فيسبوك تويتر لينكدإن بينتيريست البريد الإلكتروني يتفق الجميع على مبادئ عمل الشرطة المجتمعية؛ وتنفيذها هو الجزء الصعب. أسرة أيه دي إف · الصور من بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال حتى قبل أن يسمع التنزانيون عن عمل الشرطة المجتمعية، كانوا يمارسون هذه المهمة. ففي ثمانينات القرن العشرين شكلت قبيلتا سوكوما ونيامويزي العرقيتان في تنزانيا جماعات للدفاع عن القرى لحماية ممتلكاتهما، لا سيما الماشية. واعترفت الحكومة التنزانية بتلك الجماعات رسمياً عام 1989 كشكل من أشكال إنفاذ القانون في المجتمعات المحلية. لم تخل هذه الجماعات من المشاكل. فقد دفع المتعصبون البعض في تلك الجماعات إلى ممارسة الأمن الأهلي، ووقعت أعمال ضرب وعنف كنوع من الثأر من سرقة الماشية. ويحاول المسؤولون في تنزانيا ترويض الجماعات الدفاعية وجعلها جزءاً من الشرطة “الرسمية” – وبعبارة أخرى، الشرطة المجتمعية. والشرطة المجتمعية هي فلسفة وطريقة لتنظيم عمل الشرطة حتى يعمل الضباط وأصحاب الأعمال التجارية والمجتمعات التي يخدمونها معاً كفريق، سواء في حل الجريمة، أو توفير الأمن، أو الإبلاغ عن النشاطات المشبوهة والتحقيق فيها. ومع تصاعد عدوان المتطرفين الدينيين، اكتسبت الشرطة المجتمعية أهمية جديدة، فيما تحاول الشرطة والمسؤولون الأمنيون الآخرون تحديد هوية المتطرفين والمتطرفين المحتملين داخل أحيائهم. وأصبح جمع المعلومات الاستخباراتية عنصراً أساسياً في الشرطة المجتمعية العصرية. العقيد يوسف محمد فرح من قوة الشرطة الصومالية يتحدث في اجتماع بالبلدية عن الشرطة المجتمعية في مقديشيو. وفي كثير من أنحاء القارة، وكذلك أجزاء من بقية العالم، أصبحت الشرطة المجتمعية هدفاً أكثر من كونها حقيقة واقعة. فهناك من ينتقدها. وعندما تكلل أعمالها بالنجاح، فكثيراً ما تكون نجاحاتها مؤقتة فقط. لكن مؤيديها يقولون إنه في عصر المتطرفين الدينيين هذا، أصبح من المهم أكثر من أي وقت مضى حمل المجتمعات المحلية على البحث عن الأنشطة المريبة والإبلاغ عنها. قليلة هي تلك الدول التي يمكن أن تقطع على نفسها التزاماً بفهم وتنفيذ عمل الشرطة المجتمعية مثل تنزانيا. إذ يميل سكان البلاد، لا سيما النساء إلى العمل معاً في مجموعات، مثل نوادي الادخار، والأندية الدراسية. والشرطة المجتمعية مناسبة للعمل كنشاط مماثل للمجموعات. كتبت شارلوت كروس من جامعة ساسكس بالمملكة المتحدة ورقة بحثية حول محاولات تنزانيا في مجال الشرطة المجتمعية. كتبت كروس تقول عام 2013، “إن الشرطة المجتمعية (بوليسي جامعي) بدأت رسمياً في تنزانيا عام 2006 كجزء من برنامج قائم لإصلاح الشرطة. فإضافة إلى محاولة تحسين التواصل بين الشرطة والجمهور، روجت الشرطة للمشاركة الامنية (أولينزي شيريريكيشي)، حيث يتم تشجيع المواطنين على إقامة مؤسسات شرطة في الأحياء لمنع الجريمة واكتشافها”. أدركت السلطات التنزانية منذ وقت طويل أن عامة الناس لا يثقون في الشرطة، ومن ثم عملت الشرطة على تحسين صورتها عن طريق تحسين التواصل مع الجمهور. وتسمى إحدى مبادرات الشرطة المجتمعية نيومبا كوني، ومعناها “10 أسر” باللغة السواحيلية. وتنظم هذه الخطة 10 أسر في كل حي لتكون بمثابة فريق لحراسة المجتمع. عندئذ يتم إبلاغ الشرطة بأي نشاط مريب أو غريب. وتٌعتبر هذه المبادرة حتى الآن واحدة من نجاحات الشرطة المجتمعية في تنزانيا. جمع المعلومات تنبه المسؤولون في كينيا المجاورة إلى مبادرة نيومبا كوني. واعتمدوها عام 2014 على أثر اعتقال 76 مواطناً صينياً بتهمة اقتراف جرائم سيبرانية بأحد أحياء نيروبي. أفادت إذاعة صوت أمريكا بأن المسؤولين الكينيين اكتشفوا النشاط المشبوه بالصدفة. فقد شب حريق بمنزل كان يُستخدم في ارتكاب جرائم سيبرانية، وأثناء عملية الإنقاذ، اكتشف المحققون ما كان يجري داخله. قالت صوت