فيسبوك تويتر لينكدإن بينتيريست البريد الإلكتروني العقيد دانييل هامبتون مركز أفريقيا للدراسات الاستراتيجية خدم هامبتون، المستشار العسكري في مركز أفريقيا للدراسات الاستراتيجية، لمدة 29 عاماً في الجيش الأمريكي كضابط مشاة وضابط منطقة أجنبية، بما في ذلك منصب المحلق الدفاعي لدى ليسوتو، وملاوي، وجنوب أفريقيا، وسوازيلاند وزيمبابوي. هذه المقالة نسخة مقتبسة من تقرير استعلام أمني لمركز أفريقيا للدراسات الاستراتيجية عام 2014. وتم تنقيحها لتتناسب مع هذا الإطار. تحتفظ الدولة بجيش للدفاع عن حدودها، وردع العدوان، والقتال والانتصار في الحروب. وهذه مهام عادة ما ترتبط بالقوات التقليدية. ومع ذلك، فإن دولاً كثيرة أكثر احتمالاً لاستدعاء جيوشها للقيام بعمليات دعم سلام عن خوض المعارك التقليدية. وتوفر أكثر من 100 دولة أفراداً عسكريين لدعم 16 عملية سلام جارية تابعة للأمم المتحدة. ويقوم عدد أكبر من الدول بتدريب، وتوفير الموارد وتجهيز قواتها المسلحة لتحقيق الكفاءة في المهارة العسكرية الفريدة المطلوبة لحفظ السلام. ينطبق هذا بشكل خاص على أفريقيا. ولا يقتصر الأمر على أن 78 بالمائة من قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة يخدمون في أفريقيا وحسب، وإنما نحو نصف جميع قوات حفظ السلام هم من الأفارقة. إذ يخدم أكثر من 70000 عسكري من 39 دولة أفريقية في عمليات حفظ سلام حول العالم. ونظراً لأن معظم عمليات حفظ السلام تقع في أفريقيا، فإن من المصلحة الإقليمية للدول الأفريقية المشاركة، وتحقيق الاستقرار والمساعدة في تشكيل بيئات ما بعد النزاع. كما يمكن أن تعزز المشاركة في عملية حفظ سلام الميزانيات الدفاعية المحدودة الموارد. فحينما تنشر دولة مساهمة بقواتها، فإن ما يرافق ذلك من سداد الأمم المتحدة لراتب كل جندي، مقروناً بسداد تكاليف المعدات المملوكة للوحدات، يزود الدولة المساهمة بقوات بحصيلة مالية كبيرة. فعلى سبيل المثال، فإن تمويل كتيبة من 800 فرد في عملية حفظ سلام تابعة للأمم المتحدة يمكن أن يعني 7 ملايين دولار للدولة المساهمة بقوات على مدار مدة التناوب التي تستمر ستة أشهر. وترى الجهات الخارجية (مثل الدول الغربية) أفضلية لديها في عرض التدريب والمعدات على الحكومات الأفريقية عوضاً عن نشر قواتها الخاصة في المناطق المتأزمة. ويُنظر إلى توفير التدريب والمعدات على أنه مجهود منخفض التكلفة لمعالجة أزمة أمنية ناشئة أو قائمة، وأنه يوطد علاقات التعاون الأمني مع الشركاء الأفارقة. جنود من قوة الدفاع الشعبي الأوغندي، يمسك أحدهم بقطعة خشب تمثل سلاحاً، يتدربون في عمليات حضرية في مركز سنغو للتدريب على عمليات دعم السلام في كاكولا، بأوغندا. أسوشييتد برس وقد أسفر هذا التقاطع في مصالح الدعم المتبادل عن وفرة من البرامج، والنشاطات، والتدريبات والفعاليات التي تستهدف زيادة قدرة حفظ السلام. ومع ذلك، فإن الآثار الملموسة والفوائد الطويلة الأمد لهذه الجهود لا تزال مفتوحة للنقاش. ورغم حقيقة أن القدرة كثيراً ما تُخلق أو تتعزز لمعالجة أزمات أو مهام محددة، فإن القدرة المستدامة والاستعداد العملياتي قصيرا الأجل. ويتضح ذلك من خلال الدورات المتكررة لبرامج التدريب