Africa Defense Forum
Africa Defense Forum

وضع المبادئ قبل السلطة

لقد‭ ‬استخدم‭ ‬أعظم‭ ‬القادة‭ ‬في‭ ‬أفريقيا‭ ‬مجموعة‭ ‬متنوعة‭ ‬من‭ ‬الطرق‭ ‬للحكم،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬تفويض‭ ‬السلطة‭ ‬والقيادة‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬كونهم‭ ‬مثال‭ ‬يحتذى‭ ‬به‭.‬

أسرة‭ ‬ايه‭ ‬دي‭ ‬اف

في سيرته‭ ‬الذاتية،‭ ‬ذكر‭ ‬نيلسون‭ ‬مانديلا‭ ‬كيف‭ ‬التقى‭ ‬برئيس‭ ‬تنزانيا‭ ‬في‭ ‬مارس‭ ‬1990‭.‬

‭”‬وصلنا‭ ‬إلى‭ ‬دار‭ ‬السلام‭ … ‬والتقيت‭ ‬بجوليوس‭ ‬نيريري،‭ ‬أول‭ ‬رئيس‭ ‬للبلاد‭ ‬حديث‭ ‬الاستقلال‭”‬،‭ ‬وذلك‭ ‬بحسب‭ ‬ما‭ ‬كتبه‭ ‬مانديلا‭ ‬في‭ ‬كتابه‭ “‬المسيرة‭ ‬الطويلة‭ ‬نحو‭ ‬الحرية‭”. ‬ويضيف،‭ “‬تحدثنا‭ ‬في‭ ‬منزله‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬كبيرًا‭ ‬على‭ ‬الإطلاق،‭ ‬وأذكر‭ ‬أنه‭ ‬قاد‭ ‬سيارته‭ ‬بنفسه‭ ‬وأنها‭ ‬كانت‭ ‬سيارة‭ ‬بسيطة،‭ ‬أوستن‭ ‬صغيرة‭. ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬أثار‭ ‬أعجابي،‭ ‬لأنه‭ ‬دلَّ‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬كان‭ ‬رجل‭ ‬من‭ ‬الشعب‭”.‬

كان‭ ‬لقاء‭ ‬الرجلان‭ ‬أمراً‭ ‬لا‭ ‬مفر‭ ‬منه،‭ ‬فقد‭ ‬كان‭ ‬مانديلا‭ ‬ونيريري‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬القادة‭ ‬الأكثر‭ ‬إثارة‭ ‬للإعجاب‭ ‬في‭ ‬عصرهما،‭ ‬وما‭ ‬زالا‭ ‬يمثلان‭ ‬المعايير‭ ‬الذهبية‭ ‬للأخلاق‭ ‬والشرف‭ ‬في‭ ‬القيادة‭. ‬ومن‭ ‬الصعب‭ ‬دراسة‭ ‬تاريخ‭ ‬أي‭ ‬من‭ ‬الرجلين‭ ‬دون‭ ‬العثور‭ ‬على‭ ‬إشارة‭ ‬إلى‭ ‬الرجل‭ ‬الآخر‭.‬

يقول‭ ‬بول‭ ‬نانتوليا،‭ ‬من‭ ‬المركز‭ ‬الإفريقي‭ ‬للدراسات‭ ‬الاستراتيجية،‭ “‬إن‭ ‬قوتهما‭ ‬كمثالين‭ ‬تُظهر‭ ‬كيف‭ ‬قام‭ ‬القادة‭ ‬الأخلاقيين‭ ‬بقيادة‭ ‬دولهم‭ ‬بعيداً‭ ‬عن‭ ‬الانقسامات‭ ‬الداخلية‭ ‬نحو‭ ‬الاستقرار‭ ‬وكيف‭ ‬أصبحت‭ ‬الأعراف‭ ‬الأخلاقية‭ ‬راسخة‭ ‬في‭ ‬الأجهزة‭ ‬الأمنية‭ ‬التي‭ ‬خلفوها‭ ‬وراءهم‭”.‬

إن‭ ‬احترام‭ ‬الأخلاق‭ ‬في‭ ‬الحكم‭ ‬يمثل‭ ‬تحد‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم‭. ‬ففي‭ ‬مارس‭ ‬2001،‭ ‬أصدر‭ ‬مجلس‭ ‬القيادة‭ ‬الأفريقي‭ “‬إعلان‭ ‬مومباسا‭”‬،‭ ‬وهو‭ ‬بيان‭ ‬يؤكد‭ ‬على‭ ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬وجود‭ ‬حكومات‭ ‬نزيهة‭ ‬ومختصة‭ ‬في‭ ‬إفريقيا‭.‬

رئيس جنوب افريقيا السابق نيلسون مانديلا مع نسخة من تمثال قدم له في جوهانسبرغ في عام 2006.
وكالة أسوشيتد برس

يقول‭ ‬الإعلان،‭ “‬نحن‭ ‬ندرك‭ ‬أن‭ ‬القيادة،‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬إفريقيا،‭ ‬صعبة‭”‬،‭ ‬ويضيف،‭ ‬“هناك‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬التحديات،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬الثقافة‭ ‬السياسية‭ ‬والفقر‭ ‬والأمية‭ ‬والفرقة‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬فقد‭ ‬اجتمعنا‭ ‬في‭ ‬مومباسا‭ ‬لتعظيم‭ ‬دور‭ ‬القيادة‭ ‬الإيجابية‭ ‬في‭ ‬قارتنا‭ ‬وتأكيد‭ ‬إمكاناتها‭”.‬

