أسرة ايه دي اف
عند التحدث عن بناء القدرات العسكرية في إفريقيا، فيبدو أن الحديث عن الطائرات لا يلقى أهمية بسبب التكاليف الخاصة بالحصول على الطائرات المقاتلة وطائرات التدريب وطائرات الشحن.
وبعيداً عن التطبيقات العسكرية، فما يزال يشتد الاحتياج إلى قدرات النقل الجوي في أرجاء القارة، وذلك لأهميته لنقل القوات للمناطق المضطربة، وإنزال مساعدات الإغاثة للمناطق التي تتعرض للكوارث الطبيعية.
يعمل الاتحاد الإفريقي على توفير هذا الاحتياج من خلال إنشاء خلية داخل إدارة عمليات دعم السلام تسمّى مركز تنسيق الحركة القارية، ويتولى المركز الإشراف على عمليات النقل الجوي التي تساهم بها المجموعات الاقتصادية الإقليمية في القارة، وكذلك النقل الجوي قصير الأجل المتعاقد عليه، والنقل البحري التجاري، والتحركات البرية لعمليات حفظ السلام. كما أنشأ الاتحاد الإفريقي قاعدة بيانات تضم الأصول الجوية القارية التي توفرها الدول الأعضاء بهدف اكتشاف الثغرات والتعرف على الفرص المتاحة.
ويتولى المركز مهمة إدارة وتنسيق استخدام قدرات النقل الاستراتيجي المخصصة لبعثات الاتحاد الإفريقي. وكما أوضح تقرير نشره مركز إفريقيا للدراسات الاستراتيجية عام 2015، فإن الأولوية الأولى للاتحاد الإفريقي تتمثل في “الاستفادة من أصول النقل الاستراتيجي لدى الدول الأعضاء بالاتحاد الإفريقي، مع سد العجز في القدرات عن طريق التعاقد على الأصول التجارية أو الاستفادة من مساعدات الشركاء.”
وتجلّى الدليل الأول على إمكانيات المركز في التمرين العسكري «أماني إفريقيا الثاني» لعام 2015، عندما قامت طائرة نقل طراز «سي130-» من نيجيريا التي تعد من الدول الأعضاء في المجموعة الاقتصادية لبلدان غرب إفريقيا بتنفيذ مهمة نقل جوي طارئ، وذلك بنقل 100 فرد مقاتل وكمية من المواد المختلفة من القوة الاحتياطية لشرق إفريقيا.
وقال العقيد السنغالي المتقاعد مور مبو في تلك الأثناء: “نتعلم من هذا المفهوم أنه ينبغي علينا قدر المستطاع أن نستغل الموارد الإفريقية أولاً وأن نتبادل الموارد بهدف تسهيل مهام النقل الاستراتيجي، ويمكن تعزيز هذه المهام عن طريق دعم شركائنا لنا.”
ومع اتفاق الجميع على الحاجة إلى مثل هذه القدرات لتنفيذ مهام النقل الجوي، فإن العدد الفعلي للطائرات ما يزال قليلاً. فقد صدر كتاب عام 2013 بعنوان «التدخل العسكري: التأثير على القوات المسلحة في العالم لدعم التحول الديمقراطي»، المجلد الثاني، وقام على تحريره السيد دنيس بلير، مدير الاستخبارات الوطنية الأمريكية سابقاً، ويركز هذا الكتاب على حاجة إفريقيا إلى زيادة موارد النقل الجوي لديها: “يجب على الجيوش الإفريقية زيادة قدرتهم على القيام بعمليات الإمداد والتموين الجوي بشكل كبير، لكي يتمكنوا من مواجهة الأزمات البيئية والإنسانية في القارة.”
