تقول لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية لإفريقيا إن القارة تخسر ما يصل إلى 50 مليار دولار أمريكي سنوياً جرَّاء التدفقات المالية غير المشروعة؛ وجرائمٌ مثل الاتجار بالبشر والأسلحة والمخدرات، والصيد غير القانوني، وسرقة النفط، وغيرها من الجرائم البحرية، ترتبط بثغرات الموانئ وأنظمة الجمارك التي تعاني من نقص الموارد.
ويؤمن محللو الأمن البحري بأن تأمين الموانئ وسائر المنافذ البحرية لا يقل أهمية عن بناء الطرق أو التفاوض على اتفاقيات التجارة.
وكما ذكرت وكالة الأنباء الإفريقية (أبا-نيوز)، فإن استثمارات الموانئ كثيراً ما تبدأ بالتركيز على توسيع المحطات وتحسين سبل الإمداد والتموين، ثم يأتي الأمن في المرتبة الثانية. وهذا يؤثر على البلدان الإفريقية الحبيسة (غير الساحلية)، إذ تنهال المخدرات والأسلحة على المنطقة من البلدان الساحلية، مما يؤدي إلى تفاقم انعدام الأمن والتحديات الاجتماعية والاقتصادية المتعلقة بالإدمان.
استضافت مدينة لومي، عاصمة توغو، مؤتمر «ماريتايم أفريكا» على مدار ثلاثة أيام في منتصف أيلول/سبتمبر، وأكد المتحدثون على العلاقة بين سلامة الموانئ وسيادة الدول وقضايا أخرى. وتهدف لومي، بمينائها العميق، لأن تغدو مركزاً لوجستياً ومالياً، ولكن يرى محللون أن نموها مرهونٌ بتحسين أمنها.
ويقول محللو «أبا-نيوز»: ”إذا تعرَّض الميناء لعمليات الاتجار يفقد جاذبيته ويُوهن السيادة الوطنية.“
ونوَّه خبراءٌ في المؤتمر إلى أن التحديات تتفاقم بسبب نقص التمويل وضعف التعاون الإقليمي، لكنهم تحدثوا عن دولتين اهتمتا بتحسين تدابير أمن الموانئ. ومثال ذلك أن المغرب اهتم اهتماماً شديداً بتحديث خفر سواحله وعزز عمليات الأمن البحري بمساعدة الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.
فيقول محللو «أبا-نيوز»: ”تبرهن هذه الاستراتيجية على أن الاستثمار في الأمن ليس مغرماً، بل مغنمٌ لجذب الاستثمارات، ويظل أمن الموانئ عند نفرٍ كثيرٍ من الخبراء «شرط الجذب المنسي».“
كما أشادوا بمشروعٍ في ميناء أوتونوم في دوالا بالكاميرون، فقد قامت شركة «بورتسيك إس إيه»، وهي شركة إقليمية متخصصة في حماية البنية التحتية، منذ عام 2019 بالاستعانة بضوابط الدخول البيومترية، ومراقبة الفيديو المتقدمة، وأنظمة الرادار، والمسيَّرات لردع الجرائم البحرية. وأدخلت جهاز محاكاة بحري لتدريب فرق الاستجابة السريعة، ونشرت أكثر من 200 عنصر أمن جديد في أرجاء الميناء، كما ورد في تقرير لموقع «إنفو واير».
وكان لهذه التدابير أثرٌ ملموس، إذ انخفضت سرقة البضائع بنسبة 35% بين عامي 2019 و2023، وتحسنت انسيابية العمل، وارتفعت عائدات الجمارك.
ويقول محللو «أبا-نيوز»: ”ما عاد الأمر يرتبط بمدى ملاءمة النموذج بقدر ما يرتبط بالظروف المواتية لتطبيقه في أرجاء القارة، بهدف توفير مساحة بحرية آمنة يمكنها الاستفادة من كل إمكاناتها لتنمية القارة.“
بدأت تحديثات مماثلة في موانئ كريبي بالكاميرون، وتيما بغانا، ومومباسا بكينيا؛ وقد عُقد في ميناء مومباسا تدريبٌ على مدار أربعة أيام لموظفي الموانئ وتدريبٌ لمدة يوم واحد للتوعية الأمنية لموظفي الموانئ العموميين في حزيران/يونيو. وشارك في التدريب ممثلون عن هيئة الملاحة البحرية الكينية، والبحرية الكينية، وهيئة الموانئ الكينية، وجهاز المخابرات الوطني، ووزارة الشحن والشؤون البحرية، وشركة «ساثرن إنجنيرينغ ليمتد» ومقرها مومباسا.
تولت المنظمة البحرية الدولية والحكومة الكينية تنظيم الورشة، وحدثت في إطار مشروعٍ بالتعاون مع لجنة المحيط الهندي، والإنتربول، ومكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة.
ويهدف المشروع إلى مساعدة كلٍ من أنغولا وجزر القمر وكينيا ومدغشقر وموريشيوس وموزمبيق وناميبيا وسيشيل وتنزانيا على تعزيز الأمن والسلامة البحريين في ضوء استراتيجية إفريقيا البحرية المتكاملة لعام 2050. وتشجع هذه الاستراتيجية على ازدهار الاقتصادات الزرقاء بتحسين الأمن البحري، وتعزيز الحكم والإدارة، وغيرها من التدابير.
وقال السيد كيروجا ميتشيني، مدير المشروعات بالمنظمة البحرية الدولية، على موقعها الإلكتروني:”إننا وإذ نحرص على أن يكون موظفو الموانئ على أعلى مستوى من التدريب وعلى وعي تام بمسؤولياتهم، فإننا نعمل معاً على تعزيز خط الدفاع الأول لصد التهديدات البحرية.“