وكان‭ ‬القادة‭ ‬الأفارقة‭ ‬العشرة‭ ‬المسؤولين‭ ‬عن‭ ‬البيان‭ ‬قد‭ ‬رأوا‭ ‬بالفعل‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬للحكومات‭ ‬السيئة‭ ‬أن‭ ‬تقوم‭ ‬به‭. ‬فقد‭ ‬قالوا‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬القادة‭ ‬السيئين‭ ‬فإن‭ “‬الفساد‭ ‬ينمو،‭ ‬وتتدفق‭ ‬الأموال‭ ‬خارج‭ ‬البلاد‭ ‬إلى‭ ‬حسابات‭ ‬مصرفية‭ ‬خفية،‭ ‬وينتشر‭ ‬التمييز‭ ‬ضد‭ ‬الأقليات‭ ‬–‭ ‬بل‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الأحيان‭ ‬ضد‭ ‬الأغلبيات‭ ‬–‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬تبدأ‭ ‬الحروب‭ ‬الأهلية‭”.‬

وأشار‭ ‬الإعلان‭ ‬إلى‭ ‬صفات‭ ‬القادة‭ ‬العظام‭: “‬القادة‭ ‬الإيجابيون‭ ‬في‭ ‬أفريقيا‭ ‬يبرزون‭ ‬بسبب‭ ‬تمسكهم‭ ‬بالمبادئ‭ ‬الديمقراطية‭ ‬التشاركية‭ ‬وقوة‭ ‬شخصيتهم‭ ‬الواضحة‭. ‬القادة‭ ‬القائمون‭ ‬بالتغيير‭ ‬يحسنون‭ ‬من‭ ‬حياة‭ ‬أتباعهم‭ ‬ويجعلون‭ ‬هؤلاء‭ ‬الأتباع‭ ‬فخورين‭ ‬بأنهم‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬رؤية‭ ‬جديدة‭. ‬ويقدم‭ ‬القادة‭ ‬الجيدين‭ ‬نتائج،‭ ‬سواء‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬مستويات‭ ‬المعيشة‭ ‬المعززة،‭ ‬أو‭ ‬مؤشرات‭ ‬التنمية‭ ‬الأساسية،‭ ‬أو‭ ‬المصادر‭ ‬الجديدة‭ ‬الوافرة‭ ‬للفرص‭ ‬الشخصية،‭ ‬أو‭ ‬التعليم‭ ‬عالي‭ ‬الجودة،‭ ‬أو‭ ‬الرعاية‭ ‬الطبية‭ ‬الماهرة،‭ ‬أو‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬الجريمة،‭ ‬أو‭ ‬البنى‭ ‬التحتية‭ ‬المعززة‭.”‬

مانديلا،‭ ‬قائد‭ ‬من‭ ‬السجن

أمضى‭ ‬مانديلا‭ ‬27‭ ‬عامًا‭ ‬في‭ ‬السجن،‭ ‬وبدافع‭ ‬الضرورة‭ ‬طور‭ ‬أسلوبًا‭ ‬قياديًا‭ ‬يعتمد‭ ‬على‭ ‬المبادرة‭ ‬الفردية‭ ‬والقيم‭ ‬الأخلاقية‭ ‬المشتركة‭. ‬كان‭ ‬زعيماً‭ ‬لحركة‭ ‬كان‭ ‬أتباعها‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الحالات‭ ‬إما‭ ‬مسجونين‭ ‬هم‭ ‬أنفسهم‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬المنفى،‭ ‬لذا‭ ‬كان‭ ‬على‭ ‬مانديلا‭ ‬أن‭ ‬يفوض‭ ‬السلطة‭ ‬وأن‭ ‬يقود‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الإقناع،‭ ‬بدلا‭ ‬من‭ ‬الخطابة‭ ‬النارية‭. ‬وكان‭ ‬على‭ ‬أتباعه‭ ‬أن‭ ‬يكونوا‭ ‬حاسمين،‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬انتظار‭ ‬التوجيه‭ ‬المركزي،‭ ‬وتطوروا‭ ‬كمفكرين‭ ‬مستقلين‭. ‬يقول‭ ‬نانتوليا‭ ‬إن‭ ‬مانديلا‭ ‬طور‭ ‬ثقافة‭ “‬القيادة‭ ‬الجماعية‭” ‬و‭ “‬الأخلاق‭ ‬المشتركة‭” ‬التي‭ ‬اعتمدها‭ ‬أتباعه‭.‬

كتب‭ ‬نانتوليا‭ ‬في‭ ‬دراسة‭ ‬بعنوان‭ “‬المستقبل‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬لأفريقيا‭: ‬عواقب‭ ‬القيادة‭ ‬الأخلاقية‭”‬،‭ “‬امتد‭ ‬هذا‭ ‬النهج‭ ‬حينما‭ ‬تولى‭ ‬مانديلا‭ ‬منصبه‭ ‬كرئيس،‭ ‬وفقا‭ ‬لخلفه،‭ ‬ثابو‭ ‬مبيكي‭”. ‬ويضيف،‭ ” ‬مع‭ ‬قيامه‭ ‬بوضع‭ ‬المبادئ‭ ‬العامة،‭ ‬ترك‭ ‬القيادة‭ ‬اليومية‭ ‬والتنفيذ‭ ‬للزملاء‭ ‬الأصغر‭ ‬سناً‭. ‬وعلى‭ ‬هذا‭ ‬النحو،‭ ‬ساعد‭ ‬في‭ ‬خلق‭ ‬ثقافة‭ ‬تجديد‭ ‬القيادة‭ ‬والمبادرة‭”.‬

