ينشط في المجتمعات الحرجية بولاية النيجر، الواقعة شمال وسط نيجيريا، فصيلٌ تابعٌ لجماعة بوكو حرام، ذاع صيته بسبب وحشيته، واستهداف البنية التحتية، وسرقة الماشية، والاختلاط بقطاع الطرق.
يُعرف هذا الفصيل بجماعة أهل السنة للدعوة والجهاد، ولطالما روَّعت مجتمعات شيرورو وأجوارها بولاية النيجر، الواقعة شمال غربي أبوجا، العاصمة الوطنية، على بُعد 128 كيلومتراً منها.
فأغارت في حزيران/يونيو 2024 على إحدى قرى شيرورو، فقتلت 20 شاباً، وقطعت رؤوس 10 منهم. وأُجبر الأهالي على حمل الرؤوس المقطوعة والإرهابيون يلتقطون الصور ويسجلون مقاطع فيديو. وهاجموا في تموز/يوليو 2022 إحدى مناجم شيرورو، فقتلوا ما لا يقل عن 30 جندياً نيجيرياً في كمينٍ نصبوه لهم. وقال أحد الوجهاء المحليين لوكالة أنباء «رويترز» إن الإرهابيين قتلوا أيضاً سبعة من رجال الشرطة وثمانية مدنيين واختطفوا الكثير من العمال الصينيين.
تسببت أعمال العنف التي وقعت على مدار ثلاثة أيام في عام 2021 في تهجير ما يقرب من 5,000 من سكان شيرورو، وحينها وصفها السيناتور محمد ساني موسى، النائب عن شرق النيجر في الجمعية الوطنية (البرلمان)، بأنها جماعة إرهابية ”عديمة الرحمة، وخبيثة، ومتشعبة الرؤوس.“
وتختطف في شيرورو النساء والفتيات لاغتصابهن جماعياً وإجبارهن على الزواج من مقاتليها، وتجند الفتيان في صفوفها وتغسل أدمغتهم ليسفكوا الدماء باسم الدين، ومن المعروف عنها أنها تبتز الأموال ممن تعتبرهم كفاراً.
ولكن يرى السيد تايو أديبايو، الباحث في شؤون حوض بحيرة تشاد بمعهد الدراسات الأمنية
، أنها تزدهر بفضل تساهلها وافتراسها، على النقيض من فصيل بوكو حرام المناوئ لها، وهو ولاية تنظيم الدولة الإسلامية في غرب إفريقيا (داعش غرب إفريقيا)، وما يتصف به من تشدد وانضباط. وقد سهلت عليها هذه المرونة أن تتغلغل في ولاية النيجر.
ويتأمرها المدعو أبو بكر سعيدو، أو «صديقو»، وهو من أبناء ولاية بورنو، كان المدعو أبو بكر شيكاو، أمير بوكو حرام الراحل، قد أرسله إلى ولاية النيجر في عام 2014، فتغلغل في منطقة «محمية غابة ألاوا» شيئاً فشيئاً، وأخذ ينسق مع الفولانيين، ورفعت بوكو حرام رايتها في بلدة كاوري الواقعة في شيرورو بحلول عام 2021، ومزجت جماعة أهل السنة للدعوة والجهاد، تحت إمرة صديقو، بين التشدد في الدين وبين قطاع الطرق الفولانيين، إذ تتساهل، على تشددها، مع قطاع الطرق في معاقرة الكحول وتعاطي المخدرات وشهوة الدعارة.
ويقول
أديبايو
في مقاله على موقع المعهد: ”لا تتشدد جماعة أهل السنة للدعوة والجهاد مع قطاع الطرق في تفريطهم بأحكام الدين، فتستفيد من أسلحتهم ومقاتليهم ومعرفتهم بالتضاريس المحلية، فتحظى بموطئ قدم استراتيجي لها في وسط نيجيريا.“
يتأمر جماعة أهل السنة للدعوة والجهاد التي تعيث فساداً في شيرورو وأجوارها أمراء حرب أو طغاة، على النقيض من أنظمة القيادة المتبعة في بوكو حرام، وتتمركز في القرى الواقعة في قلب الغابات، مثل دوغون فيلي وكوغو وماغاندا، للإفلات من الحملة العسكرية النيجيرية التي يغلب عليها الضربات الجوية. وقد انسحبت القوات البرية للجيش بعد توالي الهجمات وسفك الدماء.
ومن دأبها أنها تخرج من هذه المواقع للإغارة على قوات الأمن والمدنيين في القرى والبلدات وعلى الطرق في شيرورو، وفي منطقتي الحكم المحلي مونيا ورافي، فقتلت
المئات
وزرعت الكثير من العبوات الناسفة محلية الصُنع. وأفاد موقع «ذيس داي لايف» الإخباري النيجيري أن قطاع الطرق والإرهابيين تسببوا في تهجير أكثر من 42,000 من أهالي شيرورو ومونيا ورافي، معظمهم من النساء والأطفال.
ويقول
أديبايو
: ”يشتد خطر شيرورو بسبب الجغرافيا؛ ذلك لأن ولاية النيجر تربط بين شمال نيجيريا وجنوبها، ومتاخمة لبنين عند ممرات يسهل اختراقها من الغابات، تربطها بمنطقة الساحل. ويدل القبض على
نساء
مرتبطات ببوكو حرام في تموز/يوليو، وهنَّ متجهات إلى محور بورغو، إلى أن الخلية طامعة في زيادة توسعها.“ يُشار إلى أن محور بورغو يقع بين شمال غربي نيجيريا وشمال شرقي بنين.
ويعمل المدعو باكورا دورو، وهو من أبرز قادة جماعة أهل السنة، على إمداد شيرورو بالأسلحة من قاعدته في جزيرة باروا ببحيرة تشاد. كما تتعزز ترسانتها بالأسلحة التي تستولي عليها من قوات الأمن أو التي تهربها شبكات التهريب النشطة في منطقة الساحل عن طريق قطاع الطرق التابعين لها.
ولا تقتصر عملياتها على شيرورو أو ولاية النيجر، إذ أغارت على قرية دار الجمال، الواقعة في ولاية بورنو، بعد منتصف ليل 5 أيلول/سبتمبر، فقتلت ما لا يقل عن 60 شخصاً، كان معظمهم من السكان الذين عادوا مؤخراً إلى القرية بعد تهجيرهم جراء موجات عنف سابقة.
فقال أحد السكان، ويُدعى كانا علي، لإذاعة صوت إفريقيا: ”لقد فقدت أصدقاء مقربين للعائلة في هذا الهجوم، والحاكم يحثنا على البقاء، لكنني أخشى على نفسي.“