Africa Defense Forum
Africa Defense Forum

الخدمة بالمبادئ

الجدارة والعلاقات المدنية العسكرية الوطيدة وغياب الفساد ركائز تجنب الانقلابات

أسرة‭ ‬منبر‭ ‬الدفاع‭ ‬الإفريقي

عادت الانقلابات‭ ‬ومحاولات‭ ‬الانقلاب‭ ‬بوجهها‭ ‬القبيح‭ ‬إلى‭ ‬القارة‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬القليلة‭ ‬الماضية‭. ‬وفي‭ ‬ظل‭ ‬أعمال‭ ‬العنف‭ ‬على‭ ‬أيدي‭ ‬المتطرفين‭ ‬والتدخل‭ ‬الخارجي‭ ‬وعدم‭ ‬الاستقرار‭ ‬السياسي،‭ ‬فإنَّ‭ ‬الجيوش‭ ‬بوسعها‭ ‬منع‭ ‬الانقلابات‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الاهتمام‭ ‬بمبادئها‭ ‬المهنية‭. ‬

تعتبر‭ ‬هذه‭ ‬المبادئ‭ ‬حجر‭ ‬الأساس‭ ‬الذي‭ ‬أخذ‭ ‬بيد‭ ‬قوات‭ ‬الأمن‭ ‬للحفاظ‭ ‬على‭ ‬السلام‭ ‬ودعم‭ ‬الحكم‭ ‬الديمقراطي‭ ‬لفترات‭ ‬طويلة‭ ‬وفي‭ ‬بلاد‭ ‬كثيرة‭.‬

لا‭ ‬يوجد‭ ‬ما‭ ‬يضمن‭ ‬للدولة‭ ‬أن‭ ‬تتجنب‭ ‬تغيير‭ ‬حكومتها‭ ‬تغييراً‭ ‬غير‭ ‬دستوري،‭ ‬ولكن‭ ‬توجد‭ ‬بعض‭ ‬الإجراءات‭ ‬لإصلاح‭ ‬قطاع‭ ‬الأمن‭ ‬يمكن‭ ‬للمؤسسات‭ ‬اتخاذها‭ ‬لتقليل‭ ‬احتمالية‭ ‬وقوع‭ ‬انقلاب‭.‬

نقدم‭ ‬لكم‭ ‬فيما‭ ‬يلي‭ ‬توصيات‭ ‬الخبراء‭ ‬حول‭ ‬مبادرات‭ ‬الإصلاح‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬تنفيذها‭ ‬لغرس‭ ‬الاستقرار‭ ‬ونشر‭ ‬ثقافة‭ ‬المهنية‭ ‬والاحترافية‭ ‬في‭ ‬صفوف‭ ‬القوات‭ ‬المسلحة‭ ‬والبعد‭ ‬عن‭ ‬الانقلابات‭ ‬العسكرية‭. ‬ولا‭ ‬تقدم‭ ‬هذه‭ ‬القائمة‭ ‬كافة‭ ‬الحلول‭ ‬الممكنة،‭ ‬ولكن‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬نُفذت‭ ‬هذه‭ ‬التوصيات‭ ‬معاً،‭ ‬فيمكنها‭ ‬مساعدة‭ ‬الدول‭ ‬على‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬قوة‭ ‬الحكم‭ ‬المدني‭ ‬ومساعدتها‭ ‬على‭ ‬تجنب‭ ‬الوقوع‭ ‬في‭ ‬‮«‬فخ‭ ‬الانقلابات‮»‬‭.‬

تعيين‭ ‬قادة‭ ‬الجيش‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬الجدارة‭:‬‭ ‬حين‭ ‬ينزع‭ ‬القادة‭ ‬إلى‭ ‬تكديس‭ ‬الرتب‭ ‬العليا‭ ‬في‭ ‬جيوشهم‭ ‬بسياسيين‭ ‬يكونوا‭ ‬أشبه‭ ‬بالموظفين،‭ ‬فيمكن‭ ‬أن‭ ‬يتسبب‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬الاستياء‭ ‬في‭ ‬صفوف‭ ‬الجيش‭. ‬ومن‭ ‬المرجح‭ ‬أن‭ ‬يحظى‭ ‬قادة‭ ‬الجيش‭ ‬برتبة‭ ‬الفريق‭ ‬واللواء‭ ‬الذين‭ ‬يُرقون‭ ‬بناءً‭ ‬على‭ ‬خبرتهم‭ ‬وجدارتهم‭ ‬وتقدمهم‭ ‬في‭ ‬العمر‭ ‬باحترام‭ ‬رجال‭ ‬الجيش‭. ‬كما‭ ‬يراعون‭ ‬جوانب‭ ‬الظلم‭ ‬داخل‭ ‬المؤسسة‭ ‬العسكرية‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬مستوى‭ ‬الانقلاب‭.‬

وعلاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬حين‭ ‬يُختار‭ ‬قادة‭ ‬الأفرع‭ ‬بناءً‭ ‬على‭ ‬مخاوف‭ ‬سياسية‭ ‬أو‭ ‬عرقية‭ ‬أو‭ ‬مالية،‭ ‬فإنَّ‭ ‬ذلك‭ ‬يفسد‭ ‬عملية‭ ‬وثقافة‭ ‬الترقية‭ ‬داخل‭ ‬المؤسسة‭ ‬العسكرية‭. ‬كما‭ ‬يرسل‭ ‬رسالة‭ ‬إلى‭ ‬الجيش‭ ‬مفادها‭ ‬أنَّ‭ ‬اللواءات‭ ‬يخدمون‭ ‬غايات‭ ‬سياسية،‭ ‬وليس‭ ‬غايات‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭. ‬

أكثر من 1,000 مجند في القوات الجوية النيجيرية يشاركون في حفل تخرجهم بعد إتمام التدريب الأساسي في مركز التدريب العسكري بكادونا. القوات الجوية النيجيرية

ويمكن‭ ‬أن‭ ‬يتسبب‭ ‬اختيار‭ ‬القادة‭ ‬بهذه‭ ‬الطريقة‭ ‬إلى‭ ‬شيوع‭ ‬انطباع‭ ‬عدم‭ ‬كفاءة‭ ‬القيادة‭ ‬العليا‭ ‬وعدم‭ ‬الرضا‭ ‬بين‭ ‬صغار‭ ‬الضباط‭. ‬وقد‭ ‬نفذ‭ ‬بعض‭ ‬الانقلابات‭ ‬الأخيرة‭ ‬في‭ ‬القارة‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬صغار‭ ‬الضباط‭ ‬بدعوى‭ ‬استيائهم‭ ‬من‭ ‬كبار‭ ‬قادة‭ ‬الجيش‭ ‬في‭ ‬بلادهم‭.‬

يرسل‭ ‬الجيش‭ ‬المسيَّس‭ ‬رسالة‭ ‬إلى‭ ‬المواطنين‭ ‬مفادها‭ ‬أنَّ‭ ‬التداول‭ ‬السلمي‭ ‬للسلطة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الانتخابات‭ ‬سبيل‭ ‬غير‭ ‬ممكن،‭ ‬وكتبت‭ ‬الدكتورة‭ ‬أليس‭ ‬هانت‭ ‬فريند،‭ ‬الباحثة‭ ‬بمركز‭ ‬الدراسات‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬والدولية،‭ ‬تقول‭: ‬“إذا‭ ‬اتخذ‭ ‬الجيش‭ ‬مواقف‭ ‬حزبية‭ ‬أو‭ ‬كان‭ ‬له‭ ‬ولاءات‭ ‬حزبية،‭ ‬فربما‭ ‬يظن‭ ‬الناخبون،‭ ‬ويحق‭ ‬لهم‭ ‬ذلك،‭ ‬أنَّ‭ ‬حزب‭ ‬المعارضة‭ ‬لن‭ ‬يتمكن‭ ‬من‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬الجيش‭ ‬إذا‭ ‬تولى‭ ‬الحكم‭ ‬بعد‭ ‬فوزه‭ ‬بالانتخابات‭.‬”

