يقتصر فهم الأمن في كثير من الأحيان على النزاع المسلح أو حالات العنف. وبالتالي، يتركز معظم التخطيط الأمني للحكومات على الجيش والشرطة مع استبعاد قطاعات هامة مثل الصحة والصرف الصحي. وأدى هذا المفهوم الضيق للأمن إلى تعقيد عملية مكافحة المرض في أفريقيا.
وطبقاً للباحث محمد أيوب، فإن الأمن يتحدد من واقع علاقته بنقاط الضعف الداخلية والخارجية التي يمكن أن تضعف بشكل كبير الهياكل والأنظمة الإقليمية والمؤسساتية للدولة. وهذا يعني أن أي شيء يشكل خطراً على بقاء وحياة الفرد هو قضية أمنية.
إن عدم وجود صرف صحي أساسي، مقروناً بآثار الصراع مثل تدمير البنية التحتية والنظم الصحية لبلد ما، يعرقل محاولات مكافحة تفشي الأمراض على نحو فعّال. وليس من المستغرب أن منظمة الصحة العالمية لاحظت أن العديد من الدول الأكثر تضرراً من التفشي الأخير لفيروس الإيبولا لديها نظم صحية ضعيفة وتفتقر إلى الموارد البشرية والبنى التحتية بعد فترات طويلة من الصراع وعدم الاستقرار.
وتُعد مكافحة العدوى والنظافة العامة قضيتين رئيسيتين. فالصابون والمياه النظيفة غير متوفرين في بعض المناطق. والحاجة تدعو إلى توفر واسع النطاق لمحاليل كحولية لدعك اليدين. ومرافق العزل حيوية لاحتواء الإيبولا، وكذلك المختبرات للفحص نظراً لأهمية التشخيص السريع. وفي بعض المناطق، لا يتعدى العزل مجرد مساحة وراء ستار.
كذلك فإن أوجه قصور الصرف الصحي تقوّض الصحة العامة. وتقول دائرة الصحة العامة والبيئة التابعة لمنظمة الصحة العالمية إنه على الرغم من أن 1,8 مليار شخص تمكنوا من الوصول إلى مرافق أساسية للصرف الصحي منذ عام 1990، فإن أكثر من 2,5 مليار آخرين- نحو— 37 بالمائة من سكان العالم —–لا يزالون محرومين من مرافق صرف صحي.
وغانا، مثلها مثل العديد من البلدان الأفريقية، تعاني من مشكلة النفايات والتخلص من القمامة، لا سيما حول العاصمة أكرا. وكثيراً ما تفيض صناديق القمامة في محطات النقل بالمدينة، والتبول والتغوط في الأماكن العامة أمر شائع. وتتفشى الكوليرا بانتظام خلال موسم الأمطار في غانا وأماكن أخرى، مما يؤكد أهمية معالجة النفايات والتخلص منها على نحو سليم. في عام 2014، أصاب تفشي الكوليرا في غانا أكثر من 27900 شخص وقتل 217، طبقاً للمراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها. فالمرض ينتشر عندما تتلوث المياه بالنفايات البشرية. وأثناء تفشي الكوليرا، دعا الرئيس جون دراماني ماهاما السلطات البلدية والمواطنين إلى الاشتراك في عمليات النظافة بصورة منتظمة. كما شدد على الحاجة إلى غسل اليدين وتعهد بتوزيع صناديق قمامة مجانية على جميع الأسر حتى لا ينتهي بالمطاف بالنفايات في المزاريب.
يقال إن الوقاية خير من العلاج، وهذا صحيح في مكافحة المرض. وطبيعة الإيبولا في أنها مرض ينتقل باللمس ولا ينتشر عن طريق الهواء، يجعلها هدفاً مثالياً للوقاية. وآليات الوقاية فعالة من حيث التكلفة وتشمل ارتداء الملابس الواقية والاغتسال بمنتجات مثل الصابون والكلور. وعلى النقيض من ذلك، فإن العلاج يحتاج إلى موارد كثيرة وغالباً ما يبوء بالفشل. فعلى سبيل المثال، تكلف بناء مركز لإدارة الإيبولا يضم 70 سريراً في مقاطعة بونغ في ليبيريا، 170000 دولار ونحو 1 مليون دولار شهرياً لتشغيله.
ورغم أن أوائل عام 2015 أظهر علامات مبشرة في مكافحة الإيبولا، فإنه لا يزال يتعين على الزعماء الأفارقة أن يتعلموا دروساً مهمة من تفشي الفيروس. فقد حان الوقت ليعيدوا النظر في مفهومهم للقضايا الأمنية، لا سيما إعادة توجيه الإنفاق الحكومي نحو قطاعات هامة، وإن كانت أساسية، مثل الصحة والصرف الصحي. إن مهمة قطاع الأمن هي منع الخسائر في الأرواح البشرية. وإذا تمكن القادة الوطنيون من إعادة ترتيب الأولويات خلال السنوات المقبلة وتوسيع فهمهم للأمن، فإنه يمكن إنقاذ المزيد من الأرواح.
استكمل بنجامين أوفافوجي درجة الماجستير في حقوق الجنسين، والسلام والأمن في آذار/ مارس 2015 في مركز كوفي عنان الدولي للتدرب على عمليات حفظ السلام، في أكرا.
التعليقات مغلقة.