كما جاء في الكتاب: “تتطلب المجاعة والجفاف اللذان يجتاحان منطقة القرن الإفريقي تدخلاً فورياً يقتضي نقل أطنان من المواد الغذائية للمناطق النائية التي يعيش في أرجائها 9.6 مليون نسمة من الفقراء والمعدمين. وعلاوة على ذلك فإن الأمطار الموسمية الغزيرة في موزمبيق جعلت النقل الجوي وحده هو القادر على التدخل وإنقاذ أرواح المواطنين البائسين الذين يعجزون عن الانتقال إلى مناطق مرتفعة كل عام. إلّا أن معظم البلدان الإفريقية تعاني من نقص الأصول والموارد والتدريب.”
موارد إقليمية
مع انشغال إفريقيا باستعراض استراتيجيات حشد الموارد لدعم قدرات النقل الجوي، يوجد نموذج آخر بالفعل يستحق الدراسة.
يقع مقر وحدة قدرات النقل الجوي الاستراتيجي التي تأسست عام 2008 غربي المجر، وتعتبر برنامجاً مستقلاً متعدد الجنسيات يهدف إلى توفير إمكانيات نقل المعدات والأفراد لمسافات طويلة للدول الأعضاء في البرنامج ويبلغ عددهم 12 دولة، وتمتلك الوحدة وتشغّل ثلاث طائرات شحن طراز «بوينغ سي-17 غلوب ماستر 3» التي تستطيع الطيران لمسافات طويلة.
ويشترك في وحدة قدرات النقل الجوي الاستراتيجي كلٌ من بلغاريا وإستونيا والمجر وليتوانيا وهولندا والنرويج وبولندا ورومانيا وسلوفينيا والولايات المتحدة، وهي من الدول الأعضاء في منظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو)، بالإضافة إلى دولتين من الدول الأعضاء في برنامج الشراكة من أجل السلام التابع لحلف الناتو، وهما فنلندا والسويد. ويمتلك كل بلد من البلدان المشاركة حصة من ساعات الطيران التي تتيحها طائرات الوحدة، ويمكن استغلال هذه الحصة في مهام تخدم الدفاع الوطني، والالتزامات الإقليمية، وجهود الإغاثة الدولية لهذا البلد.
وقامت طائرات الوحدة في نيسان/أبريل 2020، بناءً على طلب هولندا، بنقل وحدتين ميدانيتين للعناية المركزة إلى جزيرة سينت مارتن الواقعة في البحر الكاريبي في مهمة تندرج تحت بند الاستجابة لحالات الطوارئ. وأفادت صحيفة «ديلي هيرالد» بمنطقة شمال شرقي الكاريبي أن الوحدتين يضمان ستة أسرّة للعناية المركزة، ومجهزتان بأجهزة تنفس صناعي ولوازم تسمح بإضافة ستة أسرة أخرى للعناية المركزة في جزر المملكة الهولندية الكاريبية. وكانت هذه المهمة تعتبر من الأهمية بمكان لسكان تلك الجزر لمساعدتهم على علاج مرضى فيروس كورونا (كوفيد19-).
وقد نشأ مفهوم وحدة قدرات النقل الجوي الاستراتيجي في مقر حلف الناتو عام 2006، إذ وضع مسؤولو الحلف وممثلو الدول الأعضاء تصوراً لحل مشترك من شأنه “تلبية الحاجة إلى النقل الجوي الاستراتيجي للدول الأعضاء دون الاحتياج إلى موارد اقتصادية لتوفير قدرات دائمة.” وحصلت الوحدة على طائرتها الأولى في تمّوز/يوليو 2009، ثم استلمت الطائرتين الأخريين في الأشهر التالية. وأصبحت الوحدة بنهاية عام 2012 تعتبر على أتم الاستعداد للقيام بمهام تتضمن إعادة التزود بالوقود، والإنزال الجوي للأفراد، والهبوط لتنفيذ عمليات هجومية، والعمليات في سائر الأحوال الجوية ليلاً أو نهاراً في البيئات التي تتراوح نسبة التهديدات فيها من منخفضة إلى متوسطة، وعمليات الإجلاء الطبي الجوي المحدودة.
