تمكنت البحرية الفرنسية يوم 22 أيلول/سبتمبر من ضبط ما يقرب من 10 أطنان من الكوكايين بقيمة 610 مليون دولار أمريكي على متن سفينة صيد لا ترفع علم أي دولة في خليج غينيا، وضبطت قبل ذلك بنحو ثلاثة أسابيع ما يقرب من ستة أطنان من الكوكايين بنحو 375 مليون دولار في المنطقة نفسها.
وإنما تدل هذه الضبطيات على أن منطقة غرب إفريقيا أمست مركزاً لإعادة شحن الكوكايين القادم من أمريكا اللاتينية. فمنذ عام 2019 والتشكيلات العصابية في غرب البلقان تجعل من غرب إفريقيا مركزاً رئيسياً لسبل الإمداد والتموين والتخزين وإعادة التوزيع لشحنات الكوكايين المتجهة إلى أوروبا وبقاع أخرى.
وكشف مؤشر الجريمة المنظمة العالمي لعام 2023 أن الاتجار بالكوكايين كان أسرع الأنشطة الإجرامية نمواً في غرب إفريقيا بين عامي 2021 و2023.
وكشفت المبادرة العالمية لمكافحة الجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية أن عصابات الكوكايين في غرب البلقان التي تنشط في المنطقة تنتمي إلى عشيرتي كواتش وشكلياري من الجبل الأسود. وقد تغلغلت في غرب إفريقيا على إثر تزايد الطلب على الكوكايين في أوروبا، وتكثيف إنفاذ القانون على طول طرق التهريب المباشرة إلى أوروبا، وتنامي الشراكات مع عصابات أمريكا اللاتينية.
تستغل عصابات غرب البلقان مواطن الضعف المحلية لتقيم علاقات مع الموظفين الفاسدين في الموانئ وأجهزة إنفاذ القانون وسائر الأجهزة الأمنية في غرب إفريقيا. ويصل معظم الكوكايين إلى غرب إفريقيا عن طريق البحر. وتساعد عملية النقل بالحاويات داخل المنطقة (أي استخدام حاويات موحدة لنقل البضائع محلياً أو إقليمياً) على إخفاء مصدر المخدرات. ومن مألوف العادة أن تتكون هذه الشبكات من مجموعات تتحلى بالمرونة والتماسك، تتألف من 10 إلى 20 شخصاً، يعملون مع وسطاء في دول غرب إفريقيا لتنظيم سبل الإمداد والتموين والتواصل مع الجهات المحلية.
وقال السيد ساشا دورديفيتش، المحلل الأول في المبادرة والمشارك في إعداد التقرير، على موقعها الإلكتروني:”يُعد استخدام الوسطاء من السمات المميزة لهذه الشبكات؛ ذلك لأنهم يوفرون المرونة والقدرة على التحرك في بلادهم، ويتزايد دورهم في تشكيل نقاط تقارب بين مختلف الجماعات.“
وكشف التقرير عن تخزين كميات كبيرة ومتزايدة من الكوكايين في غرب إفريقيا بين عامي 2019 و2024، وتحدث متعاطون محليون عن توفر الكوكايين وبكثرة وانخفاض أسعاره في العديد من المناطق الحضرية في الدول الساحلية. ففي غينيا بيساو، على سبيل المثال، انخفض سعر الغرام الواحد من هيدروكلوريد الكوكايين من 20 دولاراً في عام 2022 إلى 14 دولاراً في آذار/مارس 2024. وانخفضت الأسعار في غانا بنسبة 60% بين عامي 2019 و2023. وهذا يُزكي جذوة الإدمان ويثقل كاهل الموارد العامة، ويتحول الاتجار بالكوكايين إلى مصدر لتمويل الجماعات الإرهابية.
وتقول السيدة آنا أغويليرا، الباحثة في المرصد الدولي لدراسات الإرهاب، في مقالها في مجلة «ريت جورنال»:”كما وفَّر الاتجار بالمخدرات للإرهابيين وسائل للعمل في مناطق ما كانوا لينتشروا فيها كل هذا الانتشار. وتشير الأدلة في منطقة غرب إفريقيا إلى أن الإرهابيين يستعينون بشبكات الاتجار بالمخدرات لنقل الأسلحة وسائر الممنوعات، وكذلك لتهريب البشر عبر الحدود، وهذا يُمكِّنهم من ترسيخ أقدامهم في مناطق جديدة واستغلال الشبكات والموارد المحلية.“
يتباهى أعضاء كبرى عصابات الكوكايين في غرب البلقان بعلاقاتهم في موانئ البلدان الإفريقية ومطاراتها، ومنها بنين وجنوب إفريقيا وزامبيا.
تستقل كل عصابة من عصابات غرب البلقان في عملها عن غيرها في غرب إفريقيا، ولكنها تتعاون مع بعضها البعض أحياناً، وتعمل ضمن فصيلين: فصيل الناطقين بالألبانية وفصيل الناطقين باللغات السلافية. وكثيراً ما تقوم العصابات الناطقة بالألبانية على صلة القرابة، مما يعزز الولاء فيما بينها، بينما تتسم العصابات الناطقة بالسلافية بقدرتها الشديدة على التكيف، إذ تقوم على العلاقات الشخصية وأساليب القيادة.
وذكرت المبادرة أن استفحال عصابات الاتجار بالكوكايين في غرب البلقان من المحتمل أن يتزامن مع تفاقم الفساد وارتفاع مستويات العنف.
وقالت: ”وقد يتنامى دور المنطقة بأن تغدو مركزاً ملائماً لإيواء الهاربين من العدالة من غرب البلقان وتسهيل غسل الأموال.“
واقترحت عدة طرق يمكن للسلطات أن تسلكها في مواجهة هذا الخطر المتنامي:
1. إقامة شراكات بين أجهزة إنفاذ القانون بين القارات، قوامها الأولويات المشتركة.
2. تعزيز التعاون مع شركات الشحن البحري لمواجهة سلسلة الإمداد العالمية للاتجار بالكوكايين.
3. الاستكثار من البيانات من مختلف المصادر حول تجارة الكوكايين في غرب إفريقيا لتوصيف الوضع وتقييم المخاطر.
4. تطبيق استراتيجيات «الاستهداف الذكي» التي تركز على إحباط السماسرة ومساندة التحقيقات المالية والجنائية.