يقوم مسؤولو الصحة العامة في سيراليون بحملة إعلامية غايتها الوقاية من انتشار جدري القرود، وذلك عن طريق الأغاني الإذاعية القصيرة، والملصقات، والرسائل النصية اليومية، والزيارات المنزلية. ويقول الخبراء إن هذه الجهود ساهمت في تضاؤل عدد الإصابات الجديدة منذ ارتفاعها الحاد في أيَّار/مايو.
فقد كشفت هيئة المراكز الإفريقية لمكافحة الأمراض والوقاية منها أن الحملة، وسائر تدابير الصحة العامة، ساهمت في تقليل عدد الإصابات الجديدة من 600 إصابة أسبوعياً في أيَّار/مايو إلى نحو 26 إصابة أسبوعياً بنهاية أيلول/سبتمبر، كما انخفض معدَّل الوفيات بشدة.
قال الدكتور ياب بوم، مساعد مدير فريق إدارة الحوادث في الهيئة: ”كان معدَّل الوفيات إلى الإصابات العائق الأكبر أمام سيراليون، لذا نُشيد بجهودها الرائعة في هذه المسألة.“
أما الدكتور نغاشي نغونغو، رئيس فريق إدارة الحوادث في الهيئة، فذكر أن تضاؤل عدد المصابين بجدري القرود في سيراليون إنما يرجع إلى تكثيف المراقبة المجتمعية، وارتفاع معدَّلات التطعيم، وتحسن مستوى الاختبارات.
وقال في إحاطة إعلامية عن تفشي جدري القرود في القارة:”هذه واحدة من أفضل القصص التي لدينا.“ تحدث غالبية الإصابات الجديدة في الجزء الغربي من البلاد على الرغم من تضاؤل عددها مؤخراً، وقد بدأ تفشي جدري القرود في سيراليون بحالتين في بداية العام، ثم ارتفع إلى 1,400 إصابة بحلول أيَّار/مايو، ثم 4,200 إصابة و28 حالة وفاة بنهاية حزيران/يونيو، وفقاً لمنظمة الصحة العالمية.
لجدري القرود لقاحٌ، ولكن من المعهود أن علاجه يقوم على مداواة الأعراض دون القضاء على المرض نفسه، ومن يعانون من ضعف في جهاز المناعة يحتاجون أحياناً إلى عناية خاصة، ويمكن أن تؤدي الحالات الشديدة إلى العمى أو حتى الوفاة.
ليست سيراليون الدولة الوحيدة التي تكافح جدري القرود سريع الانتشار، إذ يتفشى أيضاً في كلٍ من بوروندي وجمهورية الكونغو الديمقراطية وأوغندا.
وشددت حملة التوعية في سيراليون على كيفية انتشاره، وحثَّت المواطنين على غسل أيديهم أو استخدام معقم اليدين بانتظام. وساهمت في تقليل الاستخزاء من المرض، إذ شارك الناس تجاربهم على وسائل الإعلام الاجتماعي.
وأكد الدكتور جورج آمه، ممثل منظمة الصحة في سيراليون، للصحفيين فيها على أهمية ثقة المواطنين في مكافحة جدري القرود.
فقال: ”يمكننا بمنصاتكم مواجهة الشائعات، وتبديد الخوف، وتقديم معلومات دقيقة تنقذ الأرواح.“
وذكرت منظمة الصحة أن المؤسسات الإعلامية التي حضرت اجتماع آمه التزمت بتوفير وقت مجاني لعرض البرامج الحوارية، والتنبيهات الإذاعية، والأغاني القصيرة لرفع مستوى الوعي.
وشارك السيد ألفريد جاميرو، نائب وزير الحكومة المحلية وشؤون المجتمع في سيراليون، في البرنامج الذي عُقد في آب/أغسطس بهدف تعليم قادة المجتمعات المحلية طرق توعية السكان بجدري القرود.
وقال لمحطة «سيرا نتورك سالون» إن من العوامل الرئيسية للحد من انتشار المرض هو التخلص من أي شعور بالخزي منه يساور قادة المجتمعات وسكانها.
وأضاف: ”لا خزي، دعهم يرون بأنفسهم أثر ما يحدث، أثره على جسم الإنسان، وفي النهاية، على أرواح البشر.“
تسلمت سيراليون حتى أيلول/سبتمبر 267,000 جرعة من لقاح جدري القرود، مخصصة في المقام الأول للمرضى المعرضين للخطر، والمخالطين للمصابين، والكوادر الصحية المكلفة بمكافحة المرض. ووصفت هيئة المراكز الإفريقية في آب/أغسطس معدلات التطعيم في البلاد بأنها”جيدة.“
ولكن أعلن مسؤولون في الأمم المتحدة مؤخراً عن نفاد الأموال اللازمة لشراء المزيد من جرعات اللقاح لسائر البلدان التي يتفشى فيها جدري القرود.
ونقلت كوادر الصحة العامة في سيراليون، بمساعدة صندوق الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف)، حملتهم للوقاية من جدري القرود إلى بائعي الأسواق في منطقة بو، الواقعة شرق العاصمة فريتاون على بُعد 240 كيلومتراً تقريباً منها. وتنقلت السيدة أليس بريما، الناشطة الاجتماعية، من كشك لآخر لتوصيل رسالة بسيطة تقول: جدري القرود واقع حقيقي.
ودأبت بريما وزميلتها هندوا علي على تدريب غيرهم على توعية المتسوقين والبائعين في أسواق البلاد المزدحمة.
وقالت في بيانٍ صادرٍ عن منظمة الصحة: ”يجب أن نحقق هدفنا لنشر الوعي وفهم المرض بين هذه الفئات الأساسية، من بائعين ومشترين في الأسواق، حتى نتمكن معاً من الحد من انتشاره السريع.“