ميزانية محدودة للنقل الجوي
اقترح الرائد رايان مكوون بالقوات الجوية الأمريكية في دراسة نُشرت عام 2019 استخدام الطائرات المجددة لتحسين قدرات النقل الجوي لدى إفريقيا، وأشار مكوون إلى أنه من الأصلح للولايات المتحدة والبلدان الأخرى التي تساعد البلدان الإفريقية لرفع قدرات النقل الجوي لديها أن تقدم هذه المساعدات على المستوى الإقليمي بدلاً من تقديمها لكل بلدٍ على حدة؛ إذ يقول: “تتطلب كل أزمة جديدة في إفريقيا القيام بالمهمة الخطيرة ذاتها والمتمثلة في الإمداد والتموين والنقل الجوي.”
وذكر مكوون أنه يجب النظر إلى النقل الجوي في إفريقيا باعتباره مورداً إقليمياً، واقترح خطة شاملة بالتعاون مع الاتحاد الإفريقي وتحت قيادته. وقال إن البلدان الإفريقية تحتاج إلى الاستفادة من “التوفر غير المسبوق” لطائرة معينة، ويقصد بذلك طائرة الشحن طراز «سي130-».
تتصف طائرة «لوكهيد سي130- هيركوليز» بأنها طائرة نقل عسكرية مزودة بأربعة محركات توربينية، وصُنعت أول ما صُنعت عام 1955، وما تزال تصدر النسخ الأحدث منها تباعاً منذ ذلك الحين. وصُممت هذه الطائرة للتكيف مع ظروف الحرب الكورية، إذ كانت الولايات المتحدة تحتاج إلى طائرة نقل متعددة الاستخدامات يمكنها نقل القوات لمسافات متوسطة والهبوط على المدرجات الرئيسية القصيرة.
وقد حصل نحو 70 بلداً على طائرات سي130- على مر السنين، وأُنتج منها ما يزيد على 2,500 طائرة، وبات يوجد ما يزيد على 40 نسخة من نموذج طائرة سي130-. وتنبأت مجلة «فوربس» الأمريكية باحتمالية أن تصبح طائرة سي130- أول طائرة عسكرية في التاريخ تستمر في الخدمة لمدة 100 عام.
وجدير بالذكر أن الولايات المتحدة تعاونت مع البلدان الإفريقية لتحسين قدرات النقل الجوي لديهم لا سيما باستخدام طائرة سي130-؛ حيث تبرّعت عام 2018 بطائرة سي130- مجددة لإثيوبيا. وأفاد موقع «ديفَنس ويب» أن مسؤولي السفارة الأمريكية قالوا إن الطائرة من شأنها “تعزيز قدرة إثيوبيا على لعب دور حيوي في بعثات حفظ السلام الإقليمية، بما يمكنها من نقل المساعدات الإنسانية إلى الأماكن التي تحتاجها في الوقت المناسب وحماية أرواح المدنيين في مناطق الصراع.”
وقامت الولايات المتحدة في كانون الثاني/يناير 2020 بتسليم حظيرة جديدة لطائرات سي130- هركيوليز للقوات الجوية النيجرية بقاعدة 201 الجوية الواقعة بالقرب من مدينة أغاديز. وذكر موقع «ديفَنس ويب» أن “النيجر ستتسلم طائرة سي130- التي كانت تخدم في القوات الجوية الأمريكية سابقاً قبل نهاية العام الجاري.” وتحمّلت الولايات المتحدة تكاليف إنشاء حظيرة الطائرات التي قام ببنائها عمال دوليون ونحو 90 شخصاً من سكان أغاديز خلال عام واحد، ويوجد بها غرفة لصيانة المحركات، ومخزن للإمدادات، ومنطقة تدريب، وغرف لقطع الغيار والبطاريات.
