الأيدلوجيات تحت المجهر بواسطة ADF آخر تحديث سبتمبر 5, 2014 شارك مكافحة التطرف على الإنترنت تتطلب مصداقية ومثابرة أسرة أيه دي إف إنها معركة حامية تتأجج فيها العواطف وتتطاير الطلقات ذهاباً وإياباً. ولكن المشاركين في هذه المواجهة يستخدمون الكلمات بدلاً من الأسلحة، وتقتصر تلك الكلمات على 140 حرفاً لكل رسالة. على مدى سنوات ظل الرائد إيمانويل شرشير، وهو ضابط شؤون عامة بقوات الدفاع الكينية، يخوض حرباً معلوماتية على تويتر مع جماعة الشباب الإرهابية. ويستخدم موقع التواصل الاجتماعي لتقويض اكاذيب خصومه، وتصحيح المعلومات المضللة، والأهم، التحدث مباشرة إلى المدنيين، وإطلاعهم باستمرار على سير القتال على الأرض في الصومال. والهدف النهائي، كما قال، هو كسب معركة الأيديولوجيات. قال شرشير في مقابلة مع موقع Sabahi Online، “لقد استخدمنا نفس المنبر الذي تستخدمه جماعة الشباب لتقويض أجندتها. لقد كان تأسيس وجودنا وقيادتنا في الفضاء الإلكتروني عنصراً غاية في الأهمية بالنسبة لنا في محاربة العدو”. في بعض الأحيان تكون التغريدات فكاهية. في واحدة منها كتب شرشير إلى حساب الشباب على تويتر، HSMPress، يبلغهم بأن عليهم أن يكفوا عن ”حرمان النساء من ارتداء حمالات الصدر”. وتسعى تغريداته في بعض الأحيان إلى إبراز نفاق الجماعة. فبعد أن خلّفت غارة بالقنابل 30 قتيلاً في صفوف جماعة الشباب عام 2013، كتب شرشير يقول: “ليت [منظمة أطباء بلا حدود] كانت لا تزال تعمل في الصومال”. وكانت جماعة الشباب قد أرغمت مجموعة الإغاثة على مغادرة البلاد في آب/ أغسطس 2013 بسبب هجمات متكررة عرّضت سلامة الأطباء للخطر. مقاتلان سابقان في حركة الشباب أثناء فعاليات عام 2009 ، يشرحان قرارهما الانشقاق عن الجماعة المتطرفة. قال شرشير، المعروف على نطاق واسع باسم “الرائد المغرّد”، إنه على الإنترنت من الساعة 6 صباحاً حتى منتصف الليل كل يوم، ويرى أنه من الأهمية بمكان الرد على ادعاءات جماعة الشباب في الوقت الحقيقي. قال شرشير في مقابلة مع محطة التلفزيون الكينية إن تي في، “إن الزمن تجاوز الطريقة التقليدية في عمل الأشياء. فنحن بتبنينا مواقع التواصل الاجتماعي في هذا الوقت بالذات من العملية، إنما نريد أن نبيّن للجميع، ونقدم لهم صورة واضحة عما يجري ابتداء من ساحة القتال إلى بيوتهم وأجهزة الكمبيوتر المحمولة الخاصة بهم وهواتفهم المحمولة”. جبهة جديدة تُعد الإنترنت، في الحرب ضد التطرف، مجالاً حيوياً لتجنيد أتباع متشددين وكذلك لتفنيد الفكر المتطرف والادعاءات الكاذبة. فقد وجد خبراء مكافحة الإرهاب أن كسب معركة الفكر على الإنترنت أرخص من مقاتلة متعصب متصلب في ساحة القتال أو في المدينة. ولكن حرب الإيديولوجيات تتطلب الخروج مما يعتبره كثيرون منطقة راحة. فهي تتطلب الاشتباك مع العدو على قدم المساواة بصورة نزيهة. فلا أحد منهما يسيطر على وسيلة التعبير، وتميل محاولات خنق حرية التعبير على الإنترنت إلى أن تكون غير فعّالة. فعلى سبيل المثال، بعد الهجمات على مركز التسوق وستغيت في كينيا، أغلقت تويتر العديد من الحسابات المرتبطة بجماعة الشباب. وفشلت هذه الاستراتيجية. فسرعان ما ظهرت