Africa Defense Forum
Africa Defense Forum

جهد ممنهج لبسط النفوذ

التعليم العسكري المهني في إفريقيا ما هو إلا ترسٌ في آلة الصين لبناء نظام عالمي جديد

أسرة‭ ‬منبر‭ ‬الدفاع‭ ‬الإفريقي‭ ‬

تبدو ‭ ‬‭”‬مدرسة‭ ‬مواليمو‭ ‬جوليوس‭ ‬نيريري‭ ‬للقيادة‭” ‬في‭ ‬كيباها‭ ‬بتنزانيا‭ ‬كأي‭ ‬مؤسسة‭ ‬للتعليم‭ ‬العالي‭ ‬من‭ ‬الخارج،‭ ‬فيتألق‭ ‬المبنى‭ ‬بكل‭ ‬جديد،‭ ‬ويجسد‭ ‬روح‭ ‬حركات‭ ‬التحرر‭ ‬الكبرى‭ ‬الست‭ ‬في‭ ‬الجنوب‭ ‬الإفريقي،‭ ‬إذ‭ ‬شاركت‭ ‬تلك‭ ‬الحركات‭ ‬في‭ ‬إنشائها‭.‬

ولكن‭ ‬ما‭ ‬إن‭ ‬تدخل‭ ‬فصولها،‭ ‬تجد‭ ‬نوعاً‭ ‬معيناً‭ ‬ومقصوداً‭ ‬من‭ ‬التعليم‭ ‬يُقدم‭ ‬فيها،‭ ‬تعليمٌ‭ ‬مشبعٌ‭ ‬بالعقيدة‭ ‬السياسية‭ ‬الصينية‭ ‬ويهدف‭ ‬إلى‭ “‬نشر‭” ‬نموذج‭ ‬حكم‭ ‬الحزب‭ ‬الشيوعي‭ ‬الصيني‭ ‬لبسط‭ ‬النفوذ‭ ‬وكسب‭ ‬الحلفاء‭ ‬في‭ ‬القارة،‭ ‬كما‭ ‬ذكر‭ ‬السيد‭ ‬بول‭ ‬نانتوليا،‭ ‬الباحث‭ ‬المشارك‭ ‬والمتخصص‭ ‬في‭ ‬شؤون‭ ‬الصين‭ ‬بمركز‭ ‬إفريقيا‭ ‬للدراسات‭ ‬الاستراتيجية‭. ‬

سُميت‭ ‬المدرسة‭ ‬نسبة‭ ‬إلى‭ ‬أول‭ ‬رئيس‭ ‬وزراء‭ ‬لتنزانيا‭ ‬ورئيسها‭ ‬السابق‭ ‬خمس‭ ‬فترات،‭ ‬وقد‭ ‬شارك‭ ‬حزبه‭ ‬وخمسة‭ ‬أحزاب‭ ‬أخرى‭ ‬من‭ ‬المنطقة‭ ‬في‭ ‬إنشائها،‭ ‬ولا‭ ‬تزال‭ ‬تلك‭ ‬الأحزاب‭ ‬تحكم‭ ‬أنغولا‭ ‬وموزمبيق‭ ‬وناميبيا‭ ‬وجنوب‭ ‬إفريقيا‭ ‬وتنزانيا‭ ‬وزيمبابوي،‭ ‬وتشكل‭ ‬الدول‭ ‬الست‭ ‬معاً‭ ‬جزءاً‭ ‬من‭ ‬حركات‭ ‬التحرير‭ ‬السابقة‭ ‬للجنوب‭ ‬الإفريقي‭.‬

وذكر‭ ‬نانتوليا‭ ‬في‭ ‬مقال‭ ‬للمركز‭ ‬أن‭ ‬المدرسة‭ ‬بدأت‭ ‬بمساعدة‭ ‬من‭ ‬قسم‭ ‬الاتصال‭ ‬الدولي‭ ‬للحزب‭ ‬الشيوعي‭ ‬الصيني،‭ ‬إذ‭ ‬قدم‭ ‬منحة‭ ‬بقيمة‭ ‬40‭ ‬مليون‭ ‬دولار‭ ‬أمريكي‭ ‬لإنشائها،‭ ‬ودرَّست‭ ‬بها‭ ‬كوادر‭ ‬سياسية‭ ‬صينية‭ ‬من‭ ‬بكين‭.‬

يحاول‭ ‬جيش‭ ‬التحرير‭ ‬الشعبي‭ ‬والحزب‭ ‬الشيوعي‭ ‬الصيني‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬مدرسة‭ ‬نيريري،‭ ‬ومدارس‭ ‬على‭ ‬شاكلتها‭ ‬في‭ ‬الصين،‭ ‬أن‭ ‬يستميل‭ ‬العسكريين‭ ‬الأفارقة‭ ‬للمشاركة‭ ‬في‭ ‬إمالة‭ ‬النظام‭ ‬العالمي‭ ‬في‭ ‬كفة‭ ‬الصين‭. ‬وما‭ ‬التعليم‭ ‬العسكري‭ ‬المهني‭ ‬إلا‭ ‬شطرٌ‭ ‬من‭ ‬الجهود‭ ‬التي‭ ‬تبذلها‭ ‬الصين‭ ‬للاستعانة‭ ‬بكوادر‭ ‬خارجية‭ ‬لنموذج‭ “‬جيش‭ ‬الحزب‭” ‬وكسب‭ ‬الدعم‭ ‬العسكري‭ ‬والسياسي‭ ‬في‭ ‬ربوع‭ ‬القارة‭.‬

