات‭ ‬التخطيط‭ ‬والميزانية‭ ‬بشفافية‭.‬
  • احترام‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬والتمسك‭ ‬بالتمدن‭ ‬الثقافي‭.‬
  • الخضوع‭ ‬للرقابة‭ ‬السياسية‭ ‬على‭ ‬المسائل‭ ‬التشغيلية‭ ‬والمالية‭.‬
  • المواظبة‭ ‬على‭ ‬التشاور‭ ‬مع‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني‭.‬
  • التصرف‭ ‬بمهنية‭ ‬واحترافية‭.‬
  • دعم‭ ‬جهود‭ ‬السلم‭ ‬والأمن‭ ‬التعاونية‭.‬

ويقول‭ ‬نجوما‭: ‬“مع‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يسهل‭ ‬دائماً‭ ‬الالتزام‭ ‬بهذه‭ ‬المبادئ،‭ ‬فقد‭ ‬تحرَّكت‭ ‬العلاقات‭ ‬المدنية‭ ‬العسكرية‭ ‬في‭ ‬إفريقيا‭ ‬وستواصل‭ ‬الاقتراب‭ ‬من‭ ‬الالتزام‭ ‬بهذه‭ ‬المبادئ؛‭ ‬ولذلك‭ ‬من‭ ‬الأهمية‭ ‬بمكان‭ ‬للجيوش‭ ‬الإفريقية‭ ‬إدراج‭ ‬برامج‭ ‬التربية‭ ‬المدنية‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬مستويات‭ ‬التعليم‭ ‬والتدريب‭ ‬لكي‭ ‬يتحسَّن‭ ‬الوعي‭ ‬بهذه‭ ‬المبادئ‭ ‬والالتزام‭ ‬بها‭.‬”

ما‭ ‬الذي‭ ‬يشعل‭ ‬ولاءات‭ ‬الجيوش؟

يشير‭ ‬ألين‭ ‬ونويز‭ ‬إلى‭ ‬خمسة‭ ‬أشياء‭ ‬يمكنها‭ ‬تبيان‭ ‬كيفية‭ ‬تصرف‭ ‬الجيوش‭ ‬وسط‭ ‬إمكانية‭ ‬التحول‭ ‬الديمقراطي؛‭ ‬سواء‭ ‬أكانت‭ ‬ستساندها‭ ‬أم‭ ‬ستقف‭ ‬في‭ ‬وجهها‭.‬

أولاً،‭ ‬كلما‭ ‬كانت‭ ‬الاحتجاجات‭ ‬الشعبية‭ ‬أكثر‭ ‬شمولاً‭ ‬وحجماً‭ ‬وسلميةً،‭ ‬قلَّت‭ ‬احتمالية‭ ‬تعامل‭ ‬القوات‭ ‬المسلَّحة‭ ‬معها‭ ‬بعنف،‭ ‬وكلما‭ ‬تلاشت‭ ‬الفوارق‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والعرقية‭ ‬والدينية‭ ‬بين‭ ‬المحتجين،‭ ‬فستقل‭ ‬احتمالية‭ ‬قمع‭ ‬الجيوش‭ ‬لهم،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬أفراد‭ ‬الجيش‭ ‬العاديون‭ ‬يمثلون‭ ‬المجتمع،‭ ‬كانت‭ ‬الحال‭ ‬كذلك‭ ‬في‭ ‬الجزائر‭ ‬وإثيوبيا‭ ‬والسودان‭.‬

ثانياً،‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬القوات‭ ‬المسلَّحة‭ ‬تمثل‭ ‬مختلف‭ ‬طوائف‭ ‬الشعب‭ ‬وتسير‭ ‬عمليات‭ ‬التجنيد‭ ‬والترقية‭ ‬في‭ ‬صفوفها‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬الجدارة،‭ ‬فإنها‭ ‬تكون‭ ‬أكثر‭ ‬استعداداً‭ ‬لمساندة‭ ‬التحول‭ ‬الديمقراطي‭. ‬

جندي زيمبابوي يحيي المدنيين في هراري بعد استقالة الرئيس روبرت موجابي الذي لبث في الحكم طويلاً في تشرين الثاني/نوفمبر 2017؛ طرد الجيش موجابي وساعد على تنصيب زعيم مدني آخر. وكالة الأنباء الفرنسية/صور غيتي

