فيسبوك تويتر لينكدإن بينتيريست البريد الإلكتروني قوة قتالية جديدة تسعى لتأمين المنطقة من الجهاديين والاتجار غير المشروع أسرة إيه دي إف انبعثت سحب دخان أسود كثيفة في سماء مدينة واغادوغو ببوركينا فاسو، في شهر آذار/مارس 2018، بعد هجوم جديد من الجهاديين المتطرفين على العاصمة المزدحمة في منطقة الساحل بغرب إفريقيا. استهدف الهجوم المزدوج السفارة الفرنسية ومقر القيادة العسكرية في بوركينا فاسو، وأسفر عن مقتل ثمانية جنود وثمانية من المهاجمين، فيما أصيب ثمانون آخرون بجروح، وهذا الهجوم الإرهابي هو ثالث هجوم تشهده المدينة في غضون أكثر من عامين. وصرح وزير الأمن كليمنت ساوادوجو للصحفيين أن الهجوم كان على ما يبدو يستهدف كبار مسؤولي الجيش ولعل الغرض كان “الإطاحة” بالقيادة العسكرية في بوركينا فاسو، وكان هذا الهجوم سينجح في ذلك لولا نقل الاجتماع إلى موقع جديد في اللحظة الأخيرة. ليس هذا هو أول حادث من نوعه في بوركينا فاسو، فسبقه هجوم في آب/أغسطس 2017 أدى لمصرع نحو 20 شخصًا وإصابة آخرين بعد إطلاق النار من مسلحين على متن دراجات نارية على مطعم تركي. وفي كانون الثاني/يناير 2016، قتل أعضاء من تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي عشرين شخصًا على الأقل في فندق ومقهى في ذات الشارع المزدحم، وفق ما ذكرته صحيفة واشنطن بوست. جندي نيجيري بالقرب من منطقة ديفا يتولى حراسة الحدود مع نيجيريا. رويترز فعلى العكس من دولة مالي المجاورة لها من جهة الشمال، لا تستضيف بوركينا فاسو أي بعثات لحفظ السلام تابعة للأمم المتحدة أو أي موقع عمل عسكري متعدد الجنسيات لمكافحة أي تمرد. ومع ذلك، فإن البلاد تمثل مثال اخر يؤكد على المخاطر التي تكمن في منطقة الساحل، تلك المنطقة الجغرافية الانتقالية التي تفصل الصحراء من جهة الشمال عن السافانا الرطبة في جهة الجنوب. وتمتد منطقة الساحل من السنغال شرقًا لقرابة 4,000 كيلومتراً عبر إريتريا إلى البحر الأحمر. وبعد الهجمات التي وقعت في بوركينا فاسو، واستمرار الاضطرابات في مالي والتمرد الإسلامي المسلح في نيجيريا الذي امتد إلى الكاميرون وتشاد والنيجر، قررت تلك الدول الخمس اتخاذ إجراءات لضمان أمن حدودها وحماية شعوبها. وبالفعل، انتشرت القوات في منطقة الساحل لمنع حالات التمرد والاضطرابات. وأنشئت بعثة الأمم المتحدة المتكاملة المتعددة الأبعاد لتحقيق الاستقرار في مالي في عام 2013 لاستعادة النظام بعد انقلاب 2012 الذي سبقه انتفاضة الطوارق في الشمال. وشنت القوات الفرنسية عملية سرفال في أوائل عام 2013 لصد تقدم الإسلاميين في شمال مالي. أما تشاد فسيرت 2,000 فرداً من قواتها إلى مالي للمشاركة في القتال. وعلى دولة النيجر المشاركة في هذه المجموعة الخماسية أن تراعي حدودها مع مالي من جهة الغرب وتوغلات بوكو حرام في منطقة ديفا جنوب شرق البلاد، والاتجار في شمال البلاد وصولًا إلى ليبيا التي ترزح في الفوضى. وتحظى دولة النيجر – مع بنين والكاميرون وتشاد ونيجيريا – بعضوية قوة المهام المشتركة متعددة الجنسيات التي تقاتل جماعة بوكو حرام في حوض بحيرة تشاد. وأخيرًا، لا زالت فرنسا موجودة في المنطقة تحت مظلة عملية برخان، في قوة