فيسبوك تويتر لينكدإن بينتيريست البريد الإلكتروني قوة المهام المشتركة متعددة الجنسيات تظهر نقاط قوة العمل الأمني الجماعي وقيوده أسرة أيه دي إف نظرًا لما تملكه من قدرة على التسلل الحدودي واستغلال نقاط الضعف الموجودة في البلدان الأربع المحيطة ببحيرة تشاد، استفادت جماعة بوكو حرام من الانقسام في المنطقة لتعزيز قوتها. ولذا قررت البلدان المتضررة أنه لا توجد سوى طريق واحد للتصدي لهذه المشكلة ألا وهو الإتحاد. تمخّض عن ذلك تشكيل قوة المهام المشتركة متعددة الجنسيات، وهي جهد عسكري إقليمي يضم 10,500 جندي يستهدف خصيصًا القضاء للأبد على جماعة بوكو حرام. تأسست قوة المهام المشتركة متعددة الجنسيات على يد هيئة حوض بحيرة تشاد في عام 1998 بهدف مكافحة جرائم قطع الطرق وغير ذلك من الجرائم العابرة للحدود. وفي عام 2014 أعيد تفعيل القوة وحصلت على تفويض من الاتحاد الأفريقي للقيام بعمليات قتالية ضد جماعة بوكو حرام واعتراض الأسلحة المُهربة وتحرير الرهائن وتشجيع أفراد الجماعة على الانشقاق. قادة عسكريون ومدنيون يجتمعون لتدشين مقر قيادة قوة المهام المشتركة متعددة الجنسيات في نجامينا بتشاد.الاتحاد الأفريقي دخلت القوة الخدمة عام 2015 لكنها اضطلعت بأول مهمة لها في عام 2016. وتساهم أربعة من الدول الأعضاء بهيئة حوض بحيرة تشاد في توفير القوات وهي الكاميرون وتشاد والنيجر ونيجيريا، كما تسهم بنين ببعض القوات. ويوجد بكل دولة من هذه الدول الأربع المحيطة بالبحيرة مقر إقليمي، ويقع المقر الرئيسي للبعثة في نجامينا بتشاد. عانت قوة المهام المشتركة من بدايات غير موفقة وانتكاسات، لعل أبرزها اعتماد ميزانية قدرها 700 مليون دولار أمريكي دون مصدر تمويل موثوق به، لكن تحمس المراقبون لها نظرًا لما تمثله من حل أفريقي خالص لمشكلة أمنية أفريقية. وذكر هانز دي ماري هينغوب، الخبير الأمني الكاميروني لدى منظمة مجموعة الأزمات الدولية، قائلاً “للمرة الأولى نشهد قيام خمس دول أفريقية بالتعامل مع مشكلاتهم الأمنية الحقيقية، إن بوكو حرام ليست بالمعضلة العادية – فنحن نتحدث عن مجموعة [تضم آلاف] المقاتلين – وبناءً عليه نحن نتحدث عن تهديد خطير. وقد تمكنت البلدان الأفريقية من التصدي لهذه المشكلة بدون أي دعم يُذكر من الدول الغربية، وهذا في حد ذاته يمثل درسًا مستفادًا”. نجاح مبكر ظهر أول دليل ملموس على استراتيجية قوة المهام المشتركة في صيف عام 2016 من خلال عملية جاما أيكي، أو “إنهاء المهمة” بلغة الهوسا التي يتحدثها الناس في شمال نيجيريا. بدأ التحالف في ضرب معاقل بوكو حرام المتمركزة حول حوض بحيرة تشاد. وقامت القوات التشادية والنيجيرية من جهتي شمال وشمال غرب البحيرة، مدعومة بطائرات هليكوبتر قتالية، بقصف معاقل بوكو حرام، وكان هدفهم هو القضاء على القواعد المتواجدة في جانب النيجر من الحدود والعبور إلى نيجيريا لتحرير مدن مثل داماساك، التي صارت قاعدة لشن الهجمات. وفي الوقت نفسه، تحركت القوات النيجيرية شمالاً على طول الحدود الكاميرونية، ودفعت مقاتلي بوكو حرام للتقهقر إلى غابة سامبيسا. وإلى الشرق