التي تقودها الجهات المانحة والعجز المتكرر للاتحاد الأفريقي عن الاستجابة السريعة للأزمات الناشئة. لقد أعربت دراسة للاتحاد الأفريقي حول الأزمة في مالي من عام 2012 إلى عام 2013 عن أسفها “لعجز أفريقيا، رغم التزامها السياسي تجاه مالي، عن التصدي للطوارئ”. تحدي الاحتفاظ بالجاهزية كثيراً ما يتميز النموذج المتعارف عليه للمساعدة التي تقدمها الجهات المانحة لعمليات حفظ السلام “بالتدريب والتجهيز”. وعادة ما يقوم جيش أفريقي بتجميع لفيف من المتدربين، وهي مجموعة قد تكون أو لا تكون هي الوحدة الفعلية للقوات التي سيتم نشرها في عملية ما. وعادة ما يكون المعلمون الذين يوفرون التدريب جنوداً غربيين، أو في أكثر الأحيان، متعاقدين عسكريين من القطاع الخاص. ويتم التبرع بحزمة معدات قد تتوافق أو لا تتوافق مع مخزون الدولة المضيفة، وقطع غيار وأنظمة صيانة. وينتج النموذج في أفضل الحالات كفاءة عارضة وعابرة. والولايات المتحدة هي الدولة المانحة السائدة. فمن خلال برامج مثل المبادرة الأفريقية للتصدي للأزمات، والتدريب والمساعدة لعمليات الطوارئ في أفريقيا، ومبادرة عمليات السلام العالمية، قامت الولايات المتحدة بتدريب أكثر من 250000 جندي أفريقي في عمليات دعم السلام بتكلفة نحو 228 مليون دولار سنوياً. وهذا يشير إلى أن هناك ربع مليون من قوات حفظ السلام الأفريقية المدربة تدريباً جيداً جاهزة للانتشار. ليس هذا هو الواقع. فجميع المهارات العسكرية قابلة للتلف بطبيعتها. فقوات حفظ السلام المدربة في الماضي ليست قوات مدربة في الحاضر، كما أن قوات حفظ السلام المدربة في الحاضر لا تشير إلى أنها متاحة للمستقبل. إذ تظهر على الجنود علامة تدهور في الاحتفاظ بالمهمة بعد 60 يوماً. وبدون ممارسة أو إعادة تدريب بعد 180 يوماً هناك خسارة تقدر بـ 60 بالمائة في الاحتفاظ بالمهارة. بل إنه فيما يتعلق بالتدريب الجماعي على المهام (تدريب الفريق)، يكون معدل التدهور أكثر سرعة. ويشكل التماسك الجماعي عائقاً متكرراً أمام القدرة المستدامة لحفظ السلام. ففي وحدات حفظ السلام الأفريقية، يكون التدريب الذي تتلقاه الوحدة في كثير من الأحيان عبارة عن تشكيل غير متجانس من منظمات متعددة وجرى تضخيمه بجنود لم يسبق لهم مطلقاً أن تدربوا معاً. في هذا السيناريو، وعند استكمال التدريب تتفرق المجموعة، وتكون كفاءة المهمة الجماعية قد ضاعت في جوهرها. وفي الحالات التي يُنشر فيها التشكيل المدرب مباشرة في عملية دعم سلام، يُحتفظ بالكفاءة لفترة أطول. ومع ذلك، فعند استكمال نوبة عادية تستمر ستة أشهر، لا يمكن وصف التشكيل بأنه رصيد مدرب لحفظ السلام إذا لم يحتفظ بالتماسك ويتلقى تدريباً مستداماً. إن الاحتفاظ بتماسك الوحدة بعد الانتشار مسألة صعبة بسبب إعادة التكليفات، والترقية، والإحلال والتجديد. وبالتالي، فإن الحاجة إلى تدريب مؤسسي ضمن نظام قائم للتعليم العسكري المهني، عنصر مهم للقدرة المستدامة على حفظ السلام. وتفتقر العديد من الدول الأفريقية لنظام فعال للتعليم العسكري المهني ليكون مكملاً للتدريب الذي يقدمه الشركاء الدوليون. والنتيجة هي أن المعرفة والخبرة المكتسبة تتلاشي، ولا تتعزز القدرة ولا يُحتفظ بالإمكانيات. ومن