يقول‭ ‬مبيكي‭ ‬أنه‭ ‬كان‭ ‬على‭ ‬مانديلا‭ ‬وأتباعه‭ ‬أن‭ ‬يكونوا‭ ‬قدوة‭. “‬فقد‭ ‬استوعبوا‭ ‬طوال‭ ‬الوقت‭ ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬خلق‭ ‬الثقة‭ ‬لدى‭ ‬أولئك‭ ‬الذين‭ ‬كانوا‭ ‬يتبعونهم‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الاهتمام‭ ‬الشديد‭ ‬بالطريقة‭ ‬التي‭ ‬تصرفوا‭ ‬بها‭ ‬في‭ ‬الأماكن‭ ‬الخاصة‭ ‬والعامة‭”.‬

عرف‭ ‬مانديلا‭ ‬أن‭ ‬كونه‭ ‬مثالاً‭ ‬يحتذى‭ ‬به‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬كان‭ ‬وظيفة‭ ‬بدوام‭ ‬كامل‭. ‬وبعد‭ ‬إطلاق‭ ‬سراحه‭ ‬من‭ ‬السجن،‭ ‬بدأ‭ ‬الاجتماع‭ ‬مع‭ ‬القادة‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬أفريقيا‭ ‬وكتب‭ ‬عن‭ ‬ذلك‭ ‬أنهم‭ ‬كان‭ ‬ينظرون‭ ‬إليه‭ ‬بشك‭.‬

‭”‬كنت‭ ‬أعرف‭ ‬أنه‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬القليلة‭ ‬الماضية،‭ ‬ذهب‭ ‬بعض‭ ‬الرجال‭ ‬الذين‭ ‬أطلق‭ ‬سراحهم‭ ‬إلى‭ ‬لوساكا‭ ‬وهمسوا،‭ “‬أصبح‭ ‬مانديلا‭ ‬ضعيفاً،‭ ‬قد‭ ‬اشترته‭ ‬السلطات،‭ ‬فهو‭ ‬يرتدي‭ ‬بدلات‭ ‬من‭ ‬ثلاث‭ ‬قطع،‭ ‬ويشرب‭ ‬الخمر،‭ ‬ويأكل‭ ‬الطعام‭ ‬الجيد‭”. ‬كنت‭ ‬أعرف‭ ‬هذه‭ ‬الهمسات،‭ ‬وكنت‭ ‬أنوي‭ ‬دحضها‭. ‬كنت‭ ‬أعرف‭ ‬أن‭ ‬أفضل‭ ‬طريقة‭ ‬لدحضها‭ ‬كانت‭ ‬ببساطة‭ ‬أن‭ ‬أكون‭ ‬صريحاً‭ ‬وصادقة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬كنت‭ ‬أقوم‭ ‬به‭”.‬

عندما‭ ‬تم‭ ‬انتخاب‭ ‬مانديلا‭ ‬كأول‭ ‬رئيس‭ ‬أسود‭ ‬لجنوب‭ ‬أفريقيا،‭ ‬أعلن‭ ‬أنه‭ ‬سيبقى‭ ‬في‭ ‬المنصب‭ ‬لفترة‭ ‬رئاسية‭ ‬واحدة‭ ‬فقط،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬كون‭ ‬الدستور‭ ‬كان‭ ‬يسمح‭ ‬بفترتين‭.‬

في‭ ‬كتاب‭ “‬الفوز‭ ‬باللعبة‭ ‬طويلة‭ ‬الأمد‭: ‬كيف‭ ‬يشكل‭ ‬القادة‭ ‬الاستراتيجيون‭ ‬المستقبل‭”‬،‭ ‬يقول‭ ‬المؤلفان‭ ‬بول‭ ‬جي‭. ‬إتش‭. ‬شوميكر‭ ‬وستيفن‭ ‬كروب‭ ‬أن‭ ‬مانديلا‭ ‬كان‭ ‬أستاذً‭ ‬في‭ ‬التأقلم‭.‬

يقولان،‭ “‬يجسد‭ ‬مانديلا‭ ‬الكيفية‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬بها‭ ‬لزعيم‭ ‬استراتيجي‭ ‬أن‭ ‬يعدل‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬والتنفيذ‭ ‬في‭ ‬خضم‭ ‬قوى‭ ‬اجتماعية‭ ‬وسياسية‭ ‬وقانونية‭ ‬واقتصادية‭ ‬معقدة‭ ‬بدون‭ ‬التضحية‭ ‬بقيمه‭ ‬الراسخة‭”. ‬ويضيفان،‭ “‬لا‭ ‬تتعلق‭ ‬القيادة‭ ‬فقط‭ ‬بتحفيز‭ ‬الناس‭ ‬وخلق‭ ‬دعم‭ ‬سياسي‭ ‬لاستراتيجية‭ ‬ما،‭ ‬ولكن‭ ‬أيضًا‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬دعم‭ ‬واسع‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬إجراء‭ ‬تعديلات‭ ‬متلاحقة‭ ‬للخطة‭”.‬

نيريري،‭ ‬المواليمو

كلمة‭ “‬مواليمو‭” ‬السواحلية‭ ‬تعني‭ “‬المعلم‭”. ‬لكن‭ ‬في‭ ‬تنزانيا،‭ ‬تعد‭ ‬هذه‭ ‬الكلمة‭ ‬أيضاً‭ ‬لقب‭ ‬نيريري،‭ ‬الرئيس‭ ‬المؤسس‭ ‬للبلاد‭. ‬آمن‭ ‬نيريري‭ ‬بالمفهوم‭ ‬الأفريقي‭ “‬اوجاما‭”‬،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يعني‭ “‬الأخوة‭”. ‬وفي‭ ‬دراسة‭ ‬صدرت‭ ‬عام‭ ‬2017،‭ ‬قال‭ ‬نانتوليا‭ ‬أن‭ ‬نيريري‭ ‬كان‭ ‬يتبع‭ ‬مبادئ‭ “‬القيادة‭ ‬الخادمة‭”‬،‭ ‬إذ‭ ‬يمارس‭ ‬القادة‭ ‬الذين‭ ‬يخدمون‭ “‬الصدق،‭ ‬والمساءلة،‭ ‬والإدارة‭ ‬الجيدة‭ ‬للموارد‭ ‬العامة،‭ ‬وإمكانية‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬الجمهور‭ ‬وإلى‭ ‬حكومة‭ ‬منفتحة‭.”‬