اتجهت قوة كاميرونية قوامها 2,500 جندي من بلدة مكاري، وعبرت إلى نيجيريا، ثم هاجمت قاعدة جماعة بوكو حرام بالقرب من بلدة ساغوير. وبصفة عامة، كان ذلك جهدًا مثيرًا للإعجاب بتنسيق من مقر القيادة في نجامينا. ووفقًا لما ذكرته قوة المهام المشتركة متعددة الجنسيات، فإنها نجحت خلال الأشهر الخمسة الأولى من عام 2016 في تحرير 4,690 رهينة كانوا محتجزين لدى جماعة بوكو حرام، و “تحييد” 675 من أعضاء الجماعة، واعتقال 566 عضوًا، وتفكيك 32 مخيمًا. وفي أكتوبر / تشرين الأول 2016، استسلم 240 من أفراد جماعة بوكو حرام مع أفراد أسرهم لقوات المهام المشتركة متعددة الجنسيات في باغا – سولا بتشاد، بعد جهود استهدفت عرقلة طرق إمداد بوكو حرام وعزل معاقلها. وفي عام 2017، صرح اللواء لاكي إيرابور، قائد قوة المهام المشتركة متعددة الجنسيات (MNJTF) لجنوده قائلاً: “لقد انتهت جماعة بوكو حرام، وهم الآن على مشارف الزوال”. وأضاف قائلاً “إن هذا سبب كافٍ لتحفيزكم لتثقوا أننا ننتصر في هذه الحرب، وسبب آخر لكم لبذل جُل طاقتكم والتزامكم بإلحاق هزيمة ساحقة بهم”. سلسلة قيادة معقدة بطبيعة الحال تتسم قوة المهام المشتركة متعددة الجنسيات بالتعقيد الشديد. فهي تستلزم شرعية المنظمات متعددة الجنسيات، وأن تحظى بتأييد رؤساء الدول والقادة العسكريين الذين لا يريدون التخلي عن السلطة في إصدار القرارات الرئيسية. فهي تتسم بالتوازن الدقيق، وإذا استبعد أي من أصحاب المصلحة، فقد ينهار المشروع. وكان الرئيس المدني لقوة المهام هو الأمين التنفيذي لهيئة حوض بحيرة تشاد، وهو يشرف على الإجراءات السياسية والاستراتيجية والتشغيلية اليومية للبعثة. وتعتمد قوة المهام المشتركة متعددة الجنسيات أيضًا على “فريق دعم البعثة” التابع للاتحاد الأفريقي، والذي بدوره يقدم المساعدة التقنية وينسق دعم الشركاء. ويُشرف على العمليات العسكرية قائد قوة يقيم في نجامينا، وهو نيجيري حسب الاتفاق الجماعي الذي تم التوصل إليه. وأخيرًا، فإن قادة القطاعات الأربعة والزعماء المدنيين والقادة العسكريين لكل بلد يتمتعون بسلطة كبيرة فيما يتعلق بالموافقة على العمليات أو رفضها. وذكر هيغوب “إنها قوة منسقة وليست قوة متكاملة أو مندمجة”. وفي نهاية المطاف، كان القرار النهائي يعود للجيوش الوطنية بشأن الإجراءات التي سيتم اتخاذها. وأضاف قائلاً “لا تملك قوة المهام المشتركة متعددة الجنسيات المال لدفع رواتب الجنود أو تزويدهم بالعتاد، ويعني هذا على أرض الواقع أن الجندي لا يخضع بشكل كامل لقيادة القائد النيجيري حتى لو كان الحال كذلك من الناحية النظرية، إذ تملك وزارة الدفاع سلطة تحديد الأمور التي يضطلع بها الجندي”. ووفقًا لمعهد الدراسات الأمنية (ISS)، ينبغي النظر إلى قوة المهام على أنها “إطار عمل لتنسيق الإجراءات للحصول على تأثير مضاعف. “وليس المقصود من قوة المهام المشتركة متعددة الجنسيات أن تحل محل الجهود الوطنية لبلدان بحيرة تشاد الأربعة أو حتى الجهود الثنائية المبذولة للتصدي لجماعة بوكو حرام. التعاون يسود منذ زمن طويل انعدام ثقة بين القادة العسكريين والزعماء السياسيين في غرب أفريقيا كما هو الحال في أجزاء أخرى كثيرة من العالم. فالكاميرون ونيجيريا، على سبيل المثال، قد تنازعا على الحدود فيما بينهما لعقود من الزمان. جندي نيجيري في دورية في بلدة بانكي شمال شرق نيجيريا.