يتطلب إيقاف الدعاية عبر الإنترنت من قبل المتطرفين أكثر من مجرد إيقاف الرسالة
أسرة ايه دي اف
لسنوات، كانت خطة مواجهة الدعاية المتطرفة واضحة: التأكيد للأتباع على أن معتقداتهم خاطئة وأنهم يعانون نتيجة لذلك. إخبارهم بأن يتخلو عن قضيتهم، وبأنهم سيحظون بحياة أفضل إذا انضموا إلى الجانب الآخر. تكرار الرسائل المضادة حسب الضرورة.
المشكلة المتعلقة بالرسائل المضادة هو أنها نادراً ما تنجح.
تقول الدكتورة كريستينا أرشيتي، مؤلفة كتاب “الإرهاب والاتصال ووسائط الإعلام الجديدة: شرح التطرف في العصر الرقمي، ”إن مؤلفي الرسائل المضادة للتطرف بحاجة إلى التخلي عن النماذج القديمة.
وتضيف أرشيتي: “في البداية، من التقارير حول كيفية مكافحة التطرف عبر الإنترنت إلى دعوات الحكومات لإزالة المواد المتطرفة من الإنترنت، كان هناك تركيز قوي على الرسائل”. “وسواء كان ذلك يعني محاربة الإرهابيين بالرسالة المضادة الصحيحة أو إزالة رسالتهم المتطرفة، فإن هذا النهج يعكس نموذجا عفا عليه الزمن بشكل مؤسف من التفاعلات بين وسائل الإعلام والعامة”.

وقالت آرشيتي إن هذا النموذج، الذي يشار إليه أحيانًا باسم “الإبرة تحت الجلد”، قد تم تطويره بعد الحرب العالمية الأولى، عندما اعتقد المنتصرون أنهم ربحوا الحرب، جزئيًا على الأقل، بسبب القوى المقنعة للدعاية.
وينظر إلى هذا النموذج على نطاق واسع بأنه بسيط وساذج. وكما اشارت آرشيتي: “بوسعنا جميعاً أن ندرك في لحظات حياتنا اليومية أننا لا نشتري كل السلع التي تحثنا الرسائل الإعلانية على شرائها”.
اليوم، يستخدم المتطرفون الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي لتجنيد الاتباع الذين هم عادة أشخاص في سن المراهقة وأوائل العشرينات من العمر. ويستخدم المتطرفون مواد مرئية عالية الجودة لإقناع هؤلاء الشباب بأنهم ضحايا للتمييز بسبب معتقداتهم.
تقول صحيفة الجارديان البريطانية: “لقد أثبتت داعش طلاقتها في استخدام مواقع يوتيوب، وتويتر، وإنستغرام، وتمبلر، وميمات الإنترنت وغيرها من وسائل التواصل الاجتماعي”. “يتم تحميل أشرطة الفيديو والصور للهواة يوميًا من قبل جنودها الاقل مرتبة، ويتم نشرها بعد ذلك على مستوى العالم، سواء من قبل المستخدمين العاديين أو المنظمات الإخبارية الرئيسية المتعطشة لصور صراع لا يمكن لكاميراتها الوصول إليها”.
وتوجد هذه الجماهير المستهدفة في مناطق العالم التي تكون فيها فرص العمل للشباب قليلة والتي يكون فيها عدم رضا كبير عن الحكومة والوضع الراهن. لقد تم إشراك الحكومات ومتخصصي تكنولوجيا المعلومات في المعركة، حيث تم إجبارهم على اضطروا محاولة إيقاف رسائل المتطرفين مع محاولة تطوير رسائل مضادة.
لكن الرسائل المضادة معقدة. يجب صياغة الرسائل بشكل يجعلها تتضمن التعاطف والصلة بالجمهور المستهدف. يجب أن يكون للرسائل المضادة لمسة شخصية، ويجب أن تشير إلى أن عقيدة المتطرفين تستند إلى الأكاذيب والتشويهات.
نهج الغريزة الأولى
ويقول الباحثون إن نهج الغريزة الأولى لمواجهة رسائل المتطرفين على الإنترنت قد ركزت على الحلول التقنية، وعلى النظرية القائلة بأن إزالة أو حجب مثل هذه المواد سوف يحل المشكلة. في دراستهما الصادرة عام 2009 بعنوا “مكافحة التطرف عبر الإنترنت، استراتيجية للعمل”، يقول الباحثان تيم ستيفنز والدكتور بيتر ر. نيومان أن مثل هذا النهج التقني“ قد يكون فجاً ومكلفاً وقد يؤدي إلى نتائج عكسية”.
واضاف ستيفنز ونيومان أن أي استراتيجية تهدف إلى مكافحة التطرف عبر الإنترنت يجب أن تخلق بيئة لا يصبح فيها إنشاء واستهلاك مثل هذه الرسائل أكثر صعوبة من الناحية الفنية فحسب ولكه يصبح أيضاً امراً غير مقبول وغير مرغوب فيه. وأشارا إلى أنه لا يمكن للحكومات وحدها وقف الرسائل المتطرفة عبر الإنترنت. “من المهم للغاية الاستفادة من المساهمات المحتملة لجميع أصحاب المصلحة، بما في ذلك شركات الإنترنت ومستخدمي الإنترنت”. وأوصوا أيضا بما يلي:
ردع المنتجين: من شأن الاستخدام الانتقائي لإغلاقات مواقع الإنترنت ووسائل الإعلام الاجتماعية، إلى جانب ملاحقة المنتجين المسؤولين، “أن يشير إلى أن الأفراد المتورطين في التطرف على شبكة الإنترنت ليسوا خارج نطاق القانون”.
تمكين المجتمعات عبر الإنترنت: من شأن إنشاء “فريق لمستخدمي الإنترنت” من أجل تحسين آليات الإبلاغ وإجراءات الشكاوى أن يعطي المستخدمين صوتا فيما يتعلق باستراتيجية مكافحة التطرف.
الحد من جاذبية الرسالة قال المؤلفان، “يجب إيلاء المزيد من الاهتمام لمحو الأمية الإعلامية، وهناك حاجة ماسة إلى اتباع نهج شامل في هذا المجال”.
