فيسبوك تويتر لينكدإن بينتيريست البريد الإلكتروني الظواهر الجوية المتكررة قد تزيد من حدة المشاكل الأمنية في قارة معرضة لطائفة واسعة من الكوارث البيئية، برز إعصار إيداي المداري. فقد اجتاحت هذه العاصفة المدمرة بشكل استثنائي جنوب شرق أفريقيا في 15 أذرا/مارس 2019، ما أحدث دماراً في موزمبيق، وكذلك في جيرانها ملاوي وزيمبابوي. وقالت الأمم المتحدة أن هذه العاصفة قد تكون أسوأ كارثة تضرب نصف الكرة الجنوبي. بعد ذلك بشهر، أفاد فيلق الرحمة أن الإعصار ترك وراءه ثلاثة ملايين شخص بحاجة إلى المساعدة الإنسانية، وأودى بحياة أكثر من1000 شخص، إلى جانب المئات في عداد المفقودين. بحلول 25 نيسان/أبريل 2019، كان إعصار كينيث يضرب شواطئ موزامبيق، وهذه المرة في شمال شرق البلاد. ضرب إعصار ايداي موزانبيق بينما كانت على وشك البدء في موسم الحصاد. جلب كينيث الأمطار الغزيرة والفيضانات إلى بيمبا، وهي مدينة يقطنها 200000 نسمة، في مقاطعة كابو دلغادو في البلاد. وبحلول 28 نيسان/أبريل كانت العاصفة قد أودت بحياة خمسة أشخاص وسوت المنازل بالأرض. وأفادت صحيفة الغارديان البريطانية أن الأمطار غمرت منطقة معرضة للانهيارات الأرضية والفيضانات، مما جعل السكان يخشون من هيضان الأنهار وتغطيتها لمساحات كبيرة بالمياه. وقد كانت المقاطعة لبعض الوقت موقعاً لهجمات شنها المتمردون. عاصفتان في أقل من شهرين في إحدى أفقر بلدان العالم. عاصفة أدت إلى عرقلة الزراعة في البلاد وضربت الاُخرى منطقة كانت تعاني بالفعل من عنف المتمردين. ومن الممكن أن تؤدي نتائج هذين الحدثين ــ والأحداث المماثلة في أماكن أخرى من أفريقيا ــ إلى تفاقم التوترات القائمة، وشلل الدول الهشة بالفعل. جرفت مياه الفيضانات الناتجة عن إعصار كينيث الطرق والحقت الضرر بالمنازل في بيمبا، موزمبيق، في نيسان/أبريل 2019.رويترز مجموعة متنوعة من التهديدات إن الأحداث الجوية والبيئية الكارثية شائعة في جميع أنحاء القارة، وليست كلها أعاصير قاتلة. على سبيل المثال، في سيراليون في أب/أغسطس 2017، تسببت الأمطار الغزيرة في انشقاق الطين عن جبل شوغر لوف وانزلاقه على مئات منازل الناس في فريتاون أثناء نومهم. “كنا داخل المنزل. وسمعنا الانهيار الطيني يقترب منا، بحسب ما قالته امرأة تدعى أداما لهيئة الإذاعة البريطانية. “كنا نحاول الهرب. حاولت الإمساك، بطفلي لكن الطين كان يتحرك بسرعة كبيرة جداً. وغطاها الطين وهي ما زالت حية. لم أرى زوجي، الحاجي. كان عمر طفلي 7 أسابيع فقط”. وقد قتلت مجاعة مرتبطة بالجفاف في شرق أفريقيا من 2010 إلى 2012 ما يقرب من 260000 شخصاً – نصفهم من الأطفال الصغار – في الصومال وحدها، وذلك وفقاً لتقرير صادر عن الأمم المتحدة. الجفاف والمجاعة شائعان في هذه المنطقة. يعود تاريخ المجاعات القاتلة في إثيوبيا المجاورة إلى ألف سنة على الأقل. يمكن للمخاطر البيئية من هذا القبيل، فضلاً عن الفيضانات وحرائق الغابات وغيرها من الأحداث، أن تعوق قدرة السكان على إعالة أنفسهم من خلال زراعة الكفاف، وأن تحفز الهجرة الجماعية للسكان من منطقة إلى أخرى. ويمكن لهذه الأنواع من الاضطرابات أن تضغط على السكان والموارد وأن تؤدي إلى نشوب الصراعات أو تفاقم التوترات القائمة. لا يمكن للحكومات وقوات الأمن إيقاف الظواهر الجوية، ولكن يمكنها أن تكون على دراية بالاتجاهات البيئية والكيفية التي يمكن لها بها أن تؤثر على مناطق معينة وعلى سكان معينين. تبين الدراسات أن الظواهر المناخية لا تسبب نزاعات، ولكنها يمكن أن تؤدي إلى نشوبها أو تعجيلها. ويمكن للحكومات وقوات الأمن، التي تعرف أين نشأت الصراعات خلال أوقات محددة، أن تتوقع نشوبها مرة أخرى عندما تنشأ ظروف مماثلة. فعلى سبيل المثال، قد يميل الرعاة في منطقة معينة إلى