فيسبوك تويتر لينكدإن بينتيريست البريد الإلكتروني الجنس والعنف القائم على نوع الجنس يمكن أن يعرقل البعثات ويشوه سمعة الجيوش أسرة أيه دي إف ظل العنف الجنسي والعنف القائم على نوع الجنس والاستغلال الجنسي يثير مشاكل كبيرة في بعثات حفظ السلام لسنوات عديدة. فقد أفادت بعثات في البوسنة، وجمهورية أفريقيا الوسطى، وجمهورية الكونغو الديمقراطية وغيرها بوقوع اعتداءات جنسية خلال السنوات العشرين الماضية. وهذه الاتهامات تضر بمصداقية وفعالية هذه البعثات. وقد وفرت الاضطرابات الحالية في جمهورية أفريقيا الوسطى واحدة من أكثر الأمثلة الصارخة على استغلال قوات حفظ السلام للمدنيين. فطبقاً لصحيفة إنترناشونال بزنس تايمز، فإن تقريراً داخلياً للأمم المتحدة يشير إلى أن أفراد حفظ سلام اعتدوا جنسياً على 10 إلى 12 صبياً تتراوح أعمارهم بين 8 و 15 سنة، بأن قدموا لهم مواد غذائية وأموالاً مقابل الجنس في مخيم للنازحين داخلياً في بانغو في الفترة بين كانون الأول/ ديسمبر 2013 وحزيران/ يونيو 2014. ويمكن لحجم، ونطاق وتعقد بعثات حفظ السلام الدولية أن تعقّد جهود منع العنف الجنسي والعنف القائم على نوع الجنس. فعلى سبيل المثال، اعتباراً من 31 آذار/ مارس 2016، كانت البعثة المتكاملة المتعددة الأبعاد لتحقيق الاستقرار في جمهورية أفريقيا الوسطى، تضم 9799 جندياً، و1896 شرطياً وأكثر من 1000 موظف آخرين. أسهمت ثمان وأربعون دولة بأفراد في تلك البعثة. إن عدد البلدان المساهمة بقوات، والعدد المتباين للأفراد المدربين على مستويات متفاوتة، وانتشار المدنيين غير الآمنين، وغياب مؤسسات سلام وهيئات حكومية في الدولة المضيفة، كلها عوامل تتضافر لتجعل معالجة العنف الجنسي والعنف القائم على نوع الجنس أكثر تعقيداً. يتذكر اللواء الأوغندي فريد موغيشا الظروف التي واجهها خلال فترة توليه منصب قائد بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال من عام 2011 إلى عام 2012. عندما بدأت بعثة حفظ السلام في عام 2007، كانت القوات الصومالية مؤلفة من مسلحين غير منضبطين كانوا قد خدموا عدداً مختلفاً من أمراء الحرب في جميع أنحاء البلاد. وجاءت قوات بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال التي يقودها موغيشا من عدة دول، وكل منها أسهم بجنود على درجات متفاوتة من التدريب والمعرفة. وكان على تلك القوات أن تعمل مع القوات الصومالية. قال موغيشا لمجلة أيه دي إف، “كانت قوات بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال أفضل تدريباً وتجهيزاً، ولكني لا أعتقد أن البلدان المختلفة كان لديها معيار موحد فيما يتعلق بالحماية من العنف القائم على نوع الجنس”. يضم العنف الجنسي والعنف القائم على نوع الجنس طائفة من الجرائم مثل الاغتصاب، والاعتداء، والزواج القسري/ المبكر بل والاتجار بالبشر. وتقول الأمم المتحدة إن الاستغلال الجنسي هو “أي استغلال فعلي أو محاولة استغلال موقف ضعيف، أو سلطة تفاضلية، أو ثقة، لأغراض جنسية، بما في ذلك، ولكن ليس على سبيل الحصر، التربح النقدي، اجتماعياً أو سياسياً من وراء الاستغلال الجنسي للآخر”. وفي بعثات حفظ السلام، كثيراً ما اشتمل العنف الجنسي والعنف القائم