وقال‭ ‬نانتوليا‭ ‬لمنبر‭ ‬الدفاع‭ ‬الإفريقي‭: “‬ما‭ ‬تريده‭ ‬الصين،‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬شيء‭ ‬آخر،‭ ‬هو‭ ‬قاعدة‭ ‬من‭ ‬أهل‭ ‬الثقة‭ ‬الذين‭ ‬لا‭ ‬ينفكون‭ ‬عن‭ ‬نصرتها‭.” ‬ومن‭ ‬شأن‭ ‬هذه‭ ‬القاعدة‭ ‬أن‭ ‬تشكل‭ “‬أساساً‭ ‬من‭ ‬الداعمين‭ ‬الذين‭ ‬يمكن‭ ‬استغلالهم‭ ‬وتجنيدهم‭ ‬عند‭ ‬الضرورة‭ ‬لتحقيق‭ ‬الأهداف‭ ‬السياسية‭ ‬التي‭ ‬وضعها‭ ‬الحزب‭ ‬الشيوعي‭ ‬الصيني‭.”‬

شي جين بينغ، رئيس الصين، والسيد موكجويتسي ماسيسي، رئيس بوتسوانا، يمران بحرس الشرف التابع لجيش التحرير الشعبي في بكين. صور غيتي

نظرة‭ ‬على‭ ‬نموذج‭ ‬الصين‭ ‬من‭ ‬التعليم‭ ‬العسكري‭ ‬المهني

يقول‭ ‬نانتوليا‭ ‬في‭ ‬مقال‭ ‬لمعهد‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬للسلام‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2023‭ ‬إن‭ ‬الصين‭ ‬لطالما‭ ‬تعاونت‭ ‬مع‭ ‬إفريقيا‭ ‬بالوسائل‭ ‬السياسية‭ ‬لا‭ ‬بالقوة‭ ‬العسكرية‭. ‬وهذا‭ ‬يتناقض‭ ‬مع‭ ‬منهج‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفيتي‭ ‬السابق‭ ‬وكوبا،‭ ‬فأما‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفييتي،‭ ‬فقد‭ ‬أنشأ‭ ‬ست‭ ‬قواعد‭ ‬في‭ ‬إفريقيا‭ ‬وأمدها‭ ‬بالجنود‭ ‬والمستشارين‭ ‬والأسلحة‭ ‬الثقيلة‭. ‬وأما‭ ‬كوبا،‭ ‬فأرسلت‭ ‬عشرات‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬جنودها‭ ‬إلى‭ ‬أنغولا،‭ ‬بل‭ ‬إنها‭ ‬شاركت‭ ‬في‭ ‬القتال‭ ‬بها‭.‬

أما‭ ‬الصين،‭ ‬فلم‭ ‬تؤثر‭ ‬الخيار‭ ‬العسكري،‭ ‬بل‭ ‬أرسلت‭ ‬فرقاً‭ ‬طبية‭ ‬إلى‭ ‬إفريقيا‭ ‬سنوياً‭ ‬بدءاً‭ ‬من‭ ‬الجزائر‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1963،‭ ‬وذكر‭ ‬نانتوليا‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬فريق‭ ‬كان‭ ‬يضم‭ ‬ما‭ ‬يتراوح‭ ‬من‭ ‬25‭ ‬إلى‭ ‬100‭ ‬عضو‭ ‬مدني‭ ‬وعسكري،‭ ‬يخدمون‭ ‬فترة‭ ‬تتراوح‭ ‬من‭ ‬عامين‭ ‬إلى‭ ‬ثلاثة‭ ‬أعوام‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مرة‭. ‬وفي‭ ‬أثناء‭ ‬الحرب‭ ‬الباردة‭ ‬وما‭ ‬بعدها،‭ ‬كان‭ ‬في‭ ‬إفريقيا‭ ‬نحو‭ ‬40‭ ‬فريقاً‭ ‬طبياً‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬القبيل‭. ‬

ولكن‭ ‬ذكر‭ ‬نانتوليا‭ ‬أن‭ ‬التعليم‭ ‬العسكري‭ ‬المهني‭ ‬كان‭ ‬أكبر‭ ‬باب‭ ‬تعاونت‭ ‬الصين‭ ‬من‭ ‬خلاله‭ ‬مع‭ ‬إفريقيا‭ ‬طيلة‭ ‬الـ‭ ‬20‭ ‬سنة‭ ‬الماضية،‭ ‬وأُجريت‭ ‬معظم‭ ‬برامج‭ ‬التعليم‭ ‬في‭ ‬الصين‭ ‬في‭ ‬ثلاثة‭ ‬أنواع‭ ‬من‭ ‬المدارس‭:‬

