فيسبوك تويتر لينكدإن بينتيريست البريد الإلكتروني عمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام في كوت ديفوار وليبيريا تقدم دروسأ مستقاة من التحديات إن ما يجمع بين كوت ديفوار وليبيريا يتجاوز مجرد الحدود بينهما. تشترك الدولتان الواقعتان في غرب أفريقيا بتاريخ حديث من الحرب الأهلية والاضطرابات. وفي كل منهما أيضاً بعثات لحفظ السلام تابعة للأمم المتحدة لمساعدتهما على التعافي بعد انتهاء الصراعات. بدأت بعثة الأمم المتحدة في ليبيريا عملها بتاريخ 19 ايلول/سبتمبر 2003 مباشرة بعد الحرب الأهلية الليبيرية الثانية التي بدأت في عام 1999. استعرت الحرب الأهلية الأولى من عام 1989 إلى عام 1996. وكانت مهمة بعثة الأمم المتحدة في ليبيريا هي دعم اتفاق وقف إطلاق النار ؛ وحماية موظفي الأمم المتحدة والمدنيين والهياكل الأساسية ؛ وحماية العاملين في المجال الإنساني ؛ والمساعدة في تدريب ضباط الشرطة الوطنية وإعادة هيكلة الجيش. و كانت الولاية مهمة صعبة بالنسبة لدولة عانت لفترة طويلة من العنف وعدم الاستقرار. وكانت الظروف مماثلة في جار ليبيريا إلى الشرق. بدأت عملية الأمم المتحدة في كوت ديفوار في 27 شباط/فبراير 2004. وتمثلت مهمتها الرئيسية في مساعدة الأطراف المتحاربة على تنفيذ اتفاق السلام الذي تم توقيعه في كانون الثاني/يناير 2003. وواجهت كل مهمة مشاكل كبيرة في سعيها لتحقيق ذلك.. اندلعت أعمال العنف في كوت ديفوار بعد الانتخابات الوطنية التي تمت في تشرين الثاني/نوفمبر 2010 التي فاز فيها الرئيس الحسن واتارا على الرئيس السابق لوران غباغبو الذي رفض التخلي عن السلطة. استخدم غباغبو الجنود والمرتزقة لمقاومة نقل السلطة للرئيس المنتخب لمدة خمسة أشهر في عام 2011 . وقد ألقت السلطات القبض عليه في نهاية المطاف، وتم تنصيب واتارا في 21 أيار/مايو 2011. وجاء التحدي الكبير الذي واجهته بعثة الأمم المتحدة في ليبيريا بعد أقل من ثلاث سنوات على عملها هناك عندما تفشى مرض الايبولا في غرب أفريقيا جالباً الرعب والموت إلى ليبيريا وغينيا وسيراليون. وأدى التفشي الإقليمي الأول لهذا المرض الفتاك إلى مرض 28600 شخص ووفاة 11325 شخصاً. وكانت ليبيريا الأكثر تضرراً، حيث سجل فيها ما يقرب من 11000 إصابة بالممرض و 4810 حالة وفاة، وذلك وفقا لمراكز الولايات المتحدة لمكافحة الأمراض والوقاية منها. ضمنت هذه العوامل أن المهمتين ستكونان صعبتين، ولكنها انتهت – أولاً في كوت ديفوار في 30 تموز/ يونيو 2017، ثم في ليبيريا في 30 أذار/مارس 2018 – بعد تسجيل نجاحات كبيرة. ويمكن تعلم الكثير من كلتيهما. أحد المتمردين الليبريين السابقين يسلم سلاحه لبعثة الأمم المتحدة في ليبيريا. أحد حفظة السلام خلال حملة نزع السلاح. أسوشييتد برس عملية الأمم المتحدة في كوت ديفوار تواجه أزمة انتخابية في عام 2002، حاول جنود إيفواريون الإطاحة برئيس كوت ديفوار آنذاك، غباغبو، الذي كان قد تولى منصبه قبل ذلك بعامين. فشل الانقلاب، ولكن تبعه تمرد، حيث أطلق المتمردون اسم “القوات الجديدة” على أنفسهم. وسيطروا على شمال كوت ديفوار، مما أدى إلى تقسيم البلاد. سيطرت الحكومة على الجنوب، وتحولت الاشتباكات إلى حرب أهلية. وبحسب أليكساندرا نوفوسيلوف من معهد السلام الدولي، “في الفترة من