وأكدت‭ ‬فريند‭ ‬أنَّ‭ ‬المواطنين‭ ‬لا‭ ‬بدَّ‭ ‬أن‭ ‬يعرفوا‭ ‬أنَّ‭ ‬القرارات‭ ‬المتعلقة‭ ‬بتمويل‭ ‬الجيش‭ ‬وقوامه‭ ‬واستخدامه‭ ‬إنما‭ ‬تحركها‭ ‬المصلحة‭ ‬الوطنية‭ ‬وليس‭ ‬سياسات‭ ‬الأحزاب‭. ‬وتقول‭ ‬فريند‭: ‬“يخدم‭ ‬الجيش‭ ‬الدستور‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الإذعان‭ ‬للمسؤولين‭ ‬المدنيين‭ ‬المنتخبين‭ ‬في‭ ‬انتخابات‭ ‬ديمقراطية‭ ‬دون‭ ‬النظر‭ ‬إلى‭ ‬الأحزاب‭ ‬السياسية‭ ‬أو‭ ‬المناصب‭ ‬الحزبية؛‭ ‬وهذه‭ ‬الفكرة‭ ‬تكفل‭ ‬التداول‭ ‬السلمي‭ ‬للسلطة‭ ‬بين‭ ‬الإدارات‭ ‬الرئاسية‭.‬”

إنهاء‭ ‬ظاهرة‭ ‬التحصُّن‭ ‬بالأصول‭ ‬العرقية‭:‬‭ ‬ينطوي‭ ‬نوع‭ ‬معين‭ ‬من‭ ‬التعيينات‭ ‬العسكرية‭ ‬السياسية‭ ‬غير‭ ‬الحكيمة‭ ‬على‭ ‬الممارسة‭ ‬المعروفة‭ ‬بمصطلح‭ ‬‮«‬التحصُّن‭ ‬بالأصول‭ ‬العرقية»؛‭ ‬والمقصود‭ ‬بها‭ ‬أنَّ‭ ‬قائد‭ ‬الدولة‭ ‬يتعمد‭ ‬ملء‭ ‬الرتب‭ ‬العسكرية‭ ‬العليا‭ ‬بضباط‭ ‬من‭ ‬طائفته‭ ‬العرقية،‭ ‬ظناً‭ ‬منه‭ ‬بأنَّ‭ ‬إحاطة‭ ‬نفسه‭ ‬برجال‭ ‬من‭ ‬أترابه‭ ‬سيحصنه‭ ‬من‭ ‬المساءلة‭ ‬والانتقادات‭ ‬العامة‭. ‬

بيد‭ ‬أنَّ‭ ‬الحقيقة‭ ‬أنَّ‭ ‬هذه‭ ‬الممارسة‭ ‬تكاد‭ ‬تؤدي‭ ‬حتماً‭ ‬إلى‭ ‬تفشي‭ ‬الفساد‭ ‬وسوء‭ ‬الحكم،‭ ‬ممَّا‭ ‬يعرض‭ ‬القائد‭ ‬السياسي‭ ‬للخطر‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬المطاف‭. ‬

اهتم‭ ‬العلماء‭ ‬بدراسة‭ ‬ظاهرة‭ ‬التحصُّن‭ ‬بالأصول‭ ‬العرقية،‭ ‬وخلصوا‭ ‬إلى‭ ‬أنها‭ ‬ترتبط‭ ‬بالقمع‭ ‬والاستبداد‭ ‬والانقلاب‭ ‬والعنف‭ ‬السياسي‭. ‬وخير‭ ‬مثال‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬في‭ ‬دولة‭ ‬زئير‭ ‬سابقاً،‭ ‬المعروفة‭ ‬بجمهورية‭ ‬الكونغو‭ ‬الديمقراطية‭ ‬حالياً،‭ ‬إذ‭ ‬حرص‭ ‬موبوتو‭ ‬سيسي‭ ‬سيكو‭ ‬على‭ ‬اختيار‭ ‬ضباطه‭ ‬من‭ ‬رجال‭ ‬من‭ ‬أبناء‭ ‬طائفة‭ ‬نباندي‭ ‬التي‭ ‬تطقن‭ ‬منطقة‭ ‬إكواتور‭ ‬مسقط‭ ‬رأسه‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تولى‭ ‬رئاسة‭ ‬البلاد‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1965‭. ‬وبانتهاء‭ ‬حكمه‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬بـ‭ ‬30‭ ‬عاماً،‭ ‬كان‭ ‬أقرباؤه‭ ‬الإكواتوريون‭ ‬يشكلون‭ ‬ما‭ ‬يقرب‭ ‬من‭ ‬نسبة‭ ‬80‭% ‬من‭ ‬ضباطه‭. ‬وربما‭ ‬لبث‭ ‬في‭ ‬حكم‭ ‬البلاد‭ ‬طويلاً‭ ‬بفضل‭ ‬هذه‭ ‬الممارسة،‭ ‬لكنه‭ ‬إنما‭ ‬ترك‭ ‬إرثاً‭ ‬يغص‭ ‬بالفساد‭ ‬والاستغلال‭ ‬الاقتصادي‭ ‬وانفلات‭ ‬التضخم‭.‬