كان‭ ‬نهج‭ ‬نيريري‭ ‬للقيادة‭ ‬قائماُ‭ ‬على‭ ‬الخبرات‭ ‬التي‭ ‬عاشها‭ ‬أثناء‭ ‬كونه‭ ‬طفلاً‭ ‬في‭ ‬إحدى‭ ‬القبائل،‭ ‬والتأكيد‭ ‬على‭ ‬التوافق‭ ‬القبلي‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬المجتمع‭. ‬كما‭ ‬كان‭ ‬متأصلاً‭ ‬في‭ ‬القيم‭ ‬المسيحية‭ ‬التي‭ ‬تعلمها‭ ‬في‭ ‬المدرسة‭.‬

وقد‭ ‬حصلت‭ ‬بلاده‭ ‬على‭ ‬استقلالها‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬حرب،‭ ‬وهذا‭ ‬بمثابة‭ ‬إشادة‭ ‬بنزاهة‭ ‬نيريري،‭ ‬ومهاراته‭ ‬كخطيب‭ ‬مقنع،‭ ‬وقدراته‭ ‬الكبيرة‭ ‬كمنظم،‭ ‬وقدرته‭ ‬على‭ ‬العمل‭ ‬مع‭ ‬مجموعات‭ ‬مختلفة،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬المستعمرون‭ ‬البريطانيون‭.‬

أصبح‭ ‬نيريري‭ ‬شخصية‭ ‬عالمية،‭ ‬حيث‭ ‬اكتسب‭ “‬مكانة‭ ‬لمبادئه‭ ‬الداعمة‭ ‬للنضال‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تحقيق‭ ‬حكم‭ ‬الأغلبية‭ ‬في‭ ‬جنوب‭ ‬أفريقيا‭ ‬وناميبيا‭ ‬وزيمبابوي‭ ‬وموزمبيق‭ ‬وأنغولا‭”‬،‭ ‬حسبما‭ ‬أوردت‭ ‬صحيفة‭ ‬نيو‭ ‬يورك‭ ‬تايمز‭. ‬كما‭ ‬أمر‭ ‬أيضاً‭ ‬بالقيام‭ ‬بهجوم‭ ‬عسكري‭ ‬مضاد‭ ‬ضد‭ ‬عيدي‭ ‬أمين‭ ‬رئيس‭ ‬أوغندا‭ ‬مما‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬هزيمة‭ ‬هذا‭ ‬الديكتاتور‭ ‬ونفيه‭.‬

في‭ ‬ظل‭ ‬حكم‭ ‬نيريري،‭ ‬تم‭ ‬تدريس‭ ‬مبادئ‭ “‬اوجاما‭” ‬على‭ ‬كافة‭ ‬مستويات‭ ‬القوات‭ ‬المسلحة‭. ‬يقول‭ ‬نانتوليا،‭ “‬امتد‭ ‬هذا‭ ‬ليشمل‭ ‬خدمات‭ ‬الشباب‭ ‬الوطنية‭ ‬التي‭ ‬وفرت‭ ‬مجموعة‭ ‬واسعة‭ ‬من‭ ‬المجندين‭ ‬المحتملين،‭ ‬وكذلك‭ ‬أكاديمية‭ ‬كيفوكوني‭ ‬لكبار‭ ‬القادة‭ ‬المدنيين‭ ‬والعسكريين‭”‬،‭ ‬ويضيف،‭ “‬كقاعدة‭ ‬عامة،‭ ‬يتدرب‭ ‬الأعضاء‭ ‬المدنيين‭ ‬والعسكريين‭ ‬معاً‭ ‬من‭ ‬المستوى‭ ‬الأصغر‭ ‬إلى‭ ‬المستوى‭ ‬الأعلى،‭ ‬مما‭ ‬يخلق‭ ‬علاقات‭ ‬عسكرية‭-‬مدنية‭ ‬صحية‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬الطويل‭”.‬

عندما‭ ‬أصبح‭ ‬نيريري‭ ‬رئيساً،‭ ‬كانت‭ ‬تنزانيا‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬أفقر‭ ‬بلدان‭ ‬أفريقيا‭. ‬اعتقد‭ ‬نيريري‭ ‬أن‭ ‬الاشتراكية‭ ‬سوف‭ ‬تعالج‭ ‬فقر‭ ‬بلاده‭. ‬وبقيادته،‭ ‬حققت‭ ‬تنزانيا‭ ‬تقدماً‭ ‬كبيراً‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬الصحة‭ ‬والتعليم‭. ‬لكن‭ ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬الاقتصادية،‭ ‬كانت‭ ‬الاشتراكية‭ ‬تجربة‭ ‬فاشلة‭ ‬في‭ ‬النهاية‭.‬

استقال‭ ‬نيريري‭ ‬من‭ ‬منصبه‭ ‬كرئيس‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1985‭ ‬بعد‭ ‬حكم‭ ‬دام‭ ‬24‭ ‬سنة‭. ‬وكان‭ ‬ثالث‭ ‬زعيم‭ ‬أفريقي‭ ‬يتخلى‭ ‬عن‭ ‬السلطة‭ ‬طواعية‭ ‬في‭ ‬العصر‭ ‬الحديث‭ ‬وتقاعد‭ ‬إلى‭ ‬مزرعة‭ ‬في‭ ‬قريته‭ ‬بالقرب‭ ‬من‭ ‬بحيرة‭ ‬فيكتوريا‭.‬

