فيسبوك تويتر لينكدإن بينتيريست البريد الإلكتروني برنامج إعادة التأهيل للمقاتلين يوفر هروبًا من جماعة الشباب بقلم جاكوب دويل وبيرنيكا ستيفانسكا انضم أحمد، ابن أحد الصيادين، إلى جماعة الشباب في عام 2006 كوسيلة لكسب الأموال ودعم أطفاله الخمسة. وترأس فريق التدخل السريع للجماعة الإرهابية وشهد على قتال شرس. ولكنه نشأ ساخطًا على حياته بداخل جماعة الشباب. فالعيش في الصحراء الصومالية القاسية يعني أنه في بعض الأحيان تمر أيام على المقاتلين بدون الحصول على طعام أو مياه. وكان الشك شائعًا، ولم تكن المغادرة خيارًا. وقال أحمد الذي تم تغيير اسمه لحمايته: “إنني أذكر بوضوح رجلاً اعتقله زملائي زعمًا بأنه جاسوس حكومي وغير مؤمن. في البداية، قاموا بتعذيبه لإجباره على الاعتراف، ولكن بعد فشلهم، قطعوا رأسه. عند قطع رأسه، كان الرجل العجوز يتلوا الشهادة — وهي تأكيد المسلمين على الإيمان — إلى أن توفى. قتلوه تحت ذريعة كونه جاسوس وغير مؤمن، ورغم ذلك كان يتلوا الشهادة. رغم أنه لا يسعني الاحتجاج، أثر الحادث في ضميري بشدة”. مع تفاقم الضغط على جماعة الشباب وأصبحت الهجمات التي تشنها القوات الحكومية أكثر شيوعًا، انتاب قادة الجماعة الشك في أحمد بسبب استخدامه المتزايد للهاتف المحمول. قال: “لقد اتهمني رؤسائي بالكشف عن مكان القتلى. ونتيجة لذلك، أمروا بقتلي”. تمكن أحمد من الفرار من وحدته وسار على قدميه مسافة 40 كيلومترًا إلى بيدوا، حيثُ علِم بوجود معسكر سيقدم له الطعام والمياه الصالحة للشرب فضلاً عن حمايته. عند وصوله، وجد مرفق برنامج المقاتلين المنفصلين (DCP) وسجل اسمه به. خضع لعملية فحص شاملة وبدأ صفحة جديدة في حياته. العودة إلى الاتجاه السائد ومع وجود مراكز في بلدوين، ومقديشو، وبيدوا، ومركز رابع من المقرر إقامته في كيسمايو، يستهدف برنامج المقاتلين المنفصلين الجنود المشاة من جماعة الشباب، بدلاً من قادتها. وعادةً ما ينضم الجنود المشاة إلى جماعة الشباب لأنهم وُعدوا بالحصول على الأموال أو يتم اختطافهم ببساطة، في أغلب الأحيان وهم أطفال، من مخيمات المشردين. يخضع المنشقون عن جماعة الشباب إلى تدريب في أحد المراكز تحت إدارة برنامج المقاتلين المنفصلين بالقرب من مقديشو، في الصومال.روبرت كانيس/ برنامج المقاتلين المنفصلين وحتى تاريخه، لقد جذب البرنامج، المُدار من قِبل الحكومة الصومالية ويُموّل من خلال التبرعات من الدنمارك، وألمانيا، والإمارات العربية المتحدة، حوالي 1800 مقاتلٍ من داخل جماعة الشباب وأخضعهم لإعادة التأهيل والتدريب، كما قال مدير برنامج المقاتلين المنفصلين، مالك عبدالله. وقال عبدالله: “عندما تصل إلى المقاتلين السابقين وتقوم بإعادة تأهيلهم فبذلك أنت تساعد على إنقاذ أرواح الناس. هناك الكثير من الاهتمام الموجه للجهود عند محاربة جماعة الشباب من خلال الوسائل العسكرية، ولكن ليس بما يكفي لإعادة التأهيل. ولا يمكنك التغلب على العنف بالعنف وحده. ومع ذلك، فمن خلال إعادة تأهيل هؤلاء ممن يمارسون العنف، يمكنك حينئذ إعادة تقديمهم بشكل سلمي ضمن سياقات سائدة أكبر. وأشهد على التغييرات يوميًا”. بمجرد ترك المتشددين المعركة ويكونون رهن الاعتقال، يجمع أصحاب المصلحة العامة التابعون للبرنامج بيانات القياسات الحيوية ويجرون مقابلات معهم، كما أوضح روبرت كانيس، جندي سابق بالقوات البحرية الأمريكية والذي يُدير الأمن لبرنامج المقاتلين المنفصلين. قال كانيس أن المتشددين السابقين الذين انشقوا عن منصب قيادي أو يحملون جوازات سفر غربية يتم إرسالهم عادةً إلى برنامج منفصل “رفيع المستوى” يشمل إجراءات مختلفة وفي بعض الأحيان يتم إرسالهم إلى السجن. قال كانيس: “في المتوسط، يتراوح عمر المشاركين من 18 إلى 