أمريكا، “أثار الحادث ضجة بشأن الكيفية التي غاب بها مثل هذا التهديد الإجرامي المحتمل في قلب نيروبي عن عيون الحكومة. وكان واحداً من سلسلة طويلة من الحوادث التي اتهمت فيها الحكومة بالفشل الاستخباراتي”. قال مسؤولون كينيون إن الشرطة المجتمعية يمكن أن توحّد الجيران في الهدف المشترك للحد من الجريمة والتحذير من هجمات المتطرفين. فالسكان يعرفون أحياءهم أفضل مما يعرفها ضباط الشرطة. أعلنت الحكومة الكينية في تشرين الأول/ أكتوبر 2015 أنها ستشتري 1000 سيارة إضافية لجهاز الشرطة الوطني. وإلى جانب هذه السيارات، انخرط 10000 ضابط شرطة إضافي في دورة تدريبية ويُتوقع أن ينضموا إلى القوة الوطنية بحلول نهاية العام. وأبلغ متحدث باسم الشرطة الوطنية مراسل هيئة الإذاعة الكينية بأنه سيتم استدعاء مواطنين كينيين للعمل مع قوة الشرطة الموسعة من أجل تحسين الشرطة المجتمعية. جلب المسؤول الكيني المخضرم محمود صالح الشرطة المجتمعية إلى بلدة غاريسا، التي تقع على بعد 200 كيلومتر عن الحدود الصومالية، وكانت في نيسان/ إبريل 2015، موقع هجوم إرهابي أودى بحياة 147 شخصاً. أطلق صالح برنامجاً يدعو زعماء العشائر التقليديين إلى القيام بدور نشط في توفير الأمن بالبلدة. وهو يعمل جاهداً من أجل بناء الثقة مع حكماء البلدة حتى يحذروا من النشاط الإرهابي قبل وقوع هجوم. قال صالح للإذاعة الوطنية العامة في الولايات المتحدة، “إن الشبكات العشائرية ونظام الحكماء يحظيان باحترام كبير. فإذا قالوا لا نريد لهذا الشيء أن يحدث، فإنه لا يمكن أن يحدث”. أعضاء في جماعات المجتمع المدني يحضرون اجتماعا بالبلدية حول الشرطة المجتمعية في مقديشيو. ساعدت بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال السلطات على التواصل مع النساء، والشباب، وأصحاب الأعمال وكبار السن. وثبت أن الصومال المجاورة، لا سيما مقديشيو، مستجيبة بنفس القدر لفكرة الشرطة المجتمعية. فهذا البلد شهد اضطرابات وحرباً أهلية يرجع تاريخها إلى عام 1991. وفي السنوات الأخيرة، سيطرت على مقديشيو جماعة الشباب المتطرفة. ومنذ الإطاحة بالمتطرفين، شهدت البلاد بدايات حكومة مستقرة لأول مرة منذ سنوات. بدأت السلطات في جميع أنحاء الصومال في نشر الشرطة المجتمعية بمساعدة بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال. وفي محاولة لإشراك الجميع، تواصلت السلطات مع النساء، ومجموعات الشباب، وأعضاء مجتمع الأعمال وكبار السن. طُبقت المبادرة أولاً في مدن بيدوا، و بيليتوين و كيسمايو. ومنذ ذلك الحين انتقلت إلى مقديشيو. قامت الشرطة الصومالية وشركاؤها في بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال بتجنيد متطوعين في الأحياء بجميع أنحاء البلاد ليعملوا كمراكز اتصال بين ضباط الشرطة والمجتمعات المحلية والإبلاغ عن أي سلوك مريب. تريد بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال بوضوح أن تنجح الشرطة المجتمعية وقامت بعناية بتوثيق الاجتماعات المحلية في جميع أنحاء البلاد. قال راندولف سوميا من شرطة بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال، “إن الناس يكونون فعالين فقط عندما يعطون معلومات إلى الشرطة؛ وإلا فإن الشرطة لا تستطيع أداء هذا العمل بمفردها. نحن نواصل توعيتهم بأن ضباط الشرطة ليسوا سحرة. ولا يسعهم معرفة أين ومتى تُرتكب الجرائم ما لم يبلغهم أفراد المجتمع قبل أن يتمكنوا من التحرك”. حفظ السلام في أوغندا لا يوجد حل واحد يصلح لجميع أنواع الشرطة المجتمعية. فالشرطة المجتمعية تعني في بعض الدول والمناطق، جعل الشرطة أكثر إلماماً بالثقافات والتشكيلات العرقية للأحياء والمناطق التي تخدمها. ففي شمال شرق أوغندا، تمثل سرقة الماشية مشكلة. فعلى مدى عقود، شهدت منطقة كاراموجا غارات لسرقة الماشية، وجرائم جنسية انتقامية، وإطلاق