خبراء ينظرون للكنيسة الأرثوذكسية الروسية على أنها أداة لنشر نفوذ الكرملين
أسرة منبر الدفاع الإفريقي
تعمل الكنيسة الأرثوذكسية الروسية في هدوء لتؤلف إليها قلوب الكهنة والأبرشيات من بطريركية الإسكندرية للروم الأرثوذكس
بعروض لتقديم المساعدات الإنسانية واللقاحات والبنية التحتية والمدارس والمستشفيات والرعاية الروحية.
ويقول الخبراء إن هذه استراتيجية جيوسياسية غايتها مساعدة الكرملين على بسط نفوذه في القارة وسط معركة دائرة داخل الكنيسة الأرثوذكسية بشأن الحرب في أوكرانيا.
قال الدكتور بوب ويكيسا، مدير المركز الإفريقي لدراسة الولايات المتحدة في جامعة ويتواترسراند بجنوب إفريقيا، لمعهد أبحاث السياسة الخارجية:”سيخفى هذا التطور على معظم من يحللون الوجود الروسي في إفريقيا؛ لأنه ليس أشهر استراتيجية تنتهجها روسيا في إفريقيا.“
تعتني بطريركية الإسكندرية بما يُقدَّر بنحو مليون من الأرثوذكس الشرقيين في القارة.
والكنيسة الأرثوذكسية الروسية منذ قرون من الزمان واحدة من أقوى الهيئات في العقيدة الأرثوذكسية، ولها من الهيبة والسلطة ما يفوق معظم الطوائف الدينية، وعلاقتها وثيقة بالدولة الروسية وكأنها ذراع من أذرع الحكومة.
زار الأب جيه بيتر فام كنائس إفريقية مؤخراً وتحدث مع لفيف من رجال الدين من طوائف مختلفة؛ وهو كاهن أسقفي مُرسَّم حاصل على درجة الدكتوراة في اللاهوت وشهادة دراسات عليا في القانون الكنسي.
وعمل مبعوثاً خاصاً للولايات المتحدة لمنطقة البحيرات العظمى، وكان أول مبعوث لها لمنطقة الساحل، وقال لمجلة «فورين بوليسي»: ”كلما سافرت إلى هذه المناطق التي سمعت أن هذا يحدث فيها، جعلت أتحرى الأمر، واتضح أنه ليس مجرد حالة أو حالتين منفصلتين.“
وأضاف: ”كان عدد كبير من رجال الدين الأرثوذكس الأفارقة ينتمون إلى بطريركية الإسكندرية وعينتهم بطريركية موسكو، فكان ذلك ممنهجاً للغاية.“
وقال البابا ثيودوروس الثاني، بطريرك الإسكندرية، إن رجال الدين التابعين له حصل كل واحد منهم على 200 دولار أمريكي مقابل الانضمام إلى الكنيسة الأرثوذكسية الروسية.
وأنشأت روسيا في عام 2021 «إكسرخسية إفريقيا البطريركية» إرضاءً لرجال الدين الأرثوذكس الأفارقة بعد أن انحاز بطريرك الإسكندرية إلى الكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية عقب الغزو الروسي.
وأفادت وكالة أنباء «إنترفاكس» الروسية أن الكنيسة الأرثوذكسية الروسية افتتحت أيضاً أكثر من 200 أبرشية في 25 دولة إفريقية في الفترة من كانون الأول/ديسمبر 2021 وتموز/يوليو 2023.
ويقول السيد تشارلز راي في مقاله في معهد أبحاث السياسة الخارجية إن توسع الكنيسة الروسية ”بات من الأدوات التي يستعين بها الكرملين في نشر القوة الناعمة في إفريقيا، فيعزز الكثير من المواقف المحافظة والمناهضة للغرب.“
وورد في تقرير نشره موقع «بوليتيكس توداي» أن البطريرك كيريل، بطريرك موسكو، يدَّعي أن بطريركية الإسكندرية ستلقي بجموع المؤمنين في أحضان الغرب، ويرى أن فكره يعزز طموحات روسيا في إفريقيا ويؤكد أن البلدان الإفريقية قادرة على حماية نفسها من الضغوط الخارجية.
ويتجنب ثيودور الثاني أي جهود لتسييس العقيدة الأرثوذكسية، وحذر في عام 2023 من خطر
طموحات موسكو السياسية
في إفريقيا. وورد في تقرير لصحيفة «أرثوذكس تايمز» أنه قال إن الأفارقة الأرثوذكس ”تتسمم روحهم من بطريركية موسكو.“
ويقول راي في تقرير معهد أبحاث السياسة الخارجية إن توسع الكنيسة الأرثوذكسية الروسية في إفريقيا لا يمكن أن يدُرس دون النظر في علاقتها
بمصالح الدولة الروسية ، فالكنيسة مدعومة مالياً من قبل كيانات يدعمها الكرملين.
فيقول: ”إنما يهدف توسعها، في أعقاب غزو روسيا لأوكرانيا، إلى تحدي الكنائس الأرثوذكسية القائمة في إفريقيا وتعزيز التحالفات المحافظة المناهضة للغرب، ويبدو أنه إنما يهتم بتعزيز صورة روسيا وبسط نفوذ الدولة أكثر مما يهتم بتشجيع الناس على اعتناق مذهب آخر.“
ويرى ويكيسا أن الكنيسة الروسية تواجه مهمة شاقة إذا كانت تريد للأفارقة أن يعتنقوا مذهبها.
وقال للمعهد: ”أستنتج أن الكنيسة الأرثوذكسية الروسية ستسعى إلى أن تتألف نخبة قليلة مرتبطة بأعلى مستويات الحكومات في سعيها لتحقيق المصالح الروسية المبهمة بدلاً من استقطاب جماعات كبيرة.“