مازال‭ ‬نيريري‭ ‬يحظى‭ ‬بالتقدير‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬تنزانيا‭ ‬كرجل‭ ‬مبادئ‭ ‬لا‭ ‬يحتمل‭ ‬حتى‭ ‬مظاهر‭ ‬التميز‭ ‬عن‭ ‬الغير‭. ‬وقد‭ ‬وصف‭ ‬أسلوب‭ ‬قيادته‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬يقود‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬إعطاء‭ ‬مثال‭ ‬يحتذى‭ ‬به،‭ ‬وعبر‭ ‬الاستخدام‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬لمؤسسات‭ ‬الدولة‭.‬

رامغولام‭ ‬وخاما

يقول‭ ‬روبرت‭ ‬إ‭. ‬روتبيرغ‭ ‬الذي‭ ‬أشرف‭ ‬على‭ ‬وضع‭ ‬مؤشر‭ ‬الحوكمة‭ ‬الأفريقية،‭ ‬إن‭ ‬سيريتس‭ ‬خاما،‭ ‬الرئيس‭ ‬المؤسس‭ ‬لبوتسوانا،‭ ‬وسيووساغور‭ ‬رامغولام،‭ ‬القائد‭ ‬الأول‭ ‬لموريشيوس،‭ ‬هما‭ ‬مثالان‭ ‬على‭ ‬الحكام‭ ‬الشرفاء‭ ‬والقديرين‭.‬

كان‭ ‬خاما‭ ‬رئيسًا‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬1966‭ ‬إلى‭ ‬عام‭ ‬1980،‭ ‬ويتذكره‭ ‬الناس‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬وضع‭ ‬حجر‭ ‬الأساس‭ ‬للحكومة‭ ‬الأخلاقية‭ ‬والمنفتحة‭ ‬في‭ ‬الديمقراطية‭ ‬الفتية‭. ‬كتب‭ ‬روتبيرج‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2005،‭ “‬كان‭ ‬خاما‭ ‬متواضعًا،‭ ‬وغير‭ ‬متفاخر‭ ‬كقائد،‭ ‬ومؤمن‭ ‬حقيقي‭ ‬بالحكم‭ ‬الشعبي،‭ ‬ولهذا‭ ‬أقام‭ ‬ثقافة‭ ‬سياسية‭ ‬قائمة‭ ‬على‭ ‬المشاركة‭ ‬واحترام‭ ‬القانون‭ ‬استمرت‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬خلفائه‭”.‬

إرث‭ ‬خاما‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬مستمراً‭. ‬وتقول‭ ‬مجموعة‭ ‬الأبحاث‭ “‬الشفافية‭ ‬الدولية‭” ‬أن‭ ‬بوتسوانا‭ ‬تحتل‭ ‬أفضل‭ ‬مرتبة‭ ‬متوقعة‭ ‬كبلد‭ ‬خال‭ ‬من‭ ‬الفساد‭ ‬في‭ ‬أفريقيا‭ – ‬وتحتل‭ ‬هذه‭ ‬المرتبة‭ ‬منذ‭ ‬20‭ ‬عامًا‭. ‬فالبلاد‭ ‬لديها‭ ‬سجل‭ ‬من‭ ‬الانتخابات‭ ‬الديمقراطية‭ ‬التي‭ ‬استمرت‭ ‬دون‭ ‬انقطاع‭. ‬وقد‭ ‬انتخبت‭ ‬ثلاثة‭ ‬رؤساء‭ ‬منذ‭ ‬خاما،‭ ‬حيث‭ ‬تولى‭ ‬ابنه‭ ‬إيان‭ ‬الرئاسة‭ ‬لمدة‭ ‬10‭ ‬سنوات‭ ‬قبل‭ ‬تنحيه‭ ‬في‭ ‬مارس‭ ‬2018‭.‬

كان‭ ‬رامغولام‭ ‬رئيس‭ ‬وزراء‭ ‬موريشيوس‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬1968‭ ‬حتى‭ ‬عام‭ ‬1982‭. ‬وقد‭ ‬شكل‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬كبير‭ ‬سياسات‭ ‬حكومته‭ ‬وسياستها‭ ‬الخارجية‭. ‬وكرئيس‭ ‬وزراء،‭ ‬أنشأ‭ ‬تعليمًا‭ ‬مجانيًا‭ ‬ورعاية‭ ‬صحية‭ ‬مجانية،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬تقديم‭ ‬معاشات‭ ‬تقاعدية‭ ‬للمسنين‭. ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬سنواته‭ ‬الأخيرة‭ ‬كمحافظ‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬ناجحة‭ ‬بالكامل‭ ‬–‭ ‬إذ‭ ‬كان‭ ‬الاقتصاد‭ ‬راكد‭ ‬لبعض‭ ‬الوقت‭ -‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬يعتبر‭ ‬اليوم‭ “‬أبو‭ ‬الأمة‭”. ‬وقد‭ ‬تولى‭ ‬ابنه‭ ‬نافيس‭ ‬منصب‭ ‬رئيس‭ ‬وزراء‭ ‬البلاد‭ ‬لثلاث‭ ‬ولايات‭.‬