ومن‭ ‬أبرز‭ ‬النقاط‭ ‬التي‭ ‬أوضحها‭ ‬ألين‭ ‬ونويز‭ ‬هي‭ ‬أنَّ‭ ‬الجيوش‭ ‬كثيراً‭ ‬ما‭ ‬ستتصرف‭ ‬وفق‭ ‬مصالحها‭ ‬الخاصة‭. ‬ويمكن‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬للميزانيات‭ ‬والأجور‭ ‬والمعدَّات‭ ‬والظروف‭ ‬المعيشية‭ ‬وغيرها‭ ‬دور‭ ‬مؤثر‭. ‬ومن‭ ‬أمثلة‭ ‬ذلك‭ ‬تهميش‭ ‬الجيش‭ ‬التونسي‭ ‬لصالح‭ ‬قوات‭ ‬الأمن‭ ‬الأخرى،‭ ‬ولم‭ ‬يستحسن‭ ‬رجال‭ ‬القوات‭ ‬المسلَّحة‭ ‬التدخل‭ ‬ضد‭ ‬المواطنين‭. ‬وبالمثل،‭ ‬فإنَّ‭ ‬نظام‭ ‬بن‭ ‬علي‭ ‬لم‭ ‬يعوِّل‭ ‬عليهم‭ ‬أو‭ ‬يستعين‭ ‬بهم‭ ‬في‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬نفسه‭.‬

ويمكن‭ ‬لهذا‭ ‬الشعور‭ ‬بالمصالح‭ ‬الشخصية‭ ‬أن‭ ‬يقطع‭ ‬الطريق‭ ‬الآخر؛‭ ‬ومثال‭ ‬ذلك‭ ‬أنَّ‭ ‬الجيش‭ ‬في‭ ‬زيمبابوي‭ ‬على‭ ‬علاقة‭ ‬وثيقة‭ ‬بالمسؤولين‭ ‬السياسيين،‭ ‬ومع‭ ‬أنَّ‭ ‬الجيش‭ ‬خلع‭ ‬الديكتاتور‭ ‬روبرت‭ ‬موجابي‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2017‭ ‬بعدما‭ ‬لبث‭ ‬في‭ ‬الحكم‭ ‬37‭ ‬عاماً،‭ ‬فقد‭ ‬وضع‭ ‬مكانه‭ ‬مدنياً‭ ‬آخر‭ ‬على‭ ‬علاقة‭ ‬وثيقة‭ ‬به‭.‬

وكتب‭ ‬بيلي‭ ‬للمركز‭ ‬الإفريقي‭ ‬للتسوية‭ ‬البنَّاءة‭ ‬للنزاعات‭ ‬يقول‭: ‬“حافظ‭ ‬ذلك‭ ‬على‭ ‬وصولهم‭ ‬إلى‭ ‬العائدات،‭ ‬مع‭ ‬تجنيبهم‭ ‬العبء‭ ‬السياسي‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬ليصاحب‭ ‬تمسكهم‭ ‬بالسلطة‭ ‬لأجل‭ ‬غير‭ ‬مسمى‭.‬”

وكادت‭ ‬الشخصية‭ ‬التي‭ ‬اختارها‭ ‬الجيش‭ ‬لتحل‭ ‬محل‭ ‬موجابي،‭ ‬أي‭ ‬إيمرسون‭ ‬منانجاجوا،‭ ‬تجنب‭ ‬بالكاد‭ ‬جولة‭ ‬الإعادة‭ ‬في‭ ‬انتخابات‭ ‬2018‭ ‬المختلف‭ ‬عليها‭.‬

متظاهر سوداني مناهض للنظام يقبل رأس أحد رجال القوات المسلَّحة بالقرب من مقر الجيش في الخرطوم في نيسان/أبريل 2019 يوم الإطاحة بالرئيس المستبد عمر البشير في انقلاب. وكالة الأنباء الفرنسية/صور غيتي