وكالة فرانس برس / جيتي إمجيز وقد أعاق هذا العداء في البداية مسيرة قوة المهام المشتركة. وكانت نيجيريا صريحة بشأن رغبتها في عدم تعدي أي جيوش أجنبية على أراضيها لمطاردة جماعة بوكو حرام. ووفقًا لما ذكره هونغوب، فإن الطلبات التي تقدمت بها الكاميرون ونيجيريا في عامي 2013 و2014 لعبور الحدود لمطاردة جماعة بوكو حرام كانت تلقى الرفض دائمًا. وكان الحدث الرئيسي الذي ساعد في تغيير ذلك الوضع هو انتخاب الرئيس النيجيري محمد بخاري في أيار / مايو 2015. وقد أعرب بخاري عن تأييده القوي لقوة المهام المشتركة متعددة الجنسيات، وخلال الفترة ما بين حزيران/يونيو إلى آب/أغسطس 2015، زار بخاري رؤساء دول قوة المهام المشتركة الأربعة الأخرى لتأكيد التزامه. وكتب ويليام أسانفو ومؤلفون مشاركون في تقرير صادر عن معهد الدراسات الأمنية حول قوة المهام المشتركة “لقد أضاف بخاري زخمًا جديدًا لجهود الاستجابة المشتركة الأمر الذي ظهر جليًا في التزامه بالمساهمة بمبلغ 100 مليون دولار أمريكي لتشكيل قوة مهام مشتركة متعددة الجنسيات وقراره بتولي قيادة هذه القوة”. وقد تطور نموذج التعاون الخاص بقوة المهام المشتركة متعددة الجنسيات. ورغم أن قوة المهام المشتركة لم تكن تتضمن في العادة وحدات مختلطة أو بعثات مشتركة، إلا أنها تكفل حق المطاردة عبر الحدود لمسافة تصل إلى 25 كيلومترًا، إلى جانب كم هائل من تبادل المعلومات. وأضاف هنغوب ” صار هناك تبادل للمعلومات الاستخباراتية، ولم يكن الأمر كذلك في البداية. وينطوي تبادل الاستخبارات الاستراتيجية والتكتيكية على المشاركة في وضع خطط العمليات والأهداف والمشروعات…. ولم يتحقق ذلك في يوم واحد لأنهم كانوا مترددين للغاية في بداية الأمر. وقد تطور الأمر تدريجيًا”. وتعد “عملية السهم الخامس”، وهي الغارة التي شنتها القوات المسلحة الكاميرونية على قرية نجوش في نيجيريا في شباط / فبراير 2016، مثالًا على هذا التعاون. كانت قرية نجوش التي تقع على بُعد 20 كيلومترًا من الحدود الكاميرونية، تمثل معقلًا لبوكو حرام كما كانت بمثابة مصنعًا للمتفجرات والألغام الأرضية يدوية الصنع. وتمكنت القوات الكاميرونية بمساعدة من المخابرات النيجيرية من تحرير البلدة وقتل 162 من مقاتلي جماعة بوكو حرام. وقد حالت القوات النيجيرية دون تراجع الإرهابيين الفارين. متظاهر في نيامي، النيجر،يحمل علامة تقول “تعاونوامعًا ضد جماعة بوكو حرام.”