يقول‭ ‬روغبرام‭ ‬أن‭ ‬روتبيرغ‭ “‬أعطى‭ ‬لمدينة‭ ‬موريشيوس‭ ‬بداية‭ ‬ديمقراطية‭ ‬قوية‭ ‬استمرت‭ ‬بسبب‭ ‬وجود‭ ‬سلسلة‭ ‬من‭ ‬الخلفاء‭ ‬الحكماء‭ ‬من‭ ‬خلفيات‭ ‬وأحزاب‭ ‬مختلفة‭”. ‬واليوم،‭ ‬تتمتع‭ ‬موريشيوس‭ ‬بمرتبة‭ ‬هي‭ ‬الأعلى‭ ‬على‭ ‬مؤشر‭ ‬التنمية‭ ‬البشرية‭ – ‬وهو‭ ‬إحصاء‭ ‬مركب‭ ‬لمتوسط‭ ‬العمر‭ ‬المتوقع‭ ‬والتعليم‭ ‬والدخل‭ – ‬من‭ ‬أي‭ ‬بلد‭ ‬أخر‭ ‬في‭ ‬أفريقيا‭.‬

يقول‭ ‬روتبيرغ،‭ ‬كان‭ ‬خاما‭ ‬ورامجولام‭ ‬في‭ ‬منصبيهما‭ ‬قائدين‭ ‬أقاما‭ ‬أنظمة‭ ‬قوية‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬فرد‭ ‬واحد‭ ‬و‭”‬كليبتوقراطية‭” (‬أنظمة‭ ‬حكم‭ ‬اللصوص‭) ‬–‭ “‬لكنهما‭ ‬رفضا‭ ‬القيام‭ ‬بذلك‭”.‬

الرئيس‭ ‬الذي‭ ‬غادر

إن‭ ‬إحدى‭ ‬القضايا‭ ‬المؤلمة‭ ‬التي‭ ‬تواجه‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬البلدان‭ ‬الأفريقية‭ ‬هي‭ ‬القادة‭ ‬الذين‭ ‬يرفضون‭ ‬ترك‭ ‬المنصب‭. ‬فهم‭ ‬يغيرون‭ ‬دساتير‭ ‬بلادهم‭ ‬للسماح‭ ‬لأنفسهم‭ ‬بأن‭ ‬يبقوا‭ ‬في‭ ‬المنصب‭ ‬لأكثر‭ ‬من‭ ‬فترتين،‭ ‬ويتدخلون‭ ‬في‭ ‬الانتخابات،‭ ‬ويرفضون‭ ‬قبول‭ ‬نتائج‭ ‬الانتخابات‭ ‬عندما‭ ‬يخسرون‭. ‬يخاف‭ ‬البعض‭ ‬من‭ ‬ترك‭ ‬منصبه‭ ‬لأنه‭ ‬يعلم‭ ‬أن‭ ‬خلفائه‭ ‬قد‭ ‬يجدون‭ ‬أدلة‭ ‬على‭ ‬فساده‭.‬

ووجد‭ ‬تقرير‭ ‬صادر‭ ‬عن‭ ‬مركز‭ ‬أفريقيا‭ ‬للدراسات‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬أن‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬تفرض‭ ‬قيودًا‭ ‬على‭ ‬مدة‭ ‬ولاية‭ ‬القادة‭ ‬أقل‭ ‬عرضة‭ ‬للنزاعات‭ ‬المسلحة‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬يبقى‭ ‬فيها‭ ‬القادة‭ ‬في‭ ‬منصبهم‭ ‬إلى‭ ‬أجل‭ ‬غير‭ ‬مسمى‭.‬

ويصف‭ ‬باتريك‭ ‬ماجرو،‭ ‬محاضر‭ ‬في‭ ‬جامعة‭ ‬إفريقيا‭ ‬الدولية‭ ‬التابعة‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الامريكية‭ ‬في‭ ‬كينيا،‭ ‬هذه‭ ‬المشكلة‭ ‬بأنها‭ “‬مشكلة‭ ‬المرة‭ ‬الثالثة‭”. ‬

ويقول،‭ “‬إن‭ ‬دور‭ ‬الرؤساء‭ ‬المتقاعدين‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬واضحًا‭ ‬أبدًا،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يجعل‭ ‬من‭ ‬الصعب‭ ‬على‭ ‬معظم‭ ‬القادة‭ ‬التخلي‭ ‬عن‭ ‬السلطة‭”‬،‭ ‬مضيفاً،‭ “‬لكن‭ ‬ثقافة‭ ‬احترام‭ ‬حدود‭ ‬مدة‭ ‬الولاية‭ ‬تكتسب‭ ‬موطئ‭ ‬قدم‭ ‬عبر‭ ‬القارة‭.”‬

احترم‭ ‬يواكيم‭ ‬شيسانو‭ ‬حدود‭ ‬مدة‭ ‬ولايته‭. ‬كان‭ ‬الرئيس‭ ‬الثاني‭ ‬لموزمبيق‭ ‬وشغل‭ ‬منصبه‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬1986‭ ‬إلى‭ ‬عام‭ ‬2005‭. ‬عندما‭ ‬تولى‭ ‬منصبه،‭ ‬كانت‭ ‬بلاده‭ ‬في‭ ‬خضم‭ ‬حرب‭ ‬أهلية‭ ‬بدأت‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1977‭. ‬بدأ‭ ‬بعمل‭ ‬تغييرات‭ ‬شاملة‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬تغيير‭ ‬النموذج‭ ‬الاقتصادي‭ ‬من‭ ‬الاشتراكية‭ ‬إلى‭ ‬الرأسمالية‭. ‬في‭ ‬عام‭ ‬1990،‭ ‬صادق‭ ‬بلده‭ ‬على‭ ‬دستور‭ ‬جديد‭ ‬مما‭ ‬ساعد‭ ‬على‭ ‬إقامة‭ ‬نظام‭ ‬سياسي‭ ‬متعدد‭ ‬الأحزاب‭ ‬وإجراء‭ ‬انتخابات‭ ‬حرة‭. ‬بدأ‭ ‬محادثات‭ ‬السلام‭ ‬مع‭ ‬المتمردين،‭ ‬وانتهت‭ ‬الحرب‭ ‬الأهلية‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1992‭.‬

