لماذا ينضمون؟ تحت المجهر بواسطة ADF آخر تحديث أبريل 6, 2016 شارك فهم التطرف الإسلامي والتجنيد في أفريقيا دكتور حسين سليمان جامعة الدولة الحرة كان اسمه سيف الدين رزقي، طالب هندسة عمره 23 سنة من بلدة عادية تسمى جعفور، تبعد 50 ميلاً عن تونس العاصمة. كان لديه شغف بكرة القدم وكان من مشجعي نادي ريال مدريد. كذلك كان لدى رزقي ميل لموسيقى الراب وشارك في مسابقات البريك دانس. ومع ذلك، اتخذ رزقي لنفسه اسماً آخر – أبو يحيي القيرواني – ووصفته داعش بأنه “جندي الخلافة”. وفي 26 حزيران/ يونيو 2015، أخفى رشاشه الكلاشنكوف -47 في مظلة ومضى يطلق النار على السياح في منتجع شاطئي في مدينة سوسه بتونس. قُتل 38 – معظمهم سياح بريطانيون – وأصيب عشرات آخرون بجراح. وفي الأيام التي أعقبت ذلك، كشف المحققون آثار أدلة تشير إلى حقيقة أن رزقي تطرف عن طريق دعايات داعش على شبكة الإنترنت. يرى الكثير من المعلقين، أن العنصر الأساسي لقدرة داعش على نشر أيديولوجيتها المتطرفة يتمثل في نهجها الذي يتسم بالدهاء على وسائل التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك، وتويتر، ويو تيوب وإنستغرام. وبحلول حزيران/ يونيو 2015، كان لدى داعش 90000 حساب على تويتر. ويحظى استخدامها موسيقي الراب في فيديوهات التجنيد التي تبثها بجاذبية خاصة لدى صغار الشباب الذين يشعرون بالغربة وتمثل صرخة بعيدة كل البعد عن الفيديوهات الرزينة التي كان الجيل الأقدم من جهاديي القاعدة مثل أسامة بن لادن وأيمن الظواهري يستخدمونها في إلقاء خطب طويلة. ولإعطاء فكرة عن حجم تواصل تنظيم داعش على وسائل التواصل الاجتماعي، أنظر إلى هذه: في أسبوع واحد، أنتجت داعش 123 نشرة إعلامية بست لغات. من بين هذا الإجمالي كان هناك 24 فيديو. ويتجلى تغلغل أيديولوجية داعش حتى في جنوب أفريقيا البعيدة في كتابات شاب عمره 18 عاماً من جوهانسبرغ. كتب يقول، مستخدماً الاسم المستعار أبو حرية الأفريقي: “لقد انضممت إلى الدولة الإسلامية لأن هدفها هو إقامة كلمة الله (لا إله إلا الله) باعتبارها الكلمة العليا، وكلمة الكفر هي السفلى، وهو ما طلبه الله منا في القرآن. إنه واجب إلزامي على كل المسلمين حول العالم أن ينضموا إلى الجهاد”. وتتجلى قوة التواصل الاجتماعي لداعش أيضاً في نيجيريا، حيث مُنع 24000 شاب من مغادرة البلاد فيما بين كانون الثاني/ يناير 2014 وآذار/ مارس 2015. كانت السلطات تخشى من أن معظمهم كانوا ينوون الانضمام لداعش. منذ عام 2014، انشأت داعش فروعاً محلية عبر أفريقيا. في الجزائر، أعلن عبد المالك غورى أحد قادة تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي، أنه ورجاله انفصلوا عن التنظيم الذي قال إنه “انحرف عن طريق الحق”. وسعى إلى اعتبار جماعته جند الخلافة، وأوضح أنها أعلنت ولاءها لداعش. وفي تونس، انفصل لواء عقبة بن نافع أيضاً عن تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي وأعلن ولاءه لداعش. وفي غضون ذلك قام أعضاء داعش العائدون من سوريا إلى ليبيا التي تمزقها الحرب، بتشكيل لواء البتار الذي أعلن ولاءه