توصلت‭ ‬الباحثة‭ ‬الدكتورة‭ ‬كريستين‭ ‬هاركنس،‭ ‬الأستاذة‭ ‬في‭ ‬جامعة‭ ‬سانت‭ ‬أندروز‭ ‬بإسكتلندا،‭ ‬إلى‭ ‬أنَّ‭ ‬الانتخابات‭ ‬حين‭ ‬تأتي‭ ‬بزعيم‭ ‬جديد‭ ‬ينتمي‭ ‬لطائفة‭ ‬عرقية‭ ‬غير‭ ‬الطائفة‭ ‬التي‭ ‬يتكون‭ ‬منها‭ ‬الجيش،‭ ‬فإنَّ‭ ‬خطر‭ ‬حدوث‭ ‬انقلاب‭ ‬عسكري‭ ‬يرتفع‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬20‭% ‬ليبلغ‭ ‬نحو‭ ‬90‭% ‬

لا‭ ‬يفلح‭ ‬التحصُّن‭ ‬بالأصول‭ ‬العرقية‭ ‬إلا‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬غاية‭ ‬قائد‭ ‬البلاد‭ ‬تتمثل‭ ‬في‭ ‬البقاء‭ ‬في‭ ‬كرسي‭ ‬الحكم؛‭ ‬فمن‭ ‬المرجح‭ ‬أن‭ ‬تنعم‭ ‬الدولة‭ ‬بالحكم‭ ‬الرشيد‭ ‬والمستقر‭ ‬حين‭ ‬يتمتع‭ ‬جيشها‭ ‬بالتنوع‭ ‬العرقي‭ ‬الذي‭ ‬يتوخى‭ ‬العدل‭ ‬في‭ ‬تمثيل‭ ‬مواطنيها‭ ‬المدنيين‭. ‬وتضع‭ ‬كينيا‭ ‬حصصاً‭ ‬عرقية‭ ‬وجنوب‭ ‬إفريقيا‭ ‬حصصاً‭ ‬عنصرية‭ ‬تكفل‭ ‬التنوع‭ ‬والتمثيل‭ ‬النسبي‭ ‬في‭ ‬قواتهما‭ ‬المسلحة‭.‬

النأي‭ ‬عن‭ ‬السياسة‭:‬‭ ‬ثمة‭ ‬تكتيك‭ ‬آخر‭ ‬أشبه‭ ‬بظاهرة‭ ‬التحصُّن‭ ‬بالأصول‭ ‬العرقية‭ ‬والتعيينات‭ ‬السياسية‭ ‬البعيدة‭ ‬عن‭ ‬الجدارة‭ ‬يتمثل‭ ‬في‭ ‬قيام‭ ‬القادة‭ ‬الجدد‭ ‬بفصل‭ ‬كبار‭ ‬قادة‭ ‬الجيش‭ ‬عند‭ ‬توليهم‭ ‬مناصبهم،‭ ‬ولا‭ ‬يستطيع‭ ‬رجال‭ ‬الجيش‭ ‬منع‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬الحدوث‭ ‬أثناء‭ ‬تغيير‭ ‬الإدارات‭ ‬السياسية،‭ ‬ولكن‭ ‬يمكنهم‭ ‬منع‭ ‬احتمالية‭ ‬حدوثه‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الالتزام‭ ‬بالإنصاف‭ ‬والحياد‭ ‬السياسي‭ ‬وتقديم‭ ‬الدعم‭ ‬للسلطات‭ ‬المدنية‭. ‬

