يستفحل التعدين غير القانوني في نيجيريا، ويزكي جذوة العنف، لا سيما في المناطق التي تكثر فيها البطالة، ويستشري هذا البلاء بسبب تعاون المواطنين الصينيين والشركات الصينية مع الشبكات الإجرامية المحلية، ويكلف نيجيريا ما يُقدَّر بنحو 9 مليارات دولار أمريكي سنوياً.
يدخل عمال المناجم الأجانب عبر الحدود النيجيرية التي يسهل اختراقها، ويبرمون صفقات مع المجرمين الذين يحمونهم مقابل الأسلحة والمال، وكان ذلك سبباً في تأجيج الاختطاف طمعاً في الفدية، وقطع الطرق، والتجنيد في التنظيمات الإجرامية، والاشتباكات الطائفية المستمرة.
قال السيد كبير آدمو، وهو محللٌ أمنيٌ مقيمٌ في أبوجا، في تقرير نُشر على موقع إذاعة «البركة 89.9 إف إم» النيجيرية: ”ما إن يسيطر المجرمون على موقع تعدين، يصير إقطاعية صغيرة لهم؛ والعائدات لا تُموِّل بنادق الكلاشنكوف فحسب، بل وتُموِّل المخبرين والرشاوى وشبكات الإمداد والتموين التي يمكنها الصمود أمام العمليات العسكرية.“
ويحدث مثل ذلك في كلٍ من جمهورية إفريقيا الوسطى وجمهورية الكونغو الديمقراطية ومالي، إذ تعمل الجماعات المسلحة على دعم حركات التمرد من خلال التنقيب غير القانوني عن الذهب والجرانيت والليثيوم وخام التيتانيوم ومعادن أخرى.
وفي العام الماضي، اعتقلت الحكومة النيجيرية عشرات من عمال المناجم غير المرخص لهم بتهمة سرقة الليثيوم، وهو من المعادن شديدة الأهمية في تصنيع بطاريات السيارات الكهربائية والهواتف الذكية وأنظمة الطاقة. وفي أيَّار/مايو 2024، داهم فريٌق مشتركٌ من عناصر الجيش والشرطة سوقاً نائية في كيشي، الواقعة جنوب غربي ولاية أويو، وألقوا على مدار ثلاثة أيام القبض على 32 شخصاً، اثنان منهم صينيان. وقال الأهالي إن السوق أمسى مركزاً للتجارة غير المشروعة في الليثيوم المستخرج من المناطق التي يصعب الوصول إليها، وقد كان فيما مضى من الأسواق الشهيرة ببيع الحاصلات الزراعية.
وقال السيد جيموه بيوكو، وهو من وجهاء كيشي، إن الصينيين كانوا يبحثون عن الليثيوم في مواقع نائية في الأدغال، ثم ”كلفوا بعض الأشخاص بالحفر لهم وحولوا السوق إلى معبر.“ وقال لوكالة أنباء «آسوشييتد بريس» إن الأهالي ”كانوا يشعرون بقلق شديد بسبب انعدام الأمن الذي عادةً ما يعقب التعدين غير القانوني، ولهذا السبب أبلغنا حكومة الولاية.“
يُتهم المواطنون الصينيون والشركات الصينية في نيجيريا وبقاع أخرى من القارة مراراً وتكرراً بالانخراط في ممارسات تعدين ضارة بالبيئة واستغلال العمالة.
ففي شباط/فبراير، انهار سدٌ للنفايات في مصنع لمعالجة النحاس مملوك لشركة صينية في شامبيشي بزامبيا، وقال موقع «بيزنس إنسايدر أفريكا» إن هذا تسبب في تسرب ما يُقدَّر بنحو 50 مليون لتر من الرواسب المعدنية المسببة للتآكل في أحد روافد نهر زامبيزي، مما أدى إلى تدمير الثروة السمكية، والإضرار بالزراعة على طول ضفتي النهر، وتسميم مصادر المياه الحيوية. وتلوثت المياه والتربة والهواء في شامبيشي بنسب غير آمنة من الأحماض والمعادن الثقيلة. وتُعد هذه الأزمة واحدة من أكبر الأزمات البيئية في زامبيا، ومن المتوقع أن تستمر عواقبها عشرات السنين.
وفي نيجيريا، يستخرج الأطفال الليثيوم في مناجم صينية غير قانونية بأقل من دولار واحد يومياً، ومنهم الطفلة جولييت سامانيا ابنة الست سنوات. فتقضي أيامها في العمل الشاق تحت أشعة الشمس الحارقة لتقطيع الصخور الوعرة بأداة حجرية. وأقرت والدتها، أبيغيل سامانيا، بأنها ينبغي أن تذهب إلى المدرسة، لكن الأسرة تحتاج إلى المال. وقالت لآسوشييتد بريس: ”التعدين هو السبيل الوحيد.“
شكلت نيجيريا في العام الماضي وحدة لحراس التعدين تضم أكثر من 2,200 من عناصر الشرطة مكلفين بمراقبة عمال المناجم غير القانونيين في 10 ولايات، وزاد عدد أفرادها بحلول تموز/يوليو 2025 إلى 2,670 فرداً. وألقت القبض على أكثر من 327 عامل مناجم غير قانوني، منهم مواطنون صينيون، أُدين بعضهم وحُكم عليهم بالسجن، حسبما ذكرته صحيفة «الغارديان».
كما استعادت 98 موقعاً للتعدين تعرَّضت لوضع اليد عليها. وأجْلت أكثر من 3,000 عامل مناجم غير قانوني في ولاية كوجي، وتمكنت بفضلها الشركات الشرعية في ولاية أبيا ومنطقة العاصمة الاتحادية وولاية كوجي من استئناف أعمالها. ولكن ذكرت الدكتورة أولواسون فيكتوريا فاتوي، المحاضرة في جامعة أنكور بلاغوس، أن مواطن الضعف التنظيمية في قطاع التعدين لا تزال قائمة.
وقالت للغارديان: ”في التوثيق ضعف، وإنفاذ القانون مشوب بالفساد، وتظهر مقاومة مجتمعية من حين لآخر. فلا بدَّ إذن من تعزيز التعاون بين الأطراف المعنية في قطاع التعدين والمجتمعات المضيفة، وتطوير قاعدة بيانات التعدين في نيجيريا. ولا بدَّ من العمل بإجراءات وسياسات متقدمة لمعالجة مخلفات التعدين، وإعادة التدوير، واستصلاح الأراضي.“
كما دعت إلى تحسين صور الأقمار الصناعية للرقابة على التعدين، وتطبيق ”سياسات تنظيمية أشد حزماً.“
وفي أواخر تموز/يوليو، ألقى المسؤولون القبض على سبعة صينيين وأربعة نيجيريين بتهمة التعدين غير القانوني في ولاية أكوا إيبوم.