على نوع الجنس/ الاستغلال الجنسي على اغتصاب واستغلال جنسي للنساء، والرجال، والفتيان والفتيات. وأحياناً، تتم مبادلة مواد غذائية أو موارد أخرى مقابل خدمات جنسية. وهذه إساءة استخدام لمسؤولية رجل حفظ السلام تجاه حماية المدنيين. ومتى تم الإبلاغ عن حادثة ما، تظهر تحديات جديدة: الجرائم ارتكبت في دولة ليس بها هيئات أو مؤسسات حكومية فاعلة. وتقع مسؤولية الملاحقة القضائية على عاتق البلدان المساهمة بقوات التي أرسلت الجندي المتهم، والذي يجب إعادته إلى بلده لمحاكمته. ويثير تبادل المتهمين مشاكل فورية فيما يتعلق بالأدلة والوصول إلى الضحايا. وحتى لو حاكمت البلدان المساهمة بقوات المتهم، فسوف يحدث ذلك بعيداً عن الضحية والمجتمع الذي وقعت فيه الجريمة. قال موغيشا، “ولكن الضحية – الشخص الذي انتهكت حقوقه – لن يكون في الدولة المساهمة بقوات ليرى أن العدالة أخذت مجراها. ماذا يفعل هذا؟ إنه يثير عدم الثقة. يعتقدون أنك رحّلت المشتبه فيه وأن العدالة لن تأخذ مجراها. وهذا بالطبع، يخلق بعض المشاعر السلبية”. معالجة المشكلة إن تحقيق تقدم ضد العنف الجنسي والاستغلال سوف يتطلب تدريباً على مستويات متعددة والتزاماً بالسعي إلى تحقيق العدالة عندما يتم ارتكاب الجرائم. ولن يكون أي منهما بالأمر الهين، ولكن هناك بوادر مشجعة على أن القضية بدأت تجذب مزيداً من الاهتمام في أفريقيا. فالقضايا البارزة جلبت المشكلة إلى أنظار الشعب، ولكن الاهتمام المستمر بها سوف يتلاشى إذا أحس الناس أن مرتكبي هذه الانتهاكات سوف يفلتون من العقاب. سنثيا بتريج مؤسسة شركة بيوند بيس تنسّق تدريبات في الهواء الطلق مع أفراد الدرك الماليين. أقامت دورة تدريبية للقوات المالية حول العنف الجنسي والعنف القائم على نوع الجنس.سنثيا بتريج أمضت ثمبايل سيغوتي، المدع العام في المحكمة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب، 10 سنوات في ملاحقة مختلف الجرائم، بما في ذلك الاغتصاب، في موطنها ليسوتو. كما حاكمت اثنتين من قضايا العنف الجنسي فيما بين عامي 2006 و 2009 كجزء من المحكمة الجنائية الدولية لرواندا. تعاملت مع خمس قضايا استئناف أخرى فيما بين عامي 2010 و 2014 وتناولت العنف الجنسي والعنف القائم على نوع الجنس على مستوى السياسة العامة. قالت سيغوتي لمجلة أيه دي إف، “بصفتي مدع عاماً، في اعتقادي أن هذه الجرائم يجب أن تعاقب بنفس الطريقة التي تعاقب بها جرائم أخرى، وهي السجن في أغلب الأحوال”. وأضافت أنه يجب أيضاً طرد المخالفين من الجيش. ويمكن، في كثير من الأحيان، النظر إلى هذه الأفعال في سياق سوء السلوك وحسب، وهو ما يقلل من شدة الجريمة وخطورتها. قالت سيغوتي، إن المقاضاة الفعّالة لمرتكبي العنف الجنسي والعنف القائم على نوع الجنس في بعثات حفظ السلام، ستشمل مشاركة مختلف الجهات على مستويات مختلفة: البلدان المساهمة بقوات: تحمّل الأمم المتحدة البلدان المساهمة بقوات مسؤولية التحقيق وفي نهاية المطاف مقاضاة أو تأديب جنودها عندما يُتهمون بجرائم عنف جنسي أو عنف قائم على نوع الجنس. وعادة ما يتم ذلك بعد ترحيل الجنود المتهمين إلى بلدانهم الأصلية. ويعّقد الترحيل الأمور في أنه يبعد المتهمين عن الضحايا، ويمكن