يستنكر الصيادون الحِرفيون في «متنزه دوالا إيديا الوطني» بالكاميرون ما تفعله سفن الصيد الصينية، إذ تُدمر معدات صيدهم، وتصطاد في المناطق المحظورة، وتستخدم شباكاً ومواد كيميائية غير مشروعة لصيد الأسماك.
قال صياد في مبياكو، وهي بلدة صيد يبلغ عدد سكانها نحو 3,000 نسمة وتقع على طول حوض نهر ساناغا، إن ثلاثة صيادين محليين أُطلق عليهم النار في عام 2024 وسط مواجهات مع سفن صيد صناعية، تصل إلى المتنزه من خليج غينيا عبر نهر ساناغا، وتصطاد في بحيرة تيسونغو وفي مستنقعات القرم (المنغروف) والمياه الساحلية للمتنزه.
وقد طلب هذا الصياد عدم الكشف عن هويته، وقال لموقع «غلوبال فويسز»: ”يطاردنا جيش سفن الصيد بالبنادق في البحر، ويجدوننا أحياناً ويتعمدون قطع شباكنا وتدميرها بما فيها من أسماك، ويطلقون النار علينا إذا لحقنا بهم لاستعادتها.“
تشيع هذه الممارسات بين سفن الصيد الصينية العاملة في غرب إفريقيا، بؤرة الصيد غير القانوني دون إبلاغ ودون تنظيم في العالم. ويفيد مؤشر مخاطر الصيد غير القانوني أن الصين تُعد أسوأ دولة في العالم تنخرط في ممارسات الصيد غير القانوني. وتخسر غرب إفريقيا ما يُقدَّر بنحو 10 مليارات دولار أمريكي سنوياً بسبب الصيد غير القانوني، بينما تُقدِّر حكومة الكاميرون أن البلاد تخسر نحو 33 مليون دولار سنوياً بسبب هذا البلاء.
تقع محمية «متنزه دوالا إيديا» على طول سواحل المحيط الأطلسي على ضفتي مصب نهر ساناغا. ومن الشائع عن سفن الصيد الصينية أنها تستخدم داخلها وخارجها شباكاً مُعدَّلة ذات فتحات غير قانونية، فتصطاد كميات ضخمة من الأسماك الصغيرة أو دون الأحجام المسموح بها، فتحرمها من النضج والتكاثر.
وأفادت مؤسسة العدالة البيئية أن هذا يُقلل من أعداد الأسماك، فيصعب على الصيادين المحليين أن يكسبوا قوت يومهم. والقانون الكاميروني يحظر صيد الأسماك الصغيرة أو دون الأحجام المسموح بها.
وقالت المؤسسة: ”صيد الأسماك الصغيرة قبل بلوغها مرحلة التكاثر خطرٌ جسيمٌ على الثروة السمكية ويُهدد مستقبل مصايد الأسماك في الكاميرون، مما يُثير مخاوف بشأن الأمن الغذائي للسكان في هذه الدولة التي لا تزال تعوِّل كثيراً على الأسماك المستوردة لتلبية الطلب المحلي عليها.“
كما أن هذه الفعلة تستنزف مصادر البروتين في دولة فيها ما يقرب من 250,000 نسمة يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد أو المتزايد.
تُعد شباك الصيد سلعة ثمينة عند الصيادين في «متنزه دوالا إيديا»، ولا طاقة لهم بشراء غيرها. قال المواطن باتريك نغوي، وهو صياد في مبياكو، لموقع «غلوبال فويسز» إن شباكه دُمرت خمس مرات هذا العام. وقالت السيدة فوميلايو إينولا، رئيسة سوق مبياكو، إحدى أكبر أسواق الكاميرون، إن الصيادين الحرفيين كثيراً ما تُلجئهم الحاجة إلى الاقتراض لشراء معدات صيد جديدة.
وقالت للموقع: ”أزواجنا (الصيادون) غارقون في دوامة ديون، إذ يقترضون من بائعات السوق لشراء المعدات التي كثيراً ما تدمرها سفن الصيد.“
وأفاد موقع «غلوبال فويسز» أن وزارة الغابات والحياة البرية الكاميرونية وضعت العام الماضي إرشادات لإشراك المجتمعات المحلية في عملية التخطيط واتخاذ القرارات المتعلقة بإدارة المحمية. وقد ساندت مؤسسة العدالة البيئية الحكومة في إنشاء «لجان إدارة تعاونية محلية» لمراعاة مخاوف السكان في خطط الإدارة.
وتتوسط هذه اللجان بين المجتمعات والحكومة، وترصد الممارسات غير القانونية، وتتولى مبادرات التنمية المستدامة. وتقدم المؤسسة إرشادات فنية للإدارة التشاركية لمصايد الأسماك، وتمكين مجتمعات صغار الصيادين في مكافحة الصيد غير القانوني، مثل قرى مبياكو ويويو 1 ويويو 2، وكلها في «متنزه دوالا إيديا» أيضاً.
ومن بين الأمور التي تقوم بها اللجان أنها تتولى وضع خطط الإدارة وتنفيذها، والحفاظ على حدود المحمية والمشاركة في مراقبتها.
وصرَّح السيد مفوندو كينيث، المسؤول عن محمية «متنزه دوالا إيديا»، بأن نجاح هذه اللجان مرهونٌ بمساندة المجتمع والحكومة لها.
وقال في تقرير لموقع «غلوبال فويسز»: ”يقف مسؤول الحفاظ على البيئة قلباً وقالباً إلى جانب اللجنة المُشكَّلة حديثاً لإدارة الغابات والبحار بطرق مستدامة، وستكون اللجنة أولى بخدمات الحفاظ على البيئة للحفاظ على الموارد وحُسن إدارتها.“
وذكر السيد ماغماين لويس فيلس، رئيس اللجنة في يويو، أن التعاون ينبغي أن يتحلى بصفتي الصدق والصراحة.
وقال في التقرير: ”سيتغير الوضع بمشاركة المنظمات غير الحكومية والحكومة، لا سيما فيما يتعلق بظاهرة سفن الصيد.“
تتعاون مؤسسة العدالة البيئية مع الكاميرون لمكافحة الصيد غير القانوني منذ عام 2022، وأطلقت في أواخر عام 2023 تطبيق «كاميرون داسي»، وهو تطبيق للهواتف الذكية تولت تطويره وتشرف عليه، يُمكّن المستخدمين من التقاط فيديوهات أو صور تُثبت حوادث الصيد غير القانوني لحظة وقوعها، دون حاجة إلى الإنترنت. وأجرت دورات تدريبية على استخدام التطبيق وحمايته قبل إتاحته للصيادين.
قال السيد أوريميسان أوموروي، رئيس رابطة صيادي مبياكو، على موقع المؤسسة: ”سيساعدنا العلم والخبرة في الإبلاغ عن توغلات سفن الصيد، وفي حماية مصدر رزقنا الأول، وكذلك المعدات التي نستخدمها في الصيد.“