كما‭ ‬يمكن‭ ‬للقيادات‭ ‬السياسية‭ ‬التعويل‭ ‬على‭ ‬العلاقات‭ ‬الشخصية‭ ‬مع‭ ‬القوات‭ ‬المسلَّحة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الاستعانة‭ ‬بالامتيازات‭ ‬والحوافز‭ ‬للمساعدة‭ ‬على‭ ‬توجيه‭ ‬مسؤولي‭ ‬الجيش‭ ‬المتعنتين‭ ‬نحو‭ ‬دعم‭ ‬إصلاحات‭ ‬أكثر‭ ‬اتصافاً‭ ‬بالديمقراطية‭. ‬وكانت‭ ‬تلك‭ ‬هي‭ ‬الحال‭ ‬مؤخراً‭ ‬في‭ ‬إثيوبيا،‭ ‬حيث‭ ‬أجرى‭ ‬السيد‭ ‬آبي‭ ‬أحمد،‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء،‭ ‬عدة‭ ‬تغييرات،‭ ‬كرفع‭ ‬الأحكام‭ ‬العرفية،‭ ‬والإفراج‭ ‬عن‭ ‬السجناء‭ ‬السياسيين،‭ ‬وتخفيف‭ ‬حدة‭ ‬العلاقات‭ ‬مع‭ ‬جارتها‭ ‬إريتريا؛‭ ‬وقد‭ ‬كان‭ ‬أحمد‭ ‬على‭ ‬رتبة‭ ‬عقيد‭ ‬بالجيش‭. ‬وبالمثل،‭ ‬يتوجب‭ ‬على‭ ‬المعارضة‭ ‬المدنية‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬التواصل‭ ‬بفعالية‭ ‬مع‭ ‬قوات‭ ‬الأمن‭.‬

ويقول‭ ‬آلن‭ ‬ونويز‭: ‬“ساهمت‭ ‬جماعات‭ ‬المعارضة‭ ‬في‭ ‬السودان‭ ‬في‭ ‬إنهاء‭ ‬حكم‭ [‬الرئيس‭ ‬عمر‭] ‬البشير،‭ ‬وكان‭ ‬ذلك‭ ‬جزئياً‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬مخاطبة‭ ‬قوات‭ ‬الأمن‭ ‬مباشرة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تجنب‭ ‬العنف‭ ‬والالتزام‭ ‬بالوحدة‭ ‬وإقامة‭ ‬اعتصامات‭ ‬أمام‭ ‬مقرَّات‭ ‬الجيش‭.‬”

وأخيراً،‭ ‬يغدو‭ ‬التدريب‭ ‬الخارجي‭ ‬وبناء‭ ‬القدرات‭ ‬أكثر‭ ‬فعالية‭ ‬عند‭ ‬إيلاء‭ ‬الأولوية‭ ‬للمساءلة‭ ‬والنزاهة‭ ‬المالية‭ ‬وحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬على‭ ‬التدريب‭ ‬والمعدَّات‭.‬

ليس‭ ‬الطريق‭ ‬من‭ ‬الاستبداد‭ ‬إلى‭ ‬الديمقراطية‭ ‬بالأمر‭ ‬الهيِّن؛‭ ‬فما‭ ‬تزال‭ ‬تونس‭ ‬تكافح‭ ‬في‭ ‬سبيل‭ ‬توطيد‭ ‬أركان‭ ‬إصلاحاتها‭ ‬الديمقراطية‭ ‬التي‭ ‬تحققت‭ ‬بشق‭ ‬الأنفس،‭ ‬ويقف‭ ‬السودان‭ ‬على‭ ‬حافة‭ ‬محفوفة‭ ‬بالمخاطر‭ ‬بعد‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬عامين‭ ‬من‭ ‬الإطاحة‭ ‬بديكتاتوره،‭ ‬وما‭ ‬يزال‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬أن‭ ‬يسقط‭ ‬بسهولة‭ ‬في‭ ‬الفوضى‭. ‬تقف‭ ‬الجيوش‭ ‬الإفريقية‭ ‬المبنية‭ ‬على‭ ‬المهنية‭ ‬والتدريب‭ ‬المناسب‭ ‬وحماية‭ ‬المواطنين،‭ ‬وليس‭ ‬خدمة‭ ‬نظام‭ ‬معين،‭ ‬في‭ ‬أفضل‭ ‬وضع‭ ‬لدعم‭ ‬أي‭ ‬انتقال‭ ‬ناجح‭ ‬نحو‭ ‬الديمقراطية‭. 

التعليقات مغلقة.