أن يجعل من الأسهل على الدول تجاهل المساءلة. ومن بين طرق الالتفاف حول هذا، كما قالت سيغوتي، هو تكليف الدول المضيفة “بواجبات إضافية للمقاضاة”. وبهذه الطريقة، إذا فشل بلد ما في الوفاء بمسؤولياته، عندئذ يمكن للدولة المضيفة أن تتخذ إجراء. قالت سنثيا بيتريج، مؤسسة ومديرة شركة بيوند بيس، لاستشارات دعم السلام وحقوق الانسان في سنغافورة، إنه عندما تقوم البلدان المساهمة بقوات بالمقاضاة، يمكنها إرسال قضاة ومحامين إلى الدولة المضيفة ليفصلوا في القضايا هناك “حتى يعرف الجميع أن هناك عدالة”. ومن شأن ذلك أيضاً أن يبسّط عرض الأدلة والشهود. الدولة المضيفة لبعثة حفظ السلام: ينبغي على الدول المضيفة أن تحقق وترفع تقاريرها إلى رعاة البعثة – الأمم المتحدة، أو الاتحاد الأوروبي، أو الاتحاد الأفريقي- والبلدان المساهمة بقوات. ومن شأن ذلك لفت الانتباه إلى المشكلة ومحاسبة البلدان المساهمة بقوات. قادة بعثات حفظ السلام: إن أول واجب لقائد البعثة لدى علمه بجرائم عنف جنسي أو عنف قائم على نوع الجنس هو “أن يتخذ كافة الإجراءات اللازمة لوقفها”، حسب قول سيغوتي. كما يتعين على القائد أن يرفع تقريراً بذلك إلى البلدان المساهمة بقوات ورعاة البعثة. رعاة البعثة: إن هيئات مثل الأمم المتحدة يجب أن تحقق استناداً إلى ما تتلقاه من تقارير من جهات معنية أخرى، والنظر في توصيات قائد البعثة، وتحميل البلد المساهم بقوات مسؤولية مقاضاة المخالفين. قيمة التوعية والتدريب يجب القيام بمعظم الأفعال لمكافحة العنف الجنسي قبل وقوع الجرائم. وهذا يتطلب تدريباً ملائماً للعسكريين وإبلاغ السكان المحليين بحقوقهم قبل أن تبدأ البعثة. فالأوضاع في الدول المضيفة تجعل المدنيين بصورة خاصة عرضة لسوء المعاملة والاستغلال. قالت سيغوتي، “لا يوجد سلام؛ فالناس في حالة ركوض دائم خوفاً على حياتهم”. وأضافت أن الدول المضيفة عادة ما تفتقر إلى الاستقرار والمؤسسات التي يمكن للضحايا أن يبلّغوا من خلالها عن تعرضهم للانتهاك الجنسي. ويضع غياب الأمن هذا والإحساس باليأس المدنيين في موقف ضعيف ويمكن إجبارهم بسهولة على الدخول في علاقات بسبب حاجتهم للحماية أو المعونة الإنسانية، مثل الغذاء أو الدواء. قالت سيغوتي، “في تلك المرحلة، وبسبب قلة حيلتهم يجدون أنفسهم متورطين، ولا يلاحظون حتى أنهم ضحايا الاستغلال، ولذلك فإنهم لن يبلّغوا السلطات لأنهم غير مدركين حتى أنهم ضحايا… لأن ما يهم في تلك الظروف هو ’من أين سأحصل على وجبتي التالية؟‘”. اتفقت بتريج في الرأي على أن من الضروري التأكد من أن المدنيين يعرفون حقوقهم. ومع ذلك، فإن أفضل من يقوم بهذا العمل هي المنظمات غير الحكومية والأمم المتحدة، وليست الجيوش. وقالت، “عندما يعرف الناس حقوقهم، تنخفض الانتهاكات”. ويجب على الجيوش أيضاً أن تخضع لتدريبات على أيدي خبراء بالاستعانة ببرامج معتمدة من الأمم المتحدة حول القانون الإنساني وكيفية التفاعل مع المدنيين. ومن شأن البدء بذلك أن يجنّب الحاجة إلى المحاكمات فيما بعد. أوفدت المملكة المتحدة بتريج إلى مالي للمشاركة في تدريب الاتحاد الأوروبي هناك. تولت تدريب نحو 2700 جندي، أي نحو نصف الجيش الوطني في ذلك الوقت. وخلال مهمتها