قوامها 4,000 فرداً تطورت عن عملية سرفال في عام 2014 وتتمركز في بوركينا فاسو وتشاد ومالي. وتوحد هذه القوة المشتركة لبلدان المجموعة الخماسية لمنطقة الساحل (أو كما تعرف باسم Force Conjointe du G5 Sahel) بين بوركينا فاسو وتشاد ومالي وموريتانيا والنيجر في قوة مقاتلة ستنضم إلى جهود تحقيق الأمن في تلك المنطقة المضطربة. وتتسم المهمة المقبلة بالتعقيد. وخلاصة القول أن القوة المشتركة لبلدان المجموعة الخماسية لمنطقة الساحل ستمثل حلقة من الجهود العسكرية المتعددة في المنطقة التي تعج بالكثير من المشكلات المختلفة التي تسببها عدة مجموعات مختلفة. المجموعة الخماسية لمنطقة الساحل بدأت المجموعة الخماسية لمنطقة الساحل في عام 2014 في تعزيز التعاون الأمني والاقتصادي بين الدول الخمسة الأعضاء. وبعد ثلاث سنوات، قرر التحالف إطلاق قوة أمنية مشتركة لمعالجة المخاوف المتزايدة من تهريب المخدرات والاتجار بالبشر والإرهاب. وقد أيد الاتحاد الإفريقي ومجلس الأمن التابع للأمم المتحدة قوة الساحل، والتي يتوقع أن تكون “في طليعة الجهود الأمنية العابرة للحدود في منطقة الساحل في المستقبل القريب”، وفقًا لما ورد في مقال “القوة المشتركة لبلدان المجموعة الخماسية لمنطقة الساحل تكتسب زخمًا”، الصادر بتاريخ 9 شباط/فبراير 2018، عن مركز إفريقيا للدراسات الاستراتيجية (ACSS). ويقوم مفهوم العمليات لدى القوة على أربعة أركان، وفقًا لما ورد بجريدة مركز إفريقيا للدراسات الاستراتيجية. وسوف تسعى إلى: محاربة الإرهاب وتهريب المخدرات. المساعدة في استعادة سلطة الدولة وإعادة المهجرين واللاجئين. تسهيل تقديم العمليات الإنسانية وتوصيل الإغاثات للمحتاجين. المساعدة في تنفيذ استراتيجيات التنمية في محيط المجموعة الخماسية لمنطقة الساحل. وستتألف قوة تضم قرابة 5,000 فرداً معظمهم من العسكريين من الدول الخمس. وسيشمل هذا المجموع سبع كتائب قوام كل كتيبة منها 550 جندياً: بحيث تقدم بوركينا فاسو وتشاد وموريتانيا كتيبة واحدة من كل دولة، بينما تقدم كل من مالي والنيجر على حدة كتيبتان. كما ستوفر مالي والنيجر 200 من رجال الدرك من كل دولة، في حين ستقدم الدول الثلاث الأخرى 100 من أفراد الشرطة أو الدرك من كل دولة، حسبما ورد في جريدة مركز إفريقيا للدراسات الاستراتيجية. وستنتشر القوات في ثلاثة قطاعات هي: الغربي في مالي وموريتانيا، والأوسط في بوركينا فاسو ومالي والنيجر، والشرقي في تشاد والنيجر. وسيكون مقر قيادة القوة في سيفاري بمالي، ومن المزمع أن تقام مراكز قيادة ثانوية في كل قطاع. وسيكون مقر قيادة القطاع الغربي في نبيكيت بموريتانيا، تحت قيادة العقيد سالم فال ولد إسلمو من موريتانيا. ولم يتضح في نيسان/أبريل 2018 أماكن مقرات قيادة القطاعات المتبقية. من المتوقع أن تركز القوة المشتركة لبلدان المجموعة الخماسية لمنطقة الساحل جهودها على المناطق الحدودية، حسب ما أوردته وكالة رويترز. وستغطي المنطقة الأولى الحدود بين مالي والنيجر، بينما ستتولى المنطقة الأخرى مراقبة الحدود بين مالي وموريتانيا. أما المنطقة الثالثة فستواجه المشكلات في منطقة الحدود الثلاثية التي تربط بين بوركينا فاسو ومالي والنيجر. وفي