أُلقي القبض على الصحفي المالي سيدو عمر تراوري يوم 26 أيَّار/مايو لانتقاده الفريق أول مامادي دومبويا، رئيس غينيا الانتقالي، مما يدل على عدم الكف عن اعتقال الماليين الذين ينتقدون العسكر الذين يمسكون بزمام الحكم في دول المنطقة.
كان تراوري قد عاد لتوه من مهمة رسمية إلى كيدال ضمن وفد وزير الدفاع المالي، وادَّعى في مقطع فيديو انتشر على وسائل الإعلام الاجتماعي انتشار النار في الهشيم أن دومبويا”خان تحالف دول الساحل بالتعاون مع دول غربية لاستضافة قواعد إرهابية على الأراضي الغينية.“
وذكر راديو ديمقراطية غرب إفريقيا أنه من المقرر أن تبدأ محاكمته يوم 10 تموز/يوليو، وقد اعتذر لدومبويا.
وهو ثاني من يُعتقل في مالي في مثل هذه القضايا منذ تشرين الثاني/نوفمبر 2024، فقد كشفت الشبكة الدولية لتبادل المعلومات حول حرية التعبير (آيفكس) أن مسؤولين حكوميين اتهموا حينها الناشط السياسي عيسى كاو إنجيم، نائب رئيس البرلمان المؤقت في مالي آنذاك، بالإدلاء”بتصريحات هدَّامة“ عن النقيب إبراهيم تراوري، زعيم العسكر الذين يتولون الحكم في بوركينا فاسو.
وحُكم عليه في أواخر كانون الأول/ ديسمبر 2024 بالسجن لمدة سنتين بتهمة التشهير برئيس دولة أجنبية. وقال محللون إن قضيته كشفت بواعث القلق إزاء حرية التعبير في مالي، ذلك لأن الحكم على واحد من أبرز شخصيات المعارضة يمكن أن يزجر الخطاب العام والمعارضة.
اشتكى المجلس الأعلى للإعلام في بوركينا فاسو من أن قناة «جوليبا تي في» المالية الخاصة، التي استضافت إنجيم، قد أساءت إلى سمعة الحكومة البوركينابية بالتشكيك في إعلانها بأنها أحبطت محاولة انقلاب. فقررت الهيئة العليا للإعلام في مالي إيقاف القناة ستة أشهر، حسبما ذكره اتحاد الإعلام لغرب إفريقيا.
ويواجه منتقدو العسكر الذين يتولون الحكم في مالي، بقيادة العقيد عاصمي غويتا، تداعيات مثل ذلك.
فقد كشفت شبكة آيفكس أن اثنين من قادة المعارضة السياسية اختفيا يوم 8 أيَّار/مايو، وهما أبا الحسن، الأمين العام لحزب «التقارب من أجل تنمية مالي» المعارض، والبشير تيام، القيادي في «حزب التغيير»، إذ كانا قد شاركا في احتجاجات في شوارع باماكو يوم 3 أيَّار/مايو للتنديد بخطة الجيش للبقاء في الحكم دون إجراء انتخابات.
وأبلغ زملاء الحسن منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن مسلحين ملثمين ادَّعوا أنهم من رجال الدرك اعتقلوه في منزله في باماكو واقتادوه في سيارة بدون لوحات، واقتاد رجال مجهولون تيام من شوارع كاتيو، وهي بلدة تبعد عن باماكو بنحو 15 كيلومتراً.
وحضر السيد عبد الكريم تراوري، رئيس الائتلاف الشبابي في حزب «التقارب من أجل تنمية مالي»، احتجاجات 3 أيَّار/مايو. وكان شاهداً على اختطاف الحسن، وجاهر بالتنديد به، ثم اختفى في باماكو يوم 11 أيَّار/مايو. وقال مصدر أمني مالي لراديو فرنسا الدولي إن قوات الأمن الحكومية تحتجزه، وقال قادة مؤيدون للديمقراطية إنهم يلتزمون الصمت أو يختبئون لكيلا يُعتقلوا.
وقال وزير سابق لراديو فرنسا الدولي: ”نقاتل بأسلحة غير متكافئة، ولكن لا يوهن ذلك عزمنا بأي حال من الأحوال: من أجل الديمقراطية والحرية واحترام القانون.“
ويستبعد محللون أن يعود الحكم الديمقراطي عما قريب؛ فقد أوصت مشاورة وطنية نظمها العسكر في أواخر نيسان/أبريل بحل الأحزاب وتعقيد إجراءات تشكيلها، واعتمد المجلس الوطني الانتقالي في مالي يوم 13 أيَّار/مايو مشروع قانون يلغي التعددية الحزبية في أرجاء البلاد.
ويقول السيد لويس مودغ، مدير مكتب هيومن رايتس في وسط إفريقيا: ”يحظر القانون الجديد رسمياً تجمعات المعارضة السياسية وخطاباتها ومنظماتها، ولم يكن هذا الإجراء مفاجئاً، مع الأسف، في ظل الهجمات الأخيرة التي شنَّتها الطغمة العسكرية الحاكمة على المعارضة السياسية.“
كانت التعددية الحزبية وحرية التعبير والتجمع من الحقوق التي كفلها دستور مالي لعام 1992، وهو العام الذي انتقلت فيه مالي إلى نظام ديمقراطي متعدد الأحزاب، وكان العسكر بقيادة غويتا قد أعلنوا عن العودة إلى الحكم الديمقراطي بحلول آذار/مارس 2024.
وقال السيد مامادو إسماعيل كوناتي، وزير العدل سابقاً، في تقارير نشرتها قناة «فرانس 24» ووسائل إعلام أخرى إن العسكر حينما سنوا القانون الجديد ”وقعوا على شهادة وفاة التعددية السياسية في مالي.“ ووصف هذه الخطوة بأنها”محاولة للقضاء الممنهج على القوى السياسية المعارضة“ في مالي.
فرض العسكر بقيادة غويتا حظراً دائماً على قناة «فرانس 24» وراديو فرنسا الدولي، كما ذكرت صحيفة «الأهرام أونلاين» أنهم أوقفوا قناة «تي في 5 موند» الفرنسية بسبب تغطيتها لاحتجاجات 3 أيَّار/مايو، ولم تتضح مدة الإيقاف، كما أوقفوها لمدة ثلاثة أشهر في عام 2024.