19 عامًا. ينشأ من خمسة وستين إلى سبعين في المئة في الصومال وجرى تجنيدهم وتشغيلهم هناك، ولكنهم قرروا المجيء والتطوع في البرنامج. هناك عملية فرز صارمة للمتطوعين منخفضي المستوى، سواء الزائرون أو الذين تجلبهم الحكومة، حيثُ يتم التحقق منهم من قِبل الاستخبارات الحكومية، ويتم إجراء تحريات عنهم، تحت إشراف الجهاز الوطني للاستخبارات والأمن (NISA) والأمم المتحدة”. صرح عبدالله بأن التدريب يشمل تعلم المهارات المهنية، ولكن يصب المعلمون اهتمامًا كبيرًا على تعليم القيم الإيجابية. قال عبدالله: “إنهم يتعلمون احترام حقوق الإنسان أكثر من تعلم مهارات اللحام، والنجارة، ومهارات تجارية عملية أخرى. بالطبع المهارات التجارية مهمة ونوليها اهتمامًا. لا نريد أن نرسل كهربائيين متطرفين إلى العالم. ولذلك، قمنا بتوظيف خبراء دوليين في مجال حقوق الإنسان. هناك منهج إلزامي عن حقوق الإنسان يجب أن يتعلمه جميع المشاركين. إنهم يتعلمون التخلي عن الأيدولوجيات الفاسدة التي تعلموها في جماعة الشباب. هذا هو المغزى من إعادة التأهيل — لتغيير وجهات نظرهم”. قال كانيس بأن خريجي البرنامج يتلقون عفوًا من الملاحقة القضائية، وفقًا لما قررته الحكومة الصومالية في عهد الرئيس حسن شيخ محمود. وأضاف كانيس، يحدد أعضاء مجلس الخروج من ذوي الخبرة العالية من على استعداد للتخرج ومؤهل لإعادة دمجه في المجتمع. “يجرون مقابلات مع المرشحين للتخرج. إذا أثبت المرشحون سلوكًا إيجابيًا ويرغبون في الحصول على وظائف، وإذا برهنوا بشكل مقنع انفصالهم التام عن جماعة الشباب والإرهاب، وغير ذلك، فبذلك يكونون على استعداد لإعادة الاندماج بالمجتمع، ومع أسرهم، وأطفالهم في الأغلب، إن كان لديهم”. موجة من الانشقاقات قال سيث جي جونز، المؤلف الرئيسي لدراسة قامت بها مؤسسة راند في عام 2016 عن جماعة الشباب باسم “مكافحة الإرهاب والتمرد في الصومال” أن برنامج المقاتلين المنفصلين يُعد عنصرًا مهمًا في محاربة جماعة الشباب. قال جونز: “هذا النوع من البرامج ضروري للغاية” وأضاف “خاصةً تلك الجماعات الضعيفة لأنها توفر بديلاً لأعضائها”. تتضح فعالية برنامج المقاتلين المنفصلين لعبد الله. شرح بأن كل انشقاق يعدُ “ضربة هائلة وخسارة فادحة” لمعنويات جماعة الشباب. وفي الوقت نفسه، يجعل مراكز برنامج المقاتلين المنفصلين أكثر جذبًا للعناصر التي تفكر في الانشقاق. قال عبدالله: “عندما يترك المقاتلون جماعة الشباب وينضمون إلى برنامجنا، نشهد على رد فعل الجماعة والذي بدوره يعدُ برهانًا على فعالية البرنامج. بالإضافة إلى ذلك، يسبب لهم كل انشقاق ألمًا نظرًا لأن الهاربين يعرفون الكثير عنهم”. بناءً على المعلومات الاستخبارية، يُقدر كانيس بأن من بين 5600 إلى 6000 نشطين بجماعة الشباب، هناك ما يصل إلى 2000 على استعداد للانشقاق مما يُشكل مشكلة مختلفة. قال كانيس: “إن الإرهابيين ينشقون أسرع من قدرتنا على تقديم الدعم لهم”. هذا البرنامج فعال، ولكنه يفتقر إلى التمويل لتحمل هذا العبء”. صرح كانيس بأنه يعمل مع الحكومة الصومالية للحصول على أموال إضافية للبرنامج من الجهات الدولية المانحة ويأمل بأن تظهر نتائج إيجابية قريبًا. قال كانيس: “يلزم التمويل من أجل شراء الأصول والموارد التي نكون في أمس الحاجة إليها” مضيفًا بأن التهم السابقة للفساد تطارد الصومال، ويجب اتباع الخطوات الصحيحة عند التماس المساعدة. “ومن خلال هذه الطريقة يتم توفير المعدات والأدوات اللازمة للحفاظ على الحياة بدلاً من دفع مبالغ نقدية. يجب أن تتم عملية الشراء التي من خلالها يجب الحصول على الأصول والغذاء، والمعدات والمركبات بطريقة عالية الشفافية حتى يتسنى لجميع الأطراف المشاركة، بما في ذلك الجهات المانحة، والحكومة الصومالية وغيرها، ليتمكنوا من معرفة ما يحدث وأن الأمر لا يتعلق بالمال. وهذا يضمن اطمئنان أصحاب المصلحة العامة بأن تتحقق الاستدامة والمساءلة”. وإذا افترضنا بأن البرنامج مستمر، فما يمنع خريجوه من الرجوع إلى أدوارهم في جماعة الشباب؟ أكد عبدالله أنه لا يعرف أي مشارك بالبرنامج قد انضم مُجددًا إلى الجماعة منذ أن تولى منصب مدير قبل عامين. “عندما يتخرجون من برنامجنا، يتم تسليمهم إلى مكتب الجهاز الوطني للاستخبارات والأمن في المنطقة التابعة لمكان معيشتهم، وسيعمل المنشقون مباشرةً مع وكالة الاستخبارات والأمن القومي للمساعدة على إحضار المزيد من المنشقين إلى برنامجنا”. وبالإضافة إلى ذلك، أضاف عبد الله إنه في حالة رجوع أي منشق إلى جماعة الشباب، فبذلك لا يُمكن الوثوق به. مواجهة التشكك بالنتائج صرح جونز بأنه على الرغم من نجاح برنامج المقاتلين المنفصلين، فهو له نصيبه من المنتقدين، مضيفًا أنه لا يعتقد بأن هناك برنامج عفو غير مثير للجدل وأن الصوماليين الذين عانوا بشدة من هجمات جماعة الشباب “لن يكونوا سعداء به”. ولكن يجب مواصلة دعم البرنامج، كما قال. قال: “يجب التعامل مع هؤلاء القادة المتمردين المتورطين في انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان بشكل منفصل. ولكن ما على المجتمع القيام به هو التخلي عن معاقبة كل مشارك في جماعة متمردة معينة. وبذلك نمضي قُدمًا ونتجنب مواقف الصاع بالصاع التي تؤدي إلى إطالة فترة الصراعات وخنق القرار”. دوريات حراسة خارج مركز برنامج المقاتلين المنفصلين بالقرب من مقديشو.روبرت كانيس/برنامج المقاتلين المنفصلين في 9 آب/ أغسطس 2016، شارك 30 عضوًا سابقًا بجماعة الشباب في احتفالية التخرج في مركز بيدوا لإعادة التأهيل. كان من بينهم شاب يُدعى عبدي انضم إلى جماعة الشباب في 2006 وقيل له إنه بذلك يساعد في طرد المحتلين من القوات العسكرية الإثيوبية من بلاده. بعد مرور سنوات من رؤية قتل بلا مقصد ونفاق بالجماعة، قال إنه مستعد لتجربة شيء جديد. قال: “أتذكر أن مجموعتي اشتملت على 60 مقاتل. أما اليوم فأقل من 10 أفراد على قيد الحياة. كذّب قادتنا بشأن الديانة، والحرب، وارتكبوا مزيدًا من الجرائم التي لا يمكن أن يغفر لها الله”. في البرنامج قال إنه تعلم المهارات الأساسية مثل القراءة والكتابة، بل والتعاطف والقدرة على احترام الاختلافات في الآخرين أيضًا. قال عن المعلمين بالبرنامج: “استطاعوا تغيير كل الأكاذيب التي دستها جماعة الشباب في عقولنا”. تخرج أحمد أيضًا من برنامج المقاتلين المنفصلين وصرح بأنه يؤمن بأن إعادة تأهيل المتطرفين هو العامل الرئيسي لمستقبل بلاده. قال أحمد: “أود أن أشجع الآخرين الذين لا يزالون بجماعة الشباب بأن يلقوا بأسلحتهم ويتوقفوا عن القتال في معارك بلا جدوى”. وأضاف أنه قد حان الوقت للمقاتلين السابقين بأن يلتحقوا ببرنامج المقاتلين المنفصلين والبدء في إعادة بناء بلدهم إلى جانب “الصوماليين المحبين للسلام”. ملحوظة لرئيس التحرير: كان أحد مؤلفي هذا المقال، بيرنيكا ستيفانسكا، مراسلة مستقلة مقرها في نيروبي والتي توفيت في حادث تحطم طائرة بالقرب من بحيرة نيفاشا، بكينيا، في 8 أيلول/ سبتمبر 2016. كانت تبلغ من العمر 33 عامًا. هي أحد المواطنين من بولندا وتخرجت من جامعة كامبريدج، قضت ستيفانسكا خمس سنوات تُعد تقارير عن الأحداث في شرق أفريقيا لمجموعة واسعة من وسائل الإعلام. كما أنها أنتجت مشاريع في مجال صناعة الأفلام لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة. كانت ستيفانسكا مغامرة تتمتع باستكشاف المناطق الريفية بأفريقيا، وكانت تحمل مودة خاصة للشعب والثقافة الصومالية واعتزمت أن تؤلف كتابًا عن البلد باللغة البولندية.