قدم‭ ‬قادة‭ ‬الجيش‭ ‬النيجيري‭ ‬نموذجاً‭ ‬لهذا‭ ‬الدعم‭ ‬قبل‭ ‬وبعد‭ ‬أن‭ ‬تتعرض‭ ‬بعض‭ ‬مكاتب‭ ‬ومنشآت‭ ‬اللجنة‭ ‬الوطنية‭ ‬المستقلة‭ ‬للانتخابات‭ ‬للهجوم‭ ‬في‭ ‬أواخر‭ ‬عام‭ ‬2022،‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬التي‭ ‬سبقت‭ ‬الانتخابات‭ ‬الوطنية‭ ‬في‭ ‬شباط‭/‬فبراير‭ ‬2023،‭ ‬وذلك‭ ‬لأنَّ‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬الاضطرابات‭ ‬والجدل‭ ‬سبقت‭ ‬عملية‭ ‬التصويت،‭ ‬مما‭ ‬دفع‭ ‬قادة‭ ‬الجيش‭ ‬والرئيس‭ ‬محمد‭ ‬بخاري‭ ‬للتحدث‭ ‬علانية‭ ‬عن‭ ‬أهمية‭ ‬دعم‭ ‬قوات‭ ‬الأمن‭ ‬للحكم‭ ‬والسلطة‭ ‬المدنية‭.‬

قوات الدفاع الوطني الجنوب إفريقية تستخدم الحصص العرقية لضمان التنوع والتمثيل النسبي في صفوفها.
وكالة الأنباء الفرنسية/صور غيتي

حذر‭ ‬اللواء‭ ‬النيجيري‭ ‬أمينو‭ ‬شيناد،‭ ‬القائد‭ ‬العام‭ ‬للفرقة‭ ‬الثانية‭ ‬من‭ ‬الجيش‭ ‬النيجيري،‭ ‬رجال‭ ‬القوات‭ ‬المسلحة‭ ‬في‭ ‬تشرين‭ ‬الأول‭/‬أكتوبر‭ ‬2022‭ ‬من‭ ‬التواطؤ‭ ‬مع‭ ‬السياسيين‭ ‬والأحزاب‭ ‬للتأثير‭ ‬على‭ ‬الانتخابات‭ ‬المقبلة،‭ ‬وأخبرهم‭ ‬أنَّ‭ ‬القيام‭ ‬بذلك‭ ‬سيؤثر‭ ‬على‭ ‬الجيش‭ ‬النيجيري‭ ‬تأثيراً‭ ‬سلبياً،‭ ‬نقلاً‭ ‬عن‭ ‬موقع‭ ‬‮«‬بيبولز‭ ‬جازيت‮»‬‭ ‬الإخباري‭ ‬بأبوجا‭.‬

ونقل‭ ‬الموقع‭ ‬عنه‭ ‬حديثه‭ ‬مع‭ ‬جنود‭ ‬اللواء‭/‬4‭ ‬بمدينة‭ ‬بنين‭ ‬حين‭ ‬قال‭ ‬لهم‭: ‬“أشعر‭ ‬بالارتياح‭ ‬حيال‭ ‬سلوككم‭ ‬وتصرفكم‭ ‬المهني،‭ ‬وأود‭ ‬أن‭ ‬أناشدكم‭ ‬بأن‭ ‬تتعاونوا‭ ‬مع‭ ‬الأهالي‭ ‬الذين‭ ‬تتواجدون‭ ‬وسطهم‭ ‬وأن‭ ‬تساعدوا‭ ‬على‭ ‬تأمين‭ ‬الأرواح‭ ‬والممتلكات‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬في‭ ‬فترة‭ ‬الانتخابات‭ ‬هذه‭.‬”

وتابع‭ ‬قائلاً‭: ‬“اربؤوا‭ ‬بأنفسكم‭ ‬عن‭ ‬السياسة‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬تلطخون‭ ‬مسيرتكم‭ ‬بها،‭ ‬ومتى‭ ‬تُستدعون‭ ‬خلال‭ ‬الانتخابات،‭ ‬يجدر‭ ‬بكم‭ ‬البقاء‭ ‬على‭ ‬الحياد‭ ‬والنأي‭ ‬عن‭ ‬السياسة‭.‬”