المؤسسات‭ ‬القيادية‭ ‬والأكاديمية‭ ‬ذات‭ ‬المستوى‭ ‬المتوسط،‭ ‬مثل‭ ‬كليات‭ ‬القيادة‭ ‬المرتبطة‭ ‬بأفرع‭ ‬جيش‭ ‬التحرير‭ ‬الشعبي‭.‬

المدارس‭ ‬المهنية‭ ‬الأكاديمية‭ ‬المتخصصة،‭ ‬مثل‭ ‬الجامعات‭ ‬الطبية‭ ‬لجيش‭ ‬التحرير‭ ‬الشعبي،‭ ‬ومركز‭ ‬تدريب‭ ‬قوات‭ ‬حفظ‭ ‬السلام‭ ‬في‭ ‬الصين،‭ ‬ومركز‭ ‬تدريب‭ ‬قوات‭ ‬حفظ‭ ‬السلام‭ ‬التابع‭ ‬لشرطتها‭.‬

المدارس‭ ‬ذات‭ ‬المستوى‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬مثل‭ ‬جامعة‭ ‬الدفاع‭ ‬الوطني‭ ‬التابعة‭ ‬لجيش‭ ‬التحرير‭ ‬الشعبي‭ ‬وكلياتها‭.‬

يحرص‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬يقل‭ ‬عن‭ ‬50‭ ‬دولة‭ ‬إفريقية‭ ‬على‭ ‬المشاركة‭ ‬في‭ ‬التعليم‭ ‬العسكري‭ ‬المهني‭ ‬الصيني؛‭ ‬أي‭ ‬ما‭ ‬يقرب‭ ‬من‭ %‬93‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬القارة‭ ‬كافة‭. ‬وقال‭ ‬نانتوليا‭ ‬في‭ ‬مقال‭ ‬لمركز‭ ‬إفريقيا‭ ‬للدراسات‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬إن‭ ‬جيش‭ ‬التحرير‭ ‬الشعبي‭ ‬كان‭ ‬يعلِّم‭ ‬نحو‭ ‬2‭,‬000‭ ‬ضابط‭ ‬عسكري‭ ‬إفريقي‭ ‬سنوياً‭ ‬في‭ ‬الأكاديميات‭ ‬العسكرية‭ ‬والسياسية‭ ‬قبل‭ ‬جائحة‭ ‬كورونا‭ (‬كوفيد19‭-).‬

شتان‭ ‬بين‭ ‬التعليم‭ ‬العسكري‭ ‬المهني‭ ‬في‭ ‬الصين‭ ‬والغرب،‭ ‬إذ‭ ‬تقتصر‭ ‬مهمة‭ ‬ميسري‭ ‬التعلم‭ ‬في‭ ‬المدارس‭ ‬العسكرية‭ ‬الأمريكية‭ ‬والغربية‭ ‬الأخرى‭ ‬على‭ ‬توجيه‭ ‬مناقشات‭ ‬الطلاب‭ ‬وتشجيعهم‭ ‬على‭ ‬طرح‭ ‬الأسئلة‭ ‬واستخدام‭ ‬التفكير‭ ‬النقدي‭ ‬لتعزيز‭ ‬تعلمهم،‭ ‬ويقول‭ ‬نانتوليا‭ ‬إن‭ ‬هؤلاء‭ ‬الميسرين‭ ‬لا‭ “‬يُملون‭ ‬ما‭ ‬يُقال‭.” ‬وذكر‭ ‬أن‭ ‬بعض‭ ‬الضباط‭ ‬الأفارقة‭ ‬لم‭ ‬يُربوا‭ ‬على‭ ‬حرية‭ ‬النقد،‭ ‬ويحرصون‭ ‬على‭ ‬التأكد‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬مستمعيهم‭ ‬سيقبلون‭ ‬نقدهم‭ ‬إذا‭ ‬انتقدوهم‭. ‬

ولا‭ ‬يُسمح‭ ‬للطلاب‭ ‬في‭ ‬مدارس‭ ‬التعليم‭ ‬العسكري‭ ‬المهني‭ ‬الصيني‭ ‬بالتشكيك‭ ‬في‭ ‬النظام‭ ‬الصيني‭ ‬أو‭ ‬انتقاده‭. ‬