وأفاد موقع «ديفَنس ويب» أن الحظيرة سوف تستوعب في النهاية ما يصل إلى طائرتي نقل طراز سي130- اشترتهما القوات الجوية النيجرية مؤخراً من الولايات المتحدة.
الخيار الأمثل
توصل مكوون في دراسته إلى أن طائرة سي130- تبدو أنها الوسيلة الأمثل لتحسين قدرات النقل الجوي في إفريقيا، ويرجع ذلك جزئياً إلى أن الولايات المتحدة قد وقع اختيارها بالفعل على هذه الطائرة لتنفيذ تلك الغاية.
وكتب مكوون يقول: “لا يكاد يختلف أحد على أن طائرة سي130-، من حيث الإمكانيات المتوفرة، هي الخيار المناسب لإفريقيا. أمّا من حيث إمكانيات الشحن، وزمن الطيران، والقدرة على الهبوط على الأسطح غير المعبّدة جيداً، فإن هذه الطائرة تعتبر ضالة منطقة تعاني باستمرار من الحروب والمجاعات التي يؤججها ما يوصف بمصطلح ‘طغيان المسافة.’ وتستطيع هذه الطائرة أن تقطع مسافة تتجاوز 1,500 ميل بحري، والقدرة على نقل ما يصل إلى 20 طناً من الحمولة، والقدرة على مواءمتها للتكيف مع مهمات مختلفة، مما يجعلها الطائرة المثالية لقارة تعاني من قلة مواقع التوقف المؤقت ونقص مناطق الهبوط التي يمكن الوصول إليها، وهو الأمر الذي قد يقتضي الطيران لمسافة 1,000 ميل قبل إعادة التزود بالوقود.”
وذكر مكوون أن التكاليف السنوية لصيانة طائرة سي130- إتش (هيركوليز) تتراوح من 5 إلى 6 مليون دولار، وتعتبر هذه التكلفة قليلة نسبياً مقارنة بطائرات مماثلة.
وضعت وزارة الدفاع الأمريكية برنامج المعدات الدفاعية الزائدة بحيث يمتلك أحد البلدان أو إحدى المناطق أصلاً من الأصول العسكرية مثل الطائرات على أساس “وضعه الحالي” من خلال تحمل مسؤولية سائر تكاليف نقل هذا الأصل وإصلاحه وصيانته.
وقال مكوون إنه ينبغي للاتحاد الإفريقي أن يحذو حذو وحدة قدرات النقل الجوي الاستراتيجي لبناء قدرات النقل الجوي الإقليمي لديه؛ إذ ينبغي للاتحاد الإفريقي، شأن هذه الوحدة الموجودة في المجر، أن يختار “دولة إطارية” من شأنها أن تتولّى مسؤولية تكاليف إصلاح وصيانة طائرات سي130- التي تتبرع بها الولايات المتحدة في إحدى المناطق، على أن يضع الاتحاد الإفريقي نموذجاً للتمويل بحيث يدعم نسبة من تكاليف تشغيل الطائرة وصيانتها. وقال مكوون إنه يمكن لأحد النماذج استخدام خطة توزيع ساعات الطيران التي تتفاوض عليها الدولة المستضيفة والاتحاد الإفريقي والشركاء الآخرون في إفريقيا.
وتجدر الإشارة إلى أن منطقة جنوب الصحراء الكبرى قد عانت مالياً لصيانة طائرات النقل الخاصة بها؛ ولذلك انتهى مكوون في دراسته إلى أن الحل الوحيد لهذه المشكلة يتمثل في إيجاد طريقة جديدة لإدارة أساطيل النقل العسكري: “لن تنتهي هذه الحلقة المفرغة وسيظل النقل الجوي في منطقة جنوب الصحراء الكبرى بعيد المنال حتى يبرم الشركاء الحكوميون الإقليميون أصحاب المصالح المشتركة اتفاقيات تجمعهم معاً والتعاون مع القطاعات القادرة على إجراء أعمال الصيانة العالية المستوى.”
