الخبراء: إفريقيا تحتاج «جدار حماية بشري» لوقايتها من شرور الهجمات السيبرانية
أسرة منبر الدفاع الإفريقي
توسعت التكنولوجيا الرقمية كالنار في الهشيم في السنوات الأخيرة، وبات ملايين الأفارقة عرضة لمجرمي الإنترنت الذين يسعون إلى خداعهم وخداع شركاتهم وحتى حكوماتهم لنهب أموالهم والاطلاع على معلوماتهم الشخصية التي يُرجى نفعها.
والمشكلة متفشية، فتشير بعض التقديرات إلى أن الجرائم السيبرانية يمكن أن تكلف البلدان الإفريقية ما يصل إلى 10% من ناتجها المحلي الإجمالي سنوياً.
كتب السيد ستو شاورمان، الرئيس التنفيذي لشركة «نوبي4» للأمن السيبراني بجنوب إفريقيا، مقالاً لمجلة «آي تي ويب» الإلكترونية مؤخراً يقول فيه: ”أمست التهديدات السيبرانية أشد تطوراً وتعقيداً من ذي قبل، وتتطور بسرعة مع تقدم التكنولوجيا الجديدة مثل الذكاء الاصطناعي كل يوم.“
وفي ظل الإقبال على تقديم الأنشطة التجارية والحكومية عبر الإنترنت، يرى المحللون أن الكثير من البلدان الإفريقية تجاهلت وضع الإطار القانوني واتخاذ التدابير الأمنية اللازمة لحماية مواطنيها من الجرائم السيبرانية.
فبات الكثير منها أسواقاً مفتوحة لمجرمي الإنترنت، يبيع بعضهم إمكانية الوصول إلى خوادم الحكومات والشركات مقابل مبلغ زهيد يصل إلى 300 دولار أمريكي على شبكة الإنترنت المظلمة.
ولا تسلم الشركات والحكومات من هجمات رفض الخدمة التي تسيطر على بنيتها التحتية الإلكترونية، أو برامج الفدية الخبيثة التي تغلق أنظمة الكمبيوتر حتى يفتديها أصحابها، أو الدعم الفني المزيف، إذ يتظاهر المحتالون بمساعدة مستخدمي الكمبيوتر الذين يواجهون مشكلات تقنية، وبات من الحيل الشائعة التي يُكثر مجرمو الإنترنت من استخدامها لاختراق شبكات الكمبيوتر.
وأوضح المحللون أنه من المعهود أن يتحمل العملاء تكلفة التصدي للهجمات السيبرانية والتعافي منها في شكل زيادة أسعار السلع والخدمات.
وبالنظر إلى المستقبل، يحث شاورمان قادة الشركات والحكومات الإفريقية على الاهتمام بتعزيز ما يسميه «جدار الحماية البشري» بتثقيف مستخدمي الكمبيوتر والهواتف المحمولة عن المخاطر التي يواجهونها من مجرمي الإنترنت الذين يستخدمون تقنيات الاحتيال، ومنها التصيد الاحتيالي، وهو عبارة عن إرسال رسائل بريد إلكتروني أو روابط تبدو من مصادر شرعية، لكنها تخدع المستلم الذي لا يرتاب فيها لينتهك أمان نظام الكمبيوتر عن غير قصد.
ولا بدَّ من الاستثمار في «جدار الحماية البشري» لأن البلدان الإفريقية تشكو نقصاً حاداً في خبراء الأمن السيبراني المدربين، فقد كشف «تقرير الدفاع الرقمي» الصادر عن شركة «مايكروسوفت» أن الطلب على مهارات الأمن السيبراني ارتفع بمعدل 36% في العام الماضي في جنوب إفريقيا وحدها.
ويقول شاورمان: ”لن تُسد هذه الفجوة الكبيرة في نقص المهارات في أي وقت قريب، وتظل المؤسسات عرضة للهجمات السيبرانية.“
وتوصل نفس التقرير إلى أن الصين وكوريا الشمالية وروسيا تعد المصادر الرئيسية لتهديدات الأمن السيبراني على مستوى العالم، إلا أن الدول القومية ليست المصدر الوحيد للهجمات السيبرانية، إذ تستعين شبكات الجريمة عبر الوطنية الآن بالبنادق المأجورة لإنشاء البرامج الخبيثة التي تحتاجها لاختراق أنظمة الكمبيوتر. ومن الممكن أن يسهم ما يُسمى بشركات «خدمة الجريمة السيبرانية» في تمكين العناصر الهدامة من إيقاف شبكات المياه والكهرباء أو سرقة البيانات الشخصية للعملاء من شركات الاتصالات، وتعتبر هذه البيانات الكنز المربح لهذه الشركات.
والبون شاسع بين البلدان الإفريقية في شدة تهديدات الأمن السيبراني التي تواجهها، فمن المعتاد أن تُصنف كينيا ونيجيريا وجنوب إفريقيا بين البلدان الإفريقية التي تتعرَّض لأكبر عدد من الهجمات السيبرانية.
وذكرت شركة «سيرف شارك» للأمن السيبراني أن جنوب إفريقيا تُصنف بين الدول التي تعاني من أعلى كثافة في الجرائم السيبرانية على مستوى العالم، وهذه الكثافة عبارة عن نسبة ضحايا الجرائم السيبرانية بين مستخدمي الإنترنت.
وتوصل تقرير لشركة «آي بي إم سيكيورتي» بعنوان «تكلفة خرق البيانات» إلى أن متوسط تكلفة اختراق البيانات لمؤسسات جنوب إفريقيا بلغ 2.7 مليون دولار في عام 2023، وقد ارتفعت هذه التكلفة بنسبة 8% منذ عام 2020 وبنسبة 73% منذ إدراج جنوب إفريقيا في التحليل في عام 2015.
كتب الدكتور ديميان فيفييرز، المدير التجاري في شركة «بي إتش أتورنيز»، مقالاً مؤخراً لموقع «إندبندنت أونلاين» الإخباري بجنوب إفريقيا يقول فيه: ”تتوهم الكثير من شركات جنوب إفريقيا بأنها ستنجو من الهجمات السيبرانية وأن الشركات الثرية والكبيرة فقط هي التي ستُستهدف؛ وهذا للأسف بعيد كل البعد عن الحقيقة.“
التعليقات مغلقة.