ويقول‭ ‬نانتوليا‭ ‬في‭ ‬مقاله‭ ‬للمعهد‭ ‬إن‭ ‬شي‭ ‬جين‭ ‬بينغ،‭ ‬رئيس‭ ‬الصين‭ ‬ورئيس‭ ‬اللجنة‭ ‬العسكرية‭ ‬المركزية‭ ‬للحزب‭ ‬الشيوعي‭ ‬الصيني،‭ ‬نوَّه‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ “‬جيش‭ ‬التحرير‭ ‬الشعبي‭ ‬كان‭ ‬يعمل‭ ‬على‭ ‬مهلٍ‭ ‬على‭ ‬تشكيل‭ ‬هويته‭ ‬خارج‭ ‬الحزب‭ ‬الشيوعي‭ ‬الصيني‭ ‬وكان‭ ‬لا‭ ‬بدَّ‭ ‬من‭ ‬إعادته‭ ‬إلى‭ ‬المسار‭ ‬الصحيح‭.” ‬وذكر‭ ‬أن‭ ‬شي‭ ‬نوَّه‭ ‬في‭ ‬مؤتمر‭ ‬العمل‭ ‬السياسي‭ ‬لعموم‭ ‬الجيش‭ ‬في‭ ‬تشرين‭ ‬الثاني‭/‬نوفمبر‭ ‬2014‭ ‬إلى‭ ‬10‭ ‬مشاكل‭ ‬تتعلق‭ ‬بالفكر‭ ‬والولاء‭ ‬الحزبي‭ ‬والانضباط،‭ ‬وأصدر‭ ‬قواعد‭ ‬جديدة‭ “‬لتذكير‭ ‬جيش‭ ‬التحرير‭ ‬الشعبي‭ ‬بالالتزام‭ ‬بقيادة‭ ‬الحزب؛‭ ‬وهذه‭ ‬القيادة‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬تضع‭ ‬المبدأ‭ ‬الأساسي‭ ‬للتعليم‭ ‬العسكري‭ ‬المهني‭ ‬الصيني‭.”‬

يُفصل‭ ‬الدارسون‭ ‬الأفارقة‭ ‬عن‭ ‬الدارسين‭ ‬الصينيين‭ ‬في‭ ‬الفصول‭ ‬المخصصة‭ ‬لكبار‭ ‬الضباط،‭ ‬ويتعلم‭ ‬الضباط‭ ‬الأفارقة‭ ‬والصينيون‭ ‬نفس‭ ‬المادة،‭ ‬ولكن‭ ‬في‭ ‬أكاديميات‭ ‬منفصلة،‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬يتعرَّض‭ ‬الضباط‭ ‬الصينيون‭ ‬لأفكار‭ ‬مستهجنة‭ ‬في‭ ‬الصين‭. ‬ويقول‭ ‬نانتوليا‭ ‬في‭ ‬مقاله‭ ‬للمركز‭: “‬ويقول‭ ‬الضباط‭ ‬الأفارقة‭ ‬إن‭ ‬جودة‭ ‬البرامج‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المستوى‭ ‬أدنى‭ ‬من‭ ‬جودتها‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬والمملكة‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬القضايا‭ ‬الدولية‭ ‬والتحليل‭ ‬النقدي‭ ‬واستراتيجية‭ ‬الأمن‭ ‬القومي؛‭ ‬ففي‭ ‬المدارس‭ ‬الأمريكية،‭ ‬يعمل‭ ‬الطلاب‭ ‬الأفارقة‭ ‬مع‭ ‬زملائهم‭ ‬الأمريكيين‭ ‬ويمكنهم‭ ‬انتقاد‭ ‬معلميهم‭ ‬وتشكيل‭ ‬رأيهم‭ ‬المختلف‭ ‬عن‭ ‬رأي‭ ‬غيرهم،‭ ‬وهذا‭ ‬غير‭ ‬جائز‭ ‬في‭ ‬المدارس‭ ‬الصينية‭.”‬

وقال‭ ‬أحد‭ ‬الضباط‭ ‬الأفارقة‭ ‬الذين‭ ‬تخرجوا‭ ‬في‭ ‬الكلية‭ ‬الحربية‭ ‬للجيش‭ ‬الأمريكي‭ ‬لنانتوليا‭: “‬لا‭ ‬يمكنك‭ ‬مقارنة‭ ‬ما‭ ‬فعلته‭ ‬هنا‭ ‬بما‭ ‬فعله‭ ‬زملائي‭ ‬في‭ ‬جامعة‭ ‬الدفاع‭ ‬الوطني‭ ‬التابعة‭ ‬لجيش‭ ‬التحرير‭ ‬الشعبي‭ ‬الصيني‭.”‬

السيد ألفا باري، وزير خارجية بوركينا فاسو آنذاك، يسار الصورة، ووانغ يي، وزير خارجية الصين، يتصافحان بعد توقيع اتفاقية لتفعيل العلاقات الدبلوماسية بين البلدين في أيَّار/مايو 2018. وكالة الأنباء الفرنسية/صور غيتي