حسابات جديدة لتحل محل الحسابات المحظورة، وربما استفادت جماعة الشباب من الاهتمام الذي رافق ذلك. كتب المحلل جيمي كير يقول، “نظراً لهياكلها المسامية، لا يسع الرقابة أن تركز بشكل صحيح على رسائلها الإعلامية. فإذا كانت تويتر عازمة بجدية على الحد من عمليات جماعة الشباب على شبكتها، فإنها ستعاني وينتهي بها المطاف إلى سيناريو ‘القط والفأر’ حيث تغلق حساباً مخالفاً ليُفتح حساب جديد في نفس الوقت”. علاوة على ذلك، فإن محاولات إغلاق مواقع إرهابية أو حسابات تواصل اجتماعي يمكن أن تحجب أداة قيّمة لجمع المعلومات الاستخباراتية. فكثيراً ما تشمل التغريدات بذور معلومات مهمة، وأحياناً ما تضم قوائم أتباع حساب متطرف على تويتر أشخاصاً متعاطفين مع الإرهابيين أو ممولين للإرهاب. لذلك، كيف يمكن للمرء صياغة رسالة فعالة مناهضة للإرهاب؟ خلص الباحث مايكل بيزوتو إلى أن أي حملة لمكافحة الفكر الإرهابي يجب أن تنجح أولاً على مستويين. يجب أن تكون ذات مصداقية، ويجب أن تكون متوافقة. والرسالة ذات المصداقية تأتي من مصدر يرى الجمهور أنه موثوق به وأصيل. فمثلاً، سيكون لعالم دين مصداقية فورية بشأن مسائل العقيدة الدينية. والرسالة المتوافقة تنتشر بصوت وبوسيلة يسهل وصول الجمهور إليها وفهمها. فعلى سبيل المثال، لن تكون رسالة على الإنترنت متوافقة مع جمهور يستقي معلوماته من الإذاعة. وبالمثل، فإن دراسة أكاديمية مكثفة ربما لا تكون متوافقة مع شباب غير متعلم. والهدف، كما كتب بيزوتو، “هو تعطيل أقوى سلاح لدى الإرهابي- الأيديولوجية – وليس فقط منع المجندين المحتملين من الانضمام إلى صفوف منظمات إرهابية، وإنما أيضاً زرع رسالة بديلة داخل المنظمة الإرهابية نفسها، مما يتسبب في زيادة عدد المنشقين”. وهذه الاستراتيجية، التي يسميها بيزوتو “تبديل المراسلة”، يجب أن يكون لها هدف واضح في الذهن. قالت المحللة ليات شيتريت من المركز العالمي للأمن التعاوني إن حملة المراسلة الفعالة لديها أربعة أهداف هامة: 1. إضعاف الشخصيات المذهبية كثير من الجماعات الإرهابية قادرة على تجنيد الشباب والانفعاليين بالترويج لشخصيات “مذهبية” جذابة. وهي تبذل جهداً مضنياً لتصوير هذه الشخصيات على أنها تتسم بالحكمة، والنزاهة ولا تشوبها شائبة تقريباً. وشملت شخصيات من هذا القبيل استخدمتهم القاعدة في الماضي أنور العولقي وأسامة بن لادن. ولعب مختار بلمختار دوراً مماثلاً لحساب تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي. تطلق هذه الشخصيات فيديوهات تجنيد، تناقش في غرف الدردشة، وكثيراً ما تعرض مشاحنات دينية وسياسية على الإنترنت. ولكن نفس التكنولوجيا يمكن أن تُستخدم لإبراز نفاق هذه الشخصيات. ويمكن تحقيق ذلك بإظهار التفاوت بين المعتقدات المعلنة وأسلوب الحياة. فعلى سبيل المثال، تضررت سمعة المؤسس الراحل لجماعة بوكو حرام، محمد يوسف بالكشف عن أنه كان يعيش ببذخ، وكان متعلماً تعليماً عالياً، ويقود سيارة مرسيدس بنز. وكان نمط الحياة هذا متناقضاً مع تصريحاته العلنية، التي كان يرفض فيها الثقافة والتعليم الغربيين. 