في‭ ‬عام‭ ‬2001،‭ ‬أعلن‭ ‬تشيسانو‭ ‬المحبوب‭ ‬شعبياً‭ ‬أنه‭ ‬لن‭ ‬يرشح‭ ‬نفسه‭ ‬للرئاسة‭ -‬وهي‭ ‬خطوة‭ ‬اعتبرت‭ ‬نقداً‭ ‬لقادة‭ ‬مثل‭ ‬روبرت‭ ‬موجابي‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬آنذاك‭ ‬يقضي‭ ‬فترة‭ ‬رئاسته‭ ‬الرابعة‭ ‬كرئيس‭ ‬لزيمبابوي‭.‬

وبمناسبة‭ ‬عيد‭ ‬ميلاد‭ ‬شيسانو‭ ‬الـ‭ ‬68،‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2007،‭ ‬منحته‭ ‬مؤسسة‭ ‬محمد‭ ‬إبراهيم‭ ‬الجائزة‭ ‬الأولى‭ ‬للإنجاز‭ ‬في‭ ‬القيادة‭ ‬الأفريقية‭. ‬وتتكون‭ ‬من‭ ‬هدية‭ ‬أولية‭ ‬بقيمة‭ ‬5‭ ‬ملايين‭ ‬دولار،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬200‭,‬000‭ ‬دولار‭ ‬سنويًا‭ ‬مدى‭ ‬الحياة‭. ‬وهي‭ ‬تعترف‭ ‬بالقادة‭ ‬الأفارقة‭ “‬الذين‭ ‬طوروا‭ ‬بلدانهم،‭ ‬ورفعوا‭ ‬الناس‭ ‬من‭ ‬براثن‭ ‬الفقر،‭ ‬ومهدوا‭ ‬الطريق‭ ‬لتحقيق‭ ‬الرخاء‭ ‬المستدام‭ ‬والمنصف‭”. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬الجائزة‭ “‬تضمن‭ ‬استمرار‭ ‬أفريقيا‭ ‬في‭ ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬تجارب‭ ‬وخبرات‭ ‬القادة‭ ‬الاستثنائيين‭ ‬عندما‭ ‬يغادرون‭ ‬المنصب‭ ‬الرسمي‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تمكينهم‭ ‬من‭ ‬الاستمرار‭ ‬في‭ ‬تولي‭ ‬الأدوار‭ ‬العامة‭ ‬الأخرى‭ ‬في‭ ‬القارة‭. “‬

يقول‭ ‬القضاة‭ ‬الذين‭ ‬منحوا‭ ‬الجائزة‭ ‬أن‭” ‬قرار‭ ‬تشيسانو‭ ‬بعدم‭ ‬السعي‭ ‬لولاية‭ ‬رئاسية‭ ‬ثالثة‭ ‬عزز‭ ‬نضج‭ ‬موزامبيق‭ ‬الديمقراطي‭ ‬وأظهر‭ ‬أن‭ ‬المؤسسات‭ ‬والعملية‭ ‬الديمقراطية‭ ‬أكثر‭ ‬أهمية‭ ‬من‭ ‬الفرد‭”. ‬

ومنذ‭ ‬تأسيس‭ ‬الجائزة‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2006،‭ ‬تم‭ ‬منحها‭ ‬خمس‭ ‬مرات‭ ‬فقط‭.  ‬


مدونة القيادة‭ ‬الأفريقية

في‭ ‬عام‭ ‬2004،‭ ‬وضع‭ ‬مجلس‭ ‬القيادة‭ ‬الأفريقي‭ ‬مدونة‭ ‬القيادة‭ ‬الأفريقية‭. ‬وطلب‭ ‬المجلس‭ ‬من‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأفريقي‭ ‬ورؤساء‭ ‬الدول‭ ‬الأفريقية‭ ‬اعتماد‭ ‬المدونة‭ ‬ورفض‭ ‬الأمثلة‭ “‬المؤسفة‭” ‬للقادة‭ ‬الأفارقة‭ ‬السيئين،‭ ‬بمن‭ ‬فيهم‭ ‬عيدي‭ ‬أمين‭ ‬وجان‭ ‬بيدل‭ ‬بوكاسا‭ ‬وموبوتو‭ ‬سيسي‭ ‬سيكو‭.‬

تنص‭ ‬المدونة‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬القادة‭ ‬الأفارقة‭ ‬سوف‭ ‬يخدمون‭ ‬شعوبهم‭ ‬وأممهم‭ ‬بشكل‭ ‬أفضل‭ ‬عندما‭:‬

1‭.‬ يقدمون‭ ‬رؤية‭ ‬متماسكة‭ ‬للنمو‭ ‬الفردي‭ ‬والتقدم‭ ‬الوطني‭ ‬تتضمن‭ ‬العدالة‭ ‬والكرامة‭ ‬للجميع‭.‬

2‭.‬ يسعون‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬يكونوا‭ ‬قادة‭ ‬تحويليين‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬سعيهم‭ ‬لأن‭ ‬يكونوا‭ ‬قادة‭ ‬تبادليين‭.‬

3‭.‬ يشجعون‭ ‬المشاركة‭ ‬الواسعة‭ ‬لجميع‭ ‬مستويات‭ ‬المجتمع،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬جميع‭ ‬الأقليات‭ ‬والأغلبيات،‭ ‬ويؤكدون‭ ‬الطابع‭ ‬التداولي‭ ‬لأفضل‭ ‬الممارسات‭ ‬الديمقراطية‭.‬