نموذج‭ ‬الجيش‭ ‬الصيني

يختلف‭ ‬الجيش‭ ‬الصيني‭ ‬عن‭ ‬الجيوش‭ ‬الغربية‭ ‬في‭ ‬أنه‭ “‬جيش‭ ‬الحزب‭”‬،‭ ‬وليس‭ ‬جيشاً‭ ‬وطنياً؛‭ ‬أي‭ ‬إن‭ ‬جيش‭ ‬التحرير‭ ‬الشعبي‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬إلا‭ ‬ذراع‭ ‬من‭ ‬أذرع‭ ‬الحزب‭ ‬الشيوعي‭ ‬الصيني،‭ ‬لا‭ ‬الدولة‭. ‬أما‭ ‬الجيوش‭ ‬الأخرى،‭ ‬ومنها‭ ‬جيوش‭ ‬كثيرة‭ ‬في‭ ‬إفريقيا،‭ ‬فإنها‭ ‬خاضعة‭ ‬للسيطرة‭ ‬المدنية‭ ‬والدساتير‭ ‬الوطنية‭. ‬ولا‭ ‬تشجع‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الجيوش‭ ‬أفرادها‭ ‬على‭ ‬المشاركة‭ ‬في‭ ‬السياسة‭ ‬الحزبية،‭ ‬إذ‭ ‬تعتبر‭ ‬أن‭ ‬ذلك‭ ‬يتعارض‭ ‬مع‭ ‬القيم‭ ‬الديمقراطية‭ ‬والعلاقات‭ ‬المدنية‭ ‬العسكرية‭ ‬الصحيحة‭.‬

دائماً‭ ‬ما‭ ‬يقود‭ ‬الموظفون‭ ‬السياسيون‭ ‬داخل‭ ‬اللجنة‭ ‬العسكرية‭ ‬المركزية‭ ‬تعاملات‭ ‬جيش‭ ‬التحرير‭ ‬الشعبي‭ ‬مع‭ ‬البلدان‭ ‬الإفريقية،‭ ‬وهذه‭ ‬اللجنة‭ ‬على‭ ‬قدم‭ ‬المساواة‭ ‬مع‭ ‬الإدارات‭ ‬التي‭ ‬تتعامل‭ ‬مع‭ ‬التدريب‭ ‬وسبل‭ ‬الإمداد‭ ‬والتموين‭ ‬والمسائل‭ ‬الأخرى‭.‬

وتتصدر‭ ‬السياسة‭ ‬تعامل‭ ‬الصين‭ ‬مع‭ ‬أي‭ ‬دولة‭ ‬إفريقية،‭ ‬ويتصدر‭ ‬المفوضون‭ ‬السياسيون‭ ‬لأي‭ ‬عمل،‭ ‬سواء‭ ‬أكان‭ ‬يتضمن‭ ‬التفاوض‭ ‬على‭ ‬بيع‭ ‬المعدات‭ ‬العسكرية‭ ‬أم‭ ‬التدريب‭ ‬أم‭ ‬التعليم‭ ‬العسكري‭ ‬المهني‭. ‬ويقول‭ ‬نانتوليا‭ ‬إن‭ ‬هذا‭ ‬يُسمى‭ “‬العمل‭ ‬السياسي‭ ‬العسكري‭.” ‬وأضاف‭: “‬عمل‭ ‬جيش‭ ‬الحزب،‭ ‬وفكر‭ ‬جيش‭ ‬الحزب،‭ ‬ونموذج‭ ‬جيش‭ ‬الحزب؛‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬يتسرب‭ ‬إلى‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يفعله‭ ‬جيش‭ ‬التحرير‭ ‬الشعبي‭ ‬في‭ ‬تعامله‭ ‬مع‭ ‬غيره‭.”‬

تعتبر‭ ‬الصين‭ ‬تراث‭ ‬التحرير‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬الجنوب‭ ‬الإفريقي‭ ‬أرضاً‭ ‬خصبة‭ ‬لنشر‭ ‬فلسفة‭ ‬جيش‭ ‬الحزب،‭ ‬فمن‭ ‬المعروف‭ ‬عن‭ ‬زيمبابوي‭ ‬أنها‭ ‬وضعت‭ ‬جيشها‭ ‬في‭ ‬خدمة‭ ‬الحزب‭ ‬الحاكم‭. ‬واختار‭ ‬روبرت‭ ‬موغابي،‭ ‬رئيس‭ ‬زيمبابوي‭ ‬السابق،‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2017‭ ‬مقولة‭ ‬من‭ ‬أقوال‭ ‬ماو‭ ‬تسي‭ ‬تونغ‭ ‬حين‭ ‬قال‭: “‬لا‭ ‬بدَّ‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬السياسة‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬تقود‭ ‬البندقية‭ ‬وليس‭ ‬البندقية‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬تقود‭ ‬السياسة‭.”‬

كثيراً‭ ‬ما‭ ‬يقوم‭ ‬التعليم‭ ‬العسكري‭ ‬المهني‭ ‬الصيني‭ ‬على‭ ‬التدريس‭ ‬في‭ ‬الفصول‭ ‬والتدريب‭ ‬الميداني‭ ‬المعروف،‭ ‬ويساهم‭ ‬في‭ ‬نشر‭ ‬مبادئ‭ ‬جيش‭ ‬الحزب،‭ ‬ويؤثر‭ ‬في‭ ‬رجال‭ ‬الأمن‭ ‬الأفارقة‭ ‬بطرق‭ ‬شتى‭. ‬فيقول‭ ‬نانتوليا‭ ‬إن‭ ‬الدارسين‭ ‬الأفارقة‭ ‬يتعلمون‭ ‬طرق‭ ‬القتال‭ ‬المشترك،‭ ‬وتنظيم‭ ‬القوات،‭ ‬والرماية‭ ‬بالمدفعية،‭ ‬وتكتيكات‭ ‬أخرى،‭ ‬لكنهم‭ ‬يتعلمون‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬السياق‭ ‬السياسي،‭ ‬ويلقنهم‭ ‬إياه‭ ‬ضباط‭ ‬من‭ ‬جيش‭ ‬التحرير‭ ‬الشعبي،‭ ‬متمرسون‭ ‬في‭ ‬التدريب‭ ‬السياسي‭ ‬وتلقين‭ ‬العقيدة‭.‬

