يمر نحو 80% من تجارة النفط العالمية من غرب المحيط الهندي، لكنه لا يسلم من التهديدات البحرية التي تتزايد كل يوم، كالهجوم على السفن، والاتجار غير المشروع، والصيد غير القانوني دون إبلاغ ودون تنظيم، والقرصنة، والإرهاب؛ وكلها خطر يهدد الأمن الإقليمي والعالمي.
ووسط هذه الأوضاع، عُقدت الدورة الثالثة من «قمة القوات البحرية الإفريقية» السنوية في الفترة من 23 إلى 27 حزيران/يونيو في موريشيوس، وشارك فيها قيادات عسكرية وحكومية من 45 دولة.
وقال مساعد أول محمد الكنتاوي، من البحرية الموريتانية: ”تمثل هذه القمة فرصةً لجميع القوات البحرية، وخاصة من إفريقيا، فقد نجحنا بفضلها في التواصل والتقارب، وأقمنا علاقات مع الدول الأعضاء الأخرى، وبالتالي سيسهل علينا إيجاد الحلول لأننا أمسينا على تواصل مع بعضنا البعض.“
اهتم جدول أعمال القمة بتعزيز الوعي بالمجال البحري وتوطيد أركان التعاون عن طريق أطر عمل مثل المركز الإقليمي لتنسيق العمليات في سيشيل، والمركز الإقليمي لدمج المعلومات البحرية في مدغشقر، والقوات البحرية المشتركة.
يعمل المركزان على تبادل المعلومات مع بعضهما البعض ومع أي دولة تواجه تهديداً بحرياً، وكثيراً ما تساعد معلوماتها الحلفاء المحليين والإقليميين والدوليين على التعاون في إلقاء القبض على المجرمين في عرض البحر. وإذا لم تكن الدولة المعرَّضة للخطر قادرة على الاعتراض، فيمكنها الاستنجاد بالمركز الإقليمي لتنسيق العمليات، إذ ينسق العمليات لمكافحة الجرائم البحرية في 21 دولة.
شهدت القمة حلقات نقاشية بقيادة خبراء متخصصين، ركزت على التهديدات البحرية الإقليمية، وأهمية الربط بين البحار والمحيطات، ووضع آليات فعالة وتعاونية للأمن البحري. وأكدت هذه المناقشات على الآثار الضارة للقرصنة والصيد غير القانوني والاتجار غير المشروع وخطرها على الأمن الإقليمي والاستقرار العالمي.
فقد سُجِّلت ثماني حوادث قرصنة في غرب المحيط الهندي وخليج عدن في العام الماضي، مقارنة بخمس حوادث في عام 2023، وكثيراً ما يستخدم القراصنة سفن الصيد المُختطفة لمهاجمة سفن أخرى. ولا تظهر أي بوادر على تراجع هذا التهديد، إذ وافق المتمردون الحوثيون في اليمن على إمداد حركة الشباب الصومالية بالأسلحة والمساعدات الفنية مقابل تكثيف عمليات القرصنة والاختطاف طمعاً في الفدية في خليج عدن وقبالة سواحل الصومال.
ويتسبب الصيد غير القانوني، وأكثره بسبب سفن الصيد الصناعي الأجنبية، في انعدام الأمن الغذائي، وتدمير النظم البيئية البحرية، وتهديد أرزاق مجتمعات الصيد الحِرفي. وتخسر تنزانيا نحو 400 مليون دولار أمريكي سنوياً بسبب ذلك البلاء، الذي كثيراً ما يرتبط بجرائم بحرية أخرى، كالاتجار بالبشر والأسلحة والمخدرات.
وكان من أهداف القمة الإسهام في وضع منظومة موحدة وفعالة للأمن البحري الإقليمي، فتضمنت سلسلة من اللقاءات الثنائية ومجموعات عمل متخصصة، كان هدفها تحويل حوار السياسات رفيع المستوى إلى مبادرات جاهزة للتنفيذ. كما تخللتها لقاءات مع لفيف من كبار القادة بهدف التوصل إلى حلول عملية وتعاونية لتعزيز الإدارة البحرية ومواجهة التهديدات المشتركة.
صرَّح اللواء بحري يوجينيو مواتوكا، من البحرية الموزمبيقية، بأن القمة ساعدت البلدان المشاركة على تعلم مناهج جديدة للتصدي لتهديدات شتى.
وقال: ”الواقع أن التعاون مع الولايات المتحدة مثالٌ على تعزيز الحكم الرشيد للبحار، وهذا المثال ينفعنا في تطوير بلداننا، ومن بينها تطوير القوات البحرية. وهذه فرصة لنا لتبادل المعلومات التي لا غنى عنها للنهوض بقدرات قواتنا. … إذ نعمل على بناء القدرات حتى تشارك البحرية الموزمبيقية أيضاً في [مجابهة] التحديات العالمية التي نواجهها.“
كما ناقش القادة سبل الإمداد والتموين والاستجابة للكوارث الإقليمية.
فقال الفريق أول بحري ستيوارت مونش، قائد القوات البحرية الأمريكية بإفريقيا، في بيان صحفي: ”إن حضور 45 دولة في «قمة القوات البحرية الإفريقية» لهذا العام إنما يدل على تفاهم مشترك بأن تحديات الأمن البحري التي نواجهها في هذه المنطقة لها آثارٌ عالمية وتتطلب عملاً جماعياً، وقد عبرت هذه القمة عن الالتزام المشترك لجميع الدول الممثلة بتأمين المجال البحري الإفريقي، وهو قوام الاستقرار الدولي والتنمية الاقتصادية وسيادة القانون.“
تزامنت دورة هذا العام من القمة مع انعقاد «مؤتمر كبار القادة المجندين الأفارقة» في المغرب، وقد شارك فيه قادة عسكريون من 29 دولة من إفريقيا وحلف شمال الأطلسي (الناتو)، فتبادلوا المعلومات حول التعليم والتدريب العسكري وناقشوا فرص تعزيز التعاون.