أصدر فريق خبراء تابع للأمم المتحدة تقريراً يزيح الستار عن التعاون بين المتمردين الحوثيين في اليمن وحركة الشباب الإرهابية في الصومال في مجال تبادل المعلومات الاستخبارية، والاتجار بالأسلحة، وتنفيذ العمليات العسكرية.
فقد نوَّه تقرير مجلس الأمن الصادر يوم 17 تشرين الأول/أكتوبر 2025 عن فريق الخبراء المعني باليمن إلى تزايد التعاون بين المتمردين الحوثيين وحركة الشباب. وجاء في التقرير: ”لا يعود التعاون مع حركة الشباب بالنفع على الطرفين فحسب؛ وإنما يأتي في إطار استراتيجية الحوثيين لبسط نفوذهم في المنطقة.“
ظهر الحوثيون في تسعينيات القرن العشرين تحت اسم «أنصار الله»، ويمثلون الزيديين، وهم طائفة من الأقلية الشيعية في اليمن، ويعلنون أنهم ركن من أركان «محور المقاومة» الإيراني.
واكتسبوا شهرة عالمية بعد أن شرعوا في مهاجمة السفن التجارية في البحر الأحمر. ويتعذَّرون بروايات زائفة لمهاجمة السفن، ولكن يتفق الخبراء على أن غايتهم الحقيقية إنما هي سعيهم وراء حشد دعم محلي في دولة تعمها الفوضى.
ولكن أوجعت هجماتهم حركة الملاحة العالمية بتعريض المرور من ممرين ملاحيين حيويتين في البحر الأحمر للخطر: وهما قناة السويس شمالاً ومضيق باب المندب جنوباً. ويقول التقرير الأممي إنهم هاجموا منذ أيلول/سبتمبر 2024 ما لا يقل عن 25 سفينة تجارية في خليج عدن والبحر الأحمر بالصواريخ والمسيَّرات والقذائف الصاروخية.
وذكرت الأمم المتحدة أنهم أغرقوا حاملتي البضائع «إم في ماجيك سيز» و«إترنيتي سي» اللتين ترفعان علم ليبيريا وتديرهما اليونان في حادثتين منفصلتين في تموز/يوليو 2025. وقد اضطرت سفن الشحن بسبب هذا التهديد المستمر إلى أن تسلك طريق رأس الرجاء الصالح الذي يدور حول إفريقيا، فطال وقت الرحلة وزادت مسافتها، فتضاعفت تكاليف الحاوية الواحدة أربعة أضعاف تقريباً بين عامي 2023 و2024.
واشتد التعاون بين الحوثيين وحركة الشباب مؤخراً. وجاء في التقرير الأممي: ”ينطوي هذا التعاون على تهريب الأسلحة، والتدريب الفني، كالتكتيكات العملياتية، وتبادل سبل الإمداد والتموين.“
ويقول التقرير إن التعامل مع حركة الشباب ”إنما يأتي في إطار استراتيجية الحوثيين لبسط نفوذهم في المنطقة.“ وتشير مصادر صومالية إلى أنها رصدت مظاهر للتعاون بين الحوثيين وحركة الشباب وولاية تنظيم الدولة الإسلامية في الصومال. كما ضبطت قوات الأمن الصومالية متفجرات ومسيَّرات شُحنت من اليمن إلى الصومال، وألقت القبض على تجار أسلحة.
كما أبلغت مصادر سرية فريق الخبراء الأممي أن الحوثيين يدربون عناصر من حركة الشباب على تكنولوجيا المسيَّرات وكيفية تصنيع العبوات الناسفة محلية الصُنع المتطورة. وحركة الشباب تستخدم المسيَّرات بالفعل للمراقبة، ويقول التقرير إن الحوثيين يمكنهم تعليم الحركة كيفية استخدامها لشن هجماتها.
يقول السيد بول بيكر، وهو لواء بحري متقاعد في البحرية الأمريكية، والسيد جونا برودي، وهو محلل سياسات، في بحث نشره موقع «ريال كلير ديفنس» يوم 2 تشرين الأول/أكتوبر: ”تقسيم العمل واضح، فالحوثيون يوفرون أسلحة متطورة بدعم إيراني، وحركة الشباب تصعَّد أعمال القرصنة والضغط على ساحة المعركة في الصومال، وبذلك يعزز كلٌ منهما نفوذ الآخر.“
وأوضح تقريرٌ صادرٌ عن مركز إفريقيا للدراسات الاستراتيجية يوم 28 أيَّار/مايو 2025 أن دعم حركة الشباب لأنشطة القرصنة الإقليمية ”يعزز قدرة الحوثيين على تهديد حركة الملاحة البحرية في المنطقة، مع تعضيد نفوذهم في مواجهة الحكومة التي تدعمها الأمم المتحدة في اليمن.“
وذكر مركز إفريقيا أن شبكات حركة الشباب في شرق إفريقيا تساعد الحوثيين على تهريب شحنات الأسلحة من إيران وبقاع أخرى من المحيط الهندي إلى اليمن.
ويساعد هذا الاتفاق حركة الشباب على أن تكون أشد فتكاً، فمنذ سنوات وهؤلاء الإرهابيون الصوماليون يسلحون أنفسهم بالعبوات الناسفة والأسلحة المنهوبة والتهريب. إلا أن تعاونهم مع الحوثيين يوفر لهم أسلحة متطورة، كالمسيَّرات المسلحة.
قال الدكتور إيان رالبي، الرئيس التنفيذي لشركة «آي آر كونسيليوم» للاستشارات الأمنية، لموقع «لويدز لِيست» في تشرين الثاني/نوفمبر: ”أعتقد أننا وصلنا إلى مرحلة قويت فيها شوكة الحوثيين حتى أنهم يحسبون أنفسهم قوة مُهيمنة، ويتطلعون إلى إبرام شراكات وتحالفات مع حركة الشباب والقاعدة وغيرهما.“
وأضاف: ”لذا، لعلنا نرى تصاعداً في أنشطة مُتشددة أخرى، كالقرصنة بالوكالة، على نحو ما يُعتبر الحوثيين وكلاء لإيران.“
وأكد مركز إفريقيا أن كبح جماح الحوثيين وحركة الشباب يجب ألا يقتصر على العمل البحري، بل لا بدَّ من بذل جهود حثيثة لتقليص سيطرة كل منهما على الأرض، إذ تحولت هذه القواعد البرية إلى منصات لشن هجمات بحرية، وزيادة أموالهما، وبناء قدراتهما العسكرية.“
