Africa Defense Forum
Africa Defense Forum

حجاج يرفعون صلواتهم إلى السماء من فوق قمة جبل جزائري

وكالة‭ ‬الأنباء‭ ‬الفرنسية
في قلب‭ ‬المنطقة‭ ‬القبلية‭ ‬الشمالية‭ ‬من‭ ‬الجزائر،‭ ‬ترتفع‭ ‬صخرة‭ ‬أزرو‭ ‬نتور‭ ‬–‭ ‬وتعني‭ ‬صخرة‭ ‬صلاة‭ ‬الظهر‭ ‬–‭ ‬1884‭ ‬متراً‭ ‬فوق‭ ‬سطح‭ ‬البحر،‭ ‬عند‭ ‬نهاية‭ ‬طريق‭ ‬منحدر‭ ‬في‭ ‬جبال‭ ‬أطلس‭.‬
فوق‭ ‬صخرة‭ ‬القمة‭ ‬يقع‭ ‬الجامع‭ ‬أوفيلا،‭ ‬ويعني‭ “‬المسجد‭ ‬عند‭ ‬القمة‭”. ‬إنه‭ ‬مكان‭ ‬صغير‭ ‬للعبادة‭ ‬بكل‭ ‬معنى‭ ‬الكلمة‭. ‬بالداخل‭ ‬تضيئ‭ ‬شموع‭ ‬صغيرة‭ ‬التجاويف‭ ‬في‭ ‬جدرانه‭ ‬البيضاء‭.‬
لثلاثة‭ ‬أيام‭ ‬جمعة‭ ‬متتالية‭ ‬من‭ ‬شهر‭ ‬آب‭/ ‬أغسطس،‭ ‬يتوافد‭ ‬آلاف‭ ‬الناس‭ ‬من‭ ‬المنطقة‭ ‬القبلية‭ ‬والجزائر‭ ‬العاصمة‭ ‬إلى‭ ‬قمة‭ ‬الجبل،‭ ‬وهم‭ ‬يتحشرجون‭ ‬وسط‭ ‬الحرارة‭ ‬الخانقة،‭ ‬للحج‭ ‬المتأصل‭ ‬في‭ ‬الإيمان‭ ‬بقوى‭ ‬القديسين‭.‬
وقد‭ ‬أطلق‭ ‬اسم‭ ‬أزرو‭ ‬نتور‭ ‬نسبة‭ ‬إلى‭ ‬أسطورة‭ ‬تقول‭ ‬إن‭ ‬عجوزاً‭ ‬حكيماً‭ ‬صعد‭ ‬إلى‭ ‬قمة‭ ‬الجبل‭ ‬وقت‭ ‬وصول‭ ‬الشمس‭ ‬إلى‭ ‬ذروتها‭ ‬ومات‭ ‬هناك‭ ‬وهو‭ ‬ينهي‭ ‬صلاة‭ ‬الظهر‭. ‬وقيل‭ ‬إن‭ ‬الرجل‭ ‬الحكيم‭ ‬حلّت‭ ‬عليه‭ ‬بركة‭ ‬من‭ ‬الله،‭ ‬شوهدت‭ ‬منذ‭ ‬ذلك‭ ‬الحين‭ ‬في‭ ‬القرى‭ ‬القريبة‭.‬
وطبقاً‭ ‬للأسطورة،‭ ‬فإن‭ ‬بركته‭ ‬أنقذت‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬السكان‭ ‬المحليين‭ ‬من‭ ‬الحزن،‭ ‬بل‭ ‬وسمحت‭ ‬لطبق‭ ‬من‭ ‬الكسكس‭ ‬يهوى‭ ‬بسرعة‭ ‬إلى‭ ‬أسفل‭ ‬الجبل‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يفقد‭ ‬حبة‭ ‬واحدة‭ ‬منه‭. ‬ومنذ‭ ‬ذلك‭ ‬الحين،‭ ‬يُعرض‭ ‬طبق‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬الكسكس‭ ‬على‭ ‬الزوار‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬موسم‭ ‬حج‭. ‬ويطفئ‭ ‬الحجاج‭ ‬ظمأهم‭ ‬في‭ ‬ينبوع‭ ‬قيل‭ ‬إن‭ ‬له‭ ‬خصائص‭ ‬مطهرة‭.‬