الهجرة إلى الأراضي الزراعية بحثاً عن الماء للماشية أثناء ظروف الجفاف. الجنود الكينيون يطفئون النار بتاريخ 1 أذار/ مارس 2019 في منتزه جبل كينيا الوطني. أدى الطقس الجاف إلى حرق حوالي 14000 هكتار. جيتي إيماجيس حوض بحيرة تشاد يسرد معهد دراسات البيئة والطاقة، وهو منظمة غير ربحية أمريكية ملتزمة بتعزيز المجتمعات المستدامة، تهديدين دوليين رئيسيين من التغيرات البيئية المستدامة: الهجرة الجماعية التي ينتج عنها اللاجئين والمشردين داخلياً، والصراعات التي تتمحور حول موارد المياه. عندما يقع حدث بيئي كبير، فإنه يمكن أن يتسبب في فرار آلاف الأشخاص إلى منطقة أخرى، أو حتى عبروهم الحدود إلى بلد آخر. يوجد أوضح الأمثلة على ذلك في أفريقيا وهي دول حوض بحيرة تشاد، أي الكاميرون وتشاد والنيجر ونيجيريا. فقد تقلصت بحيرة تشاد بحوالي 90 في المئة في السنوات الخمسين الماضية. وكانت البحيرة تاريخياً تمثل شريان الحياة للمنطقة من حيث الزراعة وصيد الأسماك وتربية الماشية. وقد كتب عبد السلام بيلو لمجلس الأطلسي قائلاً، “أدى هذا الانخفاض الهائل في مستوى مياه البحيرة إلى انخفاض توافر المياه، وانخفاض النواتج الزراعية للمجتمعات المحيطة، وزيادة في وفيات المواشي ومصائد الأسماك”. “وعلاوة على ذلك، فإن تزايد حجم السكان الذين يعتمدون على النظام الإيكولوجي للبحيرة يعني زيادة حدة التحدي المتمثل في تناقص توافر المياه العذبة على نحو متزايد”. ولا يمكن المبالغة في أهمية البحيرة للمنطقة. كان حوالي 700000 شخص يعيشون حول بحيرة تشاد في عام 1976، ولكن هذا العدد قد ارتفع إلى 2.2 مليون شخص الآن بسبب الجفاف والظروف المعيشية السيئة في أماكن أخرى، وفقا لتقرير أديلفي، وهي مؤسسة فكرية تركز على المناخ والبيئة والتنمية. ومن المتوقع أن يبلغ عدد هؤلاء السكان 3 ملايين نسمة بحلول عام 2025، مع اعتماد 49 مليون نسمة على موارد البحيرة. الصيادون التشاديون يقومون بإصلاح شباكهم في جزيرة ميديكوتا على بحيرة تشاد. لطالما كانت البحيرة مصدراً للمياه وصيد الأسماك بالنسبة للمجتمعات المحيطة. وكالة فرانس برس/جيتي إيميجز وقبل أن تصبح جماعة بوكو حرام الإسلامية المتمردة تهديداً أميناً للمنطقة، ازدهر حوض بحيرة تشاد بتجارة المنتجات والأسماك وغيرها من السلع عبر الحدود الوطنية. وقد حدث ذلك على الرغم من عدم وجود دعم حكومي. ويتطلب فهم الكيفية التي تؤثر بها البيئة على الأمن التفكير في كيفية تفاعلها مع مختلف عوامل الخطر، مثل الاقتصاد والضغوط الاجتماعية والسياسية. وتشير دراسة أديلفي إلى ثلاثة مخاطر تتعلق بهشاشة المناخ: الصراع والهشاشة يزيدان من أوجه الضعف: يؤدي الصراع الدائر مع بوكو حرام إلى تقويض القدرة على التكيف، بما في ذلك قدرة السكان على التكيف مع التغيرات البيئية. الصراعات حول الموارد الطبيعية: يمكن للبيئة أن تزيد من حدة الصراعات على الموارد الطبيعية، ولا سيما الصراعات المتعلقة باستخدام الرعاة والمزارعين للأراضي والمياه. الشعور بانعدام الأمن فيما يتعلق بتأمين سبل كسب العيش والتجنيد لصالح الجماعات المسلحة: عندما تعجز نسبة كبيرة من السكان، ولا سيما الشباب، عن العثور على عمل، فإنهم قد يكونون أكثر عرضة للتجنيد من قبل جماعة متطرفة أو ميليشيا مسلحة. ويمكن لمخاطر الهشاشة هذه مجتمعة أن تخلق حلقة تغذية مرتدة ذاتية الإنفاذ بين تزايد انعدام الأمن المعيشي، والتعرض للتغيرات البيئية، والصراعات، والهشاشة. يجعل الصراع المجتمعات المحلية أكثر عرضة للتغيرات البيئية، التي تؤدي بدورها إلى تفاقم التنافس على الموارد الطبيعية النادرة. وتبين الدراسة “أنه إذا لم يتم وضع حد لهذه الحلقة المفرغة فإنها سوف تهدد بإطالة أمد الأزمة الحالية، والمضي بالمنطقة نحو مسار الصراع والهشاشة”.