لداعش. وبما حققته هذه الجماعة من نجاحات عسكرية، كما شهدنا استيلاءها في الآونة الأخيرة على مدينة سرت، مسقط رأس الزعيم الليبي السابق القوي معمر القذافي، ازدادت ثقة هذه الجماعة بنفسها وأعادت تسمية نفسها بدولة ليبيا الإسلامية. وفي نيجيريا تعهدت الآن جماعة بوكو حرام، التي تلقي بظلالها عبر غرب أفريقيا، بالولاء لداعش، وهناك خلافات داخل جماعة الشباب الصومالية المتعهدة بالولاء لتنظيم القاعدة حول ما إذا كانت يجب أن تكون جزءاً من فروع داعش. وهذا يثير سؤالاً فضولياً: ما هي الأسباب الكامنة وراء انتشار الفكر السلفي الوهابي لداعش، الذي يركز على الكراهية للأخر الذي يُضرب به المثل، في حين أن توجهات غالبية المسلمين الأفارقة صوفية؟ وتشدد الطرق الصوفية على سد الفجوة بين الله والإنسان من خلال الحب ومعرفة الذات الداخلية الحقيقية. هذا النموذج من العقيدة الإسلامية أكثر خصوصية وعاطفية، ويشدد على حب الله بدلاً من الخوف من الله. علاوة على ذلك، فإن الإسلام الصوفي طالما تعايش مع ثراء العادات الشعبية قبل الإسلام، والتي بطبيعة الحال، عززت شعبيته. الإجابة هي أن الجمعيات الخيرية التي تعمل في دول مثل المملكة العربية السعودية وقطر دأبت منذ سنوات على تمويل التطرف الإسلامي في أفريقيا والحد من جاذبية الصوفية. لننظر إلى آلاف الطلاب الذين سافروا على مدى السنين لمواصلة دراساتهم الإسلامية في مؤسسات للتعليم العالي مثل الأزهر في مصر، والأوزاعي في لبنان، وجامعة دمشق في سوريا وعشرات من هذه المؤسسات في المملكة العربية السعودية. لقد لوحظ أن معظم هؤلاء الطلبة يصبحون لدى عودتهم إلى بلادهم أكثر تطرفاً من أولئك الذين بقوا. والواقع، كما يقول جون يو في كتابه تأملات في العلاقات الأفريقية العربية: رؤية أفريقية: “إن معظم الطلبة الأفارقة الذين درسوا في الشرق الأوسط متهمون بأنهم وراء الصراعات الدينية الدائرة في نيجيريا، وغانا، وكينيا، وتنزانيا…. إن جماعة الطلبة هذه هي التي تُعتبر مصدر التطرف الإسلامي في أفريقيا. وذُكر أن بعض هذه الجماعات مرتبطة بمنظمات إسلامية تعمل في أفريقيا تحت ستار جمعيات دينية”. فتى عمره 16 سنة يجلس في منزل صديق في موبتي، بمالي، عام 2012 بعد أن فر من الجزء الشمالي للبلاد بسبب القتال. سعت جماعات متطرفة، من بينها داعش، إلى دفع شبان مهمشين إلى التطرف في أنحاء أفريقيا. أسوشييتد برس ومع ذلك، فإن الطلاب ليسوا القناة الوحيدة لدخول الفكر المتطرف إلى أفريقيا. فالحج السنوي الذي يشهد ذهاب عشرات الآلاف من الأفارقة إلى مكة، يمكن أن يساعد في نشر الإسلام المتطرف. وفي غرب أفريقيا، كان لإدخال مؤلفات كلاسيكية وهابية مثل شرح كتاب التوحيد (حول وحدانية الله) للإمام محمد بن عبد الوهاب بقلم عبد الرحمن السعدي، تأثير عميق على المتطرفين المنحازين لتنظيم القاعدة في مالي الذين استلهموا عنوان هذا الكتاب ليسموا أنفسهم حركة التوحيد والجهاد في غرب أفريقيا. وفي ظل هذه الظروف، هل ينبغي لنا أن نفاجأ حين تصرخ جماعات مثل بوكو حرام ضد الدول العلمانية، أو حين يهدم متطرفو أنصار الدين والشباب بعنف أضرحة الصوفيين في مالي والصومال؟ إن اختراق فكر داعش لأفريقيا في الآونة الأخيرة نتيجة منطقية لهذه التطورات. لقد استغل الإسلاميون المتطرفون الأوضاع الاقتصادية والسياسية المتردية في الدول الأفريقية لتوسيع نفوذهم وسط الساخطين. وبسبب تنظيمهم المتفوق (مقارنة بعجز وفساد الكثير من البيروقراطيات الحكومية)، فإن السلفيين باستخدامهم للمتطوعين، وحصولهم على أموال من دول الخليج، تمكنوا من التدخل ومساعدة المجتمعات اليائسة عبر أفريقيا. ففي مالي، مثلاً، تمكن الإسلاميون المتعصبون، مستعينين بتنميتهم الاقتصادية المتأصلة، من إنشاء المساجد، والمدارس الحديثة، والعيادات الطبية، والصيدليات والمراكز الثقافية منذ ثمانينات القرن العشرين. وأثناء هذه العملية فازوا بولاء المواطنين في هذه المناطق. مثال جيد على استغلال جماعة ما للظروف الاقتصادية يمكن أن يُشاهد في ظهور حزب الله، الحركة الإرهابية اللبنانية الممولة من إيران، في القارة الأفريقية. وكما يشير رائد الجيش الأمريكي جيمس لوف في كتابه الحاد حزب الله: الخدمات الاجتماعية كمصدر قوة (2010)، فإن طريقة عمل حزب الله التي جُرّبت واختبرت تُستخدم في القارة الأفريقية بتأثير كبير. فخلايا حزب الله الوليدة تستخدم أساليب تسلل خفية للوصول إلى منطقة ما دون أن تلفت الانتباه. وهم يكسبون ثقة السكان المحليين بممارسة أنشطة لجمع التبرعات وغيرها من برامج الرعاية الاجتماعية. ويكون لهذا صدى مع فقراء أفريقيا، الذين يبدو أن السياسيين في بلدانهم لا يستجيبون لاحتياجات مواطنيهم ومهتمون أكثر بجمع الثروة. وبعد أن تكسب ثقة السكان المحليين، تبدأ خلية حزب الله في تجنيد بعضهم من السكان المحليين، مما يسمح للخلية بالشروع في عمليات. ولا يمكن للخلايا أن تعمل إلا بعد أن تكون قد بنت لها قاعدة تأييد شعبي. هناك عامل آخر يقوّض الصوفية المتسامحة ويعزز جاذبية الإسلام المتطرف يتمثل في التعاون الوثيق بين الطريقة الصوفية والسلطات المعنية، مع تلقي العديد من قادة الصوفية إعانات مالية من الحكومة. وقد تسبب قرب زعماء الصوفية من الحكومات الفاسدة والاستبدادية عموماً في فقدان مصداقيتهم وشعبيتهم في عيون المواطنين العاديين، وشكل أساساً للهجمات الشديدة عليهم من قبل الإسلاميين المتشددين. ونتيجة لذلك، لم يمكن استخدام الإسلامي الصوفي المعتدل كحصن مقابل الإسلام المتطرف لأنه يُنظر إلى الزعامة الصوفية على أنها امتداد لدولة فاسدة. وبطريقة مماثلة، فإن منظمات إسلامية أخرى تستهدف تعزيز السلام والتسامح بين الأديان تعرضت للتشويه بسبب قربها من دولة استبدادية متوحشة في أغلب الأحيان. ففي نيجيريا في ثمانينات القرن العشرين، تم إنشاء لجنة استشارية للشؤون الدينية تمثل المسلمين والمسيحيين للتخفيف من حدة التوترات الدينية. وظهرت إلى الوجود هيئات مماثلة في أنحاء القارة: المجلس الأعلى للمسلمين في تنزانيا، والمجلس الأعلى للمسلمين في كينيا، والمجلس الأعلى للمسلمين في أوغندا، والرابطة الإسلامية الرواندية ورابطة المسلمين في ملاوي. غير أن قلة من هذه المؤسسات هي التي كانت قادرة على