وعلى‭ ‬النقيض‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬تستخدم‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الجيوش‭ ‬الناجحة‭ ‬نماذج‭ ‬تدريب‭ ‬تؤكد‭ ‬على‭ ‬ضرورة‭ ‬أن‭ ‬ينأى‭ ‬الجيش‭ ‬عن‭ ‬السياسة‭ ‬وأن‭ ‬يظل‭ ‬مخلصاً‭ ‬لدستور‭ ‬الوطن‭ ‬وليس‭ ‬لحزب‭ ‬السياسي‭. ‬

أما‭ ‬النموذج‭ ‬الصيني،‭ ‬فيمكن‭ ‬أن‭ ‬يهدم‭ ‬المبادئ‭ ‬الديمقراطية‭ ‬والعلاقات‭ ‬المدنية‭ ‬العسكرية‭ ‬السليمة،‭ ‬ولئن‭ ‬حدث‭ ‬ذلك‭ ‬شيئاً‭ ‬فشيئاً‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يُلاحظ‭. ‬وترى‭ ‬الوفود‭ ‬الإفريقية‭ ‬الجوانب‭ ‬السياسية‭ ‬من‭ ‬أول‭ ‬وهلة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مرة‭ ‬تخالط‭ ‬فيها‭ ‬جيش‭ ‬التحرير‭ ‬الشعبي‭. ‬ويقول‭ ‬نانتوليا‭ ‬إن‭ ‬هذا‭ ‬من‭ ‬المحتمل‭ ‬أن‭ ‬يحدث‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬يوجد‭ ‬فيها‭ “‬إرث‭ ‬من‭ ‬الخفايا‭ ‬التي‭ ‬تكلف‭ ‬الجيش‭ ‬بدور‭ ‬سياسي‭ ‬وحزبي‭.” ‬ويجيز‭ ‬منهج‭ ‬الصين‭ ‬ضمنياً‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الميول،‭ ‬ويتجلى‭ ‬هذا‭ ‬المنهج‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬يوليها‭ ‬جيش‭ ‬التحرير‭ ‬الأولوية،‭ ‬مثل‭ ‬إريتريا‭ ‬وزيمبابوي‭.‬

السيد سيريل رمافوسا، رئيس جنوب إفريقيا، الثاني من اليسار، وشي، وسط الصورة، يحضران حوار قادة الصين وإفريقيا في جوهانسبرغ في عام 2023. آسوشييتد بريس

غايات‭ ‬الصين

لا‭ ‬يخفى‭ ‬على‭ ‬أحد‭ ‬لماذا‭ ‬أولت‭ ‬الصين‭ ‬الأولوية‭ ‬لدول‭ ‬الجنوب‭ ‬الإفريقي‭ ‬لإنشاء‭ ‬مؤسستها‭ ‬الوحيدة‭ ‬المخصصة‭ ‬للتعليم‭ ‬العسكري‭ ‬المهني‭ ‬في‭ ‬القارة‭. ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬طموحاتها‭ ‬تتجاوز‭ ‬تلك‭ ‬المنطقة،‭ ‬فقد‭ ‬اتخذت‭ ‬التعليم‭ ‬والتدريب‭ ‬العسكري‭ ‬ذريعة‭ ‬لإقامة‭ ‬العلاقات‭ ‬في‭ ‬ربوع‭ ‬القارة،‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬البلدان‭ ‬البعيدة‭ ‬عن‭ ‬التراث‭ ‬الثوري‭ ‬الصيني‭ ‬تنجذب‭ ‬إلى‭ ‬نظامها‭ ‬من‭ ‬التعليم‭ ‬العسكري‭ ‬بسبب‭ ‬توافره‭ ‬بكل‭ ‬يسر؛‭ ‬فالشيء‭ ‬الوحيد‭ ‬الذي‭ ‬تقدمه‭ ‬الصين‭ ‬ولا‭ ‬تستطيع‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬مجاراتها‭ ‬فيه‭ ‬هو‭ ‬العدد‭ ‬الضخم؛‭ ‬أي‭ ‬إنها‭ ‬تستقبل‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الدارسين‭ ‬الأفارقة‭ ‬في‭ ‬مؤسساتها‭ ‬التعليمية‭.‬