وعند‭ ‬سفح‭ ‬الجبل،‭ ‬يعرض‭ ‬المعالجون‭ ‬بالإيمان‭ ‬الأمل‭ ‬على‭ ‬أولئك‭ ‬الذين‭ ‬يستشيرونهم‭. ‬يضع‭ ‬الأزواج،‭ ‬والفتيات‭ ‬والأطفال‭ ‬رؤوسهم‭ ‬تحت‭ ‬قطعة‭ ‬من‭ ‬القماش‭ ‬ليسمعوا‭ ‬صلاة‭.‬
‭”‬سوف‭ ‬تعودين‭ ‬إلى‭ ‬هنا‭ ‬العام‭ ‬القادم‭ ‬بزوج‭ ‬في‭ ‬ذراعك،‭ ‬وستعودين‭ ‬بعد‭ ‬سنتين‭ ‬بطفل‭”. ‬هكذا‭ ‬وعد‭ ‬معالج‭ ‬بالإيمان‭ ‬امرأة‭ ‬شابة،‭ ‬فارتسمت‭ ‬ابتسامة‭ ‬على‭ ‬وجهها‭.‬
تشكل‭ ‬النساء‭ ‬غالبية‭ ‬الذين‭ ‬يحضرون‭ ‬لصعود‭ ‬الجبل،‭ ‬تنادي‭ ‬بعضهن‭ ‬على‭ ‬أولادهن‭ ‬الذين‭ ‬غادروا‭ ‬للعيش‭ ‬خارج‭ ‬البلاد،‭ ‬مقتنعات‭ ‬بأن‭ ‬أصواتهن‭ ‬سوف‭ ‬تعبر‭ ‬الجبال‭ ‬والبحر‭ ‬المتوسط‭ ‬القريب‭.‬
لا‭ ‬يؤمن‭ ‬الشباب‭ ‬المحتشدون‭ ‬في‭ ‬مجموعات‭ ‬بهذه‭ ‬الحكايات‭ ‬الوهمية‭. ‬ويقول‭ ‬كثير‭ ‬منهم‭ ‬إن‭ ‬الحج‭ ‬السنوي‭ ‬أقيم‭ ‬في‭ ‬الواقع‭ ‬كذريعة‭ ‬لاختيار‭ ‬زوج‭ ‬أو‭ ‬زوجة‭.‬
قال‭ ‬أحدهم‭ ‬مفسراً‭ ‬ذلك،‭ “‬لقد‭ ‬اختلق‭ ‬هذه‭ ‬الأسطورة‭ ‬مدافع‭ ‬عن‭ ‬المرأة‭ ‬سابق‭ ‬لعصره،‭ ‬في‭ ‬احتجاج‭ ‬على‭ ‬مصير‭ ‬الفتيات‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الجبال‭. ‬كن‭ ‬سجينات‭ ‬داخل‭ ‬بيوت‭ ‬آبائهن‭ ‬ولم‭ ‬تكن‭ ‬أمامهن‭ ‬فرصة‭ ‬تُذكر‭ ‬للزواج‭ ‬خارج‭ ‬دائرة‭ ‬القبيلة‭. ‬ومع‭ ‬انطلاق‭ ‬الأسطورة،‭ ‬يمكنهن‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬المجيئ‭ ‬إلى‭ ‬أزرو‭ ‬نتور،‭ ‬حيث‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يراهن‭ ‬رجال‭ ‬من‭ ‬القرى‭ ‬الأخرى‭ ‬وتزداد‭ ‬فرصهن‭ ‬في‭ ‬الزواج‭”.‬
‭”‬واليوم،‭ ‬نحن‭ ‬نأتي‭ ‬إلى‭ ‬هنا‭ ‬كذلك‭ ‬على‭ ‬أمل‭ ‬لقاء‭ ‬شخص‭ ‬لطيف‭”.‬

التعليقات مغلقة.