وأرسل‭ ‬بخاري‭ ‬نفسه‭ ‬رسالة‭ ‬مماثلة‭ ‬في‭ ‬أواخر‭ ‬كانون‭ ‬الأول‭/‬ديسمبر‭ ‬2022‭. ‬فنقلت‭ ‬محطة‭ ‬‮«‬صوت‭ ‬نيجيريا‮»‬‭ ‬الإذاعية‭ ‬عنه‭ ‬قوله‭: ‬“لقد‭ ‬أوضحت‭ ‬للأجهزة‭ ‬الأمنية‭ ‬أنَّ‭ ‬عليها‭ ‬مسؤولية‭ ‬النأي‭ ‬عن‭ ‬السياسة‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬الأوقات،‭ ‬فلا‭ ‬ينبغي‭ ‬لهم‭ ‬تحت‭ ‬أي‭ ‬ظرف‭ ‬من‭ ‬الظروف‭ ‬الانخراط‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬شيء‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يضر‭ ‬بالعملية‭ ‬الديمقراطية،‭ ‬أو‭ ‬يسيء‭ ‬إلى‭ ‬سمعة‭ ‬مؤسساتهم‭ ‬وإلى‭ ‬نيجيريا‭.‬”

إيلاء‭ ‬الأولوية‭ ‬للتعليم‭ ‬العسكري‭ ‬المهني‭:‬‭ ‬تقول‭ ‬القاعدة‭ ‬العامة‭ ‬إنَّ‭ ‬الجيش‭ ‬المتسلح‭ ‬بسلاح‭ ‬بالعلم‭ ‬يتمتع‭ ‬بقدر‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬المهنية‭ ‬والاحترافية‭. ‬توجد‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬118‭ ‬مؤسسة‭ ‬للتعليم‭ ‬العسكري‭ ‬المهني‭ ‬في‭ ‬ربوع‭ ‬القارة،‭ ‬فتمنح‭ ‬البلدان‭ ‬الإفريقية‭ ‬قاعدة‭ ‬جيدة‭ ‬يمكنها‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬النهوض‭ ‬بالتطوير‭ ‬المهني‭. ‬ولكن‭ ‬لا‭ ‬توجد‭ ‬تلك‭ ‬المؤسسات‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬البلدان،‭ ‬ولا‭ ‬يمتلك‭ ‬بعضها‭ ‬سوى‭ ‬أكاديميات‭ ‬عسكرية‭ ‬للملتحقين‭ ‬الجدد‭ ‬بصفوف‭ ‬القوات‭ ‬المسلحة‭ ‬تقدم‭ ‬أسياسيات‭ ‬التدريب‭ ‬والتعليم‭ ‬للجنود‭ ‬والضباط‭. ‬تستثمر‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬جيوش‭ ‬العالم‭ ‬في‭ ‬التعليم‭ ‬العسكري‭ ‬المهني‭ ‬طوال‭ ‬مسيرة‭ ‬الضابط‭ ‬تقديراً‭ ‬لتوسع‭ ‬نطاق‭ ‬العمل‭ ‬العسكري‭ ‬والتعقيد‭ ‬المكتسب‭ ‬مع‭ ‬التقدم‭ ‬في‭ ‬الرتب‭. ‬إنَّ‭ ‬توفير‭ ‬فرص‭ ‬التعليم‭ ‬العسكري‭ ‬المهني‭ ‬الأساسي‭ ‬والمتوسط‭ ‬والعالي،‭ ‬سواء‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬أكاديميات‭ ‬البلدان‭ ‬المضيفة‭ ‬أو‭ ‬الشريكة،‭ ‬يعتبر‭ ‬فرصة‭ ‬لنشر‭ ‬الأخلاقيات‭ ‬المهنية‭ ‬وإضفاء‭ ‬الاحترام‭ ‬على‭ ‬العلاقات‭ ‬المدنية‭ ‬العسكرية؛‭ ‬إذ‭ ‬كشف‭ ‬تقرير‭ ‬صادر‭ ‬عن‭ ‬مركز‭ ‬إفريقيا‭ ‬للدراسات‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬أنَّ‭ ‬مؤسسات‭ ‬التعليم‭ ‬العسكري‭ ‬المهني‭ ‬يمكنها‭ ‬تعزيز‭ ‬التزام‭ ‬المؤسسة‭ ‬العسكرية‭ ‬بالحكم‭ ‬الديمقراطي‭ ‬وحرصها‭ ‬على‭ ‬توطيد‭ ‬العلاقات‭ ‬المدنية‭ ‬العسكرية‭. ‬