تكلفة إعادة طائرة إلى الخدمة
تنتج شركة «لوكهيد مارتن» الأمريكية للصناعات العسكرية طائرات النقل طراز «سي130-» منذ عام 1955؛ ولذلك قامت مجلة منبر الدفاع الإفريقي (إيه دي اف) بإجراء حوار مع السيد دنيس بليساس، نائب رئيس شركة لوكهيد مارتن لتطوير الأعمال في إفريقيا واليونان وإيطاليا وأمريكا اللاتينية، حول عملية إعادة طائرات سي130- التي خرجت من الخدمة للتحليق في السماء من جديد. وتبادلنا الأسئلة والإجابات عبر البريد الإلكتروني وقمنا بتحريرها بما يوافق الصفحات التالية.
أسرة إيه دي اف: مع العلم بعدم تطابق طائرتين متقادمتين، فكم تبلغ تكلفة إعادة طائرة طراز سي130- متقادمة كانت تتمتع بصيانة جيدة إلى الخدمة من جديد؟
بليساس: لا يعني تمتع الطائرة بصيانة جيدة أنها مطابقة لمواصفات الطيران في المجال الجوي الدولي أو أنها لا تقترب من مرحلة انتهاء فترة الخدمة بما يقتضي استبدال جزء كبير منها مثل أحد الجناحين. وفي حالة طائرات سي130- التي ظلت في الخدمة لمدة لا تقل عن 40 عاماً، فإن تكلفة إصلاح وتجديد مستودع الطائرة لمجرد إعادتها إلى الخدمة يمكن أن تتجاوز قيمة الطائرة نفسها.
أمّا آخر طائرات سي130- التي عادت إلى الخدمة، فكانت في إطار برنامج المعدات الدفاعية الزائدة الذي تشرف عليه الحكومة الأمريكية؛ بحيث قامت أطقم الصيانة بإصلاح الطائرات وتجديدها في إحدى ورش الحكومة الأمريكية بهدف تسليمها.
أسرة إيه دي اف: ما سعر طائرة سي130- مستعملة بحالة جيدة؟
بليساس: شهدنا في السنوات الأخيرة أن أسعار طائرات سي130- تتراوح من مئات الآلاف من الدولارت مقابل الطائرة المخصصة للتفكيك لاستخدام قطع غيارها، إلى متوسط يتراوح من 10 ملايين إلى 20 مليون دولار لطائرة سي130- إتش التي ظلت في الخدمة لمدة 35 عاماً ويوجد بها قمرة قيادة زجاجية جديدة.
أسرة إيه دي اف: ما إجمالي التكلفة السنوية لصيانة طائرة سي130- التي تُستخدم باستمرار؟ قال الفريق أول نورتون شوارتز، رئيس أركان القوات الجوية سابقاً، للكونجرس الأمريكي عام 2012 أن تكلفة تشغيل طائرة سي130- تبلغ 10,400 دولار في الساعة؛ فهل ما يزال هذا الرقم دقيقاً؟
بليساس: تتوقف تكلفة صيانة طائرة سي130- على عدة عوامل؛ يأتي من ضمنها:
عدد الساعات التي طارتها الطائرة كل عام.
نسبة الجاهزية التي تحتاجها الجهة المشغلة للطائرة.
حجم الأسطول.
ما إذا كانت الصيانة تتم عن طريق مرفق حكومي أو عن طريق مركز خدمات تجاري.
تقسّم تكلفة ساعة الطيران إلى تكاليف ثابتة وتكاليف متغيرة؛ حيث تشمل التكاليف الثابتة تكاليف الصيانة وعادة ما توزع على طائرات الأسطول، وعادة ما تقل هذه التكلفة في الأساطيل الكبيرة لكل طائرة نظراً لعنصر الجدوى الاقتصادية مقارنة بالأساطيل الصغيرة. أمّا التكاليف المتغيرة، فتشمل المستهلكات مثل الوقود ورواتب طاقم الطائرة.