أحد نقاط هذه المنطقة الحدودية التي تربط بين ثلاث دول، التي تعرف باسم منطقة ليبتاكو-جورما، نفذت القوة المشتركة لبلدان المجموعة الخماسية لمنطقة الساحل أول عملية لها في الفترة ما بين 27 تشرين الأول/أكتوبر و10 تشرين الثاني/نوفمبر 2017، وفقًا لما أورده موقع Jane’s 360. ويقال أن العملية المسماة بعملية هاوبي، والتي تعني “البقرة السوداء،” ضمت 350 جنديًا من بوركينا فاسو و200 جندياً من مالي والنيجر في المنطقة التي شهدت تصاعد أعمال العنف التي يمارسها المتشددون. وساهمت القوات الفرنسية بعربات مدرعة ومتخصصين في المتفجرات. وأعلنت المجموعة الخماسية لمنطقة الساحل في بيان معد سلفًا أن “العملية … تستهدف التحكم في هذه المنطقة التي تجمع حدود ثلاثة بلدان لمحاربة الجماعات المسلحة والاتجار، لأجل السماح بإعادة مستوى مرضي من الأمن يجلب الطمأنينة للسكان”. وفي 14 كانون الثاني/يناير عام 2018، شرعت القوة المشتركة في العملية الثانية تحت اسم باجنالي الذي يعني “الرعد” في لغة الفولا، وركزت العملية على الحدود بين بوركينا فاسو ومالي. وصرح قائد القوة اللواء ديدييه داكو من مالي لمحطة الإذاعة الفرنسية RFI أن العملية استعانت بكتيبة واحدة من كل بلد من البلدين لتعمل في منطقة تبعد حوالي 8,000 متراً مربع جنوب بوليكيس في مالي، وناسومبو في بوركينا فاسو. وأضاف: “اسمحوا لي أن أصرح لكم فيما يخص عملية باجنالي، فإن القوة المشتركة لبلدان المجموعة الخماسية لمنطقتي الساحل ترسخ صورتها كقوة ساحلية على دراية بساحة المعركة، وتمتلك قدرة على التكيف والتنسيق الجيد مع الجيوش الوطنية”. وسيلزم التنسيق في ظل استمرار القوة المشتركة لبلدان المجموعة الخماسية لمنطقة الساحل في أداء عملها. تنسيق الجهود تعج منطقة الساحل عمومًا، وبلدان المجموعة الخماسية لمنطقة الساحل خصوصًا، بالتهديدات الأمنية الداخلية والخارجية، يتسم الوضع في مالي بصعوبة خاصة، وتعمل بعثة الأمم المتحدة المتكاملة المتعددة الأبعاد لتحقيق الاستقرار في مالي هناك منذ عام 2013 وسط مجموعة معقدة من الجماعات المتشددة المسلحة. وقد تشكلت جماعة نصرة الإسلام والمسلمين الجهادية المسلحة بعد اندماج جماعة أنصار الدين وجبهة تحرير ماسينا والمرابطون وفرع تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي في الصحراء في آذار/مارس 2017. وقد كانت جميع الجماعات الأربعة تمارس نشاطها منذ سنوات في مالي، وتمثل جماعة نصرة الإسلام والمسلمين في الوقت الحالي الفرع الرسمي لتنظيم القاعدة في مالي. وهناك جماعات أخرى مثل حركة الوحدة والجهاد في غرب إفريقيا كانت تمارس نشاطها في مالي. جنود ماليون يشاركون في عملية هاوبي في وسط مالي، بالقرب من الحدود مع بوركينا فاسو والنيجر، في تشرين الثاني/نوفمبر عام 2017.