2. تحدي العقيدة المتطرفة يعتمد عدد كبير من الجماعات المتعصبة على تفسيرات ملتوية للإسلام لتحفيز المجندين والإيقاع بهم. وتميل هذه التفسيرات إلى أن تكون سهلة التفنيد، حيث يمكن لوسيط موثوق به (مثل عالم دين أو مقاتل سابق)، أن يغّير أفكار بعض المقاتلين عن طريق تحدي النهج العقائدي للجماعات الإرهابية. حققت موريتانيا بعض النجاح في هذا الصدد من خلال برنامج إرسال أئمة إلى السجون لمناقشة المقاتلين السلفيين المقبوض عليهم الذين ينتظرون المحاكمة. وتم بث بعض هذه المناقشات على التلفزيون العام. 3. تبديد مجد نمط حياة الإرهابيين عادة ما يصور المؤيدون القضية الإرهابية على أنها قضية شريفة، ومجيدة وعادلة. غير أن واقع الحياة اليومية مختلف إلى حد بعيد. ويجب أن يؤكد وجهة النظر المضادة على عزلة المشارك وألمه الجسدي، والألم الذي لحق بضحايا هذه الجماعات. في عام 2012، أجرت وكالة أسوشييتد برس مقابلة مع مقاتلي جماعة الشباب الذين فروا من الجماعة وسردوا الظروف الرهيبة. قالوا إن الطعام كان شحيحاً وأن قادة الشباب قتلوا بعض أصدقائهم أمام أعينهم. وقال مقاتل سابق، “شعرت وكأنني في قفص مثل الحيوانات. بل إنه لم يكن يُسمح لنا بالاتصال هاتفياً بوالدينا”. تبذل الجماعات الإرهابية أيضاً جهوداً مضنية لنزع الصفة الإنسانية عن أولئك الذين يستهدفونهم. أن الردود المضادة الفعالة تعطي صوتاً لهؤلاء الضحايا وتواجه أتباع الإرهابيين بالتكلفة الحقيقية والبشرية لأعمالهم. وقد نجحت منظمات مثل الشبكة العالمية للناجين، التي جمعت شهادات من ضحايا الهجمات الإرهابية في ست قارات، أظهار تداعيات الأرهاب على الأنسانية. وجدت بعض المنظمات أن المنشقين هم أفضل رسل لأنهم يتمتعون بمصداقية فورية لدى الجمهور. قال خبير الإرهاب الدكتور عمر عاشور من جامعة إكستر بالمملكة المتحدة إن هذه الأصوات قوية ومقنعة لآذان الصغار. كتب عاشور يقول، “لأول مرة في تاريخ الجهادية نقابل “كتلة حرجة” من المتشددين السابقين الذين تمردوا، ليس ضد سلوك الجهاديين الحاليين وحسب، وإنما أيضاً ضد الفكر الذي يحفزهم. ورسالتهم إلى الجيل الناشئ من المتعاطفين والمجندين المحتملين بالغة القوة: نحن كنا رواد الجهادية ومؤلفي جزء كبير من أدبها. هذه هي تجاربنا وهذا هو مكمن الأخطاء”. 4. عرض صوت “ذكي في الشارع” ومتطور محلياً تميل الجماعات الإرهابية إلى تجنيد من هم على هامش المجتمعات. وكثيراً ما يستهدف المسؤولون عن التجنيد الشباب الذين يشعرون أنهم منفصلون عن التيار الرئيسي ومحرومون مالياً. وهذا يفسّر السبب في أن الأحياء الفقيرة في أجزاء كثيرة من العالم كانت أرضاً مثمرة لمتطرفي المستقبل. ولتغيير وجهة هذه الفئة من السكان المعرضة للخطر بعيداً عن الإرهاب، فإن الخطاب المكتوب بصوت الأكاديميين أو النخبة لن يكون فعّالاً. إذ يجب أن يبدو أصيلاً ويتردد صداه لدى هذه الفئة. ومن الأمثلة الناجحة على هذا واياها كوساب، وهي فرقة من فناني الهيب هوب الصوماليين المقيمين في كينيا التي اكتسبت أتباعاً من الشباب المتواصلين مع موسيقى الفرقة وأغانيها التي تندد بجماعة الشباب. كما اكتسبت الفرقة الاحترام لأن بعض الموسيقيين هاجمتهم الجماعة الإرهابية لأنهم رفضوا أن تُسكت أصواتهم. الدور الحكومي من الواضح أن الهيئات الحكومية، والجيش والشرطة قادرون على أرسال رسالة مضادة للإرهاب تصل إلى جمهور كبير. فلديهم إمكانية الوصول إلى البنية التحتية المتطورة للعلاقات العامة ويمكن في معظم الحالات أن ينشروا رسالتهم عبر الإنترنت، أو الصحف، أو الإذاعة أو التلفزيون. السؤال هو: هل يمكن أن تكون لهم مصداقية؟ في نظر المتطرفين، فإن رسالة من الجيش أو مصدر حكومي تندد بالإرهاب تكاد تعادل تقريباً تأييدهم. فهم يعتقدون أن قضيتهم عادلة وأن الحكومة أو الجيش هم العدو. ويروا أن تنديد تلك المؤسسات بهم وسام شرف. أذاً ماذا يمكن لخبراء الأمن أن يفعلوه للرد على ذلك؟ يقول بيزوتو إنه حيثما يوجد رسل يتمتعون بالمصداقية مثل المنشقين عن الجماعات الإرهابية، تستطيع الحكومة دعمهم حتى يتمكنوا من نشر الرسالة على نحو أفضل. كتب يقول، “يجب أن تتركز المساعي على العناصر الخارجية التي لا تؤثر على الرسالة أو الرسل بأي طريقة، مثل توفير الموارد (أي المالية، الإسكان) للإرهابيين المنشقين. فهؤلاء الأفراد قد يواجهون ضائقة مالية غير متوقعة وقطيعة عن عائلاتهم بعد أن يغادروا المنظمة الإرهابية، وكانت مساعدة المنشقين، في بعض الحالات، فعالة للغاية من حيث الحيلولة دون ارتدادهم للسلوك السابق”. يشعر بيزوتو أن من الأفضل، مع ذلك، أن تظل الحكومة في الظل أثناء حملات المراسلة. وتكون جهود التوعية العامة بالأضرار التي يلحقها الإرهاب بالضحايا وبالاقتصاد على أقصى قدر من الفعالية عندما تنظمها مجموعات المجتمع المدني ولا تكون مقرونة بموافقة الحكومة أو الجيش. تدل التجارب الحديثة أن التدخل الحكومي الزائد عن الحد يأتي بنتائج عكسية. فقد فقدت مؤسسة كويليام البريطانية، التي تدعو لمناهضة التطرف الإسلامي، مصداقيتها في نظر البعض عندما ترددت أنباء عام 2011 بأنها ممولة جزئياً من جانب الحكومة البريطانية. مع أخذ هذا في الاعتبار، قد يجد خبراء الأمن أن التمسك بالحقائق عند الانخراط مع المتطرفين على الانترنت، هو الأكثر فعالية. وقد دأب شرشير الكيني بانتظام على استخدام منبره في تبديد الخرافات التي تروجها جماعة الشباب، بما في ذلك الإعلان بأن المتشددين أسقطوا طائرة مقاتلة كينية وأغرقوا سفينة تابعة لسلاح البحرية. كما يدرج شرشير النجاحات اليومية لقوات الدفاع الكينية وقوات بعثة الاتحاد الإفريقي في الصومال، مع عدد مقاتلي جماعة الشباب الذين قتلوا أو أسروا. قال، “إننا نذيع مكاسبنا ونضرب عقول مقاتليهم لطمة بعد لطمة”. ومن بين أكثر تغريدات شرشير شعبية تحذيره الكينيين والصوماليين من مغبة بيع حميرهم لحركة الشباب لأن هذه الحيوانات تُستخدم في حمل الأسلحة. من الصعب قياس تأثير هذا النوع من التواصل على الإنترنت، ولكن في 9 كانون الثاني/ يناير 2014، أصدر زعماء حركة الشباب بياناً اعتبره البعض راية استسلام بيضاء في حرب المعلومات. إذ قالت الجماعة إنه سيبدأ بعد 15 يوماً حظر جميع خدمات الإنترنت والهواتف النقالة في المناطق الخاضعة لسيطرتها. لقد بدأت الجماعة، التي تباهت ذات مرة بأنها داهية تكنولوجية، في الانتقال من باب لباب لمصادرة الهواتف النقالة التي تستقبل الإنترنت في القرى الصومالية. q
التعليقات مغلقة.