ويعتبر تأثير نسبة الجاهزية على الصيانة من العوامل المهمة للتكاليف الثابتة؛ إذ تصل نسبة جاهزية طائرات سي130- الجديدة عند تسليمها إلى %90، ونرى أن هذه النسبة تنخفض بعد 40 عاماً من الطيران بحيث تتراوح من %50 إلى %55. وتحتاج الطائرة مع تقادمها إلى زيادة أعمال الفحص والمعاينة وقطع الغيار، في حين تواجه الجهات المشغلة أيضاً عامل تقادم قطع الغيار. ويمكن استعادة قدر من نسبة جاهزية الطائرة، إلّا أن هذا يتطلب مبالغ كبيرة.
أسرة إيه دي اف: من الذي يتولّى صيانة طائرة سي130-؟
بليساس: يمكن صيانة طائرات سي130- في الورش الحكومية، أو الهيئات التجارية التي تتعاقد معها الحكومة (غالباً ما تكون شركات طيران)، أو مراكز الخدمة المعتمدة من شركة لوكهيد مارتن. ويوجد 17 مركز خدمة لصيانة طائرة هيركيوليز في ست قارات، وتستطيع هذه المراكز تقديم خدمات الفحص والصيانة، فضلاً عن تعديل وإصلاح مستودع الطائرات. وتعتبر شركة «دينيل» الموجودة في جنوب إفريقيا مركز الخدمات الوحيد في القارة لصيانة طائرات هيركيوليز، وتتمتع هذه الشركة برصيد من الخبرات في صيانة أسطول القوات الجوية الجنوب إفريقية المكون من طائرات سي130- بي زد.
أسرة إيه دي اف: في أي مرحلة تصبح طائرة متقادمة طراز سي130- كانت تتمتع بصيانة جيدة لا تستحق البقاء في الخدمة أو إعادتها إلى الخدمة؟ فهل يعتبر عمر الطائرة العامل الرئيسي في ذلك؟
بليساس: لا يوجد حد أقصى لعمر طائرة سي130-، ولكن ثمة اعتبارات أخرى ينبغي النظر إليها عند تقييم بقاء هذه الطائرة داخل الخدمة أو خارجها.
ولننظر إلى طائرة سي130- إتش كمثال على ذلك. فقد صُنعت هذه الطائرة في الفترة من عام 1964 حتى 1996، وتصل مدة الخدمة الاقتصادية لطائرة سي130- إتش التي توجد في الخدمة مع جهة مشغلة عسكرية كبيرة إلى 40 عاماً تقريباً، وتعتمد على كيفية استخدام تلك الجهة المشغلة للطائرة وصيانتها.
وتوجد حدود قصوى للخدمة بالنسبة لهيكل/الأجزاء الهيكلية بطائرة سي130- إتش من حيث ساعات الطيران وعدد الأحداث (أي عدد مرات الهبوط). ولا ينبغي الخلط بين “الحد الأقصى للخدمة” أو “الحد الأقصى لسنوات الخدمة” أو “الحد الأقصى لمدة الخدمة” مع مدة الخدمة الاقتصادية للطائرة. وينبغي أخذ عوامل أخرى بخلاف الحدود القصوى الهيكلية بعين الاعتبار عند تقييم مدة الخدمة الاقتصادية مثل تكاليف تشغيل طائرة متقادمة وانخفاض نسبة الجاهزية بسبب أعمال الصيانة الإضافية.