الواضح، أن مفتاح الاحتفاظ بمهارات حفظ السلام يكمن في تدريب أصيل ومؤسساتي. ويقر البرنامج الأمريكي للتدريب والمساعدة لعمليات الطوارئ في أفريقيا بهذا المبدأ في بيان مهمته، ولكن لم يتحقق حتى الآن سوى نجاح محدود في إنشاء مؤسسات تدريب مستدامة لحفظ السلام داخل أفريقيا. ولدى استهلال برنامج المبادرة الأفريقية للتصدي للأزمات عام 1997، كان هناك تركيز معلن على “تدريب المدرب”. ولكن لم يتم تنفيذ مثل هذه المنهجية بشكل كامل. وعندما انتقل برنامج المبادرة الأفريقية للتصدي للأزمات إلى البرنامج الأمريكي للتدريب والمساعدة لعمليات الطوارئ في أفريقيا عام 2002، استمرت الرغبة في بناء قدرات مؤسسية، ولكن من حيث الممارسة، ظل البرنامج يوفر التدريب للجنود الأفارقة في المقام الأول بدلاً من استحداث كوادر للمدربين المحترفين داخل الجيوش الأفريقية. ولا يزال معظم المدربين الواقفين أمام المتدربين من الأمريكيين ومتعاقدين عسكريين من القطاع الخاص على وجه الحصر تقريباً. وفي الحالات التي يُطبق فيها نهج تدريب المدرب، كثيراً جداً ما أخفقت الدول الأفريقية الشريكة في الاستعانة بمعلمين مدربين لأغراضها المقصودة، وتم إعادة تعيين الكثيرين منهم، ونشرهم بعد فترة قصيرة من التدريب المقدم من الجهات المانحة. ومع التزام عدد أكبر من الدول الأفريقية بتخصيص جزء من قوتها الدفاعية لعمليات السلام، أدركت عدة دول منها المنفعة في إقامة منشآت تدريب مخصصة لحفظ السلام. وإذا رغب شريك دولي في توفير معلمين، وأدوات تدريب وموارد لفعالية تدريب أو تمرين معينة، عندئذ لن تكون هناك للدول المضيفة ميزة ملموسة لتحمل تكاليف الموظفين وتشغيل منشآت التدريب بدوام كامل. ورغم أن هذا قد يبدو عملياً في ميزانية دفاع محدودة الموارد، فإنه نموذج يقدم النذر اليسير في طريق العمر المؤسساتي الطويل. لذلك ينبغي دمج مراكز تدريب حفظ السلام في نظام أكبر للتعليم العسكري المهني. فهذا يضمن القدرة المستدامة ويخلق اقتصادات ذات وزن فيما يتعلق بتكلفة كوادر المعلمين الذين يعملون بدوام كامل وموارد التشغيل. نموذج جديد يجب أن تركز مساعدة حفظ السلام على بناء ودعم المؤسسات الأصلية التي يدرب فيها الكادر المحترف للمعلمين العسكريين الجنود الذين سيشكلون وحدات حفظ السلام. في هذا النموذج الجديد، تكون تكتيكات، وأساليب وإجراءات حفظ السلام جزءاً لا يتجزأ من العقيدة العسكرية ويجري تعزيزها عبر جميع مستويات نظام التعليم العسكري المهني. تُستقى الدروس المستفادة والخبرة العملياتية وتُدمج في المنهج الدراسي والتدريبات العملية. ولا يكمن القياس الحقيقي للنجاح في عدد الأشخاص الذين تلقوا التدريب، وإنما في كيفية محافظة بلد ما جيداً على قدراته وأحتفاظه بدرجة استعداد عملياتي للاستجابة لأي طلب من الاتحاد الأفريقي أو الأمم المتحدة. يجب أن تكون أيام وقوف الجنود الغربيين أمام الجنود الأفارقة كمعلمين رئيسيين، قد ولت منذ وقت طويل. فالواقع، أنه يمكن وصف عدة جيوش أفريقية بدقة بأنها قوات حفظ سلام محترفة لا تحتاج إلى تدريب خارجي يُذكر. فقد قدمت غانا، ورواندا، والسنغال وجنوب أفريقيا قوات لوحدات بعثات الأمم المتحدة بصورة متواصلة تقريباً لأكثر من عقد