4‭.‬ يثبتون‭ ‬في‭ ‬حياتهم‭ ‬المهنية‭ ‬والشخصية‭ ‬احترامهم‭ ‬العميق‭ ‬لرسالة‭ ‬وروح‭ ‬جميع‭ ‬أحكام‭ ‬الدستور‭ ‬الوطني،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الالتزام‭ ‬الصارم‭ ‬بحدود‭ ‬مدة‭ ‬ولايتهم‭.‬

5‭.‬ يقودون‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬إعطاء‭ ‬القدوة‭ ‬الحسنة‭ ‬ويعملون‭ ‬على‭ ‬تعريف‭ ‬شعوبهم‭ ‬بضرورة‭ ‬احترام‭ ‬المعارضة،‭ ‬وأفكار‭ ‬الآخرين،‭ ‬وأهمية‭ ‬الخلاف‭ ‬في‭ ‬الرأي‭ ‬بين‭ ‬الأحزاب‭ ‬السياسية‭ ‬والأفراد‭.‬

6‭.‬ ينفذون‭ ‬أحكام‭ ‬جميع‭ ‬المحاكم‭ ‬والمحاكم‭ ‬المستقلة‭ ‬ويؤكدون‭ ‬استقلال‭ ‬القضاء‭ ‬ويسعون‭ ‬إلى‭ ‬تقويته‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تعزيز‭ ‬سيادة‭ ‬القانون‭.‬

7‭.‬ يحترمون‭ ‬الاتفاقيات‭ ‬الدولية‭ ‬والقوانين‭ ‬الدولية‭.‬

8‭.‬ يعززون‭ ‬الشفافية‭ ‬ويشجعون‭ ‬أشكال‭ ‬المساءلة‭ ‬الدولية‭ ‬ويلتزمون‭ ‬بها‭.‬

9‭.‬ يدركون‭ ‬أنهم‭ ‬مسؤولون‭ ‬عن‭ ‬أفعالهم‭ ‬وأنه‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬أحد‭ ‬فوق‭ ‬القانون‭ ‬على‭ ‬الصعيدين‭ ‬الوطني‭ ‬والدولي‭.‬

10‭.‬ يقبلون‭ ‬مراجعة‭ ‬الأقران‭.‬

11‭.‬ يشجعون‭ ‬السياسات‭ ‬الرامية‭ ‬إلى‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬الفقر‭ ‬وتعزيز‭ ‬رفاهية‭ ‬شعبهم‭ ‬وسبل‭ ‬عيشه‭ ‬ضمن‭ ‬إطار‭ ‬اقتصادي‭ ‬كلي‭ ‬مناسب‭.‬

12‭.‬ يعززون‭ ‬ويحسنون‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬التعليم‭ ‬والرعاية‭ ‬الصحية‭.‬

13‭.‬ يحترمون‭ ‬جميع‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬والحريات‭ ‬المدنية‭.‬

14‭.‬ يطالبون‭ ‬بالانتقال‭ ‬السلمي‭ ‬والقانوني‭ ‬للسلطة،‭ ‬ويعملون‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تحقيقه‭. ‬

15‭.‬ يعززون‭ ‬ويحترمون‭ ‬الفصل‭ ‬بين‭ ‬السلطات‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬ضمان‭ ‬الاستقلال‭ ‬المالي‭ ‬للسلطة‭ ‬القضائية‭ ‬والبرلمان،‭ ‬وضمان‭ ‬خلو‭ ‬السلطة‭ ‬القضائية‭ ‬والبرلمان‭ ‬من‭ ‬التدخل‭ ‬غير‭ ‬القانوني‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬السلطة‭ ‬التنفيذية‭.‬

16‭.‬ يلتزمون‭ ‬بمدونة‭ ‬أخلاقية‭ ‬قوية‭ ‬ويطلبون‭ ‬نفس‭ ‬الشيء‭ ‬من‭ ‬جميع‭ ‬المسؤولين‭ ‬التابعين‭ ‬ووزراء‭ ‬الحكومة‭.‬

17‭.‬ لا‭ ‬يستخدمون‭ ‬مناصبهم‭ ‬لتحقيق‭ ‬مكاسب‭ ‬شخصية‭ ‬ويتجنبون‭ (‬أو‭ ‬يعلنون‭ ‬عن‭) ‬كل‭ ‬تضارب‭ ‬للمصالح؛‭ ‬ويعلنون‭ ‬سنوياً‭ ‬عن‭ ‬أصول‭ ‬ممتلكاتهم‭ ‬وعن‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬تخص‭ ‬عائلاتهم‭ ‬الشخصية‭.‬

18‭.‬ يتجنبون‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬التحديد‭ ‬الممارسات‭ ‬الفاسدة‭ ‬ويكشفون‭ ‬أولئك‭ ‬الذين‭ ‬يستخدمون‭ ‬صفتهم‭ ‬الرسمية‭ ‬لانتهاك‭ ‬القوانين‭ ‬والممارسات‭ ‬الوطنية‭ ‬لمكافحة‭ ‬الفساد‭.‬

19‭.‬ يضمنون‭ ‬الأمن‭ ‬البشري‭.‬

20‭.‬ يحترمون‭ ‬حرية‭ ‬الدين‭.‬

21‭.‬ يحترمون‭ ‬حرية‭ ‬الصحافة‭ ‬والإعلام‭.‬

22‭.‬ يحترمون‭ ‬حرية‭ ‬التجمع‭.‬

23‭.‬ يحترمون‭ ‬حرية‭ ‬التعبير‭.‬

التعليقات مغلقة.