أسرة منبر الدفاع الإفريقي
أمست الهند على مدى العقد الماضي من أبرز الشركاء الأمنيين لدول إفريقيا ولا سيما في مجالات الإرهاب والقرصنة والوعي بالمجال البحري.
فقد استضافت مئات الزعماء الأفارقة منذ عام 2015، وذلك حين أطلق السيد ناريندرا مودي، رئيس وزراء الهند، سياسة «الأمن والنمو للجميع في المنطقة»، وأرسل وزراء إلى كل دولة إفريقية في إطار خطة لإقامة العلاقات في القارة، ونهضت القوات الهندية بمهام رئيسية في بعثات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في إفريقيا.
واستضافت الهند أول اجتماع لقادة جيوش الهند وإفريقيا في آذار/مارس 2023، واستضافت النسخة الثانية من تمرين التدريب الميداني الإفريقي الهندي في بوني، وشاركت القوات البحرية الهندية والإفريقية في 47 نسخة من تمرين الشراكة البحرية في غرب المحيط الهندي.
ويقول الدكتور أريترا بانيرجي في مقاله على منصة «ميليتري أفريكا» مؤخراً: ”لا يقتصر تعاون الهند مع القوات البحرية الإفريقية على الدوريات المشتركة، بل يشمل مبادرات التدريب وبناء القدرات المكثفة.“
وشاركت الهند في إنشاء أكاديميات للدفاع في إثيوبيا ونيجيريا وتنزانيا، ومركز تدريب عسكري في أوغندا، وزار مدربوها كلاً من بوتسوانا وليسوتو وموريشيوس وسيشيل وتنزانيا وأوغندا وزامبيا،
وأنشأت محطات مراقبة في شمال مدغشقر وموريشيوس وسيشيل لتتبع النشاط البحري ونشر الأمن في غرب المحيط الهندي، ويشمل ذلك خليج عدن وقناة موزمبيق. وتقع السواحل الشرقية لإفريقيا في محيط الأمن الهندي، وهذا ما دفع الهند إلى توطيد علاقاتها مع كينيا وموزمبيق وتنزانيا أيضاً.
وتُعالج المعلومات التي تُجمع من مواقع التنصت الإفريقية التابعة للهند في مركز دمج المعلومات-منطقة المحيط الهندي، ويرسلها المركز لأكثر من 60 دولة ومنظمة دولية شريكة. ودعت الهند شركاءها الأفارقة إلى إرسال ضباطها للعمل في المركز الإقليمي.
ونظراً لأهمية سواحل إفريقيا على المحيط الهندي في العلاقات الأمنية بين إفريقيا والهند، فقد وسعت الهند أيضاً نطاقها الأمني إلى خليج غينيا؛ وهي منطقة شحن حيوية لطالما ابتُليت بالقراصنة. فشاركت الهند في خليج غينيا في إنشاء مؤسسات للقوات الجوية في غانا وكلية حرب بحرية في نيجيريا.
وترافق سفن البحرية الهندية الشحن التجاري في خليج غينيا وخليج عدن في الطرف الشرقي من البحر الأحمر منذ عام 2008.
والعلاقة بين الهند وبعض البلدان الإفريقية قائمة منذ أن كانت مستعمرات بريطانية، ويعيش في إفريقيا أكثر من 3 ملايين مواطن من أصل هندي قدموا إلى القارة في تلك الحقبة، وتعود جذور العلاقات الحديثة إلى مركز التدريب العسكري الذي افتتحته الهند في إثيوبيا في عام 1956.
وفي العقود التي أعقبت ذلك، ركزت الهند على مساعدة شركائها الأفارقة على الاكتفاء الذاتي في صيانة المعدات ومرافق الأرصفة والقوارب والأسلحة والطائرات، وتزودهم بالمدرعات والمروحيات القتالية وزوارق الدوريات البحرية، ومعدات أخرى.
وموريشيوس وموزمبيق وسيشيل من أكبر مَن يشترون الأسلحة هندية الصنع.
كتبت المحللة فاريها عثماني في مقال للمجلس الهندي للشؤون العالمية في عام 2023 تقول: ”يُعد التعاون الدفاعي والأمني من أبرز ركائز التعاون بين جميع المشاركين بفضل التوافق بين التقاليد العسكرية، والعقائد الاستراتيجية، وهياكل القيادة، وبروتوكولات التدريب في الهند وإفريقيا.“
وأعلنت إثيوبيا والهند في آذار/مارس عن اتفاقية جديدة للتدريب العسكري وتطوير الدفاع. ويقول المراقبون إن جهود الهند لتعزيز القدرات العسكرية الإفريقية تهدف في المجمل إلى خدمة جميع البلدان المطلة على غرب المحيط الهندي.
فيقول بانيرجي: ”نهضت هذه الجهود بقدرة القوات البحرية الإفريقية على تنفيذ العمليات، فأحسنت التصدي لتحديات الأمن البحري التي تواجهها.“