فقد‭ ‬قال‭ ‬مسؤول‭ ‬تدريب‭ ‬إفريقي‭ ‬لنانتوليا‭ ‬إنه‭ ‬يتعرَّض‭ ‬لضغوط‭ ‬لتدريب‭ ‬أكبر‭ ‬عدد‭ ‬ممكن‭ ‬من‭ ‬الجنود‭ ‬في‭ ‬خمس‭ ‬سنوات‭ ‬لرفع‭ ‬مستوى‭ ‬المعايير‭ ‬وإصلاح‭ ‬الجيش‭. ‬وذكر‭ ‬أنه‭ ‬يعاني‭ ‬أحياناً‭ ‬لإرسال‭ ‬عدد‭ ‬الأفراد‭ ‬الذين‭ ‬تسمح‭ ‬الصين‭ ‬باستقبالهم؛‭ ‬لأنه‭ ‬لا‭ ‬يقدر‭ ‬على‭ ‬إرسال‭ ‬هذا‭ ‬العدد‭ ‬الكبير‭ ‬من‭ ‬الموارد‭ ‬البشرية‭ ‬إلى‭ ‬الخارج‭ ‬في‭ ‬آن‭ ‬واحد‭.‬

وتستغل‭ ‬الصين‭ ‬هذه‭ ‬القدرات‭ ‬التعليمية‭ ‬الضخمة‭ ‬بتدريب‭ ‬أكبر‭ ‬عدد‭ ‬ممكن‭ ‬من‭ ‬الأفارقة،‭ ‬بل‭ ‬تدرب‭ ‬نفس‭ ‬الأفراد‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مرة‭ ‬في‭ ‬فترات‭ ‬مختلفة‭. ‬

تعتبر‭ ‬الصين‭ ‬النظام‭ ‬العالمي‭ ‬الحالي‭ ‬معادياً‭ ‬لطموحاتها،‭ ‬ولذا‭ ‬تريد‭ ‬أن‭ ‬ترسي‭ ‬أساساً‭ ‬من‭ ‬الدعم‭ ‬في‭ ‬إفريقيا‭ ‬وجنوب‭ ‬آسيا‭ ‬وأميركا‭ ‬اللاتينية،‭ ‬وتستعين‭ ‬به‭ ‬على‭ ‬طرح‭ ‬بديل‭ ‬للنظام‭ ‬الحالي‭.‬

وقال‭ ‬نانتوليا‭ ‬إن‭ ‬جهودها‭ ‬لا‭ ‬تقتصر‭ ‬على‭ ‬دول‭ ‬الجنوب‭ ‬الإفريقي‭ ‬التي‭ ‬يجمعها‭ ‬تراث‭ ‬التحرير،‭ ‬بل‭ ‬درَّبت‭ ‬مئات‭ ‬الأفراد‭ ‬العسكريين‭ ‬من‭ ‬أرجاء‭ ‬القارة،‭ ‬ومنها‭ ‬دول‭ ‬ديمقراطية‭ ‬تتعارض‭ ‬قيمها‭ ‬السياسية‭ ‬مع‭ ‬الفلسفة‭ ‬العسكرية‭ ‬السياسية‭ ‬الاستبدادية‭ ‬التي‭ ‬تتمسك‭ ‬بها‭ ‬الصين‭. ‬وحيثما‭ ‬تُتاح‭ ‬فرصة‭ ‬لنقل‭ ‬الفكر‭ ‬الصيني،‭ ‬يغتنمها‭ ‬جيش‭ ‬التحرير‭ ‬الشعبي‭.‬

ويقول‭ ‬نانتوليا‭ ‬إن‭ ‬الصين‭ ‬لا‭ ‬تحتاج‭ ‬إلا‭ ‬نزراً‭ ‬يسيراً‭ (‬ربما‭ %‬2‭ ‬سنوياً‭) ‬من‭ ‬آلاف‭ ‬الأفارقة‭ ‬الذين‭ ‬تدربهم‭ ‬للعودة‭ ‬إلى‭ ‬وطنهم‭ ‬وهم‭ ‬ينظرون‭ ‬إليها‭ ‬نظرة‭ ‬طيبة‭. ‬فبضع‭ ‬عشرات‭ ‬ممن‭ ‬يشغلون‭ ‬مناصب‭ ‬عالية‭ ‬سيكون‭ ‬لهم‭ ‬عظيم‭ ‬الأثر،‭ ‬وسينشرون‭ ‬ذلك‭ ‬الفكر‭ ‬في‭ ‬المؤسسة‭ ‬برمتها‭.‬

جنود أوغنديون يحضرون محاضرة في الهندسة يلقيها أفراد من الجيش الأوغندي ومشاة البحرية الأمريكية في معسكر سينغو بأوغندا في عام 2019. فني بيثاني ريان/مشاة البحرية الأمريكية

فيقول‭: “‬يلقون‭ ‬بالكثير‭ ‬في‭ ‬ذلك،‭ ‬وما‭ ‬يحدث‭ ‬فيما‭ ‬بعد‭ ‬أنهم‭ ‬يحددون‭ ‬على‭ ‬مر‭ ‬السنين‭ ‬من‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬لديهم‭ ‬ذلك‭ ‬الشعور‭ ‬الطيب،‭ ‬فيدعونهم‭ ‬إليهم‭ ‬مرة‭ ‬أخرى،‭ ‬ويواصلون‭ ‬التعامل‭ ‬معهم،‭ ‬ولا‭ ‬ينفكون‭ ‬يمنحونهم‭ ‬الفرص،‭ ‬وهكذا‭.” 