أيلول/سبتمبر 2002 إلى كانون الثاني/يناير 2003، تميزت الحرب الأهلية بمواجهات بين القوات الحكومية والمتمردين، وعمليات الاستيلاء على المدن التي أعقبتها مذابح للمدنيين، والهجمات الجوية بطائرات الهليكوبتر في الغرب، والاختطاف، والاغتيالات المستهدفة، والعنف الجنسي واسع النطاق”. وقد أعطى المرتزقة الليبيريون والسيراليونيون الذين يقاتلون على كلا الجانبين للنزاع دينامية إقليمية. وتدخلت فرنسا في عملية أطلقت عليها اسم عملية ليكورن لصالح الآلاف من مواطنيها الذين كانوا يعيشون في كوت ديفوار، كما تدخلت الجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا عسكرياً في ذلك البلد. في شباط/فبراير 2004، أنشأت الأمم المتحدة عملية الأمم المتحدة في كوت ديفوار، وأدمجت الجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا قواتها في إطار بعثة حفظ السلام هذه. تمسك جباجبو بعناد بالسلطة لغاية الانتخابات الرئاسية في عام 2010 التي خسرها أمام واتارا. وبينما بدأ الرجلان في تشكيل إدارتيهما الخاصتين بهما في أبيدجان، اندلع الصراع مرة أخرى، مما أدى إلى وفاة 3000 شخص وتشريد ونزوح حوالي نصف مليون شخص إما داخلياً أو إلى خارج البلاد قبل اعتقال غباغبو في 11 نيسان/أبريل 2011، وذلك بحسب ما قاله نوفوسيلوف. وخلال هذه الأزمة التي أعقبت الانتخابات، هاجم موالو غباغبو المدنيين في العاصمة، فضلا ًعن دوريات ومقر عملية الأمم المتحدة في كوت ديفوار. وقد عملت عملية الأمم المتحدة في كوت ديفوار جنباً إلى جنب مع قوات ليكورن لإنهاء العنف. وانضمت مروحيتان تابعتان للأمم المتحدة إلى مروحيات هجومية فرنسية لاستهداف مواقع تخزين الذخائر التابعة لقوات غباغبو. في نيسان/ أبريل 2011، ألقت القوات الإيفوارية القبض على غباغبو وزوجته وتم نقلهما جواً إلى لاهاي لمقاضاتهما. وكان أول رئيس دولة سابق يتم القبض عليه بأمر من المحكمة الجنائية الدولية. وتمت تبرئتهما في نهاية المطاف. ومع بدء تقليل عدد افراد بعثة عملية الأمم المتحدة في كوت ديفوار في عام 2013، تم تمديد ولايتها لغاية عام 2017 لأنه كان يتوجب عليها الحفاظ على القدرة على دعم سلسلة من الانتخابات في عامي 2015 و 2016. بعثة الأمم المتحدة في ليبيريا وعملية الأمم المتحدة في كوت ديفوار تتعاونان مع بعضهما البعض جعلت الاضطرابات في كوت ديفوار وليبيريا – والقرب بين البلدين – التعاون بين البعثتين أمراً حتمياً تقريباً. وكانت الحدود المشتركة محور التعاون في المراحل الأخيرة من ولاية بعثة عملية الأمم المتحدة في كوت ديفوار. وقد دعمت جهود كلتا البعثتين الحكومات الوطنية فيما يتعلق بمعالجة أمن الحدود، وعززتا تبادل المعلومات بين العنصرين المدني والعسكري في كل منهما، وذلك وفقًا لتقرير الأمين العام للأمم المتحدة آنذاك بان كي مون إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الذي قدمه في عام 2013. لقد أنتج العمل “أثرًا إيجابياً على العمليات والتحليل”، بحسب ما افاد التقرير. في الواقع، فإنه ابتداء من عام 2005 وعندما كانت بعثة الأمم المتحدة في سيراليون تقترب من نهايتها، طلب الأمين العام للأمم المتحدة آنذاك، كوفي عنان، من مجلس الأمن أن يسمح بالتعاون بين البعثات في كوت ديفوار وليبيريا وسيراليون. وفقا للأمم