أسرة منبر الدفاع الإفريقي
اكتشف أبناء جنوب إفريقيا في أواخر كانون الثاني/يناير أن هيئة الأرصاد الجوية الوطنية توقفت عن العمل بسبب هجوم سيبراني مجهول المصدر.
وأوضح مسؤولون من البلاد أن الهجوم الذي عطل هيئة الأرصاد الجوية يوم 26 كانون الثاني/يناير إنما حدث عقب محاولة حدثت في اليوم السابق لكنها باءت بالفشل، لم يحرم الاختراق الهيئة من التكنولوجيا التي تستخدمها في التنبؤ بأحوال الطقس، وإنما حرمها من الإبلاغ عن تنبؤاتها لحركة الملاحة الجوية والبحرية وأغلق بريدها وموقعها الإلكترونيين، كما أثر على موزمبيق وزامبيا ودول أخرى تعتمد على جنوب إفريقيا للتنبؤ بالطقس.
حدث الهجوم على هيئة الأرصاد الجوية بجنوب إفريقيا في إطار نمط أوسع من الهجمات السيبرانية في شتى بقاع القارة، إذ زادت الهجمات في عام 2024 عن عام 2023 بنسبة 37%. وكشفت شركة «تشِك بوينت سوفت وير تكنولوجيز» للأمن السيبراني أن الهجمات ارتفعت على مستوى العالم بنحو 30%.
أمست جنوب إفريقيا مطمعاً لمجرمي الإنترنت لأنها واحدة من أكثر دول القارة اتصالاً بالإنترنت.
يقول السيد أديوس نكوبي، المستشار الأول في شركة «أوليفر وايمان» لإدارة المخاطر بجنوب إفريقيا، في مقاله لصحيفة «ديلي مافريك»: ”كبُرت مساحة الهجوم، وكثرت الهجمات السيبرانية، وباتت أقوى وأشد.“
ونوَّه إلى أن الهجمات السيبرانية تُكثِر أيضاً من استهداف البنية التحتية الحيوية للبلاد، مثل منظومات الرعاية الصحية والمرافق والموانئ. فتعرَّضت المنظمات والمؤسسات الحكومية في جنوب إفريقيا إلى 1,450 هجوماً سيبرانياً في المتوسط أسبوعياً في عام 2024.
ومن مفاسد الهجمات السيبرانية التي طالت المؤسسات الحكومية أنها:
- أوقفت اختبارات الدم في الإدارة الوطنية للمختبرات الطبية؛ وهذه الاختبارات تكتشف مرض السل وفيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز، وجدري القرود، وأمراض أخرى.
- اخترقت لجنة الشركات والملكية الفكرية؛ وهذه اللجنة تتولى تسجيل الشركات وحقوق الملكية الفكرية.
- اخترقت صندوق معاشات موظفي الحكومة؛ وهو أكبر صندوق معاشات في إفريقيا، إذ تتجاوز قيمته 85 مليار دولار أمريكي.
حتى جهاز أمن الدولة، الذي يتعقب التهديدات الخارجية والداخلية، لم يسلم منها؛ إذ اُخترق قبل انعقاد قمة البريكس الاقتصادية لعام 2023 ببضعة أيام.
قدمت السيدة كمبودزو نتشفيني، وزير الرئاسة بجنوب إفريقيا، عرضاً تحت قبة البرلمان في تموز/يوليو الماضي، أقرت فيه بذلك ”السيل“ من الهجمات السيبرانية التي طالت المؤسسات الحكومية وما يمكن أن يطال الاقتصاد على إثرها.
وقالت: ”نحرص في سعينا لتعزيز الأمن السيبراني على بناء قدراتنا وإمكاناتنا والنهوض بها حتى نعمل بنهج استباقي لمكافحة التهديدات السيبرانية الناشئة والهجمات السيبرانية التي يمكن أن تنال من بيئة الاتصالات في بلادنا.“
وذكرت أن الحكومة سوف تسابق الزمن في تنفيذ إطار الأمن السيبراني الوطني المصاغ منذ عقد من الزمان لتحسين مستوى التعامل مع الهجمات.
ويقول منتقدو الأمن السيبراني في جنوب إفريقيا إن الحكومة، ولئن قطعت شوطاً طويلاً في الاستعداد السيبراني، كإنشاء قيادة سيبرانية عسكرية، فلا يزال عليها القيام بالمزيد.
فيقول المحللان جو ديفاني وراسل بوكان في مقال نشرته مؤسسة كارنيغي في عام 2024: ”الواقع أن قضايا أخرى كانت تُقدم دوماً على الأمن السيبراني.“
ونكوبي ممن يطالبون الحكومة بزيادة الاستثمار في الأمن السيبراني واتباع نهج أحرص على الفكر الاستراتيجي لحماية مواردها على الإنترنت.
فيقول: ”لم تتعرَّض جنوب إفريقيا بعدُ لهجوم شديد التدمير، لكنها لا ريب ليست في مأمن منه، إذ يتفق الخبراء على أنه ما هي إلا مسألة وقت حتى تتعرَّض جنوب إفريقيا، شأنها شأن معظم البلدان، لهجوم شديد التدمير.“
ونوَّه إلى أن الحكومة ولئن تعهدت بتكثيف جهود الأمن السيبراني الكبرى، فإن التصدي الحقيقي لمخترقي الإنترنت الهدامين يبدأ برواد الإنترنت أنفسهم، ولهذا السبب يجب على الحكومة والشركات توعيتهم بمخاطر الهجمات السيبرانية عليهم، إذ تبدأ غالبيتها بخداعهم ليفتحوا رسالة أو بريداً إلكترونياً لا يثير الشك والريبة.
ويقول: ”فالنهج المتكامل لن يوقف كل الهجمات، لكنه سيمنع هجمات أكثر مما تُمنع عند ترك كل مؤسسة من المؤسسات المسؤولة عن البنية التحتية الحيوية تدبر أمرها في مسألة الأمن السيبراني، كما يمكن لمثل هذا النهج أن يسهم أيضاً في التخفيف من تبعات أي هجوم من هذا القبيل.“