حيث تنخفض نسبة جاهزية طائرات سي130- إتش مع تقادمها، وأبلغت الكثير من الجهات المشغلة العسكرية عن نسبة جاهزية تصل إلى %50 مع طائرات سي130- إتش التي ظلت في الخدمة لمدة تتراوح من 35 عاماً حتى 40 عاماً. وتؤثر أعمال الصيانة العادية وغير المتوقعة بسبب عمر الطائرة على نسبة الجاهزية تأثيراً كبيراً، وتزيد مخاوف الدعم غير المتوقع في الوقت الذي تظل فيه الطائرة داخل ورشة الصيانة وتحتاج أيضاً إلى المزيد من العمالة وقطع الغيار والدعم الهندسي؛ وهذا كله يترجم إلى انخفاض نسبة الجاهزية وزيادة التكاليف.
أسرة إيه دي اف: تتفاوت الأرقام فيما يتعلق بعدد طائرات سي130- التي ما زالت داخل الخدمة في منطقة جنوب الصحراء الكبرى؛ فهل لديكم أي تقديرات؟
بليساس: استناداً إلى قاعدة بيانات شركة لوكهيد مارتن في الوقت الحالي، فإن توزيع مشغلي طائرات سي130- في منطقة جنوب الصحراء الكبرى كالتالي: (الجدول الأول)
استناداً إلى قاعدة بيانات شركة لوكهيد مارتن في الوقت الحالي، فإن توزيع مشغلي طائرات سي130- في شمال إفريقيا كالتالي: (الجدول الثاني)
قامت البلدان التالية باستبدال طائرات سي130- إتش الخاصة بها بطائرات سي130- جيه في الأعمار المبينة:
إيطاليا – 30 عاماً
الدنمارك – 29 عاماً
النرويج – 39 عاماً
المملكة المتحدة – 35 عاماً
أستراليا – 34 عاماً
كندا – 35 عاماً
أسرة إيه دي اف: ما نوع المرافق التي ستحتاج المجموعات الإقليمية في إفريقيا إلى تشييدها لاستيعاب وصيانة طائرة أو طائرتين من طراز سي130-؟
بليساس: تحتاج الجهات المشغلة في العادة إلى حظيرة كبيرة لاستيعاب طائرة سي130-. ويتم إنشاء معظم الحظائر، من منطلق الجدوى الاقتصادي، لاستيعاب طائرتين أو أكثر، ويرجع ذلك إلى أن هذه المرافق لا تقتصر على استيعاب الطائرة للحفاظ عليها، وإنما تحتوي أيضاً على مرافق لطلاء الطائرات، ومتاجر دعم للفنيين، ومكتبة فنية، ومكان لتخزين قطع غيار الطائرات، ومساحة للمكاتب.
أسرة إيه دي اف: أوصت دراسة منشورة عام 2019 بأن تستوعب مثل هذه المرافق الإقليمية في إفريقيا ثلاث طائرات سي130- على الأقل؛ فهل ثمة جدوى اقتصادية مترتبة على هذا العدد من الطائرات؟
بليساس: ثمة جدوى اقتصادي بالطبع؛ لأنه يوجد حد أدنى من البنية التحتية اللازمة لطائرة واحدة طراز سي130-، إلّا أن زيادة عدد طائرات سي130- إلى ثلاث طائرات لا يضاعف البنية التحتية ثلاثة أضعاف. ويتمثل إجمالي البنية التحتية الثابتة لأسطول يتألف من طائرة واحدة في تكلفة كل ساعة طيران، وتتوزع تلك التكلفة في الأسطول الذي يتألف من ثلاث طائرات.
وطالما أوصى فريق تحليل التشغيل بشركة لوكهيد مارتن بامتلاك أسطول يتألف من ثلاث طائرات بحد أدنى لتحقيق الفعالية التشغيلية. وعموماً، فإنه توجد عادة طائرة قيد الصيانة، والواقع أنه لا يتوفر إلّا طائرتان لتنفيذ المهام، كما أن مهام التدريب ستؤثر على مستوى تنفيذ المهام للطائرتين.