كما‭ ‬يمكن‭ ‬للمؤسسات‭ ‬المتميزة‭ ‬منها‭ ‬زيادة‭ ‬أمن‭ ‬المواطن‭ ‬وتشكيل‭ ‬رؤى‭ ‬استراتيجية‭ ‬وغرس‭ ‬الشعور‭ ‬بالواجب‭ ‬الوطني‭ ‬بين‭ ‬الضباط‭.‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬يؤكد‭ ‬تقرير‭ ‬المركز‭ ‬أنَّ‭ ‬مجرد‭ ‬وجود‭ ‬تلك‭ ‬المؤسسات‭ ‬لا‭ ‬يكفل‭ ‬في‭ ‬حد‭ ‬ذاته‭ ‬تشكيل‭ ‬جيش‭ ‬يتميَّز‭ ‬بالمهنية‭ ‬والاحترافية،‭ ‬فيقول‭: ‬“بل‭ ‬لا‭ ‬بدَّ‭ ‬من‭ ‬زيادة‭ ‬الاهتمام‭ ‬بتطوير‭ ‬المناهج‭ ‬وتثقيف‭ ‬مؤسسات‭ ‬التعليم‭ ‬المدني‭ ‬العسكري‭ ‬بثمار‭ ‬العلاقات‭ ‬المدنية‭ ‬العسكرية‭ ‬الديمقراطية‭ ‬وابتعاد‭ ‬الجيش‭ ‬عن‭ ‬السياسة،‭ ‬وبذلك‭ ‬يمكن‭ ‬تعزيز‭ ‬مكانة‭ ‬هذه‭ ‬المؤسسات‭ ‬وسيكتسب‭ ‬الخريجون‭ ‬المسؤولية‭ ‬الجبارة‭ ‬المنوطة‭ ‬بهم‭ ‬المتمثلة‭ ‬في‭ ‬حمل‭ ‬السلاح‭ ‬لحماية‭ ‬المواطنين‭.‬”

مع اقتراب الانتخابات الاتحادية لعام 2023، حذر الجيش النيجيري جنوده بضرورة النأي عن السياسة. وكالة الأنباء الفرنسية/صور غيتي

تجنب‭ ‬تشكيل‭ ‬وحدات‭ ‬مارقة‭:‬‭ ‬إنَّ‭ ‬تشكيل‭ ‬وحدات‭ ‬النخبة‭ ‬الخاصة‭ ‬كالحرس‭ ‬الرئاسي‭ ‬أو‭ ‬الجمهوري‭ ‬بعيداً‭ ‬عن‭ ‬هياكل‭ ‬القيادة‭ ‬العسكرية‭ ‬المعتادة‭ ‬للدولة‭ ‬كثيراً‭ ‬ما‭ ‬يثير‭ ‬الاستياء‭ ‬والارتباك‭ ‬ويخلق‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬الفُرقة‭ ‬والانقسام‭. ‬فكثيراً‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬تأخذ‭ ‬هذه‭ ‬الكيانات‭ ‬‮«‬شبه‭ ‬الحكومية‮»‬‭ ‬أوامرها‭ ‬إلا‭ ‬من‭ ‬رئيس‭ ‬الدولة‭ ‬مباشرة،‭ ‬وبالتالي‭ ‬تصبح‭ ‬وبالاً‭ ‬على‭ ‬الوحدة‭ ‬الوطنية‭ ‬وتقوي‭ ‬الولاء‭ ‬للأحزاب‭ ‬أو‭ ‬الأعراق‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬الولاء‭ ‬للمجتمع‭ ‬أجمع‭. ‬

وفي‭ ‬مقابل‭ ‬ولائهم‭ ‬وإخلاصهم‭ ‬الاستثنائي،‭ ‬يتميَّز‭ ‬أفراد‭ ‬وحدات‭ ‬النخبة‭ ‬عمَّن‭ ‬سواهم‭ ‬في‭ ‬المعاملة‭ ‬والرواتب‭ ‬والتدريب‭ ‬والعدة‭ ‬والعتاد‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬يكتفي‭ ‬الجنود‭ ‬العاديون‭ ‬بالنظر‭ ‬إليهم‭. ‬