من الزمان. ومن شأن إدماج هذه الدروس، والكفاءات والخبرات في الأنظمة الأفريقية للتعليم العسكري المهني أن يكون مفتاحاً للقدرات والإمكانيات المستدامة. ومن الميزات الأخرى لإزالة الوجه الغربي من تدريب القوات فرصة تمكين وإضفاء الشرعية على ضباط الصف بالدولة المضيفة. وعندما يقف مدرب أمام وحدة مشكلة، تكون هناك علاقة مفهومة بين الخبير والمبتدئ. إن تدريب كادر من المعلمين المحترفين قبل تدريب وحدة عسكرية يضمن ألا يكون الخبير في الموضوع متعاقداً أمريكياً وإنما ضابط صف من القوة الأفريقية المسؤولة. مدرب عسكري فرنسي يساعد قوات أوغندية في الاستعداد للانتشار في بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال. [وكالة الأنباء الفرنسية/صور غيتي] إن المتطلبات الناشئة لأفراد حفظ السلام الذين يتدربون في الميدان من أجل مهام في مناطق مثل جمهورية الكونغو الديمقراطية، أو مالي أو الصومال سوف تشكل بطبيعتها الوسيلة المستخدمة. ولا يسع المرء أن يستبعد التأثير على المدى القصير الذي يتحقق عبر مهام التدريب والتجهيز لإعداد آلاف من أفراد حفظ السلام للانتشار في مناطق أزمات. ومع ذلك، فإن القضية هي الفرصة الضائعة للمكاسب التي تتحقق على المدى الطويل من ملايين الدولارات التي تُنفق. وإذا تبنت الدول الأفريقية والشريكة وتمسكت بسياسة بناء القدرات المؤسساتية، فإن الطلب على التدريب الرجعي يتلاشى فيما يدعم عدد أكبر من الدول المساهمة بقوات ويحتفظ بمستوى أعلى من الاستعداد العملياتي. ويجب أن يكون الهدف هو خلق الظروف التي تكون فيها مهام التدريب والتجهيز هي الاستثناء، وليس القاعدة. خصصت عدة دول أفريقية مساهمة بقوات في الأمم المتحدة – نيجيريا وجنوب أفريقيا على سبيل المثال- مركز تدريب لحفظ السلام ونظاماً متكاملاً للتعليم العسكري المهني حتى مستوي كلية الدفاع. ومع ذلك، لم يتم تحسين الربط بين الخبرة العملياتية والتعليم المؤسسي. وغابت عن ذلك عملية رسمية وتنظيم يستقى الدروس من الميدان، ويحللها، ويطور ويكيّف مناهج التدريب لاستدامة وتحسين الأداء والقدرات. ويُعد مركز التدريب الدولي لدعم السلام في كينيا ومركز كوفي عنان الدولي للتدريب على حفظ السلام في غانا، مثالين يعبران عن الشراكات الناجحة بين الجهات الدولية والدول الأفريقية من أجل إنشاء قدرات حفظ سلام أصلية. ورغم أن هذه المراكز غير مصممة لتوفير التدريب للكتائب المشكلة، فإنها مصدر ممتاز للتدريب المستدام. وهي في المقام الأول ممولة من جهات مانحة، والإمكانيات دون الإقليمية توفر الفصول الدراسية المتعددة الجنسيات ومحاضرات الندوات على المستويين العملياتي والاستراتيجي. وهذه المراكز الإقليمية ليست بديلاً عن القدرات التدريبية المؤسساتية لحفظ السلام داخل نظام التعليم العسكري المهني. ومع ذلك، يمكن أن تكون عنصراً مكملاً فعالاً لدعم المهارات الحرجة لحفظ السلام والاحتفاظ بها. استدامة قدرات حفظ السلام الأفريقية إن تعزيز القدرات والإمكانيات جهد متواصل، وليس مجرد فعالية. وسوف يقتضي تحقيق هذا تغييرات من الحكومات الأفريقية والشركاء الدوليين. ويجب على الطرفين أن يضمنا تطبيق الموارد والمساعدات على دورة حياة وحدة حفظ السلام