يبدأ‭ ‬النموذج‭ ‬الصيني‭ ‬في‭ ‬ثوب‭ ‬جهد‭ ‬موسع‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬التعليم‭ ‬العسكري‭ ‬المهني،‭ ‬ثم‭ ‬يتعاقب‭ ‬ويستهدف‭ ‬أفراداً‭ ‬بعينهم‭.‬

وما‭ ‬هذه‭ ‬الحلقة‭ ‬من‭ ‬التعليم‭ ‬العسكري‭ ‬إلا‭ ‬ترسٌ‭ ‬في‭ ‬آلة‭ ‬النفوذ‭ ‬الصينية،‭ ‬إذ‭ ‬يتدرب‭ ‬الجنود‭ ‬والضباط‭ ‬في‭ ‬المدارس‭ ‬التي‭ ‬تروج‭ ‬لفكر‭ ‬الصين‭ ‬وعقيدتها،‭ ‬وتسعى‭ ‬الصين‭ ‬إلى‭ ‬بسط‭ ‬النفوذ‭ ‬السياسي‭ ‬والمالي‭ ‬بمشاريع‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬التي‭ ‬تُنفذ‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬مبادرة‭ ‬الحزام‭ ‬والطريق‭. ‬وإذ‭ ‬تُكثر‭ ‬الحكومات‭ ‬الإفريقية‭ ‬من‭ ‬التعويل‭ ‬عليها‭ ‬في‭ ‬كلا‭ ‬الأمرين،‭ ‬ربما‭ ‬يرى‭ ‬بعض‭ ‬رجال‭ ‬الجيوش‭ ‬الإفريقية‭ ‬فرصاً‭ ‬للتقدم‭ ‬في‭ ‬مسيرتهم‭ ‬المهنية،‭ ‬وهذا‭ ‬يعزز‭ ‬العلاقة‭ ‬المتنامية‭ ‬مع‭ ‬الصين‭. ‬وتتسع‭ ‬دائرة‭ ‬النفوذ،‭ ‬وتستغلها‭ ‬الصين‭ ‬في‭ ‬المحافل‭ ‬متعددة‭ ‬الجنسيات‭ ‬مثل‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭.‬

ولنا‭ ‬في‭ ‬بوركينا‭ ‬فاسو‭ ‬عبرةً،‭ ‬إذ‭ ‬كانت‭ ‬تحتاج‭ ‬منذ‭ ‬عدة‭ ‬سنوات‭ ‬إلى‭ ‬من‭ ‬يساعدها‭ ‬في‭ ‬مشاريع‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬لكنها‭ ‬لم‭ ‬تمتلك‭ ‬المال‭ ‬اللازم‭ ‬لتمويلها،‭ ‬فعرضت‭ ‬الصين‭ ‬إدخالها‭ ‬في‭ ‬مبادرة‭ ‬الحزام‭ ‬والطريق‭. ‬وهنا‭ ‬وقعت‭ ‬في‭ ‬المصيدة،‭ ‬إذ‭ ‬كان‭ ‬عليها‭ ‬أن‭ ‬تؤمن‭ ‬بما‭ ‬تؤمن‭ ‬به‭ ‬الصين‭ ‬في‭ ‬وضع‭ ‬تايوان،‭ ‬وهي‭ ‬مسألة‭ ‬جيوسياسية‭ ‬شائكة‭. ‬فإذا‭ ‬بها‭ ‬تقطع‭ ‬علاقاتها‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬مع‭ ‬تايوان‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2018‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬ظلت‭ ‬سارية‭ ‬24‭ ‬سنة،‭ ‬واستغنت‭ ‬عنها‭ ‬ببكين‭.‬

ويقول‭ ‬نانتوليا‭: “‬تراقصت‭ ‬بوركينا‭ ‬فاسو‭ ‬والصين،‭ ‬إذ‭ ‬كانت‭ ‬الصين‭ ‬تبحث‭ ‬عن‭ ‬حليف،‭ ‬وكانت‭ ‬بوركينا‭ ‬فاسو‭ ‬تبحث‭ ‬عن‭ ‬التمويل،‭ ‬فتلاقيا‭ ‬في‭ ‬منتصف‭ ‬الطريق؛‭ ‬ولكن‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬وقعت‭ ‬بوركينا‭ ‬فاسو‭ ‬على‭ ‬اتفاقية‭ ‬مبادرة‭ ‬الحزام‭ ‬والطريق‭ ‬هذه،‭ ‬بدأنا‭ ‬نرى‭ ‬جنودها‭ ‬يذهبون‭ ‬إلى‭ ‬الصين‭ ‬للتدريب‭ ‬العسكري،‭ ‬وهكذا‭ ‬ترى‭ ‬كيف‭ ‬تسير‭ ‬الأمور‭.” 

التعليقات مغلقة.