نار وإراقة دماء. وكان الرعاة الأوغنديون يتنافسون مع رعاة عبر الحدود مع كينيا. وفي عام 2012، نجحت الحكومة في إطلاق برنامج لنزع السلاح، وجلبت بذلك هدوءاً نسبياً إلى المنطقة. كان الهدوء هشاً، بسبب اعتماد المنطقة على الماشية وقلة فرص العمل للشباب البالغين. يقوم برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بتدريب ضباط الشرطة في ريف أوغندا على التدخل في مثل هذه النزاعات والتفاوض على إحلال هدنة. واعتباراً من منتصف عام 2015، تم تدريب 100 ضابط شرطة في كاراموجا وحدها. وعلى نحو الإجمال، درّب البرنامج 300 ضابط في الجزء الشمالي من البلاد. أحد السكان يحمل لافتة تشجع على مشاركة المدنيين خلال اجتماع حول الشرطة المجتمعية في مقديشيو. جنّدت الشرطة الصومالية متطوعين من الأحياء للإبلاغ عن السلوك المريب. قال أحد الضباط لمسؤولين من الأمم المتحدة، “بدون عمل الشرطة المجتمعية، يستحيل توفير الأمن للملايين من أفراد المجتمعات المحلية بقوة شرطة صغيرة في المنطقة”. ومنذ منتصف عام 2015، تم تشكيل ست مجموعات أمنية محلية في المنطقة لمواصلة التدريب عندما ينتهي تمويل الأمم المتحدة. وفيما يلي بعض الطرق الأخرى التي تختبرها دول أفريقية في مجال الشرطة المجتمعية: ناميبيا - شاركت شرطة المدينة في العاصمة ويندهوك قوة الشرطة الناميبية في تشكيل شرطة للمجتمعات المحلية ولحل المشاكل. وفي إطار البرنامج، يتم تدريب الشرطة لتكون استباقية، وتجوب المجتمعات التي تخدمها. ويقتضي هذا النهج التواجد المادي المستمر للشرطة في الأحياء التي تخدمها. ويندهوك مقسمة إلى 19 منطقة. والآن، لكل منطقة “محطة متنقلة” على مدار 24 ساعة للدوريات، والتواجد، والاستجابة الفورية للشكاوى والطوارئ. كما تضم شرطة المجتمعات المحلية ولحل المشاكل دوريات لحراسة الأحياء للرصد وجمع المعلومات الاستخباراتية. بوتسوانا - في أواخر عام 2013، شرعت شرطة بوتسوانا في حملة من منزل إلى منزل لزيادة الوقاية من الجريمة، وتحسين سلامة الطرق، وإعادة تنشيط “اللجان العنقودية” الخاملة التي تروّج للتعاون بين الشرطة والمجتمعات التي تخدمها. كان للبلاد 674 لجنة عنقودية وقت الحملة عام 2013. تم تأسيس نظام اللجان عام 2008 بهدف إشراك الأحياء، ومسؤولي المدارس، والشرطة والزعماء السياسيين على نحو أكبر في سلامة مجتمعاتهم. إثيوبيا - تستعين لجنة شرطة أديس أبابا بالشرطة المجتمعية، حسب ما أوردته وكالة الأنباء الإثيوبية، في تعبئة الجماهير. وقال المسؤولون إن أعمال الشرطة الجديدة خفّضت الجريمة الخطيرة بنسبة 35 بالمائة من عام 2013 إلى عام 2014. وعلى وجه التحديد، قال قائد الشرطة سليمان فانتاهون إن الشرطة المجتمعية حققت نتائج أفضل في مكافحة الجريمة، بما في ذلك القتل، وتهريب الأسلحة والمخدرات. بدأ البرنامج عام 2012. وهدفه هو توعية الشرطة بالمجتمعات التي تخدمها والعمل مع السكان لتحديد المشاكل الأساسية. وتشارك في البرنامج الآن كل البلدات العشر التابعة لأديس أبابا. النيجر - تعتمد الشرطة المجتمعية في النيجر بصورة فضفاضة على النماذج الغربية. فالشرطة الوطنية مسؤولة عن الحفاظ على القانون والنظام، والسلامة العامة، والصحة العامة، والهجرة، والحماية والاستخبارات. تعمل شرطة النيجر مع السكان، وشيوخ القبائل، والزعماء الدينيين، وأصحاب الرأي، وممثلي النقابات والمسؤولين المنتخبين محلياً. يقول كتاب الشرطة المجتمعية في مجتمعات السكان الأصليين الذي صدر عام 2013، وحرره ماهيش نالا وغريم نيومان، إنه على الرغم من تواجد الشرطة المجتمعية في النيجر منذ فترة طويلة، فإنها تزداد تنظيماً. فرؤساء البلديات يدرجون الآن أعمال الشرطة المجتمعية في ميزانيتهم السنوية، وتجتمع الشرطة بانتظام مع الزعماء الدينيين، الذين يشكلون قوة عظيمة. كما تشرف الشرطة على دوريات المتطوعين.