التي استمرت 11 شهراً، كانت تستقبل 700 جندي في المرة الواحدة، وتقسّمهم إلى 10 مجموعات. ولمدة 10 أسابيع، درّست لهذه المجموعات العنف الجنسي والعنف القائم على نوع الجنس والقانون الإنساني الدولي. وقامت بقياس مدى فعاليتها بأربعة طرق: أولاً، لم يقتصر التعليم على الفصول الدراسية. فقد تم اختبار المعرفة بالعنف الجنسي والعنف القائم على نوع الجنس والعلاقات بين الجنسين في تدريبات تكتيكية. فمثلاً، تم إدراج المعضلات القائمة على نوع الجنس في تدريبات نقاط التفتيش وفي سيناريوهات تأمين مصنع حضري لإنتاج العبوات الناسفة المرتجلة. وبدلاً من مرفق العبوات الناسفة المرتجلة، يعثر الجنود على غرفة مليئة بنساء مدنيات. ثانياً، غادر معظم الجنود، بعد تدريبهم، متجهين إلى شمالي مالي لمحاربة المتمردين الإسلاميين وأفاد مراقبو حقوق الإنسان بأن سلوك القوات المالية قد تحسن. ثالثاً، استجوبت بتريج كتيبة عادت من الانتشار في الشمال. أفاد الجنود بأن تدريبهم ومعرفتهم أديا إلى تحسن العلاقات مع المدنيين مما جعل عملياتهم أكثر سهولة. وأخيراً، طلبت من الجنود تحرير استمارة استبيان في بداية تدريبهم ونهايته. وسألت نفس الأسئلة في كل مرة. وكانت النتائج إيجابية وواضحة. ”سأعطيكم مثلاً واحداً: في اليوم الأول، قال أحد الجنود الماليين ’إن الاغتصاب هو جمال الحرب‘. وفي الأسبوع العاشر سألت نفس الشخص مرة أخرى وقلت، ‘ماذا تعلمت في هذه الدورة’؟ وهو سؤال مفتوح جداً. قال، ‘حسن. تعلمنا كيف نعامل السجناء والمدنيين والنساء’. وأثار هذا اهتمامي؛ فقلت،’ وكيف ستعامل النساء’؟ فقال،’سأعامل النساء مثلما أعامل أختي وأمي'”. لم يكن تدريب بتريج في مالي الجهد الوحيد لمكافحة العنف الجنسي والعنف القائم عل نوع الجنس في أفريقيا. ففي آب/ أغسطس 2015، أقامت بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال دورة تدريبية حول العنف الجنسي والعنف القائم على نوع الجنس في كلية دراسات السلام والنزاع بالمركز الدولي لتدريب ودعم السلام في كارين، بكينيا. درّبت الدورة، التي صُممت لأفراد بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال وبتمويل من الحكومة النرويجية، 20 مشاركاً من 10 دول أفريقية، معظمهم أفراد شرطة وعسكريون في البعثة. كما تقدمت أوغندا للمساعدة في مكافحة العنف الجنسي. فقد وافقت الحكومة على تخصيص 5 أفدنة للمؤتمر الدولي لمنشأة التدريب الإقليمية لمنطقة البحيرات العظمى حول منع وقمع العنف الجنسي في منطقة البحيرات العظمى. وفّرت أوغندا، منذ شباط/ فبراير 2014، مساحات مكتبية للمركز في مقر وزارتها للمساواة بين الجنسين، والعمل والتنمية الاجتماعية. عندما يتعلق الأمر بالعنف الجنسي والعنف القائم على نوع الجنس، فإن الوعي هو المفتاح – بالنسبة للمدنيين والجنود. وعندما يتم تدريب العسكريين تدريباً ملائماً، فإنهم يستجيبون على نحو جيد. قالت بتريج إن الجنود يريدون أن يكونوا فخورين ببلدانهم ويفعلوا الشيء الصحيح. شاهدت هي ذلك في مالي. وانبهرت بالكيفية التي استجابوا بها وفهموا “أنه أمر مهم بالنسبة لصورة بلادهم”. ”قالوا،’لا نريد أن نغتصب؛ لا نريد أن نعطي صورة سيئة عن القوات المسلحة في بلادنا’ “.