المتحدة، مثلت هذه الخطوة ابتكاراً هاماً في ذلك الوقت لمثل هذه البعثات، وبعد مغادرة حفظة السلام التابعين لبعثة الأمم المتحدة في سيراليون، انتقلت وحدة صغيرة تابعة لبعثة الأمم المتحدة في ليبيريا إلى فريتاون، سيراليون، لتأمين المحكمة التي كانت تقاضي الجرائم المرتكبة خلال الحرب الأهلية في ذلك البلد. واستمر هذا الترتيب لغاية عام 2012. وللحفاظ على أعداد كافية من القوات في ليبيريا، زاد مجلس الأمن الحد الأقصى لعدد قوات البعثة بمقدار طفيف. وركزت عملية الأمم المتحدة في كوت ديفوار وبعثة الأمم المتحدة في ليبيريا على الأمن ومراقبة الحدود، وتعزيز سلطة الدولة في كلا البلدين، وعودة المشردين وإعادة إدماجهم على نحو مستدام. وقامت قوات بعثة الأمم المتحدة في ليبيريا بدوريات برية وجوية عبر حدود كوت ديفوار وغينيا وسيراليون. واستخدمت هذه الدوريات، التي تسمى عمليات مايو وسيسكين ولوكو على التوالي، كنموذج للعمليات المشتركة المستمرة التي تقوم بها الجيوش في البلدان الثلاثة، وذلك وفقًا لمقال نُشر في عام 2007 على موقع ReliefWeb. كما تواصلت عملية الأمم المتحدة في كوت ديفوار وبعثة الأمم المتحدة في ليبيريا باللاجئين والمجتمعات المحلية في غرب كوت ديفوار وشرق ليبيريا من خلال بث إذاعي. وكانت إذاعة بعثة الأمم المتحدة في ليبيريا على وجه الخصوص واحدة من أثمن الأصول لهذه البعثة، وفقاً لبحث كتبه المحللان السياسيان، دانييل فورتي وليزلي كونولي، لصالح معهد السلام الدولي. وفي ذروتها، كانت إذاعة بعثة الأمم المتحدة في ليبيريا تبث على مدار الساعة بلغات متعددة، وتصل إلى حوالي ثلاثة أرباع البلد، وإلى 80 في المئة من سكانه. وقد كانت إذاعة البعثة ناجحة لدرجة أن الجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا تولت إدارتها فيما بعد لمواصلة البث. واثبت هذا النوع من التواصل بوسائط الإعلام أنه ذو أهمية حيوية في مواجهة أخطر التهديدات التي واجهنة بعثة الأمم المتحدة في ليبيريا: فيروس الايبولا. حفظة السلام السنغاليون يوفرون الأمن أثناء زيارة رسمية إلى أبيدجان، كوت ديفوار. رويترز بعثة الأمم المتحدة في ليبيريا تواجه الايبولا واجهت ليبيريا، مثلها مثل جارتها كوت ديفوار، تحديات صعبة للغاية بعد سنوات من الحرب الأهلية. في عام 2003، كان لدى بعثة الأمم المتحدة في ليبيريا 15000 من حفظة السلام، وأكثر من 1100 ضابط شرطة، وحوالي 2000 موظف مدني، مما جعلها أكبر بعثة لحفظ السلام في ذلك الوقت. وكلفت بعثة الأمم المتحدة في ليبيريا بإعادة إرساء سيادة القانون، وكفالة إجراء انتخابات حرة ونزيهة. ولكن لم يكن بوسع قادة بعثة الأمم المتحدة في ليبيريا، بل والعالم أجمع، أن يتنبأوا بالاختبار التالي. في أوائل عام 2014، تفشى فيروس الايبولا في ليبيريا بينما كانت بعثة الأمم المتحدة في ليبيريا تستعد للانسحاب من ذلك البلد. وسرعان ما تعرضت ليبيريا إلى كارثة، حيث كان يوجد فيها واحد من أقل تجمعات الأطباء في العالم — حوالي 1.4 طبيب لكل 100000 نسمة، أو حوالي 50 طبيباً لدولة يبلغ عدد سكانها 4.8 مليون نسمة. ولكن أحدث وجود بعثة الأمم المتحدة في ليبيريا ,انخراطها فيها فرقاً، مع استجابة المنطقة والعالم لتفشي الوباء. وفقًا ل “قصة بعثة الأمم المتحدة في ليبيريا”، قالت كارين