تخفيف حدة الصراع الطائفي. وبسبب علاقاتها المتصورة مع الأنظمة نُظر إليها على أنها غير شرعية، ونُظر إلى المسلمين الذين شاركوا في هذه المؤسسات على أنهم متواطئون. ولم تخدم حقيقة أن هؤلاء المسلمين كثيراً ما دافعوا عن الحكومات القائمة سوى تعزيز هذا التصور. ومع تشويه سمعة المسلمين المعتدلين، تُرك الباب مفتوحاً أمام المتطرفين لنشر رسالتهم التي تحرض على الكراهية. مسلح عضو في الجماعة المتطرفة أنصار الدين يوجه تعليمات مستخدماً البوق في الساحة المركزية لمدينة تمبكتو، بمالي، قبل عملية جلد عامة.أسوشييتد برس وفي معرض التطلع إلى الأمام، ماذا يمكن عمله للحد من التطرف وتجنيد الأفارقة في حظيرة الإسلام المتشدد؟ أولاً، يمكن عمل المزيد لتعطيل الوصول إلى وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة بداعش عن طريق إسقاط حساباتها على تويتر واقتلاع فيديوهاتها البشعة من على موقع يو تيوب، فضلاً عن بذل جهود قوية لتوجيه رسائل مضادة. ورغم أن جهوداً بدأت لعمل ذلك، فإنها تحتاج أن تكون أكثر قوة. ثانياً، يتعين ممارسة مزيد من الضغط على دول الخليج كي تكف عن تمويل الاسلام الوهابي والسلفي في القارة. ومن دواعي القلق أيضاً أن الدول التي يُسمح فيها بازدهار الفكر المتطرف، ومن بينها المملكة العربية السعودية، تواصل تلقي الدعم من البلدان الغربية. إضافة إلى ذلك، يلزم عمل المزيد من جانب الدول الأفريقية لتعزيز الإسلام الصوفي المتسامح والمعتدل حتى يمكن أن يخدم كحصن في مواجهة السلفية الماحقة. ومع ذلك، فإن الإسلام الصوفي الذي لا ينتقد الغرب ويخدم كبوق إشادة للحكومات القائمة سيعمل فقط على تقويض الصوفية بدرجة أكبر وتعزيز وجهات النظر المتطرفة. إن ما نحتاج إليه هو إسلام صوفي يعبر بوضوح عن شواغل المسلمين العاديين حتى وإن كانت تلك الشواغل تعني انتقاد الحكومات القائمة. فحيثما دعم المسلمون المعتدلون حكومات فاسدة، لن يؤدى ذلك إلا إلى زيادة نزع الشرعية عن القوى المعتدلة. ينتشر التطرف أيضاً في القارة في إطار النخب الجشعة في الدولة التي تكون قلقة على ثرواتها الشخصية أكثر من قلقها على الكثير من المواطنين العاديين. في هذا السياق توفر الجماعات الإسلامية المتطرفة عدداً من الحلول القصيرة الأجل لزيادة الأمن للمواطنين – العيادات الطبية، والمدارس، والأغذية والمال. وفي هذه العملية تكسب الدعم لقضيتها. وفيما يرمي المجتمع الدولي إلى مساعدة الحكومات الأفريقية بتدريب قواتها الأمنية وتوفير المعدات العسكرية لها لمحاربة جماعات من أمثال الشباب، لذلك يجب عليها أيضاً أن تستخدم المساعدة في الضغط على الحكومات الأفريقية كي تكون أكثر استجابة لاحتياجات المواطنين العاديين، ومن ثم تحرم المتطرفين من المظالم التي يستغلونها لمآربهم الشائنة الخاصة. الدكتور حسين سليمان كبير الأساتذة في قسم الدراسات السياسية والحكم في جامعة الدولة الحرة، بجنوب أفريقيا. وهو مؤلف كتاب الإرهاب ومكافحة الإرهاب في أفريقيا: مكافحة التمرد من الشباب، إلى أنصار الدين وبوكو حرام. الناشر بالغريف ماكميلون عام 2015.
التعليقات مغلقة.