من أجل تعظيم الاحتفاظ بالمهارة والخبرة لوحدات المستقبل. وهذا يعني أنه بالإضافة إلى التفاعل قبل الانتشار وبعده، يجب على المعلمين أن يزوروا وحدة في الميدان لتقييم مدى انسجامها مع برنامج التعليم ثم تعديله حسب الضرورة. وتتطلب برامج الجهات المانحة المصممة لزيادة قدرات قوات حفظ السلام الأفريقية نهجاً جماعياً. ويجب تنسيق المساعدات مع الجهود الدولية والإقليمية الأخرى. وينبغي أن تبدأ المساعدات الدولية بالقائمة الأساسية للمعايير القائمة للاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة (“دليل كتيبة مشاة الأمم المتحدة” وثيقة تأسيسية ممتازة للمهارات الأساسية للجندي). ومن هذا الخط الأساسي، يمكن تكييف برنامج تعليم مع تكتيكات، وأساليب وإجراءات وخبرات الدولة المضيفة. كما ينبغي على صناع السياسة الأفارقة أن يحددوا بشكل انتقائي الشراكات الثنائية التي يمكن أن توفر الخبرة أو الموارد التي تنقل قدرات فريدة أو متفوقة. ويمكن تدريس المهارات الأساسية للجندي والمهام الجماعية التقليدية المرتبطة بعمليات حفظ سلام وتحقيق الكفاءة بأسلوب مستقيم ومنظم إلى حد ما. وتتوفر برامج تدريس معتمدة من الأمم المتحدة يمكن لأي كادر تدريب قادر أن يتبناها ويطبقها. ومع ذلك، فإن مهام وطائفة مشاكل أكثر تعقيداً مرتبطة بعمليات دعم السلام ليست قابلة للحفظ عن ظهر قلب. فعلى سبيل المثال، فإن التصدي للعبوات الناسفة المرتجلة، والتخلص من الذخائر المتفجرة، وعمليات المراقبة والاستطلاع الإستخباراتية هي قدرات يمكن أن تقدمها الولايات المتحدة لتعزيز قدرات حفظ السلام الأفريقية بما يتجاوز المهارات الأساسية للجندي. ورغم أن الجيش الأمريكي هو الذي شحذ هذه المهارات أثناء عمليات مكافحة التمرد، فإن تطبيقها في بيئة عملية حفظ سلام واضح على نحو متزايد. والأكثر من ذلك، أن التهديدات والمواقف التي تواجهها قوات حفظ السلام في شرقي جمهورية الكونغو الديمقراطية، ومالي والصومال غير متماثلة بطبيعتها، وتشمل جهات فاعلة لا تتبع دولة ما تمتلك درجات متفاوتة من القدرات، والمعدات والتكنولوجيا. ولسوء الحظ، كثيراً ما يتم حشو المساعدة الأمنية من هذا النوع ضمن إطار برامج مكافحة الإرهاب. وهذا ليس معوقاً وحسب، ولكن يمكن أن يستحضر دلالات سلبية. ومن الأهمية بمكان معالجة طائفة من القدرات المطلوبة في عمليات حفظ السلام وتحاشي وصف مساعدات عسكرية ومهارات معينة على نحو ضيق الأفق. عند الدخول في شراكات مساعدات عسكرية، فإن الأمر يستحق أيضاً دراسة دور المتعاقدين العسكريين من القطاع الخاص. هناك العديد من الفوائد للدول الأفريقية والجهات المانحة في الاستعانة بعسكريين نظاميين بدلاً من المتعاقدين المدنيين في تدريب عملية حفظ السلام. ورغم أن المتعاقدين العسكريين من القطاع الخاص قادرون تماماً ومؤهلون للقيام بأغلب عمليات التدريب بنفس معايير المدربين العسكريين النظاميين، فإن القضية تعود إلى الأثر على المدى القصير مقابل الأثر الطويل الأجل. إذ لا يمكن الاستهانة بالروابط المهنية التي تتأصل أثناء التفاعل العسكري-العسكري. وعلى مستوى الجندي، فإن تبادل التجارب والخبرات خلال تدريب ما مفيد للطرفين. ورغم وجود دور يلعبه