لاندغرين، وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة، في عام 2015، “لقد أدركت الأمم المتحدة والشركاء الآخرون في وقت مبكر جداً أن هذه كانت أكثر من مجرد أزمة صحية عامة”. فقد وانهارت الخدمات الصحية، وارتفعت أسعار السلع الأساسية، مما أدى إلى شواغل أمنية. وأعلنت الحكومة حالة الطوارىء واستدعت قوات الجيش. وقالت لاندغرين، “أنا مقتنعة بأن استمرار وجود بعثة الأمم المتحدة في ليبيريا كان أمراً مطمئناً للسكان، وساهمت حقيقة وجود مكاتب لدينا في جميع أنحاء البلاد في الواقع في جمع الجهات الفاعلة التي كانت تحتاج إلى العمل معاً”. ويمكن اعتبار الدعم الذي تقدمه بعثة الأمم المتحدة في ليبيريا للتصدي للإيبولا، ولا سيما من خلال بعثة الأمم المتحدة للاستجابة الطارئة للإيبولا، نموذجاً يحتذى به. وقال ديفيد بنكليس، مدير دعم البعثة، في “قصة بعثة الأمم المتحدة في ليبيريا”، “على الرغم من أن بعثة الأمم المتحدة للاستجابة الطارئة للايبولا هي بعثة الايبولا الرسمية، إلا أن هيكل بعثة الأمم المتحدة في ليبيريا مكّن بعثة الأمم المتحدة للاستجابة الطارئة للإيبولا من تحقيق ما تحتاجه”. “لو لم تقم بعثة الأمم المتحدة في ليبيريا بتحقيق نتائج لما تمكنت بعثة الأمم المتحدة للاستجابة الطارئة للايبولا من تحقيق نتائج”. واضطرت بعثة حفظ السلام إلى التكيف للتعامل مع الأزمة، بما في ذلك التخلي عن تخفيض قوامها. وكان النقل والإمداد مجالاً رئيسياً. قامت بعثة الأمم المتحدة في ليبيريا بنقل شحنات وصلت إلى البلد جواً، وخزنتها في مستودعات تعاقدت على استئجارها لهذه الغاية. وحدة الشرطة النيجيرية المُشًكلة تغادر مع انتهاء مهمة بعثة الأمم المتحدة في ليبيريا في آذار/مارس 2018. الأمم المتحدة وأحدثت جهود التواصل التي بذلتها بعثة الأمم المتحدة في ليبيريا، ولا سيما من خلال برامجها الإذاعية، قرقاً أيضا. وبدأت البعثة تواصلها بوسائط الإعلام من خلال الإذاعة والمسرح ووسائط الإعلام المرئية لزيادة الوعي بالفيروس والوقاية منه بين الجمهور المتشكك. وكرست محطات البث الإذاعي التابعة للبعثة معظم وقتها للتثقيف الجماهيري بشأن فيروس الايبولا والوقاية منه، بما في ذلك النشرات الإخبارية ومعلومات السلامة وبرامج الاتصال الهاتفي التي يمكن للمستمعين من خلالها التحدث إلى العاملين في مجال الرعاية الصحية والزعماء التقليديين وغيرهم. ومع زيادة التعليم ارتفعت معدلات الوقاية والعلاج المبكر، مما قلل من خطر انتشار المرض. الظروف ليست مثالية في كوت ديفوار أو ليبيريا اليوم، ولكن بعثتي حفظ السلام تركتا البلدين على أهبة الاستعداد للاستفادة من إمكاناتهما ونجاحهما. كوت ديفوار هي قوة اقتصادية في غرب أفريقيا، حيث سجلت نمواً اقتصادياً بنسبة 7.6 ٪ في عام 2017، وفقًا لما ذكره البنك الدولي. وفي ليبيريا، كتب دي ماكسويل ساه كيمايا سينيور، الممثل الدائم لليبيريا لدى الأمم المتحدة، لصالح مجلة عمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام يقول أن بعثة الأمم المتحدة في ليبيريا تدعم بلده في كل قطاع، من نزع السلاح إلى الإصلاح القضائي، وإلى الانتخابات. “إن انسحاب بعثة الأمم المتحدة في ليبيريا يعني أن ليبريا تسير بنحو واثق على طريق الاستقرار الدائم والديمقراطية والازدهار”.