وكالة فرانس برس/ جيتي إمجيز ورغم أن المسؤولية المشتركة هي إحدى ميزات قوة المهام، لاحظ بعض المراقبين أنها تسمح بوجود نوع من تشتت المسؤوليات. وحيث أن الجيوش لا تتساوى في القوة أو الجاهزية الجيدة، فإن جماعة بوكو حرام كانت دائمًا تبحث عن أي نقاط ضعف. ووفقًا لمعهد التحليلات الدفاعية، فقد أسفر هجوم جماعة بوكو حرام على إحدى القواعد النيجيرية في عام 2016 عن مقتل 32 جنديًا، الأمر الذي أجبر النيجر على طلب المساعدة من تشاد، بيد أن وصول هذه المساعدة قد استغرق قرابة شهر. وهناك أيضًا أدلة على أن الجماعة قد تخلت منذ عام 2015 عن حيازة الأراضي ولجأت إلى استخدام تكتيكات مختلفة. ولإضفاء فعالية حقيقية على قوة المهام المشتركة متعددة الجنسيات، اقترح معهد التحليلات الدفاعية ضرورة اتسامها باليقظة والتنسيق. وكتبت هيلاري ماتفيس، الباحثة في معهد التحليلات الدفاعية: “تسببت الجهود الفردية للجيوش الإقليمية في عدم تكافؤ الجهود الرامية للتصدي لهذه الجماعات”. وأضافت “أن عدم تنسيق الجهود الإقليمية أدى إلى جهود عسكرية تسببت في تنقل بوكو حرام من مكان لآخر بدلاً من القضاء على حركة التمرد”. فهل كان النموذج يستحق التكرار؟ يُنظر إلى قوة المهام المشتركة على أنها تمثّل استجابة لمشكلة خطيرة لم تعتمد اعتمادًا كبيرًا على مساعدة خارجية من الدول الغربية أو من الاتحاد الأفريقي. وقد وفّر الاتحاد الأفريقي بعض معدات الاتصالات والمركبات والمولدات الكهربائية، وتعهد الاتحاد الأوروبي بتقديم 50 مليون يورو، إلا أن هذه الاموال لم تصل فعليًا. تشكّلت قوة المهام المشتركة متعددة الجنسيات من ائتلاف من مجموعة دول راغبة في وضع استراتيجيته على عُجالة. وقد دافع الخبراء، بمن فيهم سيدريك دي كونينغ من جنوب أفريقيا، عن الاستعانة بهذا النوع من الحلول المخصصة التي يمكن وضعها بسرعة لمواجهة تهديد محدد. ويحل هذا النموذج المخصص محل النموذج القديم للقوات الاحتياطية والتحالفات المحددة مسبقًا. وصرّح دي كونينغ أن أفريقيا بحاجة إلى ذلك؛ إذ يجب أن تعتمد التحالفات على الإمكانات والمصلحة الوطنية. وقال هينغوب أن المناطق الأخرى يجب أن تتشجع من نجاح قوة المهام المشتركة متعددة الجنسيات، ولكن يجب ألا تفترض إمكانية استنساخها في مكان آخر. فقد نجحت هذه القوات في حوض بحيرة تشاد لأن العديد من البلدان المشاركة تملك جيوشًا مدربة تدريبًا جيدًا وسبق لها اختبار قدراتها في المعارك، وليس هذا هو الحال في جميع مناطق القارة. وأضاف “لقد نجح الأمر لأن الكاميرون تمتلك جيشًا حقيقيًا – ورغم أنه يعاني من بعض نقاط الضعف، فهو جيش حقيقي قادر على إلحاق خسائر فادحة بجماعة بوكو حرام حتى بدون تشكيل قوة المهام المشتركة متعددة الجنسيات. وينطبق الأمر ذاته على تشاد – نحن ندرك ما فعلته تشاد في مالي وفي أماكن أخرى. لقد نجحت القوة لأنها جمعت دول تمتلك جيوشًا تتمتع بالكفاءة. هل يمكن تكرار نفس النموذج في جميع المناطق الأخرى؟ لست متأكدًا من ذلك.” لقد نحج هذا النموذج لأن خطورة الأزمة وإلحاحها اقتضيا ردًا سريعًا، ولم يكن يمكننا أن نؤجل التعامل مع الأزمة على أمل أن تحل نفسها. وقال هنغوب ” كانت الدول تواجه تهديدًا مباشرًا على أراضيها، ولذا لم يكن بوسعها تأجيل التعامل مع هذا التهديد”. وأضاف، قائلاً ” لم يكن ممكناً حل الأمر بالسبل الدبلوماسية وما كان بوسعهم تشكيل قوة مهام متعددة الجنسيات لمجرد إعادة توزيع القوات التي لم يتمكنوا من دفع رواتبها. كان التهديد وجوديًا.”