المتعاقدون العسكريون من القطاع الخاص في تعزيز زمام المبادرة العسكرية خلال فعاليات التدريب، فإن قيمة التفاعل العسكري – العسكري تستمر إلى ما بعد التدريب. تمثل القدرة على التدريب المؤسسي حجر الزاوية للقدرات المستدامة لحفظ السلام. ويتألف نموذج عام للتدريب على حفظ السلام في أبسط أشكاله، من ثلاث مراحل. في المرحلة الأولى – تدريب المدرب – يتم الاستعانة بخبراء متخصصين دوليين كلما دعت الحاجة لتدريب كادر معلمي دولة مضيفة. وفي المرحلة الثانية – تدريب أفراد حفظ السلام- يراقب المدربون الدوليون ويوجهون المعلمين الأفارقة مع قليل من التفاعل مع المتدربين أو بدونه. والمرحلة الثالثة الأكثر تحدياً – التدريب المستدام – تتطلب الاحتفاظ بكادر مهني دائم داخل قوة الدفاع الأفريقية. وهذا يتطلب إرادة من كبار قادة الدفاع والجيش، وغالباً ما سيقتضي إجراء هيكلة تنظيمية داخل القوة لاستحداث وظائف للمعلمين تكون بمثابة مناصب دائمة وتُعتبر تعزيزاً لمستقبلهم المهني. من الناحية المثالية، وجود كادر محترف من مدربي حفظ السلام داخل نظام التعليم العسكري المهني في مدرسة أو مركز تدريب على حفظ السلام. ويجب إدماج المنهج الدراسي لحفظ السلام في جميع دورات التنمية المهنية، مثل دورات قائد الفصيلة والسرية، وكليات الأركان ودورات ضباط الصف. ورغم أن هذه مسألة اختيارية بالنسبة للقوات الدفاعية الأكثر نضجاً والأفضل تجهيزاً بالموارد، لا يزال من الممكن بالنسبة للجيوش الأقل حظاً تأسيس برنامج التدريب بدون منشأة مخصصة لذلك أو نظام شامل للتعليم العسكري المهني. ويمكن لكادر تدريب حفظ سلام منظم كفريق تدريب متنقل أن يجهز ويدرب الوحدات على نحو فعال كي تحافظ على قدراتها. يجب على الدول الأفريقية أن تستفيد على نحو أفضل بمساعدات الجهات المانحة لزيادة، ثم المحافظة على جاهزية القوة. والجنود الأفارقة هم أفضل مورد لتدريب الجنود الأفارقة. ويجب على الدول الأفريقية ألا تسمح لنفسها بأن تصبح معتمدة على دعم الجهات المانحة للمشاركة في بعثات الأمم المتحدة أو الاتحاد الأفريقي. فمن مصلحتها تطوير والاحتفاظ بقدرة محلية لتكوين قوة حفظ سلام جاهزة للعمل. وبالمثل، يجب على الجهات المانحة أن تنفصل عما يبدو أنها دورة مزمنة لتدريب مئات الآلاف من قوات حفظ السلام الأفريقية، تكون في كثير من الأحيان من بين حفنة بلدان واحدة، مع قليل من التأثير المستدام. إن المصالح المشتركة الحقيقية لكلا الطرفين تتمثل في إنشاء قدرات حفظ سلام مستدامة تكون ذات طابع مؤسسي داخل قوات الدفاع الأفريقية. وقد حان الوقت لتجاوز الطبيعة الرجعية لمهام التدريب والتجهيز وخلق قدرات مستدامة. بناء اللبنات الأساسية للقدرات المستدامة تدريب المدرب: بناء قدرات ضباط الصف الأفارقة. تدريب الوحدة: الأفارقة يدربون الأفارقة. العمل المؤسسي: تخصيص منشأة تدريب أو مفهوم فريق التدريب المتنقل. الاحتفاظ بالخبرات: الاحتفاظ بكادر معلمين محترفين داخل قوة الدفاع. الاستدامة: إدماج كوادر المعلمين والمناهج الدراسية في أنظمة التعليم العسكري المهني. التكيف: استقاء وتحليل الدروس العملياتية وتحديث مناهج التدريب. تعظيم الموارد: تنسيق دعم الجهات المانحة لضمان التكامل.