وكالة فرانس برس/جيتي إيميجز وفي ظل وجود بعثة الأمم المتحدة المتكاملة المتعددة الأبعاد لتحقيق الاستقرار في مالي وعملية برخان التي تقودها فرنسا، يثار تخوف من تسبب القوة المجموعة الخماسية لمنطقة الساحل في “تكدس عمليات الأمن” في مالي وخارجها. وتعد تشاد والنيجر من الدول المشاركة في قوة المهام المشتركة متعددة الجنسيات للقضاء على جماعة بوكو حرام. وعلى الرغم من تضييق نطاق عمل قوة المهام المشتركة متعددة الجنسيات إلى حد كبير، إلا أن تقاربها مع أنشطة قوة المجموعة الخماسية لمنطقة الساحل “يوحي بضرورة التنسيق العملياتي” مع قوة المهام المشتركة متعددة الجنسيات، لا سيما في تشاد والنيجر، وفقًا لما ذكره معهد عمليات حفظ السلام وتحقيق الاستقرار. ”ونظرًا لأن بعض الشركاء الأمنيين يشاركون أيضًا في كل هذه البعثات، فعليهم توضيح الجهود المبذولة في سياق الأدوار المنوطة بكل منهم وكذلك لا غنى عن التوفيق بين التكليفات في إطار الجهد العام المبذول لمكافحة الإرهاب وتحقيق الاستقرار”، حسبما أوردت جريدة مركز إفريقيا للدراسات الاستراتيجية. وقال العقيد ليون تراوري، رئيس أركان الجيش في بوركينا فاسو أن قوة المجموعة الخماسية لمنطقة الساحل تشارك فعليًا مع فرنسا في عملية برخان، وسيكون من المهم تحديد مجالات التعاون مع احترام اختلاف نطاقات عمل البعثات. وقد تعزز القوة الجديدة أيضًا من جهود الدول المشاركة دون إلغاءها. وأضاف قائلًا لايه دي اف: “تكمن الفكرة في تبادل قواتنا وجهودنا، للجمع بين قدراتنا عبر مشاركة المعلومات الاستخباراتية ولتوحيد الطريقة التي نؤدي بها الأعمال حتى نتمكن من الوصول إلى الهدف المشترك، وأظن أن الفلسفة الداعمة للمجموعة الخماسية تكمن فيما ذكرت، وهي باختصار: الوحدة أساس القوة. ويكون ذلك عبر توحيد جهودنا لنفعل معًا ما يمكننا فعله لمكافحة عدو قد صار مشتركًا”. وكتب أندرو ليبوفيتش، الزميل الزائر لدى المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، في آذار/مارس 2018 أنه تتعين الموازنة بين سير الجهود الأمنية لقوة المجموعة الخماسية لمنطقة الساحل مع الجهود الرامية إلى تحسين نظام الإدارة العامة والعدالة في إطار حماية المدنيين المحليين الذين قد يتعرضوا للخطر أو التهجير بسبب القتال. وقد دفعت عمليات المجموعة الخماسية مثل عملية باجنالي اللاجئين إلى مناطق مالي التي تعاني بالفعل من الجرائم والاختلافات الطائفية وانعدام الأمن الغذائي. لقد كان التضييق على استقطاب المتشددين يمثل تحديًا لدولة مالي، وهذا يؤكد رؤية ليبوفيتش عن تحسين الحكم. وقال أبو بكر حسن، المراقب العسكري للأمم المتحدة في سيفاري لخدمة الأخبار في بلومبرج أن سبب فتنة الجماعات المتشددة واضح. وقال حساني: “السبب هو الفقر، فالشاب العاطل لا يستطيع الزواج، ولك أن تتخيل شاب لا يملك أي شيء يعرض عليه الجهاديون المال، وليس أي مال، بل يدفعون مبالغ جيدة – قد تصل أحيانًا حتى 200 دولاراً في اليوم، ولا توجد أي وظيفة أخرى تدفع مثل هذا المبلغ”. وذكرت جريدة مركز إفريقيا للدراسات الاستراتيجية أن التنمية الاقتصادية تندرج ضمن مفهوم عمليات هذه الجهود. وهذا سيساهم أكثر من غيره في تقويض قدرة الجهاديين على الاستقطاب والترويج لأفكارهم، لا سيما إذا صاحب ذلك التزام قوات الأمن بأعلى معايير الكفاءة المهنية واحترام حقوق الإنسان. وأقر ذلك نائب قائد قوة المجموعة الخماسية لمنطقة الساحل يايا سيري من بوركينا فاسو. وقال لبلومبرج أن القوات العسكرية لا يمكنها أن تقوم بهذه المهمة وحدها، “فالحل يكمن في التنمية”، على حد تعبيره.