ومن‭ ‬المفارقات،‭ ‬أنَّ‭ ‬قرب‭ ‬رجال‭ ‬الحرس‭ ‬الرئاسي‭ ‬أو‭ ‬الجمهوري‭ ‬من‭ ‬القيادة‭ ‬الوطنية‭ ‬وتجردهم‭ ‬من‭ ‬المساءلة‭ ‬الوطنية‭ ‬يجعلهم‭ ‬في‭ ‬وضع‭ ‬فريد‭ ‬للقيام‭ ‬بانقلاب‭ ‬إذا‭ ‬شعروا‭ ‬بأي‭ ‬خطر‭ ‬يهدد‭ ‬ثروتهم‭ ‬أو‭ ‬سلطتهم‭. ‬

ويقول‭ ‬تقرير‭ ‬صادر‭ ‬عن‭ ‬معهد‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬للدراسات‭ ‬الأمنية‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2016‭: ‬“يعد‭ ‬وجود‭ ‬الحرس‭ ‬الرئاسي‭ ‬القاسم‭ ‬المشترك‭ ‬الشائع‭ ‬وراء‭ ‬مدبري‭ ‬الانقلابات‭ ‬العسكرية،‭ ‬وبما‭ ‬أنهم‭ ‬يتلقون‭ ‬أوامرهم‭ ‬من‭ ‬الرؤساء‭ ‬مباشرة،‭ ‬فإنَّ‭ ‬هؤلاء‭ ‬الحراس‭ ‬‮«‬الإمبراطوريين‮»‬‭ ‬منفصلون‭ ‬عن‭ ‬التسلسل‭ ‬القيادي‭ ‬المعتاد‭ ‬للقوات‭ ‬المسلحة،‭ ‬فيقع‭ ‬التفاوت‭ ‬والتباين‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬المكانة‭ ‬والاستفادة‭ ‬من‭ ‬المحسوبية‭ ‬السياسية‭.‬”

طلبة نيجيريون يحضرون دورة حول مبادئ عمليات دعم السلام في مركز مارتن لوثر أغواي للقيادة الدولية وحفظ السلام بجاجي. مركز مارتن لوثر أغواي للقيادة الدولية وحفظ السلام

وقع‭ ‬مثال‭ ‬حديث‭ ‬بعض‭ ‬الشيء‭ ‬لهذه‭ ‬الظاهرة‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬تحت‭ ‬حكم‭ ‬الرئيس‭ ‬زين‭ ‬العابدين‭ ‬بن‭ ‬علي‭ ‬الذي‭ ‬فرَّ‭ ‬خلال‭ ‬احتجاجات‭ ‬الربيع‭ ‬العربي‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2011،‭ ‬إذ‭ ‬كان‭ ‬ابن‭ ‬علي‭ ‬يفضل‭ ‬قوات‭ ‬الشرطة‭ ‬الوطنية‭ ‬والحرس‭ ‬الرئاسي‭ ‬والحرس‭ ‬الوطني‭ ‬على‭ ‬سائر‭ ‬القوات‭ ‬المسلحة‭. ‬

وقبل‭ ‬ذلك‭ ‬بعقود‭ ‬من‭ ‬الزمان،‭ ‬بدأ‭ ‬فيليكس‭ ‬أوفوي‭ ‬بوانيي،‭ ‬أول‭ ‬رئيس‭ ‬لساحل‭ ‬العاج،‭ ‬فترة‭ ‬حكمه‭ ‬التي‭ ‬دامت‭ ‬33‭ ‬عاماً‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬تقليص‭ ‬حجم‭ ‬الجيش‭ ‬وتشكيل‭ ‬ميليشيا‭ ‬موالية‭ ‬لحزبه‭ ‬تتألف‭ ‬في‭ ‬الغالب‭ ‬من‭ ‬أبناء‭ ‬طائفته‭ ‬العرقية؛‭ ‬وعلى‭ ‬إثر‭ ‬ذلك‭ ‬حصل‭ ‬بعض‭ ‬الضباط‭ ‬على‭ ‬رواتب‭ ‬ضخمة‭ ‬ومناصب‭ ‬في‭ ‬الحزب‭ ‬الحاكم‭ ‬وامتيازات‭ ‬أخرى،‭ ‬مما‭ ‬مهد‭ ‬الطريق‭ ‬لعدم‭ ‬الاستقرار‭ ‬في‭ ‬المستقبل‭.  

التعليقات مغلقة.